الفصل السادس

كان الظلام قد أشتد ولم تعد الميرة نيراز إلي الأن , وكان أخواته الثلاثه والجنود قد وصلوا للغابة , أضاء بعض الجنود المشاعل ليضيئوا الطريق فقد كان الظلام دامس فالمر لم يكن مكتملا تفرق الأخوة في ثلاث مفارق كلا منهما أصطحب بعض الجنود معه وذهب ليبحث عن الأميرة الغائبة .
كان الملك عزيز ينتظر الأخبار بقاعة الديوان يتمني ان يخبره الحاجب بأن الأمراء قد عادوا ومعهم الأميرة سالمة , والملك سلطان يجلس هو الأخر يتفحص إبنه جودت من بعيد يشعر بأن هناك خطب ما وأن إبنه لم يقل الحقيقة ولكنه أجل ذلك لوقت أخر ....
مر وقتا طويلا وكلما مر الوقت أزداد القلق وتوترت الأجواء , لم يعد الأمراء ولم يأتي أي خبر يبشر بزول تلك الغمة ..
لم تذق الملكة زهرة النوم لا هي ولا من في القصر الجميع مترقب لما يحدث ولا يستطيع أحد أن يصدر صوتا فالأنفاس محبوسة في أنتظار الأخبار ..
أتي الصباح وأشتدت الشمس وسطع النهار بكامل نوره وهنا عاد أحد الأخوة وهو المير نزار الذي أستقبله أبيه وأمه في لهفة لمعرفة الأخبار .
الملك زهرة : فين أختك يا نزار ؟؟ ليه ما جتش معاك ؟
الأميرنزار وهو يمد يده لإحتضان أمه ويهدأها : أهدي يا جلالة الملكة ؟
الملك عزيز في محاولة منه ليكون هادئ : إيه الأخبار يا نزار , عثرتوا علي الأميرة أو أي أخبارعنها ؟
الأمير نزار : بحثنا في جزء كبير منها يا مولاي ولم نجدها إلي الأن , أتيت لأخذ المزيد من الجنود معي لنحاول تكثيف بحثنا خلال النهار وإن شاء الله سنجدها , لن نعود إلا وأختنا معا , بعد إذنك مولاي يجب أن أعود للبحث .
رحل الأمير نزار من أمامهم ليجلب المزيد من الفرسان بينما الملكة زهرة أشتد وعلي صوت بكاءها علي أبنتها المفقودة .
أما الملك توجه إليها وأحتضنها بلطف وأتكأت هي عليه : بنتنا يا مولاي , ما الذي أصابها ؟
الملك عزيز : لا تقلقي ستعود سالمة لو إضطررت لأرفع كل حجر لأبحث عنها سأفعل ذلك .
كان الملك سلطان قد أنتهز الفرصة وأخذ إبنه الأمير جودت إلي جناحهم ليفهم ما الذي حدث ..
الملك سلطان : ييجب أن تخبرني بكل شئ الأن ما الذي حدث وإلي أين ذهبت الأميرة ؟
الأمير جودت : أخبرتكم بالفعل لقد تركتني ورجعت إلي القصر منذ أن خرجنا في أول اليوم .
الملك سلطان وقد صفعه علي وجه : تجرؤ وتكذب عليا أنا والدك وملكك ؟؟ أدري ان هذا ليس بالحقيقة أخبرني الأن ماذا فعلت لها كي أستطيع إخفاء الأمر إذا علم الملك عزيز أو شك بصدق حديثك لن يتردد في قطع رأسك .... هيا أخبرني ؟
الأمير جودت وهو مازال ممسك بوجهه من أثر القلم : لم ألمسها , لقد هاجمونا قطاع الطرق وأستطعت انا الفرار وبقيت هي معهم لا أعلم ما الذي فعلوه لها , لا أدري هل ماتت أم مازالت علي قيد الحياة , أنا نجوت بنفسي منهم وتركتها لهم .
الملك سلطان وهو ينظر لأبنه ثم تحدث بصوت عالي : لو كانوا قتلوك كان سيكون ذلك أهون عليك من المذلة التي ستلقاها ما أن ينتشر خبر أنك تركت عروسك لقطاع الطرق , ستخسر إسمك وسمعتك وهيبتك كأمير هذا إن سمح لك الملك عزيز بالبقاء علي قيد الحياة بعد معرفته لذلك
المير : ومن أين سيعرف ؟؟ لا أحد يعلم هذا سواي وأنت وقطاع الطرق .. أنا لن أخبره ولن يأتي إليه قطاع الطرق ليخبروه بأنهم طمعوا في إبنته أويكونوا قد قتلوها ربما يتبقي أنت يا أبي , هل ستخبره ؟
الملك سلطان وهو يفكر مليا : يجب أن نحرص علي أن لا يعرف أحد شئ وسأحاول العثور علي قطاع الطرق أولئك وأعطيهم الذهب لكي نضمن ألا يتحدثوا أبدا , وأنت خذ معك بعض من جنودنا وعد مع الأمير نزار للبحث عن الأميرة كن معهم ولا تدع أي أحد يشك بالأمر .
نفذ جودت ما أراده أبيه , تم البحث في الغابة مرارا وتكرارا , إستمر البحث طول النهار إلي أن أشاح الليل بسواده في الأفق وتعب الجنود والفرسان من كثرة البحث وقلة الماء والأكل فأتفق الأمراء علي العودة للقصر لإراحة الأحصنة والجنود ومن ثم يعودوا للبحث من جديد .
مما أن عاد الأمراء للقصر حتي ملأ اليأس الصدور وذلك لعدم إيجادهم ألأميرة نيراز طوال هذا الوقت من البحث الكثيف , عزفت الملكة عن الطعام وبقيت بغرفتها وأنقسم ظهر الملك عزيز لعدم إيجاد إبنته , الأن هو يشعر بأن شئ ما سئ قد حدث لها وبأنها لا تملك القدرة علي العودة للقصر , هو يعلم إبنته ويعلم أنها في حالة سيئة الأن يشعر بذلك .
في قصر الملك شمس الدين , كان شمس الدين يأكل طعامه في غرفته بمفرده ما أن طلب أحد الجنود الإذن بالدخول فسمح له شمس الدين ..
الجندي : تحياتي مولاي , الطبيبة الملكية أتت لرؤيتك كما أمرت ,
الملك شمس الدين : أدخلها ,
الجندي : أمرك مولاي ,
خرج الجندي وعاد مرة أخري وبرفقته إمرأة أربعينيه أنحنت قليلا وأخفضت رأسها لتحية الملك .
الملك : كيف حال الفتاة الأن ,
الطبيبة : مولاي , لقد فعلنا كلنا ما وسعنا , طهرنا جروحها وأعدننا الوصفة اللازمة لعلاجها ولكن هذا سياخذ المزيد من الوقت فمازالت جروحها حديثة وتحتاج للوقت .
الملك شمس الدين : أريدها ان تستفيق بأقرب وقت , كوني معها ولا تتركيها وأخبريني دائما عن حالتها .
الطبيبة : أمرك يا مولاي .
غادرت الطبيية من أمام شمس الدين الذي ترك الطعام ووقف علي الشرفة الكبيرة التي في غرفته تطل علي قبة القصر الداخلية ..
شمس الدين محدثا نفسه : يا تري ما قصة تلك الفتاة ؟ لماذا كلما نفترق يجمعنا القدر من جديد , فتاة جميلة مثلها ,, لا لا يا شمس الدين لن تفكر فيها أبدا يكفي أنتبه لمصالح المملكة .
بعد ذلك توجه شمس الدين لسريره كي ينام حاول مرارا وتكرارا النوم فلم يستطع , لم تخلو رأسه من الأفكار لمدة لحظة واحة راسه مشوش من كثرة الأفكار التي تعصف به لم يحد حل لأ{قه فترك فراشه الدافء وذهب للتجول في القصر مشي لبعض الوقت إلي أن توقف أمام إحدي الغرف بالقصر , جناح كبير تغطي الستائر الحريرية مدخله ,
شمس الدين : أيعقل هذا ؟ أتيت لغرفتها ؟ ليس عقلي فقط من يفكر بها حتي قدماي تذهب إليها دون أن أدري .
كان سيكمل طريقه ولكن نفسه رغبت برؤيتها وألإطمئنان عليها , ولم يفكر كثيرا فسرعان ما دخل وجد جاريه تنام بجانب السرير تحسبا أن تحتاج لشئ لم ينظر للجارية التي هبت وواقفة ما أن شعرت بدخوله فأستأذنت للخروج ولم يسمع من حديثها شئ فلقد كانت عيناه وحواسه مع تلك النائمة , ذات الشعر الأسود الذي ينام بجانبها ملامح جميلة وهادية ووجه صافي رغم كثرة الجروح التي تغطيه أنفاس هادئة وعيون مغمضة منذ أكثر من يوم ونصف , أقتر ببطئ منها وتأمل وجهها كان بعالم أخر , تذكر حصانها الذي رأه يقف أمامه يضرب بالأرض من شدة الغضب علم وقتها انها تحتاج للمساعدة , تذكر رؤيته لها بالأمس وهي تحارب وحدها نمرا شرسا كانت هي ندا قويا له , تذكر الألم الذي أشتعل في صدره ما أن سقطت أمامه تنزف لم يشعر بهكذا ألم من قبل لا مثيل له عنده وهو الذي خاض الحروب منذ ان كان في التاسعة من عمره , مد يده ليتلمس وجهها الصغيرة ولكن سرعان ما سحب يده وعاد لرشده
وغادر مسرعا يلوم نفسه علي إستباحة حرمتها وهي نائمة هكذا ,
بدأ اليوم التالي منذ الصباح الباكر في مملكة القوس فالأمراء والجنود تجهزوا لمعاودة البحث عن الأميرة نيراز ولن يكتفوا بالبحث عنها في الغابة فقط بل سيتم تفتيش الحدود القريبة من تلك الغابة وتلك هي الحدود التي تجمعهم بمملكة السهم , كانت الحركة علي الحدود نشطة جدا وهذا ما أثار إنتباه مملكة السهم وسرعان ما تم إيصال الأخبار إلي القصر لتبليغ الملك بها
وعند إنعقاد جلسة الديوان قام الوزير فهد وهو قائد الجيش بالحديث : مولاي وصلتنا أخبارمن الحدود أن مملكة القوس بتقوم بجولات مستمرة علي الحدود وده خطر علي امن مملكتنا بطلب من جلالتك نرد عليهم بحزم أكبر لازم نعطيهم رد بأن حدودا مش لجولاتهم اليومية وأننا نقدر نقف بالمثل ليهم .
الوزير سليمان : أسمحلي يا مولاي جولات مملكة القوس لم تتعدي علي حدود مملكتنا أبدا كل نشاطهم كان في نطاق الأراضي التابعة ليهم ومكنش فيه أي ضرر واقع علي أرضنا .
الوزير فهد : بإذن جلالتك يا مولاي , إحنا مش هننتظر أنهم يهجموا علينا داخل قلعتنا تأمين مملكتنا وحمايتها بيدأ من تأمين الحدود ولا زم ميكنش فيه أي تهاون في التأمين ده .
الوزير سليمان وهو ينقل نظره بين الملك وغريمه الوزير فهد : يا مولاي حياتي فداء للمملكة وللملك , أكيد هنأمن حدودنا ولكن لا يجب علينا التسرع والبدء في حرب أو نزاعات نحن في غني عنها , الملك عزيز ملك مملكة القوس معروف عنه أنه ملك نبيل لا يغدر بأحد وبعث ألينا بمراسلات من قبل مفاداها نشر السلام بين المملكتين وأكيد جلالتك تعلم بذلك .
الوزير فهد : الأخبار بتؤكد يا مولاي أنه تم الإتفاق بين الملك عزيز والملك سلطان علي إتمام زواج بين إبنة الملك عزيز الأميرة نيراز وإبن لملك سلطان وولي عهده الأمير جودت , والزواج ده هيوحد مصالحهم معا ومش بعيد تكون مملكتنا هدفهم الفترة الجاية .
الملك شمس الدين : كل الإفتراضات موجودة , يا وزير مهدي زود عدد الجنود علي الحدود وأنشر المزيد من جواسيسك في الطرقات لازم تكون كل الأخبار عشان نكون مستعدين لأي شئ .
الوزير مهدي وهو يشعر بالنصر علي الوزير سليمان : أمرك يا مولاي .
قطع الديوان دخول أحد الحراس الذي أستأذن بالحديث فسمح له الملك ..
الجندي : مولاي , الطبيبة الملكية تخبر جلالتك بأن ضيفتك قد أستفاقت وتطلب رؤيتك .
أرتاح صدر الملك لما سمع وظهرت إبتسامة علي وجهه سرعان ما أخفاها حتي لا يلحظها أحد .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي