أزهرت بعد الطوفان

Ronza blue`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-22ضع على الرف
  • 37K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الثاني

قاطع شروده عزيز وهو يضع يده على كتفه قائلاً بمكرٍ دفين
"وهل هناك أحد ينافسك في إيجاد الأعمال يا سلطان ، نحن محظوظون بك ! "
"نعم لا شك في ذلك نستطيع الأن قول أننا سندخل في حقبة جديدة وعظيمة بوجود أبو السلاطين "
فغرَ فاهه بتعجب واضح ، هل هذا الذي سمعه بوضوح يكون اسمه لكن بصيغة الـ... دلال !!
ازدردَ ريقه بصعوبة قبل أن يبتسم إليهم بمجاملة ويغادر المكان من حيثُ أتى
التفتت رامة إلى عزيز ترمقه بغيظ ثم أردفت بسخرية مُشيرة للإتجاه الذي خرجَ منه سلطان
"هل هذا هو الثعلب ؟؟! .. أعتقد إن كلفت رجلاً من رجالك لكان أفضل من ذلك الوغد "
" هو وغد لكنه مُحنك .. يعرف تلك الصحراء ككف يده ، رمالها أخذت ختم نعله ويستطيع أن يوفر لنا مكانًا لتبادل الأسلحة بعيدًا عن أعين الشرطة فلا ترهقينني بتفاهات وأنتِ تعرفين الإجابة "
اغتاظت من بروده وعجرفته المعهودة لتنفلت منها زمام الحديث وقد بدأت في الصراخ متناسية من حولها ومن هو .. عزيز !
"تفاهات ؟؟ عيناه لم تترك إنشاً مني إلا وحفظته جيداً لقد كان ينظر لي بوقاحة وأنت تظاهرت بالتشاغل ! ألم أكن زوجتك أم أنك تفتقر للنخوة ؟"
وكانت الإجابة صفعة ..
صفعة اعتادتها في كل مرة ترفع صوتها أو تتجرأ عليه ، ناهيكَ عن الضرب الذي تتلقاه على يده ، ورغم ذلك لا تستطيع الصراخ أو الحديث بأي مما يحدث لها ؛ لقد رضيت أن تكون زوجة ثانية لوغد وعليها أن تتحمل ذلك ....
كل ما استطاعت الهمس به وهي متكومة أرضاً إثر صفعته هو أنها سترد تلك الصفعات حتى لو تبعته للجحيم !
...........
"ماذا ؟؟ هل أنتِ بوعيك !! كيف تتفوهين بمثل هذا الحديث أمامي وأمام الطفل !! "
هدرَ بعنفوان وعصبية شديدة جعلتها تنتفض داخلياً أما على خارجياً حافظت على ملامح هدوءها حتى لا يعرف أنه أصابَ هدفه
نظرت لطفلها الصغير الذي لم يبلغ سوى سنتين من عمره وحملته على كتفها .. مُتجهه لغرفتها وما إن مرت به حتى نظرت لعينيه التي كانتا تأسرها في الماضي وأردفت بنبرة خاوية
"أنت ابتعدت ... وأنا استسلمت فلا يلومن أحدنا الأخر ! "
دلفَ إليها فوجدها نائمة بجانب الصغير فأمسكَ بيدها جاذباً إياها لغرفتهما حتى دخلَ وأغلقَ الباب خلفه ..
"نِهاد أرجوكِ اسمعيني لم لا تعترفين من البداية أنه خطأك !! وأنه كان يمكنا إصلاح ذلك .."
نظرت إليه بألم وقلبها يأكله الندم .. لكنها تأبى !!
ترفض نسيان أنه أهان أنوثتها لهذا الحد ، فقط لو قال لها ذلك اليوم أنها جميلة في نظره أنه لن يفرط بها .. أنه مازال يحبها لكنه استدار ورحلَ وعاد في اليوم التالي مُشعثاً يطالب بمسامحته !
"أنت لم تشعر بي حينما سألتك بالتماس لم تطمئنني حتى ! ، ثقل عليك أن تجبر خاطري ولو بالكذب "
أنهت حديثه بشهقة مصاحبة لروحها المذبوحة ودموعها التي أزرتها لتهبط على وجنتيها بغزارة أثناء ما كانت تتحدث
اقتربَ منها حتى لفحت أنفاسه وجهها ، اعتقلَ خصرها بين ذراعه القويتين وبصوت يقطر ألماً و روحٍ مذبوحة أردف
"هل تعرفين كم ليلة قضيتها وأنا أحاول مجابهه نفسي وأعاقبها لما فعلته معك !! .. يوم أن استدرت ورحلت حتى أعاقبك أنكِ لا تثقي في حبي .. ليس لهذا الهراء أني لا أحبك ولا أريدك !! كيف ذلك وأنا لا أنام سوى على أنفاسك وبحضنك .. إلى أي درجة تجنيتِ على يا نهاد القلب ودوائه !"
غابت في نظرة عينيه المكلومة وروحه التي تحترق لرؤيتها غائبة عنه ... وكالمعتاد نست أو تناست ماذا فعلَ بها منذ أسبوع ....
....
منذ أسبوع
هتفت مشيرة باستنكار وهي تنظر لجسد نهاد بنظرة تفحصيه شاملة
" يا إلهي !! ما هذا لقد مرَّ عامان منذ ولادة سليم ومنظر بطنك مازال ... بشعاً "

ابتلعت مرارة الكلمة بجوفها لتنزل كالعلقم ، نظرت لبطنها البارز من أسفل فستانها الصيفي ثم رفعت نظرها سريعاً وأغمضت عينيها لوهله ثم أردفت بنبرة يشوبها الحزن
"أنا لا أجد وقتاً فعدي وسليم يأخذان كل وقتي لكني أعدك أنني سأهتم .. بنفسي "
لوت شفتيه بابتسامة ساخرة أشعرتها بالدونية ، لتجده بعد وقتٍ ليس بطويل يدلف إليهم بصحبه ابنها شبيه أبيه .. نفس لون العينين وتقطيبه الحاجبين حينما يغضب غضباً طفولياً يليق بثغره الكرزي الصغير
جلسَ بجانبها متبادلاً بعض الأحاديث معهم وهي ترد باقتضاب وبابتسامة مُجاملة حتى انتهت الجلسة واتجها لمنزلهما وهنا بدأ الأمر ..
حيث استمعَ لحديث والدته وهي تربت على كتفيها تخبرها بألا تفكر بحديث تلك العجوز لتجده ينظر إليها شزرًا سائلاً والدته لتقص عليه ما حدث والأخرى تعبث بأصابعها بتوتر
"لم تركتها تهينك لكل هذا الحد ؟؟ انتِ تعلمين أنها تقول ذلك لاستفزازك وأنتِ أعطيتها تلك الفرصة "
هتفَ بحدة واضحة وملامح وجهه لا تبشر بالخير ، يغضب حينما يسمع أنها تعرضت لإهانة أو تضايقت من كلمة وهو ليس موجوداً
تنهدت بعمق ثم اقتربت منه وتحدثت ناظرة لعينيه
"هل كنت تريدني أن أرد عليها ووالديك يجلسان بجانبي ؟؟ ... لقد لاقت ما راق واستحسن من والدتك التي لم تدعها تلفظ كلمة أخرى طوال الجلسة "
أحاطَ خصرها زافراً بحنق مُبادلاً إياها نفس نظرة الحُب والعبث !
"عديني أنكِ لن تسمحي لها بالتقليل من شأنك مجدداً "
قبلته على وجنته وهتفت بحماس واضح وقد عادت ابتسامتها المفقودة
"أعدك "
لم تكد تمر دقائق حتى علا صوته في الأرجاء
"لا تفتحي معي ذلك الموضوع ثانيةً لأني لا اريدك أن تحزني مما سأقول "
صرخت أمام وجهه منفعلة وعلى وجنتيها العبرات تنحدر بتلاحق كأنها ستفنى إن لم تنزل
"أنا أريد أن أخضع لتلك الجراحة هذا من حقي ! "
أمسكها من عضدها لتطلق تأوهاً بسيطاً تبعه صياحه الصارم
"لقد قالت الطبيبة أن تلك الجراحات خطيرة ، وأنا لم أشتكي فلم تصرين هاا ؟"
دفعته بكلتا يديها مُنهارة لتبدأ في الكلام بهستيرية
"أنت لم تشتكي لكني أشعر بك .. أشعر أني مفروضة عليك أنت لا تريد جرح شعوري لكني أعلم تمام العلم أنك تتضايق من ذلك الأمر "
أغمضَ عينيه وشتمَ بخفوت قبل أن يفتحهما وهو يجدها مازالت تنظر له بقوة كأن تلك الجراحة هي من ستعيدها كأنثى !
"أنتِ غبية "
قالها وهو يتناول مفاتيحه ويرتدي قميصه مرة أخرى وهي تراقبه وعقلها الأنثوي لا يتوقف عن التفكير ولا يتوانى عن إخبارها بشتى الطرق أنه يزدريها
أترين هو الآن لا يحتمل الحديث منك
يهرب بعيناه حتى لا تري موافقته على حديثك
تُرى هل تزوج ممشوقة القوام حتى يعوض نقصك فيها ؟؟
تنفست بعمق وصدرها يعلو ويهبط وألقت على مسامعه وهو على أعتاب الباب سؤالاً جمده قبل أن يُلقي به خارج المنزل
"أنت توقف عن حُبي أليس كذلك ؟ "
تركها ورحل وتلك كانت غلطته الفادحة ..
.........
عادت من شرودها تلك الليلة البائسة لتلمحه نائماً بجانبها وبينهما طفلهما فابتسمت لشكلهما المضحك وأمسكت هاتفها لتلتقط بضعة صور وهي مازالت تبتسم بسعادة
نامت على ظهرها وراحت تقلب في الصور التي التقطتها
كان عُدي ينام ويده اليسرى تحت رأسه واليُمني أمام وجهه وفمه مفتوح ومائل بطريقة مُضحكة يشاركه بنفس الصورة ونفس الحركات طفله سليم مما جعلها تخلد تلك الذكرى الطريفة بطريقتها الخاصة ..
..........
اقتحمَ خلوتهما فاتحاً الباب بقوة والشرار يكاد يقفز من عسليتيه المُدججتين باللهب غير آبهاً بتلك التي اعترتها رجفة قوية جعلتها كمسلوبة الإرادة أو تلك التي اغتاظت من فعلته وهبت لتعنفه
"ألم تتعلم طرق الباب يا عُدي أم أنك لا تعلم أن سيدتين تقبعان هنا ؟"
رفعَ سبابته في وجهه زوجة عمه لأول مرة بحياته يترك عباءة الهدوء ويلجأ لكل ذلك العنف
"إن عرفت مرة أخرى أن إحداكما ضايقت نِهاد بكلمة أو نظرة سترى مني ما لم تتوقعه .. حتى الآن أحترم أنكم تحت كنف والدي بعد عمي رحمه الله ، لكن لهنا وكفى !! "
اغتاظت مُنيرة من حديثه وغضبه السافر لزوجته التي تبغضها بشدة فتحدثت بحدة وصوت أعلى لتثبت للواقف أمامها أنها ليست بالمرأة السهلة
"تأدب يا عُدي أنا في مقام والدتك وأنت هنا تتهمني ببشاعة أني ضايقت زوجتك المصون !! حتماً انت تهذي "
أمسكت ابنتها يدها تهدئها في لا تريد أن تنفعل وبنفس الوقت لا تريد أن تُحزن مالك قلبها وسبب تألمه
"أمي اهدأي .. عُدي لم يقصد "
أزاحت مُشيرة يد آلاء بقوة وتابعت للواقف يرمقها بنظرة غامضة
"بدلاً من أن يطمئن على أحوالنا يأتي ليتهجم علينا وهذا بسبب تلك ال..."
قاطع اللفظ النابي الذي كانت ستتفوه به مزمجراً بحدة ونبرة صوته قد ازدادت جمود وخشونة
"إذا مرت نِهاد من جانبكم أو جلست بمجلس معكم ونظرتم لها نظرة لم تعجبها وليست نظرة قاسية بل فقط لم تعجبها هي وتتقبلها سيكون ردة فعلي عنيفة ... سأنسى كما نسيتم ! "
حدجَ عُدي مشيرة بنظرة جامدة تعرفها وحدها ورحلَ بعنف كما جاء صافقاً الباب خلفه مما جعلها تتنفس بقوة بينما قبضتها تشتد حتى جرحت أظافرها باطن يدها ..
"أمي هل أنتِ بخير ؟! "
وكالعادة حينما تضايق من أمر ما تبدأ بالصراخ على ابنتها الوحيدة التي لم ولن ترد عليها
" اغربي عن وجهي هذا كله بسببك أنتِ من أصرت أن نذهب إليهم للهفتك الغبية لرؤيته .. إلى متى ستظلين عديمة الكرامة هكذا ؟؟! "
غشت عيني آلاء بعض الدموع التي أبت نزولها يكفيها ضعفاً فوق ضعفها المكلوم ، هربت من أمام والدتها إلى غرفتها كما تفعل دائماً بينما زفرت مُشيرة بضيق يحتل صدرها ويضاعف نبضات قلبها بوجل
"أها !! تهددني إذاً يا عُدي ... لنرى أي منا سيربح تلك المعركة يا بن فؤاد "
.............
قبل وصول إيلاف كان يجلس معها بالغرفة ، يشرح لها طبيعة الأمر الذي تعرفه جيدًا لكن ما جدَّ أن زوجته السابقة ستأتي وستتم المواجهة المؤجلة !!
يا إلهي .. لو كانت النظرات تقتل لأردته قتيلاً على الفـور، فبالطبع لم تتحمل الحديث الذي يدور فقط حول إيـلاف
رغم أنها لم تعد زوجته ، إلا أنها في النهايـة أنثي .. والأنثى تغار حتى وإن كانت خصمتها دميمة أو قد فارقت الحيـاة ستظل تحترق بنيران الغيرة إن ذُكر اسمها صدفة !
"حسنًا يا يامن يكفي .. ما عهدتك ثرثارًا إلى هذا الحد قلت لك لن أفعل شيئًا للسفيرة خاصتكم "
رمقها بعتاب لتزفر هي بقنوط وتقترب منه وقد بدأت ملامحها المتيبسة تلين ، وضعت يدها على وجهه هامسة بأسف
"تعلم أني لا أقصد لكـن منذ أسبوع والحديث بيننا لا يدور إلا عن إيلاف وألا أتعرض لما يضايقها .. أوليس من المفترض أن تراعي مشاعري ولا تذكرها أمامي فأنا زوجتك"
رغم أنها ألقت جملتها الأخيرة بمرح لكنه علمَ أنها تتصنعه ، يعلم ألمها جيـدًا تجاه الأمر فهو حساس .. حساس لدرجة أنه يُزهق روح كل من يقترب منه ، ولم تكن هي الضحيّة الوحيدة بل قبلها كان هو ... وللقدر اختياراته فيمن سيتعلق بهم الأمر ..
احتضنها برفق لتستقر رأسها على صدره ، ليغمغم هو بخفوت حاني
"آسف .. لكـن أعدك أن ينتهي الأمر قريبًا لقد بدأت ساعة الصفر ، صدقيني وتحملي فقط من أجلي "
"وهل لي ألا أصدقك ؟ ... تعلم أني سأواجه أي شيء طالما معك "
قبّلَ رأسها برقة ثم شددَ من احتضانها ، وقلبه يخفق بتوجس ، يطمئنها وهو بحاجة ماسة إلى ذلك ... لا يخاف على نفسه بقدر ما عليها لا يعرف من سيورط معه تلك المـرة ؟!
"أنا خائف عليك .. لا أريد توريطك بهذا الأمر "
"أنا مُرحبة بذلك التوريط إن كنت مصدره"
وكان من المفترض أن يضحك لكنه غمغمَ بتحشرج
"أشفق عليكِ أنكِ تزوجتِ من رجلٍ ضعيـف"
وهنا تمزقَ قلبها من أجله، قلبها الصخري ذاب كأنه قطعة ثلج في صيفٍ مشمس لم يحتج إلى مجهود.. ذاب من حرارة كلماته التي تقطر ألماً
وبرغم حزنها صرخت بوجهه بينما تنتشل نفسها من بين ذراعيه ، تحدجه بنظرة خاصة ضعيفة ومُقلتيها تمتلئ بالدموع
"لست كذلك .. أنت فقط لا تعرف قيمتك يا يامن ، لست أنت ذلك الضعيف الذي توارى خلف الأسوار يكفي أنك ملكتني .. وحدك من استطاع جذب انتباهي بل جذبي كليًا ..لا تحمل نفسك فوق طاقتك أرجوك"
انتهت من حديثها الشجي لترتمي هي تلك المـرة بين ذارعيه ،ونشيج بكاءها الذي يقتطعه شهقات يمزق قلبه بـروية .. كل لحظة يشعر بها أنه أخطأ بفداحة .. لكن هذه المـرة التراجع بها سيكون موجعًا أكثر من التقدم ..
فمجابة الألم بمثله ، والنيران التي استعرت لن تُخمد سوى ببحور الدم !
..................
وعلى قدر الحُب نتألم وقدر الكُره ننتقم
الألم شعور والكره شعور أما القهر موت والموتى لا يشعرون
"مبيتك لن ينفع بشيء هي بخيرٍ وستخرج غدًا يمكنك العودة في الصباح "
أردفت الممرضة بعملية وهي تتحقق من مؤشرات عايدة العملية بينما اغتاظَ وليـد من نبرتها الفظة وهتفَ بعند
"سأمكث معها إلى أن تخرج ثم إن هذا ليس من شأنك "
"هذه قوانين المشفى "
تحدثت الممرضة ببرود لتجده يضحك ثم يرمقها بنظراتٍ بثت الرعب داخلها مُتمتمًا بنبرة فحيح
"لقد انتهي عملك هنا "
ارتبكت الأخرى لتعدل من وضع المحلول قبل أن تنصرف وتختفي عن أنظاره
تحدثت عايدة وملامح التعب بادية على وجهها القمحاوي المُستدير، عابثة بشعرها القصير الذي لا يتعدى رقبتها بأصابعها النحيلة الطويلة
"لم يكن عليك أن تكون فظاً لهذا الحد ، لم تقل شيئًا لترمقها بتلك النظرات المخيفة "
قهقه ساخراً على حديثها ثم أمسكَ يديها وقبلها بحب قبل أن يتحدث من بين أسنانه
"كانت تستحق ذلك ثم ليس لديه الحق في أن يقرر أن أبيت أم لا !! لتحتفظ برئيها لنفسها "
صدرَ عنها تأوهاً بينما تضحك بصوت عالٍ على طريقة حديثه التي لم تعهدها ، يبدو أن الحادث غيّر الكثير من زوجها حتى وإن كان سبباً غير مباشراً لما هي فيه!
"أنا لا أصدق أنني أسمع منك هذا .. يا إلهي ماذا حدث للعالم ؟"
احتضنها بنظرة حانية وقد جلسَ بجانبها يضمها إليه بخوف وحُب !
"هل حقًا ستبيت معي وتترك عملك ؟"
أومأ بالإيجاب لتتهلل أساريرها ويداهمها شعورٌ لم تعهده تلك اللحظة منذ متى ضمها بذلك الشعور الحار ؟ ، دائماً ما يفعل ذلك إما تملكاً أو حينما يكونان في مناسبة ما !
وهو لم يكن أقل منها اندهاشاً على الأقل هي جربت أن تُحب أما هو فلأول مرة يُجرب لذة الجُب المطعمة بالخوف ..
"اعتادي على ذلك فأنا لن أتخلى عنكِ "
لامست ذراعه التي تحاوطها ورغم ما تشعر به من امتنان في تلك اللحظة إلا أن لسانها لم يحاول أن يكون لطيفاً ونطقَ على حين بغته منها
"حتى وإن لم يرد أباك ذلك ؟"
كزَّ على أسنانه كاتمًا سبه كانت ستخرج عندما جاءت بذكر والده ، يكفي أنه من تسبب في تلك الحادثة لزوجته
غامت عيناه وازدادت رماديتاه قتامة حتى أصبحت كالسحاب المملوء بالماء في شتاء عاصف وتلك الومضات السريعة بعقله تتمثل أمام عينيه
والده يهدده بالزواج من أخرى حتى يحصل على حفيد يرثه ، عايدة تقبله من وجنته وتشير له قبل أن تركب سيارتها ، شخصاً ما يهاتفه ويخبره أن هذا هاتف سيدة اُصيبت بحادث سيارة بعد أن اصطدمت بشجرة !
"ألهذه الدرجة الجواب صعب أم تلك إجابة ويجب أن أفهم وحدي ؟"
انتشله من شروده نبرتها المهتزة ببكاء ليشدد من ضمها إليه هامسًا
"حتى وإن لم يرد العالم لن أتركك ، ثقي بي تلك المـرة "
"وهل توقفت عن الثقة بك يوماً "
نظراتها الحانية ستقتله يوماً ، عليه أن ينظم أفكاره جيـداً ليبدأ بالمواجهة الحاسمة وقبل أن يفعل عليه مواجهة نفسه أولاً
........... ..
"هذا الثوب سيكون رائعاً عليكِ لم لا تجربيه "
لفت أنظاره ثوباً من اللون الأرجواني ، من الشيفون الذي تم تقسيمة لشرائح من الخصر حتى يصير هفهافًا ويصل إلى الكاحل عكس الطبقة السفلى التي بالكاد تلامس الركبتين وذراعيه المكشوفتين جعلاه في موقفٍ يُحسد عليه فتخيلها وهي ترتديه فعشقه وقرر لفت انتباهها لكن الأمر لم ينجح أو بالأصح هي لم تره بنفس منظوره
"سيكون ضيقاً وسيظهر بطني بشكل سيء "
رمقته بعتاب كأنه كان يقصد انتقاء الثوب ليحرجها ، ضيقَ عيناه يحاول سبر أغوارها وحينما عاود الحديث لم يسوي الأمر جيداً
" لا يهم الثوب سيبدو وهمياً إن ارتديته "
"لا أريده .. لم يعجبني "
تجاوزته مُلقيه كلماتها ببرود فشعر بالإهانة من فعلتها ولكنه حاول أن يسيطر على أعصابه لأخر لحظة
"لم تركتني وذهبتِ وأنا أتحدث إليك ؟ هذا أولاً وثانياً هل سنعود لتلك النقطة مرة أخرى ؟ هل سترفضين كل شيء أبتاعه أو أعرضه عليك لأنك تخشين سخافات "
استفزها حديثه الغير مراعي من وجهة نظرها فردت بتحدي وقد بدأ صوتها يعلو بالأرجاء
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي