الفصل الثالث

الفصل الثالث
من رواية/
ساكورا
(عشق بلال)
أسما السيد..
-----------
*تلك الندوب التي شوهت ارواحنا هي من صنعتنا، وصنعت هويتنا، انها ليست إلا روح تحدي، دبت بنا، وغيرتنا*

فجأه دارت الارض بها، وعادت تلك الذكريات المريرة تطفو علي ذهنها تباعاً..طفولتها الضائعه، يتمها، ووحدتها، وخوفها الدائم من أن يري أحد بهاقها وعيوب جسدها، وإخفاءها قدميها ويديها دوماً بتلك القفازات اللعينه، حتي لا تتأذي عيون الجميع كما كانت تخبرها زوجة أبيها وشقيقتها ...
نزلت دموعها تباعاً، وكالعاده كفكفتها سريعاً حتي لا يراها أحد غيرها، فينظروا لها بنظرات الشفقة
تلك النظرات التي تقتلها..
تقتلها بلا رحمه، وتقتل روحها، الا يكفي سهام نظراتهم المستنكرة التي يطلقونها عليها من ارتداءها لتلك القفازات اللعينه على الرغم من حرارة الجو المرتفعه…

الا يكفي سخرية شقيقتها من ارتداء الجوارب حتي بالمنزل، في منتصف اغسطس…

كم عانت، وتعاني، وكم يؤلمها قلبها لوجود أخري بالحياه تشبهها، ليتها تستطيع محو ذلك المرض من جسدها، وكانت ستهرول لتفعل، انها صغيره...صغيره جدا جدا...

إمتدت يد حنونه، كصاحبتها لتربت علي ظهرها وكأنها
شعرت بها وتخبرها اهدئي أنا هنا....

ـ بيلسان حبيبتي، مالك ؟....أنتِ بخير...كويسه، مالك بتترعشي ليه..
كان هذا صوت مها الملهوف عليها
قبل أن ترفع وجهها، وتبتسم لها بهدوء..

ـ انا بخير يا مها
_ بجد…
_ اه والله بخير..متقلقيش
_ صعبت عليكي البنت مش كده…
_ قطعت قلبي ...فكرتني بنفسي وانا في عمرها..
_ بس انت قويه يابييلسان...وأنا فخورة بيكي.. جدا جدا
احتضنتها مها بحب..كانت شارده كعادتها فتنهدت مها، ورمقتها بحنو…
_ كل حاجه هتكون تمام..انا متأكده..

نظرت لها بيلسان بامتنان..

لسنوات ظلت من دون صحبه، الا ان قرر القدر أخيرا انتشالها من الوحدة بعدما تركها الجميع، حتي هو ، لقد كانت بالماضي تكتفي به (بلال).. أما الآن تحمد الله أن لها أحدا تتعكز عليه…
_ مها انا بحبك اوي..
_ وانا اكتر بقي ...جدا والله العظيم..يالا استعدي خلاص أخيرا دورنا جه، وهندخل …

أومأت بيلسان برأسها، وإستقامت لتقف بجانبها أمام ذاك الفاصل بينها وبين بدايتها الجديدة..
بين حلمها الضائع وخطوه تأخرت عنها كثيراً…
قبل أن تستدير لتنظر لمها..
مردفه بحماس .
_ مها…
_ نعم..
_ عاوزه اشتغل في مقر الشركة معاكي..
_ بتهزري…
_ لا طبعا ..
_ بيلسان بتكلمي جد...؟
_ جد الجد كمان...عاوزه اتغير ياصديقتي..
قهقهت مها فجأة، جذبت عيون ذاك الذي دلف للعياده بالخطأ..
_ انت يابت هتجنيني ؟
_ ليه
_ عشان انا ياما انتخابات عليكي ...ايه حصل يعني، انت مش عارفه اصلا المدير معجب بشطارتك ازاي؟؟
_ بجد .
_ طبعا...أنا عمري كدبت عليكي
صمتت قليلا قبل أن تهتف..
_ موافقه...كلمي المدير..
_ بت مفيش راجعه صح..
_ لا مفيش...خلاص …
_ ومفيش….
أشارت علي قفازاتها..
قبل أن تتلبك، مردفه..
_ لا دول مش عارفه..تفتكري ممكن اقدر…
_ هتقدري يا بيلسان..هتقدري..
هتفت مها بثقه، قبل أن
يفُتح الباب، والممرضه تطلب منها الدخول للطبيب..

ودعتها مها ببسمة ، وبكلمات محفزة دب فيها روح التحدي..

ـ خليكي قويه ..انت تقدري تتخطي المستحيل..الدنيا بحالها تقدري بضحكه من قلبك، تحطيها تحت رجلك ..

_ بحبك..
هتفت بيلسان بتلك الكلمه بصدق نابع من قلبها
وابتسامه عرفت طريق شفتيها..ومها تخبرها بسعاده..
_ مش اكتر مني يابنتي…

أغلقت بيلسان باب الطبيب، وهي تستنشق اكبر قدر من الهواء..

دلفت لداخل حجرة الطبيب بالكاد تجر قدميها المرتجفتين، تجرأت ورفعت رأسها بإتجاه الطبيب الذي أومأ لها بتحية مهذبة.وبسمه لطيفه اثرت بها حقاً..

وأهدته أخرى مثلها، وهو يشير لها علي ذاك الشازلونج أمامه....
_ ايه رأيك تقعدي هنا..
_ مفيش مانع…
سؤال لطيف، واجابته كانت الطف..
قبل أن تستقر علي الشيزبلونج بخجل..
فجأة..
تسلل لها ذاك الشعور بالأمان تلقائياً، وهي ترى إبتسامة الطبيب الذي غزا الشيب شعره، وأعلنت خطوط العمر غزوها علي وجهه، ولم يعد يزين محياة إلا تلك الابتسامه الرائعه الذي يهديها لمرضاه..
انها حقا تجربه لو لم استفد منها، ستظل معلقه بذهنها للابد..
لقد غيرت فكرتها تماما تلك الزياره عن أطباء العلاج النفسي..
_ خايفه؟
_ شويه..؟
_ طب ليه ؟
_ يمكن لأن دي اول مره؟
_ بصي في وشي كويس..لو مش مرتاح ليا تقدري تمشي..
_ بس انا مرتحتش من ساعه ما دخلت العياده دي غير دلوقتي..
_ يبقي نكمل..
قالها بابتسامه رائعه..جعلتها تفكر أن هذا الطبيب لن يكون مروره بحياتها مرورا عاديا.

إبتسامة نقية من الطبيب، تبعها بعدها بحديث ودود، مشبع بسيل من الأسئلة منه لها، فلم تعد تُفرق بين حديثه البسيط وتساؤلاته..الطبيعيه كطبيب..
التي بدت عن تاريخها المرضي ومنذ بدأ غزو (البهاق) علي جسدها..
أفضت بالكثير من مكنونات صدرها تباعاً، ولم تشعر
برغبة بالتوقف..
ألا أنها فوجأت به يخبرها بإبتسامه..

ـ شكلك حبيتي القاعده عالشيزلونج..وانا عندي مرضي كتير يابيلسان..
_ محستش بالوقت...معقول؟؟
_ دا حاجه تتحسبلي..
_ انا عمري ما حبيت القاعده عند دكتور قد انهارده .
الظاهر أنه حوارا اعتياديا هو اعتاده من كل مريض يدخل عنده..لكنه لم يكن طبيعيا ابدا لها..
أنه انجازا حقيقياً لخطواتها القادمة..


استقامت بينما عاود الطبيب الجلوس علي مقعده
وقبل أن يتحدث باغتته هي بهجوم..جعله يبتسم..

ـ اوعي بقي تشرحلي حالتي والكلام ده ..
لاني عارفاها وحفظاها صم .

_ حاضر…
قالها بابتسامه، جعلتها تعض شفتيها ندماً..
قبل أن تبرر..
_في الحقيقه من كتر ما جدتي مخلتش دكتور الا وودتني ليه، بقيت حافظه كل شيء عن مرضي، وصفات الاطباق وحتي اسامي الادويه…
يعني تقدر تقول بقيت خبره .

تعرف ان حتي وصفات العطارين كلها جابتها..
_ دا لأنها بتحبك فعلا، وعاوزه تساعدك يابيلسان..
_ انا كمان بحبها جدا...مليش غيرها في الدنيا…
_ تمام …
_ تمام..
رددت خلفه بتوتر حقيقي، وهو ينظر لها مليا..
قبل أن يردف بنفس الهدوء..
_ ايه السبب الرئيسي اللي خلاكي تزوير طبيب نفسي لأول مرة..؟
كانت تتوقع قبل دلوفها أن هذا اول سؤال سيسأله لها..لكنها تفاجأت تماماً بإعفائها من السؤال هذا، ليباغتها الان، بسؤاله نفسه . ..
عضت شفتيها..وهتفت بتصميم .

_ عاوزه أتجاوز تعبي، عاوزه اعرف ازاي اكون قويه وارد علي اللي بيأذيني بكلامه...هو دا صعب يادكتور..أن يكون نفسي اكون كده فعلا؟
_ لا طبعاً..
_ اومال ايه مش عارفه اعمل كده..انا نفسي اخد حقي من عين الكل
_ تكوني بجحه زي ما بيقولوا يعني..
لمعت عيناها ببريق خاص..
_ ايوا هو كده فعلا..
_ بس احنا كده مش بنساعد نفسنا يابيلسان..
احنا بنودي نفسنا لعالم مش بتاعها..
_ ازاي؟
_ المفروض اجاوبك دلوقتي، بس انا هأجلها شويه..احنا ليه في البدايه واكيد مش هنقف علي جلسه واحده .
عاود الطبيب رسم إبتسامته التي تريح النفس على وجهه وهتف بتروٍ…
ودلوقتي ميعاد الوصفه السحريه..الي هندونها في الروشته..
امتعض وجهها، قبل أن يبتسم الطبيب مردفاً..
_ ينفع تكوني عندي ومتاخديش روشته، دا عيبه في حقي والله..
ضحكت بسعاده علي مزحة الطبيب، حقا مقابلته اجمل مقابله ظنت السوء فيها بحياتها.

ودلوقتي ياستي..هنكتب الوصفه.
انتبهت له، ونظرت له ولما يفعله..
_ مش هقولك زي ماغيري ولا هكتب لسته علاج ولا ادويه ملهاش لازمه، تتحط عالرف في اوضتك..
بس هكتبلك حاجه...واحده..
_ ايه هي؟
سألته بفضول حقيقي .أنه بدون كل ما يقوله لها الان..
_ حبي نفسك يابيلسان ..لأنها تستاهل تتحب..
اتسعت عيناها بصدمه، قبل أن تهمس..
_ انت عرفت منين...؟
_ عرفت ايه ؟
_ اني مش بحب نفسي؟؟
_ يمكن لاني دكتور مثلا …
كادت تضحك علي ضحكه عليها

ـ أكمل وهو ينظر لقفازاتها بمغزى…
الفصل الرابع
من روايه/
ساكورا(عشقت بلال)
أسماالسيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ إبدأي بتغيير نفسك الاول.ثقِ بنفسك وأنكِ قادرة..علي كل حاجه في الدنيا..

شيلي قفازات قلبك قبل ايديكي خليه يرجع يدق زي الاول..وإبتسمِ بوش كل الناس حتي لو مسيء ليكِ
ودا مش ضعف، ولا قلة حيله لا…
دا لنفسك...نفسك تستحق انها اقوي حد في الدنيا..وأنها تقدر تصنع من الالم فرحه حلوه..

هتفت بيلسان بدهشة..

ـ بس كده؟!

الطبيب بإبتسامه..

ـ بس كده ياستي، وخليكي فاكره…

أن الله لن يغير ما بقومٍ حتي يغيروا ما بأنفسهم يا بيلسان..

هتفت بشرود وهي تتذكر كلمات كهذه…

ـ كان بيقولي علطول كده ..

ـ هو مين؟
ـ بلال..
ـ مين بلال؟
ـ إبن خالي…

ـ وهو فين دلوقتي ..؟
ـ يابني ومشي من زمان
ـ وحشك ...
ـ أوووي

أومأ الطبيب بإبتسامه وهو يكتب شيئاً ما بأجندته..

قبل أن ينهي الجلسة علي وعد باللقاء قريباً..
وقبل أن تدلف لخارج الغرفة، توقفت ونظرت للطبيب قليلاً بتوتر..
ضيق الطبيب بين حاجبيه، مردفاً بإبتسامة..وهو ينظر ليدها التي تمسك بها قفازاتها

ـ اعملي كده ومتترديش ثانيه...انتِ اقوي من كل التفاهات دي...انت حلوه يابنتي .

لا تعلم لما نسبها له، وهو أيضا لا يعلم لما أراد أن يشعرها انها مهمه..تلك الفتاه تشبه احداهن، احداهن منذ القدم...كانت كأنها قطعه منها…

ـ بس أنا خايفة.
ـ من ايه..؟
ـ من نظرات الشفقة، وتنمرهم علي شكلي

ـ مش هيحصل، وان حصل فرضاً..
اقفي بكبرياء ودافعي عن نفسك...قوليلهم…

( إن عيوب الجسد من الممكن إصلاحها بينما عيوب القلوب لا تفنى إلا بزوالنا..)

خليكي حرة نفسك.. متمردة..ومتخافيش من حد ابدا ابدا إلا رب العباد
دبت روح التحدي بجسدها، ورسمت بسمة راضية علي شفتيها، وخلعت قفازتها سريعاً، وألقتها بتلك السلة بجوارها، و غادرت وهي تؤكد لنفسها أنها قوية، قادرة..
ولا أحد له حق أن يتنمر عليها..
فهي بالفعل..جميلة ببهاقها..

عادت من شرودها بتلك المقابله بصدر مختنق، تريد البكاء لقدر رحل وقت التماسك والان هي بحاجه للبكاء بنحيب حقا...

إرتفع صوت بكاءها غصباً عنها وهي تشعر بانها علي مقربه من إنتكاس حتمي بعد تلك المسافه التي قطعتها علي
ولم تعد تسيطر علي ذاك الحنين بقلبها له، وياليته هنا، ولم يرحل أبداً...
ــــــــــــــ
ـ وبعدين معاك يابلال البنت صعبانه عليا اوي؟
هتف بتلك الكلمات صديق الغربه رياض لبلال الذي يسكن معه شقه واحده منذ سنوات
سنوات مرت عليه وهو يكافح لينسي رحيلها وزواجها التي كسرته به، بالحقيقه هي لم تكسره فقط بل دمرته كليا فما عاد يري الحب الا وهما كبيرا..ورغم ذلك هو لا يكرها بل يعشقها حد الهيام..بل تخطي الهيام..
لقد اخذ الدكتوراه بالهندسه الزراعيه منذ سنوات ويشغل وظيفه مرموقه انه قادر علي العوده منذ سنوات لكن جلي ما يخشاه ان عودته للبلاد قد تعيد نفس الهوس القديم بها، فيبحث عنها بكل شبر ولا يهدأ الا ان اصبحت ملك له
كلما تذكر ان الان من المحتمل انها تملك من الاطفال عدد ماحلموا به، وتفترش ذراع رجل غيره يجن..ما ذنبه ان كانت عيناه قد فتحت علي عشقها..لم جازته بتلك الطريق لما لم تتحدي الكون كما فعل هو..
شرد بذكري وعدها له بالماضي
منذ اكثر من تسع سنوات وهو بزياره لها بعدما هاتفها واخبرته انها تشعر انها وحيده هنا وتريد البكاء ولم يكن عليه الا ان قطع المسافه من اقصي الشرق اليها بالاسكندريه
انتظرها بعيدا عن الحي التي تقطن به مع والدها وجدتها حتي لا تراه تلك الحيه زوجة ابيها وابنتها ويتسبب لها بالمشاكل كالعاده
ظل لساعه يترقب الطريق حتي ظهرت امامه اخيرا باعين منتفخه ووجه لا يفسر

سارت للامام قليللا...وسار خلفها حتي استطاع اللحاق به..
ـ ساكورتي …
شهقت بصدمه وهي تنظر له..لم تصدق انه هنا اخيرا
ـ بلال..انت هنا
ـ اومال هناك.. يالا تعالي
ـ هنروح فين..استني لحد يشوفنا
ـ متخافيش شوفتهم من بدري ماشين
ابتسمت بحب
ـ انت هنا من امتي؟
هتف بغلب
ـ من صلاة الفجر وحياتك
ـ ليه عملت كده...؟
ـ عملت ايه؟
ـ جيت بدري كده ..قولتلك الطريق وحش متسافرش بالليل
نظر له مردفا بسخط
ـ؟ وانا اعمل ايه اذا كان كل مشاكل ساكورتي مابتحلش غير ليلا ياقلب بلال
نظرت له مليا بحزن..قبل ان تخفض راسها بوجع ويعاود وهو رفعه لها مردفا بحنو..
ـ ممكن اعرف ايه بقي في الدنيا دي يستاهل دموعك تنزل عليه..ويبقي شكلك كده
ـ بلال انا..
ـ انت ايه بس ياقلب بلال..مالك ..
عاودت البكاء بصمت قبل ان يمسك يدها بقوه..
ويسحبها خلفه..
ـ هنروح فين؟
ـ عند البحر بتاعنا
هتف بكلماته بحماس...قبل ان تبتسم هي غصبا عنها وةتمسح دموعها بكف يدها كالاطفال
انتبهت لنظرته لقفازاتها وسحقت شفتيها، قبل ان يقترب وبكل بساطه يخلعهم عنها ويلقيها ارضا ويسير وكان شيء لم يحدث
ـ ساكورا
ـ نعم يابلال..
ـ اوعي تقللي من نفسك..انت اجمل واحده اصلا في عنيا..
كان قد سار لبض ع خطوات وناداها وهتف بها بكل ثقه بتلك الكلمات
الحياه بجانبها لها لون وطعم خاص..والعيش بدونها كان اشبه بانسان اصدرت له شهاده وفاه وهو علي قيد الحياه
ـ يالا بقي ياستي انطلقي وقوليلي..
هتف بها بعشق وهو يضع اخر لقمه من الساندوتش الخاص بها بفمها، وهم يتوارون خلف ذلك المركب القديم بعيدا باحدي الموانيء البعيده نسبيا..
نظرت له بحزن وهي تبتلع طعامها بصعوبه
ـ مفيش اتخنقت مع بابا كالعاده..
ـ ليه؟
باغتها بسؤاله الحاد
قبل ان يصرخ بغضب وقد وقعت عينه علي عنق رقبتها بالصدفه
ـ ضربك…
ـ بلال اهدي..
ـ لحد امتي هتفضلي خايفه قولتلك هخلي جدي يرفع قضيه وكده كده هنكسبها وتفضلي معانا في البلد لحد السن القانوني..قولتلك كام مره متبقيش ضعيفه..تعرفي لو كان حد تاني غير ابوكي والله كنت قتلته
ـ بلال اهدي عشان خاطري...انت عارف اني استحاله اسيب تيته دي محتجالي اكتر من اي حد فيس الدنيا اكتر ماانا مامحتجاله
ـ بس ستك عمرها ماحاشته عنك
ـ مين قالك..تيته فضلت تصوت وتعيط لحد ماجالها ازمة صدرها..تيته مقصرتش في حقي..متظلمهاش يابلال
نظر لها وهو يلتقط انفاسه الهادره بصعوبه..ستجننه تلك المجنونه لا محال...
لما لا تطاوعه فقط لتنجو من ذاك الوحل وتبقي تحت عينه
ـ بلالي
ـ متضحكيش عليا ياساكورا بكلامك


ـ اهدي عشان خاطري
ـ هحاول..بس موعدكيش
_ انا مبسوطه أوي أوي..
_ مش اكتر مني..
_ طب ايه ؟
قالتها بخبث...قبل أن تخلع نعليها، وتلقي بحقيبتها، وهو فقط ينظر لها بصدمه...وهي تتحرر مما يقيدها..
_ اوعي تعمليها أولع فيكي هنا..
_ طب وحياتي عندك .
_ قولت مفيش نزول مايه يعني مفيش نزول..
نظرت له بسخط، قبل أن تهمس بخبث مجدداً..
_ عرفت بقي انك زيهم هو انت مكسوف من رجلي وايديا..ووو
_ اقسم بالله يابيلسان لو كملتي لأكون سايبك وماشي..
_ طب خلاص مش عاوزه اوف..
_ أنتِ بتتأففي في وشي كمان .
_ انا عاوزه انزل المايه يابلال…
_ وانا قولت لا…
_ طب لا ليه ..مش انت هتنزل معايا.
_ لا يابيلسان اخر مره صممتي سيبتك ومشيت..عاوزاني امشي يعني …
_ طيب ليه يابلال مفيش حد هنا اهو..
_ هو المسألة في الناس انت عارفه اني ميهمنيش حد في الدنيا خلقه ربنا ..
_ اوف اومال ايه..؟
اقترب منها ماان لاحظ حزنها الظاهر .
_ اللي يهمني انت يابيلسان...انت حاجه غاليه اوي عندي ..اوي لدرجة اني بخاف أغضب ربنا فيكي ليقف يحرمني منك ..
_ للدرجه دي...هو نزولي المائه غضب من ربنا..
_ مش هتفهمي..يبقي هسكت أما تكبري هقولك .
_ لا قولي دلوقتي…
_ وهتقتنعي يعني .تفتكري..؟
_ انت عارف ان كل كلامك بيقنعني
نظر لها بشك، من سهوله حديثها..
_ طيب هقولك...هو انتي لما تنزلي المائه دلوقتي، مش هدومك هتتغرق وملامح جسمك هتظهر من تحتها.
كان يحاول تبسيط كلماته حتي لا يخجلها، كان مصدر معلوماتها الوحيد، وهو يعلم ذلك ...كان يخشي عليها من الذلل وهي ليست معه ..
_ لو نزلتي المايه جسمك هيئات .وانا مش حلالك...مش هقدر اغض بصري، ويمكن الشيطان يلعب بيا ويصورلي أشياء مينفعش افكر فيها وانت مش ليا..مش حلالي .
_ خلاص يابلال...فهمت..
قاطعته بخجل..جعله يبتسم عليها...وعلي خجلها..
_ احمدك يارب.. انك فهمتي..
نظرت له بسخط .قبل أن يشاكسها..
_ طب اوعديني يالا..
_ بإيه تاني...؟
_ تحافظيلي علي نفسك من عيون الناس لحد ما تكوني ليا..
كل معلومه كان يعطيها لها، كان يتبعها بوعد..الا تفعل ما يؤذي روحه قبل روحها لو كانت الوعود تنسي فكيف لم ينسي هو..
_ بلال...
_ نعم ياساكورتي .
_ لاااا..داانت كل مادا وحالتك بتزيد سوء، مش معقول كده..
انتفض علي صوت رياض صديقه، قبل أن يدفن وجهه بين يديه
ـ مش قادر يارياض...مش قادر وعهد الله ماقادر..
_ يبقي انزل بلدك..ودور عليها بنفسك..
_ بعد مااتجوزتك..
_ وانت ليه متأكد. كده يابني...انت اصلا بتكلم اهلك انت مقاطعهم من يوم الحكايه دي ..
يابلال دا قدر ونصيب ولو انا منك انسي، واتجوز ليزا دي بتموت فيك .
_ انت بتقول ايه ..انسي انت...اوعي من وشي ال ليزا ال…
_ الله يخربيتك انت بتطلع فجأة كده ليه...يابني ادم البنت ناقص تنزل علي ركبها وتقولك والنبي اتجوزني..
_ طب وده اعمل فيه ايه
أشار علي قلبه، قبل أن يهتف رياض بسخط .
_ اهو قلبك ده اللي جايبك ورا..خليك انت كده ضيع عمرك سنه ورا سنه..
_ مش بإيدي ياصاحبي ماانت عارف…
_ عارف يااخويا..عارف.
__________

ـ ياماما مش هينفع..
قالتها ريهام شقيقة بيلسان من والدها بارتباك .قبل أن تهتف والدتها بغضب..
_ يعني ايه مش هينفع دا عاشر واحد ترفضيه، في ايه بقي..
قدامك اسبوع هيكون الولد نزل من برا...فكري براحتك. .
_ حاضر ياماما..اوف..
_ ال مش عاوزه ال...شمتي فينا بقي المبقعه وستك
_________
إنتفضت جدتها حليمه ذات السبعون عاماً بالخارج من مكانها بعدما وصل لها صوت شهقاتها، سارت ببطيء ووهن متكئة على الحائط بجانبها بإتجاه غرفة إبنة ولدها، لقد شاخت وشاخ كل شيء بها، تنتظر الموت بأي لحظه، وأكثر ما يؤلمها هو ترك حفيدتها وحيدة هكذا لا أب يشفع ولا شقيقه تنفع..
ولا أم تحنو عليها..

حفيدتها بيلسان ذات الثالث و العشرون عاماً، جميلة ويشهد الجميع على أخلاقها..ولدت لأب كان عاشقاً لوالدتها، ولا تعلم كيف تحول هكذا لظالم ومتجبر منذ تزوج بتلك الحية التي كانت جارة لهم، وصديقة مقربة لزوجة ابنها الراحلة (ابتسام) والدة بيلسان، إستغلت تلك الحية مشاكل إنجابها وتسللت له وأقنعته بحبها، وأنها هي من ستنجب له، بعدما عانى سنوات من قلة الإنجاب، لم تشك ابتسام بهم يوماً، ولكن أتتها الضربة فجأة، وهما يدلفان معاً يداً بيد، ويخبرونها أنهم تزوجا..

كم بكت ابتسام، وكم عانت بعدها، ولكنها آثرت الصمت وأغلقت علي نفسها، وكأنها كانت تشعر بأنها النهاية..

حملت أميمه سريعاً، وأنجبت ريهام شقيقة بيلسان الكبري، ولم تنفك يوماً ببخ السم بأذن شمس الدين زوجها عن إبتسام.. إلا أن شاء القدر فجأة، وتفاجئوا بحمل ابتسام.. وكأن الله أراد أن يراضيها علي صبرها وعدم جذعها على قدره..
ولكن كان للقدر دوماً كلمة أخري....وهو يغلق صحيفة ابتسام وتموت من ضعفها وتعبها النفسي وهي تلد بيلسان قبل موعدها..

أصر جدها لوالدتها أن يأخذ بيلسان لتتربي بينهم، ووافق شمس الدين مرحباً تحت عجب الجميع من أفعالة تجاهها، عاشت بين عائلة جدها حتي عمر العاشره إلى أن عاود فجأة المطالبه بها، بإستماته، حينها لم تجد مفر من التدخل والمطالبه بها لأخذها لتعيش معها بحجة أن تؤنسها وتخدمها، علي مضض من والدها الذي لا تعرف كيف تغير هكذا…

بالبداية كانوا يعيشون جميعاً ب شقه واحده، ولمرضها كانت تستغل أميمه زوجة أبيها الموقف وتتفنن بإيذاء بيلسان نفسياً وجسدياً، حتى هاجمها المرض وأنتشر بمعظم جسدها..
علم جدها وعاود ليأخذ بيلسان لعلاجها.. ولكن قلبها كان قد تعلق بها ولكن لمصلحة حفيدتها وافقت بأن يأخذها، فإبنها كان مصراً علي إهمال مرضها...

ولكن تلك الحيه، خشت أن تُعالج بيلسان وتعود أجمل من إبنتها، فقررت بخ سمها بأذن بشمس الدين ليتركها ..
وبالفعل كان لها ما خططت.. جن جنون شمس الدين وهدد الجد بالإبلاغ عنه إن لم يتركها. تدخل العديد لإقناعه ولكن لم يقتنع ولم يقبل ببقاء بيلسان مع جدها..

ولكن الجده كانت اكتفت من أفعالهم، فقررت تجهيز الدور الأول بالمنزل والانفصال عنهما.. حاولت أميمه أن تبخ سمها بأذن شمس مجدداً، ولكن الجده هددته بتقدم بلاغ عنه وعن ما تفعله زوجته بإبنته، بغيابة وأمامة أيضا، وستشهد ضدهم.. فتركهم وشأنهم علي مضض..

دلفت جدتها للداخل، وهي تهتف ببكاء كبكاء حفيدتها من عودة الذكريات المؤلمه التي عايشوها معا علي ذهنها…

ـ لأمتي ياقلب ستك ، هتفضلي تبكي كده، وتحرقي قلبي لا انت اول ولا اخر واحده يحصل فيها كده، يااما بنات انكتب كتابهم وأطلقوا عادي يعني..

رفعت بيلسان وجهها الذي يحكي ألف قصة من الألم والخزي، وهتفت بحده..

ـ بس انا مش بعيد علشان كده ياتيته، انا بهيك علي حالي وعلي وجعي، ووحدتي ، واللي بابا مصره يعمله تاني..ويجوزني، لاي حد وخلاص…
مسمعتيش قال ايه؟؟
ولا مراته قالت ايه...وهي بتقوله مين هيرضي بيها يعني…


ـ سمعت يا بنتي ولكن ما باليد حيلة.. ربنا ينتقم منها، ويبعتلك عوض غالي يعوضك..
_ ياتيته انا مش عاوزه حاجه خلاص..انا زي ماقلتلك قررت انزل اشتغل في الشركه .
_ وانا قولتلك أن هو ده الصح ..وانا هدعمك بكل قلبي يابنت قلبي..
_ بجد ياتيته..
_ بجد ياقلب نيته..
_ طب وبابا…
_ أبوكي ده سيبيه ليا..هو أنا هغلب يابيلسان ..
_ ايوا بقي ياتيته ياجامده..
_ قلب تيته انتِ..المهم اوعي اشوفك بتبكي تاني...فاهمه..
وبعدين بقي انا يابت اقعد شهر تتحايل علي أبوكي عشان الدكتور النفسي وانتي ماروحيش..بعد المره الاولانيه .
_ لا ياتيته اوعدك اتابع تاني..بس في الخباثه كده..
_ شاطره يابت طالعه لستك..
ربنا يصلح حالك ويبعد عنك شر ايهاب وخالته .

هتفت بيلسان بحزن..

ـ ربنا ينتقم منه، أنتِ عارفه كام مره عايرني بتعبي وقله حب بابا ليا…
ولا علي هدومي الطويله الواسعه…

_ هه مش وش تربيه يابنتي..واخد علي اللحم الرخيص...خليكي انت كده زي ماانت ورده غاليه، مايقطفها إلا صاحب نصيبها...

_ تفتكري هيبقي لي نصيبي في الجواز ..انا اصلا استحاله اعملها تاني..خلاص ..لو قطعني مش هعملها..
أقتربت حليمة منها، ومدت يدها تمسد ظهرها بحنان، فلم تقاوم بيلسان حنو يديها، وإرتمت بأحضانها تبكِ بقوه…

ـ قولي لابنك يأتيه يرحمني، هو أنا مش بنته، ليه بيكرهني كده…

قولي له يعتقني بالله عليكي لوجه الله مش عاوزه اتجوز تاني ابدا…ليه بيعايرني لمرضي ياتيته ليه..ليه انا اللي مريضه كده .

حليمة ببكاء..وهي تمسح دموعها بكف يدها..

ـ استغفري الله ياقلب ستك ، واستعيذي من الشيطان ربنا عمره مابيجيب حاجه وحشه…
المرض مش ذنب المرض ابتلاء هو أنا مش حكتلك علي صبر ايوب .
_ ايوه .
_ طب ليه منصبرش شكله …
_ ايوب كان نبي ياتيته..
_ قبل مايكون نبي كان بشر ياقلب ستك وربنا اختيره عشان يكون عبره وعظة لبني جنسه ..


( الأنبياء - الآية 83
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
_ استغفر الله العظيم..
___________
الفصل الخامس ..
من رواية/
ساكورا..عشق بلال
أسما السيد..
________
أنت ﻻ تعلم إلى أي درجة الله رحيم بك ، لا تعلم كيف يسخر لك الأشخاص ، الأحداث ، والمفاجات ، لا تعلم كيف يصرف عنك ما تحب لشر لا تعلمه ، وكيف يقرب لك ما تكره لخير ﻻ تعلمه ، الله أكبر من أوجاعك التي لم يلتفت لها أحد ، فلا تقلق ولا تحزن إنّ الله على كل شيء قدير.
_مقتبس
إبتعدت بيلسان عن أحضان جدتها، واستقامت لتقف أمام مرآتها، وهي تخلع حجابها الذي يغطي عنقها..وظهرها بالكامل..
نظرت لعنقها الذي يملأه البقع البيضاء بحسره، وجع لما آلت إليه حياته ..
ورفعت اكملها لتظهر يديها التي تلونت بأكملها باللون الابيض..وشرعت بالبكاء..
_
ـ جمال ايه ياستي اللي بتقولي عليه بس وجسمي كله بقي بقع بيضه..
ومين ده اللي ممكن يفكر يتجوز واحده زيي، جسمها مشوه بالمنظر ده
تذكرت كلمات زوجة أبيها
وهي تخبرها …
( أنتِ شايفه نفسك علي ايه...انت اخرك واحد مبقع زيك ولا واحد مشوه عشان يرضوا بحالتك ..انما ابن اختي خساره فيكي، بطلي تتبغددي علي النعمه )
بكت بحرقه ...الجميع يعتبرها عاله عليهم .
يعاقبوها علي مالا ذنب لها به ..
كل احلامها الورديه تبخرت برحيله .
كان هو عالمها الوردي ...اللعنه عليه .
همست بنفسها...
_ عمري ما هسامحك يابلال...عيشتني في الاحلام .طلعتني السما، وفي الاخر ..نزلتني للأرض متكسره..

انتبهت علي يد جدتها التي ربتت علي ظهرها بحنو..
_ صدقيني في نصيب ومتشال ليكي ...هيجيلك..انت اجمل واحلى واحده يابيلسان...ثقي بنفسك ..
نظرت بيلسان لجظتها، وهتفت بسخريه .
_ حلوه ..ازاي ياتيته...أنتِ مش شايفه شوفي بنفسك .جسمي .
ياتيته انا مريضه بهاق، لازم ارضي بنفسي وبحالي…
اللي زيي لا ليه في الجواز ولا الخلفه أنا لازم اسستم حياتي علي أن مفيش حد غيري فيها انا وأنتِ..
_ ليه كده يابنتي متوجعيش قلبي...انا مش هعيش العمر ليكِ يابيلسان..
هتفت جدتها ببكاء وحسره علي ابنة ابنها...أكثر ما يؤلمها هو تركها وحيده هنا مع زوجة اب لا ترحم واب لا تعرف الرحمه لقلبه طريق..
_ تيته أنتِ بتبكي...هتخليني ابكي انا كمان والنعمه .
_ بس يابت اتلمي...تعيطي دا ايه .انا اعيط انا واروح في داهيه ..انا كبرت وعجزت خلاص..انت عيونك دي تضحك بس
قالت جدتها بتلك الكلمات وهي تلكذ حفيدتها بكوعها..
لتبتسم بيلسان بصخب عليها..
لتقر بينها وبين نفسها للمره الالف، أن جدتها والباقي تعوضه الايام...الجميع من حولها يرحل..الا هي .باقيه دوماً..اي حزن بقلبها يرحل ببسمه واحده من شفتيها..
_ بحبك ياتيته والنعمه..
_ المهم قوليلي هتقنعي ابنك ازاي...؟
نظرت جدتها لها بنصف عين، قبل أن تكفكف دموعها بطرف جلبابها..
وتهتف بحماس..
_ سيبها عليها أنتِ عارفه ستك أما تحط موضوع في دماغها..
_ ياسلام عليك ِ ياستي بقي..
بحبك ياقادره عالتحدي .
_ طب قومي ياختي عاوزين نفطر …
اتلحلحي شويه .
_ الله مالك ياتيته بس مكنتي حلوه..
_ طب ماانا حلوه ياحيلتها.. قومي يابت انا هسبقك علي برا…
ابتسمت بيلسان علي جدتها التي رحلت علي الفور..

عاودت النظر للمرآه، وهي تتأمل ذاتها بعين أخري غير التي نظرت لها لنفسها منذ وقت قليل..
انتفضت علي ذلك الصوت الحنون الآتي من خلفها…

ـ أنتِ جميلة جداً يا بيلسان.. يكفي أن وجهك شبه الملايكه، عينكِ بتلمع زي عسل النحل الصافي لما يجي عليه ضوء الشمس، و شفايفكِ بلونها الطبيعي احلي من شهد الرمان..

دا كفايه أن مبيخرجش منهم إلا حلو الكلام ...ولا شعرك اللي بيفتن الستات قبل البنات..بلون العسل زي عنيكي
إحمدِ الله يا حبيبتي، ومتيأسيش من رحمة ربنا. وخليكي واثقه أن الخير جاي .
ابتسمت لجدتها، قبل أن تنفرج شفتيها بإبتسامه حزينه.
وهي تتذكر تلك الآيه العالقة بقلبها منذ زيارة الطبيب هذا..

بسم الله الرحمن الرحيم..

( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)

أردفت بحزن وهي تستغفر الله على جذعها، وعدم إستماعها لنصيحة طبيبها…
_ الحمدلله..
_________
_ وبعدين ياابويا..في الواد ده.
هتف حسان والد بلال بتلك الكلمات لأبيه الساكن تماما .
_ قدر ربنا ياابني..احنا بإيدنا ايه نعمله…
_ انت كمان زعلان مني لسه باحاج..
_ وهزعل منك ليه ياولدي..هي قدرها كده، وقدر ابنك كده..محدش بياخد الا نصيبه ياحسان..
_ ياابا يعني كنت عاوزني اعمل ايه والمخبول ده بيهددني ببنت اختي...فكرك اني مش زعلان عليها...دا انا قلبي بيغلي
_ نفسي اشوفها ياحسان...نفسي بس اطل بعيونها
هتفت بتلك الكلمات والده حسان من خلفه..وجده بيلسان .
_ علي عيني ياامه بس الله ينتقم منه ابوها هددني اخر مره طلبتها فيها...وكرشني من عنده هو والحربايه مرته ..
_ طب والعمل ياابني..
هتفت بتلك الكلمات والدته نجيه بحزن ..
_ الله يرحمك يابنتي موتك بحسرتك الله ينتقم منه .
قاطعها صوت زوجته..
_ ياعمي ...ياعمي
_ في ايه..مالك..يابتي
_ في ضيف برا عاوزك ياعمي بيقول من الاسكندريه
_ اسكندريه...خليه يدخل يابنتي.
_ اهلا ياحاج..اعرفك بنفسي...انا هاني العبد طليق بيلسان بنت بنتك..
_ ايه ..انت. بتقول مين؟؟
_______
بعد اسبوع
_ انت ِ بتقولي ايه ياامي...انت متأكده من كلامك ده .
هتف بلال بتلك الكلمات بقلب يرقص طرباً...وحزنا بآن واحد..
_ بقولك سمعتهم بودني ياواد انت...جدك مرضيش يقول كان عاوز ايه...ووشه ميتفسرش ومش راضي يكلم حد ..
بس انا سمعتهم من باب المطبخ الخلفي من غير ماحد يدري..
_ اه ياامي لو كلامك ده صح…
_ صح ولا غلط...ارجع يابلال...كفايه كده .لو بتحبها فعلا ارجع...وخد حقك من عين الكل. .
_ عندك حق ياامي...في اقرب فرصه هكون عندك

اغلق بلال مع والده وعينه تلمع بأمل..قبل أن ينظر لرياض الساحر بشيء ما ..
_ مالك ياجدع سرحان في ايه..؟
نظر بلال لما ينظر إليه صديقه بالهاتف..
_ فرح مين ده؟
اجابه رياض يتهكم..
_ بيقولوا خطوبتي..
_ خطوبتك...؟؟
_ اه...تصور..أمي خطبتلي وعملت خطوبه وانا محضرتش..
_ ايه ياعم ده...انت بتتكلم جد..
_ اه والله.
_ ومالك مش مبسوط ليه..
_ مش عارف، بس مش مرتاح يابلال...مبحبش اتحط قدام الأمر الواقع...كمان…
_ كمان ايه..كمل..
نظر رياض لصديق عمره...بتيه
_ البنت طريقتها معايا في الكلام مش مريحه..انا مرتحتش ليها..
_ ازاي..
_ مش عارف…
هتف بتلك الكلمه بشرود، قبل أن يعاود كلاهما النظر للفيديو ويتشاركون المزحات...قبل أن ينقض عليهم صديقهم الثالث من الخلف…
الذي صاح فجأة
_ اوقف هنا عالمقطع ده يارياض..يالهوي مين القمر ده..

اوقف رياض الفيديو بضحك علي صديقه، قبل أن ينتفض بلال صارخا …
_ بيل…..
_________
يتبع الفصل السادس
من روايه
ساكورا
أسماالسيد..
أغمضت عينيها تستكين قليلاً..وهي تؤكد لنفسها
أنها ستفعل من أجل نفسها..وستستمر بجلسات العلاج لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً..

ـ أنتِ محقة يا جدتي، يجب أن اكثر من الحمدلله على عطياه، وأن وجهي لم تطوله أي بقع بيضاء للآن..

همت جدتها بالحديث..الا أن قاطعها صوت شمس الدين المتعب تلك الأيام بطريقة غير طبيعية..

ـ أمي..يا أمي. يا بيلسان

هرولت بيلسان للخارج وخلفها جدتها، لتجيبا عليه، خوفاً من بطشه، وغضبه عليهم كالعادة..

خرجت من الغرفة بلا حجاب، ووقفت أمامه ترتجف، لكنها شعرت ببرودة تقتحم جَيدها، فهتفت برعب وهي تتحسسه بيدها..

ـ ياإلهي.. حجابي؟

عاودت سريعا للداخل بينما هو بادل والدته التي تنظر له بعتب بأخرى حزينه على ما أوصل إبنته له..

شعر فجأه بذاك الألم الذي يسبق السعال الذي يلازمه منذ فترة دوماً.. وبدأ بالسعال ..
دقائق، وحضرت زوجة أبيها، وشقيقتها..وبدأو بالحديث عن زواجها، وجدتها تقنعه وتتوسل إلية أن لا يجبرها

إستمعت لصوت شقيقتها وزوجة أبيها وجدالهم وتدخلهم بجياتها كالعادة، ففضلت البقاء بالغرفه، وهي تدعو الله أن يقتنع والدها بتوسلات جدتها..

تسلل اليأس لقلبها ويأست من أن يقتنع والدها، وخصوصاً وهو بحالته تلك، وغير قادراً علي مسايرة حديثهم..
فدفنت وجهها بقدميها، وعاودت البكاء بقوه..

دقائق وفتح الباب بقوه..بفعل شقيقتها التي دخلت مسرعة
واقتربت منها، وأمسكتها من ذراعها هاتفه بغل ولا تعلم لما؟

ـ أنتِ يا غبيه سبب كل مشاكلنا، وأنتِ من ستتسببين بقتل والدي، لما لا توافقِ علي ذاك العريس وتذهبِ من هنا، لقد تعبنا منك، وقرفنا من رؤية مرضك اللعين هذا…

إبتلعت بيلسان ريقها بحزن، وهتفت بصوت يقطر ألماً..

ـ لكنِ لا أريد الزواج يا علياء، يكفي ما فعله إبن خالتك بي..لن أتزوج، ولن يجبرني أحد مره أخرى..

نظرت علياء لها بسخريه، وهي ترفع يدها في حركة منها لتريها ذاك الخاتم الذي يزين اصبعها مكادة بها، بعدما تقدم لخطبتها أحدهم من أقارب والدتها، ويعمل بالخارج..

ـ وماذا كنتِ تنتظري إذن أن يعاملك كملكة ...ألا تنظرين لنفسك بالمرآه..أشكري الله بأن إبن خالتي، وافق من الأساس عليكِ..أنت معيوبه وليس من حقك أن تعترضِ ....

نكست بيلسان رأسها، وهتفت بسخريه من عطوبة قلب شقيقتها..

ـ أعلم يا علياء لا داعي لأن تذكريني طوال الوقت، وأعلم أن المعيوبة بمنطقكم، وعرفكم لا تأخذ إلا مثلها، لذا اقترحت والدتك مشكوره ابن خالتك ذو الأربعون عاماً ومطلق لثلاث نساء قبلي، أن يتزوجني، فهو كنز ثمين لي علي حد قولكم..لقد حفظت ياأختاه ما تقوليه لي طوال الوقت، لذا لا داعي لتذكريني به مجدداً، ولكن ماذا أفعل هذا نصيبي ولا دخل لي به، أنه قدري وأنا راضية تماماً بة

نظرت لها علياء بتهكم..وهتفت بسخرية.

ـ أشم رائحه تهكم من كلامك..ولكن وان يكن فهذه هي الحقيقه..يجب أن ترضِ بها..وأن تحمدِ الله ليلاً مع نهار أن واتتك فرصه أخرى ، وأن والدتي لا تنفك تفكر بكِ، وأنت دوماً جاحده وناقمه عليها....

هتفت بيلسان بنفاذ صبر وهي تجز علي أسنانها…

ـ ماذا تريدين الآن يا علياء؟

ابتسمت علياء بخبث، وهتفت..

ـ لا شيء سوي أن تخلصينا من طلتك البهية هذه، وتوافقين علي الزواج من ذاك الرجل الذي تقدم مشكوراً لخطبتك

هتفت بيلسان بحده….

ـ لن يحدث..لن أكون كبش فداءً لكم مرة أخرى، أنا أعلم نواياكم جيداً، وأن بالتأكيد هناك مصلحه من وراء ذاك الزواج..

تشدقت علياء بشماته..

ـ لقد بتِّ تفهمين إذاً..اممم..ولكن واا أسفاه ليس لدي معلومات كافية لأخبركِ بها، فقد أجاد والدنا الصمت تلك المره لا أعلم لما، ولكنه هذه المرة مُصر على زواجك..وما علي لسانه إلا أنه سيموت ويجب أن يطمئن علي كلتانا ببيت أزواجنا..

رمقتها بيلسان بسخريه، وهتفت بتهكم..

ـــ حقاً..!

علياء بتهكم..

ـ أتتصوري..أن يجمعنا أبي بجملة واحده..؟

بيلسان ببرود..

ـ معك حق...فأنا وأنتِ لن يجمعنا شيء مدى الحياة سوى اسم ذاك الذي يسعل بالخارج، فأنا وأنتِ دروبنا لم ولن تتفق يوماً، اتركيني لحالي يا علياء..ولا تقلقي لقد وصلت رسالتك التي ترسليها لي بيدك التي ترفعيها كل دقيقه لارى خاتم الخطبة الألماس الذي أصر خطيبك الفاحش الثراء أن يأتيكِ به مثل الأجانب الذي يعيش بينهم، مبارك لك شقيقتي
وتذكرِ دائماً أنكِ خصيمتي إلى يوم الدين..

نكست رأسها للأسفل فوقعت علي النقط البيضاء علي ظهر يدها ونظرت لها برضا لأول مره، وفجأة تذكرت

بلال.. ذات مرة وهو يعنفها على أرتداءها القفاز.....وكالعادة بكت من تعنيفه لها..ولكنها لم تكن تبكِ لحزنها، وإنما إصطناعاً للبكاء حتي يراضيها..وهو يحتجز يدها بين كفيه، ويقبلها بعمق..هامساً

ـ يديك كلؤلؤة بيضاء في محارة بقاع محيط عميق، مر عليها كثير من الغواصين، ولم ينتبة أحد لها ألا ذاك المحب الذي سبح أميالاً يبحث عنها ويتمناها بقلب سليم..

إنفرجت شفتيها بإبتسامه حزينه..في حين
رفعت شقيقتها يدها، لتنظر لخاتم خطبتها بفرحة مصطنعه وبدأت بتقليب يدها لتريها خاتم الخطبه بوضوح، وشماته تطل من عينيها..
بينما اكتفت بيلسان بنظرة سخرية مما تفعله...

دلفت شقيقتها للخارج ببطء يتملكها الغيظ منها، وبإعتقادها أنها أستطاعت إثارة غيرتها....

قذفت بيلسان بنفسها عالفراش مرة أخرى، وهي تفكر بوالدها، وكرهه لها الغير مبرر، وفي إظهاره لها دوماً بأنها عبء عليهم..و يريد أن يتخلص منه سريعاً
ولا تعلم أي عبء هذا الذي تشكله لهم.. وهي منذ كانت إصابتها بذاك المرض، وهي تمكث بالأسفل مع جدتها وتصرف عليها من مالها الخاص، تعلمت من جدتها الكثير، وعلمتها الجدة فن الحياكة وجعلتها عاشقة لها مثلها، لم تبخل عليها جدتها يوماً بشيء، حاولت قدر الإمكان أن تتفنن بإسعادها وتعويضها عن ذاك الحرمان الذي ينخر بقلبها دوماً لوجود أم بجانبها..وهي ترى والدها يهتم بشقيقتها وزوجته ولا يلقى لها بالاً ..لطالما كان قاسي القلب معها، ولم يكن يوما أهلاً لها..

زفرت بحزن وصوت شجار أميمه وحليمه كالعادة أرتفع ليسمع الجيران، في جدال بين مؤيد لفكرة زواجها، ومعارض..
فجأه أنتفضت من مكانها علي صراخ أميمه وشقيقتها..

هرولت للخارج لتري ما حدث، ولكن تيبست قدميها فجأة بالأرض..وهي تحرك شفتيها بلا صوت..
(أبــــــي)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي