الفصل الثامن عشر

في القاعة الخاصة مدت طاولة للطعام كبيرة وعليها العديد من الأصناف والمشروبات كان كل شئ متناسق وكان الملك عزيز يجلس علي رأس الطاولة وعلي جانبه الأيمن كان يجلس الملك شمس الدين وترك الجانب الأخر كي تجلس الملكة زهرة بجانب زوجها وكان الأمراء الثلاثة لمملكة القوس حاضرين , كان الجميع لم يبدأ بتناول الطعام في إنتظار وصول الملكتين وما هي إلا لحظات حتي دخلت عليهم الملكة زهرة باسمة ومن خلفها الملكة نيراز التي كان وجهها عاديا لا تظهر لا فرح ولا حزن .
جلست الملكة زهرة بجانب زوجها وكانت نيراز ستجلس بجانب أخوانها الأمراء ولكن نبهتها أمها الملكة زهرة كي تجلس بجانب زوجها شمس الدين الذي لم يرفع نظره ولو لحظة عنها منذ دخولها , جلست نيراز بجانبه علي مضض ولكن لا تستطيع الرفض .
الملك عزيز : أتفضلوا الطعام هنيئا مريئا علي قلوبكم .
بدأ الجميع في تناول الطعام ...
الملكة زهرة : نيراز , أطعمي زوجك من الحشوة بالتأكيد جلالتك لم تأكلها من قبل فهي لا تصنع إلا بمملكتنا .
نيراز: لو أراد منها لأكل ولكن هو لا يحبها .
شمس الدين بعناد : كيف لا أحبها فأنا لم أتناولها من قبل مثلما قالت الملكة الإنسان لا يرفض شئ إلا بعد أن يجرب وأن أريد أن اجربها تبدو حقا شهية .
إبتسمت الملكة زهرة : معك كل الحق جلالة الملك هيا نيراز قدمي لزوجك
نيراز بإبتسامة مزيفة : بالطبع أمي , ثم مدت يدها وألتقطت بالمعلقة مرة من الطعام عبارة عن عجين متماسك ويلف اللحم بداخله ومشوي علي الفحم تلك هي الحشوة, ثم وضعتها بطبق شمس الدين وبعد ذلك وضعت بطبقها .
نيراز وقد تذكرت شيئا : أين هي الصلصة .
الملكة زهرة : تناوليها اليوم بدون صلصه يا نيراز .
نيراز : بالتأكيد لا أنتي تعلمين أنا أحبها كثيرا بالصلصة الخاصة بي , ثم نادت لإحدي الجواري بأن تأتيها بالصلصة ,
أتت الجارية بعد قليل بطبق صغير موضوع به الصلصة ووضعته أمام نيراز التي كانت تهم بالبدأ في تناولها إلي أن إبتسمت بمكر ورفعت رأسها لتسأل شمس الدين .
نيراز : ما رأي جلالتك بأن تأكل معي من تلك الصلصة أعدك بأن مذاق الحشوة سيكون أروع بكثير من قبل .
قبل أن يرد شمس الدين تكلمت أمها
الملكة زهرة : لا يا نيراز بالتأكيد الملك لن يحبها بالصلصة
نيراز : كما قال الملك من قبل قليل لا يمكن أن تحكم علي حبك لشئ أو كرهك له دون أن تجربه أليس هذا صحيح يا جلالة الملك .
شمس الدين ناظرا لنيراز : الأن أصبحت ملكتي تتحدث مثلي , أريد أن أجرب تلك الصلصة الخاصة .
الملكة زهرة : بالطبع يسعدني أنك ونيراز تتفاهمان ولكن يا جلالة الملك الصلصة ..
قاطعتها نيراز : الملكة تخشي عليك لأن الصلصة تكون متبلة بعض الشئ ومن الممكن أنك لن تستطع تحملها ؟
شمس لدين بتحدي : لا يمكن أن تهزمني مجرد تتبيلة , بالطبع إذا كنتي تتحميلن وتأكليها فلن تؤثر بي كثيرا
نيراز : أرأيتي أمي هو من يريد تجربتها لا دخل لي في ذلك .
نظر الملك عزيز لزوجته في حيرة يعلم بأن ما يحدث بعد ذلك لن يرضي أحد .
نيراز : هناك شئ أخر لا يشرب الماء مع الصلصة ؟
شمس الدين : بالأساس لم أكن لأحتاج الماء
الأمير نزار باسما : أرجو أن لا تتحمس كثيرا جلالتك فلا أحد هنا يأكل الحشوة بتلك الصلصة سوي نيراز هي الوحيدة من تحبها .
الملك شمس الدين : إذا كان هكذا فأنا سأحبها أيضا .
نيراز بإبتسامة ماكرة ثم أخبرت الجواري : أحضروا طبقا أخر من تلك الصلصة لجلالة الملك .
بعد لحظات قدم الجواري لشمس الدين طبق الصلصة
نيراز : هيا جلالة الملك يجب اتمني أن يعجبك ,يجب أن تنهي الطبق كله ولا بأس إذا لم تتحمل فأنسحب .
شمس الدين : أنا لن أنسحب , لا يشغل بالك هذا
بدأ الإثنان في تناول الطعام , مد الملك شمس الدين يده ممسكا بكرة اللحم واضعا إياها في الصلصة ثم بدأ في الأكل وسط ترقب من الجميع .
الأن هو يدرك لما لم يطلب أي أحد من تلك الصلصة وأيضا لما حاول الجميع منعه حاول أن يظهر أن لا شئ قد أثر عليه ولكن فعلا كان يشعر بأن نارا قد نشبت داخل جوفه , الأمراء كانوا في مقابلته يحاولون إخفاء إبتسامتهم بينما الملكة زهرة كانت متعاطفة معه , بالطبع كانت تتمني أن يمضي الفطور الجماعي علي خير ولكن لا أمل في ذلك بعد الأن
نظر شمس الدين متوعدا لنيراز التي ظهرت الإبتسامة جلية علي وجهها
نيراز : هيا جلالتك أكمل طبقك ؟
شمس الدين وكان سيمسك كوب الماء فسحبته نيراز سريعا : ألم أخبرك أن شرب الماء ممنوع إلا بعد إنتهاء الطبق .
الملك عزيز بحدة : نيراز ؟؟
نيراز بعناد : ماذا يا أبي لقد وافق علي ذلك إذا يريد الماء فليقل أنه ينسحب وبأنه خسر أمامي .
الملك عزيز بغضب : نحن علي طاولة الطعام ولسنا في حرب يا نيراز ؟
شمس الدين : لا بأس جلالتك أنا حقا لا أحتاج الماء كثيرا .
أخذ شمس الدين المزيد من كرات اللحم وأستمر في تناولها بالصلصة , حاول ألا يظهر تأثره بتلك النار التي تشتعل بداخله ولكن كلما إستمر في تناول تلك الصلصة كان وجهها يزداد تعرقا وأحمرت عينيها وكادت أن تنزل بعض الدموع منها , كانت نيراز تأكل وتسترق النظر له تتعجب من إستمراره في تناول الطعام تعلم بأنالنار تلتهم جوفه وتنظر بأن ينطق بأنه لا يريد الإستمرار كي تعيطه الماء ولكنه أبدا لم يقلها , شئ في شئ شعرت بأنها تقلق عليه وهو بجانبه تشعر بأنفاسه المحترقه وبصوته المكتوم من شدة الحراره ولكنه عنيد يأبي أن يظهر بأنها فازت عليه ووسط أهلها أيضا مستحيل أن يعطيها ذلك النصر كبريائه وغروره كملك يمنعه بشدة من ذلك .
أخيرا أنتهي من طبقه قبل أن تنتهي هي سرعان ما أمرت الملكة زهرة الجواري بأن يقدموا له الماء كانت نيراز تترقب رؤيته وهو يلهث لشرب الماء علي الأقل ستري ذلك ولكنه فاجأها حينما رفض الماء
شمس الدين : شكرا لجلالتك لست بحاجة لشرب الماء .
نيراز في داخلها : عنيد وأحمق أيضا أي أحد لو رأي وجهه سيعلم بأنه في أمس الحاجة للماء , لماذا ينكر ذلك ؟
شمس الدين موجها كلامه للملك عزيز : أستأذن جلالتك أريد أن أبقي بغرفتي لبعض الوقت .
الملك عزيز : القصر قصرك جلالتك أفعل ما تشاء .
خرج الملك شمس الدين ومشي بخطوات ثابتة أمامهم حتي غادر من أمامهم , غادر وترك نيراز في محاكمة أمام أمها وأبيها .
الملك عزيز بغضب علي إبنته : أي أميرة تحترم نفسها وعائلتها تفعل ذلك ؟ هل هذا ما تربيتي عليه ؟
نيراز : ماذا فعلت هو من أراد أكل الصلصة معي أنا لم أجبره علي شئ ؟
الملكة زهرة : نيراز ؟ لا تكذبي أنتي من دفعتيه لذلك بكلماتك , كان هذا تصرف غير لائق من أميرة مثلك .
الملك عزيز : بتصرفك هذا قللتي منا أمام الملك شمس الدين لو كنت مكانه لكنت أهنتك ولكنه أحترمك ولم يسئ التصرف أبدا ,
نظرت نيراز لأخيها نزار في محاولة منها لجعله يافع عنها مثلما يفعل كل مرة :
نزار : لن أستطيع أن أقف بصفك هذه المرة يا نيراز أنتي أخطأتي , تعلمين أن ذلك من الممكن أن يؤذيه ولكنكي أستمريتي في دفعه وتصعيب الأمر عليه في الرجوع , وهذا ليس من أداب تعامل الزوجة مع زوجها أو حتي من أداب تعاملنا مع ضيفنا , هو لم يقل اي شئ وبذلك أصبح الخطأ خطأنا بالكامل لقد تفضل علينا ويجب أن تصلحي ما فعلتيه .
الملك عزيز : هيا أذهبي لزوجك وأريد أن يكون كل شئ علي ما يرام .
خرجت نيراز سريعا من أمامهم فلو عاندت وجلست لكانوا فتكوا بها من حديثهم ,
كان ستتوجه مباشرة لجناحها لتحدث شمس الدين ولكنها توجهت اولا للمطبخ الملكي وأحضرت عسل النحل كي تعطيه لشمس الدين , ما أن دخلت حتي وجدته يدور في الجناح ويشرب الماء بشراهة ...ما أن رأها حتي وقف في مقابلها والغضب يشع من عينيه
نيراز وهي تمد يدها بالعسل له : تفضل هذا سيخفف ما تشعر به؟؟
شمس الدين بغضب دفع يدها بقوة فسقط الطبق علي الأرض ثم جذبها بعنف من يدها لتقترب منه أكثر فأكثر ..
شمس الدين : من تظنين نفسك ؟ كييف تجرؤين علي الإستهزاء بي هكذا أمام الجميع تظنين أنني دميتك التي تتلاعبين بها , كل هذا لأنني لا أريد أن أقسو عليكي ولكن لا تنسي من أنا , من اليوم سأريكي لماذا يرتعب الجميع من ذكر إسمي في ساحات المعارك , فتاة مثلك لن تتحملي لحظة واحدة معي .
نيراز : أترك يدي أنت تؤلمني كثيرا ؟
شمس الدين : تؤلمك حقا ؟ تعرفين معني الألم ؟ هذا ليس ألما أنا من سأريكي ما هو الأم الحقيقي يا أميرة مملكة القوس , ثم زاد من ضغطه علي يدها التي كاد أن يكسرها ....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي