الفصل العاشر

في اليوم التالي وصلت رسالة ملكية من الملك عزيز للملك شمس الدين وتلك هي أول رسالة بين الملكين منذ فترة طويلة أنقطع فيها التواصل بين المملكتين الجارتين ..
الوزير سليمان بعد أن قام بتحية الملك شمس الديوان في غرفته الملكية : مولاي , وصلت رسالة لجلالتك من الملك عزيز .
الملك شمس الدين بتعجب : أقرأها عليا , فلنري قراره .
الوزير سليمان وقد فتح الختم الموضوع علي الرسالة وبدأ بالقراءة وكانت كالتالي : تحية طيبة من الملك عزيز ومن مملكة القوس للملك اليافع شمس الدين , في البداية أشكرك شكرك كبيرا علي إنقاذك أميرتي هذا معروف منك ودين عليا لن أنساها و. ما فعلته دل علي اخلاق الفرسان التي طالما تحلي بها النبلاء بممكلة السهم , أعلم بأن أخر موقف حدث بين جلالتك وبين أبنائي كان مجرد سوء تفاهم بين الطرفين , وأشكر جلالتك علي إستضافة إبنتي الغالية لأكثر من خمسة أيام هذا فضل زائد منك عليا وعلي أسرتي , أود أن أنتهز تلك الفرصة وأن أدعو جلالك علي مهرجان الحصاد الذي تنظمه مملكتي كل عام يشرفنا حضورك وأتمني لحكمك الإزدهار , توقيع الملك عزيز .
رفع الوزير سليمان رأسه : هذا هو الملك عزيز دائما ما كان سباق لإيجاد السلم والسلام , لم أتوقع غير ذلك منه .
الملك شمس الدين : أعلم أنه صديقك ولكن هذا لا يعني أنه حقا يريد حقن الدماء لربما كانت تلك مجرد خطة منه للإيقاع بنا .
الوزير سليمان : أنا لا أنكر أبدا أنه صديقي يا مولاي بل أتشرف بذلك , ولكن كلمة حق الملك عزيز لا يتلاعب بوعوده هو حقا ملك يسعي لمصلحة شعبه وأتمني من جلالتك أن تمد يدك بالسلام له ثم أكمل بخبث ولعل تكون علاقة مملكتنا بمملكته أوثق وأمتن في الوقت القادم .
الملك وقد كان يميل لكلام الوزير سليمان : إذن فلترسل له رسالة سألبي دعوته وأحضر المهرجان , بالتأكيد لن أكون أول من يسفك الدماء , ولكن أن بدر منه شئ فلن أترك لا الأخضر ولا اليابس حينها .
الوزير سليمان وهو يبتسم : كما تريد مولاي , سأكتب الرسالة بنفسي وأمر الجنود للتحضر للذهاب لمملكة القوس وسأشرف علي إعداد الهدايا لتي سنقدمها بنفسي.
مر يومين كانت الأخبار خلالهم قد أنتشرت عن ذهاب الملك شمس الدين لمملكة القوس وعلمت الممالك المجاورة بأن مملكتي القوس والسهم في طريقهم للإتفاق معا طبعا كان منهم الفرح لهذا الخبر ومنهم الناقم ومن الناقمين كانت مملكة السحاب وملكها الملك سلطان وإبنه الأمير جودت .
كان الأمراء فخر وعلي كلاهما معارضين لزيارة الملك شمس الدين ولكنهم لا يقدرا علي الإعتراض علانية علي قرار والدهم الملك بينما دعم الأمير نزار هذه الخطوة ..
أما نيراز فلم تعلم ما بها احيانا فرحة لأنها قد تراها من جديد وأحيانا غاضبة منه لمحاولته قتلها , مشاعر متخبطة بداخلها لا تعلم ما أساسها ولكنها موجودة .
جاء اليوم المنشود توهجت فيه مملكة القوس لإستقبال الملك شمس الدين ومن معه الأجواء صاخبة والطرقات مزينة إحتفالا بقدوم الملك الضيف ..
علي بوابات القصر الداخلية وقف الملك عزيز وأبنائه الأمراء الثلاثه في كامل حلتهم ومن خلفهم الوزراء و المقربين من الملك , وبموكب مميز دخل الملك شمس الدين كان ذلك أول لقاء بينه وبين الملك عزيز فهما لم يلتقيان وجها لوجه من قبل .
حيا الملكان بعضهم البعض تحية كانت فاترة بعض الشئ , وما أن توجه الوزير سليمان لتحية الملك عزيز حتي إحتضنه بود شديد وكان سلاما حارا بين الصديقين المقربين , بعد تبادل التحية بين الجميع دخلوا إلي قاعه مخصصة لإستقبال الملك شمس الدين كانت لتقديم الطعام للضيوف بعد رحلتهم الشاقة , أطباق شهية ومتنوعة كانت محضرة من قبل أشطر الطباخين بالمملكة وترحيب حار من الملك عزيز بضيوفه , كانت أحاديث بسيطة دارات بين الملك عزيز وضيوفه لم يطل كثيرا وودعهم للإستراحة , فلقد جهز حناجا فخما للملك شمس الدين وكانت عليه حراسة مكثفة من جنود مملكة القوس فلقد أراد الملك عزيز ضمان سلامته وراحته لأقصي درجة .
جناح فخم حقا كان في إستقبال الملك شمس الدين ولكنه إعتاد علي القصور ولم يكن الطعام الشهي او الجناح المريح هو ما تبحث عليه عينيه بل كان ما يبحث عنه هو الأميرة نيراز , لقد كانت بداخله برغبة بأن يراها من جديد لم يستطع أن يمنع عينيه من البحث عنها وسط الجميع وكم خاب ظنه لما ما وجدها ولكنه عاقد العزم علي أن يراها بل ويتحدث معها أيضا لو تمكن من ذلك .
في المساء كانت هناك إحتفالية مقامة علي شرف الملك شمس الدين وكان يغني بها مطرب شهير يتميز بالصوت الرائع , غنائه لم يكن له مثيل وألحانه كانت عذبة .
حضرت الملكة زهرة تلك الإحتفالية ورحبت بالملك شمس الدين وقدم لها هدية مميزة من أجلها كانت عقد مميز من اللؤلؤ النادر في المملكتين , كان راقيا في حديثه معها وأعجبت الملكة زهرة به وبكلماته النبيلة ونست غضبها منه رغم أنها كانت عاقدة العزم علي الثأر منه لما أعتقدت بأنه أراد قتل نيراز من قبل .
أجواء رائعة أظهر بها شمس الدين مدي نبله الملكي ورصانته ورغم ما رأه الكثير منه إلا أنه بداخله كان يغلي كان يريد أن يري نيراز لم يعرف ما الذي يفعله حتي يراها , لم تأتي للإحتفالية ولا يعرف كيف يصل إليها في ذلك القصر الكبير .
كانت نيراز بجناحها الملكي تصل إليها أصوات الموسيقي ولكان كانت خافته جدا لبعد جناحها عن قاعة الإحتفالات , كانت علي سريرها مستلقية تستمتع بقراءة مقطوعة شعر والتي لطالما أحبت قرائتها .
دخلت عليها جاريتها سعدية والتي لم تكن سعيدة بعدم ذهاب نيراز للحفلة ..
سعدية : مولاتي ما غيرتي رأيك , والله باين أن الحفلة حلوة جدا , لا يجب أن تظلي بغرفتك وتتركي تلك الحفلة الكبيرة .
نيراز وهي تنهض من نومتها لتجلس أمام سعدية ثم إبتسمت : عاوزني ما أضيعش الحفلة , ولا أنتي اللي نفسك تروحيها ؟
سعدية : ما هو لو سموك لم تذهبي لن أستطيع أن أذهب أنا , الملكة أمرتني بعدم تركك أبدا وأن رأتني في الحفلة ستعاقبني لأنني تركتك .
نيراز : إذا أردتي أن تذهبي وتريدين حقا رؤيتها فأذهبي ولا تخافي سأتحدث أنا وقتها مع الملكة , بالأساس لقد تحسنت كثيرا والأن أنا بخير لا داعي لبقائك بجانبي كل الوقت .
سعدية : ولماذا لا تذهبين أنتي أيضا , المغني صوته رائع جدا يجب أن تستمعي إليه فهو لا يغني كثيرا .
نيراز: سعدية لقد أخبرتك إن أردتي فلتذهبي قبل أن أغير رأيي أنا لن أذهب لمكان ما , لا تتعبي نفسك ,هيا أذهبي .
ذهبت سعدية كما أمرتها نيراز وتركت نيراز تكمل ما تفعله لم تستطع نيراز إكمال الصفحة التي كانت بها فتركت الكتاب علي سريرها وخرجت لخارج جناحها تستنشق الهواء .
مل شمس الدين من البقاء في تلك الحفلة وتيقن أنها لن تأتي إليها فأستأذن من الملك عزيز وغادر الحفلة معللا ذلك بأنه يريد الراحة من الطريق .
أكتملت الحفلة من بعد خروج شمس الدين الذي أمر حراسه بالبقاء لعدم حاجته لهم , فقد كان يريد أن يبحث عن نيراز كان يريد أن يراها بأي ثمن حتي لو خالف القواعد وتجول بداخل القصر دون إذن من الملك عزيز ..

مضي يتجول هنا وهناك لعله يلمحها في جنبات القصر إلي أن كان سيفقد الأمل ويعود إلي جناحه ولكن كان الحظ حليفه لما رأها تجلس في حديقة بالقصر علي أحد الإستراحات بها لم يسعه قلبه من الفرحة وتوجه سريعا ليحادثها , حاول السيطر علي نفسه كي لا يبدو متلهفا أمامها ويبدو ثابت متمالك نفسه .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي