الفصل الثانى

(2)

المفاجأة دائما تأتيك في أوقات غير متوقعه، ودائما تصدم بم تراه أمام عينيك، خاصة حين لم تحصل على الفرصة الكافية لتغيير اي شيء، ووجدت نفسك فجاه أمام الأمر الواقع دون أن تتمكن من حل تلك المشكلة أو حى وضع خطوط النهاية العريضة لها.

لم يتوقع ظهورها في هذا التوقيت مطلقا، بل كان يظن انه يمتلك الوقت الكافي للتفكير أو لإيجاد حل مع تلك العرافه، حتى ينهي هذه القصة لكن فجاه الواقع لم يترك له اي فرصه.

انتبه أكسل على نظرات الألفا لتلك الفتاه، وأتى بذهنه أمر غير متوقع؛ ليقرر أن يتواصل ذهنيا مع الألفا يتأكد مما أتى في راسه، لكنه وجده صامت تماما ثم بعد قليل قرر الانسحاب من المكان؛ تاركا له حرية التصرف والتعامل كما يشاء.

هذا التصرف ليس معتادا ابدا، ولا متوقع منه لكنه أكد الشك الذي آتى في ذهن أكسل أكثر عن حقيقة تلك الفتاه، ويبدو أن الأمور بعدما كانت تسير بخير، تحولت في اتجاه أخر تماما لن يرغب اي شخص للسير فيه، لكن مؤقتا عليه التعامل مع الجميع بهدوء فبحياديه تامه، حتى يجد إيرمينا ويتحدث معها، ويحصل منها على بعض المعلومات التي قد تساعده.

مؤقتا فرضت عليهم الأوضاع أن يأخذوا الناجين من حادثه تحطم الطائرة إلى القصر الخاص بالالفا، حتى يتمكنوا من التواصل مع أحدهم ليتم نقلهم من الجزيرة، وبالفعل توجهوا بهم إلى هناك واكتشفوا الناجون انهم في جزيرة تدعى جزيرة ميكونوس، وان زعيم هذه الجزيرة والذي كان واقفا معهم قبل قليل يدعونه الماركيز.

الماركيز، هو نبيل ذو رتبة وراثية عالية في مختلف الأقران الأوروبيين وفي بعض مستعمراتهم السابقة. ما يعادل اللغة الألمانية هو مارغراف (مارغريف). امرأة مع رتبة الماركيز أو زوجة أحد الماركيز هي الماركيزة زوجة الماركيز أو ماركيس. تُستخدم هذه العناوين أيضًا لترجمة الأنماط الآسيوية المكافئة، كما هو الحال في الإمبراطورية الصينية والإمبراطورية اليابانية.

أمرهم أكسل بنقل الجميع إلى القصر الذي يخص الماركيز، بينما اختفى تماما أدريان من الصورة حتى أفيلا نفسها انتبهت إلى نظراته الغريبة لها، والتي لم تجد لها تفسيرا لكنها تجاهلت الامر، ما أن رحل ووجدت نفسها في مواجهة سانتياجو من جديد.

- أنت بخير أفيلا لقد قلقت عليك كثيرا، من حسن الحظ آن أولئك الأشخاص قاموا بانقاذنا، رغم أننا في جزيرة نوعا ما تبدو مهجوره؛ لكنهم قالوا انهم سيحاولون التواصل مع السلطات حتى نغادر هذا المكان ونعود.

ليس من جديد البقاء معه في نفس المكان، وقد أتت لرؤيه جدتها ربما هي التي تمتلك حلا لإبعاد هذا الشخص عنها، ولن تذهب قبل أن تفعلها بما أن والديها أجبرها على الموافقة عليه، هى تأمل أن تكون جدتها من تقف بجانبها، وتساعدها في اتخاذ قرارها.

- أنا لن أعود ابدا قبل رؤية جدتي والحديث معها، وهذا أمر غير قابل للنقاش هنا، ما إن تعلم السلطات مكاننا سأخبرهم أنني أقرر الذهاب لزياره جدتي، أن أردت أن تأتي معي فلا بأس وان أردت أنت العودة وحدك، فيمكنك العودة أنا لن أعود قبل رؤيتها.

توقف حينها عن التحرك، وقد بدت نظرته غريبة عما تعرفه، فهو لم يرغب في متابعة الطريق بعدما حدث، وهذا هو ما لم يحبه ابدا سانتياجو، اعتاد دائما أن ينفذ الجميع ما يريده وقد تمكن من إجبار والده على الموافقة على زواجه من ابنته.

رغم أن والدها لم يكن موافقا في البدايه؛ لكنه من جعله ينفذ ما يريد ولم يعتد ابدا أن يتعرض للرفض، ورغم انه سمح لها حتى الآن أن تمارس حياتها كما تشاء، لكنه بنفس الوقت ليس راضيا ابدا عن تصرفها ولا صراخها في وجهه، إجباره على ما لا يريد كما انها لم تتعلم أو تتعرف بعد إلى الشخصية من المفترض أن تتزوج به.

- بل ستعودين معنا ولا مجال لتركك وحدك، هل تظنين أنني اسمح لك بالبقاء في هذا المكان مع أولئك الرجال وحدك أو ستعودين لمنزل جدتك وحيده، أنا سأذهب معك لكي أراها و أتعرف إليها ولكى تتعرف إلى زوج حفيدتها، عليك أنت تعلمي أن الخيارالآن لم يعد لك وحدك.

ها قد بدا في إظهار سلطته عليها، وبدا يظهر شخصيته الحقيقية التي كانت مختبئة طوال الوقت، يتظاهر بأنه شخص جيد يحب الاستماع إليها ومساندتها، تلك الصورة التي تظنه عليها، لكن اتضح بالنهاية انها خدعة منه.

- استمع إلى جيدا سانتياجو، أنا لم اطلب رأيك ولن افعل وحتى هذا الزواج سيتم، من وضع في رأسك أنني أنوي أن أوافق عليك، فمن الواضح أنك شخص همجي متعصب يريد أن يسير الجميع وفقا هواه ورغبته، وانا لست بتلك الصورة التي تظنني عليها.

إن كنت تظن أن ما تفعله مع عائلتي سيكون قيد على رقبتي ويجعلني انفذ ما تريد، فأنت لم تتعرف إلي جيدا لأنني لن أسير وفق الطريقة التي تريدها، ولن أكون ابدا في المكان الذي تراني فيه، أنا امرأة حره أعيش وفق المدنية الحديثه، ولا اسمح لك بتلك الهمجية التي تظن نفسك عليها.

أكسل كان يستمع للحوار من البدايه، رغم انه شعر بالضيق كون اللونا الخاصة بقطيعه مرتبطة بشخص اخر، لكن من حسن الحظ انه من الواضح انها ليست موافقه عليه، وان هذا الرجل ربما أجبرها فاجبر عائلتها، لكن هذا يمكن تأجيله قليلا، حتى يعلم من العرافة قصه ذلك التنبؤ العجيب الذي أخبرتهم عنه.

أشار لمن معه بان يأخذوا البقية من ركاب الطائرة الناجون إلى القصر، بينما هو يدع لنفسه الفرصة للاستماع إلى الحديث منها ولهذا الشخص، يجب أن ينهى الخلاف بينهما مؤقتا فهو لا حاجه له إلى مشاكل ثانوية تمنعه من رؤية ما ينتظر مستقبل هذه الجزيرة والقطيع باكمله.

- اعتذر على تدخلي لكن الوقت ليس مناسبا ابدا لاي حوار أو شجار، ربما يمكن تأجيل الأمر قليلا حتى تتمكنون من الراحة وان اتصل بالسلطات لإخبارهم بتواجدكم هنا، وبتحطم الطائره.

كلامه لم ينل الإعجاب سانتياجو الذي رأه يتدخل فيما لا يعنيه، شخص غريب لا يحق له أن يقوم بالتدخل فيما لا يعنيه، بل هذا تصرف فظ منه، وسانتياجو اعتاد دائما على رفض اي تصرف لا ينال اعجابه.

ما إن شعر أن هذا الرجل يفرض عليه رأيه فيما عليه أن يفعل، وهو أكثر ما يكره أن يتم إجباره علي رأى، فهو شخص اعتاد دائما أن يأمر جميع من حوله، وليس من يقبل سيطرة احد عليه، ليحاول دفعه من أمامه وتحديا لم يهتم حقيقة بمن هو.

ولا كونه في أرضه ولا في وطنه، بل سارع يصرخ عليه متجاوزا، وتطاول عليه هم مجرد سكان جزيرة فقراء، بينما هو من رجال الأعمال يمتلك شركات ليست كبيره جدا، لكنها بنفس الوقت ليست صغيره لكي يتم الاستهانه.

- متى تظن نفسك بالتحديد لكي تتدخل في هذه مناقشة خاصه، لا يحق لك التدخل فيها، حتى وان كان الرجل الذي كان معك ماركيز، فهو لا يعلم مع من يتحدث لذا ابتعد ولا تتدخل في اي من حواراتنا الشخصية.

ولكرم أخلاقي وسعت صدري ساعد نفسي لم استمع إلى اي كلمه منك، بينما أنت تغادر مع من معك، ألّا يكفي أنني سقطت ومضطر إلى أن أبقى في هذه الجزيرة الغبية مع تلك الأشكال المقززة التي فيها و البدائية جدا، يبدو إنكم لا تعرفون مع من تتعاملون أيها البدائيون.

بتلك التصرفات وذلك الكلام الوقح، لم يعد هناك أى احترام أو اي شيء، في الواقع هذا رجل تجاوز كافة الحدود حين تحدث عن الجزيرة وعن الأرض الطيبة بهذا الشكل السافر، وهو لا يعلم حقا انه وقع مع أشخاص سيندم طول عمره على لقائهم أو الحديث معهم بتلك الطريقة الفظة القبيحه.

لم يتمكن من إبعاد أكسل من مكانه ولو جزءا يسيرا، بل تفاجا بأكسل يقوم بحمله بذراعه و إلقائه أرضا بسرعة عالية وكأنه يحمل ريشة، مما تسبب في كسر ذراعه وبعض أضلاعه فصرخ عاليا من قوة الضربة، لكن أكسل لم يهتم بل امسك وجهه بلطف بالنسبة له لكن بالنسبة سانتياجو.

وكانه يحطم عظام وجهه بسهوله، ودون اي تعب وهو لا يبذل مجهود، بل انه كسر ذراعه وبعض أضلاعه بطريقه سريعة وكانه يحمل ريشه وليس انسان، لكن سانتياجو لم يتحمل طريقته الهجومية عليه؛ فهو بيتا تلك الجماعة و الجماعة يعرفونه ويحترمونه.

- هذا الاعتذار لم يكن موجه إليك أنت لكي تتحدث، بل كان موجها إلى اللونا اما أنت تذكر أنك تحت رحمتنا نحن؛ لذا كلما أبقيت فمك مغلقا ولم نستمع إلى صوتك، كلما عدت إلى بلادك سريعا.

اما أن تابعت ثرثرتك التي بلا معنى تلك، فلن يكون أمامي صوت التخلص منك، و إخبارهم أنك قتلت في تلك الطائرة الخيار لك أن أردت أن تحافظ على حياتك، ولا اعتقد أنك مستعد لخسارتها بسهوله.

تركه أرضا ولم يساعده، بل اتجه إلى أفيلا التي لا تعلم اي شيء مما يحدث امامها، ولا تنكر انه زاد خوفها من هذا الرجل ومن تلك الجماعة التي انقذتهم، فقد بدا واضحا انهم أشخاص عنيفون جدا فقد تمكن بسهولة من فعل ذلك بسنتياغو، فما الذى قد يفعله معها؟

تفاجأت به ينحني لها لكي يدلها على الطريق، وقد بدت طريقته معها مختلفة تماما ومحترمة جدا معها، وايضا لم تفهم ماذا سبب ذاك اللقب الغريب الذي أعطاه لها ما معنى كلمه اللونا؟

كان عليه وبعد رؤيته لأفيلا أن يتحرك سريعا، وبعد ما تعرض له كانت طريقته واضحه عليه الذهاب لتلك العرافه، وان يحصل منها على اجابات، هو بصراحة يرفض أن يضحي برفيقته بعدما وجدها، ألّا يكفي ما عانه ومعاناة قطيع تلك الجزيرة قبل سنوات، لما يعود الأمر ويتكرر من جديد؟

تلك القصة التي ظن الجميع انها انتهت وتم دفنها مع من رحلوا، لكنها تعود من جديد للظهور وانها ستفسد عليهم عملهم وحياتهم في بناء قبيلتهم من جديد، ويبدو أن المستقبل يحمل لهم الكثير من المفاجآت والتغيرات، والتي لا أحد منهم بقادر عليها.

لكن الأشياء الوحيدة التي يعلمه الجميع، أن الاستسلام ليس خيارا متاحا لاحد، وانهم بالنهاية سيحاربون إلى آخر قطره من دمائهم لأجل قبيلتهم وقطيعهم قطيع القمر الدموي والذي اسمه لم يأتي صدفه، بل كان له سبب سنعرفه مع الأحداث القادمه.

إيرمينا كانت تعلم انه قادم وتقريبا كانت في انتظاره،
فهو لم يكد حتى يقترب من منزلها، لكنه وجدها تقف في الغابة تقطع طريقه ليتوقف وبتلك الهيئة الذئبية لم يتحول، لكنها كانت أكثر مدركه عن سبب قدومه.

- أيها الألفا أنا أسفه حقا لكني لا أملك اي إجابات لاسئلتك، أنا فقط قلت ما رايته في البلوره، لا اعرف أكثر من هذا أنا مجرد عرافة صغيره لا اكثر، وأنت تعلم جيدا ما حل بقبيلتي لقد أبيدت جميعها بيد مصاص الدماء.

تقريبا أنا الناجية الوحيدة منهم، لو كان هناك ما أستطيع مساعدتك به لفعلت، أنا لا اعلم الإجابة لكن ربما اعرف شخص يمكنه المساعده.

بقي صامتا ينتظرها أن تتابع الحوار، ما الذي يمكن أن يمنع اجتماعه برفيقته، وهل الأمر علاقة بما حدث قبل سنوات لقد ظن انه انتهى من تلك القصه، وانه صار بمأمن هو وقبيلته منها لكن من الواضح أن الأمر ليس هكذا، فيبدو أن قبيله القمر الدموي على وشك أن تواجه نتائج ما حدث في الماضي من جديد.

استعملت تلك العرافة سحرها لخلق بوابه سحريه، تلك الفتاة هجين من ساحر وعرافه، وهذا تقريبا كان احد الأسباب التي أدت إلى الهجوم على قبيلتها وقد كانت قوتها كبيره، وكان الجميع يخشى أن تتمكن من السيطرة على عالم الخوارق بها، لكن أدريان هو من ساعدها على النجاة.

لذا تدين له بالولاء وترى أن عليها مساعدته بأي طريقه، أشارت له بالدخول في البوابة السحرية معها لتنقله إلى عالم السحره، حيث يفترض أن يلتقيان بغونتر ملك السحرة، في هذا التوقيت تعلم انها ستجده في احد شوارع المدينة فهو شخص يحب دائما رؤية مشاكل شعبه وعلاجها.

شعر بتلك على البوابة السحرية منذ انفتحت، وكان يعلم مقدرها ومن سببها، فكيف لملك السحرة ألّا يتعرف إلى تلميذته النجيبة التى دربها بنفسه، ولم تكن لتستطيع الدخول إلى عالمه أن لم يسمح لها بذلك، فهذه إحدى القوانين العجيبة التي تميزت بها مملكته.

- تلميذتي النجيبة لم أرك منذ مده، ويبدو أنك لست وحدك ايضا فأدريان الألفا بنفسه معك.

لم تكون بحاجة إلى وقت للترحيب، خاصة انهم يقفون في الشوارع المدينه؛ لكنها تعلم بطريقه ما أن ذلك الملك قد أحاط بهم حاجز صوتي حتى لا يستمع احد إلى حوارهم، وتقريبا لا احد يراهم، وقد رأت الجميع يسيرون في الشارع دون أن يشعر احد بهم.

- أتيت طلبا للمساعده، هناك مشكلة تحيط برفيقه الالفا، ولهذا السبب نحن هنا؟

نظر ملك السحرة إلى الألفا قليلا في تلك اللحظة انتبه إلى شيء هام جدا هذا الشخص ليس الألفا ادريان، إنه شبيه له استغل هذا الأمر ليأتي إلى مملكة السحرة، وقبل أن يستطيع الملك الحوار كان هذا المزيف ينقض عليه ليقطع راسه، ثم نظر إلى العرافة بتكشيرة بصوت زمجرة عال أشعرها بالخوف.

لم تعلم ما الذي يحدث من حولها، حاولت التراجع بعدما شعرت بوجود خطأ ما، قبل أن يتمكن من فعل نفس الحركة معها ظهر فجاه قوى سحريه غريبه تمكنت من أخذها بعيدا عنه، ليبقى هو وحده في المملكة مع جثه الملك وقد اختفى ذلك الحاجز وقد بدا الجميع ينتبهون إلى هذا الشخص الغريب، والذي بجوار جثه الملك خاصتهم.

انه روديون مغير الأشكال انه ذات طبيعة خارقه غريبه، يمكنه التحول إلى اي شخص، ولا يمكن كشفه ابدا وبعد أن تمكن من قتل ملك السحرة، تمكن أعوانه وشياطينه من الدخول إلى المملكه؛ فقد كان الملك يحيط المدينة بحاجز سحري يمنعهم من الدخول، وقد تم الاستيلاء على مملكة السحرة بسهوله.

رغم أن تلك العرافة قد هربت، لكنها لن تبقى حرة لمده اطول، فحتما ستضطر إلى العودة لكن بعد فوات الاوان، لكن السؤال الأهم الآن إن كان هذا الشخص ليس الألفا ادريان، فأين هو الألفا بالتحديد؟

وما الذي ينتظر تلك العرافة في قبيله القمر الدموي، وما قصه الماضي الذي سيكون سببا في ابتعاده عن رفيقته، يبدو أن قصتنا ما تزال في بدايتها، وما تزال تحمل الكثير من المفاجآت التي ستظهر في المستقبل.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي