الفصل 2

كانت دهشتها أكبر عندما رأت نفس ابتسامة الرضا التي رأتها تعلو ملامح شاهر بيه في الصباح, أجلى صوته بخشونة اهتزت لها الجدران:
ـ والآن.. إروي لي حكايتك.. لنرى إن كانت أكثر متعة من.....
أطلق ضحكة أخرى قوية عندما لاحظ احمرار وجهها الشديد:
ـ أنتِ جارية ممتعة.. يبدو أنني لن أقضي هذه الليلة هباء بعد كل شيء... احكي يا شهرزاد..
ـ بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأي الرشيد.. أنني في صباي كان لي بطلاً خارقاً...
قاطعها قائلاً:
ـ بطلاً خارقاً!!.. هل حرمتني من جسدك الشهي لتروي لي قصص أطفال عن باتمان وسوبرمان؟؟
أجابته بحدة:
ـ لماذا تقاط... استنى شوية.. كيف تعرف عن باتمان وسوبرمان؟؟؟
رماها بنظرة صاعقة:
ـ أنا شهريار العظيم.. أعرف كل شيء.
ـ طيب.. يا أبو العريف.. الحكاية مش عن بات ولا صحاحبه.. سيبني أكمل...
"كنت آراه في طفولتي.. بطوله الفارع.. وعضلاته المنحوتة.. ووسامته الملحوظة, كبطلي الخارق.. وزاد من اعتقادي هذا إنجازاته الرياضية المميزة, وكنت أتعجب بشدة من النصائح المتوالية له بأن.. "يراعي مستقبله".. و"يلتفتت لدراسته".. لم تسعفني سنوات طفولتي لأستوعب, لما كان كل هذا الهجوم المتواصل على بطلي الخارق.. حتى بدأت أفهم, أن بطولاته توقفت عند محطة الدراسة.. وبالرغم دخوله إحدى كليات القمة.. كما يطلق عليها.. إلا أنه كان لا ينتوي التخرج منها!!!..
ـ كان هذا كما قلت لك.. بطلي السابق..
أما كلمة السابق.. هذه.. فلها قصة.. بدأت في ذلك الصيف البعيد الذي كنت فيه شاهدة على قصة حب ولا الأساطير... ولا تفهمني خطأ, فلم يصدمني أنه كان يعيش قصة حب.. ولكن ما صدمني فعلاً حكاية هذا الحب..
فحكي لي عن محبوبته:
ـ أحبها منذ سنين لا أذكرها.. فقد فتحت عيناي ووجدت نافذة غرفتها مقابلة لشرفتي.. ظللت أراقبها عن بُعد لسنوات.. قمت فيها بتحويل الشرفة إلى غرفة خاصة بي.. حتى لا يراقبها أي واحد من أشقائي.. استمريت في قصة حبي لها لمدة 6 سنوات حتى واتتني القوة لمصاراحتها بحبي.. لتبدأ قصة حبنا سوياً.. علمت أمي بحبي لها واستشعرت صدق مشاعرها نحوي فوطدت علاقتها بها.. وباركت حبنا..
زفر شهريار بغضب:
ـ إذن أين المشكلة؟؟.. هل خانته هي الأخرى؟؟
تجاهلته شهرزاد وهي تتابع سرد حكايتها على لسان البطل:
ـ هل تظن المشكلة تتمثل في فشلي المتواصل في الحصول على مؤهلي العالي؟؟.. كلا.. فحبيبتي لم تهتم.. فقد كانت واثقة أن وجودها بجانبي سيحفزني على التقدم في دراستي..
صاح شهريار بصبر نافذ:
ـ لا تزيدي من حيرتي يا جارية... أين مشكلة هذا الرجل؟؟
ردت بحنق:
ـ الصبر يا ملك الزمان.. حتى يزول عنك الغموض وتعرف باقي ما لم تعرفه عن أسرار الوجود... فالحديث على لسان بطل الحكاية ما يزال يحكي ويقول...
ـ المشكلة.. تتلخص في كلمة واحدة.. أبي!!... أبي الذي يرفض حبيبتي ويتجاهل مشاعري نحوها تماماً؟؟ وذلك لأن مستواها الإجتماعي لا يتناسب معه!!.. ذلك من وجهه نظره هو, حاولت معه كثيراً.. وحاولت أمي كذلك ولكنه يصم أذنيه عن كل محاولاتنا..
وأردف يحادثني وأنا الصغيرة التي ظن أنها لن تستوعب أبداً أحاسيسه المرهفة:
ـ صلي من أجلي صغيرتي.. فقد جاء موعدي لتنفيذ الخدمة العسكرية.. وأنا مازلت لم أنتهي من دراستي, بينما حبيبتي أنهت دراستها بالفعل.. ولم يعد لديها ما تتعذر به أمام والديها لرفضها الخاطب تلو الآخر...
مرت سنوات خدمته العسكرية.. وحبيبته الرقيقة متمسكة به وبعهد حبه.. بل وتمكن أخيراً من الحصول على مؤهله الدراسي بمساعدة الحبيبة المخلصة.. وأخيراً طلب من والده الذهاب إلى بيت حبيبته لكي يستطيع التقدم لها رسمياً.. وحدث ما كان يتوقعه.. رفض أبوه بحسم صارم أن يفتح معه الموضوع.. بل تمادى الأب في الظلم, ولم يساعده في الحصول على وظيفة مناسبة كما ساعد باقي أشقائه..
وليصبح ظلمه بين وبلا حدود للرحمة, منع أصدقائه من أصحاب المناصب الرفيعة.. من مساعدة الابن ليحصل على أي وظيفة..
وأصبحت حرباً علنية بينه وبين ابنه.. وكان شرطه ليرضى عنه ويمكنه من الحصول على عمل أن يترك حبيبته ورفيقة عهده... فهي من وجهه نظر الأب غير لائقة إجتماعياً!!..
فشلت كل محاولات الأم في تقريب وجهات النظر.. وظل الأب على تعنته الشديد..
مع مرور الأيام تسرب اليأس لنفس البطل.. وخاصة عندما وصل إلى علمه وجود رجل لا غبار عليه ويريد حبيبته كزوجة..
حتى كانت ليلة.. فوجئت بخبر إعلان خطوبة بطلي على إحدى الفتيات.. وفي هذه الليلة تحول بطلي الخارق.. إلى بطلي الخارق سابقاً..
صرخت فيه:
ـ لماذا تركتها؟؟.. لماذا خنتها؟؟.. وهي ولم تقدم لك سوى الحب والوفاء..
أجابني:
ـ تصرخي بي يا صغيرة!!.. بأي حق؟؟
ـ أنت من منحني الحق, عندما رويت لي قصة عشقك لها.. كيف إنتهى هذا العشق فجأة؟.. وما الذي تملكه خطيبتك زيادة عن من أحببتها؟؟
أجابني وهو يخفي عينيه عني:
ـ تملك المال.. والمركز الإجتماعي الذي يرضي غرور أبي.. هي تريد أن تشتري رجلاً.. وأنا وضعت على جبهتي بطاقة "برسم البيع".. وهكذا تمت الصفقة..
وتركني ورحل...
بعد عدة شهور.. لمحت بطلي السابق.. ويا لهول ما رأيت!!.. فقد كان يختنق ببكائه كطفل صغير!!..
ركضت إليه وسألته:
ـ أتبكي!!!.. لماذا؟؟
أجاب وسط شهقات بكائه:
ـ لقد كان زفافها بالأمس.
ـ هل تزوجت حبيبتك أخيراً؟؟.. ولماذا تبكي إذن؟.. ألست أنت من تركها؟؟.. ألست أنت من تخلى عنها؟؟.. ألست أنت من خان العهد والوعد؟؟
لمحت وسط هجومي عليه خلو أصابعه من خاتم خطبته..
فسألته بحيرة:
ـ هل تركت خطيبتك؟؟
أجابني والمرارة تتساقط مع كلماته:
ـ لقد انتهت الصفقة.. فقد حررت فتاتي من حبي وهي تظنني خائن..
وفي تلك اللحظة عاد بطلي الخارق.. مجدداً ....
شذراً كانت نظرات شهريار تتلوى على ملامحها:
ـ هذا لا يعقل.. ولا يحدث.. ولا في الأحلام.. جنس النساء نمرود.. معجون بالخيانة وعدم الأمان.. كيف تكون حبيبته ويتركها لغيره؟؟!.. وتكون هي أصل الوفاء!!
رفعت كتفيها:
ـ أنا حكيت لك كل اللي حصل بالظبط, وأنا كنت شاهدة عيان, مش مصدقني؟.. ولا خايف تعترف إن حكايتي عجبتك؟..
رد بتعالي وهو يتثائب:
ـ لا بأس بها, رغم أنها كالأساطير.. لا أحد يصدقها مهما أقسمت على حقيقتها.. خلصت ليلتك يا جارية.. يا مسروووووور.
صاحت حانقة:
ـ مسرور!!.. إيه هو وعد الملوك كلام ملحوس؟؟.. ممكن تخليني بكرة وأنا هحكي لك حكاية تانية.. يمكن تصالحك على الأولانية...
ـ أولانية إيه!!.. وكلام فاضي إيه؟؟.. لازم الليلة تموتي يا جارية...
ـ فكر تاني.. يمكن يعجبك كلامي...
صاح الديك وناح وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح


......................................................................

الليلة الثانية ..

فتحت عيناها بابتسامة ناعمة, ما لبثت أن انقلبت لتكشيرة عابسة متلفتة حولها بدهشة..
ـ إيه ده!!.. إيه ده!!.. فين الستائر المخملية؟.. فين الرياش والتحف الدمقسية؟.. فين شهريار ومسرور السياف؟.. معقووولة كنت بحلم!!.. كل دا حلم!!.. منك لله يا شاهر بيه.. هتجيب لي الخفيف!!.
ثم نظرت لساعة المنبه وقفزت صارخة:
ـ وكمان اتأخرت.. يا دي اليوم اللي مش فايت!!.. لازم هيطير راسي النهاردة.. ومش هينفع معاه أي حكاية, حتى لو غنيتها له على الربابة.
جاءها صوت أختها تحدق بها ذاهلة:
ـ إيه داه يا شهيرة!!.. أنتِ بتكلمي نفسك؟!
اختطفت منها المنشفة متوجهة للحمام:
ـ وعن قريب المورستان.. على إيد الأستاذ شهريا.. قصدي.. شاهر بيه..
وقفت في الحمام تتأمل نفسها في مرآته الضبابية من آثار بخار الماء بعد الاستحمام..
وألقت تنهيدة كبيرة..
ـ وبعدين وياك يا سي شاهر.. هتفضل ملاحقني في صحوي ومنامي.. جرب مرة تدخل جوة عيوني.. مش هتندم.. لو تبطل غرور وأوامر.
دخلت المكتب سارحة في حلمها الغريب, وكأنها ما تزال لا تصدق أن كل ماحدث كان مجرد حلم...
ـ شهيرة.. مالك النهاردة.. شهريار سأل عنك..
شهقت باتساع حدقتيها:
ـ شهريار!!
ـ قصدي شاهر بيه.. أنتِ مش طبيعية النهاردة.. السهرة كانت صباحي مع القمر.. ولا إيه؟؟
تأوهت شهيرة:
ـ أنتِ رايقة قوي.. قمر إيه.. وشمس إيه.. شاهر بيه وصل؟..
ردت صديقتها بمزاح:
ـ طبعاً.. وسأل عنك.. وأعتقد أن باقي ثواني ويطير رأس حضرتك....
ركضت مسرعة متأففة لا تكاد تطيق قهقهات صديقتها التي لاحقتها حتى دخلت إليه بعد أن طرقت الباب بتأدب..
رفع رأسه عن الملفات يحدق فيها بطريقة غريبة, ذكرتها بنظرات شهريار لها في الحلم العجيب, مزيج من التعالي والجبروت و.. الرغبة!!.. كيف لم تلحظ هذه النظرة من قبل؟؟.. تخلخلت ركبتيها من فرط ارتباكها.. حاولت إجلاء صوتها وظهر ضعيفاً رغم محاولاتها:
ـ طلبتني شاهر بيه..
ـ ألقى القلم من يده فجفلت عندما احتدت عيناه الصقريتان..
ـ تأخرتِ يا آنسة.. إيه عذرك النهاردة؟
ـ أنا.. أعتذر.. مش هيتكرر مرة تانية.
بدا وكأنه يتسلى بارتباكها:
ـ أنتِ متجوزة؟؟
كادت ترد بالإيجاب..
ـ"أيوه.. متجوزاك"..
ولكنها تراجعت في آخر لحظة باحمرار مثالي بوجنتيها المحترقتان..
ـ لأ.. أنا....
قاطعها ببرود:
ـ مش مهم.. اتفضلي كملي شغلك وكفاية عطلة النهاردة.. واعملى حسابك هتفضلي بعد خروج الموظفين ساعة تعوضي فيها تأخيرك...
كظمت غيظها وسلسلة الردح الأصلي وهي تومئ برأسها:
ـ أمرك يا شاهر بيه.. أي خدمة تانية؟..
أعاد رأسه بين ملفاته بإشارة مقتضبة من رأسه كي تنصرف..
تخيلت نفسها مرة أخرى شهرزاد وهمت بالرد عليه عندما عاد تعقلها يعود بها للباب لتخرج كاظمة غيظها تتمنى لو كانت تملك سيف مسرور في هذه اللحظة...
رفع رأسه بعد ذهابها يتأمل الباب بعد أن صفقته بقوة.. انشقت شفتاه بابتسامة متسلية مفكراً بنظرات شاردة..
أمسكت بكتابها بين أحضانها تضمه بقوة متخيلة نفسها تعود للحلم مرة أخرى.. ولكن ظهر وجه شاهر من بين أفكارها فعبست وهي تفتح الكتاب على الحكاية الأخيرة التي توقفت عنها في الليلة الفائتة.....
ـ أنتِ يا جارية.. يا جارية...
اخترق صوته الرجولي طبلة أذنيها فوضعت الوسادة على رأسها رافضة أن يطاردها حتى في أحلامها, فعاد صوته يخور كدب أفريقي متوحش:
ـ انهضي يا جارية.. وإلا استدعيت مسرور ليريحك من الاستيقاظ أمد الدهر..
انتفضت من مكانها تحملق حولها بذهول لتجد نفسها وكأنها دخلت كتاب أساطيرها مرة أخرى..
اخترقتها عيناه الرماديتان الصقريتان:
ـ شاهر بيه!!!!
أمام ملامحه المتعجبة أدركت أنها تفوهت بما أثار غضبه أكثر عندما جذبها من تلابيبها:
ـ أيتها الملعونة.. أتنطقين باسم رجل آخر وأنتِ على فراشي؟...
همهمت بصوت مختنق:
ـ لا.. أنا.. بكلمك أنت.. أنت شاهر...
خفف من قبضته متسائلاً:
ـ هل مس عقلك الجنون؟.. أم أنساكِ عشيقك اسم زوجك؟..
استطاعت تمالك نفسها وهي تلجأ لحيلتها الأنثوية:
ـ ودي معقولة!!.. أكون زوجة أعظم ملك على الأرض وأفكر في أي مخلوق غيره؟.. حبيبي.. كنت بدلعك.. أنت اسمك شهريار, وأنا بدلعك باسم خاص بي لوحدي.. أنا بس أناديك بيه.
تراجع مفكراً ثم صاح عابساً:
ـ شهريار أكبر من إن جارية زيك تكلمه بتصغير لأسمه العظيم.
همهمت بدلال:
ـ خلاص يا حبيبي.. زي ما تحب...
ـ اسمعي يا جارية...
ردت بعنفوان:
ـ اسمي شهرزاد.. زي ما أنت معتز بإسمك أنا كمان فخورة بإسمي وأفضل أنك تناديني بيه.
أطلق قهقهة عالية :
ـ أنتِ يا... نكرة!!...
قاطعته محتدة فاخترق ظلام عيناها السوداوان غشاء قلبه المتجمد:
ـ من اللحظة اللي اقترنت فيها بأعظم ملك على الأرض أصبحت هيبتي من هيبته.. وأنا بقيت زوجته.. مش أي جارية في ملكه..فاهم يا شهرورتي ولا أعيد تاني مقولتي
حك لحيته الصغيرة مفكراً.. ثم زمجر:
ـ مستعدة الليلة للموت؟...
تنهدت بتململ:
ـ كل من عليها فان يا مولاي..
رد بتكبر:
ـ حكمتك الليلة مش هتنقذك من سيف مسرور.
ـ يمكن.. ويمكن تشملني بعطفك ومحبتك المشهور بيها في كل العالم حتى البحور
قهقه مرة أخرى:
ـ بتحلمي يا شهرزاد.. الحب مضى وكأنه ما كان.. في قلبي لن جدي إلا حجر صوان.
ـ لو سمعت الليلة حكايتي, يمكن تغير رأيك وتعطي قلبك فرصة للحب مرة تانية..
اضجع بعظمة على فراشه قائلاً بنبرة أظهرت عنفوانه:
ـ احكي يا شهرزاد.. كي يمضي الليل باطراد, ولكن بعد الليلة لازم عنقك الجميل يزور سيف مسرور, من زمان لم يروي نصله المشتاق لقص الأعناق..

اتكأت على إحدى الوسائد الديباجية القماش, الحريرية الملمس.. وسرحت بعينيها تومئ له بعينيها فاتكأ جوارها يتأمل بصمت جمالها:
ـ بلغني أيها الملك العظيم ذو الرأي الرشيد, أنه.. كان يا مكان في سالف العصر والأوان..


كان هنالك ملك حكيم, حكم بلاده بالعدل والإحسان.. وعاش جميع سكان مملكته في رخاء.. لأنه نصر المظلوم, وساعد الفقير..
لكنه كان يتمنى أمنية واحدة.. ألا وهي أن يُرزق بولد صالح, يربيه ليكون خلفاً له, ويسير على خطاه, ويجعل منه ملكاً حكيماً يطمئن إلى تسليمه مقاليد الحكم من بعده.. مرت العديد من السنين والأعوام إلى أن تحققت أمنيته وحملت زوجته.. وبعد انقضاء شهور الحمل وجاء وقت الولادة.. لم تلد زوجته طفلاً ذكراً, إنما ولدت مولودة أنثى..
حملها والدها الملك بين ذراعيه وبمجرد النظر إليها, أحبها وعشق نظرتها البريئة لوجه والدها.. برغم حزنه الكبير لأنه لم يرزق بطفل ذكر كما تمنى, إلا أن جمال وجهها, ورقة نظراتها, وروعة عينيها, هما ما أسرا قلبه من النظرة الأولى.
أقسم عندها أنه سيربيها أحسن التربية, وسيعلمها كيف تساعد الجميع وتحترم رعيتها جيداً, لكنه سيتركها تختار زوجها بنفسها.. والذي سيهديها إليه قلبها وسيقبل به مهما كان اختيارها..
كبرت الأميرة "أوجيني" وكانت كما أراد لها والدها أن تكون.. رقيقة.. وعادلة.. حكيمة.. وجميلة.. كانت لها بشرة بيضاء مرمرية صافية تعكس نقاء روحها, وشعراً مسترسلاً حريري الملمس كأنه أشعة شمس وضاءة تغمر الجميع بضيائها, وعينان من أجمل ما خلق الرحمن بألوان الطبيعة المتداخلة مع بعضها, أما جسدها فهي هيفاء طويلة القامة ذات قدٍ مياسٍ يخلب الألباب...
كانت بمجرد مرورها بين الحقول والمزارع تتفتح الورود, وتنضج الثمار وتضج الحياة في سائر الوديان وتنشر السعادة بين الجميع, لذلك أحبها كل سكان تلك المملكة. وعندما بلغت "أوجيني" من العمر ما يؤهلها للزواج, أخذ جميع أمراء وملوك الممالك المجاورة بالتقدم لخطبتها وطلب مصاهرة والدها, لكنها رفضت كل المتقدمين لها..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي