الفصل الخامس

ما هي إلا لحظات قليلة حتي توجه أحد المهاجمين بسيفه ليؤدب ذلك الشاب الذي ظهر أمامهم فجأة بدون سابق إنذار , وبادر شمس الدين أيضا بالإسراع إليه ليضرب ذلك المهاجم ويثني يده لينزع منه سيفه ما أروع ان يكون لديك قلب جرئ وشجاع حتي ولو كنت أعزل فأنت تحمي من تظن بأنه بحاجه للمساعدة هذه هي صفات الفرسان والملك شمس الدين كان أحد فرسان هذا العصر , فقد واجه مهاجم تلو الأخر أوقعهم بسيفه وأدبهم لإعتراضهم طريق تلك الشابة , كانت الأميرة نيراز تقف وتنظر إلي ما يفعله لاحظت مهاراته وشجاعته فلقد قضي علي المهاجمين جميعا وأوقعهم جرحي علي الأرض وحده وما أن أنتهي منهم حتي تلفت حوله ليري إذا كان قد تبقي منهم أحد أخر وما أن رأهم جميعا علي الأرض حتي توجه إلي نيراز ..
الملك شمس الدين : هل أنتي بخير ؟ هل تأذيتي من أي شئ ؟
الأميرة نيراز وهي تظهر خوفها وتوترها : أنا بخير , شكرا جزيلا لك علي مساعدتك , كيف علمت بأني بحاجة للمساعدة ألم تذهب منذ وقت طويل ؟
الملك شمس الدين : كلا لم أكن أبتعدت كثيرا , فلقد سمعت صراخك وأيضا رأيت ذلك الشاب يهرول بحصانه , كان معك أليس كذلك ؟ ثم أكمل بتعجب , أهذا زوجك ؟؟ كيف يتركك ويذهب هكذا ؟
نيراز : ليس زوجي ؟ ولكنه خطيبي وكما رأيت هو أجبن من أن يدافع عن نفسه فكيف سيدافع عن زوجته المستقلبية , ثم تنهدت ببطئ , دعنا من هذا , أنا أشكرك حقا ولكن حان وقت ذهابي , لن أنسي لك هذا الجميل طوال حياتي إذا تقابلنا يوما ما سأسدد لك دينك بشكل لن تتخيله أنت .
ثم تراجعت للخلف كي تمسك بلجام فرسه كي تذهب , قاطعها صوت الملك شمس الدين .
إلي أين تذهبين دعيني أوصلك إلي قبيلتك , بالتأكيد لن أتركك تجتازي تلك الغابة وحدك ؟ من أين أنتي , وإلي أين كنتي ستذهبين ؟
الأميرة نيراز : أنا من قبيلة صغيرة من الشمال , لا تتعب نفسك أكثر من ذلك سأذهب بطريقي , ثم أمتطت حصانها
الملك شمس الدين رافعا صوته عليها : هذا أمر مني وليس عرض مني, لا يمكنك أن تعصي أوامري .
الأميرة نيراز بتعجب من كلامه : ومن أنت حتي تؤمرني , ثم وخزت حصانها كي يتحرك وما هي إلا خطوات قليلة خطاها الحصان في طريقه , حتي جذب شمس الدين لجام الحصان بعنف : أنا أحدثك ولم أنتهي من كلامي لا يمكنك أن تذهبي وأنا أحدثك هكذا .
الأميرة نيرازة وهي تنظر إليه من فوق حصانها : من أين لك الجرأة كي تعترض طريقي هكذا , لقد ساعدتني حقا أشكرك علي هذا ولكن دعني الأن أكمل طريقي ليس لك شأن في هذا .
ضرب البرق في السماء وتعالي صليل الخيول من الخوف من الصوت العالي للبرق , وتسارعت قطرات الندي في السقوط يا لها من تقلبات حدثت فجأة بالأجواء .... تبلل الأثنان ومعهم الأرض كلها في لحظات ..
الملك شمس الدين : تعالي لنجد مكان أولا أنتظري حتي تهدأ الأمطار ومن ثم أكملي رحلتك كما تريدين ..
كان كلامه معقول لدي نيراز فذهبا الأثنان معا بخيولهم إلي أسفل إحدي الشجرات الضخمة فلقد حمتهم فروعها الكثيرة والكثيفة من المطر المفاجئ ..
وقف الأثنان بمواجهة بعضهم البعض وتلاقت نظراتهم فالعيون تحكي أكثر ما تنطق الألسنة , أحست نيراز بالإرتباك من نظراته فأدارت أنظارها إلي الأمام وظل الملك شمس الدين يتفرس جانب وجهه الدائري الذي كان مبللا من حبيبات المطر مع غطاء رأسها الذي هربت منه بعض الخصلات لتداعب وجهها ..ٍ
الملك شمس الدين : ما إسمك , غريب أننا تقابلنا مرتين ولا ا‘رف إسمك حتي الأن ؟
الأميرة نيراز بتعالي وغرور : لا شأن لك بإسمي ؟؟
الملك شمس الدين متبسما : أري أنك عنيدة وصعبة المراس ؟ أتساءل كيف يزوجوا فتاه مثلك لمثل هذا الجبان ؟ ثم أكمل حديثه محاولا إغاظتها ..ولكن مع هذا أنا أشفق عليه
الأميرة نيراز وقد لفتت كلماته إنتباهها :وأنا أيضا أتساءل كيف لأرعن مثلك أن يهزم هؤلاء المهاجمين ,
غضب قليلا شمس الدين من كلماتها : وما الذي لا يجعلني مؤهلا لهزيمتهم ؟ وكيف تحكمين بأنني أرعن وانتي لا تعرفيني ؟
الأميرة نيراز : مثلما حكمت عليا بأني عنيدة وصعبة المراس وأنت لا تعرفني ؟ من الأفضل أن نصمت ولا نطيل الحديث فبمجرد ما تنكشف تلك الأمطار سأذهب ولا داعي لأن نعرف أكثر عن بعضنا .. لسنا في جلسة تعارف علي اية حال .
الملك شمس الدين بغضب : معكي حق ,
أدار شمس الدين ظهره لها وهما واقفين وساد الصمت بينهم وبعد وقت هدأت الأمطار عما كانت وما كان من نيراز إلا أن أعتلت ظهر فرسها وودعت الملك شمس الدين بسلام باهت سريع وأنطلقت دون أن ينطق بحرف حتي ..
الملك شمس الدين : فتاه وقحة كيف تحدثني هكذا لو علمت أني الملك شمس الدين لأنحنت لي وأرادت ودي بأي طريقة ولكنها تتذمر الأن لأنها تري أني فقير هي تبحث عن المال بكل تأكيد لن تختلف عن غيرها ..
ظلت نيراز تسير بهدوء بحصانها وتحدث نفسها : فتي وقح , كيف يمكنه أن يحدثني هكذا , ظننت أنه فارس ولكنه بالتأكيد مجرد لعوب يبحث عن التسلية هو يظن أني فتاه سهلة لمجرد اني وحدي بتلك الغابة لا يعرف شئ .
كان الليل قد أقترب والمطر قد توقف تماما منذ مدة وكانت نيراز قد أقتربت علي الخروج من الغابة فلقد كانت تسير ببطئ لأن الأرض مبللة وخشت أن تؤذي حصانها .
شعرت بشئ ما مريب يحدث فالطيور تصدر صوتا عاليا وهذا يدل علي وجود خطر ما في الجوار أنتبهت نيراز لما يحدث حولها وتوقعت وجود حيوان مفترس ولذلك الحيوانات خائفة وما توقعته كان صحيحا فقبل أن تفكر في طريقة للخروج بسلام حتي وجدت أمامها نمرا يقف أمامها إستغربت الأمر فالنمور عادة لا تسكن تلك الغابة لندرة ما بها طعام لها نوعا ما ولكن هذا ما حدث . .. ضج حصانها بالصليل وحاولت تهدأته ولكن لا محالة والنمر قد هب للهجوم عليهم هي تعلم بأن سرعة حصانها لا تكفي كي تسبق النمر فما كان منها إلا أنها نزلت سريعا وأخرجت سكينها وحاولت مجابته كي تحمي حصانها من الأذي هرول الحصان مبتعدا لخارج الغابة وتخلي عن رفقيته التي تجابه النمر وحيدة ...
كان الأمير جودت قد وصل إلي قصر الملك عزيز وطيلة طريقه يفكر في إختراع أي حجة للمك العزيز كي يبرر عدم عودة نيراز معه هو يعلم أنها بالتأكيد لن تفلت من يد قاطعي الطريق أما أن تقاوم ويقتلوها أو تستسلم لهم وحينها لن تجرأ علي العودة إلي أبيها وفي الحالتين لن تستطيع أن تخبر أباها بشئ عن هروبه وتركها وحدها , لم يفكر فيها ولكن فكر في إنقاذ إسمه الملكي وكان لابد له أن يجد حيلة ما ...
ما أن دخل بوابات القصر جتي وصلت الأخبار للملك عزيز بأن الأمير جودت قد عاد وحيدا إلي القصر ولم تعد الأميرة نيراز معه فسرعان ما توجه لمقابلة الأمير جودت ليعلم ما الذي أصاب الأميرة وكان من خلفه تباعا زوجته وأبناءه الثلاثه ..
الملك عزيز : أين الأميرة نيراز ؟ لماذا لم تعد معك ؟؟
الأمير جودت وقد أرتفع حاجبه الأيمن وبدت المفاجأة علي وجهه : إلم تعد حتي الأن ؟ كيف ذلك ؟
الملك عزيز مستغربا كلماته : ما الذي تقصده لقد خرجتم سويا صباحا والأن أنت عدت وهي لا ؟ أين هي ؟ ولماذا تبدو متفاجئا من سؤالي ؟
الأمير جودت : بالتأكيد ساتفاجأ جلالتك , لأن الأميرة نيراز لم تكن معي نعم لقد خرجنا سويا في الصباح ولكن ما أن خرجنا أخبرتني أنها تشعر بألم في رأسها وتريد العودة إلي القصر مرة أخري , كنت سأعود معها فلم نكن قد أبتعدنا كثيرا ولكنها أخبرتني بأننني يتوجب علي إكمال النزهة بالخارج وأنها لن تكون سعيدة بشعورها بالذني لإفساد رحلتي .
الملك عزيز : كيف هذا , الأميرة لم تعد منذ الصباح , إلي أين ذهبت ؟
الملكة زهرة وهي تدير نظرها بين المتواجدين في خوف وترقب : يا تري ما الذي أصابها ؟؟ أيعقل أنها تتجول وحدها كما أرادت من قبل ؟ ولكن الليل قد أقترب هي لا تطيل لوقت متأخر بالتأكيد ستعود بعد قليل ؟؟
الملك عزيز : لن ننتظر حتي تعود , فخر , علي , نزار , خذوا جنود معكم وأذهبوا للبحث عن أختكم لا تعودوا إلا بها .
فخر : أمرك يا أبي ...
المك عزيز ناظرا للملكة زهرة : عودي لجناحك الأن فالجو بارد هنا , وما أن يعودوا بها سأجعلها تزور جناحك أولا .
الملكة زهرة بتردد : أمر جلالتك .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي