الفصل الأول

بداية أسطورة الكريتشر وأول خيوطها
منذ قديم الزمان وفي حضارة أرض المايا وبين جنبات الكهوف نقشت الرسومات وصفت السطور، أسطورة سيجول صداها في العالم أجمع يعرفها الباحثون والدارسون في مجال الآثار ويحفظون فحواها جيدًا لكنهم لم يجرؤوا على تصديقها
((بعد قرون وقرون سيوجد المخلوق ليطالب بحق الأرض المسلوبة ويغير وجه الكون، لا أمل لكم ولا لا نجاة إلا بالطاعة، سلموه الأرض إن لم يكن الأول بينكم فلا خلاص لكم))
لم يفهم أي مكن العلماء فحوى تلك الرسالة والتي خطت بيد الكاهن الأعظم ولكنهم يحفظون الرسالة ويتخوفون من ظهور المخلوق.
قبل بداية أحداثنا فلنلق نظرة سريعة على ما يحدث الآن بالكوكب..
صراعات كثيرة عاشها البشر على مر العصور منذ بدء الخليقة ، لكن ما واجهوه في الفترة الأخيرة كان صعبًا و مؤلمًا بحق، فالكوكب على حافة الانهيار وربما التلاشي، كل القوانين والثوابت تغيرت، لم يعد العالم مقسم لدول بل أصبح دولة واحدة تقع في منطقة مركزية من الكرة الأرضية بعد أن تسببت حركات صفائح القشرة الأرضية في تغيير شكل الكوكب، وتلك الدولة مقسمه لمناطق اداريه فقد تلاشت أسماء الدول وتغيرت الخريطة الدولية، لم يعد هناك رؤساء متعددون وأحزاب سياسة إنه حزب واحد بدوله واحده تحت سيطرة العقل الأعظم الذي يتم اختياره بالتصويت الآلي، فلكل منطقة إدارية في العالم سيرفر خاص بها به بيانات كل من يقيم بها والسيرفر هو الذي يختار القائم بأعمال الدولة، والسيرفرات مجتمعه تختار العقل الأعظم، لقد أصبح العالم خليط متمازج بعنايه ما بين البشر والروبوتات.
وبعد ابتلاء البشر بالكورونا وما تسببت به من كوارث وهزات اقتصادية أطاحت بالكثير من السياسات وقوضت دعائم وارتكازات العديد من الدول، فلقد حدث ركود اقتصادي كبير كما انعزلت العديد من الدول وأغلقت حدودها أمام القادمين أو حتى المغادرين، وما أن بدأ العالم يتأقلم مع ما يحدث ويسير روتين يومه وفقًا للأحداث التي يعيشها، حتى ظهرت تحوارات الكورونا، وعاش العالم أيامًا صعبه يقاسي من متحور لآخر ومن مرض يظهر لآخر ، سقط الكثيرون من البشر ضحايا لتلك الأمراض وانهمك العلماء في تطوير اللقاحات أملًا منهم في القضاء على الكورونا أو إكساب البشر مناعة ضدها، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان تطورت الكورونا بسرعة فائقة، و زادت تحوراتها شراسة ومناعة إلى أن ظهرت الطفرة..
الطفرة وآه من الطفرة إنها مصيبة البشرية التي قضت على بلايين البشر حول الكوكب، تغير حدث في التركيب الجيني البشري نتيجة لمتحورات الكورونا المتعددة وكأنما جينات البشر واجهت اضطرابًا لم يسبق له مثيل، ولم يعرف سببه بالتحديد، لكن من تحدث له الطفرة يتحول إلى الـ(مُح) أو اختصارا لكملتي ميت حي، فيصبح جسد يسير بلا انقطاع بلا راحه باحثًا عن قوته وطعامه فقط لا هم له سوى ذلك وهذا الطعام هو اللحم الحي لم يعرف أحد بالتحديد سبب وموعد ظهور الطفرة فالإنسان قد يكون عاديًا في لحظه وفي لحظه أخري يتحول لـميت حي لكن بالتأكيد منذ حدوث الطفرة وكل موازيين العالم انقلبت لتصبح العاصمة الدولية هي مقر الأصحاء سليمي البنيه الخاليين من الطفرة، مع فحص مستمر لا ينقطع بشكل دوري وشريحة الـ(نانو) تستطيع معرفه الطفرة فور ظهورها لتقوم شريحه (كت) التي تزرع لقاطني وعمال العاصمة الدولية بإرسال أمر مباشر للمخ بمنع القلب من ضخ الدم ليسقط من أصيب بالطفرة ويتم إعدامه خارج العاصمة الدولية، حفاظًا على أرواح الصفوة من قاطني المكان.
بعد ظهور الطفرة بدأ العلماء يسرعون من وتيرة بحوثهم و قرروا تجميع البشر في أماكن يسهل عليهم الوصول لهم فيها وتكاتفت الجهود وكانت قوات القوات البيضاء تجوب الأنحاء لتنقل البشر للأماكن الآمنة وهناك تتم عمليه الفرز والانتقاء وتحويلهم للأماكن المناسبة على حسب ما يملكون من مال ومدخرات أو ما يحل محل المال من مواهب أو ما يستطيعون تقديمه من خدمات.
أصبح المال هو المتحكم الأساسي إما أن تمتلك المال لتسجل من سكان العاصمة الدولية أو تمتلك موهبه فتتحول للموهوبين وتسكن المستقر لتنعم هناك بسبل الراحة من تعليم و زرع معلومات، وطعام مناسب وغيره من الاحتياجات البشريه، التي توفر في المستقر بتوزيع طبقي طبقًا لعدد المهارات التي يجيدها الموهوب.
أما إن كنت عاديًا لا تمتلك موهبه ولا مال لديك سواء فقير أو متوسط الدخل فستكون من فئة السفليين ويكون مقرك العراء خارج العاصمة الدولية وخارج المستقر.
والسفليين بدورهم انقسموا لفئتين:
- سفليين الاختيار:
وهؤلاء سمحوا للطائرات المسيرة أو الكاميرات الطائرة بتصويرهم في أي وقت تختاره لتصور حياتهم سواء بشكل دائم أو متقطع في مقابل تزويدهم بما تراه الروبوتات مناسبًا؛ ربما طعام أو دواء أو سلاح أو تدلهم على مكان ينفعهم في المبيت أو تحذرهم من مكان تواجد قطعان الموتى الأحياء، وبعض من سفليين الاختيار فيما بينهم اتفقوا على تكوين جماعات يطلق على كل جماعة الحلقة، لها قائد يُعين الجماعة على الحياة ويتخذ القرارات نيابة عن أفراد الحلقة ويساعدهم على مواجهة الـموتى الأحياء.
- سفليين التمرد:
هؤلاء الذين رفضوا تصوير حياتهم ورفضوا الاستعانة بمساعدات الصفوة وفضلوا أن يكافحوا في الحياة وعلى الأرض هكان مصيرهم إما أن يستمروا في كفاح لا ينقطع ليجدوا بعضا مما يعينهم على الحياه، وإما أن يقعوا فريسة الموتى الأحياء أو للقوات الدولية التي اعتبرتهم خارجين على الجنس البشري لعدم انصياعهم لأوامرها وأمرت بالقضاء عليهم فعاشوا حياتهم في رعب وفرار دائم ما بين المطرقة والسندان، القوات الدولية من جهة والموتى الأحياء من جهة أخرى.
والعمل بالعاصمة الدولية لا يكون متاح للكل بل للميزين والموهوبين فقط هم من لهم الحق بالعمل والتمتع بخيرات العاصمة الدولية.
العمل فقط وليس السكن فيها فالموهوبين يسكنون في مكان خاص بهم يسمى المستقر، والمستقر مجاور للعاصمة الدولية لكنه مفصول عنها وله نظامه الأمني الخاص به، وهو مقر للموهوبين فقط لا يسمح بدخوله لغيرهم، ويخضع المستقر لنظام أمني مشدد ليس بهدف المحافظة على الموهوبين لا بل بهدف المحافظة على قاطني العاصمة الدولية.
من يريد مغادرة المستقر في عطلته للذهاب إلى تجمعات الحلقات التي يكون فيها الأهل من غير الموهوبين أو الفقراء يجب ألا يظل خارج المستقر لمدة تتجاوز الثلاث أيام وإلا سيخضع لعملية زرع شريحه تتبع جديدة وهي تكون مؤلمة جدًا؛ جعلوها بكم هائل من الالم لتكون مانعا للبقاء خارج المستقر وبيانات العاملين بالعاصمة الدولية مسجله على الحاسوب المركزي الدولي، كما هو الحال في بيانات قاطني العاصمة الدولية، أو لنكون منصفين هذا حال كل سكان الكوكب، فبعد تفشي وباء الكورونا وتبعاته وتحوراته تم زرع شريحه النانو في كل البشر شريحه متناهيه الصغر ربما بحجم ذره أو ككرة دم تسجل كل ما يقوم به البشري وتحلل بياناته وتصرفاته كما تراقب جيناته وتلاحظ حدوث الطفرة بها.
كما أن البشر بالخارج في الحلقات حين ينجبون طفلًا ويصل لسن العشر سنوات يتم إخضاعه للفحص الجيني وإن كان من الموهوبين يدرج بالعمل مباشرة في العاصمة الدولية وينعم بالوجود في المستقر.
وفي خضم معاناة العالم مع الكورونا وطفراتها وظهور وباء تحول البشر للموتى الأحياء حدثت كارثة جديدة.
واجه البشر حدوث زلزال رهيب فاقت قوته العشرة درجات على مقياس ريختر تسبب ذلك الزلزال في ثورة سته براكين موزعة على الكرة الأرضية أدت حممها لارتفاع رهيب بدرجة حرارة الكوكب مما أدى لذوبان الجليد تمامًا في القطبين الشمالي والجنوبي اللذان كانا قد تم هجرهما تماما وكانا خاليين من السكان، لتحدث زياده هائلة في منسوب المياه في البحار والمحيطات، بالإضافة لموجات التسونامي التي محت العديد من المدن من على وجه الكوكب كما قضت على البلايين من البشر التعساء الذين تصادف وجودهم في المدن المطلة على البحار والمحيطات، مدن بأكملها قد غرقت واختفت من الوجود كما حال بلدان كثيرة زالت اسمائها من على الخرائط، لم نعد العلم بالشكل الذي نعرفه الآن موجود على الإطلاق، إنه عالم آخر، بتكوينات أخرى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي