الفصل الثالث عشر
لم يكن الوزير فهد يستوعب ما حدث للتو , هذا لم يكن بحسبانه كيف يقرر شمس الدين هكذا التخلي عن أفكاره وقراره لطالما رأه يرفض الجميلات , لماذا الأن , لماذا تلك الأميرة ؟ كان الغضب بداخله يتزايد أكثر وأكثر حاول إخفاء ذلك حتي لا يلحظه أحد وسرعان ما غادر قاعة الديوان .
ذهب الوزير سليمان لتحضير هدايا غالية ونفيسة لإرسالها للملكة المستقلبة , بالفعل في اليوم التالي تحرك موكب خاص بالهدايا كان يحمل أقمشة حريرية من الهند وإيران وصناديق من القطع الذهبية وفواكة غالية ونادرة , وأستقبل هذا الموكب الملك عزيز وزوجته في قصرهم بمملكة القوس .
إنتشرت الأخبار في الممالك المجاورة بالطبع كانت هناك ردود فعل مختلفة البعض فرح ورأي أن ذلك الزواج سيفيده والبعض الأخر حزن للغاية وبالطبع لأن مصالحه ستضرر من هذا الزواج ولعل أبرز الحاقدين علي ذلك الزواج هو الملك سلطان والأمير جودت .
الأمير جودت بغضب كبير : هل سنصمت علي تلك المهزلة ؟ تلك الميرة كانت خطبيتي أنا ؟هل بالفعل ستتزوج من ذلك الملك الذي يدعي شمس الدين ؟ لقد كانت بيدي كيف تفلت مني هكذا ؟
الملك سلطان : الذي يقلقني الأن أن العلاقات ستكون بين مملكة القوس ومملكة السهم متينة وسيقفان بجانب بعضهما البعض دائما , حتي وأن طلب شمس الدين من الملك عزيز مساندته في اي هجوم أو حرب علينا لن يتردد الملك عزيز في ذلك أبدا , تلك اللعينة لو كانت لم تصر علي الخروج معك وحدها يومها لكانت تزوجتك وأنتهي الأمر ولكن يشاء القدر أن يحدث هذا كي يطردنا أباها من قصرهم , لقد أنتهينا بهذا الزواج
الامير جودت وهو ينظر بشر : لا لم ننتهي يا أبي ستكون تلك الأميرة الصغيرة لي وتحت يدي ولن أدعها تفلت أبدا .
الملك سلطان : كيف هذا ؟؟ ما الذي يدور برأسك ؟
الأمير جودت : سأجعل الملك عزيز هذا يترجاني كي أتزوج من إبنته , وهذا المدعو شمس الدين أؤكد لك بأنه لن يعطي لهم أي وجه بل من المحتمل أن يقاطعهم مدي الحياة ولن يجدوا سوي مملكتنا كي تكون بجانبهم ؟
الملك سلطان بإبتسامة ماكرة : هيا أخبرني أنا أعرفك جيدا , أعلم أنك لم تولد شجاع ولكنك ماكر ومخادع تستطيع ان تتلاعب بكل شئ .
الأمير جودت : معك حق وما سأفعله سيكون أكبر تلاعب قمت به ونتائجه ستكون مذهلة , ركز معي ...
ظل يتحدثان معا ويتفقان علي خطتهم الشيطانية كي يدمرا هذا الزواج والإرتباط بين الممكلتين
يوما أخر قد مر , تم تجهيز قصر مملكة القوس بكافة الزهور والورود الموجودة في المنطقة , تم مضاعفة عدد الخدم والجوراي إستعداد لإستقبال المهنئين والحاضرين لهذا الزواج وقد حضر ملوك وأمراء من ممالك اخري صديقة للملكتين ,
اليوم هو اليوم الموعود لوصول الملك شمس الدين ومعه موكب الزفاف الذي سيعود فيما بعد لمملكة السهم ومعه الأميرة العروس .
تم رسم الحنة للأميرة نيراز وسط حضور أمها الملكة بالطبع وبعض الملكات الضيوف وزوجات الأمراء , إحتفالات نسائية منعزلة عن إحتفالات الرجال , إحتفالات النساء بها الطرب والغناء والرقص أما أحتفالات الرجال بها المبارازت والسباقات بين الأمراء الشبان والفرسان , أجواء إحتفالية كبيرة كست المملكة ولم يكن مبالغا في الإحتفالات بالنسبة بقدر ومقام العرسان وهو الملك شمس الدين والأميرة نيراز .
وصل الملك شمس الدين ومعه نخبة من الوزراء وعلي رأسهم الوزير سليمان والوزير فهد وكان الملك عزيز في إستقبالهم بالطبع وأستقبلهم بحفاوة وترحاب وأستقبل الملك شمس الدين كما يستقبل الوالد إبنه ولقد كان بالفعل صادقا في تلك المحبة وهذا ما جعل الملك شمس الدين يتناس غضبه الداخلي وحاول مجاراة أجواء الفرحة والسرور .
بعد وصلات الترحاب بين الملوك والملك شمس الدين , حان الوقت كي يجلس الملك شمس الدين بمفرده مع الأميرة في الحديقة الملكية كي يتحدثان قليلا قبل عقد قرانهم الذي سيكون بعد يومان فقط من الأن .
إرتدت نيراز فستان مميز من الحرير الطبيعي ومجوهرات لم تلمسها أي أميرة من قبلها كانت باهرة الجمال ولكن لم يكن وجهها بتلك الروعة بل كان شاحبا حزينا لم تستطع المواد التجملية أن تخفي ما في قلبها فلقد قل وزنها عن المعتاد وأصفر وجهها الذي كان مثل البدر .
لما رأها شمس الدين تحولت حالة الغضب التي بداخله إلي حالة قلق كان مرتابا وقلقا عليها من أن يكون قد مسها مرض ما ليجعله بتلك الحالة من الذبول , لم تكن بتلك الحالة حتي وهي جسدها ممزق من مخالب النمر ,كانت قوية ومتمردة .
لم ينتظر كثيرا حتي يسألها : ما بك ؟؟
نيراز بعد أن حيته بإنحناء بسيط : ماذا تقصد ؟ ها انا أمامك أيها الملك ؟
شمس الدين : هذا ليس بوجه عروس تنتظر زفافها علي ملك أكبر مملكة ؟
ابتسمت بإستهزاء لما قاله : عروس ؟ زفاف ؟ أنا لا أري أي عروس ولا أي زفاف ؟ ما أراه هو كلمتين ستقولهم انت وأبي الملك ومن بعدها ستنجح في أسري في قصرك ؟ وذاك الذي تقول عنه زفاف هو أشبه بساحة لعرض الجواري تقوم أنت فيه بشرائي كي أبقي تحت رحمتك , لم تنجح بالمرة الماضية بأسري ولكن أن أهنئك هذه المرة لقد نجحت فلتغير إسمي من الأن وليدعوني الناس من اليوم بأسيرة الملك .
شمس الدين وهو يحاول ألا ينفعل : إذا كنتي ترين أن هذا هو الوضع ؟ لماذا وافقتي علي الزواج مني كان يجدر بك رفض الأمر تماما ؟
نيراز : إن لم أتزوجك أنت سأتزوج غيرك لقد سئمت من كثرة ما تفاديت مثل هذا الزواج من قبل , وبالتأكيد أنت تعلم أن أبي لم يكن ليرفض طلبك لنقل أنك عرض مميز أكثر من الأخرين .
شمس الدين : لو تريدين سأذهب وأنهي هذا الزواج ولتكوني حرة بإختيارك بعد ذلك ؟
نيرا وهي تنظر إليه : أهنئك للمرة الثانية , تغير خطتك إن لم أكن أسيرتك سأكون تلك التي تركها زوجها ؟ ثم ضحكت بشدة : الإسمين أسوأ من بعضهم البعض بالنسبة لي.
شمس الدين بحدة : لقد مللت لقد أخبرتك ألف مرة أنني لم أكن أريد أن تكوني أسيرة في ذلك الوقت ولا الأن كما تظنين ؟ هل تدرين شئ أنا لم أرسل أي رسالة لطلب يدك ولم أفكر في الأمر حتي كانت تلك مكيدة دبرت لنا حتي أرفض الزواج بعد قبول والدك الملك به ويكون بذلك قد أهنته وتنشب الخلافات بين الممكلتين ولكني لم أشأ أن يحدث ذلك أبد فجاريت الوضع وأتيت لأتزوجك .
نيراز وقد شعرت بأن كبريائها قد جرح من كلماته فنهضت غاضبة : أنا لست بإنتظار زوجا مثلك تكون مكيدة هي سبب زواجه بي, فلتذهب الأن وتخبر أبي بكل شئ فلن يتم هذا الزواج , ثم كادت أن تمضي من أمامه
شمس الدين بغضب : إنتظري ,للمرة الثانية أخبرك لا تذهبي قبل أن أنهي كلامي , لست لعبة بيدك حتي تقرري ما الذي يتوجب عليا فعله هذا الزواج سيتم شاءت الأقدار له أن يكون ولن أسمح لأي أحد بأن يتلاعب بمستقبل مملكتي وبكوني الملك .
نيراز بعناد يناسبها : أنا لا أريد أن يتم أبدا , ولن أقبل بك كزوج مهما حدث , ثم تركته وذهبت سريعا من أمامه .
كاد الغضب أن يفتك به ولكن حاول تمالك نفسه وغادر هو الأخر بعد ذهبت , سرعان ما وصلت نيراز جناحها وكانت أمها بإنتظارها كي تعرف كيف دار الحديث بينها وبين الملك شمس الدين وكان وجهها كافيا لإخبار أمها بما حدث وأنهم بالتأكيد غضبا علي بعضهما البعض .
الملكة زهرة بهدوء : إبنتي الجميلة , يجب أن تتعلمي كيف تتصرفين مع زوجك أنتي من بعد الأن ستكونين بقصرها ويجب عليكي أن تكوني هادئة ولينة , كنتي هنا تغضبين وتعنادين ولكن لا يناسبك ذلك بعد الأن .
نيراز بغضب : أمي أتركيني الأن , لا أدري ماذا سأفعل بمن يقف أمامي ؟
الملكة زهرة بحب : فلتهدأي قليلا ما الذي حدث كي يغضبك هكذا ؟
نيراز : هذا الوقح .. ثم إستوعبت أنها أمام أمها فحاولت تغطية ما قالته , هذا المدعو شمس الدين دائما ما يثير غضبي لا أراه بمكان ألا ويفسد مزاجي .
الملكة زهرة : تتحدثين كما لو أنني لا أعرفك ؟ هل هو حقا من يثير غضبك ؟ أم إنك من تشعلين الخلافات بينك وبينه .
نيراز : أمي أنا ...
الملكة زهرة : أتركيني انهي كلامي أولا , لقد قمنا بتربيتك جيدا وتركنا لكي زمام الأمور أكثر بكثير من المسموح به لأي أميرة , والأن حان الوقت لتتصرفي كأميرة وتكوني إبنة جيدة وزوجة جيدة لزوجك , لا أريد ان أسمع اي كلام غير مجدي في هذا المر من جديد , وتذكري أن مملكتنا تتمثل بك في قصر الملك شمس الدين فكوني خير ممثل لنا , ثم أكملت بحنو بالغ :إبنتي أعلم إنك رائعة وستكونين زوجة رائعة وأما في المستقبل وأطلب منك ا، تعطي الملك شمس الدين فرصة ستكون تلك هي فرصة لكي ولزواجك ولمستقبل مملكتنا ثم قبلت رأسها .
نيراز : حسنا أمي , تأفعل كما تريدين .
شمس الدين هو الأخر بجناحه غاضب مما قالت نيراز له : ما الذي تعنيه بأنها لن تقبل بي كزوج ؟ أيعقل أنه تحب أحدا أخر ؟؟ ... ثم صرخ بغضب : كلا كلا لن أسمح لها بذلك أبدا , لن يتكرر ما حدث مع أبي من جديد ,
أتي الليل بعد مرور الوقت , يقال أن الوقت يهدئ من الغضب ويصفي النفوس بين الناس وبالأخص لو كانت القلوب تريد بعضها فحتما القدر سيعطيهما فرصة أخري من جديد .
كان الملك عزيز في جناحه هو وزوجته الملكة زهرة ..
الملكة زهرة : ألم تعرف ما الذي دار بين الملك شمس الدين ونيراز ؟
الملك عزيز : كلا لم يخبرني الملك شمس الدين وأيضا لا أريد أن أعلم فليتفاهما كما يريدين .
الملكة زهرة : أتعلم شيئا أحيانا أظن أنني أظلم نيراز , وهذا ما شعرت به اليوم عندما رأيتها غاضبة من الملك شمس الدين , أتمني لو بإمكاني أن أعطيها ما تريد دوما ولكن يتوجب عليا أن أضمن سعادتها وأمنها وراحتها في المستقبل , أحزن عندما أراها شاحبة هكذا , لو تعلم أنني أريد سعادتها فقط لسهل علينا كل شئ ؟
الملك عزيز : يوما ما ستدرك أن قرارنا بزواجها كان لمصلحتها , لا تقلقي بهذا الشأن وأيضا أخبركي بسر , أنا لا أقلق علي نيراز إبنتنا ولكني أقلق علي الملك شمس الدين منها .
الملكة زهرة : ما الذي تقوله ؟ أنا اعلم أنها تغضب أحيانا أو تتمرد ولكنها بالنهاية مجرد فتاة ؟
الملك عزيز : هي فتاة تمتلك الذكاء والجمال والحيلة والخداع والقوة أيضا , وواحدة منهم تكفي للإيقاع بأقوي رجل وأبنتك تمتلكهم جميعا , لا تقلقي ستعود نيراز القوية التي نعرفها هي الأن تحتال علينا وتظهر نفسها ضعيفة ومكسورة ولكن صدقيني ستظهر شراستها من جديد عندما تدرك أن طيبتها وإنكسارها المزيف ذلك لم يؤثر بنا .
الملكة زهرة : لو كان كلامك صحيح , فأنا لن أنخدع بها من جديد أبدا , تلك المتلاعبة لقد شعرت بالأسي من أجلها .
ضحك الملك عزيز : أستغرب أنها تخدعك بكل مرة هكذا , أنا أعرف ما خطتها منذ أن أنظر إليها , تشبه أمي كثيرا في مظهرها وعقلها أيضا ولذلك أعلم بما تفكر به .
ليل أخر قد أنجلي وظهرالنهار , يوما يحمل الكثير من الإحتفاليات التي تحدث علي مدار اليام السابقة للزواج ... ولكن لم يكن هذا ما يميز اليوم , لقد بدأ اليوم بمفاجأة للملك عزيز ألا وهي وصول الملك سلطان وإبنه الأمير جودت إلي القصر للمشاركة في إحتفالات الزواج .
لم يستطع الملك عزيز سوي إظهار الترحاب بهم وذلك حتي لا يفسد أجواء الزفاف وحتي لا تصل أي أخبار للملك شمس الدين من شأنها أن تضر بالزواج .
بساحة المنافسات جلست الملكات والأميرات الضيوف وأيضا نيراز بالطبع , جلسوا ليشاهدوا المنافسة بين الأمراء والملك شمس الدين وهذا تقليد متوارث حيث يقوم الزوج المستقبلي بمنافسة أخوة زوجته في بعض المنافسات القتالية ومن شأن تلك المنافسات إثبات كونها فارس ومحارب يستطيع حماية زوجته في اي وقت .
لم تكن المنافسة بمقلقة لشمس الدين فلطالما بارز الفرسان والمحاربين وهو لا يخاف سيفا ولا يهب نزالا مهما كانت شراسة خصمه.
كان الأمير فخر هو من سينازله ومعروف عن الأمير فخر تنافسيته العالية وقوته الجسمانية وشجاعته , بدأ النزال بينهما تارة يسيطر شمس الدين وتارة يتملك منه الأمير فخر , وهكذا أستمر القتال حتي إستطاع شمس الدين أن يستغل تشتت الأمير فخر في لحظة ما ويضع السيف علي رقبته وبذلك يكون هو من فاز بنزال زواجه , لم يدري شمس الدين لما بحثت عينيه عن نيراز كي يراها لحظة فوزه بنزال زواجهم ولحسن الحظ سرعان ما لا حظها ووجد نفسه يبتسم لها , تمالك نفسه وحيا الأمير فخر علي براعته في القتال وأنتهي النزال ولكن لم تنتهي أجواء الإحتفال .
في ليل ذلك اليوم كانت هناك حفلة كبيرة فالليلة هي الليلة التي تسبق ليلة الزفاف , الجميع فرح بالمشروبات الكثيرة والغناء , بقي شمس الدين قليلا بالحفلة ثم غادربمفرده للخارج فلطالما لم يحب تلك الأجواء وما أن خرج حتي لحقه الأمير جودت فهو لم يبعد عينيه عنه ينتظر اللحظة المناسبة ووجدها بخروج شمس الدين من الحفلة .
كان يجري ليلحق به في جوانب القصر ولكنه تفاجأ ما أن رأه يقف بوجهه , رجع جودت بعض خطوات للخلف حتي يتمالك نفسه من المفاجأة .
الملك شمس الدين بهدوء : لو كنت تريد محادثتي بشدة هكذا فكان من الأسهل أن تأتي وتطلب زيارتي في جناحي يا أمير جودت بدل أن تظل تنظر إلي طوال اليوم .
جودت وقد حاول إستعادة توازنه : أريد أن أتحدث معك في شئ هام يا جلالة الملك ,
الملك شمس الدين : اعتقد أن هذا خطير جدا كي يربكك هكذا , ثم أكمل بتهكم عليه :أخشي عليك أن تبلل ملابسك .
شعر جودت بالإهانة من كلمات شمس الدين : أنا أيضا أخشي عليك بان يتم خداعك في ملكتك المستقبلية أيها الملك .
غلي الدم غي عروق شمس الدين لما سمعه يلمح علي نيراز فأقترب منه أكثر : ما الذي تقوله ؟
جودت بإبتسامة ساخرة محاولا إخفاء خوفه : أقول بأن ملكتك المستقبلية التي تنوي الزواج بها تخدعك يا شمس الدين , أه نسيت أن أخبرك ملكتك المستقبلية تكون خطبيتي السابقة وحبيبتي , أعتقد أنها نست أن تخبرك بذلك ولكني لا أنسي الأيام التي قضيتها برفقتها , فهي لا تنسي صراحة ....
ذهب الوزير سليمان لتحضير هدايا غالية ونفيسة لإرسالها للملكة المستقلبة , بالفعل في اليوم التالي تحرك موكب خاص بالهدايا كان يحمل أقمشة حريرية من الهند وإيران وصناديق من القطع الذهبية وفواكة غالية ونادرة , وأستقبل هذا الموكب الملك عزيز وزوجته في قصرهم بمملكة القوس .
إنتشرت الأخبار في الممالك المجاورة بالطبع كانت هناك ردود فعل مختلفة البعض فرح ورأي أن ذلك الزواج سيفيده والبعض الأخر حزن للغاية وبالطبع لأن مصالحه ستضرر من هذا الزواج ولعل أبرز الحاقدين علي ذلك الزواج هو الملك سلطان والأمير جودت .
الأمير جودت بغضب كبير : هل سنصمت علي تلك المهزلة ؟ تلك الميرة كانت خطبيتي أنا ؟هل بالفعل ستتزوج من ذلك الملك الذي يدعي شمس الدين ؟ لقد كانت بيدي كيف تفلت مني هكذا ؟
الملك سلطان : الذي يقلقني الأن أن العلاقات ستكون بين مملكة القوس ومملكة السهم متينة وسيقفان بجانب بعضهما البعض دائما , حتي وأن طلب شمس الدين من الملك عزيز مساندته في اي هجوم أو حرب علينا لن يتردد الملك عزيز في ذلك أبدا , تلك اللعينة لو كانت لم تصر علي الخروج معك وحدها يومها لكانت تزوجتك وأنتهي الأمر ولكن يشاء القدر أن يحدث هذا كي يطردنا أباها من قصرهم , لقد أنتهينا بهذا الزواج
الامير جودت وهو ينظر بشر : لا لم ننتهي يا أبي ستكون تلك الأميرة الصغيرة لي وتحت يدي ولن أدعها تفلت أبدا .
الملك سلطان : كيف هذا ؟؟ ما الذي يدور برأسك ؟
الأمير جودت : سأجعل الملك عزيز هذا يترجاني كي أتزوج من إبنته , وهذا المدعو شمس الدين أؤكد لك بأنه لن يعطي لهم أي وجه بل من المحتمل أن يقاطعهم مدي الحياة ولن يجدوا سوي مملكتنا كي تكون بجانبهم ؟
الملك سلطان بإبتسامة ماكرة : هيا أخبرني أنا أعرفك جيدا , أعلم أنك لم تولد شجاع ولكنك ماكر ومخادع تستطيع ان تتلاعب بكل شئ .
الأمير جودت : معك حق وما سأفعله سيكون أكبر تلاعب قمت به ونتائجه ستكون مذهلة , ركز معي ...
ظل يتحدثان معا ويتفقان علي خطتهم الشيطانية كي يدمرا هذا الزواج والإرتباط بين الممكلتين
يوما أخر قد مر , تم تجهيز قصر مملكة القوس بكافة الزهور والورود الموجودة في المنطقة , تم مضاعفة عدد الخدم والجوراي إستعداد لإستقبال المهنئين والحاضرين لهذا الزواج وقد حضر ملوك وأمراء من ممالك اخري صديقة للملكتين ,
اليوم هو اليوم الموعود لوصول الملك شمس الدين ومعه موكب الزفاف الذي سيعود فيما بعد لمملكة السهم ومعه الأميرة العروس .
تم رسم الحنة للأميرة نيراز وسط حضور أمها الملكة بالطبع وبعض الملكات الضيوف وزوجات الأمراء , إحتفالات نسائية منعزلة عن إحتفالات الرجال , إحتفالات النساء بها الطرب والغناء والرقص أما أحتفالات الرجال بها المبارازت والسباقات بين الأمراء الشبان والفرسان , أجواء إحتفالية كبيرة كست المملكة ولم يكن مبالغا في الإحتفالات بالنسبة بقدر ومقام العرسان وهو الملك شمس الدين والأميرة نيراز .
وصل الملك شمس الدين ومعه نخبة من الوزراء وعلي رأسهم الوزير سليمان والوزير فهد وكان الملك عزيز في إستقبالهم بالطبع وأستقبلهم بحفاوة وترحاب وأستقبل الملك شمس الدين كما يستقبل الوالد إبنه ولقد كان بالفعل صادقا في تلك المحبة وهذا ما جعل الملك شمس الدين يتناس غضبه الداخلي وحاول مجاراة أجواء الفرحة والسرور .
بعد وصلات الترحاب بين الملوك والملك شمس الدين , حان الوقت كي يجلس الملك شمس الدين بمفرده مع الأميرة في الحديقة الملكية كي يتحدثان قليلا قبل عقد قرانهم الذي سيكون بعد يومان فقط من الأن .
إرتدت نيراز فستان مميز من الحرير الطبيعي ومجوهرات لم تلمسها أي أميرة من قبلها كانت باهرة الجمال ولكن لم يكن وجهها بتلك الروعة بل كان شاحبا حزينا لم تستطع المواد التجملية أن تخفي ما في قلبها فلقد قل وزنها عن المعتاد وأصفر وجهها الذي كان مثل البدر .
لما رأها شمس الدين تحولت حالة الغضب التي بداخله إلي حالة قلق كان مرتابا وقلقا عليها من أن يكون قد مسها مرض ما ليجعله بتلك الحالة من الذبول , لم تكن بتلك الحالة حتي وهي جسدها ممزق من مخالب النمر ,كانت قوية ومتمردة .
لم ينتظر كثيرا حتي يسألها : ما بك ؟؟
نيراز بعد أن حيته بإنحناء بسيط : ماذا تقصد ؟ ها انا أمامك أيها الملك ؟
شمس الدين : هذا ليس بوجه عروس تنتظر زفافها علي ملك أكبر مملكة ؟
ابتسمت بإستهزاء لما قاله : عروس ؟ زفاف ؟ أنا لا أري أي عروس ولا أي زفاف ؟ ما أراه هو كلمتين ستقولهم انت وأبي الملك ومن بعدها ستنجح في أسري في قصرك ؟ وذاك الذي تقول عنه زفاف هو أشبه بساحة لعرض الجواري تقوم أنت فيه بشرائي كي أبقي تحت رحمتك , لم تنجح بالمرة الماضية بأسري ولكن أن أهنئك هذه المرة لقد نجحت فلتغير إسمي من الأن وليدعوني الناس من اليوم بأسيرة الملك .
شمس الدين وهو يحاول ألا ينفعل : إذا كنتي ترين أن هذا هو الوضع ؟ لماذا وافقتي علي الزواج مني كان يجدر بك رفض الأمر تماما ؟
نيراز : إن لم أتزوجك أنت سأتزوج غيرك لقد سئمت من كثرة ما تفاديت مثل هذا الزواج من قبل , وبالتأكيد أنت تعلم أن أبي لم يكن ليرفض طلبك لنقل أنك عرض مميز أكثر من الأخرين .
شمس الدين : لو تريدين سأذهب وأنهي هذا الزواج ولتكوني حرة بإختيارك بعد ذلك ؟
نيرا وهي تنظر إليه : أهنئك للمرة الثانية , تغير خطتك إن لم أكن أسيرتك سأكون تلك التي تركها زوجها ؟ ثم ضحكت بشدة : الإسمين أسوأ من بعضهم البعض بالنسبة لي.
شمس الدين بحدة : لقد مللت لقد أخبرتك ألف مرة أنني لم أكن أريد أن تكوني أسيرة في ذلك الوقت ولا الأن كما تظنين ؟ هل تدرين شئ أنا لم أرسل أي رسالة لطلب يدك ولم أفكر في الأمر حتي كانت تلك مكيدة دبرت لنا حتي أرفض الزواج بعد قبول والدك الملك به ويكون بذلك قد أهنته وتنشب الخلافات بين الممكلتين ولكني لم أشأ أن يحدث ذلك أبد فجاريت الوضع وأتيت لأتزوجك .
نيراز وقد شعرت بأن كبريائها قد جرح من كلماته فنهضت غاضبة : أنا لست بإنتظار زوجا مثلك تكون مكيدة هي سبب زواجه بي, فلتذهب الأن وتخبر أبي بكل شئ فلن يتم هذا الزواج , ثم كادت أن تمضي من أمامه
شمس الدين بغضب : إنتظري ,للمرة الثانية أخبرك لا تذهبي قبل أن أنهي كلامي , لست لعبة بيدك حتي تقرري ما الذي يتوجب عليا فعله هذا الزواج سيتم شاءت الأقدار له أن يكون ولن أسمح لأي أحد بأن يتلاعب بمستقبل مملكتي وبكوني الملك .
نيراز بعناد يناسبها : أنا لا أريد أن يتم أبدا , ولن أقبل بك كزوج مهما حدث , ثم تركته وذهبت سريعا من أمامه .
كاد الغضب أن يفتك به ولكن حاول تمالك نفسه وغادر هو الأخر بعد ذهبت , سرعان ما وصلت نيراز جناحها وكانت أمها بإنتظارها كي تعرف كيف دار الحديث بينها وبين الملك شمس الدين وكان وجهها كافيا لإخبار أمها بما حدث وأنهم بالتأكيد غضبا علي بعضهما البعض .
الملكة زهرة بهدوء : إبنتي الجميلة , يجب أن تتعلمي كيف تتصرفين مع زوجك أنتي من بعد الأن ستكونين بقصرها ويجب عليكي أن تكوني هادئة ولينة , كنتي هنا تغضبين وتعنادين ولكن لا يناسبك ذلك بعد الأن .
نيراز بغضب : أمي أتركيني الأن , لا أدري ماذا سأفعل بمن يقف أمامي ؟
الملكة زهرة بحب : فلتهدأي قليلا ما الذي حدث كي يغضبك هكذا ؟
نيراز : هذا الوقح .. ثم إستوعبت أنها أمام أمها فحاولت تغطية ما قالته , هذا المدعو شمس الدين دائما ما يثير غضبي لا أراه بمكان ألا ويفسد مزاجي .
الملكة زهرة : تتحدثين كما لو أنني لا أعرفك ؟ هل هو حقا من يثير غضبك ؟ أم إنك من تشعلين الخلافات بينك وبينه .
نيراز : أمي أنا ...
الملكة زهرة : أتركيني انهي كلامي أولا , لقد قمنا بتربيتك جيدا وتركنا لكي زمام الأمور أكثر بكثير من المسموح به لأي أميرة , والأن حان الوقت لتتصرفي كأميرة وتكوني إبنة جيدة وزوجة جيدة لزوجك , لا أريد ان أسمع اي كلام غير مجدي في هذا المر من جديد , وتذكري أن مملكتنا تتمثل بك في قصر الملك شمس الدين فكوني خير ممثل لنا , ثم أكملت بحنو بالغ :إبنتي أعلم إنك رائعة وستكونين زوجة رائعة وأما في المستقبل وأطلب منك ا، تعطي الملك شمس الدين فرصة ستكون تلك هي فرصة لكي ولزواجك ولمستقبل مملكتنا ثم قبلت رأسها .
نيراز : حسنا أمي , تأفعل كما تريدين .
شمس الدين هو الأخر بجناحه غاضب مما قالت نيراز له : ما الذي تعنيه بأنها لن تقبل بي كزوج ؟ أيعقل أنه تحب أحدا أخر ؟؟ ... ثم صرخ بغضب : كلا كلا لن أسمح لها بذلك أبدا , لن يتكرر ما حدث مع أبي من جديد ,
أتي الليل بعد مرور الوقت , يقال أن الوقت يهدئ من الغضب ويصفي النفوس بين الناس وبالأخص لو كانت القلوب تريد بعضها فحتما القدر سيعطيهما فرصة أخري من جديد .
كان الملك عزيز في جناحه هو وزوجته الملكة زهرة ..
الملكة زهرة : ألم تعرف ما الذي دار بين الملك شمس الدين ونيراز ؟
الملك عزيز : كلا لم يخبرني الملك شمس الدين وأيضا لا أريد أن أعلم فليتفاهما كما يريدين .
الملكة زهرة : أتعلم شيئا أحيانا أظن أنني أظلم نيراز , وهذا ما شعرت به اليوم عندما رأيتها غاضبة من الملك شمس الدين , أتمني لو بإمكاني أن أعطيها ما تريد دوما ولكن يتوجب عليا أن أضمن سعادتها وأمنها وراحتها في المستقبل , أحزن عندما أراها شاحبة هكذا , لو تعلم أنني أريد سعادتها فقط لسهل علينا كل شئ ؟
الملك عزيز : يوما ما ستدرك أن قرارنا بزواجها كان لمصلحتها , لا تقلقي بهذا الشأن وأيضا أخبركي بسر , أنا لا أقلق علي نيراز إبنتنا ولكني أقلق علي الملك شمس الدين منها .
الملكة زهرة : ما الذي تقوله ؟ أنا اعلم أنها تغضب أحيانا أو تتمرد ولكنها بالنهاية مجرد فتاة ؟
الملك عزيز : هي فتاة تمتلك الذكاء والجمال والحيلة والخداع والقوة أيضا , وواحدة منهم تكفي للإيقاع بأقوي رجل وأبنتك تمتلكهم جميعا , لا تقلقي ستعود نيراز القوية التي نعرفها هي الأن تحتال علينا وتظهر نفسها ضعيفة ومكسورة ولكن صدقيني ستظهر شراستها من جديد عندما تدرك أن طيبتها وإنكسارها المزيف ذلك لم يؤثر بنا .
الملكة زهرة : لو كان كلامك صحيح , فأنا لن أنخدع بها من جديد أبدا , تلك المتلاعبة لقد شعرت بالأسي من أجلها .
ضحك الملك عزيز : أستغرب أنها تخدعك بكل مرة هكذا , أنا أعرف ما خطتها منذ أن أنظر إليها , تشبه أمي كثيرا في مظهرها وعقلها أيضا ولذلك أعلم بما تفكر به .
ليل أخر قد أنجلي وظهرالنهار , يوما يحمل الكثير من الإحتفاليات التي تحدث علي مدار اليام السابقة للزواج ... ولكن لم يكن هذا ما يميز اليوم , لقد بدأ اليوم بمفاجأة للملك عزيز ألا وهي وصول الملك سلطان وإبنه الأمير جودت إلي القصر للمشاركة في إحتفالات الزواج .
لم يستطع الملك عزيز سوي إظهار الترحاب بهم وذلك حتي لا يفسد أجواء الزفاف وحتي لا تصل أي أخبار للملك شمس الدين من شأنها أن تضر بالزواج .
بساحة المنافسات جلست الملكات والأميرات الضيوف وأيضا نيراز بالطبع , جلسوا ليشاهدوا المنافسة بين الأمراء والملك شمس الدين وهذا تقليد متوارث حيث يقوم الزوج المستقبلي بمنافسة أخوة زوجته في بعض المنافسات القتالية ومن شأن تلك المنافسات إثبات كونها فارس ومحارب يستطيع حماية زوجته في اي وقت .
لم تكن المنافسة بمقلقة لشمس الدين فلطالما بارز الفرسان والمحاربين وهو لا يخاف سيفا ولا يهب نزالا مهما كانت شراسة خصمه.
كان الأمير فخر هو من سينازله ومعروف عن الأمير فخر تنافسيته العالية وقوته الجسمانية وشجاعته , بدأ النزال بينهما تارة يسيطر شمس الدين وتارة يتملك منه الأمير فخر , وهكذا أستمر القتال حتي إستطاع شمس الدين أن يستغل تشتت الأمير فخر في لحظة ما ويضع السيف علي رقبته وبذلك يكون هو من فاز بنزال زواجه , لم يدري شمس الدين لما بحثت عينيه عن نيراز كي يراها لحظة فوزه بنزال زواجهم ولحسن الحظ سرعان ما لا حظها ووجد نفسه يبتسم لها , تمالك نفسه وحيا الأمير فخر علي براعته في القتال وأنتهي النزال ولكن لم تنتهي أجواء الإحتفال .
في ليل ذلك اليوم كانت هناك حفلة كبيرة فالليلة هي الليلة التي تسبق ليلة الزفاف , الجميع فرح بالمشروبات الكثيرة والغناء , بقي شمس الدين قليلا بالحفلة ثم غادربمفرده للخارج فلطالما لم يحب تلك الأجواء وما أن خرج حتي لحقه الأمير جودت فهو لم يبعد عينيه عنه ينتظر اللحظة المناسبة ووجدها بخروج شمس الدين من الحفلة .
كان يجري ليلحق به في جوانب القصر ولكنه تفاجأ ما أن رأه يقف بوجهه , رجع جودت بعض خطوات للخلف حتي يتمالك نفسه من المفاجأة .
الملك شمس الدين بهدوء : لو كنت تريد محادثتي بشدة هكذا فكان من الأسهل أن تأتي وتطلب زيارتي في جناحي يا أمير جودت بدل أن تظل تنظر إلي طوال اليوم .
جودت وقد حاول إستعادة توازنه : أريد أن أتحدث معك في شئ هام يا جلالة الملك ,
الملك شمس الدين : اعتقد أن هذا خطير جدا كي يربكك هكذا , ثم أكمل بتهكم عليه :أخشي عليك أن تبلل ملابسك .
شعر جودت بالإهانة من كلمات شمس الدين : أنا أيضا أخشي عليك بان يتم خداعك في ملكتك المستقبلية أيها الملك .
غلي الدم غي عروق شمس الدين لما سمعه يلمح علي نيراز فأقترب منه أكثر : ما الذي تقوله ؟
جودت بإبتسامة ساخرة محاولا إخفاء خوفه : أقول بأن ملكتك المستقبلية التي تنوي الزواج بها تخدعك يا شمس الدين , أه نسيت أن أخبرك ملكتك المستقبلية تكون خطبيتي السابقة وحبيبتي , أعتقد أنها نست أن تخبرك بذلك ولكني لا أنسي الأيام التي قضيتها برفقتها , فهي لا تنسي صراحة ....