الفصل الثلاثون

في صباح اليوم التالي كان شمس الدين ما زال بجناحه يتجهز من أجل الخروج إلي الحدود الشمالية كي يتفقد أماكن الجيش لم يكن أحد علي علم بخروجه في هذا اليوم فلقد كان الأمر مفاجئا ولم يخبر أحد سوي وزيريه سليمان وفهد اللذان سيخرجان برفقته , وأيضا كان قد قرر أخذ نور الدين معه ولكنه تراجع عن ذلك وأراد أن يبقيه في القصر لم تكن نيراز تعلم بأمر خروجه من القصر ولم يشأ هو أن يخبرها كان يريد أن يعرف ردة فعلها علي غيابه المفاجئ وهل ستشتاق له أم لا . خرج من القصر ومعه بعض الفرسان والجنود وأيضا وزيريه المقربين .
لم تعلم نيراز بأمر خروجه سوي بعد مغادرته للقصر , لم تشأ أن تظهر أنها متأثرة بغيابه ولكن عيناها تكشف أمرها وتصرفاتها أيضا فلقد فضلت عدم مرافقة أي أحد وكانت تسير وحدها داخل جنبات القصر ...
رغم محاولات الملكة فردوس التقرب من نيراز وتمضية الوقت معها لكن نيراز لم تكن مهتمة بذلك فحتي لو تقابلا لم تكن نيراز تهتم بما تقول أو تستمع جيدا لأحاديث أم زوجه فلقد كان عقلها وقلبها في عالم أخر تطوق لسماع خبر وصول وعودة شمس الدين .
غاب شمس الدين عن القصر ثلاثة أيام كامل , لم يرسل خلالهم خطاب واحد ولا أتي أي أحدا كي ينقل أخباره , كانت نيراز ستجن من كثرة ما تفكر به طيلة اليوم حتي لو قدر لها الله أن تنام قليلا تجده في أحلامها كأنه لعنة أصابتها ولا تفارقها .
في صباح اليوم الرابع من غياب شمس الدين طلب نور الدين الأذن كي يقابل نيراز ويتحدث معها وافقت نيراز علي طلبه وأستقبلته في حديقتها الداخلية .
نور الدين : ألم يرسل الميك أي خطاب إليكي ؟
نيراز : كلا , هل أرسل إليك ؟؟أو وصلتك أي أخبار عنه ؟
نور الدين : لم يرسل شئ حتي لم يصل أي رسول كي أو تاجر من المنطقة الشمالية كي يخبرنا بالأخبار .
نيراز : ما رأيك فلتذهب إليه أنت ؟
نور الدين : تعلمين اني لا أستطيع مخالفة أوامر أخي لقد أمر قبل رحيله بأن أبقي هنا لو خالفت أوامره لن يرحمني .
نيراز بتأفف : فليدبر الله الأمر , هل لهذا الحد مشغول ألم يجد أي وقت كي يطمئننا .
نور الدين بإبتسامة : أري أن الملكة أشتاقت كثيرا للملك
نيراز محاولة تصنع عدم الإهتمام : ما الذي تقوله ؟ ليس هناك أي شئ من هذا ؟لماذا أهتم ؟ أنا فقط مللت من البقاء في القصر .
نور الدين : مللتي لأن أخي ليس هنا لو كان هنا كنتي ستركضين هنا وهناك ؟
نيراز بإبتسامة بسيطة : أتعلم الأجواء هادئة كثيرا منذ أن غادرا , ثم عاودت تصنع الجدية , وجوده دائما ما يسبب الضجة في القصر دائما ما يتصنع الخلافات , الهدوء أفضل بكثير .
نور الدين وقد كان يجلس بمقابلتها , تصنع التعجب والمفاجأة علي وجه وصرخ : أهلا بك أخي ؟
سرعان ما قامت نيراز من مجلسها وأستدارت للخلف وقالت بطفولة : لقد عدت ؟؟
تفاجأت لما ما وجدت أحدا أمامها وهنا أنفجر نور الدين في الضحك عليها : أنظري إليكي كيف تغير وجهك في لحظات .
نيراز بغضب : أنت طفلا صغير حقا ؟ لقد ظننت أنك رجل ناضج لا يصنع تلك التفاهات ؟
نور الدين : ما علاقة ذلك بكوني رجلا تلك كانت مزحة جيدة مني , أنا فارس جيد ورجل جيد ولو لم أكن كذلك لم يكن أخي ليتركني هنا كي أهتم بكي وأحميكي ,
نيراز بإستهزاء : تحميني أنت ؟؟ أنتبه لما تقول ؟
نور الدين وقد وقف لينحني لها : سامحني يا جلالة الملكة ولكني محق فيما أقول , مهما كنتي بارعة لا أظن أنكي تستطيعين حتي مهاجمتي , بالنهاية أنا فارس ومحارب وأفضل من أي أحد .
نيراز وقد تحدث بثقة : الفارس البارع لا يتحدث كثيرا بل سيفه هو من يتكلم نيابة عنه .
نور الدين : حسنا أنا أتحداكي لو فزتي عليا سأعلن أمام الجميع أنك بارعة أكثر مني وسأنفذ ما تقولين لمدة شهر كامل ولن أعترض .
نيراز وقد شعرت بأن تلك هي فرصتها كي تخرج ما بداخلها من ملل وضجر : أنا لا أريد منك شئ فقط من يربح يكون هو الرابح .
نور الدين : حسنا , ما رايك أن نتبارز الأن , ثم أكمل بغرور مصطنع كي يضايق نيراز سأحضر لكي سيف ولكن أخشي أنك لن تستطيعي حمله .
نيراز بضحك :تتحدث بغرورالأن ولكن بعد النزال لن أسمع صوتك حتي .
ذهبت نيراز وبدلت ملابسها الحريرية الفاتنة وأرتدت ملابس القتال التي تتمرن بها وكانت باللون الأسود بنطال وعليه فستان يمتد لركبتها فقط وعلي رأسها شال يغطي شعرها وكممت وجهها بشال الأخر لم تظهر سوي عيناها , نور الدين هو الأخر أستبدل ملابسه بملابس تصلح للمبارزة وأحضر سيفان سيفه وسيف من أجل نيراز , توجها لساحة التمرين وكانت ساحة كبيرة في وسط القصر تتميز بوجود الأعمدة التي تحيط بها من جنباتها ولكن كانت بدن سقف عليها من الأعلي وهي تلك الساحة التي يستخدمها شمس الدين وبدأ الأثنان في المبارزة ...
من الأعلي كانت تنظر الملكة فردوس عليهما وعلي وجهها إبتسامة ماكرة : لا أعلم كيف أشكرك بني لقد كان توقيتك مناسب جدا دون أن تدري صنعت لي معروفا كبيرا , وأنتي يا نيراز لا أدري ماذا سيفعل بك شمس الدين عندما يراكي تستمتعين هكذا مع أخيه الصغير , لقد كنتي فتاة طيبة ولكن هذا قدرك لو كنتي زوجة شخص أخر لربما أحببتك ولكنك زوجة شمس الدين , أنتي بالطبع لم تعلمي بأن شمس الدين أرسل رسول ليخبركي بأنه قادم وسيصل بعد قليل إلي القصر , أنا محظوظة للغاية تسهلين علي ما كنت أنوي فعله , أي زوج عندما يجد زوجته تفضل البقاء مع اخيه علي ان تقابله بعد غياب بالتأكيد سيثير هذا شكوكه وهذا ليس بأي أحد هذا هو شمس الدين .
كانت نيراز تتبارز مع نور الدين الذي كان ماهر بالنسبة لحداثة سنه ولكن نيراز بالطبع تفوقه خبرة ومهارة فمنذ بداية نزالهم وأظهرت تفوقا عليه ولكنها لم تقسو كثيرا فلم تشأ أن تنهي المبارزة سريعا فهي الأخري أردت أن تشغل بالها لأطول مدة .
وصل شمس الدين إلي القصر ومعه الفرسان والجنود والوزير سليمان والوزير فهد الذين غادروا معه , كان متلهفا لرؤية نيراز كثيرا وطيلة طريقه يتوقع كيف ستستقبله عند وصوله مجرد تفكيره في ذلك كان يسعده , لعله رسم في مخيلته الكثير والكثير عن كيف سترحب به وأنها ستعترف بإشتياقها له , لم يشأ عقله سوي التفكير في تلك الأفكار , كما يقولون التوقعات الكبيرة تأتي بخيبات أكبر .
دخل للساحة الداخلية وكانت عيناه تبحث عنها لعلها تقف هنا أو هنا كان متشوقا حقا لرؤيتها لعله بالكاد منع نفسه من إرسال أي رسالة لها خلال الأيام الماضية يعبر فيها عن مدي إشتياقه وأنتظر منها أن تبادر بإعلان حبها ولكن لم تصله أي رسائل منها , بحث فلم يجد سوي الملكة فردوس تقف لتستقبله ومن خلفها الجواري نزل من علي حصانه ومازالت عيناه تدوران في المكان بحثا عن زوجته وحبيبته وعشقه نيراز , بداخله يردد بأنها من الممكن أنها متعبة لذلك لم تستطع إستقباله أو بها شئ ما ,قلق وخوف كلهم بداخله عليها هي فقط , لم يسترعي إنتباه وقوف الملكة فردوس حتي أنه لم يرغب بأن يتجادل معها أو أي من هذا القبيل فقط يريد الذهاب لجناح نيراز كي يطمئن عليها ويري ما بها .
الملكة فردوس متصنعة اللهفة : حمد لله علي سلامتك بني لقد أشتقت كثيرا لك .
أقتربت منه وأحتضنته ولكنه حتي لم يمنعها ولم يستجيب لها لا بالرفض ولا بالقبول لإقترابها منه فعقله ليس معها, حتي أنه يري الجميع كأنهم أشباح أشخاص أمامه ترفض عيناه رؤيه أي أحد سوي تلك التي سرقت عقله وقلبه وروحه .
دون ان يتحدث توجه للداخل ومن خلفه تبعته الملكة فردوس مباشرة توجه لجناح نيراز بحثا عنها فلم يجدها بالداخل, تحدثت الملكة فردوس من خلفه : أنت تبحث عن الملكة أليس كذلك لماذا لم تخبرني كنت وفرت عليك عناء المجئ لجناحها ؟؟
أستدار إليها شمس الدين : أين هي الملكة ؟ هل تجرأتي وفعلت لها أي شئ ؟
الملكة فردوس متصنعة الحزن : وماذا سأفعل أنا للملكة ,أنت تسئ الظن بي دائما رغم أنني أمك التي تحبك وتنتظر مجيئك بفارغ الصبر ولكنك تبحث عن زوجة لا تهتم حتي بمجيئك أو ذهابك .
أقترب منها شمس الدين : أين هي نيراز ؟
الملكة فردوس وهي تمسح دموعها الزائفة : الملكة تستمتع بوقتها برفقة نور الدين كعادتها كل يوم تتسلي هنا وهناك منذ أن غادرت .
شمس الدين : ما الذي تقصدينه بكلامك هذا , أنتي تكذبين ؟؟
الملكة فردوس : أنا لست بكاذبة يا شمس الدين تعلم علم اليقين أنها لا تحبك ولكنك تنكر ذلك وتتغافل عن كل ما يدور حولك , لو كانت تحبك لما كنت أنت بجناح وهي بجناح أخر , لو كانت تحبك لما تسامرت مع نور الدين ورافقته كل يوم ولم تهتم لغيابك بالعكس كانت سعيدة جدا ,
شمس الدين بحدة : أخرسي , هي ليست مثلك , هي ليست خائنة مثلك ؟؟
فردوس بغضب : نعم لقد خنت أبيك لو تسمي حبي لعمك خيانة فلتسميه إذن أنا لست نادمة علي ذلك أبدا .
شمس الدين غاضبا : أصمتي لا اريد سماع شئ يكفي .... يكفي
الملكة فردوس : أنا لم أظلم أبيك هو من ظلم نفسه عندما تزوجني غصبا كان يعلم أني لا أحبه وبأني أحب أخيه ورغم ذلك تزوجني عندا كي يفرقنا عن بعضنا البعض كنت في الثالثة عشر فقط عندما دمر قلبي وجسدي لقد تمنيت أن يموت ألف مرة جزاء بما فعله في حقي , وأنت يا شمس الدين كنت اسوأ منه لقد قتلت حبي امام عيني لقد قتلت عمك بدم بارد لم تفكر ولو للحظة وتتركه كي يعوضني عما مضي , حرمتني من حبي واليوم أنت تتألم فالتاريخ يعيد نفسه لقد تزوجت تلك نيراز غصبا عنها وهي لا تحبك هي تنظر لأخيك الصغير وغدا ستجلب أحدهم كي يكون بأحضانها .
شمس الدين وقد أمسك بكلتا يديها : تقولين أني قتلت حبك يومها , فلتعلمي لو أقترب إبنك منها سأقتله لو نظر إليها بسوء سأقتلع عينيه , حينها ستبكين علي حبك وولدك .
الملكة فردوس : وما ذنب إبني , ما ذنب أخوك , هو لم يكمل الرابعة عشر , زوجتك هي من تريده , لا تعاقب إبني علي فعلة زوجتك .
أشتد غضب شمس الدين ,وتحدث بصوت مرتفع : أين هما ؟؟
الملكة فردوس : بساحة القتال ...
لم تكمل كلماتها حتي غادرا شمس الدين من أمامها متوجها إليهما ومن خلفه هي فلم تشأ أن يصيب إبنها نور الدين بأي أذي ...
كانت نيراز تضغط في القتال علي نور الدين وتقسو عليه قليلا دون أن تأذيه بالطبع ,
نيراز : هيا يا فارس أريني ما لديك ؟؟
أتي شمس الدين من خلفها وهي تتحدث فرأه نور الدين الذي توقف عن القتال ما أن رأه : أخي شمس الدين ....
نيراز مكملة مبارزتها : لا يمكنك أن تخدعني من جديد هيا أرفع سيفك لن أتراجع عن هزيمتك اليوم ؟
لما تسمر نور الدين في مكانه أيقنت نيراز أن الأمر جدي فأستدارت خلفها سريعا ورأت شمس الدين يقف بكامل هيئته تري الغضب في عينه يقف بوجه جامد خالي من أي تعبير سوي الحنق الشديد ..
نور الدين مرتبكا : حمد لله علي سلامتك جلالة الملك ؟؟
دب الخوف في صدر نيراز لما وجدته يقف متجهما هكذا رغم فرحتها بعودته ولكن تعلم بأن موقفها صعب امامه أنحنت لتحيته تعجز شفتاها عن النطق كيف ستهرب من عيناه التي تحدقان بها هكذا تتمني أن تنشق الأرض وتبتلعها ....
شمس الدين بغضب لنور الدين : دعنا وحدنا يا نور الدين ؟؟
لم يستطع نور الدين قول اي شئ فهو يعلم أنه لن يستطيع محادثة أخاه أو شرح أي شئ في ذلك الوقت , نظر إلي نيراز وخرج سريعا قبل أن يفتك به شمس الدين , أمر شمس الدين جميع الجنود الذين يقفون للحراسة وأيضا جارية نيراز سعدية بالمغادرة , وبقي وحده مع نيراز .
أما نيراز فظلت مكانها لا تدري ماذا تقول تمسك بيديها السيف توجه للاسفل وتضغط بيدها عليه من شدة توترها , وجهها ملثم ولكنها تنظر للارض تتحاشي نظرات شمس الدين .
وقفا هكذا بعيدان عن بعضهما لبعض الوقت حتي أقترب منها شمس الدين محاولا السيطرة علي نفسه كي لا يقسو عليها ولكن لا يمكنه التحكم في تلك النار التي تشتعل في داخله .
مد يده ليرفع وجهها الملثم نظر في عينيها طويلا وهي الأخري بادلته النظرات , كأنهما يحدثان نفسهما بعيونهما يقولان ما يجول بخاطرهم وما لم تستطع ألسنتهم البوح به .عيون شمس الدين حزينة يملئها اللوم والعتاب علي نسيانها إياه ,تلومها علي ما فعلت أما عيون نيراز أمتزج بهما الشوق و الإعتذار علي ما بدر منها .
ببطئ أزاح الشال عن وجهها ,
شمس الدين بهدوء محاولا ألا ينفعل وبصوت هامس لها : أري ان الملكة تتسلي كثيرا بوقتها في غياب الملك , أتمني أن تكوني قد سعدتي بغيابي ؟
نيراز بإرتباك : الأمر ليس كما تظن أنا ....
شمس الدين : لا تبرري لي شئ , ثم تراجع بضع خطوات للخلف وبصوت مرتفع تحدث : هيا أرفعي سيفك يا جلالة الملكة , ثم نزع سيفه من علي خصره وأزاح التاج من علي رأسه ووضعه بجانب أحد الأعمدة , كان يجول من حولها, تظهر عشوائية خطواته كم هو غاضب : هيا يا نيراز أو أنك لا تستمعين بوقتك معي , لست جيدا كغيري .
نظرت له نيراز بحدة : ما الذي تقوله ؟؟؟
لوح بسيفه في الهواء مرتين يمينا ويسارا : ما سمعتيه ... هيا
نيراز وقد رمت السيف من يدها أرضا وكانت ستغادر
أسرع شمس الدين وجذبها من يدها بعنف : لا لن تهربي بتلك السهولة
نيراز : أنا لا أريد , أترك يدي ...
شمس الدين بغضب : كلا أنا لست بأمرك الأن ستنفذين ما أقول , جذبها بعنف وألتقط السيف من علي الأرض وأعطاه لها : هيا يا أميرة القوس اريني ....
حرك الغضب داخلها فرفعت سيفها وتبدل وضع جسدها للهجوم لا للخضوع .
بدأت المبارزة عنيفة بين الأثنان فشمس الدين لم يهتم بأمر سلامتها ولا سلامته , كأنه في الحرب مع اسوأ أعدائه لا في مبارزة مع زوجته الجميلة .
كانت نيراز تدرك أنه غاضب كانت تقاوم هجماته عليها بعزم , بينما هو يهاجم بضراوة .
إستمرت مبارازتهم لوقت طويل وبنفس الأسلوب , فشمس الدين كان يهاجم بينما نيراز تصد هجماته عليها .
لم ينطق بكلمة ولم تتحدث هي الأخري , وماذا تقول أترجوه أن لا يقتلها بغضبه ؟؟
كانت نيراز قد تعبت ,فقواها لا تتحمل هذا الجهد ولم يشفق شمس الدين عليها , وجه أخر تراه منه لم تكن قد رأته من قبل , فبرغم ما مر به سويا وبرغم ما حدث بينهما لم تراه أبدا غاضب هكذا تلك هي أول مرة تري شمس الدين الذي سمعت عن شراسته وخشونته في الحروب .
ما كانت نيراز لتقبل الإستسلام فشجعت نفسها وشحذت عزيمتها من جديد ووجدت أن دفاعها هكذا لن يغير الوضع وإنما أن تواجهه وتهاجم لعلها تنتزع ذلك الغضب الذي يملئه تجاهها .
بدأت بالفعل في الهجوم عليه ومحاولة التقليل من ضرواة ضرباته بان تسبقه هي في المهاجمة , مرة في الأخري تراجع أمامها , ولكنها لا تريد الفوز عليه, فقط تريد أن يلين قلبه لها .
دون تخطيط منها وفي ضربة لها أصابت كتفه , ما أن رأت الدم يسيل من يده حتي ألقت سيفها علي الأرض بينما هو لم يكن حتي يشعر بما أصابه حتي وجد سيفه علي رقبتها هي الأخري هنا عاد لوعيه وبدأ الغضب ينجلي من علي عينيه قليلا , ألقي بسيفه وشعر بأن هناك خطب ما في ذراعه لما نظر وجد الدم يقطر منه علي الأرض , سرعان ما أمسكت نيراز بيده المصابة ولكنه نزعها منها ..
نيراز وهي ترتجف : أتركني أهتم بها ؟
شمس الدين وقد دفعها بعيدا ,دون إهتمام منه بما تقول غادر من أمامها وتوجه إلي جناحه وطيلة طريقه يسيل الدم علي الأرض بينما وصل لجناحه أمر الحراس بأن لا يدخلوا أحدا عليه .
سريعا توجهت نيراز خلفه ولكن منعها الجنود من الدخول وذلك بناء علي أمر الملك شمس الدين , أمرت بإحضار الطبيب ولكن لم يسمح شمس الدين بدخول أحد حتي وزرائه حاولوا ولكن لا أحد يجرؤ علي إقتحام جناح الملك دون إذن منه بذلك .
لم يخاطر أحد بالدخول عنوة فالجميع خائف علي حياته فهم يعلمون الملك وقت غضبه لا يري أحدا أمامه مهم كان يكون .
كان شمس الدين يجلس في زاوية جناحه علي الأرض كطفل صغير , سالت بعض الدمعات علي خده بينما ملئ الدم المكان , يده هي المجروحة ولكن قلبه ما يؤلمه .
كانت الملكة فردوس سعيدة بما يجري لم يجول بخاطرها حتي فكرة الإطمئنان علي إبنها لما علمت إصابته تمنت أن تكون الإصابة خطيرة وتكون سبب في موته .
سئمت نيراز من الإنتظار خارج جناحه , لن تقبل بأن تتركه وحده هكذا وهو مجروح , بهيبتها كملكة إجتازت الحراس ولم يستطع أي أحدا منهم التعرض لها أو منعها عنوة .
دخلت الجناح في لهفة تبحث عنه ما أن رأته يجلس هكذا في الزواية حتي شعرت بنغزة في قلبها تسري , توجهت مباشرة إليه ما أن رأها حتي تحامل علي نفسه ووقف مسح وجهه وبغضب تحدث إليها : كيف تجرؤين علي الدخول , أخرجي للخارج ....يا حراس .
أقتربت منه أكثر لأول مرة تراه يبكي , تمرر نظراتها بين عيونه التي تبكي وبين يده التي تنزف ,
نيراز : أنا أسفة , قالتها وأندفعت الدموع من عينيها .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي