الفصل الثامن والعشرون

في صباح اليوم التالي توجهت نيراز لجناح الملكة فردوس كي تدعوها لتناول الإفطار سويا في الحديقة , رحبت الملكة فردوس بدعوة نيراز وتوجهت معها للحديقة ,
الملكة فردوس بإبتسامة : أشكرك علي تلك الدعوة لقد فرحت بها جدا , ثم أكملت بحزن كم كنت أتمني أن تأتيني من إبني شمس الدين ولكن ...
نيراز وقد شدت علي يدها : تعلمين أن الملك لديه العديه من الأشغال لا تحزني نفسك هكذا بالتأكيد ستقضيان بعض الوقت معا .
الملكة فردوس: أنتي تتأملين كثيرا أنتي لا تعلمين كم هو قاسي شمس الدين لن يلين قلبه أبدا رغم أنني أفعل كل ما بوسعي لأتقرب منه ولكن دائما ما يصد محاولاتي ويرجعني خائبة .
نيراز برفق: لا تفكري هكذا أبدا الملك يحب من حوله كثيرا ويهتم بهم كيف لا يحبك وأنتي أمه فقط من الممكن انه لا يعرف كيف يظهر مشاعره لك ولكنه بالتأكيد يحبك .
الملكة فردوس بإبتسامة إستهزاء : أطن أنك تتحدثين عن شخص أخر ليس بإبني الذي طالما عرفته , شمس الدين لا يحب سوي نفسه وسلطته لا يهمه أي أحد أنتي فقط طيبة القلب ولا تدركين نواياه, ثم تنهدت : اسأل الله أن يهديه وأن يكون سعيدا دائما هذا يكفيني .
ثم نظرت لنيراز : أتمني ان يكون هذا الحديث بيننا تفهمين ما أعنيه بالطبع
نيراز : لا تقلقي أبدا بخصوص هذا .
الملكة فردوس بإبتسامة مزيفه : لا تفهمي حديثي بشكل خاطئ أنا أمه وبالتأكيد أريد أن يكون في افضل حال وأن يحصل علي ما يريد , لن تكره أم إبنها فقط لقط أحببتك وأردت أن نتبادل أنا وأنتي أطراف الحديث وأتحدث مع أحدهم كي أرتاح .
نيراز بتفهم : بالطبع أنا أعلم هذا أرجو أن تعتبريني إبنتك وإذا أردتي الحديث في اي وقت لا تتردي في الحديث معي .
الملكة فردوس : إبنتي الجميلة لقد أرحتي خاطري , أتسأل ما الشئ الجميل الذي فعله إبني كي يحصل علي زوجة جميلة وطيبة القلب مثلك , هيا أخبريني لقد سمعت أنه تقدم للزواج منك هل تحبان بعضكما البعض أم أن زواجكما كان من أجل مصلحة المملكتين .
نيراز وقد تذكرت حديث شمس الدين بأن زواجهم كان مجرد غلطة أجبر علي الإستمرار فيها
الملكة فردوس وقد جذبتها قليلا من يدها : ما الأمر ؟ إلي أين ذهبتي ؟
نيراز : لا شئ , فقط سيبرد الطعام فلنتاوله أولا ومن ثم فلنتجول قليلا في القصر
الملكة فردوس بحنان : ألا تعتبرين أني مثل أمك ؟ ثم أمسكت يدها : ما الأمر يا نيراز هل شمس الدين يسئ معاملتك ؟
نيراز : لا أبدا لم أكن ساحصل علي زوج أفضل منه أبدا , هيا فلنكمل فطورنا , تهربت نيراز من الحديث وبدأت بتناول الطعام تفهمت الملكة زهرة ذلك وعلمت أن الأمور بين نيراز وشمس الدين ليست مستقرة فعلمت أن الأمر سيكون سهلا وأن الفرصة تتاح لها علي طبق من ذهب .
أثناء تناولهم الفطور في الحديقة وكانت تلك هي الحديقة المطل عليها جناح الملكة فردوس , وصل الأمير نور الدين كي يسلم علي أمه ولما طلب الإذن بالدخول سمح له ووجد نيراز تجلس مع أمه فتبادلا التحية , وأقنعته الملكة فردوس بالبقاء لتناول الطعام برفقتهم فوافق علي مضض فقد كان يخشي أن يزعج هذا التصرف شمس الدين .
الملكة نيراز : سعدنا بوصولك سمو الأمير بالرغم من أنك فضلت التنزه والتجول علي رؤيتنا .
نور الدين : أرجو منك ألا تناديني سوي بنور الدين لا داعي للتكلف يا جلالة الملكة .
نيراز بإبتسامة : أنظروا من يتحدث عن التكلف ؟ إذن فلتناديني أيضا بنيراز فقط .
نور الدين وقد تذكر اخاه : لا يمكن ؟ أنتي الملكة ولا يجب أن يناديكي أحد بغير ذلك .
نيراز : نحن عائلة لا تشغل نفسك بتلك القواعد فقط ناديني بنيراز ذلك ما يجب أن يحدث بين العائلة الواحدة .
الملكة فردوس بخبث : لا تصري كثيرا عليه يا نيراز , شمس الدين لن يقبل بهذا .
نيراز بعناد : وما دخل الملك في هذا نور الدين سيناديني أنا , لا تقلقي من هذا.
نور الدين : حسنا ولكن بيننا فقط ولكن أمام شمس الدين سأكلمك كالملكة .
نيراز بإبتسامة : هذا جيد , هل أعجبتك المدينة ؟
نور الدين : رغم أنني تجولت لوقتا طويل ولكني لم أستطع الوصول لتلك الغابة الحدودية التي يتحدتون عنها وعن جمال طبيعتها كما أردت رؤيتها .
نيراز : إذا كنت مهتما بالتجول في داخلها إذن فلنخطط للأمر وتذهب معي سأخذك لجولة لن تنسياها طيلة عمرك .
نور الدين بفرح طفولي : هذا رائع ولكن هل سيوافق شمس الدين ؟
الملكة فردوس ملاحقة علي إبنها : بالتأكيد سيوافق هل سيمنع ملكته من الخروج والتنزه ؟ لم يتزوجها كي يسجنها بقصره .
نيراز وقد إبتلعت ريقها : لا تقلق , سأتحدث معه في الوقت المناسب وما أن نحصل علي الإذن منه سنذهب بالتأكيد .
نور الدين : أتمني ذلك, أستأذن منكم الأن يجب أن أذهب للديوان كي أحضر الجلسة .
غادر نور الدين ومن بعده أستأذنت الملكة فردوس كي تذهب متعللة بأنها متعبة من أثر السفر وأنها تريد الراحة , بينما ظلت نيراز تستمتع بالهواء الطلق .
سرعان ما ذهبت الملكة فردوس لجناح الملك شمس الدين وطلبت رؤيته ومع إصرارها سمح لها شمس الدين بالدخول .
شمس الدين : ما الذي أتي بك إلي هنا ؟؟
الملكة فردوس : أردت أن اطمأن عليك ؟ هل تناولت فطورك ؟؟
شمس الدين : وهل هذا يشغلك كثيرا ؟
الملكة فردوس قد حاولت الإقتراب منه أكثر فأشار بيده لها رافضا إقترابها وأن تبقي مكانها فتابعت حديثها بعطف مزيف : شمس الدين لماذ لا تفهم أني أحبك وأريد دوما أن تكون بخير , أنت إبني وبالتأكيد ينشغل بالي عليك .
شمس الدين : إذا لا تتعبي نفسك ولا تسألي مرة أخري فكل ما أريده هو أن تبقي بعيدة عني وعن من حول تفهمين ما أعنيه ؟
الملكة فردوس : أفهمك بني ولكن أنت لا تفهمني ا[دا دائما ما تظن بي ظن السوء لمجرد أني أردت أن أري كيف هي صحتك وما إذا كنت تناولت طعامك أم لا هذا أقل ما تفعله أي أم لإبنها ,ثم أكملت بخبث , منذ أن رأيت نيراز تتناول الفطور مع نور الدين أتيت إليك سريعا كي أطمئن عليك
أسترعت الكلمات إنتباه شمس الدين رغم أنه حاول أن يبدي أن الأمر عادي ولكن ملامح وجهه قد كشفت حقيقة ما يشعر به من غضب : نور الدين كأخيها الصغير بالتأكيد أرادت أن ترحب به
الملكة فردوس بتصنع : بالتأكيد هذا , نور الدين أخاك الأصغر ونيراز زوجتك الملكة الأن وهي أميرة من عائلة ملكية بالطبع تعلم جيدا ما يتوجب أن تفعل وكيف ترحب بضيوفها , حتي أنها ستأخذ نور الدين في جولة للغابة الحدودية لقد سمعتهم يتحدثون عن ذلك .
هنا قد تمكن الغضب من شمس الدين لن يستطيع إبدا تجاهله أكثر من ذلك فخرج مسرعا من أمامها أما الملكة فردوس وقفت تبتسم بنصر فلقد علمت ما يصيب ويؤثر في شمس الدين .
كان شمس الدين يمضي غاضبا للتوجه إلي جناح نيراز ولما ذهب إلي هناك علم أنها ليست بالداخل وأنها تتجول بالحديقة برفقة جاريتها , لم يشأ أن ينتظرها أكثر فغادر إلي قاعة الديوان كي يري ما الأمور التي يتوجب إنهائها ومن ثم سيتحدث معها .
دخل قاعة الديوان وكان نور الدين يقف في المقدمة وما أن لمحه شمس الدين وقد تعلقت عيناه به وشعر نور الدين بأن هناك شئ ما ...
توالي الوزراء في سرد ما كان يناقشون به الملك وعلي غير العادة لم يركز شمس الدين كثيرا معهم حاول ولكن لم ينجح فعقله مشوش ومزدحم بالأفكار , انتهت الجلسة وغادر الجميع وكان نور الدين سيخرج معهم ولكن أوقفه صوت شمس الدين الذي ناداه كي يبقي .
خرج الجميع وبقي نور الدين وحده مع شمس الدين ..
صمت شمس الدين قليلا ...
نور الدين : ما الأمر جلالة الملك ؟
شمس الدين : ما رأيك بأن نذهب بجولة للغابة الحدوية معا ؟؟
نور الدين بفرح : هذا رائع , أتعلم لقد كنا نتحدث أنا والملكة نيراز اليوم بشأن هذا
شمس الدين محاولا تصنع الهدوء : إذن تقابلتما اليوم ؟؟
نور الدين : نعم أخي لقد كانت تتناول الفطور برفقة الملكة فردوس وأنضممت لهم .
فهم شمس الدين أن أمه كانت تكذب فيم تقول وأنها تحرضه علي نيراز , أرتاح داخله قليلا وتخلي عن الحدة التي لازمت وجهه طيلة جلسة الديوان
شمس الدين : إذن فلنقرر يوما فيما بعد ونذهب انا وأنت ستكون تلك هي رحلة للرجال , لا دخل للسيدات بها , تفهم ما أقصده
نور الدين : حسنا أخي من الأساس كنت أود الذهاب معك أنت .
شمس الدين : هذا جيد , فلتذهب الأن أريد أن أتابع ما أقوم به أنا مشغول جدا .
غادر شمس الدين كما طلب منه شمس الدين , عادت نيراز من جولتها فعلمت أن شمس الدين كان قد أتي لرؤيتها , أستغربت الأمر لأنه لم يحدثها منذ أيام ولكنها فرحت أيضا بأنه قد أتي من جديد إليها من داخلها تريد أن تتحجج بمجئيه وتذهب لرؤيته أيضا ولكن منعها غرورها من ذلك وأبي عنادها أن تسعي هي لذلك معللة بانه أن أراد رؤيتها فليعود مرة أخري إليها ولكنها لن تذهب إليه .
مضي اليوم بدون أي أحداث جديدة فكلا بجناحه لا يحتك بأحد ,
الأجواء هادئة والظلام دامس والجو عليل بعد أيام طويلة عانوا بها من الحرارة العالية , فأتت نسمات تلك الليلة كي تعوضهم عما عانوه من حر الليالي الماضية .
لم تشأ نيراز أن تضيع تلك الأجواء الرائعة وذهبت لإستنشاق الهواء عند قبة القصر ذلك المكان الذي يعطيها إحساسا بالحرية فهو أعلي نقطة تكشف كل القصر الذي بني علي هضبة برزت عن مستوي البحر , منذ أول يوم خرجت لهذا المكان عندما كانت جريجة وهو يعطيها هذا الإحساس بالراحة والسكون .
شمس الدين هو الأخر كان يريد النوم ولكن النوم لم يكن يريده , لعل النوم كان يدري بما هو أصلح له , فخرج من جناحه كي يستنشق بعض الهواء ولمح نيراز تقف بجانب المشاعل التي وضعت علي السور الداخلي المطل علي القبة , أنتهز الفرصة وذهب إليها لم يستطع أن يمنع نفسه من الذهاب رغم ما بينهما يريد أن يطيل النظر منها كي يعوض عيناه وقلبه عن عدم رؤيتها الأيام الماضية .
لم يشأ أن يكون ذهابه عاديا فسريعا بدل ملابسه وأمر الجنود بترك حراسة المكان رويدا وبدون أن تشعر تسلل من خلفها مغطيا وجهه بشال رجالي لا يكشف إلا عيناه فقط , رغم تركها لنفسها تهيم وسط نسمات الهواء إلا أنها قد شعرت بإقتراب أحدهم منها وأيضا لاحظت خيالا له علي الأرض بعد ذلك تصنعت عدم ملاحظتها للأمر ووقف بثبات , أقترب هو من ورائها وكان رافعا سكين صغير بالطبع لن يؤذيها ولكن أراد أختبار ردة فعلها والمزاح معها
فاجأته عندما أستدارت وأمسكت بيده لم تستطع التعرف عليه لأنها كان ملثما وأعتقدت أنه مهاجم يريد أذيتها .
سرعان ما ضربت قدمه وأرغمته علي ترك السكين من يده ومن ثم دفعته بعيدا , أعجب شمس الدين بشراستها وابتسم من خلف شاله .
نيراز : من أنت ؟ وماذا تريد ؟
غير شمس الدين من صوته كي لا تعرفه : هل انتي غبية أو ما شابه ؟ لقد أتيت لقتلك ألا ترين أني هاجمتك بسكين ؟
نيراز وقد عرفته ولكنها أردات الإستمرارفي تلك اللعبة : ولذلك أوقعت سكينك بمجرد أن ضربت يدك ؟ من الغبي يا تري أنت أم من أستأجرك لقتلي ؟ أري أن من أستأجرك هو الغبي
شمس الدين مستمرا بتلك النبرة الغريبة معتقدا أنها لم تعرفه : لا تقولي عنه هكذا ؟ فالملك شمس الدين هو من أستأجرني وأنا سأعقابك بشدة علي خطأك هذا ؟
نيراز بحزن مصطنع : هل ما تقوله صحيح حقا ؟؟ فلتذهب وتخبر الملك بأنه طالما يريد قتلي لم يكن من الضروري أن يأمرك بفعل هذا فقط ليخبرني وسأقوم أنا بقتل نفسي , ثم ألتقطت السكين من علي الأرض وكانت تصطنع أنها ستقتل نفسها .
جري شمس الدين عليها وشد السكين من يدها سريعا تحدث بصوته المعتاد منفعلا علي نيراز : هل روحك رخيصة لذلك الحد ؟
ثم شد الشال من علي وجهه ليظهر نفسه لها ظننا منه بأنها لا تعلم من هو .
كان ممسكا بيدها رغم أمساكه بشدة ليدها ولكن نيراز شعرت بأن يداه رقيقة جدا علي يداها وحنونة كانت تنظر لوجهه وكأنها أول مرة تراه , هل يعقل أنه بتلك الوسامة كيف لم تلاحظ ذلك من قبل لطالما تحدثت الجوري عنه ولكنها أول مرة تري ذلك ولكن للحق لقد رأته هكذا مرة من قبل عندما شربت السم أيقنت في تلك اللحظة أنها ليست حزينة علي موتها ولكنها كانت حزينة علي أنها ستفارقه بتلك السرعة ....
شمس الدين : أنا أحدثك يا نيراز ؟ لماذا لم تردي عليا ؟
نيراز : لا شئ , نظرت له وللهفته عليها كأنها رأت فيه خوف أبيها عليها لما تكون في خطر .
لأول مرة تريد أن تترك يداها هكذا بيده ولا تنزعهما أبدا لو أنها تحتضنه وتقترب منه أكثر , نفضت تلك الأفكار من رأسها وسرعان ما عادت لوعيها , برفق سحبت يدها من يده .
نيراز : مولاي هذا أنت ؟
شمس الدين بغضب: كيف تفرطين في حياتك بتلك السهولة ؟
نيراز بمكر : وماذا كنت تريد أن أفعل لقد قال أنك تريد موتي ؟
شمس الدين منفعلا : ستجعليني أجن حقا ؟ لن أسمح لكي بأن تفعلي ذلك مرة أخري هل فهمتي لو من قال لكي أني أرغب بموتك أو أي كان من رغب بإنهاء حياتك لا تستسلمي أبدا ودافعي عن روحك وعن نفسك لا تكوني منهزمة بذلك الشكل أنتي زوجتي ولا يمكن أن تكون زوجتي ضعيفة ويسهل للأخرين التأثير عليها أنتي الملكة يجب أن تكوني مسيطرة علي كل الأمور .
نيراز بإبتسامة مما قال
شمس الدين : لماذا تضحكين ؟ ما المضحك فيما أقول الأن ؟؟
نيراز : لا شئ ثم بلطف أكملت وهي تنظر مباشرة إلي عينيه , أنت الأن تقول أني زوجتك وملكتك والبارحة وقبلها قلت أنني لست كذلك أيهما أصدق يا جلالة الملك ؟
أرتبك شمس الدين من داخله فلقد أتي كي يتلاعب بها والأن هي تتلاعب به بنظراتها ولطفها االذي لم يعتاده من قبل , تلك اللعينة تستطيع أن تتحايل هي الأخري , كيف سينجو منها .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي