وهم2

جنى موسى بيطار`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-30ضع على الرف
  • 60.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

بعد مرور عامان :

ها انا الآن اعتنق الوهم الذي لطالما كنت اهرب منه ، لقد أصبح الوهم ظلي و لقد أسّس موطنه في داخلي و جوارحي ، لا زلت في نفس حلقة الوهم التي تحيط بي لكنني الآن أصبحتُ مختلفة عما في السابق ، لم اعد كما كنت فلقد هُزمت مرة و لن اقبل بالخسارة بل سوف أمضي قدماً كي أصل الى هدفي ، لم اعد كما كنتُ سابقاً فلقد عدتُ بوهمي هذا قاصدةً تحقيق هدفي و مطلبي و انتقامي ، لم اعد تلك الطيبة البريئة التي لطالما كان يغدر بها مراراً و تكراراً ، لقد عدت لكن بغير هيئة لقد حاصرت الوهم و جعلته محوراً لحياتي ، تخليت عن الحب و الطيبة فلقد تعلمتُ من درسي اما الآن فكل ما اريده هو الوصول الى هدفي و تحقيقه فلقد جفت اقلام شعوري و ما عدتُ استسلم مقابل العطف لم اعد تلك الفتاة البسيطة التي كانت تأبه لحياة مقربيها فقط ، اليوم انا هنا مجدداً لكن ليس من اجل الناس او المقربين مني انا هنا اليوم من أجل نفسي ، اريد استرجاع حقي و الانتقام من كل المتسببين بما حدث بي و بكل المتسببين الذين دمّروا حياتي و أنهوها ، انا الآن هنا مع نفسي فقط فأنا لا انتمي لأي أحد انا انتمي لذاتي و نفسي فقط ، لقد خسرت الجميع لكني لن اخسر نفسي فانا عدت و لن استسلم حتى اصل الى هدفي و احقق مبتغاي و مرادي ، لن أقبل بالهزيمة مجدداً بل سوف أمضي قدماً في تحقيق ما اريده و سوف أصل حتماً..

أصبحت مشاعري باهتة الالوان و الكره و الحقد بدأ يتسلل الي حتى ملئني به ضد جميع من تسبب في ايذاءي ، لن ارحم اي احد فلا احد يستحق اي من الرحمة او الشفقة او السماح ، لقد عانيتُ كثيراً و تألمت أكثر ، لقد غدر بي الجميع دون استثناء و أخذوا مني كل ما املك من أحباء ، لقد أصبحتُ وحيدة على قارعة الطريق دون مأوى لقلبي الغريق ، لقد أخذوا كل ما املك من مشاعر و أصبح كل ما اريده هو الانتقام و الخلاص ، لم يعد في امكاني التراجع عن اي هدف من اهدافي فلقد ذهب الكثير و بقي القليل ، لا اريد الاعتياد على اي احد و لا اريد صنع اي علاقات فكل ما اريده هو الخلاص ، خلاص روحي الفقيدة و قلبي الغريق و مشاعري التي تلاشت و لن تعود ، لقد اصبحت على شكل آلي دون اي مشاعر او عواطف مترجمة فلقد قدمت حياتي العملية الى الامام و جعلت كل العواطف و المشاعر تتراجع الى الخلف فانا لم اعد اريد ايذاء نفسي و روحي و قلبي اكثر ، كل ما اريده هو الانتقام لأموت و تتلاشى روحي في سلام جليل بعد حقد غليل ، هدفي في نصب عيني و لن اتراجع او استسلم ابداً بل سوف ابقى باصراري و عزمي و حزمي و انا ادرك و اثق تمام الثقة بأن لا مستحيل في حياتي و يوماً ما سوف احقق مبتغاي و مرادي ، نعم سوف احقق هدفي و انجو بسلامي بعد ان افي بوعدي الذي قطعته لنفسي ، انا سوف اواظب و اعمل على تحقيق اهدافي و السعي اليها و انا ادرك بأنني استحق الفوز بعد كل تلك الخسائر و بعد كل الفقد ، لن انحني بل سوف امضي قدماً و سوف انشئ هدفي و أجعله ينمو بين كل الخسائر و سوف احيا من جديد و لن استسلم حتى لو وقعتُ ارضاً سوف اقوم مجدداً و مجدداً و لن أخسر فمن حقي الفوز و الانتصار..

كل شيء مجاز في الحب و الحرب و انا من سوف ينتصر في هذه المعركة ، فهذه معركة من اجل نفسي و انا لنفسي كل شيء ، انا لنفسي الأمل و الاخلاص انا لنفسي الحياة و انا لنفسي انتصار و لن اخذل نفسي ابداً و لو كنت تحت اي ظرف كان ، سوف انتصر على كل اعداءي و لن اوفر اي احد منهم جميعاً و سوف اتلذذ بنصري اما اعينهم المرهقة و قلوبهم الخبيثة و ارواحهم الثائرة..

مضت ايام عمري في الظلام مما جعلني اعتاد على الظلمة و الألم و بعد ان ماتت مشاعري شهيدة فداء للذين لم يقدرون وجودي و الذين غدروا بي و خانوني اعتدتُ على الألم او ربما لم اعد اشعر به حتى ، انا لم اعد اشعر بأي شيء فلا أشعر بالجوع و لا بالعطش و لا اشعر بالحب او الامتنان ، اصبحت احتقر البشر و لا اكن لهم اي جزء من المودة و الاحترام و لو كان بجزء بسيط حتى ، أدركت ان البشر هم الكائن الوحيد المرعب على هذه الأرض و انه هو المتسبب الوحيد في تلوث شتّى بقاع الأرض بالخبث و المكر و الغدر و الخيانة ، الانسان كائن طمّاع لا يريد الخير سوى لنفسه و يعثى في الارض فسادا الا من رحم ربي و هم فئة قليلة جداً ، لقد مُلئت بشعور الكره و الحقد بسبب كل ما تعرضت اليه من اذى ، و اصبحت روحي تبحث عن السلام بعد ان اهتز سلامي الداخلي و تلاشى..

في منتصف باريس حيث مكتبة مازارين تجلس في قسم القراءة الخاصة بالمسنين و المعاقين و تقرأ من كتابها الجديد الذي ألّفته و كتبته بكمالية و نجاح قبل عدة شهور من الآن ، تجلس بطقمها الرسمي اسود اللون و شعرها المنسدل البني الطويل و غرتها الكثيفة ، بعيناها الخضراوتان البلوريتان مرتدية نظاراتها الشفافية الخاصة بها ، واضعةً حلق انفها الناعم و سوارها الناعم ، لقد كان الجميع يتمعن بها في اثناء قراءة و قص احداث روايتها الجديدة بشغف ، لقد كان الجميع في انسجام تام يستمعون لكلماتها التي تصيب و تتحدث عن الواقع بشكل تفصيلي ، ثم اغلقت كتابها خاتمةً الفصل الأخير بجملتها التي تنتهي في كل كتاب من كتاباتها و تأليفها :

"لا تتطلع الى البدايات فداىما ما تكون البدايات هي الأجمل لكن تحقق من النهايات فالواقع يكمن بها"

ثم بدأ الجميع في التصفيق لها بحرارة و سعادة ، ليبدأ الجميع في تهنئتها على نجاحها الدائم الذي تحقق بشكل مستمر لتقول موجهةً بكلمتها الى جميع مَن كان مِن الحاضرين :

_شكراً لكم هذا من لطفكم

ثم تخرج مسرعة بعد ان نظرت الى ساعتها لتخرج فتاة عشرينية خلفها و تناديها قائلةً لها :

_آنسة ميارا ، آنسة ميرا ارجوكِ هل يمكنني التحدث معك

التفتت بابتسامة هادئة ثم قالت ميرا و وجهت في حديثها الى تلك الفتاة :

ميرا : تفضلي يا لورين

لورين : اريد ان اصبح مثلك في المستقبل

ميرا : انصحك في أن لا تكوني مثلي ابداً ، كوني انتِ فقط ..

لورين : ارجوكِ لا تقولي ذلك فأنتِ الأفضل بالنسبة لي

ميرا دون اهتمام : شكرا ، علي الذهاب الآن

لورين و هي تلوح في كفيها : الى اللقاء يا معلمتي و قدوتي

لم تلتفت ميرا الى لورين ابداً و أكملت مسيرها نحو سيارتها السوداء ، ثم لتصعد عليها و تسير في طريقها ، كانت تقود سيارتها بشكل هادئ بينما كانت تصفن في الشوارع التي تسير منها بواسطة سيارتها ، كان الهواء يصطدم في وجهها و وجنتيها و كأنه هو نفسه ذلك الهواء المملوء بأرواح أحبتها الذين فارقوا دنياها ، كان شعرها يتطاير و نبضات قلبها تتزايد ، و بعد ان وصلت الى وجهتها الا وهي الشركة الخاصة بها ، ركنت سيارتها جانباً و خرجت من سيارتها و أخذت بحاسوبها المحمول ثم دخلت من مدخل الشركة الزجاجي الكهربائي ، كانت شركة فخمة جداً من اثنا عشر طابق ، و كان في كل طابق عدد جيد من الموظفين الذين يجلسون على مكاتبهم الخارجية بجانب بعضهم البعض مع حواسيبهم المحمولة ، و بعد ان عبرت بوابة الشركة قام الحارس بالتحية قائلاً و موجهاً بها نحو ميرا "صباح الخير سيدتي ميارا" ، عبرت و لم ترد التحية فلقد اكتفت بالابتسام و بعدها دخلت الى الطابق الأرضي في الشركة و قام جميع الموظفين ايضاً في التحية ثم ابتسمت لهم ، و أكملت مسيرها نحو المصعد الكهربائي الزجاجي الشفافي فلقد كان من في الداخل يظهر الى الجميع ، لقد كان مصعداً رائع و فاخر ، و بعدها وصلت الى الطابق الثالث و أيضاً قام جميع الموظفين في القاء التحية موجهين بها نحو السيدة ميارا ، و مجدداً اكتفت بالابتسام فقط و بعد ذلك دخلت الى مكتبها الخاص ، لقد كان مكتب فخم و كبير جداً و لقد كان لونه أسود بالكامل دون تدخيل اي لون آخر و كأن ميرا أصبحت لا تهتم لأي من الألوان الاخرى فلقد اصبحت كل ما ترتديه في اللون الاسود فقط حتى مكتبها و منزلها و فراشها ، كان كل شيء من أشيائها يكسوه اللون الأسود فقط ، و كأنها حذفت باقي الأولان من حياتها كما في مشاعرها أيضاً ، جلست على مكتبها الخاص و فتحت حاسوبها المحمول و بدأت في عملها ..


في مكان آخر حيث روزاليا و سعد فلقد كانا في قصرهم معاً يحتسيان القهوة بين القهقهات و الضحكات ، ثم بدأت روزاليا في الحديث قائلةً و موجهةً في حديثها الى سعد

روزاليا : هل رأيت قال سوف يجعلنا نندم قال هههه

سعد : ربما لا يدرك بأنه لم يبقى اي احد من سلالته تلك و يريد ان يجعلنا نندم الآن هههه

روزاليا : مسكيين هو غبي مثل شقيقته و توأمه

سعد : ههه و هو كذلك بالطبع

روزاليا : فكل هذا المال و هذه الثروة اصبحت لنا و بفضلنا هه

سعد : نعم فأنا الآن أشعر انني اعيش حقاً

روزاليا : ههه لقد ظنوا بأنني سوف احارب فعلاً من اجل من فقدته ، و هم لا يدركون بأن من تمسك بالمال هو من ينجى و يعيش و يحيا

سعد و هو يقلد ميرا بصوت ناعم و هادئ : "المال لا يعني لي شيء"

عادت روزاليا الى الضحك و القهقهة بصوت عالي ثم ليصطحبها في الضحك هو أيضاً..

ثم خرجا ممسكين بيدا بعضهما البعض نحو حديقة القصر الخاصة بهم ، ثم ليجلسا على الارجوحة الفاخرة و يكملا احتساء قهوتهما بخبث ..

نعود الى الشركة حيث مكان ميرا :

حان وقت الطعام ثم يدخل شريكها في العمل و شقيقها و توأمها أمير و يبدأ في حديثه قائلاً و موجهاً في حديثه الى ميرا شقيقته :

أمير : هيا لنذهب فلقد حان موعد الطعام

ميرا : نعم لنذهب

أمير : ماذا حدث في تلك المسألة :

ميرا : هل تدري انهم في كامل مراحل الغباء ، انهم يظنوك حقاً في قبضتهم و لكنهم لا يدرون بأنني قد اخرجتك و منذ زمن أيضاً و وضعت شخص آخر في مكانك

أمير : هل حقاً لم يشكان بأي شيء

ميرا : يظنوك بأنك قد مت في سجنهم و لذلك لن يشكا في أي شيء

أمير : و لكنهم لا يعلمون بالخسائر الكبيرة التي سوف يتعرضون اليها

ميرا : سوف القنهم درساً عظيماً لدرجة انهم لن ينسوه ابداً و مهما عاشا لن ينسوا درسي..

أمير : نعم يا شقيقتي العزيزة هيا لنذهب و نتناول طعامنا

ابتسمت ميرا و وضعت يدها في يد أمير توأمها ثم قالت له :

_هيا لنذهب اذاً

ثم يتوجهان الى مقهى الشركة الخاص بهما و يلحق بهما شريكهما الثالث الا و هو آلبرت ، ليضع يده على كتف ميرا ثم تنظر اليه ميرا و هي تقطب بحاجباها ثم يقول آلبرت لها

آلبرت : حسناً ، اعتذر

ثم جلس معهما ليبدأ في حديثه :

_غداً سوف يأتون الصحافة ليقومو بعمل لقاء معنا

ثم قاطعته ميرا و قالت له :

_بل معك فقط ، انت تعلم بأننا انا و أمير لا يمكننا الظهور على الأخبار او الجرائد ، حتى اسمي غيرته من ميرا الى ميارا من اجل كتاباتي و كي لا يظهر اسمي امام اي احد ما

آلبيرت : لكنهم يريدون لقائك وجهاً لوجه

ميرا : لا يمكنني و انتهى

ثم أكملت طعامها دون ان تهتم بأي كلمة من حديث آلبيرت ، و لم تستمع الى اي شيء مما يقوله و بعد ان انتهت من طعامها عادت الى مكتبها حالاً ، لتقوم في اكمال عملها ..

ليبقيا أمير و آلبيرت معاً ، ثم يبدأ أمير في حديثه قائلاً و موجهاً في حديثه الى آلبيرت :

_اتمنى ان تتفهم ميرا أكثر ، و انا اعلم بأنك معجب بها لكن ميرا وصلت الى مرحلة صعبة و لم تعد تتمكن من صنع علاقات جديدة ، هي تملك هدف و تريد تحقيقه فقط

آلبيرت : و لكن مع ذلك سوف ابقى احاول ، هي تستحق كل السعادة

أمير : بالتوفيق اذاً

ابتسم آلبيرت و أكمل طعامه و بعد ان انتهيا من تناول طعامهما ، عادا الى مكاتبهما ليعودا الى عملهما و يكملاه ..

في مكتبها تجلس و تحتسي قهوتها المرة السوداء و تكتب الفصول الجديدة لكي تكمل كتابها الجديد و تصدره الى العامة أجمع ، ثم و فجأة تغلق حاسوبها المحمول و تتصل بالسكرتيرة كي تأتي اليها ، و بعد ان اتت السكرتيرة أعطتها ميرا بعض الأوامر لأنها سوف تخرج من الشركة

ميرا : وظبي مكتبي قليلاً و عودي الى عملك

السكرتيرة : حاضر ، بأمرك سيدتي ميارا

ابتسمت ثم اخذت جزدانها و خرجت من مكتبها و توجهت بعد ذلك الى سيارتها الخاصة ، ثم توجهت الى طريقها و بعد مرور خمسة عشر دقيقة على التمام توقفت عن القيادة و ركنت سيارتها ثم نزلت منها و دخلت الى دار الأيتام الذي أنشأته باسم هلى ؟ عبرت البوابة بعد ان القى جميع الموظفين التحية و اكتفت بالابتسام ثم دخلت الى غرفة نائبتها التي تكون مسؤولة عن الميتم في غياب ميرا و عندما رأتها المسؤولة ، توقفت حالاً و قامت من مكتبها لكي تجلس ميرا على ذلك المكتب ، لكن ميرا رفضت ذلك و قالت لها "ابقي في مكانك " ثم اعطتها مبلغ كبير من المال من اجل ان تنفقه على اطفال الميتم و سألتها عن المستلزمات التي يحتاجون اليها و بعد ان انتهت ، خرجت الى غرفة الاطفال..

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي