الفصل الثامن

نيراز : خير جلالتك , هل هناك شئ ما ؟
شمس الدين وهو يعصب يديه خلف ظهره : رأيتك تقفين هنا لماذا خرجتي بهذا البرد , ما زالت جروحج لم تلتئم بعد يجب أن ترتاحي .
نيراز : بالتأكيد ساعود حالا , ولكني سئمت من النوم وأردت إستنشاق بعض الهواء , ثم تنهدت ببطئ , أشكر جلالتك علي إنقاذي لقد تفضلت عليا مرة أخري , ثم أنحنت قليلا لتحيته بطريقة ملكية .
شمس الدين وقد أقترب بعض خطوات منها ووقف بجانب السور هو الأخر : لا أعلم لماذا كان حظك سيئ بهذا اليوم بالول مع المهاجمين وقطاع الطرق والثانية كانت مع نمر شرس أنا متأكد أنني لو تأخرت قليلا كان سيفتك بك ولم يكن سيبقي منك قطعه صغيرة حتي , حتي أسوأ أعدائي لم أكن سأتمني لهم تلك النهاية .
نيراز وهي تبتسم من محاولته للتفاخر بنفسه : أعلم هذا ولذلك أشكر جلالتك , لقد كان حقا تصرف بطولي منك عندما أنقذتني في المرتين , ولكن هذا واجبك كملك وواجبك أيضا كفارس ورجل وجد من يحتاج لمساعدته .
نظر إليها شمس الدين بتعجب من تلاعبها بالكلام معه فهي تدرك أنه الملك ورغم ذلك تباغته في الحديث : لا داعي للشكر , ولكن أتمني أن لا تقع بمثل هذه المشاكل مرة أخري , والأن أريد أن اسألك علي شئ ويجب أن تجاوبي بصدق
نيراز : بالتأكيد جلالتك ؟؟
شمس الدين : كيف واجهتي ذلك النمر وماذا فعلتي له حتي تركك وهرب ؟
نيراز : جلالتك تعلم لقد جرحني بمخالبه ومازلت لم أتعافي بعد ولا أعلم لماذا هرب , بالتأكيد عند رؤيته لجلالتك قادم قد خاف وهرب .
شمس الدين : يمكن هذا , الأن عودي لجناحك كي تستريحي سأرسل لكي الطبيبه غدا كي تطمئن عليكي ,
كان سيمضي شمس الدين في طريقه ولكنه توقف لما ناداته نيراز مره أخري : جلالتك , أريد أن أري حصاني ؟ هل جرح أو أذاه شئ ما ؟
شمس الدين : لا هو بخير ولكنهم أخبروني أنه لا يأكل ولا يصمت أيضا , لم يستطع أحدا الإقتراب منه , سأرسل إليكي أحد الجنود في الغد كي يصحبك لمكانه بالتأكيد هو يتصرف هكذا لأنه قلق عليكي مثلما تقلقين أنتي عليه .
نٍيراز : أشكر جلالتك , ساهتم به لن يزعج احدا بعد الأن .
كان يريد شمس الدين أن يطيل من حديثه معها ولكنه ذهب في طريقه .
اشرقت شمس يوم أخر , تحرك الأخوة وكرروا ما يفعلوه منذ ثلاثه أيام توجهوا بخيولهم للبحث عن أختهم المفقودة , كان الأمير جودت وأبيه قد رحلوا من الليل , لم يودعهم أحد أثناء رحيلهم فقط غادروا ,
ذبلت الملكة زهرة وألتزمت فراشها ونصحها الأطباء بالراحة وتناول الطعام حفاظا علي صحتها , تمالك الملك عزيز نفسه أمام الجميع وأظهر ثباته ولكن من داخله كان الألم يقسمه لغياب إبنته الحبيبة ,
مر يومين بعد هذا اليوم كانت نيراز قد تعافت بشكل كبير لم تقابل الملك شمس الدين أو تحدثه منذ أخر مرة عندما تحدثوا ليلا سويا عند السور الداخلي ..
كان شمس الدين يتابعها من بعيد وتصل أخبارها إليه من الطبيبه الملكية , كان يتعمد التهرب من لقائها أو رؤيتها لأنه يدري أن هناك خطب ما يشعر به بينها وبينه ...
كان الوزير سليمان عند الملك شمس الدين يحدثه في امر ما , عندها طلب الوزير مهدي الإذن بالدخول وكان وجهه يبتسم بشدة لا حظ الملك ذلك والوزير سليمان أيضا .
الوزير سليمان : خير يا وزير مهدي , لا أراك هكذا إلا عندما تحقق نصرا ما وأنت لم تخرج لحرب ما في الوقت القريب فما سر إبتسامتك هكذا ؟
الوزير مهدي : النصر قد أتي إليىرغم أنني لم أذهب لأي حرب , ونصر مميز وسمين .
أستغرب الوزير سليمان من حديثه هكذا ولكن الملك شمس الدين بادر بسؤاله : ماذا تقصد ؟ وضح ما تقول وشاركنا فرحتك ؟
الوزير مهدي : مولاي , أبلغني الجواسيس بأن الأميرة نيراز إبنة الملك عزيز مفقودة منذ أكثر من خمسه أيام وذلك هو سبب بحثهم في الغابه الحدودية الأيام الماضية .
الوزير سليمان : وما الذي يسعدك في ذلك , أميرة غائبة كيف يفيد ذلك مملكتنا بأي حال .
الوزير مهدي بزهو : إذا كانت غائبة فقط هذا لا يهمنا , ولكن إذا كانت موجودة بقصرنا فهذا شئ أخر ..
الملك وهو ينتفض من مجلسه : ماذا تقصد ؟؟ ثم توجه فكره لتلك الفاتة التي أنقذها بنفسها , أتقصد أنها تلك الفتاة التي عدت بها جريحة منذ بضعه أيام .
الوزير مهدي : نعم يا مولاي هي نفسها كل الظروف تقول بأنها هي ,
الوزير سليمان : لا يمكن أن تتأكد هكذا فمن الممكن أن يكون ظروفهم متشابهة فقط ولكن ليس بالضروري أن يكونا نفس الشخص , لم تقل الفتاه التي لدينا بأنها أميرة قط .
الوزير مهدي : وكيف ستخبرنا بأنها أميرة مملكة عدوة لنا , هي تستغل عدم معرفتنا بهذا وتتجول داخل القصر كي تجمع المعلومات عنا لأبيها ولمملكتها تتجسس علينا .
الوزير سليمان : يجب ألا نتسرع , كان من المصادفة دخولها قصرنا حتي وان كان كلامك صحيح لا يمكن أن نعتدي علي إمرأة عزلاء لدينا وما بالك بأنها ليست مجرد إمرأة ولكنها أميرة أيضا .
الوزير مهدي : نحن في حرب يا وزير سليمان وكل شئ مباح , وهي الأن أسيرة لدينا لقد أرسلت جنودي قبل أن أتي لهنا ليقبضوا عليها ونحقق معها في كل شئ .
كان شمس الدين صامت لا يرد فقط شارد في عالم تاني , لماذا أخفت ذلك عنه كانت تراه كالأحمق وتتلاعب به كل هذه الفترة , لو كانت قد أخبرته لأعاداها إلي أبيها ولقصرها بنفسه ولكنها تلاعبت به , هذا ما كان يجول بخاطره ..
الوزير سليمان : جلالتك رأيك ايه , لازم توقف إعتقالها لأن ده هيسئ لسمعتنا .
غادر شمس الدين دون أن ينطق بكلمة توجه إلي حيث جناحها ومن خلفه وزيريه وقبل أن يقترب سمع صرخات عالية تأتي من جهة الساحة المقابلة لجناحها , رأها في المنتصف ومن حولها الجنود يهاجمونها بالسيوف وتواجهم هي الأخري رأها تحارب مثل أشجع الفرسان أصابت جندي فالأخر ومن يليه أخرين ... ومن ثم نظرت في عينيه كانت بعيدة عنه ولكنه فهم أنها غاضبة ومن ثم جرت بعيدا والجنود يلحقونها , تسمر مكانه لم يقدر علي الجري خلفها أو إيقاف جنوده لم يدري ماذا يفعل ولكن ما إن عاد لرشده حتي حاول اللحاق بها كي يضمن ألا تصاب بأذي من جنوده الذين يريدون أسرها فقط ولا يهم ما أن كانت حية أو جريحة وقتها...
في إسطبل الخيل دارت مواجهة عنيفة بين نيراز وبعض الجنود الذين حاولوا إيقافها , ولكن كانت محاولتهم دون جدوي فليس بهم من هو بمهاراتها , سرعان ما تخلصت منهم نيراز وأخذت حصانها الذي قطع اللجام ما أن رأها تقاوم الجنود , إنطلقت به تحاول العبور من بوابات القصر كان شمس الدين وراءها أصدر الوزير سليمان أوامره بغلق البوابات كانت نيراز تقود حصانها بسرعة البرق كي تستطيع أن تنقذ نفسها وتنقذ إسم عائلتها ومملكتها بأقصي طاقتها توجهت للبوابات التي كادت أن تغلق من قبل حراسها إلا أن بفضل الله ومن ثم بفضل سرعة حصانها تمكنت من العبور منها علي أخر لحظة .
مضت بحصانها سريعا كان شمس الدين هو الأخر ما زال خلفها كانت متيقنة من أنه يريد إيذائها فلم تتوقف أبدا .
كان شمس الدين يحاول اللحاق بها ولكنها كانت في المقدمة وكلما يظن أنه أقترب منها تسبقه هي أكثر فأكثر .
كان فرسان تابعين للملك شمس الدين قد تبعوه في ملاحقته للأميرة , كان المسهد كالأتي نيراز بالمقدمة ومن بعدها شمس الدين يحاول اللحاق بها ومن خلفهم فرسان شمس الدين , منهم رماة أطلقوا سهامهم صوب ظهر نيراز في محاولة منهم لإصابتها ما أن رأي شمس الدين السهام حتي أعطي إشارة لهم بأن يوقفوا إطلاق السهام , بالطبع لم يشأ أن يلحق بها أي أذي .
ظلت هكذا نيراز تعدو بحصانها إلي أن وصلت لحدود الغابة من جهة مملكة السهم ورأت من بعيد علم مملكتها عرفت أنها وجدت ضالتها وأعطاها هذا دفعه لتنجو من ملاحقة الملك شمس الدين وجنوده..
ما أن رأها أخوانها من بعيد وتعرفوا عليها حتي أمروا الجنود بإطلاق السهام علي من يجري خلفها ويطاردها , كانت السهام ترمي علي شمس الدين وجنوده كالشرر المتلاحق لم يشأ شمس الدين التشابك معهم والقتال كان يكفيه أنه يعلم أنها بأمان الأن .
نيراز ما أن وصلت إلي أخوانها الأمراء , ببطئ أوقفت ونظرت إليهم نظرة نصر وإبتسمت ثم هوت علي ظهر حصانها غائبة عن الوعي ..
أخذها أخوانها وعادوا بها سريعا إلي القصر وسرعان ما أتي أبيهم الملك عزيز والملكة زهرة , حملها أخيها فخر وأدخلها جناحها الملكي لتنام علي سريرها بعد غياب , كانت أمها الملكة زهرة بجانبها تمسك بيدها وتقبلها وأتت الطبيبة الملكية سريعا لتعرف ما بها , لاحظ الجميع الإصابات والجروح التي كانت ظاهرة علي وجهها ورقبتها رغم أنها كانت تتعافي منها ولكن ما زالت ظاهرة عليها .
الملك عزيز : أين وجدتموها ؟؟ كيف أصيبت هكذا .
قص الأمير فخر علي أبيه ما حدث ..
الملك عزيز بغضب شديد : إزاي الملك شمس الدين يعذب بنتي الأميرة بالشكل ده ؟؟ لم تعد بمملكة السهم نخوة أو رجولة ؟ ثم أكمل بتوعد : سأريه كيف يعامل إبنتي هكذا ؟
الملكة زهرة وهي تبكي وتلمس رأس نيراز : بنتي حبيبتي ؟ يا تري شفتي إيه الايام اللي فاتت؟
الأمير علي بحماس : لازم ردنا يكون قوي وحاسم , الإيذاء اللي حصل لأختنا لا يمكن نصمت عليه أبدا .
الأمير فخر وهو ينظر لأبيه : أوامرك يا مولاي , لو شئت نجهز الجيش للهجوم .
الأمير نزار وهو ينحي أما والده : أرجوك يا مولاي بلاش نتسرع وناخد القرار في وقت غضب , ننتظر لعل الأمور ليست كما تبدو .
الأمير فخر : ننتظر ايه يا سمو الأمير , لو مردناش علي التصرف ده هيعتبر شمس الدين أننا مباحين له وومملكتنا كمان هتخسر شرفها ومكانتها , وبعدين إزاي نتهاون في اللي حصل لأختنا , دي كانت أسيرة عنده , لقد رأيت كيف كان يلاحقها هو وجنوده كان يريد أن يستمر في أسرها مدي الحياة الحياة ,ثم أشار بيده لنيراز وهي نائمة أمامهم : هل تري الجروح التي تملأ وجهها لا ندري كيف عذبها وإلي أي مدي قام بإيذائها .
الملك عزيز وقد هدأ بعض الشئ : يا طبيبة أخبرينا ماذا بها الأميرة ؟
الطبيبة الملكية : مولاي , الجروح التي بوجه سموها ليست من فعل إنسان تلك جروح مخالب حيوان .
الملك عزيز : هل أنتي متأكدة ؟
الطبيبة : نعم يا مولاي , أثار الجروح ما زالت واضحة ومميزة والأميرة فقط فاقدة للوعي ستفيق بعد قليل جروحها قد دمت من جديد وذلك لأنها لم تكن ألتئمت بعد وتحركت الأميرة كثيرا .. هذا ما أفقدها وعيها .
الملكة زهرة : هذا يعني أنها ستكون بخير ؟
الطبيبة : إن شاء الله ستستيقظ بعد قليل ..
الملكة زهرة : الحمد لله ثم دنت من نيراز وقبلت رأسها بحنان .
مر بعض الوقت وما زال الجميع بغرفة نيراز منتظرا إستفاقتها , بدأت نيراز ببطئ تفتح عينيها من جديد لتجد أمامها وجوه مألوفة محببة بالنسبة لها فتبتسم شفاها تلقائيا .
الملكة زهرة بإبتسامة تمتزج بالدموع : حمد لله علي سلامتك , هل تشعري بأي ألام ؟
الأميرة نيراز : أنا بخير يا أمي لا تقلقي.
الملكة زهرة : كيف تغيبي عنا هكذا , لم أذق طعم الراحة منذ غيابك ؟
نيراز : أنا أسفة لم يكن الأمر بيدي , تعلمين أنني لا أقدر علي غيابك أمي لحظة واحدة
الملك عزيز وقد أقترب منها ليجلس بجانبها ووضع يده علي رأسها : إبنتي المفضلة , أشتقنا لكي كثيرا , أطلتي بغيابك عنا لا أعلم ماذا سأفعل عندما تتزوجي وتتركي القصر .
نيراز وهي تبتسم : لا تزوجني وهكذا سنظل معا .
ضحك الجميع عليها ثم تلمس الملك عزيز وجهها ببطئ : ماذا حدث لكي كيف وصل بك الأمر أن تهربي من الملك شمس الدين ؟
نيراز : تلك قصة طويلة يا أبي , عندما خرجت برفقة الأمير جودت ...
قصت نيراز عليهم القصة كلها إلي أن وصلت للنهاية وهي تجري والملك شمس الدين يتبعها .
الملك عزيز : هل واجهتي كل هذا وحدك ؟ لن أسمح بأن تخرجي بمفردك مرة أخري .
نيراز وهي تضحك وتداعب أبيها : لم أكن وحدي , كان معي زوجي المستقبلي الذي أردته يا أبي .
الملك عزيز : هذا الجبان لن يكون أبدا زوجك , بالأساس لقد طردته من القصر منذ عدة أيام ولن أسمح بعودته إلي هنا أبدا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي