أحببت من عالم آخر

الورده الحمره`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-12ضع على الرف
  • 2.5K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

قد تجبرنا الظروف علي السير في درب عكس اتجاهنا، فليس كل ما نحلم به يتحقق لنا في عالمنا، وهل نستطيع أن نبني عالم خاص بنا؟ نحلم ونرسمه كما نخطط، هل فعلاً يوجد عالم خفي؟ به أشخاص ينظرون إلينا دون أن نعلم، وهل هؤلاء الأشخاص يحملون نفس الصفات البشرية أم ماذا؟

في أحدى الأماكن التي تدل علي بساطة أهلها، تجد مجموعة من الفتيات يتسابقون في حمل الأواني الخاصة بهم، بعد أن قاموا بملء الأواني بالمياه من أحدي الصنابير، فهم يخرجون كل صباح لحمل الماء قبل أن يتزاحم الأشخاص عليها، ويعودون علي وجه السرعة كي يبدأوا في أشغال بيوتهم.

فتلك القبيلة لها عادات خاصة بها، عندما تبلغ الإناث يصبحون مكلفون بكل شيء، وكذلك الذكور ويرتاح من هم أكبر سناً، ويصبح كل شيء عليهم فهم يعتقدون أنهم بذلك، يجعلون شباب القبيلة قادرون علي تحمل المسؤلية.

تجد إحدى الفتيات ذات الملامح البيضاء، ولكن من كثرة الأعمال تتسم ملامحها بالشحوب، تسير مع الفتيات ومن ينظر لها يجدها تنشر السعادة بابتسامتها،  ولكن عندما تتأمل في ملامحها بجدية، تجد أن تلك الابتسامة تخفي ما بداخلها من قهر ومشقة.

فهي الفتاة الوحيدة في أسرتها علي خمس أشقاء ذكور، تقوم بتلبية متطلباتهم دون أن تتفوه بشيء أو تتحدث فهي تعلم العادات.

كانت تحلم بذلك اليوم الذي ينتشلها فارس أحلامها من تلك الأوضاع، ولكن كانت صفات فارس أحلامها وهمية، فهي أرادت شاب له قدرات خاصة ينقلها من لحظة لآخر من مكان لمكان، وكانت أيضاً لها بعض الأحلام في ملامحه كأنها ترسم رسمه خيالية، تريدها أن تتحقق في الواقع، لكنها فاقت علي هتاف أحدي الفتيات عليها قائلة:
- ريحانه ريحانه أين ذهبتِ؟

جاءتها إجابة إحدي الفتيات قائلة بسخرية:
- أنها في عالم الخيال الخاص بها، فلتنتظري ذلك الفتي الوهمي الذي تعتقدي بوجوده، وسوف تستيقظي علي وهم وتتزوجي فتى من القبيلة دون نقاش.

نظرت لها وعد بغيظ وقالت:
- من وجهة نظري أن تصمت أفضل وتتركيها تحلم كما تشاء فتلك الأحلام هي من تصبرها علي الحياة.

نظرت تلك الفتاة لها قائلة:
- أرجو عدم التدخل في الحديث معها، فهي لديها لسان كي ترد علي ولا تريد من يدافع عنها.

تركتها وغادرت علي وجه السرعة، عندما وجدت أحدهما يخبرهم بأن يسرعوا، لأن بعد قليل سوف يخرج الشباب لعملهم.

بينما شعرت وعد بالأسى علي حال صديقتها، فنعم هي تحلم بحلم مستحيل، وشعرت بالحزن عندما وجدت ملامحها قد تجهمت، فتحدثت معها قائلة:

- لا تبالي بحديث حسناء فهي كثير ما تشعر بالغيرة منك، لأنك ذات مكانة أعلي منها.

ريحانه:
- لا أبالي بها فيكفي أن اشعر بالسعادة من تلك الأحلام التي قمت برسمها بذاتي.
وعد:
- أن ذلك الواقع الذي يعيشه الجميع قاسي ،وأن ذلك العالم الذي قمت برسمه لذاتك يجعلك تشعرين بالراحة، ومن خلاله لا تشعرين بأي تعب تشعرين به خلال اليوم.

كانت الفتيات قد وصلوا للتو إلي منازلهم، فهي ليست منازل كما نتخيل ولكنها من يراها يجدها مجموعة من الحجرات، داخل كل حجرة تقطن عائلة فهم يعيشون في مجموعات، كي يأمنوا من الغزو الخارجي عندما تغير قبيلة علي أخري.

بينما في مكان أخر نجد دخول إحدى الأشخاص، الذي بمجرد ظهوره ينحني له الجميع، وهذا يوحي بعلو مكانته يرتدي ملابس توحي بالثراء، فهي عبارة عن ذهب خالص، ويحاط به جنود كثير ويجلس علي إحدى المقاعد ويحاط به الباقي يتسائل قائلاً:
- أين ليدوس؟ فإني أجده مختفي تلك الأيام ولا أشعر به.

لم يجب أحد علي تسائله، فنظر إلي أحدي السيدات قائلاً:
- أين يذهب أبنك يا ليندا؟
ليندا:
- لا أعلم أين يختفي؟ فلدي مسئوليات كثيرة تلك الأيام، وليدوس كثير التخفي، ولقد سألت جميع أصدقائه عنه والجميع لا يعلم عنه شيء.

نظر لها بسخرية قائلاً:
-  يجب أن تهتم برعاية أبنائك، كما تهتم برعاية أعمالك.
ليندا:
- أدونيس أنني أري أنك تتهمني بالإهمال، فأن ما وصل له ليدوس يعود لك، فلقد أمرتني بأن ابتعد عنه ولا أتدخل في أي شيء يخصه.
أدونيس:
- نعم، لقد تفوهت بذلك الكلام، ولكنك من واجبك أيضاً أنك تعلمي أين يوجد أبنك؟ فهل تعلمي أين لين هي الأخري؟ أم أيضاً ليس من مهامك.
ليندا:
- أنها تهتم بالمهام التي كلفتها بها، كما أننا نجلس معاً كل ليلة لنتحدث في كثير من الأمور.

هنا دخل أحدهما وذهب إليه وهمس في أذنه بشيء، فظهر شبح الإبتسامة علي وجه وأخبره قائلاً:
- حسناً فلتغادر ولكن عليك الإنتباه، حتي لا يشعر بك أحد فتكن فريسة له في الحال.

نظر له ذلك الحارس وهز رأسه وغادر في الحال.

نظرت له ليندا بقلق وقالت:
-هل هناك شيء حدث؟

أدونيس:
- لا تقلقي عزيزتي، لما كل ذلك القلق الذي يبدو علي ملامحك، فلقد أرسلت ذلك الحارس كي يأتي لي ببعض الأخبار.

كانت ليندا تحاول أن تصل لما يدور في رأس أدونيس ولكن دون جدوى، فلقد كان ماهر في أن يخفي أفكاره.

في ذلك الوقت قد شعر بالنعاس، فقرر ان يخلد للنوم، فعندما حضر علم أن والده يجلس في قاعة المؤتمرات الخاصه به، ولكنه لم يبالي بالأمر فيكفي ما رآه خلال اليوم، ولكنه كان يتقلب في الفراش حتى شعر بأن عينيه قد جفت النوم.

فقرر أن يبدل ملابسه وينزل، كي يعلم هل انتهى ذلك المؤتمر؟ ولكنه قرر أن يذهب لأخته لعلها لديها أي معلومات على ذلك المؤتمر.

بينما كان في طريقه لحجرتها سمع أحدهما يتحدث قائلاً:
- يجب أن تغادر فوراً، فلو شعر بك أحد فسوف تكن نهايتك محتومه بالدماء.

فسمع أحدهما يرد عليها قائلاً:
- لن أرحل فلقد غامرت كي أصل لكي، فيكفي مرور تلك السنوات بدونك، وكنت يجب أن أستحمل كل ما حدث حتي أري وجهك مرة أخري.

كان يشعر بالصدمة، هل ما وصل إلى أذنيه صحيح؟ فهو قد عاد بعد كل تلك السنين الذي أختفى فيها.

فلقد ظن انه قد قتل بالفعل، ولكن ما وصل إلى آذانه علم بخطأ ذلك الظن، لم ينتظر كثيراً حتى قام بفتح الباب على مسرعه، فوجد أن أخته بالفعل تمسك بيدها إحدى الصور، التي كانت تجمعها مع إحدى شباب القبيلة، الذي قتل منذ اكثر من عام.

بينما شعر بالصدمة فإنه بالفعل قد سمع صوت أحدهما يحدثها، فأين ذهب صاحب ذلك الصوت، فعندما دخل الغرفة بالفعل، سأل أخته قائلاً:
- لين هل كنت تتحدثي مع أحد قبل أن أحضر.

لين بتعجب:
- لا لم أتحدث مع أحد فأمامك الغرفة فارغة، لا يوجد بها أحد، فهل كنت تتخيل أن هناك صوت لأحد.

ليدوس:
- لم أتخيل بل كان هناك من يحدثك بالفعل.
لين بهدوء:
- لم يحدثني أحد بل كنت أتحدث مع تلك الصورة، لقد أشتقت لوجود بيبرس معي.

نظر لها بعدم اقتناع، وكان يحاول أن يشعر هل يوجد أنفاس أحد بالغرفة، فأخذ يدور بسرعة في الغرفة لعله يشعر بشيء وبالفعل قد شعر بشيء غريب في أحدي الإتجاهات فذهب إليها علي الفور ولكن قامت لين بالتحدث قائلة:
- ليدوس لماذا لم تذهب للأجتماع اليوم، فلقد كان أبي يبحث عنك بالفعل.

نظر لها ولقد تذكر أمر ذلك الإجتماع فقال:
- لقد جئت إليك كي أعلم ما السبب وراء ذلك الإجتماع الذي قد قام بالفعل.

لين:
- لم أعلم ولكن يجب أن يكن هناك أمراً هام هو ما جعله يفعل ذلك الإجتماع.

ليدوس:
- سوف انتظر قليلاً وسأعلم ماذا حدث بالفعل؟
لين:
- حسناً فلترحل وتتركني لوحدي، كي أنهي مهامي فأنا لست قادرة علي التحدث مع أحد.

بالفعل غادر إلى غرفته فنظرت إلى أحد الأماكن في الغرفة، وشبح الإبتسامة على وجهها قائلة:
- يكفي ما حدث ولترحل أنت الآخر، فلو تلك القدرة التي اكتسبتها بعد ان أنهيت بعض المهام المكلفة بها، ما قدرت علي أخفائك.
بيبرس:
- لماذا لم تريدي أن يعلم ليدوس بوجودي؟
لين:
- لأن ليدوس سوف يقايضني أمام ذلك، أما أن اساعده في أن أخفي أثاره عندما يذهب لأرض البشر، أما أن يخبر والدي بوجودك، كما أنه لا يعلم شيء عن اكتسابي تلك القدرة حتي الآن.
بيبرس:
- كنت لا أفضل أن يجهل ليدوس لوجودي، فكنت أتخيل ذلك الوقت الذي يعلم بوجودي، وكيفية استقبالي.

لين:
- لدي ليدوس القدرة علي إلتقاط أضعف الأصوات وأيضاً لقد زادت قدرته على حاسة الشم.

بيبرس:
- لدي ليدوس الكثير من المهارات فلقد أكتسب ذلك من الإمبراطور أدونيس، فلقد اكتسبت منه أيضاً الكثير من القدرات أثناء تواجدي معه، ولكن من خلال حديثك هل مازال ليدوس يذهب لأرض البشر؟

لين:
- نعم، أنه بالفعل يذهب إلي هناك، فأنه يلهو بأنسية ويتسلي بخوفها، فلقد تسللت خلفه ورأيتها.

بيبرس:
- لين اوعديني بعدم ذهابك لأرض البشر مرة أخري.

لين:
- لم أذهب إلا عندما وجدته يتسلل ثم أختفي، فراودني الشعور بمعرفة أين يذهب؟ كما أنه يشعر بذاته في تلك الأرض.

أخبرها بأنه يجب أن يغادر على الفور قبل أن يعلم أحد بحضوره، وأنه سوف يعود لها مرة أخرى عندما تسمح له الظروف، كما أن هناك أحد خائن بينهما، فإنه يجب أن يعلم من هو الخائن بالفعل قبل أن يظهر.

بينما كانت ريحانه تنتهي من تنظيف البيت وإعداد الطعام، فتحدثت معها والدتها قائلة:
- ريحانه هل أنتهيتي من أعداد الطعام، فلقد أوشك أخوتك علي الحضور، وأنك تعلمين بأنك لكل فرد منهم طعامه الخاص.
ريحانه:
- نعم، لقد قمت بطهو الطعام لكل فرد، كما أنهيت الطعام الخاص بأبي وجدي وقمت بإرساله لهم مع أحدي الأشخاص، ولكن لدي رجاء وهو عندما أنتهي من كل شيء، أريد الذهاب لبيت وعد كي أجلس معها بعض الوقت.

عطاء:
- فلتفعلي ما تريدينه، ولكن بعد الإنتهاء من وضع الطعام لاخواتك، وتقديم المشروبات الساخنة لهم، وتنظيف مكان طعامهم، وترتيب الأدوات الخاصة بالبيت وإرجاعها لمكانها مرة أخري، ثم تنتظري والدك حين يعود فيمكنه طلب شيء وبعد ذلك فلتذهبي حيث تريدين.

ريحانه بنفاذ صبر:
- حسناً سوف أنتظر الجميع حينما يعودوا، وسوف أرسل أحدهما كي أعتذر لوعد عن الذهاب إليها.

نظرت لها والدتها ولم تعلق وذهبت لغرفتها، كي تخلد للنوم، فأن ريحانه تعلم بأن والدتها ترفض الذهاب لوعد ولكنها لا تقول ذلك الحديث بل ما تفعله يوحي بذلك.

بينما كانت وعد قد انتهت من إعداد الطعام وتحضيره، وجلست ليتناولوا الجميع طعامهم، فقالت:
- سوف أذهب بعد أن أرتب الأشياء إلي ريحانه فهل تأذني لي يا أمي؟

فأجابتها عهد بحنان:
- حسناً يا عزيزتي فلتذهبي بعد تناول الطعام وعندما تعودين تنظمي ما تريديه، ولكن أريد منك رجاء وهو البعد عن حسناء، فهي تجلب المشاكل حيث تذهب، وذلك بسبب مكانة والدها في القبيلة، فهي تفعل ما تريد تحت سلطة أبيها، فيجب تجنبها حتي لا تقعين معها في مشكلة.

فيكفي ما حدث من قبل، عندما غارت قبيلة أخرى عليهما بسبب ما فعلته مع إحدى فتيات تلك القبيلة، وكانت السبب في ضياع معظم الشباب ورغم ذلك لم تتعظ ولم تتراجع عما كانت تفعل، فمكانة والدها جعلتها تفعل ما تريد.

بينما كاد أن يصاب بالجنون، فهو مقتنع أن أخته قد استغلت قدراتها على إخفاء صاحب ذلك الصوت، ولذلك سوف يضع أخته تحت أنظاره، على الرغم من أنه يعشق أخته، ولكنها قد أختارت أن تلعب معه.

في ذلك الوقت شعر بأنفاس أحدهما يقترب إلي غرفته وذلك الشخص يشعر بالتوتر، فقام بسرعة البرق وفتح الباب فتفاجأ بوالدته، فأبتسم لها و أفسح لها المجال كي تدخل وقال:
- لماذا أجد علامات القلق علي وجهك يا ليندا.
ليندا:
- لقد أخبرتك أن تناديني بأمي وليس ليندا يا ليدوس.
أبتسم لها وقال:
- بل سوف أناديكي بليندا، أما أمام الإمبراطور سوف أهاتفك بأمي، حتي لا أقع تحت تلك القوانين الحازمه، ولكن ما السر وراء تلك الزيارة.

ليندا:
- لقد جئت كي أري أين تختفي تلك الأيام، هل مازلت تذهب لأرض البشر، أم هناك ما يشغلك.

ليدوس بمكر:
- هل هذا فقط السر وراء حضورك لي أم هناك شيء آخر؟

كانت تشعر بالخوف فلقد اكتسب أبنها مؤخراً بعض القدرات، مما جعلها تشعر بالضعف أمام تلك القدرات.

نظر لها نظرة متفحصة، فهو يعلم أنها قد جاءت لشيء هام، ولكن خوفها جعلها مترددة حتي قامت بسؤاله، لما لم يحضروا ذلك الإجتماع وقد وصى والده بحضوره، فأجابها قائلاً:
- أنه كان يريد أن يغفو لأنه يشعر ببعض الإرهاق، ولكن عندما سمع دقات قلبها المتزايدة علم أن هناك أمر أخر، قد جعل والدته تأتي له.

فنظر إلى عينيها وعلم أنها تخفي عنه شيئاً، حاولت والدته أن تخرج من غرفته، ولكنه كان أسرع في حركته، وكان ينظر الى عينيها، كأنه يسلب منها ما يدور في عقلها، وبالفعل سيطر عليها علي عقلها، وعلم ما سبب توترها فهي تخشي عليه من والده بعدما أصبح يشك به.

كما أن والدته تخشي بأنه يقوم بالأتصال بالعالم البشري، حتي لا يقع تحت طائلة القوانين، فحاول أن يطمئنها فحاول أن يزيل تلك الأفكار السلبية من عقل والدته، حتي تشعر بالراحة.

فإنه لديه قدرة السيطرة على مسح ما يدور في العقل، وبالفعل قد أفاقت والدته، ولم تشعر بشيء ولكنها تشعر بالراحة وقد نسيت ما حضرت له بالفعل.

بينما كانت الأبتسامة تزين وجهه، فهو سعيد بالفعل بما يفعله تلك الأيام، فتلك البشرية قد أثرت قلبه، فعلى الرغم من أن اللقاء كان غريباً، ولكنه كان أفضل لقاء لهما.

وتذكر ذلك اليوم الذي قام بالالتقاء بتلك البشرية، فهي كانت تشعر بالخوف، وكانت كثير الالتفات، بينما كان في ذلك الوقت ينتقل من مكان لآخر بسرعة البرق، شعر بأنفاسها وتزايد ضربات قلبها، وما جعله يتلذذ هو شعورها بالرعب يتسلل إليها وعندما وجدها تتحدث قائلة:
- كل ما يحدث الآن بسبب غبائي، فلماذا لم أنتظر بعد الفجر كي أحمل الماء، فلقد أصبحت أتخيل أشياء، أن هناك من يراقبني، هل هناك شبح؟ مما زاد من توترها وتعود مسرعة إلي المنزل.

وقد أفرغت نصف الإناء الذي قد ملأته، بسبب خوفها وكادت أن تتعرقل أكثر من مرة، فكان يضحك عليها كما أنه حاول أن يلهو بها عندما وقف أمامها في ذلك الوقت، فشعرت في ذلك الوقت بالصدمة و وجد معالم الخوف تظهر علي وجهها بالفعل، وتقول برعب:
- يا إلهي ماذا يحدث؟ هل فعلاً يوجد من يمنعني من التقدم، فلتفسح لي أيها الشبح الطريق، فأن الطريق واسع أمامك.

فتحرك علي الفور من أمامها بعدما شعر بأن والده قد أقترب من مكان تواجده، فعاد علي الفور إلى عالمه، كي لا يشعر به والده، ولا يصل إلى مكانه.

أصبح كل يوم يتسلل يرى تلك البشرية، فهو يعلم بأن قواعد قبيلته ترفض أن يتزوج من خارجها، ولكنه قرر أن يخوض تلك التجربة على الرغم من أنه يعلم أن نتيجة تلك التجربة قد تكون قاسية عليه.

بينما كانت تجلس مع صديقتها وأنيسة وحدتها، تحدثها بما تشعر بها، فعلي الرغم من أن صديقتها تعلم أن ما تعيشه صديقتها حياة قاسية، ولكن قد فرضت عليهما عادات قبيلتهما تلك القواعد، التي مثلها مثل الدماء التي تسيل في العروق.

كما أن والدة ريحانه تمتاز بقسوة زائدة، فهي كل ما تريده هو أن تحافظ على تلك العادات، التي تعتبر ميثاق وميراث من الأجداد، كما أن ريحانه هي المنافس لحسناء نظراً لمكانة والدها وجدها هي الأخرى، فجدها هو من يضع تلك القواعد والأعراف، لذلك تسخر منها حسناء، ولكن تخشى أن ينتقل تلك الكلام إلى جد ريحانه، حتى لا يوضع والدها في مازق.

عندما غادرت وعد عادت ريحانه إلى غرفتها، وكان جميع من في البيت قد غفى بالفعل، وأصبح البيت ساكناً حولها، فقررت أن تجلس تنظر من النافذة وكان في ذلك الوقت بعض نسمات الهواء الرقيقة تداعب وجهها.

شعرت خلفها بهواء ساخن، فكانت تشعر بالخوف فكيف لها أن يأتي هواء ساخن من خلفها، وليس خلفها أحد، فقالت برعب:
- هل ما اشعر به حقيقي أم خيال؟ فمن صاحب تلك الأنفاس، هل أنظر خلفي أم أظل أنظر للإمام؟

كانت تريد أن ترى من صاحب تلك الأنفاس، ولكنها لم تقدر فأخذت ضربات قلبها في التزايد، وجمعت شتات أمرها ونظرت خلفها، فلم ترى أحد.

فقالت بصوتاً مسموع:
- الحمد لله كنت أعتقد بوجود شبح، لقد عدت للتخيل مرة أخري.

عادت ضربات قلبها في الانتظام وقد شعرت ببعض الأمان، وعادت كي تغلق النافذة، فوجدت النافذة قد أغلقت، وهنا قد تسلل الرعب إلى قلبها قائلة:
-  كيف لتلك النافذة أن تغلق بمفردها وكنت منذ قليل  أقف بها ولم يأتي أحد لأغلاقها، فهل يعقل أن تغلق بمفردها بأحكام، حسناً سوف أعود للنوم أفضل كي لا أتخيل شيء.

كما أنها كانت تسمع تلك الأنفاس تحاوطها مرة أخري، وعادت تلك الأنفاس مرة أخري في خلفها وشعرت بأنها علي فوهة بركان يشتعل.

كان في ذلك الوقت سعيد بتلك الانسية التي كلما شعرت بوجوده زاد رعبها، أصبحت هي في ذلك الوقت غير قادرة على الصمود أكثر من ذلك، فقررت أن تترك جسمها يرتخي بعدما كانت متصلبة، حتى شعرت بأن الدنيا تدور بها، وسقطت مغشية عليها، ولكن آخر ما وجدت قبل أن تنهار، هي تلك العيون التي كانت تنظر لها بلهفه، وكان نظرات الخوف تسيطر في عينيها، من أين ظهرت تلك العيون من عدم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي