جسدي الاثيري

alfanan`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-19ضع على الرف
  • 2.1K

    تم التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

عندما يكون للجسدمعنى اخر

انا مبقتش فاهم حاجه ومشوش وتركيزي صفر، ركبت العربية وخرجت مش عارف انا رايح فين، الكوابيس اللي بتجيلي دي مش امر طبيعي، يظهر اني تعبان.
نظر اليه الدكتور المتابع لحالته نظرة تملئها الشفقة وقال:
بص يا محمود انت دلوقتي بخير الحمد لله ان جات على قد رجل وبس، انت كنت ما بين الحياة والموت، احمد ربنا.
رد عليه محمود وقال:
الحمد لله، يا دكتور انا بحب اتكلم معاك انت عارف ان مليش حد يسأل عليه واللي خلاني اكلمك عن اللي حصل اني لسه بحس بحجات غريبه بتحصلي.
اجابه الدكتور وهو يلملم اشياءه ليرحل بقوله:
الدكتور: انا فاهمك يا محمود علشان كده قول الحمد لله، اسيبك انا علشان الحق اروح البيت ويوم السبت هشوفك ان شاء الله.
محمود: ربنا معاك يا دكتور .
انتهى الحوار بين الاثنان على ذلك ثم مضى الدكتور علاء لبيته ومن بعدها افرد محمود جسده على السرير ولحظات ويذهب في النوم، ثم تأتيه بعض الكوابيس التي جعلته يشعر بالارق ثم استيقظ فجأة ولكنه لا يستطيع الحركة او اصدار اي صوت ،بل وشعر بأشياء غريبة مثل ذبذبات او اهتزازات في جسده الى ان احس بأن روحه تخرج من جسده او انها ليست بروحه بل شيء اخر لا يعلمه، خرج جسده غير المادي ثم حلق في الهواء وهو يرى كل شيء ولا يدري سبب ذلك ثم استيقظ فجأة بعد ذلك.
.........
محمود شاب جامعي في السنة الثالثة ويعمل في مطعم بعد الجامعة وفي اوقات الفراغ.
حياته كانت طبيعية جدا ولا شيء بها، وكان شخص اجتماعيا يحبه الجميع وله اصدقاء ومعروف بين جيرانه بأنه الشخص ذو الاخلاق الجيدة المرح السعيد.
وكان لأبيه سيارة خاصة يعمل عليها ابيه في احدى الشركات، وكان محمود يحب الخروج كثيرا خاصة مع اصدقائه فاقترح احد الاصدقاء عليه بعد الانتها من المحاضرة بقوله:
وليد: ايه رأيكم يا جماعه لو نخرج النهرده اخر اليوم ونقضي السهرة مع بعضنا.
وافق محمود على الفكرة وقرروا موعد الخروج.
وفي اليوم الذي اتفقوا على الخروج فيه كان الجو شديد الرياح والضباب مخيم على الشوارع.
خرج محمود واستقل سيارة ابيه وذلك بعد ان استأذن منه، وخرج في ذلك اليوم الشديد الضباب، وفي اثناء السير تقابله سيارة قادمة فجأة بسبب عدم رؤيتها في الضباب مما جعله يتحول بالسيارة الى اليمين فانزلقت السيارة بالمنحدر فارتطمت بشجرة كبيرة فاصطدمت راسه وسال الدم منها فأغمى عليه.
عندما اصطدم احس بأن روحه قد انفصلت عن جسده ثم عاد ثانيا.
ثم اُخِذَ للمشفى بعد ان وجده احد الاشخاص، وبعد ان شخَّصه الطبيب وجد ان قدمه اليسرى قد كسرت.
عندما علم اباه بالحادث ذهب اليه وعندما دخل اليه وجده لم يفق بعد فسأل الطبيب عن حالته فأجابه:
الطبيب: حالته حرجه شوية ادعيله ربنا ينجيه.
تركه الطبيب يجول بخياله في بحور من الهم والقلق.
وبعد مرور اسبوع استفاق محمود من الاغماء ولكنه عندما علم بقدمه التي اصيبت اصابة بالغة ازدادت حالته النفسية سوء، وبعد مرور ما يقرب من شهر تعافى كليا باستثناء قدمه التي جعلته مقعدا على كرسي بعجلات مما جعل محمود حزينا وكئيبا بل تدهورت حالته النفسية واصبح انطوائيا لا يحب ان يقابل احد.

وفي ذات يوم هادئ وفي امام بيت محمود كان جالسا على كرسيه فغلبه النوم فرأى في نومه كابوسا مرعبا ثم استيقظ ولكنه لم يستطع ان يحرك اي ساكن منه فعلم ان ما يحدث له في ذلك الوقت هو ما حدث له قبل ذلك فأخذه الخوف والقلق قليلا، وفي اثناء مقاومة ما يشعر به كان يشعر بصعوبة في التنفس كأنما شيء جاثم فوق صدرة، يشعر باهتزازات وترددات في جسده وبألم في ظهره، ومع المقاومة لم يتمالك نفسه فسقط من الكرسي على وجهه، في اثناء ذلك رأته احدى الجيران وهي فتاة تسكن في البيت الذي بجوار منزلهم والتي تدعى " سلمى" فلما رأته قد سقط تركت ما في يدها وذهبت اليه وساعدته في الجلوس على كرسيه مرة اخرى.
عندما جلس واسند ظهره نظر اليها فأذ بها فتاة في مقتبل عمرها، فتاة عشرينية ذات بشرة بيضاء تميل للحمرة بعض الشيء مع شعر مصبوغ باللون الاصفر، متوسطة الطول ذات وزن رشيق.
ما ان راها محمود حتى سكت قليلا ونظر في عينيها بهدوء ولم يزل كذلك حتى قاطعته بقولها:
سلمى: انت بخير
بعد ثانية من الصمت اجابها قائلا: انا بخير بخير شكرا ليكي
سلمى: لا شكر على واجب انا لقيت حضرتك وقعت على الارض ومفيش حد هنا يقومك وكده يعني.
محمود: متشكر جدا، اه فعلا مفيش حد كلهم مسافرين
سلمى: طاب انت بخير دلوقت
محمود الحمد لله تمام مفيش حاجه متشكر
سلمى: مش محتاج حاجه
محمود: شكرا لحضرتك
سلمى: على العموم لو حضرتك احتجت حاجه ممكن تنده على باب او اي حد فينا احنا غالبا موجودين
محمود: بجد شكرا للطفك ربنا يسعدك.
ما ان ادارت ظهرها ذاهبة حتى نادى عليها قائلا:
هو حضرتك اسمك ايه
فأجابته قائلة:
سلمى.
ثم ذهبت مسرعة من حيث جاءت.
لم يستطع محمود ان يخرج سلمى من باله مطلقا طوال اليوم وعندما ذهب الى النوم وخيم عليه النعاس راها بحلمه وكانت كمثل ملكة في بستان من الجمال وكأنها من الحور في الجنة.
مر اليوم على خير وبدون اي كوابيس، قد نام محمود ولأول مرة في هدوء وسكينة ولم يرى شيئا مما كان يحدث له، وفي الصباح استيقظ مبكرا وكله نشاط ثم تناول افطاره وخرج الى بستان منزله ليتأمل جمال الجو، ويتمنى رؤية سلمى.
مر وقت طويل ولم تخرج او تدخل ولم يرها لا امام ليتها ولا من النافذة، وبعد ان تبدل الجو وقارب على الظهيرة وعمت الشمس ارجاء المكان قرر في حزن ان يدخل البيت بدون ان يرها، وقبل ان يدير وجهه اذ يرها اتية تمشي من امام منزله ذاهبة الى بيتها، فلما نظرها ابتسم اليه ثم رفع يده ليحييها فابتسمت هي كذلك ثم ذهبت الى البيت ثم ذهب هو الى الداخل.
دخلت سلمى المنزل فلم تجد اباها فأخذت تبحث عنه فوجدته في الطابق العلوي، فلما دخلة الى غرفة النوم وجدته ممددا جسده على السرير ويغشاه نوم ثقيل وفي يده دفتر من الصور ملقا فوق صدره.
رجل يدعى " وحيد " في الخمسين من عمره ، قد كسى الشيب لحيته وقليلا من شعر رأسه، يبدو عليه الحزن والاسى.
فلما رأته على حالته تلك اخذت من يده الدفتر ثم وضعته على الرف وامسكت باللحاف وغطته به، ولما راها ذاهبة امسك بيدها فالتفتت اليه يضع قبلة على يدها وقال:
وحيد: لسه راجعة يا سلمى
فأجابته قائلة بعد ان احتضنته وقبلته على جبهته:
سلمى: ايو يا حبيبي مش محتاج اي حاجه اعملهالك يا بابا
وحيد: ايوا عاوز اتكلم معاكي
سلمى: حاضر يا بابا بس اغير واحضر الغداء ونعد نتكلم براحتنا.
وحيد: لا انا مش جعان يا سلمى كلي انت.
فأجابته بالنفي قطعيا:
سلمى: مينفعش ابدا مستحيل لازم تاكل انت ناسي ان في دوا هناخده انت هتهزر يا باب
نظر اليها مبتسما وقال:
وحيد: لا مش هنهزر خلاص
فردت عليه قائلة:
سلمى: طاب منهزر وايه يعني ههههه .
ثم اخذت تضحك وهي خارجه ثم ذهبت لتعد الطعام.

على الجانب الاخر كان محمود جالسا يتناول طعام الغداء وكان ممسكا بيده هاتفه المحمول ويتصفح في موقع فيس بوك، وكان يريد ان يتحدث مع سلمى فخطرت ببالة فكرة ان اباها صديقا عنده على الصفحة، فقرر ان يبحث في الاصدقاء عنده الى ان وجد صفحة باسم "سلمى وحيد عامر" فعلم انها هي ففتح الصفحة واخذ يتصفح بها الى ان وجد منشورا من ابيها قد شاركتها لديها، نظر الى التعليقات فوجد تعليقا لها ذاكرة فيه كلمة "باب" فتأكد ان هذه الصفحة هي لها، فارسل لها طلب صداقة ثم اغلق الهاتف وذهب الى سريرة ليأخذ قسطا من الراحة.
.....
الفراق صعب جدا يا سلمى امك وحشتني جدا.
قال ذلك وحيد والد سلمى فردت عليه بعد ان نظرت له نظرة حزن وقالت:
سلمى: ربنا يرحمها يا باب ادعيلها انا كمان وحشتني جدا هي ان شاء الله في مكان احسن ادعيلها بالرحمة ي حبيبي.
قامت سلمى وهي تمسح دموعها واخذت تلملم الاطباق من فوق الطاولة ثم ذهبت واحضرت الشاي لأبيها ثم جلست معه واخذوا يتكلمان ويمزحان سويا.
مر ما يقرب من يومان ولم تقبل سلمى طلب الصداقة من محمود ولكنها كانت تراه دائما وتبتسم في وجهه حتى ألفته وهو الاخر قد اعتاد عليها وتبدلت حياته بسببها الى حيوية ونشاط واصبحا صديقين عبر الانترنت وذلك بعد ان قبلت طلبه، واخذا الاثنان يتحدثان دائما حتى تعودا على بعضهما اكثر حتى انه اخذ يتحدث معها على الهاتف وذلك عندما بعث لها رقم هاتفه، ثم تحولت علاقاتهما الى اكثر قربا من قبل وكلما التقيا حيته وسلمت عليه .
وبعد مرور ما يقرب من شهرين اصبحت علاقتهما اكثر عمقا وكانا يتقابلا كثيرا، وتحسنت بسببها حياة محمود ولكن على الرغم من ذلك لم يشفى من الحالة التي كانت تأتية بل كانت تزداد تطورا الى ان جاءت ليلة حدث فيها ما هو مرعبا بالنسبة لمحمود.
بعد اللقاء الاخير الذي كان بينهما وفي اخر اليوم ذهب محمود الى النوم فحدث له كمثل كل مرة ينام فيها ولكن هذه المرة اشد غرابة وإثارة وغموض.
تطورت حالت محمود حتى اصبح ينفصل عن جسده المادي واستطاع ان يتحكم بجسده الاثيري الذي يطفو في الهواء ويطير، قد هاله الامر في اوله ولكنه تفاعل معه ومن ثم اعتاد على ذلك، يطير في مكان شاء ويدخل من اي حائط الى الناحية الاخرى، وظل هكذا لأيام الى ان جاءته فكرة ان يدخل منزل سلمى.
بالفعل قام بذلك فدخل الى منزلها ثم اخذ يتجول في المكان ثم ذهب الى غرفت نومها فوجدها نائمة فأخذ يتأملها لوقت، فلما احس انها سوف تستيقظ خاف من ان تشعر به او ترا فانطلق مسرعا ولكن يديه قد ارتطمت بالمنبه الذي فوق المنضدة فسقط ارضا ففزعت سلمى من ذلك.
....
استمرت الايام كما هي لا شيء جديد الا ان سلمى قد انشغلت عن محمود بعض اصدقائها، ولكن محمود افتقدها كثيرا وكان عندما يتصل بها تخبرها بأنها مشغول في كثير من الوقت.
وفي ذات ليلة صافية جوها هادئ قرر محمود ان يقضي الليلة بجوار سلمى وكانت لا تزال مستيقظة، فذهب اليها بجسده الاثيري فأخذ يتأملها وهي جالسة، وبعد ان طال الوقت لم يتمالك نفسه فهمس لها قائلا يكفى هذا القدر ونامي عزيزتي .
ما ان سمعت ذلك حتى فزعت وارتعبت وسكنت في ركنها مرتعشة فلما نظر اليها فزع هو الاخر فلمس ما فوق المنضدة فسقط على الارض فارتعبت اكثر وصرخت، فلما رأى فزعها حاول ان يهديه فتحدث اليها ثانيا فسكتت واستمعت في رعب ولم تصدق اذناها فقال لها:
محمود: ارجوك يا سلمى متقلقيش انا محمود انا مش عارف اجبلك الموضوع ازاي بس دا اللي حصل دي حالة غريبة بتجيلي ديما ومعرفش من ايه وازايه وخايف اقول لأي حد مش هيصدقني ومش عارف اتعالج ازاي منها انتي ممكن تساعديني.
كانت ترتعش رعبا وتبكي ثم قالت في ذهول ورعب وبصوت ممزوج بالبكاء انا مش فاهمها حاجه ابعد عني.
لم يجد محمود بدا من ان يتركها ويذهب ولكنه قال لها قبل ان يغادر المكان ابحثي عبر الانترنت عن الجسد الاثيري، ثم غادر وتركها غارقة في نوبات من الهلع والرعب.
....
ظلت سلمى داخل منزلها لأكثر من اسبوع لا تخرج ولا تتكلم مع احد ولا ترى احدا مما جعل محمود يقلق عليها ولكنه لا يستطيع ان يذهب عندهم فقرر ان يذهب مرة اخرى كما فعلا لكي يطمأن عليها.
وفي ذات ليلة كان البيت هادئ فلا احد ولا اصوات اخذ يتجول الى ان وجد سلمى في الصالة امام جهاز "اللاب توب" فقال لها ارجوك لا تقلقي يا سلمى انه انا.
فزعت لأول وهلة ثم تشجعت وقالت له:
سلمى: ارجوك سيبني في حالي ومتجيش هنا تاني ومتكلمنيش خالص اللي بينا انتهى تماما .
قالت ذلك وهي تبكي بشدة.
صدم محمود من كلامها ثم تركها وذهب بعد ان علم ان الكلام لن يفيد في ان يجعلها تفهمه.
لم تصدق سلمى كل ذلك وكل ما حدث وظنت ان ذلك ضربا من السحر وبأن محمود ساحر فقررت ان لا تقابله ثانيا.
......
انتكثت حالة محمود مرة اخرى ورجع الى الاكتئاب الذي كان عنده بعد ان قررت ان تتركه وازدادت حالته سوء بل تحطم نفسيا واخذ ذلك المرض يزداد اكثر واكثر ويتطور يوما بعد يوم، وكان محمود خائفا جدا من ان يذهب لطبيب نفسي لكي يتعالج مما به لكي لا يظن احد انه مجنون.
وذات ليلة كان محمود جالسا بالمنزل ويتصفح الانترنت فوجد صفحة باسم الاسقاط النجمي والجسد الاثيري فدخل عليها ومن ثم بعث طلب لصاحبها وبعدها لدقائق قُبل الطلب، ثم قام محمود بأرسال رسالة ترحيبية وبعد بضع ثوان جائه الترحيب.
ثم اخذ محمود في التواصل دائما مع الصفحة، يسأل ويتم الاجابة عليه ولكنه لا يدري من صاحب الصفحة، ولكنه كلما سأل في نقطة تحيره جائه الجواب شافيا.
ومن ثم ارسلت له الصفحة بعض الكتب التي لها علاقة بكل ما يخص الجسد الاسيري وكيفية السيطرة عليه والتحكم به والاسقاط النجمي وما علاقته به.
اخذ محمود تلك المعلومات في عين الاعتبار وقرر ان يعلما جيدا ويبحث عن مصادر اخرى تخص ذلك، بل وتعمق في الموضوع، ومن حسن الحظ انه كان في قسم علم النفس فبعد ان انتهى من الجامعة وتخرج اكمل تعليمه في الدراسات العليا فأنهى التمهيدي في الماجستير ثم حضر في الماجستير ثم الدكتوراه وكانت رسالته عن ذلك الموضوع الذي يخص ما مر به من حوادث وكان تحت عنوان " الجسد الاثيري والجسد المادي" ومن ثم نال درجة الدكتوراه بدرجة امتياز، وبعد ذلك قرر ان يسافر الى "روسيا" لكي يتعمق اكثر واكثر في ذلك المجال.
وبعد ان انهى دراسته ورحلته العلمية هناك اصبح من اكبر المحاضرين في روسيا في مجاله وحصل على عدة شهادات علمية توثق ما وصل اليه واصبح من المشهورين هناك.
ثم قرر محمود ان يعود الى بلده ويدرس ما وصل اليه بالجامعات المصرية ثم تناولته الصحف والجرائد واستقبلته وسائل الاعلام واصبح مشهورا جدا في الاوساط العلمية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي