أصابع الاتهام

SamarSaied`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2024-05-19ضع على الرف
  • 13K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

اتسم ذلك الحي الجديد بالهدوء؛ فعدد مَن يقطنه يساوي عدد أصابع اليدين الاثنتين أو أكثر قليلا، كما. أنه يمتاز بالخصوصية، كل فيلا تبعد عن جارتها بضعة أمتار لتضيف لها المزيد من الخصوصية، أسوارها
تحاوطها الأشجار العالية محتضنة بوابتها الشامخة، بدأ المطر في الهطول مما دفع ساكنيه التزام
فيلاتهم والجلوس بجانب دفاياتهم؛ لتبث الدفء في أجسادهم، قرر ترك حراسة الفيلا التي يعمل بها
ليجلس مع زميله بالفيلا المجاورة لمتابعة إعادة
مباراة كرة القدم، فالساعة الآن تجاوزت منتصف
الليل، ولن يحضر في هذا الوقت أي ضيف مؤكداً،
كما أن السيدة سوزي حينما تحضر لهذه الفيلا تكون بحاجة للهدوء والخصوصية لتجهيز فيلم أو قراءة
أوراق عمل جديد، أو رغبة منها في البعد عن الجميع، تأكد أن جميع الأبواب مغلقة، وأن النوافذ مؤمَّنة،
والأضواء مغلقة، ثم غادر لينضم إلى صديقه، حمل
عنه تلك الصينية التي تحمل أكواب الشاي، جلسا
أمام التلفاز الصغير لمتابعة المباراة، مر الشوط
الأول والثاني، بعدها سمعا صوت إطلاق عيار ناري
جعلهما ينتفضان للبحث عن مصدره، هرول نحو
الفيلا الخاصة بالفنانة سوزي سالم التي يقوم
بحراستها ليجد باب الفيلا مفتوحا على مصراعيه،
دلف مسرعا إلى الداخل وهو ينادي على صاحبة
الفيلا، لكنه تعثَّر ببعض الأثاث الذي كان ملقى أرضا، وكأن إعصارا أصاب الفيلا للتو، أسرع إلى الدور
العلوي ليجدها غارقة في دمائها داخل غرفتها،
التقط الهاتف وهتف عبره في توتر:
-  قسم الشرطة، توجد جريمة قتل، وأريد الإبلاغ
عنها.
أتاه صوت من الجهة المقابلة يسأله عن العنوان،
أملى عليه العنوان
-  سوف نحضر فورا، لا تدع أحدا يقترب من الجثة أو أية أغراض هناك لحين وصولنا.
خرجت قوة من القسم والتي كانت تتكون من معاون المباحث، واثنين من أمناء الشرطة، واثنين من
العساكر.. حينما وصلت القوة وجدت أمام الفيلا
رجلين أحدهما في أواخر الأربعينات والآخر في أواخر الثلاثينات يرتديا زياً مشابهاً، كان عبارة عن سروال من اللون الكحلي، وقميص من اللون اللبني، وفوقهم جاكت ثقيل بنفس لون السروال، سألهما ضابط
المباحث:
-  مَنْ الذي أبلغ عن الحادث؟
أجابه الرجل الصغير:
-  أنا مَن قمت بالإبلاغ.
-  مَن أنت؟
-  حارس الفيلا.
-  أين كنت وقت وقوع الجريمة؟
-  كنت مع متولي في الفيلا المجاورة.
-  ولمَ تركت حراسة الفيلا؟
-  بعدما نامت المدام تأكدت من غلق الأبواب جيدا، ثم ذهبت لقضاء بعض الوقت مع متولي؛ فالجو
ممطر؛ والمدام تعلم ذلك؛ ولم تعترض يومًا.
-  متى اكتشفت وقوع الحادثة؟
-  بعد انتهاء إعادة المباراة، سمعت صوت إطلاق
عيار ناري حينها هرولت نحو الفيلا، وجدت الباب
مفتوحا والمدام غارقة في دمائها.
أثناء حديثه مع الحارس حضر فريق المعمل الجنائي
لمعاينة مسرح الجريمة، أمر ضابط المباحث مَن معه بالتحفظ على الحارس وصديقه، وعدم السماح لأي
شخص بالدخول إلى الفيلا.
تركهم بالخارج لحراسة الفيلا، ثم دلف للداخل مع
فريق البحث الجنائي، أول ما لفت نظره عدم وجود
أية خدوش أو آثار لاقتحام الفيلا مما يدل على أن
الجاني يحمل مفاتيح الفيلا أو أن القتيلة تعرف
الجاني؛ لذا فتحت له الباب دون أدنى مقاومة، طلب من فريق البحث رفع البصمات الموجودة داخل الفيلا كلها، وصعدوا إلى الأعلى حيث غرفة القتيلة وجد
محمد غرفتين على يمين الدرج إحداهما تحتوي على ملابسها فقط والأحذية وما يخص تأنقها، غرفة
مجاورة بها سرير متوسط الحجم يتوسط الغرفة على يمينه خزانة ملابس ممتلئة بالملابس النسائية لكنها تخص أعمارا أصغر من عمر سوزي بها حمام، على
الحائط توجد صورة لفتاتين تقفان بجوار القتيلة،
طلب محمد من أحد رجاله معرفة هوية الفتاتين
الموجودتين في الصورة؟ وما علاقتهما بالقتيلة؟

أمام الدرج توجد طاولة ملقاه على جانبها وبجوارها مزهرية محطمة، على يمين الدرج توجد غرفة القتيلة، تتكون الغرفة من قسمين، القسم الأول يوجد به
كرسي هزاز وطاولة بجوار المدفئة عليها بعض
المجلات الفنية، بينما الجزء الثاني به فراش كبير
على جانبيه يوجد كومود وعلى يمينه توجد خزانة
ملابس تحمل بين جنباتها العديد من القمصان
الحريرية، وخزينة شخصية فارغة، بينما جثة سوزي
طريحة الأرض، عيناها يسكنهما الفزع، توجد بعد
الآثار على عنقها المرمري، ترتدي مئذر من الحرير
الأسود كشف عن جمال جسدها، بجانب ساقها
البضة توجد قطعة من الحلي الخاص بها.. جَمع فريق البحث الجنائي البصمات الموجودة بالفيلا، ألقى
وكيل النيابة نظرة على مسرح الجريمة، ثم أمر
بتشريح الجثة، وصلت سيارة الإسعاف لتحمل الجثة
إلى المشرحة؛ ليتم تشريحها وكتابة التقرير وسبب
الوفاة، طلب من أحد العساكر الموجودين معه
حراسة الفيلا بعدما قام بتشميعها بالشمع الأحمر،
ثم اتجه إلى القسم ومعه باقي فريقه والحارسان،
ألقى بجسده المتعب على الأريكة التي توجد داخل
مكتبه بينما جلس الحارسان بالخارج حتى يحين
موعد التحقيق معهما
-  ما هذه الورطة التي وقعنا بها؟
قالها متولي لصديقه، وهو يضع كفيه فوق رأسه،
وضع صديقه يده على كتفه ليواسيه مرددا:
-  الخوف من الشركة أن تتهمنا بالإهمال
وتستغني عنا.
-  يا ويلتنا، إنها الطامة الكبرى.
سقطت دموعه قهرا على حالهما وما سيواجهان،
استيقظ محمد على صوت ضجة تأتي من الخارج، عبث وجهه من هذا الضجيج، دلك رقبته التي تعاني من
التشنجات بسبب تلك الأريكة اللعينة، ضغط على زر
بجانب مكتبه ليحضر على الفور العسكري الموجود بالخارج مؤديا التحية العسكرية
-  ما كل هذا الضجيج؟
-  يوجد بالخارج العديد من الصحفيين يريدون
تغطية حادثة الأمس.
ضرب محمد مكتبه بعنف قائلاً:
-  اللعنة عليهم، مَنْ سرب هذا الخبر، لم يمض على هذه الجريمة سوى بضع ساعات؟
لم يجد إجابة تريح عقله، نظر إلى العسكري الواقف
أمامه في انتظار أوامره:
-  أريد فنجان قهوة بعدها أحضر الحارس الخاص
بالفيلا.
-  تحت أمرك.
ألقى تحيته العسكرية، ثم غادر لتنفيذ ما طُلب منه،
دلف محمد إلى دورة المياه التابعة لمكتبه؛ ليغسل وجهه، ويستعيد نشاطه استعداداً للقادم، ورده اتصال على هاتف المكتب الأرضي من رئيسه:
-  أريد الانتهاء من هذا التحقيق ومعرفة الجاني
في أقرب وقت، أين آسر؟
-  آسر في إجازة.
-  اتصل به، اجعله يقطع الاجازة ويعود فورا
لمتابعة هذه القضية.
-  تحت أمرك سيدي.
انهى محمد المكالمة، ثم اتصل بآسر، لكنه وجد
هاتفه مغلقا، اتصل على هاتف زوجته ليجده مغلقا
أيضًا، دلف العسكري إلى المكتب وبين يديه صينية
القهوة المطلوبة وضعها على المكتب، ثم غادر
لإحضار الحارس.
بأقدام مرتجفة ولج إلى الداخل:
-  أنا لم أفعل شيئا، صدقني سيدي.
قالها الحارس قبل أن يسأله محمد:
-  منذ متى تعمل حارسا لهذه الفيلا؟
-  سنة ونصف.
-  مَن يعمل بالفيلا معك؟
-  نرجس فقط، هي مساعدة مدام سوزي
والمسؤولة عن كل ما يخصها.
-  هل توجد عداوة بين القتيلة وأي شخص آخر؟
-  لا، هي طيبة وتحب مساعدة الكل.
-  هل زارها أحد يوم الحادث؟
-  لا.
-  هل تترك حراسة الفيلا وتذهب إلى متولي كثيرا؟
-  حينما تكون الأجواء هادئة، المدام لم تعترض
على ذلك يوماً.
-  طوال مدة عملك بحراسة الفيلا، مَن يزورها
باستمرار؟
سكت قليلا وكأنه يستعيد كافة الأوجه التي تمر
أمامه كل يوم:
-  يوجد فتاتان كانتا تداوم الزيارة، وكانتا تحضران
الحفلات التي تقام في الفيلا.
-  مَن هما؟
-  لا أعرف، عملي بالخارج فقط لكن نرجس
تعرفهما
-  هل حدث شجار بين القتيلة وأي شخص قبل
ذلك؟
-  يوجد شخص حضر إلى الفيلا منذ شهر تقريبا،
وطلب مقابلة المدام، وعندما سألته عن اسمه
أخبرني أنه شقيقها.
-  وماذا حدث بعد ذلك؟
-  بعد دقائق من دخوله الفيلا حدث شجارٌ بينه وبين المدام وكان يتوعدها، ثم ألقى بعض المال بوجهها وغادر.
-  هل زارها بعد هذه المرة؟
-  لا.
-  هل تأخذ إجازات؟
-  فقط يومان كل أسبوعين؛ أسافر للاطمئنان على والديَّ، ثم أعود.
*****
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي