حبيس في الماضي

Halarayan`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-16ضع على الرف
  • 72.8K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

اللقاء

الفصل الأول

كانت الأحداث الأخيرة في حياته صعبة للغاية ولك يكن بمقداره الاحتمال فلم يكن بوسعه سوى انهاء المعاناة بنفسه وبالفعل هذا ما قام بفعله حين رأى الفرصة امامه.

مرت ثلاثة أشهر منذ اتخاذ هذا القرار وها هو الان يجلس في مكتب الطبيب البارد وينتظر دخوله ليستلم طلب الإخلاء من المشفى. يدخل الطبيب وقد كانت أسارير وجهه مظلمة بعض الشيء إلا ان هذا الأخير لم يكد يبدي أي اهتمام، ينظر الطبيب نحوه بعينين خاويتين ويتساءل في قرارة نفسه عما ان كان سيتقبل مريضه الماثل أمامه هذه الأخبار بشكل جيد، فتقبل خبر مفجع كهذا لشاب في مقتبل العمر لن يكون أبدا بالأمر اليسير لكن مرة أخرى ان هذا الشاب ليس كأي شاب عادي والطبيب يعلم ذلك أتم المعرفة.

يجمع شتات أفكاره ويتنتح قليلا قبل ان يقول بصوت خال من أي مشاعر: اعتذر سيد سيباستيان لكن اصابتك هذه ستمنعك من متابعة عملك، حيث أنك لن تكون قادرا على استخدام ساقك للركض كما يجب او حتى تسديد ركلات ثابتة. ان اجهادها سيؤدي لتفاقم الأمر والمخاطر الملمة بك لذا فالخيار الأفضل هو ان تبحث عن مجال عمل اخر، مجال عمل لن يتطلب منك بذل مجهود كبير.
لا يجيب سيباستيان فورا بأي شيء، ولا يبدو ان انه قد تأثر حقا من هذه الأخبار وبعد مرور دقائق من الصمت الثقيل يقول أخيرا: هل من اقتراحات؟
الطبيب: يمكنك العمل كحارس شخصي او ان تكون اسير مكتب في احدى دوريات الشرطة لكن لا شيء اخر، الا ان كنت تريد البحث عن مجال عمل يختلف كليا عن عملك السابق.
-مجال عمل مختلف، يكرر سيباستيان هذه العبارة بشكل تلقائي ومن فوره ينهض بهدوء ويخرج من مكتب الطبيب بهدوء تاركا ذاك الأخير واقعا بحيرته وشفقته.

تلك كانت المحادثة الاخيرة التي دارت بين كل من سيباستيان والطبيب قبل ان يبدا في البحث عن عمل كحارس شخصي وفي النهاية كان قد وجد ضالته في إحدى إعلانان العمل لرجل أعمال مشهور ويسكن في العاصمة حاله كحال سيباستيان.

في التاسع عشر من اكتوبر تحديدا في التاسعة صباحا
يستقبل السيد رايكلز ضيفه بحماس واضح ويقوده بنفسه الى مكتبه وقبل ان يدخل كلاهما يشير الى مساعدته بإحضار كوبين من القهوة الساخنة للضيف الهام.
السيد رايكلز: حسنا سيد سيباستيان يبدو ان تاريخك هذا حافل جدا بالأعمال البطولية، يمكنني وبضمير مرتاح البال ان اعطيك هذه الوظيفة!
سيباستيان: اشكرك.
السيد رايكلز: بل انا الذي اشكرك، ان ليديا ستبلغ نهاية هذا العالم الثامنة عشر وقد سئمت الحياة المنعزلة التي منحتها اياها فارتأيت انه من الافضل لو منحتها حارسا ذو قدرات استثنائية كي يرافقها في حال أرادت ان تفرد جناحيها للعالم الخارجي، فأنا أعلم يقينا انها ليست سوى مسألة وقت حتى تبدي رغبتها في مغادة القصر.

يهز سيباستيان رأسه دون اكتراث وقد كانت صورة ليديا تمكث أمامه رفقة بعض من البيانات الأخرى التي لم يكد أن يهتم بقراءتها.
تنظر الفتاة الجالسة الى جانبه نحو الصور وتقول بصوت مرح: همممم تبدو هذه الفتاة ظريفة اليس كذلك، سيباستيان؟
سيباستيان: فلتصمتِ.
السيد رايكلز : أعتذر، ما الذي قلته ؟
ينتبه سيباستيان للسيد رايكلز ويضغط علي يده ليحافظ على اعصابه ويقول بصوته الهادئ الرزين: لا شيء سيدي .
يسمع سيباستيان صوت ضحك الفتاة المستفز لكنه يحاول ان يتجاهله.
السيد رايكلز: حسنا اذا هيا بنا الى المحطة التي ستقلك لمكان عملك الجديد وفي الطريق سنتحدث عن التفاصيل الصغيرة والشروط التي يتوجب عليك اتباعها جيدا!
سيباستيان: حسنا سيدي.

ينهض السيد رايكلز من مقعده وقد كان رجلا قصير القامة يعاني من بعض السمنة وقد كان جليا ان الشعر في مقدمة جبينه بدأ بالانسحاب الى الخلف، شاربه الضخم الذي استقر فوق شفاهه كان يمتزج الشيب بخصاله البنية اما بشرته فقد كانت حنطية اللون وعيناه زرقاوان كلون السماء.
يسير السيد رايكلز ليصبح امام سيباستيان ويتبعه ذاك الاخير لخارج مكتبه وقبل ان يخرج من المكتب يلقي نظرة خاطفة على المكتب الخاص بالسيد رايكلز وتظهر على وجهه امارات الانزعاج والشك.

في تلك الاثناء في مكان نائي تحيطه الأشجار من كافة الاتجاهات يقبع قصر ضخم ذو لون رمادي واسود ويبدو عليه القدم ولا يسكنه سوى فتاة واحدة وبعض الخدم والحراس وفي ذاك القصر تحديدا في غرفة كبيرة تحتوي على سرير كبير من الخشب الابيض وخزانة ضخمة وحمام خاص وبعض من الاشياء التي تدل على الثراء الفاحش هناك كانت تستلقي فتاة على فراشها الواسع تنظر لسقف الغرفة ولا شيء سوى ذلك.

يصدر صوت طرق خفيف على الباب ممت جعل ليديا تنهض من على السرير وتجلس ضامة احدى قدميها لصدرها والاخرى تتأرجح امامها وتقول بصوت لا مبال: فلتتفضل.
تدخل سيدة عجوز وتنظر نحو ليديا نظرة الام الحنون وتتأمل شكلها، كانت ليديا ترتدي فستانا ذو لون ابيض يصل الى ركبتيها ويلائم بشكل رهيب بشرتها البيضاء وشعرها الاصفر الذي يصل لأسفل ظهرها اما عيناها اللتان تزيّنتا باللون الاخضر الممزوج ببعض من اللون الاصفر واتخذتا شكلا واسعا لم يساهما سوى في زيادة جمالها رفقة فاهها الصغير ذو اللون الكرزي ووجنتاها الصغيرتان.
ليديا: ما بك امارتا تحدقين بي هكذا؟
امارتا: لا شيء سيدتي انني فقط لا أكتفي من تأمل كم تشبهين والدك! اوه لو انه موجود بيننا اليوم.
تنهض ليديا من على السرير وتقترب من الشباك الخاص بغرفتها ثم تنظر نحو الارض وتقول: اجل، ولو كان موجودا اليوم فقط لما استطعت الهروب كما سأفعل الان!
امارتا: ماذا؟ سيدتي!

بسرعة تقفز ليديا من الشباك وتهبط على العشب الاخضر ببراعة وصوت ضحكتها بدأ بالتصاعد ثم تنظر نحو الشباك نحو امارتا التي كاد قلبها ان يقفز خلف ليديا وتقول بصوت حيوي واثق: لما عشت هذه المغامرة لو كان والداي هنا هيهيهي
تمد لسانها لخارج فمها بهدف الاغاظة وتبدأ بالجري بعيدا عن القصر.
تدق امارتا اجراس المنزل وقد كانت هذه الاشارة لهروب ليديا ليهروّل خلفها عشرة حراس يرجون ان تتوقف الا انها أبت الخضوع لرغبتهم تلك.

في مكان اخر تحديدا في محطة القطار مجددا كان السيد رايكلز يجلس مقابل سيباستيان وقد كان هذا الاخير مشدوها لما سمع حيث كان يقول: ما الذي تقصده بكونها لا تعلم من أنت؟ وما الذي يُفترض بي أن أقول لها؟ بصفتي من؟
يبدو الغضب جليا على وجه سيباستيان ويبدأ بالندم على اختياره لهذا العمل إلا انه بغض النظر عن مشاعره الخاصة قرر الاستماع لما سيرويه السيد رايكلز بخصوص هذه المعلومة لتذكره أنه بحاجة ماسة للعمل إن لم يكن يريد أن ينتهي به المطاف مفلسا دون مأوى.
لكن فور سماعه العبارة التالية تحتل الصدمة كافة افكاره لينظر نحو رايكلز وتعابير وجهه تفيض تعجبا!
رايكلز: ان والدا ليديا قد ماتا في ظروف مشبوهة وليس في حادث سيارة كما يعلم الجميع.

ما الذي يقصده رايكلز بتلك العبارة؟ وماذا سيكون ردفعل سيباستيان؟
يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي