الفصل الواحد والثلاثون
في تلك الحياة ،هناك لحظات نقرر فيها أي إتجاه سنسير فيه ، نقف مع أنفسنا منا من يختار طريقه بعقله ومنا من يختار بقلبه .
منا ما يستمر في نفس الإتجاه ومنا ما يغير وجهته ، لا ندري ما يخبئه المستقبل لنا ولكن علي كل حال يجب أن نتقبل ان مزيج الخيارات تلك هو ما يصنع ما نحن عليه هو ما يشكل هويتنا
تلك اللحظة قد أتت في حياة كلا من نيراز وشمس الدين
وقفا الإثنان في مقابلة بعضهما البعض كلا منهما لديه العديد من الكلمات التي تملأ عقله وقلبه يريد أن يشاركها مع الآخر
بدموع تملأ العيون وبصوت متقطع تحدثت نيراز : أنا آسفة ، لم اقصد ما حدث ، يجب أن تدع الطبيب يري جرحك...
ما كان من شمس الدين إلا أن احتضنها بشدة وراح يبكي هو الآخر علي كتفها لا يهتم بما أن كانت سترفضه كالمرة السابقة أو تدفعه بعيدا هو فقط يحتاجها وراضي بأي وقت سيتحصل عليه وهو برفقتها لو كان ثواني فهو راضي كل الرضا
كان شمس الدين يعتقد بأنه هو من يحتاج نيراز في هذا الوقت ولكن لم يكن يعلم بأنها هي من تحتاجه وبالفعل أعلنت نيراز عن إحتياجها هذا, بأن إحتضنته هي الأخري ,
شعر شمس الدين بيدها تلتف حول خصره , لم يصدق نفسه وظن أنه يتوهم ذلك لا أكثر .
ولكن ما أ، تحدثت أدرك أن ما يشعر به هو حقيقة تحدث .
نيراز : لقد أشتقت إليك كثيرا , كيف تغيب عني هكذا , كنت سأجن من كثرة ما أفتقدتك , وراحت تبكي بصوت مسموع .
شمس الدين وقد شد من إحتضانها : لا تبتعدي عني ولا تفكري في هذا أبدا , لا تكوني كأمي ,
ما كان من نيراز إلا أن ظلت تربت علي ظهره بحنان وعاطفة لا تنبع من أنثي لرجل إلا إذا كانت تعشقه .
أستمروا هكذا بعض الوقت إلي أن هدأ كلا منهم من روعة الأخر ,
خرجت نيراز من بين أحضانه راحت تبعد خصلات شعرها التي زاحمت وجهها ومن ثم نظرت لذراع شمس الدين : يجب ان تستمع إلي , سأنادي الطبيب الأن .
شمس الدين وقد أمسك بيدها : لا تنادي أحد , لا أريد رؤية أحد غيرك .
نيراز : ولكن يجب ان يخيط الطبيب جرحك ألا تري كم الدماء التي غطت ثيابك .
شمس الدين وقد أقترب منها واضعا جبهته علي جبهتها:تعلمين حتي لو كان قلبي يظهر من تحت أضلعي , لا أريد رؤية أحدا غيرك ,إذا أردتي أهتمي أنتي بالجرح وأبقي معي .
نيراز وقد نظرت لعيونه : أنت عنيد حقا ؟؟
شمس الدين : ممن تعلمت يا تري ؟؟
إبتسمت نيراز كم كان وجهها جميلا وهو ممزوجا بالدموع والإبتسامة .
أحضرت نيراز لشمس الدين ملابس النوم الخاصة به وبدأت في مساعدته لتبديل ثيابه , ببطئ نزعت سترته وأحضرت قطعة قماش مبللة وأخذت تمسح علي الجرح برفق , كان شمس الدين يتألم من جرحه ولكن لم يشأ ان يظهر هذا أمام نيراز حتي لا تزداد حزنا يكفي انه يشعر برجفة يدها كلما أقتربت من الجرح
إستخدمت قطعة قماش أخري ولفت بها يد شمس الدين , كان شمس الدين يجلس أمامها دون أن ينطق بكلمة لم يفعل شئ سوا النظر إليها والتأمل بها .
أنهت نيراز ما كانت تفعل ومن ثم ساعدته في إرتداء ملابس النوم , أعطته بعض الماء ووقفت بجانبه تنظر إليه.
شمس الدين : ما بك ؟؟ هل أنتي بخير ؟
نيراز : أها ... انا بخير, هل تشعر بأي ألم ؟
شمس الدين : لا تقلقي هكذا مجرد جرح بسيط , لقد أعتاد جسدي علي مثل تلك الجروح , سيشفي سريعا
نيراز بأسي : ولكن تلك الجروح أصابتك في حرب ليس وأنت تتدرب في قصرك ؟؟
شد شمس الدين يدها لتجلس بجانبه , ثم أخذ يتلمس يدها ببطئ إلي أن رفع رأسه لها : أتعلمين شئ , كل تلك الحروب التي خضتها لم تؤلمني مثلما ألمني من حولي , جروح الحروب تعلمين أن عدوك هو من تسبب لكي بها تنسيها عندما ترفعين رايتك وتعلنين نصرك وأنك هزمتي أعدائك .
نيراز وقد أستشعرت الحزن الذي يعصف به , فتابعت بتردد : هل تقصد والدتك الملكة فرردوس ؟
تنهد شمس الدين بضيق ينم عما داخله من حزن وألم فسارعت نيراز بالحديث: اذ لا ترغب في الحديث عن الأمر لا...
شمس الدين: كنت في التاسعة عندما توفي والدي الملك سعد الدين فجأة لم يكن مريضاً أو به أي شيء كان موته فاجعة لي كان رفيقي ومعلمي كان الجميع يخاف منه لكني أبدا لم أشعر بخوف أو رهبة وأنا بجانبه كنت أشعر بالأمان والراحة كانت علاقتنا وطيدة لم أكن مقربا من أمي أبدا رغم أنني كنت ولدها الوحيد في ذلك الوقت ولكنها لم تعتبرني هكذا لا أتذكر أنها احتضنتي مرة أو قبلت رأسي ، وبإبتسامة حزينه أكمل: كنت دائما أسمع عن كيف تكون الأم هي الحنان والعاطفة ويكون الأب هو الرادع ولكن في حالتي أعطاني أبي ما لم تعطه لي أمي ، كما قلت لكي عندما توفي كنت طفلا صغيرا لا يفكر سوي في أنه قد خسر والده ولكن الوزراء والقادة كانوا يفكرون في حال المملكة من بعد أبي، كان عمي حسين هو قائد الجيش في ذلك الوقت وقرر الوزراء إني سأكون الملك ولكن تحت وصاية عمي حسين لحين أستطيع إدارة شؤون المملكة ، وضعت أمي نور الدين حينها ورأيت حبها له ظننت أنها ستنظر لي حتي ولو كان من باب الشفقة والعطف ،كنت الملك ذو التسع سنوات ولكن في حقيقة الأمر كنت اعامل اسوأ من العبيد في هذا القصر ، توغل عمي حسين في السيطرة علي المملكة طيلة خمس سنوات نهب ما نهب وقتل من قتل كانت الأوضاع تسوء ولكني كنت علي عهدي مع أبي الراحل
استمريت في التدرب والتعلم كنت أجهز نفسي من أجل اليوم الذي استعيد فيه حقي المنهوب وبالفعل حينها ساندني الوزير فهد بعد أن اقنعته بأنه سيكون هو الحاكم بإسمي جعلته يوقن بأنه يحتاجني من أجل أن يبقي من علية القوم في المملكة
وبالفعل استعدت منصبي الذي سلب مني وشيئا فشئ أصبحت شمس الدين الذي يهابه الأعداء في المعارك ، كم قتلت من أعداء ، بكل حرب كنت أريد أن يري أبي بأني أصبحت كما تمني أن يراني بأني نفذت ما وصاني به قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة كنت دائما أعد نفسي لعل ألقاه فأقول له ها أنا إبنك يا أبي هل أنت راض عني واسأله لماذا تركني وحدي مبكرا هكذا لقد اشتقت إليك كثيرا ثم انفجر باكياً فأحتضنته نيراز وظلت تهدأ من روعه
نيراز : يكفي لا تزيد الأمر عليك لقد مضي كل هذا ،
شمس الدين : أنا افتقده كثيراً لو خيروني بين هذا الملك وبين أن أراه من جديد لما فكرت ,كنت سأختار رؤيته ولو مرة واحدة كي أشبع منه وأشم رائحته .
نيراز بأسي علي حاله : بالتأكيد هو فخور بك ، وسعيد بأنك إبنه لقد فعلت الكثير من أجل تنفيذ وصيته لك وصدقني بالتأكيد أنت أفضل مما كان يتوقع أحد ، ثم رفعت رأسه ببطء وأحاطت وجهه بيدها الناعمة: هيا لترتاح فأنت متعب للغاية
بالفعل أستجاب لها شمس الدين حتي هي اسندته ليصل إلى سريره ، نام بفراشه وقامت هي بتغطيته : أسمح لي سأذهب الآن
أمسك شمس الدين بيدها : لا تذهبي ارجوكي أبقي معي الليلة
ارتجفت نيراز وظهر ذلك جلياً عليها فما كان من شمس الدين إلا أن يطمئنها: تعالي لا تخافي لا يمكن أن ازعجك ولن اجبرك علي اي شيء لا ترغبين به
شعرت نيراز بالحرج مما يقول : أنا ...
شمس الدين: لا تبرري شيء يكفيني انك بجانبي أنا راض بهذا يا ملكتي ، ثم رفع الغطاء الذي عليه وابتعد هو قليلا وترك لها مساحة كي تأتي لتنام بجانبه
في خجل شاركته نفس مكان النوم ، كانا كلاهما ينظران للسقف وما كان من شمس الدين إلا أن يباغتها فاقترب منها واحتضنها
نيراز بصوت خجول : شمس الدين ، ماذا تفعل ؟؟ ابتعد قليلا
شمس الدين بمكر : لا تظني إني أخلف وعدي لكي ولكن انظري ذراعي تؤلمني ولا ترتاح إلا وهي هكذا
نيراز بإبتسامة : تعلم أنك مخادع أليس كذلك ، لن أثق في حديثك بعد اليوم
شمس الدين وقد كان ينام: لا تقلقي أعلم هذا لست أول من يقوله لي
كان شمس الدين متعبا كثيرا فما أن تشبث بنيراز حتي غط في النوم وما أن نام حتي وضعت نيراز يدها علي شعرها وأخذت تمسح علي رأسه في حنان ووجدت نفسها تقبل وجنته بهيام ، سرعان ما انتبهت لما تفعل وأبعدت نفسها ولكنها تشعر بالسعادة في قربه منها اخفضت رأسها عن رأس شمس الدين وأدخلتها بين أحضانه ولم تدري بنفسها بعد ذلك فراحت في نوم هنيئ
أشرقت الشمس وما زال الإثنان يتشبثان ببعضهما البعض ينامان كأنهما لم يناما منذ زمن طويل ، بالطبع لم يجرؤ أحد علي إيقاظهم أو الدخول عليهم أو حتي ازعاجهم بمناداتهم من الخارج
كانت الملكة فردوس تشتعل من الغضب فلقد كانت تتوقع بأن يطرد شمس الدين نيراز من القصر ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فها هما الآن يقضيان ليلتهم الأولي معا بفضل خطتها العبقرية فلقد انقلب السحر على الساحر كما يقال
ببطء فتح شمس الدين عيونه الخضراء فكان أول ما رآه هو وجه نيراز لعل هذا هو أسعد صباح له منذ سنوات طويلة لم يشعر بمثل تلك الراحة ولا بمثل تلك السعاده
أقترب أكثر وقبلها من رأسها ، بعدها أبتعد إلي الجانب الآخر كي يشرب بعض الماء ولكنه وجدها تحرك جسدها وهي نائمة كي تصل إليه كأنها افتقدته في تلك الثواني , فما كان منه إلا أن ترك الماء وعاد ليحتضنها من جديد ، فتلك الأوقات السعيدة لا يضمن الإنسان إذا كانت ستأتي من جديد أم لا
أغتنم كل لحظة من حياتك كأنها آخر لحظة.
منا ما يستمر في نفس الإتجاه ومنا ما يغير وجهته ، لا ندري ما يخبئه المستقبل لنا ولكن علي كل حال يجب أن نتقبل ان مزيج الخيارات تلك هو ما يصنع ما نحن عليه هو ما يشكل هويتنا
تلك اللحظة قد أتت في حياة كلا من نيراز وشمس الدين
وقفا الإثنان في مقابلة بعضهما البعض كلا منهما لديه العديد من الكلمات التي تملأ عقله وقلبه يريد أن يشاركها مع الآخر
بدموع تملأ العيون وبصوت متقطع تحدثت نيراز : أنا آسفة ، لم اقصد ما حدث ، يجب أن تدع الطبيب يري جرحك...
ما كان من شمس الدين إلا أن احتضنها بشدة وراح يبكي هو الآخر علي كتفها لا يهتم بما أن كانت سترفضه كالمرة السابقة أو تدفعه بعيدا هو فقط يحتاجها وراضي بأي وقت سيتحصل عليه وهو برفقتها لو كان ثواني فهو راضي كل الرضا
كان شمس الدين يعتقد بأنه هو من يحتاج نيراز في هذا الوقت ولكن لم يكن يعلم بأنها هي من تحتاجه وبالفعل أعلنت نيراز عن إحتياجها هذا, بأن إحتضنته هي الأخري ,
شعر شمس الدين بيدها تلتف حول خصره , لم يصدق نفسه وظن أنه يتوهم ذلك لا أكثر .
ولكن ما أ، تحدثت أدرك أن ما يشعر به هو حقيقة تحدث .
نيراز : لقد أشتقت إليك كثيرا , كيف تغيب عني هكذا , كنت سأجن من كثرة ما أفتقدتك , وراحت تبكي بصوت مسموع .
شمس الدين وقد شد من إحتضانها : لا تبتعدي عني ولا تفكري في هذا أبدا , لا تكوني كأمي ,
ما كان من نيراز إلا أن ظلت تربت علي ظهره بحنان وعاطفة لا تنبع من أنثي لرجل إلا إذا كانت تعشقه .
أستمروا هكذا بعض الوقت إلي أن هدأ كلا منهم من روعة الأخر ,
خرجت نيراز من بين أحضانه راحت تبعد خصلات شعرها التي زاحمت وجهها ومن ثم نظرت لذراع شمس الدين : يجب ان تستمع إلي , سأنادي الطبيب الأن .
شمس الدين وقد أمسك بيدها : لا تنادي أحد , لا أريد رؤية أحد غيرك .
نيراز : ولكن يجب ان يخيط الطبيب جرحك ألا تري كم الدماء التي غطت ثيابك .
شمس الدين وقد أقترب منها واضعا جبهته علي جبهتها:تعلمين حتي لو كان قلبي يظهر من تحت أضلعي , لا أريد رؤية أحدا غيرك ,إذا أردتي أهتمي أنتي بالجرح وأبقي معي .
نيراز وقد نظرت لعيونه : أنت عنيد حقا ؟؟
شمس الدين : ممن تعلمت يا تري ؟؟
إبتسمت نيراز كم كان وجهها جميلا وهو ممزوجا بالدموع والإبتسامة .
أحضرت نيراز لشمس الدين ملابس النوم الخاصة به وبدأت في مساعدته لتبديل ثيابه , ببطئ نزعت سترته وأحضرت قطعة قماش مبللة وأخذت تمسح علي الجرح برفق , كان شمس الدين يتألم من جرحه ولكن لم يشأ ان يظهر هذا أمام نيراز حتي لا تزداد حزنا يكفي انه يشعر برجفة يدها كلما أقتربت من الجرح
إستخدمت قطعة قماش أخري ولفت بها يد شمس الدين , كان شمس الدين يجلس أمامها دون أن ينطق بكلمة لم يفعل شئ سوا النظر إليها والتأمل بها .
أنهت نيراز ما كانت تفعل ومن ثم ساعدته في إرتداء ملابس النوم , أعطته بعض الماء ووقفت بجانبه تنظر إليه.
شمس الدين : ما بك ؟؟ هل أنتي بخير ؟
نيراز : أها ... انا بخير, هل تشعر بأي ألم ؟
شمس الدين : لا تقلقي هكذا مجرد جرح بسيط , لقد أعتاد جسدي علي مثل تلك الجروح , سيشفي سريعا
نيراز بأسي : ولكن تلك الجروح أصابتك في حرب ليس وأنت تتدرب في قصرك ؟؟
شد شمس الدين يدها لتجلس بجانبه , ثم أخذ يتلمس يدها ببطئ إلي أن رفع رأسه لها : أتعلمين شئ , كل تلك الحروب التي خضتها لم تؤلمني مثلما ألمني من حولي , جروح الحروب تعلمين أن عدوك هو من تسبب لكي بها تنسيها عندما ترفعين رايتك وتعلنين نصرك وأنك هزمتي أعدائك .
نيراز وقد أستشعرت الحزن الذي يعصف به , فتابعت بتردد : هل تقصد والدتك الملكة فرردوس ؟
تنهد شمس الدين بضيق ينم عما داخله من حزن وألم فسارعت نيراز بالحديث: اذ لا ترغب في الحديث عن الأمر لا...
شمس الدين: كنت في التاسعة عندما توفي والدي الملك سعد الدين فجأة لم يكن مريضاً أو به أي شيء كان موته فاجعة لي كان رفيقي ومعلمي كان الجميع يخاف منه لكني أبدا لم أشعر بخوف أو رهبة وأنا بجانبه كنت أشعر بالأمان والراحة كانت علاقتنا وطيدة لم أكن مقربا من أمي أبدا رغم أنني كنت ولدها الوحيد في ذلك الوقت ولكنها لم تعتبرني هكذا لا أتذكر أنها احتضنتي مرة أو قبلت رأسي ، وبإبتسامة حزينه أكمل: كنت دائما أسمع عن كيف تكون الأم هي الحنان والعاطفة ويكون الأب هو الرادع ولكن في حالتي أعطاني أبي ما لم تعطه لي أمي ، كما قلت لكي عندما توفي كنت طفلا صغيرا لا يفكر سوي في أنه قد خسر والده ولكن الوزراء والقادة كانوا يفكرون في حال المملكة من بعد أبي، كان عمي حسين هو قائد الجيش في ذلك الوقت وقرر الوزراء إني سأكون الملك ولكن تحت وصاية عمي حسين لحين أستطيع إدارة شؤون المملكة ، وضعت أمي نور الدين حينها ورأيت حبها له ظننت أنها ستنظر لي حتي ولو كان من باب الشفقة والعطف ،كنت الملك ذو التسع سنوات ولكن في حقيقة الأمر كنت اعامل اسوأ من العبيد في هذا القصر ، توغل عمي حسين في السيطرة علي المملكة طيلة خمس سنوات نهب ما نهب وقتل من قتل كانت الأوضاع تسوء ولكني كنت علي عهدي مع أبي الراحل
استمريت في التدرب والتعلم كنت أجهز نفسي من أجل اليوم الذي استعيد فيه حقي المنهوب وبالفعل حينها ساندني الوزير فهد بعد أن اقنعته بأنه سيكون هو الحاكم بإسمي جعلته يوقن بأنه يحتاجني من أجل أن يبقي من علية القوم في المملكة
وبالفعل استعدت منصبي الذي سلب مني وشيئا فشئ أصبحت شمس الدين الذي يهابه الأعداء في المعارك ، كم قتلت من أعداء ، بكل حرب كنت أريد أن يري أبي بأني أصبحت كما تمني أن يراني بأني نفذت ما وصاني به قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة كنت دائما أعد نفسي لعل ألقاه فأقول له ها أنا إبنك يا أبي هل أنت راض عني واسأله لماذا تركني وحدي مبكرا هكذا لقد اشتقت إليك كثيرا ثم انفجر باكياً فأحتضنته نيراز وظلت تهدأ من روعه
نيراز : يكفي لا تزيد الأمر عليك لقد مضي كل هذا ،
شمس الدين : أنا افتقده كثيراً لو خيروني بين هذا الملك وبين أن أراه من جديد لما فكرت ,كنت سأختار رؤيته ولو مرة واحدة كي أشبع منه وأشم رائحته .
نيراز بأسي علي حاله : بالتأكيد هو فخور بك ، وسعيد بأنك إبنه لقد فعلت الكثير من أجل تنفيذ وصيته لك وصدقني بالتأكيد أنت أفضل مما كان يتوقع أحد ، ثم رفعت رأسه ببطء وأحاطت وجهه بيدها الناعمة: هيا لترتاح فأنت متعب للغاية
بالفعل أستجاب لها شمس الدين حتي هي اسندته ليصل إلى سريره ، نام بفراشه وقامت هي بتغطيته : أسمح لي سأذهب الآن
أمسك شمس الدين بيدها : لا تذهبي ارجوكي أبقي معي الليلة
ارتجفت نيراز وظهر ذلك جلياً عليها فما كان من شمس الدين إلا أن يطمئنها: تعالي لا تخافي لا يمكن أن ازعجك ولن اجبرك علي اي شيء لا ترغبين به
شعرت نيراز بالحرج مما يقول : أنا ...
شمس الدين: لا تبرري شيء يكفيني انك بجانبي أنا راض بهذا يا ملكتي ، ثم رفع الغطاء الذي عليه وابتعد هو قليلا وترك لها مساحة كي تأتي لتنام بجانبه
في خجل شاركته نفس مكان النوم ، كانا كلاهما ينظران للسقف وما كان من شمس الدين إلا أن يباغتها فاقترب منها واحتضنها
نيراز بصوت خجول : شمس الدين ، ماذا تفعل ؟؟ ابتعد قليلا
شمس الدين بمكر : لا تظني إني أخلف وعدي لكي ولكن انظري ذراعي تؤلمني ولا ترتاح إلا وهي هكذا
نيراز بإبتسامة : تعلم أنك مخادع أليس كذلك ، لن أثق في حديثك بعد اليوم
شمس الدين وقد كان ينام: لا تقلقي أعلم هذا لست أول من يقوله لي
كان شمس الدين متعبا كثيرا فما أن تشبث بنيراز حتي غط في النوم وما أن نام حتي وضعت نيراز يدها علي شعرها وأخذت تمسح علي رأسه في حنان ووجدت نفسها تقبل وجنته بهيام ، سرعان ما انتبهت لما تفعل وأبعدت نفسها ولكنها تشعر بالسعادة في قربه منها اخفضت رأسها عن رأس شمس الدين وأدخلتها بين أحضانه ولم تدري بنفسها بعد ذلك فراحت في نوم هنيئ
أشرقت الشمس وما زال الإثنان يتشبثان ببعضهما البعض ينامان كأنهما لم يناما منذ زمن طويل ، بالطبع لم يجرؤ أحد علي إيقاظهم أو الدخول عليهم أو حتي ازعاجهم بمناداتهم من الخارج
كانت الملكة فردوس تشتعل من الغضب فلقد كانت تتوقع بأن يطرد شمس الدين نيراز من القصر ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فها هما الآن يقضيان ليلتهم الأولي معا بفضل خطتها العبقرية فلقد انقلب السحر على الساحر كما يقال
ببطء فتح شمس الدين عيونه الخضراء فكان أول ما رآه هو وجه نيراز لعل هذا هو أسعد صباح له منذ سنوات طويلة لم يشعر بمثل تلك الراحة ولا بمثل تلك السعاده
أقترب أكثر وقبلها من رأسها ، بعدها أبتعد إلي الجانب الآخر كي يشرب بعض الماء ولكنه وجدها تحرك جسدها وهي نائمة كي تصل إليه كأنها افتقدته في تلك الثواني , فما كان منه إلا أن ترك الماء وعاد ليحتضنها من جديد ، فتلك الأوقات السعيدة لا يضمن الإنسان إذا كانت ستأتي من جديد أم لا
أغتنم كل لحظة من حياتك كأنها آخر لحظة.