الفصل السادس والعشرون
العاشق المتيم يهيم في دنياه لا يعرف ما أن كان ما يعيش فيه وهم أو حقيقة يكذب الأحداث كي تظل الصورة كما تخيلها هو , يبحث عن كل ما يدعم أفكاره ويقوي أمله لعل الخيال يصبح حقيقة في يوم من الأيام ...
لم يشعر شمس الدين بنفسه فلقد تملك الحب منه وأسره هو فقط رجل عاشق , لا يري سوي عشقه ,ترك نفسه في أحضان نيراز فلقد أستسلم الملك المغرور للحب ورفع راية الخضوع لحبه
قبلها من رقبتها أهتزت من داخلها عواطفها ولكن الإستسلام الأن يعني القبول والخضوع أيضا لهذا الحب ..
أندفع الدم إلي رأسها كي تنتفض من هذا الخنوع , فأجمعت قوتها ودفعته بعيدا عنها
نيراز بأنفاس متلاحقة : ما الذي تفعله يا شمس الدين
شمس الدين وقد عاد ليقترب منها فلم يفهم ما كانت تعينه بدفعه أو كذب إحساسه برفضها له ولم يتقبل منها هذا الرفض : نيراز أنا أحبك أبقي معي ...
نيراز وقد تراجعت بضع خطوات للخلف لا تدري بما سترد عليه فلقد صدمت بما سمعت : ولكن .. ولكن
شمس الدين وقد أقترب منها أكثر: ولكن ماذا ؟ بالتأكيد أنتي أيضا تحبيني ولكنك محرجة مني ؟ تقرب أكثر ومد يده كي يمسك يدها : لا تحرجي أنا زوجك إذا لم تستطيعى قولها الأن أنا أتفهم , فقط أبقي بجانبي اليوم
نزعت نيراز يدها منه :لا , لا يمكنني البقاء, إسمح لي أريد أن أعود لجناحي , ثم أستدرات كي تهرب من أمامه
جذبها من يدها وضمها إليه من جديد وبهيام شديد تلمس شعرها الطويل ثم تلمس وجهها وهمس لها : لن أسمح لكي أعلم أنك تريدني مثلما أريدك وتتوقين للبقاء معي ولكنك تريدين أن أعيد طلبي وها أنا الأن أفعل ما تريدين , واضعا يده علي خصرها متشبسا بها كأنهما متلاصقان محاولا تقبيلها مرة أخري
هذه المرة دفعته بعنف ولم تنتظر حتي ضربته علي وجهه بيدها وكان قد تملكها الغضب فصرخت بوجهه: أنا لا أريدك أبدا أفهم هذا , أنا لا أراك كزوجي ولن تكون ..ثم جرت من أمامه مغادرة الجناح تاركة إياه في صدمة أخرجته من هيامه ولوعته كأنه كان بالنار وألقي في وسط الثلوج .
سرعان ما عادت نيراز لجناحها , كانت سعدية تنتظرعودتها من عند الملك وقد قلقت من تأخرها , وصلت نيراز وهي منسدلة الشعر عكس طبيعتها في أرتداء الوشاح متسارعة الأنفاس لا تستطيع قول كلمة واحدة
سعدية بلهفة : ما الأمر مولاتي , هل أزعجك الملك
نيراز وقد ألتقطت أنفاسها : أخرجي للخارج أريد أن أبقي بمفردي .
سعدية وقد لاحظت إرتجافها رغم أن الجو حار : مولاتي ما بك
صرخت نيراز بغضب : قلت لكي أخرجي لا أريد رؤية أحد , أخرجي ...
لم تستطع سعدية الإنتظار فلقد فهمت أن الأمر معقد ولن تخبرها نيراز بأي شئ فأستجابت لأمر ملكتها وغادرت سريعا
أما نيرازفلقد ألقت بنفسها علي سريرها لبعض الوقت حتي هدأت قليلا ومن ثم توجهت للمراْه ووقفت أمامها تنظر لحالتها , أدارت وجهها لليمين ونظرت لعنقها التي ما زالت تشعر بقبلته عليها
ما زال شمس الدين يقف مصدوما في غرفته وكل ما يجول بخاطره أنها رفضته , رفضته بعد أن أظهر حبه وتعلقه وضعفه ، لعل أكثر ما كان يهرب منه طيلة حياته هو أن يظهر ضعفه أمام أي أحد الآن وقد اختارها ليعلن إنهزامه وفضلها عن الجميع ترفضه هي ..
ليلة قاسيه علي الإثنان كل منهما يتألم وحتي ولو أختلف السبب فالألم يجمعهما
لم يستطع أي أحدا منهم النوم ولم يفكروا به من الأساس فلقد ازدحمت رأسيهما بالعديد من الأفكار..
في الصباح كانت قد هدأت نيراز قليلاً عن البارحة وعاد عقلها ليسيطر علي الأمور من جديد ويطمئنها بأنها تستطيع التعامل مع شمس الدين تعطي لنفسها الثقة كي لا ينكشف توترها وتشتتها أمام الجميع وأخذت قرارها بأنها سوف تتحدث معه ليتفاهما بأنها تريد مزيد من الوقت كي تستطيع تقبل شمس الدين كزوج وأيضا كي تعتذر عما بدر منها البارحة في حقه فالبطبع لم تكن تريد أن تصل الأمور بينهما لهذا الوضع ولكن كل ما كانت تريده وقتها هو إيقافه ووضع حدا لتقربه منها .
علي العكس كان شمس الدين فلقد أزداد غضبه فطبيعته تنكر أنه قد رفض من زوجته التي فضلها قلبه واختارها من بين الجميع , يشعر بأن كرامته قد جرحت وأن نيراز قد أهانته برفضها له وعزم من داخله علي إستراد كرامته وهيبته كرجل .
ألغي شمس الدين كل ما كان مقرر لديه وكان حاد المزاج والجميع علم بذلك فمنذ أن وضح النهار وهو يصدر أوامره بعصبية وإندفاع , لم يستطع أحد أن يعترض علي ما يقول حتي الوزير سليمان لم يكن يدري ما الذي أصاب الملك فهو لم يعهده هكذا من قبل .
بينما الوزير فهد أستنتج ما حدث فهو يعلم إندفاع الملك وعدم صبره علي شئ يريده كان يعلم أنه سيتصرف مع نيراز مثلما يتصرف عندما يريد أن يضع منطقة أو مملكة بقبضته لقد راهن الوزير فهد علي رغبة الملك في السيطرة والأن يري أنه قد نجح فيما فعل .
أخذت نيراز قرارها بأن تذهب لتحدث شمس الدين وتوضح ما تشعر بها وفي طريقها قابلت الوزير سليمان الذي قد خرج لتوه من عند الملك فحياها الوزير ووقف ليحدثها
نيراز: هل الملك متفرغ الأن أريد أن أراه؟
الوزير سليمان وقد بدت الخيبة علي وجهه: أرجو الا تذهبي الأن فالملك غاضب جدا , هل لديك أي علم مولاتي بما حدث ليكون في تلك الحالة .
نيراز وقد صمتت قليلا فلقد علمت أنه غاضب بسببها : لا , ليس لدي أي علم ولكن لا تقلق سأتحدث معه وستكون الأمور علي ما يرام .
الوزير سليمان : حسنا , ستجدين الملك في ساحة التدريب لقد أمر بتجهزيها , عندما يكون غاضبا ينفس عن غضبه بها .
امأت نيراز برأسها ومن ثم تحركت وهي تعاود التفكير مرة أخري فيما ينبغي أن تفعل أو تقول هل تذهب الأن أم تستمع لنصيحة الوزير سليمان وتؤجل رؤيتها للملك أستقرت علي أن لابد من المواجهة من أجل إيضاح كل شئ .
في ساحة القتال وقف شمس الدين ممسكا بسيفه يضربه هنا وهناك بعنف يشق الهواء به ومع كل ضربة بسيفه يشعر بأنه يغلي من داخله ,
دخلت نيراز عليه ووقفت ولم تصدر صوتا , ما أن رأها شمس الدين حتي توقف ناظرا إليها , وقفت هي بشموخ تنظر إليه تبدي قوة وكبرياء رغم ما تشعر به من توتر في داخلها , أما هو يكاد لا يدرك ملامحها من كثرة ما تملك الغضب منه , كان يقف علي بعد خطوات منها , سار إليها في حزم وثبات وما أن أقترب حتي رفع سيفه في لمح البصر ووضعه علي رقبتها , لم تنحني ولم تنكسر أمامه بل ظلت ثابته تنظر في عينيه بعمق
شمس الدين: ما الذي آتي بكي إلي هنا أنا لا اريد رؤيتك اغربي من وجهي وإلا ستندمين
نيراز : أريد أن أتحدث معك أنا...
شمس الدين: لا حديث بيننا ، من اليوم احرصي علي ألا اراكي في أي مكان ، أنزل سيفه من علي رقبتها ، وأدار ظهره لها رغم غضبه لا يريد أن يؤذيها
ولكن نيراز عنيدة ولم تغادر : اسمعني جيدا ما حدث البارحة أنا لم ..لم تكد تنهي كلمتها حتي وجدته يجذبها بعنف من يدها ويكشر عن غضبه الدفين منها : أنسي ما حدث البارحة لقد كنت مخمورا ولم أدري ماذا كنت أفعل ، هل ظننتي إني حقا اردتك هذا مستحيل فليكن ذلك ببالك, لو كنت بوعيي لما نظرت إليكي أبدا أنتي لستي نوعي المفضل وأيضا أنتي هنا أمام الجميع زوجتي ولكن بيني وبينك أنتي مجرد أسيرة هنا كان زواجنا غلطة أجبرنا عليها وعلي الإستمرار فيها فلتتذكري هذا دائما
نظرت نيراز مطولا لوجهه تعلم أن ما يقوله ليس بالحقيقة ولكن أن حدثته بهذا سيظن أنها تريد التقليل منه فأبت ألا تزيد الخلاف بينهما وأن تراعي غضبه : حسنا أرحت قلبي بكلماتك من بعد إذنك أريد أن أرتاح بجناحي .
ترك شمس الدين يدها ومن ثم غادرت سريعا,
مضي يومين لم يلتقي فيهم شمس الدين أبدا بنيراز , فلم يذهب إليها وأشغل نفسه في أمور الحكم ومسؤليات مملكته أم نيراز لم تحاول رؤيته أبد فلقد تركته يفعل ما يشاء .
حالة من الهدوء بينهم او ليس بهدوء أنه مجرد ركود ينتظر من يحركه ويكسر ذلك الثلج فلتنتفض النار التي بداخلهم ... وبالفعل كانت تلك النار تقترب منهم فبمجرد ما صلت رسالة لقصر مملكة السهم يعلن فيها أن الملكة فردوس عائدة إلي القصر بعد غياب سبع سنوات وليست وحدها بل يرافقها إبنها نور الدين وهو الأخ الشقيق الأصغر لشمس الدين , تم إعلان الخبر للإستعداد السريع لإستقبال الملكة فردوس فلقد وصلت في نفس اليوم الذي وصلت فيه الرسالة ولقد قصدت هي فعل ذلك حتي لا يرفض شمس الدين مجيئها للقصر مثلما يفعل كل مرة عندما ترسل برسالة تطلب فيها رؤيته.
كان شمس الدين غاضبا من رجوعها وأنه سيراها من جديد ولكن ليس بيده فعل شئ فلقد وصلت بالفعل .
لم يخرج لإستقبالها وإنما أرسل وزيريه فهد وسليمان لإستقبال أخيه وأمه ,
الوزير سليمان : أهلا بعودتكم , تشرف القصر بمجيئكم .
الملكة فردوس وهي سيدة أنيقة في السادس والثلاثين فقط من عمرها ترتدي ثياب فاخرة ومجوهرات كثيرة وباهظة الثمن : أهلا بك يا سيد سليمان , لم أرك منذ مدة , أين إبني شمس الدين ألن يقابل أمه بعد ذلك الغياب .
سليمان : مولاي الملك مشغول جدا بأمور المملكة ولذلك أرسلني لإستقبالك مولاتي , ولكنه بالتأكيد سيأتي لرؤيتك بجناحك , أين هو الأمير نور الدين أنا لا أراه ؟
الملكة فردوس : نور الدين ذهب للتجول في الوادي سيعود في الليل , ثم نظرت يمينا ويسار , أين هي تلك الملكة الشابة لماذا لم تأتي هي أيضا لمقابلتي أتقوم بأمور الحكم مع شمس الدين ولذلك مشغولة مثله ؟
لم تكمل كلامها حتي وجدت من تمشي إليها في ثياب فاخرة شابة حسناء يافعة تمشي بثقة وغرور كانت تلك هي نيراز
نيراز وقد حيتها : أهلا بك يا جلالة الملكة أعتذر عن تأخري ولكن لم يبلغوني بأنك قد وصلتي بالفعل إلا الأن , تفضلي لترتاحي من رحلتك بالتأكيد أنتي متعبة .
الملكة فردوس وقد أعجبت بلباقتها وثقتها العالية بنفسها : أهلا بك يا زوجة إبني , دائما ما كنت أعلم أن أبني يختار الأفضل .
ابتسمت لها نيراز علي مجاملتها : أشكرك مولاتي والأن تفضلي معي سأصطحبك لجناحك .
مشت نيراز برفقة الملكة فردوس ومن خلفهم الجواري بينما عاد الوزير سليمان والوزير فهد للملك ,
الملكة فردوس : أنت إبنة الملك عزيز ؟؟ تشبيهن جدتك كثيرا علي ما أذكرها ؟
نيراز : هل كنتي تعرفين جدتي ؟؟ لم يخبرني أبي بهذا ؟
إبتسمت الملكة فردوس : بالطبع لن يخبرك تعلمين سوء الخلاف بين المملكتين , دائما ما يتنافس الملوك علي السلطة ولكن النساء لا تعلم سوي أن تحب وهذه كانت علاقة أمي بجدتك الملكة فدائما ما تبادلا الهدايا والأخبار لم يمنعهم الشجار الدائم بين مملكتيهم فلقد كانتا صديقتين رغم كل شئ ولقد رأيت العديد من اللوحات لجدتك مع والدتي كانت تعتز بها ولذلك عندما رأيتك تذكرتها فورا .
نيراز : رحمهما الله , أتمني أن تتحسن الأوضاع أكثر وأكثر كي لا يبقي أي خلاف .
الملكة فردوس : دائما ما ظننت أن لا مجال للتوافق بين المملكتين ولكن بزواجك أنتي وشمس الدين سيكون هناك أمل في ذلك .
نيراز : بالليل سنقيم إحتفالا بمناسبة وصولك , سأتركك ترتاحين الأن ونتقابل ليلا .
الملكة فردوس بتأثر : تلك الحفلة فكرتك أم شمس الدين من أوصي بها ؟
نيراز وقد لاحظت إختلاف ملامحها وتغير نبرتها : الملك مشغول هذه الأيام جدا ولذلك أوكل إلي بمهام القصر , ولكن الملك سيحضر الحفلة بالتأكيد .
الملكة فردوس : حسنا ,
ودعتها نيراز ومن ثم غادرت وتمشي من خلفها سعدية .
نيراز محدثة سعدية : الملكة فردوس شابة جدا لقد كنت أظن أنها إمرأة عجوز ؟
سعدية : لقد سمعت من جواري القصر القدامي بأنها أنجبت الملك شمس الدين وهي في الثالثة عشر فقط وبعدها بسنوات أنجبت الأمير نور الدين بعد وفاة زوجها كان الملك حينها في التاسعة من عمره .
نيراز : تبدو إمرأة جيدة وطيبة أيضا ؟ لا أعلم لما شمس الدين لم يقدم للقائها فهي لم تأتي للقصر ولم يراها منذ سنوات أيعقل أنه لم يشتاق إلي أمه؟ هو غريب جدا ؟
سعدية : لا أحد يعلم فلقد غادرت القصر منذ سبع سنوات ولم تأتي أبدا والملك لم يذهب إلها أيضا .
كان شمس الدين في قاعة الديوان يجلس شارد الفكر ما أن دخل عليه الوزير سليمان والوزير فهد قاموا بتحيته أولا
الوزير سليمان : لقد وصلت الملكة فرودس ولكن الأمير نور الدين ذهب للوادي وسيعود عند المساء ولقدأستقبلت الملكة نيراز الملكة فردوس وأصطحبتها إلي جناحها .
أسترعي إسم نيراز إنتباهه بعد أن كان شاردا : هل تجلس نيراز معها الأن ؟
فهد : لا نعلم مولاي ولكنهما دخلا سويا .
قام شمس الدين من مجلسه وتوجه لجناح الملكة فردوس التي ما أ، رأته قادما حتي إقتربت منها حتي تحتضنه ولكنه إبتعد عنها .
شمس الدين أمر الجواري المرافقة لأمه بالمغادرة من الجناح , وبعد أن غادروا
شمس الدين : ما الذي أتي بك إلي هنا ؟
الملكة فردوس : إشتقت إلي إبني الذي لم يزورني مرة واحدة منذ سنوات .
شمس الدين وقد أقترب منها : لا تمثلي عليا فأنا لن أنخدع بك , إذا أردتي البقاء يومين أو أكثر فأبقي ولكن لا تقتربي من نيراز ولا تتعاملي معها أبدا تفهمين ما أقصده يا جلالة الملكة .
ألقي كلماته ومن ثم غادر من أمامها أما هي جلست علي كرسي قريب منها
الملكة فردوس : إذن تخاف من أن أـقرب منها , أصبحت تلك الفتاة نقطة ضعفك , هذا يوم حظي بالتأكيد .
لم يشعر شمس الدين بنفسه فلقد تملك الحب منه وأسره هو فقط رجل عاشق , لا يري سوي عشقه ,ترك نفسه في أحضان نيراز فلقد أستسلم الملك المغرور للحب ورفع راية الخضوع لحبه
قبلها من رقبتها أهتزت من داخلها عواطفها ولكن الإستسلام الأن يعني القبول والخضوع أيضا لهذا الحب ..
أندفع الدم إلي رأسها كي تنتفض من هذا الخنوع , فأجمعت قوتها ودفعته بعيدا عنها
نيراز بأنفاس متلاحقة : ما الذي تفعله يا شمس الدين
شمس الدين وقد عاد ليقترب منها فلم يفهم ما كانت تعينه بدفعه أو كذب إحساسه برفضها له ولم يتقبل منها هذا الرفض : نيراز أنا أحبك أبقي معي ...
نيراز وقد تراجعت بضع خطوات للخلف لا تدري بما سترد عليه فلقد صدمت بما سمعت : ولكن .. ولكن
شمس الدين وقد أقترب منها أكثر: ولكن ماذا ؟ بالتأكيد أنتي أيضا تحبيني ولكنك محرجة مني ؟ تقرب أكثر ومد يده كي يمسك يدها : لا تحرجي أنا زوجك إذا لم تستطيعى قولها الأن أنا أتفهم , فقط أبقي بجانبي اليوم
نزعت نيراز يدها منه :لا , لا يمكنني البقاء, إسمح لي أريد أن أعود لجناحي , ثم أستدرات كي تهرب من أمامه
جذبها من يدها وضمها إليه من جديد وبهيام شديد تلمس شعرها الطويل ثم تلمس وجهها وهمس لها : لن أسمح لكي أعلم أنك تريدني مثلما أريدك وتتوقين للبقاء معي ولكنك تريدين أن أعيد طلبي وها أنا الأن أفعل ما تريدين , واضعا يده علي خصرها متشبسا بها كأنهما متلاصقان محاولا تقبيلها مرة أخري
هذه المرة دفعته بعنف ولم تنتظر حتي ضربته علي وجهه بيدها وكان قد تملكها الغضب فصرخت بوجهه: أنا لا أريدك أبدا أفهم هذا , أنا لا أراك كزوجي ولن تكون ..ثم جرت من أمامه مغادرة الجناح تاركة إياه في صدمة أخرجته من هيامه ولوعته كأنه كان بالنار وألقي في وسط الثلوج .
سرعان ما عادت نيراز لجناحها , كانت سعدية تنتظرعودتها من عند الملك وقد قلقت من تأخرها , وصلت نيراز وهي منسدلة الشعر عكس طبيعتها في أرتداء الوشاح متسارعة الأنفاس لا تستطيع قول كلمة واحدة
سعدية بلهفة : ما الأمر مولاتي , هل أزعجك الملك
نيراز وقد ألتقطت أنفاسها : أخرجي للخارج أريد أن أبقي بمفردي .
سعدية وقد لاحظت إرتجافها رغم أن الجو حار : مولاتي ما بك
صرخت نيراز بغضب : قلت لكي أخرجي لا أريد رؤية أحد , أخرجي ...
لم تستطع سعدية الإنتظار فلقد فهمت أن الأمر معقد ولن تخبرها نيراز بأي شئ فأستجابت لأمر ملكتها وغادرت سريعا
أما نيرازفلقد ألقت بنفسها علي سريرها لبعض الوقت حتي هدأت قليلا ومن ثم توجهت للمراْه ووقفت أمامها تنظر لحالتها , أدارت وجهها لليمين ونظرت لعنقها التي ما زالت تشعر بقبلته عليها
ما زال شمس الدين يقف مصدوما في غرفته وكل ما يجول بخاطره أنها رفضته , رفضته بعد أن أظهر حبه وتعلقه وضعفه ، لعل أكثر ما كان يهرب منه طيلة حياته هو أن يظهر ضعفه أمام أي أحد الآن وقد اختارها ليعلن إنهزامه وفضلها عن الجميع ترفضه هي ..
ليلة قاسيه علي الإثنان كل منهما يتألم وحتي ولو أختلف السبب فالألم يجمعهما
لم يستطع أي أحدا منهم النوم ولم يفكروا به من الأساس فلقد ازدحمت رأسيهما بالعديد من الأفكار..
في الصباح كانت قد هدأت نيراز قليلاً عن البارحة وعاد عقلها ليسيطر علي الأمور من جديد ويطمئنها بأنها تستطيع التعامل مع شمس الدين تعطي لنفسها الثقة كي لا ينكشف توترها وتشتتها أمام الجميع وأخذت قرارها بأنها سوف تتحدث معه ليتفاهما بأنها تريد مزيد من الوقت كي تستطيع تقبل شمس الدين كزوج وأيضا كي تعتذر عما بدر منها البارحة في حقه فالبطبع لم تكن تريد أن تصل الأمور بينهما لهذا الوضع ولكن كل ما كانت تريده وقتها هو إيقافه ووضع حدا لتقربه منها .
علي العكس كان شمس الدين فلقد أزداد غضبه فطبيعته تنكر أنه قد رفض من زوجته التي فضلها قلبه واختارها من بين الجميع , يشعر بأن كرامته قد جرحت وأن نيراز قد أهانته برفضها له وعزم من داخله علي إستراد كرامته وهيبته كرجل .
ألغي شمس الدين كل ما كان مقرر لديه وكان حاد المزاج والجميع علم بذلك فمنذ أن وضح النهار وهو يصدر أوامره بعصبية وإندفاع , لم يستطع أحد أن يعترض علي ما يقول حتي الوزير سليمان لم يكن يدري ما الذي أصاب الملك فهو لم يعهده هكذا من قبل .
بينما الوزير فهد أستنتج ما حدث فهو يعلم إندفاع الملك وعدم صبره علي شئ يريده كان يعلم أنه سيتصرف مع نيراز مثلما يتصرف عندما يريد أن يضع منطقة أو مملكة بقبضته لقد راهن الوزير فهد علي رغبة الملك في السيطرة والأن يري أنه قد نجح فيما فعل .
أخذت نيراز قرارها بأن تذهب لتحدث شمس الدين وتوضح ما تشعر بها وفي طريقها قابلت الوزير سليمان الذي قد خرج لتوه من عند الملك فحياها الوزير ووقف ليحدثها
نيراز: هل الملك متفرغ الأن أريد أن أراه؟
الوزير سليمان وقد بدت الخيبة علي وجهه: أرجو الا تذهبي الأن فالملك غاضب جدا , هل لديك أي علم مولاتي بما حدث ليكون في تلك الحالة .
نيراز وقد صمتت قليلا فلقد علمت أنه غاضب بسببها : لا , ليس لدي أي علم ولكن لا تقلق سأتحدث معه وستكون الأمور علي ما يرام .
الوزير سليمان : حسنا , ستجدين الملك في ساحة التدريب لقد أمر بتجهزيها , عندما يكون غاضبا ينفس عن غضبه بها .
امأت نيراز برأسها ومن ثم تحركت وهي تعاود التفكير مرة أخري فيما ينبغي أن تفعل أو تقول هل تذهب الأن أم تستمع لنصيحة الوزير سليمان وتؤجل رؤيتها للملك أستقرت علي أن لابد من المواجهة من أجل إيضاح كل شئ .
في ساحة القتال وقف شمس الدين ممسكا بسيفه يضربه هنا وهناك بعنف يشق الهواء به ومع كل ضربة بسيفه يشعر بأنه يغلي من داخله ,
دخلت نيراز عليه ووقفت ولم تصدر صوتا , ما أن رأها شمس الدين حتي توقف ناظرا إليها , وقفت هي بشموخ تنظر إليه تبدي قوة وكبرياء رغم ما تشعر به من توتر في داخلها , أما هو يكاد لا يدرك ملامحها من كثرة ما تملك الغضب منه , كان يقف علي بعد خطوات منها , سار إليها في حزم وثبات وما أن أقترب حتي رفع سيفه في لمح البصر ووضعه علي رقبتها , لم تنحني ولم تنكسر أمامه بل ظلت ثابته تنظر في عينيه بعمق
شمس الدين: ما الذي آتي بكي إلي هنا أنا لا اريد رؤيتك اغربي من وجهي وإلا ستندمين
نيراز : أريد أن أتحدث معك أنا...
شمس الدين: لا حديث بيننا ، من اليوم احرصي علي ألا اراكي في أي مكان ، أنزل سيفه من علي رقبتها ، وأدار ظهره لها رغم غضبه لا يريد أن يؤذيها
ولكن نيراز عنيدة ولم تغادر : اسمعني جيدا ما حدث البارحة أنا لم ..لم تكد تنهي كلمتها حتي وجدته يجذبها بعنف من يدها ويكشر عن غضبه الدفين منها : أنسي ما حدث البارحة لقد كنت مخمورا ولم أدري ماذا كنت أفعل ، هل ظننتي إني حقا اردتك هذا مستحيل فليكن ذلك ببالك, لو كنت بوعيي لما نظرت إليكي أبدا أنتي لستي نوعي المفضل وأيضا أنتي هنا أمام الجميع زوجتي ولكن بيني وبينك أنتي مجرد أسيرة هنا كان زواجنا غلطة أجبرنا عليها وعلي الإستمرار فيها فلتتذكري هذا دائما
نظرت نيراز مطولا لوجهه تعلم أن ما يقوله ليس بالحقيقة ولكن أن حدثته بهذا سيظن أنها تريد التقليل منه فأبت ألا تزيد الخلاف بينهما وأن تراعي غضبه : حسنا أرحت قلبي بكلماتك من بعد إذنك أريد أن أرتاح بجناحي .
ترك شمس الدين يدها ومن ثم غادرت سريعا,
مضي يومين لم يلتقي فيهم شمس الدين أبدا بنيراز , فلم يذهب إليها وأشغل نفسه في أمور الحكم ومسؤليات مملكته أم نيراز لم تحاول رؤيته أبد فلقد تركته يفعل ما يشاء .
حالة من الهدوء بينهم او ليس بهدوء أنه مجرد ركود ينتظر من يحركه ويكسر ذلك الثلج فلتنتفض النار التي بداخلهم ... وبالفعل كانت تلك النار تقترب منهم فبمجرد ما صلت رسالة لقصر مملكة السهم يعلن فيها أن الملكة فردوس عائدة إلي القصر بعد غياب سبع سنوات وليست وحدها بل يرافقها إبنها نور الدين وهو الأخ الشقيق الأصغر لشمس الدين , تم إعلان الخبر للإستعداد السريع لإستقبال الملكة فردوس فلقد وصلت في نفس اليوم الذي وصلت فيه الرسالة ولقد قصدت هي فعل ذلك حتي لا يرفض شمس الدين مجيئها للقصر مثلما يفعل كل مرة عندما ترسل برسالة تطلب فيها رؤيته.
كان شمس الدين غاضبا من رجوعها وأنه سيراها من جديد ولكن ليس بيده فعل شئ فلقد وصلت بالفعل .
لم يخرج لإستقبالها وإنما أرسل وزيريه فهد وسليمان لإستقبال أخيه وأمه ,
الوزير سليمان : أهلا بعودتكم , تشرف القصر بمجيئكم .
الملكة فردوس وهي سيدة أنيقة في السادس والثلاثين فقط من عمرها ترتدي ثياب فاخرة ومجوهرات كثيرة وباهظة الثمن : أهلا بك يا سيد سليمان , لم أرك منذ مدة , أين إبني شمس الدين ألن يقابل أمه بعد ذلك الغياب .
سليمان : مولاي الملك مشغول جدا بأمور المملكة ولذلك أرسلني لإستقبالك مولاتي , ولكنه بالتأكيد سيأتي لرؤيتك بجناحك , أين هو الأمير نور الدين أنا لا أراه ؟
الملكة فردوس : نور الدين ذهب للتجول في الوادي سيعود في الليل , ثم نظرت يمينا ويسار , أين هي تلك الملكة الشابة لماذا لم تأتي هي أيضا لمقابلتي أتقوم بأمور الحكم مع شمس الدين ولذلك مشغولة مثله ؟
لم تكمل كلامها حتي وجدت من تمشي إليها في ثياب فاخرة شابة حسناء يافعة تمشي بثقة وغرور كانت تلك هي نيراز
نيراز وقد حيتها : أهلا بك يا جلالة الملكة أعتذر عن تأخري ولكن لم يبلغوني بأنك قد وصلتي بالفعل إلا الأن , تفضلي لترتاحي من رحلتك بالتأكيد أنتي متعبة .
الملكة فردوس وقد أعجبت بلباقتها وثقتها العالية بنفسها : أهلا بك يا زوجة إبني , دائما ما كنت أعلم أن أبني يختار الأفضل .
ابتسمت لها نيراز علي مجاملتها : أشكرك مولاتي والأن تفضلي معي سأصطحبك لجناحك .
مشت نيراز برفقة الملكة فردوس ومن خلفهم الجواري بينما عاد الوزير سليمان والوزير فهد للملك ,
الملكة فردوس : أنت إبنة الملك عزيز ؟؟ تشبيهن جدتك كثيرا علي ما أذكرها ؟
نيراز : هل كنتي تعرفين جدتي ؟؟ لم يخبرني أبي بهذا ؟
إبتسمت الملكة فردوس : بالطبع لن يخبرك تعلمين سوء الخلاف بين المملكتين , دائما ما يتنافس الملوك علي السلطة ولكن النساء لا تعلم سوي أن تحب وهذه كانت علاقة أمي بجدتك الملكة فدائما ما تبادلا الهدايا والأخبار لم يمنعهم الشجار الدائم بين مملكتيهم فلقد كانتا صديقتين رغم كل شئ ولقد رأيت العديد من اللوحات لجدتك مع والدتي كانت تعتز بها ولذلك عندما رأيتك تذكرتها فورا .
نيراز : رحمهما الله , أتمني أن تتحسن الأوضاع أكثر وأكثر كي لا يبقي أي خلاف .
الملكة فردوس : دائما ما ظننت أن لا مجال للتوافق بين المملكتين ولكن بزواجك أنتي وشمس الدين سيكون هناك أمل في ذلك .
نيراز : بالليل سنقيم إحتفالا بمناسبة وصولك , سأتركك ترتاحين الأن ونتقابل ليلا .
الملكة فردوس بتأثر : تلك الحفلة فكرتك أم شمس الدين من أوصي بها ؟
نيراز وقد لاحظت إختلاف ملامحها وتغير نبرتها : الملك مشغول هذه الأيام جدا ولذلك أوكل إلي بمهام القصر , ولكن الملك سيحضر الحفلة بالتأكيد .
الملكة فردوس : حسنا ,
ودعتها نيراز ومن ثم غادرت وتمشي من خلفها سعدية .
نيراز محدثة سعدية : الملكة فردوس شابة جدا لقد كنت أظن أنها إمرأة عجوز ؟
سعدية : لقد سمعت من جواري القصر القدامي بأنها أنجبت الملك شمس الدين وهي في الثالثة عشر فقط وبعدها بسنوات أنجبت الأمير نور الدين بعد وفاة زوجها كان الملك حينها في التاسعة من عمره .
نيراز : تبدو إمرأة جيدة وطيبة أيضا ؟ لا أعلم لما شمس الدين لم يقدم للقائها فهي لم تأتي للقصر ولم يراها منذ سنوات أيعقل أنه لم يشتاق إلي أمه؟ هو غريب جدا ؟
سعدية : لا أحد يعلم فلقد غادرت القصر منذ سبع سنوات ولم تأتي أبدا والملك لم يذهب إلها أيضا .
كان شمس الدين في قاعة الديوان يجلس شارد الفكر ما أن دخل عليه الوزير سليمان والوزير فهد قاموا بتحيته أولا
الوزير سليمان : لقد وصلت الملكة فرودس ولكن الأمير نور الدين ذهب للوادي وسيعود عند المساء ولقدأستقبلت الملكة نيراز الملكة فردوس وأصطحبتها إلي جناحها .
أسترعي إسم نيراز إنتباهه بعد أن كان شاردا : هل تجلس نيراز معها الأن ؟
فهد : لا نعلم مولاي ولكنهما دخلا سويا .
قام شمس الدين من مجلسه وتوجه لجناح الملكة فردوس التي ما أ، رأته قادما حتي إقتربت منها حتي تحتضنه ولكنه إبتعد عنها .
شمس الدين أمر الجواري المرافقة لأمه بالمغادرة من الجناح , وبعد أن غادروا
شمس الدين : ما الذي أتي بك إلي هنا ؟
الملكة فردوس : إشتقت إلي إبني الذي لم يزورني مرة واحدة منذ سنوات .
شمس الدين وقد أقترب منها : لا تمثلي عليا فأنا لن أنخدع بك , إذا أردتي البقاء يومين أو أكثر فأبقي ولكن لا تقتربي من نيراز ولا تتعاملي معها أبدا تفهمين ما أقصده يا جلالة الملكة .
ألقي كلماته ومن ثم غادر من أمامها أما هي جلست علي كرسي قريب منها
الملكة فردوس : إذن تخاف من أن أـقرب منها , أصبحت تلك الفتاة نقطة ضعفك , هذا يوم حظي بالتأكيد .