احكي يا شهر زاد

Mervat elbeltagy`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-03ضع على الرف
  • 159.2K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل 1

بلغني أيها الملك السعيد..
سلاما لقلبي من ليالي سرقت مني حتى دقاته..
ليالي أسليك فيها بحكاياتي، حتى عشقتني أحلامي..
من قسوتك كان هروبي،
سألتك خلاصي..هل تبيعني حياتي أشتريها بإخلاصي..
مقابل أن تبقيني معك أسيرة أحلامي
مولاي ومليكي...
قبل أن ينبلج نور الصباح ويصيح الديك الصياح
فتنوح النائحات بالنواح على درة شبابي المهدور
بسيف عبدك مسرور
اسمح لي بآخر حكاية؟، ربما فيها العبرة بخلاصي
فأنال رضاك بعد غدرك وسوء نواياك
احكي يا شهرزاد
مولاااااااااي
بصوت ملول كسول هتفت شهرزاد تنهي حكايتها:
" وهكذا يا مولاي عاشت أميرة النجوم مع ملك البحار سوياً في برزخ بين السماء والأرض في سعادة وحبور.. وأنجبا الكثير الكثير من البنات والبنون.. وعاشا في تبات ونبات حتى فرق بينهما مفرق الجماعات.. سبحان الحي الذي لا يموت..
صرخ بصوته الجهوري والكرى يداعب أجفانه:
" المزيد.. المزيد يا شهرزاد ..أتني بالمزيد من هذه الحكايات"
ارتبكت على غير عادتها:
" ولكن.. كانت هذه الحكاية الأخيرة في جعبتي يا مولاي... لقد قضيت ألف ليلة وليلة أحكي لك.. من الشرق والغرب، من السماء وما تحت الأرض.. وكل أبطال حكاياتي وجدوا سعادتهم مع قلوب دافئة أخلصت لهم الحب فأخلصوا لهم ومنحوهم متعة الحياة... وأنت ما زلت تطلب المزيد دون أن تسمح لنفسك بالعطاء ولو بالقليل".
"لقد أعطيتك أكثر بكثير مما أعطيت لجارية قبلك.. وما زلت تطالبين بالمزيد كأنه لم يكفك وجودك بصحبتي في هذه الليالي الألف عطية، يبدو أن سيف مسرور الذي ذبل نصله المشهور من عدم الاستعمال سيرتوي أخيراً بدمائك يا... جاريتي.. سأمهلك لليلة الغد فقط.. تبحثي في جعبتك عن حكايا.. إما تسري عني بالمزيد.. أو..."
وأشار على عنقه علامة الذبح مردفًا بصوت ناعس مستسلمًا لجبروت النوم:
" وإلا أسعدت سيافي المكدور... وأعدت له صيته المشهور.. باسمه مسرور"
تنهدت معيدة رأسها على وسادتها متمتمة:
" وكأنني أهتم.. هيا عد واذبح.. واهدر دماء العذارى ألوف.. فما لم تفعله بك ألف ليلة.. لن تفعله ليلة...هيا يا شهريار ماذا تنتظر... شهر..."
التفتت لتجده وقد استسلم لسلطان النوم.. زفرت بسخرية:
" هذا هو السلطان الذي لم يخضع لمشيئتك بعد.. يبدو أنني مقدر لي أن أعيش ليلة جديدة بعد الألف ليلة.. أخيراً آن لي أن أرتاح من أوجاع قلب يئس من قلب جبار يرفض الخضوع لسحر الحب...
غادرت جناحها فهبت الجواري بصحبتها.. رفعت يدها تمنعهم:
" لا أريد أحد معي..
" ولكن يا مولاتي
دمدمت بنبرة غاضبة:
" سأذهب بمفردي.. ولا أرغب أن يتبعني أي مخلوق وإلا أقسم أن آمر بإعدامه فوراً
تراجعت الجواري والحرس خطوة للخلف فتقدمت شهرزاد برأس مرفوع شامخ وخطوات متهادية ترفل بثوبها الحريري الطويل المرصع بجواهر نادرة لا تقدر بثمن.
ذهبت ترتاح أسفل تعريشة العنب التي تلهمها الهدوء وراحة البال...غرد الكروان الحبيب ابتسمت بنعاس ونسمات الفجر تداعب الكرى في عينيها...واستسلمت لنعاس عميق...عميق..عميق...

..............
ـ صباح الخير يا رعاياي المخلصين... أخباركم إيه يا حلوين؟؟ عمكم شاهر طير منكم كام رأس النهارده؟؟!! قولوا.. قولوا.. ما تتكسفوش..
زمجرت إحدى الصديقات في مكتب العمل:
ـ شهيرة... قولي يا صبح قبل ما يسمعك, ويطير رأسك مع الرؤس اللي بتطير كل يوم!!...
جلست شهيرة على مقعدها خلف المكتب الصغير قائلة بثقة وهي تضجع بظهرها:
ـ أما رأسي فغالية قوي.. ومش هسلمها له بالراحة كده.. هو فاكر إيه؟؟ كل الطير يتاكل لحمه!!.. يا مين يقولي بس مين اللي عقدت أخينا ده في حياته علشان يطلعه على عينينا بالشكل ده..
ضحكت صديقتها الثانية في المكتب المجاور:
ـ أنتِ فاكراه زي شهريار بتاعك ولا إيه؟؟! واحدة ست عقدته في حياته, فقرر يدبح كل الستات... اخرجي بقى من كتاب ألف ليلة وليلة ده اللي بتحلمي بيه ليل نهار!!!.. إحنا في عالم الواقع, وشاهر بيه مش بيقطع رأس حد..
قاطعتها شهيرة متذمرة:
ـ لأ.. العفو.. بيقطع أرزاقهم بس!!... ما سمعتي المثل "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق".. كما أن حضرته متعسف جداً, وكل اللي بيطردهم من بلاط سموه.. أقصد شركة حضرته مش بيستاهلوا العقاب لحد الطرد بدون إنذارات ولا جزائات... طرد فوري!!... بالله عليك مش شهريار أرحم!!.. على الأقل بيعطي فرصة ليلة كاملة قبل ما يأمر عمو مسرور بــ...
وأشارت بيدها على عنقها...
ثم أردفت:
ـ المهم مش هتقولوا لي مين إنقطع راسه... عفواً أقصد.. إنطرد النهارده..
ـ بصراحة.. لحد دلوقت لا حس ولا خبر.. يمكن يمر اليوم بسلام... مين عارف
هزت شهيرة أكتافها:
ـ عصر المعجزات راح... بس على رأيك مين....
وقاطع جملتها رنين متواصل لجرس الإستدعاء لمكتب المدير... شهقت متراجعة تحدق بالضوء الأحمر المنبعث من الجرس:
ـ سوزان.. أنتِ إدخلي شوفيه عاوز إيه؟؟؟
هزت سوزان رأسها:
ـ عاوزك أنتِ يا شهيرة... دا جرسك أنتِ... غالباً سمع صوتك العالي وناوي يشغل مسرور على رقبتك النهارده!!..
كتمت غيظها والاثنتان تتراشقان بالنظرات الساخرة...
عاد الجرس يطلق رنينه المزعج فنهضت مسرعة ومتوجهة لباب غرفة المدير, وبعد طرقة واحدة دخلت بعد أن عبأت صدرها بهواء الشجاعة...
كانت غرفة المكتب فسيحة تشابهت في خيالها مع بلاط شهريار!!, وهاهو يماثله في عظمته وغروره الفارغ.. يرمقها من عليائه وكأنه آخر ملوك الزمان دون أن يبدي أي تأثر لجمالها الشرقي بعينيها البراقتان بسوادهما الغامق وكأنها بئر عميق من اسرار الكون باتساعهما الكاحل وشعرها المعقوص دائماً كعكة متزمتة دون أن تنتقص من روعة لونه الأسود الفاحم..ولكن هل لاحظ يوماً كل هذه التفاصيل...لن تعرف أبداً:
ـ طلبتني.. سيد شاهر؟؟
ـ أعتقد أن هذا ما يعنيه رنين الجرس المتواصل لمدة ربع ساعة.. يا آنسة شهيرة, حتى تكرمتِ حضرتك بالرد أخيراً..
عضت على شفتيها بعد رده البارد لتمنع نفسها بالقوة من الرد بالكلمات التي تحرق لسانها, وإلا نفذ فيها حكمه اليومي:
ـ أعتذر سيدي.. كنت...
قاطعها بعجالة:
ـ هتحكي لي قصة حياتك.. اتفضلي لأُملي عليكِ رسالة... فوراً يا آنسة..
انتفضت لتجلس وتمسك بالقلم فوراً لتبدأ بالكتابة السريعة, بالكاد استطاعت اللحاق بكلماته التي تعمد أن يلقيها بسرعة.. ربما ليختبر قوة إحتمالها مرة أخرى..
وأنهى الرسالة بابتسامة بغيضة:
ـ خلصت يا آنسة... ولا عاوزة اليوم كله؟
ردت ملقية قفاز التحدي بوجهه:
ـ نعم سيد شاهر... في رسالة تانية تحب حضرتك أكتبها..
رد بغيظ:
ـ لا... أطبعيها بسرعة علشان أوقعها قبل ما أمشي.. ورايا إجتماع مهم في الخارجية..
ـ حالاً.. يا شاهر بيه..
وصلت للباب وقبل أن تدير المقبض أوقفها صوته الصارم مرة أخرى:
ـ شهيرة....
اعتصرت مقبض الباب بين أناملها وكأنها تفرغ فيه كل غضبها, وبصعوبة شديدة رسمت ابتسامة متكلفة وإستدارت على محورها لمواجهته:
ـ أفندم... شاهر بيه...
فاجأها بسؤاله:
ـ إيه رأي الموظفين بي...
رأت فيه في تلك اللحظة كل غرور ملك ظالم بأنفه الشامخ المتعالي, واضجاعه للخلف وكأن الدنيا كلها تحت قدميه ولا يبالي, لطالما أعجبت بصفاته الجسمانية, فهو طويل بكتفين رحبتين توحيان بالأمان الذان يذوبان عند مرأى شفتيه الشهوانيتان, المتذمرتان على الدوام...دفعها التحدي في عمق رمادية عيناه فلم تستطع كبح جماح لسانها المندفع:
ـ ظالم.. ومفتري.. ومتعسف...
اشتبهت أن تكون قد رأت شبح ابتسامة على شفاهه الصارمة!!.. عندما إعتدل في مقعده وإنحنى للأمام واضعاً يداه على المكتب متشابكيتن.. وشدد على عبوسه قائلاً بنبرة رضا:
ـ عظيم... شكراً يا آنسة.. تستطيعين الإنصراف...
حانت منها نصف التفاتة ولكنها تراجعت لتواجهه مرة أخرى متقدمة نحوه بنظرات متوعدة:
ـ هكذا!!.. بكل بساطة تسألني سؤال زي ده.. وبعدين تصرفني زي ما تكون... زي ما تكون...
ـ كملي يا آنسة... زي ما أكون إيه؟؟؟...
ضربت قدمها بالأرض باحتجاج:
ـ شاهر بيه.. ليه أنا بالذات سألتني السؤال ده؟؟
قلب شفتيه بلامبالاة:
ـ لأني عارف ومتأكد أنك مش هتنافقيني ولا تكذبي.. وهتقولي الحقيقة....
ردت بحذر:
ـ الحقيقة!!... اللي بالمناسبة عجبتك!!.. وشعرت بعدها بتفوقك.. وأنك راضي عن نفسك!!..
ـ المقابلة انتهت يا أنسة.. حضري الرسالة بسرعة..
كظمت غيظها للمرة الثانية.. واستدارت مرة أخرى على محورها وفتحت الباب لتصفقه خلفها بقوة..
حدقت صديقاتها بها بتساؤل, تجاهلتهما وهي تجلس خلف مكتبها ترغي وتزبد دون أن ترد على أي منهما.. ولم تجرؤا على النبس بكلمة واحدة من عيناها اللتان تطلقان شراراً.. وضربها بيدها على الملفات, فآثرا الإبتعاد حتى تمر العاصفة...
أخيراً.. حل المساء, وقتها المفضل لتحتضن كتابها "ألف ليلة وليلة" وتضجع على فراشها, بعد أن ألقت تحية المساء على أبويها وأخوتها الذين يعرفون تماماً أين تقضي أختهم كل يوم ليلها...
بعد أن أطفأت نور المصباح الرئيسي وأضاءت الجانبي الخافت.. ليساعدها أكثر على الخوض في مغامرات كتابها الأسطوري, فتحت الكتاب برفق وكأنها ستدخل مكان مقدس!!.......
روائح كثيرة ومميزة تنشقتها بقوة, إنها رائحة كتابها الذي يختلط بداخله سحر الشرق وجمال الغرب.. غرائب الشمال وحكايا الجنوب.. إنها رائحة مميزة شاعرية أقرب ما تكون.. وأغرب من حلم....
فتحت عيناها ببطء مستمتعة بأخر أحلامها عن بطلتها المفضلة شهرزاد وهي تتلاعب بشهريار وكأنه خاتم حول خنصرها!!... امتدت يداها تبحث عن كتابها, سرحت يدها في الفراغ ولكن ليس هذا ما لفت انتباهها, ولكن ملمس غطاء فراشها الذي أصبح أكثر نعومة!!.. اعتدلت جالسة تحدق بالغطاء الفخم المطرز بالجواهر النفيسة والمطعم بخيوط الذهب.. فكرت..
"إنه يشبه غطاء فراش شهرزاد الذي ورد ذكره في الكتاب!!"...
أغمضت عيناها بنفس عميق لتفيق من هذا الحلم العجيب.. ثم فتحتهما لتجد نفسها ما تزال تحدق بنفس الغطاء.. فتجرأت لترفع رأسها.. فكانت الصدمة التي كادت تفقدها النطق والعقل معاً!!.. ولو لم تكن أصيبت بالجنون لظنت نفسها داخل كتاب "ألف ليلة وليلة"!!..
فقد تحولت غرفتها البسيطة لجناح فخم.. مغطاة جدرانه بالستائر المخملية المقصبة بالعاج وأفخم أنواع الحرير... وحول الفراش الكبير تناثرت وسائد من مختلف الألوان والأشكال المزينة بالشرائط الملونة والحرائر الهندية.. وبجوارها في كل مكان تراصت الطنافس التي لا تقدر بثمن والغريبة الأشكال والألوان من كل بلاد العالم..
كانت ما تزال مبهورة بما حولها.. لا تدري إن كانت ما تزال داخل حلمها أم أنها في واقع آخر مجنون!!.. ولكن لم يسعفها عقلها بتفسير ما تراه حولها, وازداد الوضع جنوناً عندما رأت انعكاس لصورتها في مرآة هندية.. إقتربت أكثر من إنعكاس صورتها لتتفرس في ملامحها.. كانت نفس الملامح مما أكد لها أنها هي نفس الشخص كما تعرف نفسها.. ولكن بملابس مختلفة!!.. مدت يدها للمرآة تتلمس ثوبها الأبيض الطويل المطرز بخيوط مذهبة ومجوهرات تزينه من قمة صدره المفتوح حتى ذيله الطويل, وكذلك التاج على رأسها وكأنها.....
شهقت عندما فتح باب الجناح الكبير وسمعت صوت جهوري يعلن عن القادم:
"مولاي ملك الزمان والعصر والأوان...الملك شهريار"
كادت تخر على ركبتيها وشاهر بيه يدخل بكل عظمة وتكبر ولكن بملابس غريبة!!.. كادت تضحكها عندما تذكرت الحاجب الذي قدمه باسم...
تمتمت بذهول..
ـ"شهريار"!!!!!!!!!!
كل عظمة في جسده الممشوق كانت تصرخ بغروره وتكبره وتجبره, إضجع على فراشه يتفرس فيها بوقاحة نظراته التي تعرفها جيداً.. ثم ناداها مشيراً لها باحتقار:
ـ أنتِ يا جارية.. اقتربي...
أفاقت من ذهولها على ندائه الجارح ففكرت
"يبدو أنني بأحلم بجد... أو دا أسوأ مقلب سخيف ممكن أن تدبره صديقاتي لي... ولكن.. هم مش ممكن يشركوا معاهم شاهر بيه في لعبة سخيفة... ودا شكله مصدق نفسه بجد!!... ودا معناه إنه فاكرني شهرزاد بجد"!!...
شهقت متلفته حولها وأفكارها تتضارب في عقلها بجنون...
" ودا معناه.. أن مسرور منتظر الأمر بــ...."
ـ أنتِ يا جارية.. هل أصابك الصمم؟؟... لم يخبرني أباكِ الوزير أنكِ صماء... ماذا؟!.. هل أنتِ بكماء أيضاً؟! هل ستقتربي؟.. أم أدعو مسرور ليقص عنقك قبل أن أحظى بليلتي معكِ؟... ستكون هذه خسارة فعلاً, بعد أن شحت البنات في مملكتي!!.. ولكني لا أهتم.. أنا شهريار... يبدو أن منصب الوزير سيفرغ هو الآخر.. بعد أن أقص عنق والدك الذي رزاني بعروس بلهاء مثلك!!
تقدمت أخيراً نحوه بعدة خطوات بعد أن ابتلعت غصة الخوف وفكرت أن تتجاوز الموقف بحنكتها.. حتى تستيقظ من هذا الحلم الغريب!!, أو تعود لعالمها.. لو كانت قد عبرت بوابة الزمن من دون أن تقصد كما يحدث في الأفلام الأمريكية!!...
ـ يا مسرور...
ردت بسرعة:
ـ نعم يا شهريار.. أنا سامعاك كويس.. أنا مش خرسا ولا طرشا...
صدح بصوته الجهوري المتعالي:
ـ أنا مولاكِ يا جارية.. والجارية لا تنادي مولاها باسمه..
رفعت أحد حاجبيها بتحدي:
ـ عندك حق طبعاً.. الجارية.. جارية, والملك هو الملك, وأنا زوجة الملك, علشان كده من حقي أناديك بإسمك.. " شهريار"
ضحك بقهقهة عالية:
ـ زوجتي!!... نعم.. ولكن لليلة واحدة.. لا تنسي مصيرك المحتوم, والآن تعالي إخلعي لي مداسي..
شهقت بصرخة:
ـ نعم!!... نعم!!... مداس إيه!!.... أنت مصدق نفسك ولا إيه؟!!...اسمع يا شهريار أنت...
وضع يديه على أذنيه صائحاً بصوت ملول:
ـ ثرثرة.... ثرثرة.. ألا تجيد النساء إلا الثرثرة؟؟.. بإمكاني حقاً الإستغناء عن التمتع بجسدك هذه الليلة.. مقابل أن أحظى بليلة هادئة..
وضعت يديها في خصرها ساخرة:
ـ ومين قالك أني مش هفضل الموت, على أني أمتعك بأي حاجة؟.. أوف.. أنت بجد إنسان مستفز...
نهض من مكانه لتفاجئ به وقد أصبح بمواجهتها, يحوط خصرها بذراعيه القويتان ثم دفعها لتستلقي على الفراش.. وهجم عليها بعناق حار وقوي كتم أنفاسها وأي مقاومة يمكن أن تبديها..
أخذ عقلها يعمل بقوة بلا فائدة, أغغمضت عيناها عدة مرات علها تفيق من حلمها.. ولكن كلما فتحتهما رأت إصراره على أن ينال حقوقه الزوجية, وهذا معناه....
صرخت بقوة في محاولات مستميتة لدفعه عنها:
ـ شاهر بيه... لا.. لا.. شهريار... اسمعني.. إيه رأيك أحكي لك حكاية عمرك ما سمعت عنها في حياتك؟...
لم تصدق نفسها وهو يبتعد عنها متفرساً فيها متسائلاً بدهشة:
ـ حكاية!!.. أي حكاية قد ترويها لي يمكن أن تدهشني؟
ـ إسمعني وأحكم.. لو عجبتك, هحكي لك غيرها وغيرها.. ولو ما عجبتك, ممكن تنفذ فيا حكمك.
لمس شفاهها بيده قائلاً بهيام:
ـ ولكنني كنت بدأت أستمتع فعلاً بجسدك يا جارية..
صاحت بحدة كي تبعد عن نفسها شبح الضعف الذي يدعوها لترتمي بين ذراعيه ولو كانت آخر ليلة في حياتها:
ـ اسمي شهرزاد...
قهقه بعنجهية:
ـ الجارية شهرزاد... أخبريني.. قبل أن تحكي حكايتك.. أخبريني بصدق, ماذا يقول عني رعاياي في مملكتي؟
أمالت رأسها جانباً بتساؤل في عينيها لم يخرج لشفتيها ثم ردت بنفس الكلمات:
ـ ظالم.. ومفتري.. ومتعسف...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي