الفصل الثانى و

بسم الله الرحمن الرحيم ، الفصل الثانى و العشرين

كطفلة أهدت بلعبتها المفضلة لتغمر السعادة قلبها ، برغم ما يصيب القلب من حزن و أستياء ، إلا أن شمس الغد ترغمنا علي التعايش مع الواقع.

بعد مرور ثلاثة أيام ..

و قد عادت الأمور كسابق عهدها ، عادت عائلة الرفاعى للإسكندرية ، و أبتدأت حالة دهب النفسية في التحسن ، فهارون كظلها لا يتركها بمفردها ابدا ، و قد أصر علي أن تهبط للعمل بمكتبها ، حتي تختلط في أمور العمل و تترك وحدتها التى تلقي بها للحافة .

منزل الحلواني بالصعيد ..

منذ أن ظهرت أشجار في حياة حماد ، و أصبح شعور الحب دخيل علي قلبه ، فهو قد احبها منذ أن رأها ، و لكن الان لما يراها تلك الفتاة اليافعة صاحبة الرابعة عشر عاما ، و ليست سيدة خطى الشيب لرأسها بمنتصف عقدها الرابع .

يجلس في مكتب العائلة ، و أمامه العديد و العديد من الحسابات التى يجب عليه تسجيلها ، لكن لا يري سوى أشجار أبنة هنداوى أمامه .

تنهد و هو ينظر للاوراق أمامه و قد قرر أن ينهي أعماله و يكفي مماطلة حتى الآن ، و ما إن أمسك بقلمه حتي أستمع لصوت طرقات خفيفة علي باب الغرفة .
أذن الطارق للدخول و قد ظن أنها الخادمة ، حيث طب منذ قليل كوب من القهوة حتي يستطيع التركيز في أعماله .
لكنه تفاجأ حين و جد من شغلت تفكيره تدلف للداخل بخطى ثابتة و تحمل بيدها شئ ما لم يتبينه من بعيد .

نهض و البسمة تزين ثغره قائلا
_يا مرحب

وقفت أمامه وقدمت له ما بيدها قائلة

_ عملتلك الشال دا عشان يدفيك

نظر لما قدمته و ازدادت ابتسامته حين وجدها قد غزلت له شال من خيوط الصوف تميز بلونه المفضل الاسود و تداخلت الخيوط البنية بالمنتصف لتضيف لمسة جمالية علي الشال .

و ضع الشال حول عنقه و نظر لها قائلا
_تسلم يدك

أبتسمت في خجل ، و سألته قائلة
_ لساتك عتدلى المزرعة في الليل يا حماد ؟

جلس علي حافة المكتب قائلا
_ و هو اللي في طبع عيهمله !

اماءت برأسها يمينا و يسارا دليلا على الرفض ، حاولت أن تنهي تلك المقابلة القصيرة لتقول
_ اعملك جهوة ؟
غازلها حماد قائلا
_ ياريت ترضي ، و جولي ليهم في المطبخ محدش يعملها غيرك ورجعي لأجهزة اللي هيجيبوها ، مهشربهاش غير من يدك يا زينة البنته .

هرولت من أمامه سريعا حتي تخفي سعادتها المصحوبة بالخجل من أثر كلماته الحنونة .

أبتسم علي فعلتها ، و جلس مرة أخرى علي مكتبه و قرر إنهاء العمل بعدما دلفت السعادة لقلبه برؤيتها .





أما بعروس البحر

يجلس باسل و جود علي شاطئ جليم و جود تحمل بيدها غزل البنات بعدما ابتاعه باسل من أجلها ، العشق كان سيد الموقف ، و الحب هو اللغة السائدة بينهم .

نظرت جود لباسل بحب و الهواء قد قرر علي مداعبة خصلاتها قائلة ..

_دهب عاملة اى دلوقت ؟

تنهد باسل و هو ينظر أمامه حيث أمواج البحر تتلاطم مع بعضها بعنف و تقل حركتها حين تصل للشاطئ ، الحزن سيطر علي نبرته قائلا ..

_ الحمد لله ، أدينا بنحاول معاها لحد ما تتحسن نفسيتها عشان تسافر للعملية .

ربتت جود علي أنامله و كأنها تحتوى حزنه بلمستها قائلة

_ متقلقش كل حاجة هتبقي كويسة ، و دهب هتقوم بألف سلامة إن شاء الله يا حبيبي .

أجابها باسل سريعا و البسمة قد زينت ثغره قائلا
_ و الله انت اللي حبيبي

ابتسمت بخجل و نظرت أمامها حيث مياه البحر .



أما بمنزل منعم الرفاعي
تجلس سارة تتصفح الهاتف بملل ، لتقرر مضايقة لب قلبها ، كنوع من التسلية و تضيع الوقت .

و لكن كعادته لم يجيب على الهاتف حين تقوم بمهاتفته ، ظلت تطلب الاتصال مرارا و تكرارا ، حتي وصلت للمرة الثلاثون ، لتتفاجا أخيرا أنه قام بالرد عليها .
لكن شلت الصدمة لسانها ، حين صرخ عليها بالهاتف و قام بحزنها قائلا
_ خلاااااااص ، بطلي رن قرفتينى ، مش فاضي لدلعك الزفت دا .
نهي الاتصال فور انتهاء نوبة غضبه التى أفرغها بها ، ظلت صامته عدة دقائق حتي تستوعب ما حدث .
تركت الهاتف من يدها ، هل أصبحت عبء عليه لتلك الدرجة ، أنسابت دموعها في صمت ، و لم تخبر أحد من أفراد عائلتها بما حدث .
فقد قررت أن تحل أمورها بنفسها ، لتمسك بالهاتف مرة أخرى و قامت بحظر مصطفي من مواقع التواصل و ايضا من مهاتفتها .
و قامت بتفعيل وضع الطيران الخاص بالهاتف و تركته أعلي الكمود بجوار سريرها و انكمشت علي ذاتها متخذة وضع الجنين و غطت بثبات عميق و دموعها رفيقة جفنيها و وجنتيها .



مكتب آل الرفاعي حيث تجلس دهب أمام مكتب عملها ، تباشر الأعمال الورقية ، و شقيقيها يتابعان الأعمال بالخارج .
تقدم هارون الرفاعي لداخل المكتب و يحمل بيده باقة من الورود الحمراء و قام بوضعها أمامها علي المكتب ، و جلس علي حافته قائلا
_ صباح الورد ، طبعا انا لو حلفتلك أن الورد دا كان ابيض مش هتصدقينى

نظرت له بعدم فهم ، ثم نظرت لباقة الورود قائلة
_ امال اى اللي قلبها احمر !

نظر لها مبتسما و هو يقول
_ ابدا الورد الأبيض خجل من جمالك فتصبغ احمر يا ست البنات

لم تستطع كبت بسمتها ، فها هو لب قلبها يغازلها و يمدح جمالها علنا دون خجل من اى شخص .

عبث بالورق أمامها و لم تجيبه ، فقد انعقد لسانها بما تفوه به ، ليبتسم علي رده فعلتها و ظل يتأملها دون حديث.

أما بالمنصورة حيث منزل شقيقة فريدة ، قد علمت مسبقا حين هاتفت شقيقتها أن هارون قد خطب ابنة عمة ، و ريان الرفاعى قد تم خطبته من فتاة تجلس بالصعيد .

قد علمت علا بما حدث لتصيبها خيبة الأمل ، و قد سيطر الحزن علي قلبها ، حين انتهت قصة عشقها قبل أن تبدأ مع ريان الرفاعى .

ظلت تحلم باليوم الذي تزف به كعروس لحبيب قلبها ، لكن اليوم قد تحطمت آمالها ، و كسر قلبها و تهشم أسفل قدم أبن الرفاعى .

تجلس بغرفتها وحيدة منذ ما حدث ، تبكى بصمت علي حالها ، لقد حلمت باشياء كثيرة كانت تنوى فعلها برفقة حبيب قلبها ، لكن ليس ما نحلم به نلمسه علي أرض الواقع .

لتغلق صفحة علا و ريان إلي الأبد و تبدأ صفحة أخري بطليها ريان الرفاعى و ساجدة الحلوانى .

أحداث أخرى ستقودنا للامام مع عائلة الرفاعى و الحلوانى ، لكن هل هى سعيدة ام حزينة ؟

يتبع

مجنونة قلم
مني مصطفي الأسيوطى
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي