الفصل الخامس والثلاثون الأخير

الحبيب قد أشتاق لحبيبه آلا تحن يا حبيبي وتعود إلي يوماً
نظرت نيراز فوجدته حقا ، لم تصدق عيناها ولكنه شمس الدين
شمس الدين بلهفة: هل تأذيتي أو بكي أي شيء ؟؟
نيراز متفاجئة: أنت تجلس حقا ، أنت تحدثني وتنظر إلى الآن
شمس الدين بإبتسامة: هل كنتي تريدين أن أبقي نائما كثيراً
نيراز: لا بالطبع ثم إحتضنته وغلبتها دموعها
شمس الدين: لا تخافي ملكتي أنا بجانبك لن ادع أحدا يمسك بسوء ثم أكمل بعصبية وهذا الحقير كيف يتجرأ عليكي هكذا
نيراز وقد إبتعدت عنه قليلا: لا تتعب نفسك مازال جرحك لم يتعافي بعد
شمس الدين: لا وقت للراحة الآن انهضي معي فدماء ذلك النذل لوثت المكان ،
أسندته نيراز حتي خرج لخارج الجناح وبعد مناداة الجواري وانتشار خبر إستيقاظ الملك حضر الوزراء سريعا لجناح الملك للاطمئنان عليه
الوزير سليمان: حمد لله على سلامتك مولاي ولكن لماذا تقف بالخارج يجب أن ترتاح..
شمس الدين بحدة: وكيف أرتاح أنظر للجنود ها هم نائمين على الأرض وكل وزير وقائد يلهو خلف الذهب والفضة وبالداخل توجد جثة الخائن فهد لقد حاول قتلي وأنا علي فراش الموت وأحمد الله أن الملكة نيراز كانت مستعدة للتضحية بحياتها لحمايتي ولكنها قتلته ولو كان على قيد الحياة سأقتله أنا ألف مرة
كان الجميع يقف مصدوما والكل خائف علي منصبه فالملك يبدو غاضبا من الكل إلا نيراز التي يشد على يدها
الوزير سليمان : بالتأكيد كانت تلك مؤامرة يا مولاي علي حياتك وسلامتك أسمح لي بأن أمر الجنود بمرافقتك أنت والملكة .
شمس الدين : الأهم من ذلك أجمعي لي الوزراء والقادة سأقابلهم بعد قليل في قاعة الديوان وأجعل الجنود يحملون جثة ذلك الخائن وليدفن بأي مكان وليتم تنظيف الجناح جيدا سأبقي بجناح الملكة ...ثم نظر لنيراز : هيا ملكتي .
ممسكان بيد بعضهما البعض مشي من أمام الجميع , أسندته نيراز برفق إلي أن دخلا داخل الجناح فما كان منه إلا أن شدها إلي أحضانه .
شمس الدين هامسا لها : أسف لأنك واجهتي هذا لو أن المر بيدي لأقتلعت عيناه قبل أن ينظر لكي .
نيراز وهي تبتسم بلطف : لا تقلق عليا أنا بخير , ولكن لماذا أخبرت الوزراء بأني من قتلته ؟ولم تقل حقيقة الأمر ؟
شمس الدين وهو يشد من إحتضانها : لو قلت نيته لكان قد تحدث الجميع بالسوء ويقولون ما لم يحدث بالطبع لن يستطع حينها أحدا قول ذلك أمامي ولكني لا أريد حتي ان تحدثهم أنفسهم بالأمر , بتلك الحادثة ستظهرين أنك الملكة القوية المحاربة وأنتي كذلك ملكتي .
نيراز : متي إستيقظت ؟ تبدو لي أنك مستيقظ منذ مدة ليس هذا حال شخص أستيقظ لتوه من نوم طويل ؟
رفعها شمس الدين من علي كتفه : بما أنك ذكية بهذا القدر لما لم تلاحظي إنني بالفعل قد أستيقظت منذ مدة؟؟
نيراز بإبتسامة :لنقل بأنك مخادع جيد أستطعت الإحتيال علي الجميع جيدا حتي علي اطباء القصر .
شمس الدين : أشتقت لكلماتك تلك التي لا يتجرأ سواكي علي قولها لي ... سأخبرك بكل شئ , حقيقة الأمر أنني لم أستيقظ سوي بالأمس عندما كان الوزير سليمان يحدثك , كنت قد بدأت حينها في إستعادة وعي ولما جلستي بجانبي ووعدتيني بأن تحافظي علي مملكتي ذلك أعجبني كثيرا وودت أن أري كيف تتصرفين , لقد كنت طيلة الأيام الماضية أشعر بقربك مني وبحبك لي وودت ان تبقي هكذا , ثم أسترعي إنتباه شئ ما , ولكن أخبريني , هل أنتي حامل بالفعل؟؟
ضحكت نيراز : تدرك كل هذا ولا تدرك تلك , لا ليس بصحيح لقد قلت ذلك أمام الجميع كي أفسد الأمور عليهم قليلا حتي تستعيد عافيتك .
شمس الدين مبتسما : وتقولين بأنني المخادع , هيا ساعديني لأبدل ملابسي سأجعلهم يندمون علي ما أقترفوه بحق ملكتي .
نيراز وقد أمسكت يده : لا شمس لا تفعل ذلك الملكة فردوس أمك ونور الدين أخاك وما زال صغيرا لا يدرك شئ .
شمس الدين : عندما كنت بنفس عمره أستعدت ملك أبي وفتحت الممالك والمدن , أصعب عليه أن يدرك أن ما فعله كان خطأ ومن تقولين عنها أمي وقفت أمام الجميع تستعجل موتي وتريد أخذ عرشي تعلمين لو علي ذلك فقط لكنت قد سامحتها ولكنها وقفت أمامك وهددتك لقد سمعت كل ما قالته , هي لا تتذكر حتي بالخطأ أني إبنه .
نيراز وقد وضعت يدها علي وجنتيه: ولكنك لست مثلها أنت زوجي حبيبي الذي يقف مع عائلته ويحميهم , أعلم بأن قلبك وروحك نقية وستسامح لا نريد المزيد من الدماء.
شمس الدين : إذن تعالي معي لا أريد أن أبقي بمفردي أمامها كوني بجانبي .
نيراز : بالطبع سأكون لا يمكنك أن تبعدني عنك حتي لو أردت .
بالفعل كان كالمتوقع كانت قاعة الديوان تضج بالوزراء والقادة لم يستطع أحد التغيب عن الحضور فأمر الملك كان حازما وبلهجة شديدة , علي رأس الحضور كانت الملكة فردوس وإبنها نور الدين فما أن علمت بمقتل الوزير فهد لم تستطع تحمل الأمر فأرتبكت بشدة وكان إبنها نور الدين يرتجف من الخوف بجانبها يعلم بأن شمس الدين سيفعل بها الأفاعيل وكيف لا يفعل فبالتأكيد يعلم بأن نور الدين كان يضع عينه علي عرشه وأستغل فرصة مرضه .
الكل خائف ومرتقب لما سيحدث فالوزير فهد كان بمكانة عالية ومقتله هكذا كان مدويا وتحذيرا للجميع مما سيصابهم ,لا أحد الأن بعيدا عن سيف الملك ...
أعلن الحاجب وصول الملك فنكس الجميع رؤسهم لتحيته ,دخل شمس الدين قاعة الديوان في أبهي صورة ولأول مرة رافقته نيراز يدا بيد يمشيان بين الجميع يعطيان بعضهم البعض القوة والدعم .
جلس شمس الدين وبقيت نيراز واقفة بجانبه فنظر لها مشيرا لها بأن تجلس بجانبه علي العرش الفخم ,
كان شمس الدين حادا في كلماته مع الجميع كما كان متوقعا بالنسبة لهم حتي أنه أمر الوزراء والقادة بان يتبرع كلا منهما بعشرة ألاف قطعة ذهبية لخزينة الدولة ومن يعترض يعزل من منصبه ,كان ذلك تأديبا لهم بما أخذوه من الملكة بالأمس حين مرضه ,
حين دور امه الملكة فردوس وأخيه نور الدين فأمسكت نيراز بيده , وأمر شمس الدين بأن يعودوا لقصر الشمال ولا يأتوا إلي القصر إلا بدعوة من الملك وبأن تمنع الملكة فردوس من ممارسة أي عمل سياسي وأن إحتفاظها بلقب الملكة ما هو إلا لقب شرفي تنعم به لحين موتها ولا يترتب عليه اي واجبات ملكية أو مميزات من الملك , بينما كن الحكم علي نور الدين بأن يبقي برفقة الملكة فردوس وأن لا تتعدي رتبته إلي وزير أو قائد بالجيش إلا بعد أن يخضع لتقيمات عالية من الملك .
يعلم نور الدين بأن شمس الدين كان رحيما بهم هكذا فقد كان يتوقع أن يقطع رقابهم ...
بنهاية الجلسة وقف شمس الدين من علي العرش وقامت نيراز لتقف بجانبه فأمسك بيدها أمام الحضور جميعهم ....
شمس الدين : منذ اليوم فليصدر قرارا مختوما بإسمي أنا الملك شمس الدين أبن الملك سعد الدين وملك مملكة السهم والسحاب بأنه من اليوم ستكون الملكة نيراز هي شريكتي في الحكم وبأن مملكة السحاب ستكون تحت حكمها وبأني سأدعم قرارتها ووجهتها وبأن من يعادي الملكة نيراز كأنما قد عاداني أنا ,
إنتهت جلسة الديوان وبينما كانت نيراز تمشي برفقة شمس الدين للوصول لجناحهم ..
شمس الدين : لماذا تصمتين هكذا , توقعت ان تكوني سعيدة وتظلي تتحدثين لقد فعلت ما أردتي ؟
نيراز : لماذا فعلت ؟
شمس الدين : لأنك طلبتي ...
نيراز : ولكني لم أطلب ان تعطيني حكم مملكة وان أشاركك في الحكم .
شمس الدين : هذا بالأمر الهين مقارنة بأنك تشاركيني في قلبي , ثم إبتسم لها .
نيراز : أنا لا أمزح يا شمس الدين ؟؟
شمس الدين : حقا أنا لا أمزح , من تستطيع جذبي هكذا وتملك قلبي وتأسرني إلي ذلك الحد وكلما تعمقت بها كانت كالبحر لا يمكنني أن أبتعد عنه ولا أجد شاطئ ينجدني من غرقي به , تلك تكون ملكة دنيتي وعالمي , ومن الأساس مملكة السحاب أخذتها من أجلك أنتي فقط ألا تذكرين هي لك وأيضا لا تقلقي ستبقين برفقتي وسيكون كل شئ علي ما يرام إن أردتي يمكنني أن أعطيكي نصائح بالحكم فأنا ملك قديم ولدي بعض الخبرة .
نيراز باسمة : لا شكرا سأطلب النصيحة من أبي الملك عزيز ؟؟ أها لقد تذكرت سيأتي أبي وجيشه ؟
شمس الدين : لقد أمرت بأن يرسل له خطاب بأن الأمور بخير وأيضا دعوته لزيارة المملكة هو والملكة زهرة أعلم أنك تشتاقين لهم .
نيراز : أنت أفضل ما حصلت عليه طيلة حياتي زوجي العزيز .
شمس الدين : أراكي سعيدة حقا بهذا , إذن ماذا ستفعلين فلدي الكثير من أجلك ؟
نيراز : هل بقي شئ أخر ؟؟
شمس الدين : بالطبع ملكتي , ما أن تتحسن حالتي أكثر فلنغادر أنا وأنتي في جولة ولنبقي معا وحدنا قدر ما نشاء فلنستمتع بوقتنا سوية رفيقتي
نيراز : حسنا يبدو هذا رائعا ...
مرت الأيام والأمور أستقرت أكثر بقصر مملكة السهم والأجواء أصبحت هادئة , غادر من قدر له الرحيل , لم تترك نيراز جانب شمس الدين أبدا فنعم بحبا ودفء جمع بينهما ولقد آلف الله بين قلبيهما فوجد شمس في نيراز حنان الأم الذي أفتقده ووجدت نيراز فيه رفيق شاركا بعضهما فيما يحبان ودعم بعضهما في الحزن وطمأن بعضهما في وقت الخوف وأعطي بعضهم الأمان , قدما كلا منهما للأخر ما كان يحتاجه ويتمناه في شريك حياته ومازال لديهم الكثير ليقدمانه لبعضهم البعض حمي حبهما وحمي كلا منهما الأخر لم يكن شمس الدين ليجد مأمنا سوي في أحضانها ولم تجد هي الحرية سوي في وجودهم معا , لعل كل منهم قويا ولكنهم أقوي معا لعل كل منهما جميلا ولكنهم أجمل معا , وجودهما معا يغنيهم عن الكون بأسره فقلبيهما أكتفيا من الحب بحبهما لبعضهما البعض , وأي حب يمكنه أن يضاهي مثل هذا الحب الذي نما بداخلهما ويكبر بمرور الأيام كان منذ بداية الأمر كنبتة برية تحارب من أجل البقاء والإستمرار فكان حبهما يتوغل كيانهما لعل أجمل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي