المملكة

Yasminaaat`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-02-17ضع على الرف
  • 22.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

توهج

سقطت اشعة الشمس علي وجهها باعثة الحياة في روحها الباهتة ، تساؤلات عديدة و لكن الاجابة واحدة و هي الحرية فلأول مرة تجرب شعور تطاير الشعر بفعل نسمات الهواء و عينيها ترصد لاول مرة حركة الطير في السماء ، فسرب الحمام الابيض يتسارع خلف بعضه معطيا اشكال مبهجة و كأنه يشاركها فرحتها بلذة تحررها ، اخذت نفسا عميقا حاولت من خلاله ادخال اكبر قدر من الهواء داخل صدرها ثم همست بصوت مفتون
" ياإلهي ما كل هذا الجمال ، الحارسة كانت محقة في وصفها بل لم تعطي الامر حقه في المديح فقد كنت حقا اعيش في سلة مهملات مقارنة بجنة الخلد تلك "
قاطع انبهارها صوت صهيل حصان ثم احست بهواء شديد علي جانبها الايمن فالتفتت مسرعة و تفاجأت بعربة كادت ان تصطدم بها لولا انعطاف السائق في اللحظات الاخيرة
" ها انتي لم تكملي ساعتين و كدتي تتسببين في مقتلك "
ابتسمت باستهزاء محدثة نفسها ثم اكملت طريقها لتتمتع بمعالم تلك المدينة.
جذبتها رائحة مخبوذات شهية فذهبت لشراء البعض و لم تنسي كلام الحارسة و النصائح التي وجهتها لها
" سيدي من فضلك اريد قطعتين من الخبز و الجبن "
اردفت بتهذيب
" حسنا يا جميلة " اجاب مجاملا لها ثم التفت الي مساعده صائحا " قطعتين من الخبز الطازج يا جون و اياك و التأخير "
جلب جون الخبز و اعطاه لسيده الذي بدوره التفت معطيا اياه للواقفة امامه
" تفضلي يا جميلة "
" شكرا لك سيدي اريد انا اسألك سؤال اذا سمحت ، هل تبحث عن شخص يساعدك في العمل " تساءلت بتوتر ثم اطرقت نظرها للارض قليلا
نظر لها الرجل بقليل من الشك فهي تبدوا فاتنة الجمال لتبحث عن عمل في مخبزه المتواضع
" اعتذر منك لا يوجد مكان و لكن ربما اعرف أحد يستطيع ان يدبر لكي عمل ما ، ما اسمك يا جميلة ؟ "
" بيرلا سيدي "
" اسمك جميل ، بإمكانك المرور عليا غدا و سأجد لك عملا جيدا فيبدو عليك الطيبة "
ابتسمت بخجل " اشكرك سيدي ، سأمر عليك غدا وداعا "
و انصرفت سعيدة بعد ان قامت بالدفع مقابل الخبز رغم اصرار الرجل علي الرفض ، الان احست بقليل من الراحة بعد ان اخذت وعدا من الرجل الطيب بأن يساعدها في ايجاد فرصة عمل لها.
....

في مكان اخر يتشبع بالفخامة و القسوة سويا في حديقة تمتلئ بكل انواع الازهار التي تسحر القلب قبل العين يوجد قلب حزين كسر للتو لنصفين
" كفي عن البكاء يا كارمن سنجد حلا في تلك المصيبة لا تهلعي "
اجابها صوت خافت حزين مرتعش من الخوف " زيندا كيف تطلبين مني الهدوء و انتي علي علم بالمصير الاسود الذي سيحدث لي الان "
زيندا بمواساة " الملك لم يعلم حتي الان و هذا يعني انه هناك امل بتهريبك "
كارمن و قد بلغ منها الخوف اشده " انتي و انا نعلم ان الهرب من القصر الملكي هو درب من الخيال ، فبكل تلك الحراسة هنا لن تتمكن هرة من الهرب "
اطرقت زيندا رأسها و اخذت تفكر في طريقة لانقاذ صديقتها حتي صاحت " وجدتهاااا ، سنطلق اشاعة بأن احد الحرس قام بمضاجعتك و هذا سيجعل الملكة الام تأمر بترحيلك الي السجن و في طريقك الي هناك سيقوم ساري بتهريبك و لن يهتم احد بجارية قامت بالهرب "
حملقت كارمن بصديقتها غير مصدقة ما قالته " و لكن ماذا اذا امر الملك بقتلي ، سأكون هربت من الموت الي الموت "
زيندا بهدوء مقنع " كارمن بالله عليك منذ متي تقتل جارية لمضاجعتها حارس ، فهناك العديد من الجواري فعلن هذا و كان مصيرهم علي الاكثر هو النفي او السجن و لكن لم يسجل القصر حالة نجاة واحدة لجارية حملت من مالكها "
اغمضت كارمن عينها بألم ثم وضعت يدها علي بطنها و كأنها تستمد القوة من طفلها الذي ترجو ان يأتي لهذه الدنيا و ان تنعم معه بشعور العائلة الذي حرمت منه
" حسنا زيندا انا موافقة ، و لكن هل انتي واثقة من تلك الخطة و هل سيستطيع ساري تهريبي و يخاطر من اجلي "
تسائلت بحيرة مما دفع صديقتها للاجابة مسرعة " بالطبع سيقبل فهو يحبني و سيفعل اي شئ من اجلي ، كما انه لن يهتم احدا مثلما اخبرتك فنحن الجواري لا قيمة لنا عند اسيادنا "
مسحت كارمن بعض الدموع العالقة في عينها " حسنا زيندا ، كيف سنفعلها "
اردفت زيندا بثقة " لا تقلقي سأرتب كل شئ و سأخبرك في نهاية هذا الاسبوع ، و لحسن الحظ ان الملك لا يطلب جارية الي جناحه مرتين و بالتالي لن يكتشف احد حملك غيرنا "
ابتسمت كارمن " انت محقة زيندا فبالطبع لن يهتم احد لوجودي من عدمه "

....

صوته يقطع سكون القصر كالرعد" ماذا تعني بأن هناك هجوم قادم علينا من مملكة تركان ، كيف يجرؤ هذا اللقيط علي معاداتي "
ارتجف الوزير من الخوف ثم اردف محاولا تهدئة الملك " سيدي لا خوف علينا فنحن مجهزون لمواجهة الاف مؤلفة من الممالك و لن يخيفنا تركان و جيشه الهزيل "
" لست بحاجة لكلامك هذا يا وزير فوفره الان ، انا اعلم مقدار قوتي جيدا " صمت الملك برهة يفكر ثم هدر " اذهبوا الان و استعدوا للاجتماع غدا و اخبروا ماركوس بما حدث و اني اريده في اسرع وقت ممكن "
انصرف الوزير و باقي الحراس متعجبين من فوران الملك المبالغ فيه رغم ان تلك لم تكن اول مرة بتم مهاجمتهم فدائما مملكتهم كانت مقبرة الخونة و الاعداء
قطع شرود الملك صوت طرقات علي الباب
" ادخل "
" سيدي الملكة الام تريد مقابلتك "
" ادخلها "
دخلت الملكة و اعتلت الدهشة محياها حين رأت ابنها مضجع علي مكتبه غاضب و قد ابيضت يداه من شدة ضغطه عليها من الغضب
" ماذا حدث لكل هذا ، صوت صراخك يملئ القصر "
" لا شئ امي ، فقط معركة في الطريق و دماء علي وشك النزيف "
رفعت الملكة حاجبها الايسر باستهزاء و جلست علي التخت المقابل له ثم اردفت " و كل تلك الجلبة علي معركة نحن الطرف المنتصر فيها قبل ان تبدأ ؟ من تخدع يا سمو الملك بالطبع هناك شئ اخر "
حاول مقاومة غضبه و كتمه فكيف له ان يخبر والدته عن ان هناك جارية اثارته حد الجحيم لدرجة انه بريدها في فراشه مرة اخري و هو الذي لا يفعلها مرتين مع جارية واحدة و كم اغضبه هذا الامر
" لا شئ امي قلت لا شئ بإمكانك الذهاب الان فانا علي وشك التحدث الي ماركوس
استقامت من مكانها ثم غادرت الغرفة تاركتا اياه يصارع شياطينه .
....

قامت بيرلا باستأجار غرفة صغيرة تبيت بها ليلتها و هي الان في الصباح الباكر مستعدة للذهاب الي صاحب المخبز كلها امل في ان يجد لها وظيفة جيدة تستطيع من خلالها كسب قوت يومها فالاموال التي اعطتها لها الحارسة لن تستطيع النجاة بها سوي شهر علي اكثر تقدير ، هامت في الشوارع باحثة عن المخبز فهي سيئة في تذكر اماكن الطرق
" سيدتي اذا سمحتي ، هناك مخبز قريب من هنا هل بإمكانك ان تصفيه ليه ؟ "
سألت بيرلا احد المارة بعد ان فقدت الامل في العثور عليه بمفردها
" انه هناك في الشارع هذا جهة اليسار بعد الشجرة "
ابتسمت بيرلا لها بامتنان و اسرعت متبعة وصف السيدة حتي وصلت رائحة الخبز الشهي الي انفها فعلمت انها علي وشك الوصول و بالفعل شاهدت صاحب المخبز
" سيدي ، كيف حالك "
القت عليه التحية و هي تشعر بالخجل حيث انها نست ان تسأله عن اسمه البارحة
" انا بخير يا جميلة جيد لقد اتيتي في الوقت المحدد فكنت الان علي وشك اخبار السيد ايثان احد حراس القصر الملكي عن حاجتك لوظيفة و بالفعل اخبرني انهم بحاجة الي عدة ممرضات للذهاب مع الجيش في المعركة القادمة و لا تقلقي لن يكون هناك اي خطر فالفوز لجيشنا محقق "
فرحت كثيرا بما قاله فلا يهمها سلم او حرب فالمهم انها الان تستطيع اعالة نفسها
" حسنا سيدي انا موافقة اشكرك جدا جدا "
" العفو يا جميلة و بالمناسبة اسمي هو جوبتا "
اراد ازالة الحرجة عنها فاخبرها باسمه ثم نادي علي ايثان لتعريفه عليها
" هذا هي الفتاة التي اخبرتك عنها ايثان لتعمل كممرضة للجيش "
لاحظت نظرات المدعو ايثان المتفحصة مما اثار الريبة بداخلها قليلا و شعرت بعدم الارتياح
" لكن يا جوبتا انت تعرف ان القائد ماركوس صارم في اوامره و يجب ان تجيد التمريض و الا... "
سارعت بيرلا في مقاطعته " انا بالفعل اجيد التمريض سيدي و اجيد الطبخ ايضا و القيام باعمال التنظيف "
دعمها جوبتا " ارأيت يا ايثان هي مناسبة تماما "
تنهد ايثان ثم وافق " حسنا انا موافق ، بإمكانك تجهيز امتعتك و سأمر غدا لاخذك "
بيرلا باندفاع " حسنا سأجهز نفسي شكرا سيدي "
" عفوا "
ثم ودع ايثان بيرلا و سيد جوبتا تاركا اياها تحلم باحلام وردية عن المستقبل غير دارية ببحر الدماء الذي ستسبح فيه عن قريب .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي