ناجمني

RadwaAshraf`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-01-13ضع على الرف
  • 1.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

في أواخر عام 1999 ميلادياً على طريق مهجور يؤدي بأخره إلى غابة شاسعة المساحة كثيفة الأشجار بــ الهند ركضت امرأة عجوز مشبحة باللون الأسود ويسود وجهها اللونين الأحمر والأسود مما جعل مظهرها يثير الرعب بقلب كل من ينظر إليها يظهر الشر على وجهها بوضوح ولكن الآن هي الخائفة تركض بزعر وهي تنظر خلفها كل ثانية وكأن هناك وحش مفترس يلحقها ليفتك بها ويحطم عظامها، تعثرت قدميها فسقطت أرضاً وهي تصرخ بألم ورعب وهي ترى مهاجمها يقترب منها

صرخت بهلع وهي تضم يديها أمام وجهها بطريقة تظهر ضعفها وقلة حيلتها تتوسل منها الرحمة:
- سوهاسيني أرجوك اتركيني لا تفعلي ذلك سامحيني

ظهرت مهاجمتها وكانت فتاة شابة جزءها العلوي كالإنسان أما جزءها السفلي عبارة عن ثعبان ضخم للغاية لنكتشف الآن أنها أفعى متحولة تستطيع أن تأخذ هيئة البشر، اقتربت منها ووجهها متوهج باللون الذهبي كما أن عينيها تشبه عيون الأفعى تنقسم حدقة عينيها إلى نصفين:

- أسامحكِ؟! لماذا، هل عتقتِ عشيرتي هل رحمتي شعبي هل نجى أحد من شركِ؟ لقد قتلتِ أطفالهم وازواجهم واحرقتِ منازلهم والآن اتيتِ إلى هنا لتسرقي كنز المعبد تريدين الاستيلاء على جوهرتي لنشر الذعر والشر بكل العالم، ولكن لا لن تستطيعِ فعل ذلك ما دمت على قيد الحياة

نفخت النيران من فمها لتلتهم العشب الجاف من حول تلك الساقطة على الأرض:

- روكماني، لقد خدعتني وخدعتِ شعبي اعطيناكِ منزلاً ومكاناً بيننا وأنتِ ماذا فعلتِ؟ احرقتِ منازلنا وقتلتي أطفالنا لذلك أنا ملكة الأفاعي أحكم عليكِ  بالموت بنفس الطريقة التي أردتِ بها قتلي

انتهت حديثها تنفخ النيران لتزداد من حولها وتلتهم جسدها لتصرخ "روكماني" وهي تنهض والنيران تلتهما من كل مكان ركضت صارخة تحاول إيجاد ما يساعدها على إخماد تلك النيران ولكن لم تفكر أنها بغابة مليئة بالعشب والأشجار الجافة التي قد تزيد من إنتشار النار، وقعت على الأرض فاقدة الأمل تستلم لنهايتها بنفس الطريقة التي خططت لها لإنهاء سلالة الأفاعي والثعابين

راقبت النيران وهي تلتهم جسدها ونظرات التشفي تملئ عينيها رفعت يديها وكتفتها على كتفيها بحركة معتادة وأغمضت ليختفي ذيل الأفعى وتعود إلى هيئتها البشرية مرة أخرى، فتحت عينيها وهتفت بقوة:

- أنا ملكة الأفاعي، الأفعى الأقوى هبة عالم "ناجلوج" أقسم بأنني سأحارب سلالة الشياطين لآخر نفس يخرج مني أ...

لم تنهِ قسمها وصرخت وهي تشعر بألم حاد يفتك بأسفل ظهرها نظرت إلى الأسفل ببطء لترى قطرات من الدماء تقطر على الأرض والتي لم يكن مصدرها سوى ذلك السيف المغروز بظهرها يخرج من بطنها ممزقاً احشائها، صرخت بألم أكبر وهي تشعر بإنسحاب روحها مع إنسحاب السيف من جسدها التفت حول نفسها تريد رؤية من الذي تجرأ وهاجمها من الخلف لتتسع عيناها بصدمة وخذلان وهي ترى اقرب الناس إليها تقف وتبتسم لها بسعادة وكراهية:

- سومار؟! أنتِ، لماذا؟

اقتربت منها "سومار" وهي تهتف بغضب وحقد:
- لأنني لطالما حلمت بأن أكون ملكة الأفاعي أنا فقط من استحق ذلك لقد عشت كامل عمري وأنا انتظر يوم التتويج حتى أصبح أنا ملكة عالم ناجلوج

صرخت وهي تطعنها بعنف أكبر: ولكن أنتِ ماكرة تظاهرتي بأنك لا تريدين أن تصبحي ملكة الأفاعي وأنك تريدين فقط الزواج وعيش حياة عادية كحياة البشر انتظرتي حتى أتى ذلك اليوم وقومتِ بحيلتك الماكرة وتوجتِ أنتِ بدلاً مني وأنا انتظرت كثيراً هذه الفرصة لأنتقم منك وأقتلك بيداي وبعدها سأتوج أنا وأكون أخيراً ملكة الأفاعي، الأفعى الأعظم وحينها سأكون الحاكمة لهذا العالم وحينها لن يمنعني أحد من تدمير كل من يعترض طريقي نحو الخلود حتى وإن تطلب مني الأمر تدمير سلالة الأفاعي والثعابين بأكملها

تحدثت "سوهاسيني" بأنفاس لاهثة وألم شديد تصارع الموت وهي لا تصدق أن أقرب الناس إليها من قام بخداعها وقتلها:

- تعلمين أنني لم أكن أريد يوماً هذه الحياة، اردت أن أكون بشرية وأعيش حياة البشر، أتزوج وأنجب أطفالاً وأعيش باستقرار، لكن لم أكن أعلم أنني المنشودة لهذا المنصب لقد توجتني أمي عندما هاجمك هؤلاء الشباب لأستطيع إنقاذك من بين أيديهم لقد منعوكِ من الوصول إلى مكان التتويج وأرادوا الاعتداء عليك وأنا من انقذتك أنا يا سومار

نزفت الدماء من فمها وشعرت بقوة الجوهرة تنسحب من جسدها كما تنسحب روحها وتابعت بتوعد:

- لقد قمتِ بخداعي لن أسامحك يا سومار، سأعود للإنتقام منكِ، لن أسمح لكِ بالفوز لن تنجح مخططاتك لتدمير سلالتي مهما حدث لن أسمح لكِ بأن تكوني الملكة لن تجدي وعاد الخلد ما دمتِ حية أما أنا فسأعود، حتماً سأعود وحينها لا أحد سيتمكن من إنقاذك من غضبي وانتقامي تذكري هذا يا شقيقتي

لفظت أنفاسها الأخيرة وهي تحفظ صورتها بداخل عينيها كحال كل أفعى تحفظ صورة قاتلها حتى يتمكن ذويها من الانتقام لها ولكن هي تحفظها لتعود من جديد وتتذكر ما حدث بينهما وتنتقم لنفسها ولسلالتها من شجرة الشر التي نبتت بعالمها دون أن تدري

                            ❈-❈-❈

بعد مرور خمسة وعشرون عاماً

بإحدى المناطق الشعبية الفقيرة نسبياً في الهند نجد فتاة شابة تجلس على زاوية الطريق وهي تبكي بهستيرية وهناك تجمهر من الناس من حولها يتساءلون عن سبب بكائها وإن كان بإمكانهم مساعدتها:

- يا ابنتي اهدئِ قليلاً، دعينا نفهم أولاً حتى نستطيع مساعدتكِ

- ومن طلب مساعدتك يا سيد اتركني وشأني، اذهبوا جميعاً ودعوني بمفردي

انفجرت في البكاء من جديد وهي تضع يدها على رأسها، لكن بعد قليل نلاحظ أنها تغمز لطفل صغير بإحدى عينيها ليندفع ذلك الصغير من بين الحشد المتجمع حولها وهو يصطنع البكاء والضعف:

- آه يا شقيقتي ماذا سنفعل لقد طردنا من منزلنا ووالدنا محتجز بالمشفى وليس لدينا المال لإخراجه ماذا سنفعل أين سنذهب

تعالى صوت بكائها عندما لاحظت تعاطف من حولهم بادياً على وجوههم، وأخذت تضرب على فخذيها وهي تهتف بضعف شديد:

- آه يا صغيري لنا الله، لا يسعني عقلي لإيجاد حل لمشكلتنا لقد توقف دماغي عن العمل، ذلك الرجل البغيض أخذ منا منزلنا ورمى أثاثنا في الشارع ووالدي المسكين ساءت حالته الصحية ونقلناه للمشفى، والآن ليس لدي المال حتى لدفع تكاليفها وإخراج أبي ناهيك عن استئجار منزلاً يأويني وأسرتي من جحيم أرصفة الشوارع

- لا تقلقي يا ابنتي، لن نترككِ سنساعدك بالتأكيد أليس كذلك يا إخوتي

نظرت حولها لتبتسم بسعادة وهي ترى أن الجميع بدأ بإخراج بعض المال من جيبه بينما يمر بينهم رجلاً يأخذه منهم ويقوم بجمعه وعده، تم جمع المال لهما مد يده به نحوها ينوي إعطائه لها وهو يدعو الله أن يحفظهم من كل سوء، ولكن وقبل أن يطبق كفها على المال وجدت يد قوية تطبق على المال ويدها في آن واحد بقسوة رفعت وجهها بغضب تنظر لمن فعل ذلك تنوى ضربه على وجهه حتى يتحطم فكه، لكنها جفلت وتراجعت في جلستها وهي تنظر إلى شقيقتها الكبرى برعب فكان يبدو من تعبير وجهها أنها مستعدة لقتلها الآن لا محالة

جذبت المال من يدها وهي تزجرها بغضب تحذرها من فعل شيء ضد ما ستقوله، نهضت "سوهاني" والتفتت إلى الناس من حولهم بابتسامة وهتفت بإمتنان :

- شكراً لكم كثيراً على تلك المساعدة، أنا حقاً أقدر ذلك لم يعد هناك من يقبل مساعدة المحتاج كما فعلتم الآن ولكن قد تدبرت الأمر، أرجوك قم بإعادة المال للجميع وشكراً لكم مرة أخرى

- ولكن يا ابنتي ماذا لو احتجتِ لشئ آخر، احتفظي به

ابتسمت بحنان واجابته: ليس له حاجة قد تكونوا بحاجته أكثر مني الآن، أرجوك خذه ووزعه بينكم

أعطت المال للرجل وقبضت على ذراع شقيقتها تجذبها خلفها بقسوة وخلفهما ذلك المشاغب الصغير والمعاون لها في كل شيء تفعله، فور ابتعادهم عن الناس ووصولهم إلى مكان خالي نسبياً توقفت والتفتت لها تصفعها على وجهها بقوة وهي تطالعها بغضب لا تصدق أن شقيقتها محتالة

صرخت بإستهجان: هل جننتِ تسرقين المال من الناس بحجة الفقر والحاجة؟! أنا لا أصدق منذ متى تفعلين ذلك إذا كنتِ بحاجة للمال لماذا لم تطلبي مني لم أكن سأبخل عليك به كنت سأعطيك ما تطلبين دون سؤالك عن سبب حاجتك له، وأنت

التفتت نحو الصغير تطالعه بغضب وتابعت: أنت تساعدها في هذه المسرحية لإثارة تعاطف الناس وسلب قوت يومهم بكل بساطة دون الشعور بالذنب حسناً أنا أعلم كيف أروض أمثالكم واعيدهم إلى طريق الصواب هيا اذهبوا أمامي لنعد إلى المنزل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي