الفصل الأول

كان قد مر شهر بل وأكثر مذ أن باتت لورين ليلتها في حضن  مارتن كزوجة لينتهى بذلك زمن الحب العذري بينهم ويضحى عشقًا قولًا وفعلًا وقد قضوا هذه الفترة منعزلين عن الجميع منفصلين عن العالم الخارجي يعيشون في عالمهم الخاص الذي لا يضم سواهم...هم فقط بالإضافة إلى عشقهم الذي لم يدخر مارتن جهدًا في التعبير عنه بشتى الطرق سواء بالمغازلة الوقحة والتي تجعل وجه لورين يتوهج إحمرارًا متمنية أن تتلاشى من أمامه لخجلها أو حتي بالقبلات التي يباغتها بها علي حين غفلة منها وأيضًا بكلمات الحب التي يهمسها بأذنها في كل دقيقة بل في كل ثانية...لم يكن يدعها تغيب عن عينيه للحظة واحدة كان أشبه بظل لها ليس وكأنها تشتكي بل الأمر كان على هواها فهي أنثى تحب أن تري حبيبها يهيم بها عشقًا ولا يفكر بأي شئ سواها هي...لقد عشقت عشق زوجها لها...أحبت كل لحظة معه...كانت تعيش في عالم سحري جميل خطف قلبها وجعله ينبض فرحًا...الأيام الماضية كانت بالنسبة لها نعيمًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

صحيح إنها أفتقدت والدتها...توأمها...صديقاتها ولكن بطريقة ما مارتن سيطر علي عقلها بشكل كامل فلم تعد تكترث لأحد سواه كانت أسيرة لديه حرفيًا هي وقلبها وعقلها حتى روحها...كان قلبها يغرق أكثر وأكثر في حبه...رائحته كانت هواءها الذي تتنفسه كلماته ولمساته حتي قبلاته كانت لها تأثير كالسحر عليها...تجعلها تحلق عاليًا فوق الغيوم.

وحاله هو لم يختلف كثيرًا عن حالها كان مأخوذًا بها بكل جوارحه...روحه كانت تتوق لها لو أبتعدت عنه إنشًا واحدًا...قلبه لا ينبض إلا وهي بجواره...وعقله آه من عقله ليس به سوي الأفكار المنحرفة والتي بالطبع تخص زوجته العزيزة...عينيه لا تريد إلا أن تعكس صورتها هي فقط...جسده لا يريد سوي أن يحتضنها بقوة ليتأكد من أنها حقيقة وليست مجرد وهم فبالنسبة له هي أجمل من أن تكون حقيقة...يكاد يجن بعشقه لها...وما أجمله من جنون!

هذه الأيام كانت كحلم جميل يتمنى لو ألا يفيق منه...ولكن ليس كل ما نتمناه يتحقق حيث صدح رنين المنبه معلنًا عن إنتهاء هذا الحلم...وسريعًا مد مارتن يده ليطفأه قبل أن يقيظ لورين...أدار رأسه لجهتها فأبتسم عند رؤيتها كيف كانت تقبض علي ذراعه بكلتا يديها كأنها تخشى أن يهرب منها.

طبع قبلة رقيقة علي جبينها وبصعوبة سحب ذراعه لينهض من جوارها بسرعة قبل أن ينسي نفسه ويبقى يتأمل فيها.

دار عقرب الساعة دورة كاملة وربع دورة قبل أن تفتح لورين عينيها لتتثاءب بعد أن وضعت يدها على ثغرها وبيدها الأخري راحت تتحسس مكان مارتن وقد وجدته فارغًا فعقدت حاجبيها باستغراب...فكل يوم كانت تستيقظ وتجده فوق رأسها يتأملها بابتسامته الجميلة.

نهضت جالسة لتدور بعينيها في الغرفة ثم أرهفت السمع لعلها تسمع صوته بالحمام ولكن كان ما حصلت عليه هو الصمت وفي تلك اللحظة أنتبهت لورقة مطوية وبجانبها زهرة الزنبق البيضاء على الطاولة المجاورة للسرير.

أخذت الورقة وفتحتها لتقرأ مضمونها بصوت متحشرج من أثر النوم: (لقد ذهبت للشركة لم أشأ أن أيقظك لأني خشيت ألا أستطيع تركك والذهاب...تعرفين تأثير عينيك عليّ...كوني زوجة جيدة وأشتاقي إلي).

أنهت لورين القرآءة ولوت ثغرها شاعرة ببعض الضيق لعدم تمكنها من رؤيته قبل ذهابه ولكن في لحظة تبدد ضيقها عندما ألتقطت الزهرة لتتراقص على ثغرها ابتسامة هادئة...أغمضت عينيها مستنشقة عطرها...هي تعشق هذه الزهرة فهي ترمز للبساطة والنقاء مثلها تمامًا كما كانت تذكرها بوالدها فقد كان يحب هذه الزهرة كثيرًا والسبب معروف فهي تحمل اسم حبيبته ليليان.

مدت لورين يدها وألتقطت هاتفها من فوق ما يجاور فراشها لتفتحه وتطلب رقمًا مرفق بصورتها مع مارتن ولم تنتظر كثيرًا حيث فُتح الخط في الثانية التالية من رنينه ووصلها صوته قائلًا بنبرة تسكرها عادًة: صباح الخير...أيتها الجميلة.

أبتسمت لورين عند سماعها لقوله ولكن عند تذكرها مغادرته دون رؤيتها عقدت حاجبيها عابسة الملامح لتتدلل عليه وتقول معاتبًة إياه: كان عليك أن تنتظر وتقولها لي.

تنهد مارتن بأنفاس متثاقلة ليبرر لها قائلًا: لقد أخبرتك بأسبابي...لا أثق بنفسي عندما أكون معك.

قلبت لورين عينيها متأففة ولكن سرعان ما أبتسمت وقالت وهي تمسك زهرة الزنبق بين يدها: على أي حال هديتك الصغيرة جعلتني أغفر لك هذه المرة.
ثم أردفت تحذره: ولكن لا تفعلها ثانيةً لا أريد أن أبدأ يومي من دون أن أراك.

أنفرجت شفاهه عن ابتسامة واسعة جذابة وهو يرد عليها: لن أفعلها لا تقلقي فقد كانت فكرة غبية بالأساس.
ثم تمتم يسألها: إذًا...ماذا ستفعلين؟

صمتت لورين تفكر قبل أن تجيبه قائلة: سأتصل بكاندي لتأتي لم أرها منذ مدة بفضلك.

همهم مارتن يقول بابتسامة عابثة: فهمت إذًا أستدعيت صديقتك لتثرثرا عني...أليس كذلك؟
ليتابع ممازحًا إياها بوقاحة: إذاً اسمعي لا تخبريها بتفاصيل ما يحدث بيننا...هل فهمت خاصًة ما يحدث في الليل.

أشتعل وجه لورين خجلًا وتوسعت عينيها بصدمة من جراء وقاحته فصاحت به في غضب تتذمر: مارتن يا عديم الحياء.
ومن شدة حنقها أغلقت الخط في وجهه بعد أن تعالت صوت ضحكاته المستمتعة وتردد صداها في قلبها.

نظر مارتن في هاتفه هازًا رأسه يائسًا منها ثم أردف يتوعد لها: أغلقت في وجهي..حسنًا إذًا سأعاقبك علي هذا يا عزيزتي.
...............................................................................
دفنت لورين وجهها في الوسادة من شدة خجلها لطالما تحدث معها بوقاحة هكذا ومع ذلك لم تستطع أن تعتد الأمر وهو لا يشفق عليها أبدًا بل يستمتع ويتلذذ بشدة وهو يراها كثمرة بندورة ناضجة.

بعد مضي بعض الوقت قضت لورين قسم منه في الحمام تتجهز والقسم الآخر تجهز فطورها وتتناوله وأخيرًا هاتفت  كاندي والتي وبختها بشدة لعدم تواصلها معها خلال الفترة الماضية وبعد الكثير من الاعتذرات التي قدمتها لورين وافقت كاندي أخيرًا علي زيارتها والآن هي تجلس تعبث في هاتفها منتظرة إياها إلى أن رن جرس فنهضت بسرعة وأتجهت ناحية الباب لتفتحه على مصرعيه.

أشرق وجهها بسعادة وأتسعت ابتسامتها وهي تري أمامها كاندي التي تقطب جبينها عابسة لتصيح بتهكم ساخرًة: وأخيرًا سيدة لورين تم فك أسرك.

ضحكت لورين من قولها ثم أردفت وهي تعانقها: وأنا أشتقت إليك أيضًا.

تبسمت كاندي وشددت من جانبها على العناق ومن ثم أبتعدت عنها فرافقتها لورين إلى الداخل حيث أخذت لها مكانًا على الأريكة وهي تراقب ذهاب الأخرى لتحضر ما عندها من مشروبات باردة ومقبلات تكفيهما لجلسة طويلة.

فرشت لورين ما أحضرت على الطاولة أمامها قبل أن تجلس تجاور كاندي والتي هتفت بحنق معاتبًة إياها: لو لم يكن روبن موجودًا لكنت فقدت عقلي من الوحدة...فأنت هنا غارقة مع زوجك في العسل وميرا هي الأخرى لم تعد بعد من شهر عسلها.
تنهدت تتابع بوجه ممتعض: وجولي ليست هنا أيضًا.

تجهم وجه لورين وقالت باقتضاب: لقد عرفت بأمرها بالأمس فقط عندما أتصلت بأخي.

أخذت كاندي تفرك يديها بتوتر وهي تتمتم: هذا الأمر وترني جداً...عائلة روبن لم يقبلوا بداني كزوج لابنتهم...إذًا كيف سيكون رد فعلهم عندما يعلمون بأن ابنهم أرتبط بممرضة.

أمسكت لورين بيدها تدعمها وصاحت بتهكم تقول: دعك منهم يبدو أنهم أناس لا يفهمون...لا أصدق بأنهم رفضوا شخص أخي.

لوت كاندي ثغرها تبتسم ساخرة وهي تسرد لها ما وصل إليها عن تلك العائلة: روبن قال أنهم عائلة أرستقراطية من طبقة النبلاء...والدته سيدة المجتمع الراقي التي تري نفسها فوق الجميع ووالده شخص متسلط وقاسٍ يتحدث بلغة النقود والأعمال فقط.

ضحكت لورين وقالت بمرح في محاولة للتخفيف عن صديقتها: أشفق عليك من الآن ما هذه العائلة التي ستقعين بها؟!

تنهدت كاندي تقول بصوت خافت: لقد وقعت وأنتهي الأمر.

ألتقطت لورين واحدة من شرائح البطاطس المقرمشة التي بطبق أمامها وقالت ممازحة بعد أن أبتلعتها: مازلت أمامك فرصة للهرب.

همهمت كاندي فخرج صوتها كهمس وهي تقول باقتضاب: لا...لقد فات الآوان على ذلك.
فأخذت نفسًا عميقًا وزفرته لتبوح أخيراً بما في داخلها دفعة واحدة وتقول: لورين لقد تزوجت أنا وروبن.

ظلت لورين تتطالعها لثواني عدة خلالها أخذ عقلها يحاول أن يترجم ما قالته وأخيرًا قهقهت عاليًا وقالت وهي تأخذ شريحة بطاطس أخرى: مزحة لطيفة؟

هزت كاندي كتفيها بدون أن تتفوه بحرف لانكار ما بدر منها مم جعل لورين تستوعب حقيقة الأمر فشهقت لصدمتها ولكن تحولت شهقتها إلى سعال شديد فقد علقت في حلقها شريحة البطاطس.

قدمت كاندي للورين كوب الماء وأخذت تربت على ظهرها حتى تلاشت نوبة السعال التي تملكتها بعدها راحت لورين تحدق بها شذرًا قبل أن تتمتم تسألها بغية التأكد: أنت وروبن تزوجتما حقًا؟

أخذت كاندي تومأ برأسها إيجابًا فشهقت لورين بخفة قبل أن تنتفض من مكانها وتصيح في وجهها توبخها بحدة: متي حدث هذا...ولما أنا ليس لدي علم بالأمر؟

تململت كاندي في جلستها وتمتمت بلا مبالاة تجيبها: لم تسنح لي الفرصة لإخبارك...روبن قال لنتزوج وأنا قلت حسنًا فأصبحت امرأة متزوجة ونقطة وأنتهى.

توسعت عينا لورين بشدة وفتحت فاها منذهلة ليس فقط بسبب الخبر لا بل بسبب هدوء صديقتها واستخافها بالأمر  وهي تقصه عليها.
وأخيرًا ضحكت ساخرة وقالت مستنكرة فعلتها: أمجنونة أنت...أبهذه البساطة مر الأمر.
ثم أردفت تتهكم: أنا حقًا أريد أن أعرف ماذا يتعاطى هؤلاء الشباب...الزواج عندهم سهل كشرب الماء...ولكن العيب ليس عليهم بل علينا نحن لموافقتنا بهذه المهازل.

راقصت كاندي حاجبيها وهي تسألها بمكر: أم أنك ندمت لأنك تزوجت؟

وسريعًا أجابتها لورين وهي تهز رأسها نفيًا: بالطبع لا.
لتبتسم باتساع وهي تتابع بهيام: قرار الزواج كان أفضل قرار أخذته في حياتي.

رفعت كاندي حاجبها تقول مستنكرًة : إذًا لما هذه المحاضرة؟

أشاحت لورين بوجهها للناحية الأخري لتهتف وهي تذم شفتيها بإمتعاض : لأنني غاضبة منك كيف لا تشاركني بهكذا أمر وأنا التي لا أخفي عنك شيئًا.

أبتسمت كاندي بخفة لتقترب منها وتلكزها في كتفها قائلة محاولة التبرير : لورين لم أستطع الوصول إليك ثم أنت أول شخص أخبره حتي أنني لم أخبر أخي بعد...وروبن لم يخبر سوي داني.

تنهدت لورين ناظرة إليها وقد تلاشي جزء من غضبها : كان عليكما أن تصبرا.
لتردف بتساءل : إذاً متي تنويان أن تعلنا زواجكما؟

تنهدت كاندي مطولاً ثم قالت بإقتضاب : عندما تهدأ الأوضاع مع والديه.

أبتسمت لورين مقررة تغيير مجري الحديثة : أخبريني...هل أنت سعيدة معه؟

كاندي وقد لمعت عينيها : جداً لم يسبق لي أن شعرت بهكذا سعادة من قبل.

تنهدت لورين هائمة في صورة زوجها وهي تتمتم برقة : أجل الحب هكذا يجعلك تعيشين أمورًا لم يسبق لك أن عشتيها.
أرتسمت إبتسامة حالمة وهي تغوص في ذكرياتها مع مارتن في الأسابيع الماضية إلى أن أنتشلتها كاندي من هذه الذكريات عندما فجرت قنبلتها الثانية حيث قالت بصوت متحشرج : لورين أنا حامل.
............................................................
فتاة شابة ترتدي تنورة قصيرة سوداء تصل تقريبًا لركبتها وفوقها قميص أبيض شمرت أكمامه حتي مفصل كوعها خرجت من إحدي الغرف وفي يدها صنية عليها بعض أطباق الطعام والتي ملأت بكل ما هو لذيذ.

أخذت تهمهم الخادمة بكلمات تدل علي حنقها بعد أن تلقت توبيخًا من سيدتها الصغيرة كما تناديها...أبتلعت ريقها بتوتر عندما رأت سيدة القصر التي تعمل به قادمة بإتجاهها كانت امرأة في منتصف الأربعينات جميلة شقراء واضح عليها أثار الرقي ذات ملامح جامدة وعيون حادة رمادية.

وقفت أمام الخادمة وعيناها مثبتة علي صنية الطعام ثم نقلت بصرها للخادمة لتقول بإقتضاب : أمازالت لا تريد تناول الطعام؟

تنحنحت الخادمة تقول بنبرة عملية وقد كانت عيناها في الأرض : لا سيدة فيدرا لقد حاولت معها كثيرًا ولكنها رافضة تمامًا.

تنهدت فيدرا متمتمة بعض الكلمات الخافتة ثم قالت بصرامة محدثة الفتاة بعجرفة : حسنًا أذهبي لعملك.

وسريعًا أومأت لها الفتاة برأسها لتطيع أمرها وتذهب في حين دخلت الأخرى للغرفة والتي كانت تغرق في الظلام...فزفرت بضيق لتتجه ناحية النافذة وتفتح الستائر فأضيئت الغرفة بنور الشمس...نظرت على الفراش لتجد ابنتها تشد الغطاء على وجهها فأقتربت منها وسحبت الغطاء من عليها لتهتف بإستنكار : ما هذه الحالة جولي...إلى متي ستستمرين علي هذا الوضع؟

رفعت جولي جزعها العلوي وأخذت تحدق بوالدتها بعيون جوفاء فقدت بريقها...كانت شاحبة للغاية كما زاد جسدها نحافة...ظلت صامتة لثواني طويلة قبل أن تحرك لسانها تجيب والدتها بصوت خافت ضعيف : إلى أن تتركاني أعود لزوجي.

صرت فيدرا أسنانها بغضب ثم أردفت بسخط : مازلت تقولين زوجي...أتريدين أن أفقد عقلي...في حين نحاول أنا ووالدك إستعادة روبن تذهبين أنت وتتزوجين من شبيه له وبدون علمنا أيضًا.

زفرت جولي وهتفت معترضة : أمي أرجوك ليون يختلف تمامًا عن أخي.

أبتسمت فيدرا تقول ساخرًة : أجل صحيح شقيقك يلعب علي الجيتار بينما هو يلعب علي البيانو.
لتردف بصرامة وهي ترفع بإصبعها أمام وجه ابنتها وقد ضغطت على حروف كلماتها : أسمعيني جيدًا هذا الزواج سينتهي قبل أن يبدأ حتي...هل فهمت؟

صاحت في آخر جملتها ولكن لم تهتز جولي لها بل وقفت أمامها ورفعت عينيها في عيني والدتها لتقول متحدية إياها : أنا لن أترك زوجي وهو لن يتركني أيضًا وقريبًا سيأتي ليأخذني من هنا.

أمتقع وجه فيدرا فهذه المرة الأولى التي تتحداها فيها ابنتها وتقف في وجهها عيناها بعينيها.
غرزت أصابعها في شعرها وأطلقت صيحة غاضبة قبل أن تردد : يا الله أعطني الصبر سأجن حقًا سأجن.

ثم خرجت وتركتها لترتمي جولي بجسدها على الفراش بإنهاك...لتغمض عينيها بتعب وترجع بذاكرتها لليوم التي رأت فيه داني لآخر مرة...عند مجيئها هي وهو إلى هذا المنزل وأخبرا والديها بأمر زواجهما وكم كانت ردة فعلهما سيئة كل ما تتذكره هو صراخ والدها بالحراس لكي يلقوا زوجها خارجًا ومن سوء حظهما لم يسجلا زواجهما بشكل رسمي لهذا فشلت كل محاولات داني لإستعادتها ولكنها ستنتظره...أنتظرته سابقًا وستنتظره الآن أيضًا.
خرجت من ذكراياتها فأطلقت صرخة عالية تعبر فيها عن غضبها.
.............................................................
نزلت فيدرا الدرج لتتهادى في مشيتها حتى جلست في صالونها الفاخر المزين أركانه بقطع فنية لا تقدر بثمن وجدرانه بلوحات راقية موقعة من أشهر الفنانين.

أخذت تتصفح مجلات الموضة إلى أن رأت الخادمة تتجه حيث الباب لتفتحه وتستقبل سيدها باحترام آخذة منه حقيبة عمله ومعطفه الثقيل.

ألقت فيدرا ما بيدها ووقفت تستقبل زوجها بقبلة على خده وهي تتمتم : برنارد وأخيرًا عدت.

جلس برنارد على الأريكة ودلك ما بين عينيه بتعب وهو يقول بضجر : ماذا هناك فيدرا؟

أخذت فيدرا مكانًا بجانبه وأجابته متهكمة : ماذا سيكون غير مشكلة ابنتك.
ثم أردفت تسأله بترقب : أخبرني هل تحريت جيدًا عن الشاب؟

نظر لها برنارد ليجيبها وقد ألتوي ثغره بإبتسامة جانبية : أجل وستصدمين عندما تعلمين من يكون.

ضيقت فيدرا عينيها وقد بتحفزت كل حواسها فقالت في لهفة : حسنًا أخبرني لقد أثرت فضولي الآن.

تنهد برنارد وأجابها بنبرة تقرير : اسمه الحقيقي ليون ويلسون...والده تشارلي ويلسون كان عازف بيانو مات منذ سنوات...ووالدته...
سكت قليلًا لتعقد فيدرا حاجبيها باستغراب فتابع هو وقد علت شفاهه ابتسامة تحمل خبيثًا : والدته تكون ليليان براون.

شهقت فيدرا بتفاجأ واضعة يدها على ثغرها متمتمة بعدم تصديق : لحظة...ليليان بروان التي نعرفها.

زادت ابتسامة برنارد اتساعًا وهو يومأ برأسه مؤكدًا كلامها : أجل هي بشحمها ولحمها.

تجمدت فيدرا للحظة قبل أن تطلق ضحكاتها الصاخبة التي دوت بالمكان هاتفة من بينهم : لا أصدق...الأمر كالمزحة...من كان يتصور أن ابنتك ستتزوج بابن المرأة التي هربت منك في ليلة زفافكما.
***

توقفت سيارة سوداء أمام شركة فرسان الغناء لتترجل منها فتاة غاية في الجمال والإثارة عينان زرقاء حادة تشع مكرًا وشعر أسود قد يجابه سواد قلبها...كانت ترتدي فستان يصف مفاتنها فبدت مثيرة بشكل لافت للنظر...أنها جميلة ومثيرة جدًا بحسب معيار الرجال للجمال.

نظرت لمدخل الشركة لتنفرج شفتيها عن إبتسامة خبيثة فهمست لنفسها وقد أمتلأ صدرها بنشوة الانتصار : وأخيرًا أنا هنا وسأكون معك وبقربك.

أرتدت نظارتها السوداء تخفي عينيها الفاتنة وتهادت في مشيتها وقد أخذت تمايل بأنوثة جعلت عيون الرجال التي حولها تتسلط عليها برغبة شهوانية...فأبتسمت برضا وزادت ثقًة وغرورًا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي