كان علينا أن نموت صغارا

Reham Gaber`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-23ضع على الرف
  • 61.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

القطة التي وجدتها ترتعد برداً فتألف قلبك عليها وأخذتها خشية من أن يصيبها أذي تركتك حينما تحسن الطقس وتعلقت بها.
الحياة تتقدم بنا جميعاً تلك السنة المعلومة مُذ بدء الخليقة،لكن ما الذي تقدمه لنا؟
أمل ؟آلم
أم الاثنان معاً تارة تسلبه منا وتارة تعطينا اياه فتجعلنا خائفين لا أحد يعلم ما معني الخوف إلا من عاشه إنه شعور لا يمكن وصفه علي وجه الأرض الإحساس الوحيد الذي لا تتمكن من التعايش معه حتي لو أظهرت عكس ذلك في البداية كنت أظن أن للحياة وجهان منها الجيد ومنها السيء نرأهم سوياً تلك أيام ولتلك أيام
لكن من الواضح أن هذا التفكير ساذد فنحن لا نعيش سوي وجه واحد منها مهما تنازلت لها ورضخت للتقبل
تجد أنك لم تتقبل
لم يحدث ما حاولت التأقلم معه حتي
أتعطينا الدنيا ما رغبنا به أم ما رأت أنه مناسباً لنا،إن حدث وأعطتنا فماذا تأخذ منا؟وإن القت لنا ما رأته مناسباً ماذا يحدث لنا ! أيحدث لنا أن نكن سعداء؟ حدث لي الأمران أخَذتُ ما رغبت به وأخَذت ما رغبت عنه لكنني لم أكن سعيدة في الحالتين لم أعلم معني السعادة إلا مراتٍ قليلة لكنها كانت سعادة زائفة تمكن قدري من تجاوزها في طرفة عين لقد تمكن الخوف مني حتي أخافني من تلك اللجظات السعيدة فدوماً ما كنت خائفة كنت أخشي الفرح فالسعادة لا تأتي بمفردها تأتي مصحوبة بألم،ألم لا يمكننا إجتيازه شيء ما إنكسر داخلي لا أدر ماهو ربما الذكريات التي لا تغادر العقل وربما الاحاسيس الحزينة التي تملأ القلب.إن الحزن أنهكنا،إننا أهلاً له وهو بات أهلا لي عشت علي أمل يوماً أفضل أتمني من عقلي نسيان كل تلك المواقف والذكريات التي عشتها لكن كيف للمرء أن ينسي كل ما مر به
أن يطمن القلب الذي امتلأ بالخوف!
تلك الأمنية المستحيلة التي لن تحدث كنت أتمني تلك الحياة الهادئة راغبة ببعض الدفء قلب سليم خال من الغم اعطتني الحياة صفعات جعلتني أشيب
وردت تلك الأسئلة علي خاطرها أثناء تحضيرها لطعام الغذاء عادت التساؤلات تراودها من جديد قاطع تفكيرها صوت امرأة تتحدث بصوتٍ متهدجاً.
-  أغيثوا أخواتكم لا تتركونا يا إخوتنا،نحن لا ذنباً لنا في شيء أطفالنا تقتل بلا رحمة نسائنا قد أنتهكت أعراضهم رجالنا قد قتل أطفالهم أمام أعينهم. نحن نموت كل يوم لا تتركونا بمفردنا ما عاد في أيدينا شيئاً نقدمه للوطن فقد أخذ كل ما قدمناه وما لم نقدمه لقد إمتلائت أراضي بلادنا بدماء أبنائهم نحن فقدنا ذوينا كلهم.
كان الخبر من سيدة فلسطينية ،امرأه مهلهلة الثياب يمتليء جسدها بالندوب والجروح تقف بكل إنكسار أمام المراسل تتوسله أن يرسل تواسلاتها للعالم أجمعه عل يستمع لندائتها شخصاً عادلٍ في تلك الأرض القاسية. دقائق ووقعت المرأة أرضاً هب المراسل إليها يحاول إنقاذها لكنهم لم يستطيعوا.لقد تلقت رصاصة أمام مرايْ وعين الجميع وكل الإعلام يصور ذلك
-  هذه المرأة لم يقتلها الصهيون بل قتلها أخواتها الذين لم يهبوا لمساعدتها. فنحن بتنا نترك الأوطان تنتهك وماباتت القضية تعنينا .حتي التعاطف معها كففنا عنه
قلبت القناة لأخري وجدت طفلة تلفظ أنفاسها الأخيرة تنظر للأعلي وكأنها تناجي رب السماء لقطات الصور إنتقلت من الطفلة لأصوات نيران لا تتوقف وعواء نساء لا ينقطع.
-  إن المساجد قد قصفت والبيوت قد هدمت الأطفال قد لاقوا حدفهم إما من الجوع إما من الرصاص ماعادهنا مسجداً سليم،اليمن أطفالها يعانون حتي الآن من المجاعة لقد باتت الأوطان مهلهلة لصمت شعوبها كل تلك السنوات.لقد سكتوا وصمتوا وقبلوا بالصمت وهذا هو مصيرهم القتل والتشرد
سمعت صوت جرس الباب يرن لم تشأ أن تفتح عل الأتي يرحل لكن هيهات فالمكروهين هم أول الموجودين بحياتِ كارهيهم.دخل الطارق جلس وتمدد ظل يقلب في القنوات دون أن ينظر لها لم يجد أي مبارة تستجدي إنتباهه فدلف إلي حجرته أما هي فقد أعادت التلفاز إلي المحطة التي كانت عليها.وجدت الخبر ببلداً آخر بلداً يقتل فيها أبناء الوطن بعضهم البعض لا أعدائهم وذلك أشد وأقسي أن تُطعن في ظهرك من الغريب فذلك لن يؤلم بقدر ألمك من القريب منك. أن يغدر بك من إستنجدت بحمايته لك يوماً فذلك جرحاً غائراً لن يخرج منك وهذا ما يحدث بتلك الأوطان المنكوبة مابات المحتل يشهر رصاصته الأحزاب تتولي هذا.
ظهرت مذيعة إحدي المحطات إلاخبارية وهي منكسة الرأس تتحدث ببطء فالذي تنقله يذبح من لديه ولو جزءاً صغير من الإحساس أن تكن وظيفتك هي نقل أعداد الضحايا،المفقودين،النازحين تلك وظيفة لا يُحسد عليها أحد
-  اليوم وبعد أكثر من الف وربعمئة عام توقفت الصلاة في القجس المحتلة فقط قُصفت المساجد كلها أثناء الإبادة الجماعية التي أقامها جيش الاحتلال الصهيوني إن أصعب ما يمكنني فعله هو نقل المشاهد التي نقلت إلينا ولكن الأصعب ألا يعرف العالم أجمعه ما يمر به إخوتنا هناك.سأترككم مع تلك المذابح التي إستطاع مصورينا نقلها
لم تستطع الوقوف أكثر فالمرض قد تمكن من جسدها نخر بكل عظامها جلست كي تري الخراب والدمار يعمون المكان رجالاً قتلي ونساءاً مشردات أصبح بكل بيت فقيد وبكل أسرة قتيل،عائِلات بأكملها ماتت، صار الوضع لايُحتمل ذلك ما أظهرته كمِرات المصورين الجميع يصور وينقل ما يجري بصمت لا أحد يتحدث لا أحد يجرؤ علي أن يُعلق، قطع ذلك الصمت الذي طال صوت امرأه تتكلم بصوتٍ تملئه القوة لا يوجد به ذلك الإنكسار
-  إلي متي سنظل هكذا،إلي متي سنظل صامتين عن حقوقنا إلي متي يا عرب،إلي أي حد ستتركونا ندفع ثمن خطأ لم نرتكبه ؟ بدأ القتال في فلسطين لما يربوا عن قرناً ولم يتحدث أحد أستفعلون معالاطفال الناشئين هكذا تتعاملون مع القدس الشريفة وأهلها الم يكف الدماء التي سألت مع فلسطين لا مدافع عنا لماذا تديرون بظهوركم لنا.ما بات لنا أحد سوي الله سنرفع قضيتنا لمن لا يَظلم ولا يُعيد يد مظلوم توجهت إليه أشكو له أن وطننا خلي من الرجال فقط ماتوا بعد أن إستعانوا بإخواتهم العرب،أخواتهم الذين لا يقلون قُبحاً عن أخوات يوسف.ما لكم بتلك القسوة كي تتركونا هكذا حسبي الله لابارك الله لكم ولا بارك فيكم بعد اليوم قالتها وهي تشير بيدها إلي السماء.
انقطع الإرسال لتبدأ المذيعة الظهور علي التلفاز في آسي ترفع رأسها إلي المشاهدين غير ناظرة إلي الأوراق الموضوعه أمامها
- أسيصحوا العرب من سكرتهم تلك أم سيظلوا طوال العمر سكارا؟أستظل تكرر مأساة فلسطين بشكل مستمر لقيام الساعة أم سيتدخل العرب ليوقفو سيل الدماء الُمُهدر. لقد فقد العرب مروءتهم يوم لم يوقفوا سيل هذه الدماء، يوم إعتادو علي روئية إخواتهم جثثاً هامدة . ونسائهم أجسادٍ مغتصبة لم يمت الأطفال في المجاذر الفلسطينية حين أسقطتهم رصاصاتِ الغدر بل مات الأطفال الماكثين في بيوتهم حول أبائهم الغافلين عن تنشئتهم رجالاً .نحن أيضاً شاركنا فيما يحدث بصمتنا لسنوات وخوفنا من عاقبه السجن.ليت الجميع تحدث مذ البداية الموت أهون من تلك الحياة الملمؤة بالقتل والخوف
السؤال الذي يجب أن نطرحه جميعنا علي ذواتنا الآن. أهل لأولئك للمظلومين نصيباً فيما يحدث؟إن تحدثوا من البداية،إن طالبوا بحقوقهم ربما ما حدث كل ذلك الظلم.
ففي تلك البلاد التي يحكمها الظلم يصبح الخطأ هو المطالبة بالحق لأن شعبها وافق وإرتضا بالظلم مذ البداية.
إنقطع البث فجاءة فعلم المشاهدين أن التعليمات جاءت بعدم إظهار ما حدث من شنائع علي العلن يكفي ما شاهده الناس. ماتلك السرعة في تكميم الأفواه؟ أين تكن تلك القوة حين يقع ذلك الظلم علي أولئك الذين لا دخل لهم بشيء.أغلقت التلفاز بعد سماعاها لتلك الأخبار قامت كي تستكمل إعدادها الطعام متحسرة علي ما يحدث لأنُاس لم يرتكبو إثماً سوي المطالبة بحقوقهم ولكن أحياناً المطالبة بالحقوق تكن ممنوعه في أوطان لا تعرف للحق طريق،تلك ألاوطان التي كانت دوماً أرضاً لسفكِ الدماء دوماَ تتسأل عن سبب ذلك فالأرض لم تُخلق للدمار،للقتل أو حتي للظلم لكننا البشر نخرب كل شيئاً جميل فقد جعلنا من ألارض مسرحاً لكل الشنائع
أسيقام العدل علي ألارض أم سيظل حلماً يسعي الجميع إليه ؟أسينتصر المظلوم يوماً أم سيظل طوال العمر مضطهداً،أسيفيق الطُغاة علي تلك ألارض أم سيظلوا معصوبين الأعين عن الحق.سمعت صوت زوجها ينادي عليها تعلم ما يرغب به ظلت الجملة التي سمعتها منذ لحظات تتردد داخلها.
أهل الظالم هو المشارك في الظلم أم للمظلوم نصيباً فيما يحدث ؟
إن تحدث المظلوم من البداية.إن طالب بحقه ربما ما حدث كل ذلك الظلم تذكرت ذاتها لماذا لم تطالب بحقها من قبل، لماذا ترددت دوماً وخشيت منه أفاقها من شرودها صوته يخبرها أن تاتي لم تذهب له جعلته ينادي عليها كثيرا حتي خرجت عن صمتها غير خائفة منه وغير مبالية بعاقبة ما ستقوله
-  لا، من دلوقتي مش هيحصل حاجة أنا مش عاوزاها.ومش هاجي لأنك عاوزني
-  تاني محدش هيندم غيرك لأخر مرة بحذرك أنك تتجرأي وتتكلمي معايا كدا
لم ترتجف أمامه كما كان يحدث لها فيما قبل،ظهرت تلك المتمردة التي قبعتها منذ سنواتٍ طويلة دون تردد مر حوالي ساعتان آتي أولادها من أعمالهم انتظرت أن ينتهوا من أخذ استراحة فيومهم طويل في اعمالهم إجتمع الكل علي مائدة الطعام.
-  أنا أخدت قرار إتاخرت سنين في تنفيذه والقرار دا مش في دماغي من النهاردة أنا كنت مستنية الوقت المناسب علشان أقدر اتكلم معاكم فيه سواء قبلتوه أو لا فأنا هنفذه
قالتها كي ينظر الجميع لها منتظرين ما ستقوله أمهم التي لم تأخذ قرار واحد في حياتها ستاخذ الأن قرار ؟ ستاخذ الأن قرار؟ وبذلك الأهمية؟حاول زوجها إصلاح الأمر لكنها أبت الرد عليه حتي
يسترجع المرء شريط حياته ليجد أنه أفني عمره في أشياء ما وجب عليه فعلها
كم مرة وعدها أنه سيتغير؟
سيتحول لزوج آخر
آه لتلك السذاجة وجب عليه من البداية أن تعلم أن تلك الوعود كلها كاذبة
تتمني لو يتوقف عقلها عن التفكير بكل تلك الأشياء لم تلوم نفسها علي ماحدث؟
ففي النهاية لا يري المرء نتيجة سذاجته كيف لها كانت ستعرف أن الوضع سيسوء لهذه الدردجة باتت المرأة تكره نفسها جلدها ذلك الذي لمسه يوما ما يالله اجعلني أعيش ما تبقي من عمري سعيدة اجعلني أتوقف عن لوم نفسي قاطعت تلك الأفكار ابنتها
-  ماما ممكن أعرف ايه اللي جصل؟
-  عاوزة تعرفي اللي حصل دلوقتي والا اللي حصل من سنين والا اللي بيحصلي كل يوم؟
-  اللي حصل اني فوقت مبقتش قادرة أكمل أو اتحمل اي حاجة بتحصل من اللي بتحصل دلوقت
-  حضرتك جاية تفوقي دلوقت؟بعد كل السنين دي
-  سبحان مغير القلوب يابنتي والقدرة علي إني اتحمل أنا سكتت كل دا علشانك انتي واخواتك دلوقتي خلاص
-  لا حضرتك متحملتيش علشانا كل دا كلنا كنا بنطلب منك توقفي المهزلة دي لكنك كنتي بترفضي
-  كنت برفض علشان خايفة عليكم وعليا المفروض محدش يهاجمني فيكم
-  إنتي اتاخرتي أوي يا ماما أوي بعد ما للأسف مبقاش في شيء يتصلح بأي شكل
-  سبحان مغير القلوب يابنتي وعاطي الحمل وانا طاقتي خلصت علي قد كدا الست مننا بتحافظ علي بيتها وعيلتها من ان يحصل لهم اي حاجة تفرق شملهم،متلومنيش إني كنت بحاول العمر الباقي ولو قصير
-  مين قالك انك حافظتي علي أي حاجة!حضرتك هديتي الدنيا كلها فوق دماغنا في لحظة
-  مش مهم تتهد المهم إني مش قادرة أكمل في اللي بيحصل الست مننا عحتاجة إيه إلا إنها تحس بالأمان وأنا عمري ما قدرت أحس كدا معاه انا من حقي اكمل اللي جاي زي ما أنا عاوزة مش زي ما أي حد تاني عاوز حقي يبقي ليا مواصفات في حياتي الجاية أنا عشت عمري كله بشحت منه شوية حنيىة أو كلمه حلوة لو اللي جاي يوم هعيشه مش خايفة ومرتاحة
-  حضرتك ليه مش باصه وراكي؟
-  علشان كل السنين دي كنت باصة وراياوبس ومن كتر ما بصيت ورايا اللي قدامي باظ مافيش حاجة اسمها اتاخرت مينفعش
-  الأسكندرية (28 فبراير1957)
-  نظرت إلي بطنها سقطت دمعة من عيناها لم تدر بماذا تدعوا الله أتدعو الأ يولد ذلك التعس الذي ببطنها أم تدعوا أن تنسي ما مضي وتبدأ معه من جديد إنزوت بإحدي أركان الغرفة المتهالكة تشعر بألم يمزق أحشائها جعلها تجلس أرضاً صمتت لثوانٍ معدودة ثم أطلقت صرخات متقطعة تشعر أن ضلوعها تنكسر لم تحتمل المزيد من آلالم أخبرت ابنها أن يذهب لجارتهم كي تنجدها إحدي أصعب اللحظات في العالم هي خروج طفل من داخلك للحياة
-  قفز الصغير من مجلسه لينفذ طلب أمه،ثم إنطلق ليخبر أبيه بما يحدث لوالدته تعجب ألاب لذلك الميعاد ما وجب أن تلد زوجته في مثل ذلك الوقت ما زال هناك شهران علي ميعادها أمتعجل ذلك التعس الذي بداخلها علي الخروج للفوضي المسماة العالم،ألَم يحتمل أن يتنظر شهران أخران عل ألايام تجعله يتقبله؟وتتحسن الأحوال لا لن يتقبله سيضعه علي أعتاب الجامع الذي يبعد عن بيته بنصف ساعة ذلك الجامع الكبير سيضعه بعد صلاة الفجر وسيحاول أن يعرف من الذي آخذه كي يدري ما الذي حل به،عاد إلي المنزل كي يجدالداية تقوم بعملها ظن "محمد" أن والده يفكر في إسم الصغير
-   هنسمي أخويا إيه يا أبا
-  صمت لدقائق طالت ولم يهتدي لشيء سوي لإسم "صابر" عل أن يكون ولده صابر علي تلك الحياة.
-  - أخوك مستعجل إنه يجي الخرابة اللي إسمها الدنيا باينله.خليك فاكر إن ليك أخ إسمه صابر يا محمد
-  -مش هنسي أبداً إسم أخويا يا أبا متخافش
-  تمتم محمود بتلك الكلمات حتي خرجت الداية تخبر ابن عمها أن زوجته لم تنجب ولداً
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي