الفصل الثاني والثلاثون

رويدا ...رويدا إستفاقت نيراز وما أن فتحت عيناها حتي وجدت شمس الدين ينظر إليها وأنها بأحضانه إبتسمت تلقائيا ومن ثم أدركت الوضع فتنحت بعيدا عنه إلا أنه أقترب منها
شمس الدين : إلي أين تذهبين ؟؟
نيراز : سأعود إلي جناحي أريد أن أبدل ملابسي ...
شمس الدين : من اليوم لا يمكنك أن تغادري هذا الجناح , لا يمكنك أن تبتعدي عني ستبقين هنا برفقتي .
نيراز : لا يمكن ..أنا لم أعتد علي البقاء برفقة أحد
شمس الدين بإبتسامة : لم تعتدين علي ماذا ؟؟ لقد أمسكت بي طيلة الليل حتي أنني وددت الإبتعاد ولكنكي أنتي من منعني
نيراز بإندفاع : لا يمكن هذا
شمس الدين : وهل أنا بكاذب يا جلالة الملكة ؟
نيراز بحرج : لا لم أقصد ولكن ..
شمس الدين : ليس هناك لكن ... ستبقين هنا أنا أحتاج لمن يرعاني ألا ترين ذراعي والجرح الذي به , لم أعلم أنك شرسة هكذا أعتقد أنك ستضربين عنقي بسيفك المرة القادمة
نيراز وقد عادت لجرأتها : أنت من أردت أن تبارزني , لم تكن تري أمامك كنت ستقتلني , هل أتركك تفعل هذا ؟
شمس الدين وقد مال عليها مقتربا أكثر لوجهها : ومن كان السبب ؟؟ أنتي ستجعليني أفقد عقلي نبهت عليكي أكثر من مرة لا تقتربي من أي أحد ولكنك ماذا فعلتي أنتهزتي غيابي وصرتي تجوبين هنا وهناك برفقة نور الدين .
نيراز : لم يحدث ؟؟ لم أقابله طيلة غيابك يومها فقط أتي إلي ليسأل إذا كنت أرسلت رسالة أم ماذا ؟ لقد كنت حزينة لذلك قبلت بمبارزاته كي أشغل عقلي ...
نظر إليها شمس الدين مليا هو يصدقها في كل كلمة تقولها يدرك أن ذلك من ألاعيب أمه الملكة فردوس : لماذ لم ترسلي أي رسالة لي؟
نيراز بعناد : ولماذا لم ترسل أنت ؟؟
إبتسم شمس الدين علي ظفولتها في الحديث كيف يمكنها التحول هكذا من أنثي هادئة إلي طفلة عنيدة قام من جانبها ووقف: هيا ساعديني كي أبدل ملابسي وأخبريهم أن يحضروا الطعام أنا جائع جدا .
نيراز : سأنادي الخدم كي يساعدوك ؟؟
شمس الدين : أنا لم أقل أنني أريد الخدم , أنتي من ستساعديني ؟
نيراز بحدة : هذا كثير يا شمس الدين تعلم هذا ؟
شمس الدين بإبتسامة يعلم بأنها محرجة من البقاء بجانبه : الأن يتفع صوتي ملكتي ألم تبكين إلي كثيرا البارحة كي أسامحك وكنت تعتذرين , لأذكرك ملكتي أنتي من تسبب بهذا الجرح وأنتي من ستعتنين به إلي أن يطيب , هكذا سأحاول أن أنسي ..
نيراز : أنت مستغل للفرص ؟؟
شمس الدين مبتسما : هكذا أبقي الملك .... هيا أنا جائع جدا .
بالفعل ساعدته نيراز في تبديل ملابسه من جديد , كان شمس الدين ينتهز أي فرصة من أجل التقرب منها ولكنها كانت تحاول ا، تبدو صامدة أمامه ..
أحضرت سعدية لنيراز ملابس أخري , فبدلت ملابسها وكان الجواري حينها قد أحضروا الطعام
جلس شمس الدين هو ونيراز وكان وحدهما .
شمس الدين : هيا أطعميني ؟
نيراز بتعجب : ولما هذا فلتأكل أنت ؟
شمس الدين وقد مد يده : ألا ترين يدي مصابة ؟
نيراز : هذه يدك اليسري وأنت تأكل باليمني ما علاقتهم ببعض؟
شمس الدين ببرود: لقد قلت بأنني لا يمكني أن أكل ,هل تكذبين ما يقوله الملك ؟
نظر لها نظرة شامتة يعلم أنها لن تجد مفر مما أراد , فما كان منها إلا أن مدت يدها وبدأت بإطعامه , لم يرفع شمس الدين يده حتي , كانت هي من تطعمه وتزيل أي أثار للطعام علي وجهه كأنها أم تطعم صغيرها كم كان سعيدا بذلك حتي أنه ظل يأكل أكثر مما يأكل في يوما في المعتاد لديه ,
قطع صفو مجلسهم طلب أحد الجنود الإذن بالدخول ....
الجندي : مولاي , الأمير نور الدين يريد رؤيتك ؟؟
شمس الدين وقد نظر لها : حسنا أدخله ؟
دخل نور الدين عليهم وقدم لشمس الدين ونيراز التحية
شمس الدين : ما الأمر يا نور الدين ؟
نور الدين : لقد جئت للإطمئنان عليك ؟
شمس الدين : أنا بخير لا تقلق , الأمر بسيط أبلغ الوزراء بذلك .
نور الدين وقد نظر لنيراز التي تجلس صامتة وكان شمس الدين متابعا له .
شمس الدين : هل هناك شئ أخر ؟؟
نور الدين : أخي الملكة ليس لها دخل لقد اصريت عليها من أجل رهان بيني وبينها ..
شمس الدين مقاطعا إياه : لا داعي لأن تشرح لي , ثم أمسك بيد نيراز , لم يكن الأمر كما تظن أنا والملكة لم نختلف بسبب أنها بارزتك في غيابي , الملكة تعلم بما يجب أن تفعل وما يجب ألا تفعل , لا تشغل بالك بهذا .
نور الدين بإبتسامة : بالطبع مولاي , سأغادر الأن .
استأذن نور الدين وخرج من أمامهم بينما نيراز سحبت يدها بلطف من شمس الدين ,
شمس الدين : ما الأمر , هل هناك ما يزعجك ؟
نيراز بغضب دفين : أنا لا أفهمك تغضب عليا بالأمس وكنت قاسيا معي حينها والأن تتكلم مع أخيك وكأن شئ لم يحدث .
شمس الدين بإبتسامة : وهل تريدين أن أقسو عليه أيضا ؟
نيراز : ولا بالطبع ولكن لا تستبق الأمور وتغضب عليا هكذا ..
شمس الدين بحنان : غضبت ولو تمكن الغضب مني لكنت حرقت كل شئ حولي ولكن تأكدي لا يمن أن أؤذيكي أبدا , أفضل الموت علي أن يمسك سوء .
وضعت نيراز يدها علي فمه : لا تقل هذا ؟؟
قبل شمس الدين باطن يدها التي علي فمه فسحبتها نيراز سريعا
شمس الدين : أنتي ملكتي وزوجتي وحبيبتي , أنا أغضب وأبكي وأفرح أمامك , تأكدي أن ليس لدي مكان غيرك ,ولا أطلب منك سوي أن تتقبليني وتتقبلي حبي لكي .
شعرت نيراز بالخجل إلي ان أحمر وجهها فهبت ومشت من أمامه متجهة للشرفة .
شمس الدين إبتسم علي حالها وذهب ورائها , إحتضنها واضعا يده اليمني علي خصرها , مميلا رأسه علي كتفها : ما رأيك بأن نغادر القصر ونذهب للتجول, أريد أن نكون بمفردنا فلتأخذيني عند الشلالات من جديد ؟؟
نيراز : أنت مصاب الأن لا تجهد نفسك , ما أن يطيب جرحك سنخرج سويا ؟
شمس الدين : أتعديني يا ملكتي ؟؟
نيراز بإبتسامة صافية : أعدك ,
بقي الأثنان هكذا طيلة يومهم لم يخرج أحدهم ولم يقابلا سوي نور الدين الذي أتي إليهم في الصباح , قضوا يومهم في لعب الشطرنج تارة وفي أحاديث نيراز عن طفولتها تارة , مر اليوم بالنسبة لهم سريعا .
أما بالنسبة للملكة فردوس كان اليوم يمر ببطئ شديد كلما سألت عنهم علمت أنهم ما زالوا برفقة بعضهم البعض يزداد حنقها وغضبها الذي كان جليا أمام جواريها ولكن لم يكن أحد يعلم ما سبب ذلك الغضب ولم هي هكذا .
لم تشعر الملكة فردوس بنفسها فلقد طلبت الوزير فهد بأن ياتي لجناحها , والذي كان متضايقا من تهورها في طلبه في العلن هكذا
ما ان وصل لجناحها حتي امرت جميع الجواري باالخروج من أمامها وبقيا بمفرهما يتحدثان .
الوزير فهد : ما الأمر يا جلالة الملكة , كيف تخاطرين هكذا سيعلم الملك بسهولة اني قد أتيت إليك ؟
الملكة فردوس : لا يهمني شئ , حتي وأن سألك فأخبره بأنني أردت سؤلك عن حال الملك , ولا تقلق هكذا شمس الدين لا يهتم باحد الأن فهو مشغول مع زوجته , هيا أخبرني ,إلي أين وصلت فيما أتفقنا عليه ؟
الوزير فهد : سيصل ذلك الرامي الذي حدثتك عنه غدا , بعد ثلاثة أيام سنقيم تلك المسابقة ولكن لا أظن أن الملك سيشترك بها وهو جريح
الملكة فردوس : ثلاثة أيام كثير فلتكن بعد غد وأيضا لا تشغل بالك بالتأكيد لن يضيع شمس الدين فرصة سباق من يده هو عنيد ويحب الفوز ,
الوزير فهد : بعد غد , لن يقبل الملك بهذا , بالتأكيد سيؤجلها ؟
الملكة فردوس : لا تشغل بالك فقط جهز ما أتفقنا عليه وأنا سأتولي أمر مشاركة شمس الدين , أخبر الرامي بأن السهم لابد أن يكون مسموما بأشد أنواع السم , لا أريد أن تكون له فرصة في النجاة , هل فهمت ؟؟
الوزير فهد وقد تعجب من إصرارها هذا علي قتل إبنها : فهمت جلالة الملكة
غادر الوزير فهد أما الملكة فردوس فكان الشر يتطاير من عينها و حدثت نفسها : لن أسمح لك يا شمس الدين بأن تقضي يوما أخر برفقتها , لن تحصل علي الحب أبدا أو تستمتع به , مثلما حرمتني من حبي ومن البقاء بجانبه وحرمته من الحياة سأحرمك أنت أيضا , فلتذهب إلي أبيك بالتأكيد أشتاق إليك .
ليلة ثانية نامت نيراز بجانب شمس الدين , كانا برفقة بعضهما طيلة اليوم ولكنها ظلت تنظر إليه كأنها لم تراه منذ زمن بعيد , يقال أن المحب لا يمل ولا يشبع من النظر إلي حبيبه .
في الصباح توجه شمس الدين للديوان كي يجتمع مع الوزراء وكان نور الدين من بين الحاضرين , كان شمس الدين نشيطا حتي أن تلك أول مرة ينهي جميع ما وراءه في ذلك الوقت القصير بالطبع كان يتعمد ذلك كي يعود سريعا كي يري نيراز من جديد فلقد أشتاق إليها رغم قصر الوقت الذي إبتعد فيه عنها .
شمس الدين : هل هناك شئ أخر يجب مناقشته ؟؟
الوزير فهد طالبا إذن الحديث : مولاي لست أعلم إذا كان ما أقوله مناسبا في مثل هذا التوقيت ولكن تلك المسابقة التي أردت مني تجهيزها , لقد كان من المناسب للفرسان أن تكون بالغد لأنهم سيتحركون للسرية الشمالية بعد يومان .
فكر شمس الدين .... وكان سيرد عليه
نور الدين : ليس هناك داعي لها الأن يا مولاي , الشئ المهم هو راحتك ؟
شمس الدين : لقد وعدنا الفرسان والجنود بتلك المسابقة وبالتأكيد قد أنتظروها ليتربحوا بعض المال لا يمكن أن نحطم أمالهم .
الوزير سليمان : لو كان هذا هو الأمر جلالتك فسيكون قرارا موفقا ولكن لا تشترك أنت جلالتك فجرحك ما زال حديثا لم يطيب بعد .
نور الدين : أنا أتفق مع الوزير سليمان فيما قال
شمس الدين باسما : هل تريد الهرب من الهزيمة امامي , لا يمكن هذا سأفوز عليك أخي .
نور الدين : هذا شرف لي مولاي ...
شمس الدين : إذن أتفقنا , فلتكن المسابقة غدا كما أعلن وكل من سيشارك فليأخذ الفضة مكافأة له .
إنقضي الديوان وغادر شمس الدين متلهفا لرؤية نيراز , وجدها تجلس في حديقة القصر ومن حولها الجواري تمازحهم ويمازحونها ...
رأها تضحك بينهم بصوت مرتفع , يخشي القمر من أن يظهر بجانبها , ما أن {اته الجواري حتي توقفن عن الضحك وقمن بتحية الملك ومن ثم غادروا ليتركوا الملك برفقة الملكة ...
شمس الدين : ما الأمر لماذا تضحكين هكذا ؟
نيراز : لا شئ كنا نتسامر أنا والفتيات .
شمس الدين مباغتا إياها : أري أن الضحك يأتي إليك كلما أبتعدت عنك ؟ ولذلك سأغادر غدا كي تستمتعي أكثر
نيراز بقلق : إلي أين ستذهب ؟؟ هل ستغيب كثيرا ؟
شمس الدين مبديا الحزن والألم : سأضطر أن أغيب ثلاثة أشهر يجب أن أقيم بالقصر الغربي
نيراز بلهفة : سأتي معك أليس كذلك ؟
شمس الدين : لا الملكن هناك ليس أمن عليكي , سأغادر وحدي وأبقي أنتي هنا
نيراز ممسكة يده : كلا , سأتي مهما كان الأمر
شمس الدين متمكنا من تمثيله عليها : لن يكون لدي الوقت لحمايتك ؟
نيراز : أنا لا أحتاج لحمايتك بإمكاني ان أحميي نفسي ولكن لا يمكنك أن تبتعد هكذا , سأتي وأنتهي الأمر حتي لو لم تأخذني معك سأتي خلفك وأجتاز كل ذلك الطريق وحدي وليحدث ما يحدث .
شمس الدين : لماذا تقلقين هكذا هي مجرد ثلاثة أشهر ؟؟
نيراز : ولو ليوم واحد لا يمكنني أن أبتعد عنك .
شمس الدين وقد شد علي يدها : فلتستمعي إلي , مهما غبت أو إلي أين ذهبت يجب أن تكون تلك الفتاة القوية التي هزمت جنودي رغم كثرتهم وغادرت من تلك البوابات الضخمة ولم يستطع أحد أن يمسها بسوء , مهما حدث يجب أن تكوني بنفس قوتك وأنتي تواجهيني ولا تخشين شئ وأعلمي أني أحببتك لهذا , أحببت ذلك أحببت جرأتك في الحق وعزة نفسك .
نيراز وقد هبطت دموعها : يومها أردت بشدة أنا أغادر كي أصل لأهلي وأحبتي لم أكن أريد البقاء هنا , كلما وقفت في وجهك شعرت بالأمان حتي وأنت غاضب بشدة وجدت فيك ملجأي ومأمني واجهتك وأنا لا أخشي شئ , رجاء لا تبتعد لا يمكنني تحمل غيابك ليس لدي أحد هنا غيرك .
شمس الدين وقد مد يده ومسح دموعها : هذا قصرك وأنتي ملكته الوحيدة سواء كنت هنا أو بعيدا عنك تذكري ذلك وتصرف علي هذا الأساس ,
نيراز بحنان : أبقي معي ....
شمس الدين مبتسما : أخاف الأن أن أقول لك حقيقة الأمر فتقطعين رأسي ,
نيراز : ماذا تقصد ... أبتعدت عنه وقالت بحدة ..كنت تكذب علي ؟؟
شمس الدين ضاحكا : لا تنسي أنا مصاب , لا يمكنك الإقتراب مني سأنادي جنودي كي يلحقون بي منك ؟؟
نيراز وقد همت واقفة : قل الحقيقة هيا , ما الأمر ؟
شمس الدين وقد مد يده لها : هيا أجلسي , إستمتعت له فما كان لها أن ترفع صوتها أكثر فالحراس قريبين , غدا ستقام المسابقة التي تحدثنا في امرها من قبل وسأشارك كما أعلن الأمر للجنود .
نيراز بلهفة : ولكن يدك , فلتؤجلها أو تلغيها ؟
شمس الدين : أنظروا من يتحدث ألم تقولي لي من قبل با، الملك لا يعود في كلمته وأيضا الجنود والفرسان لديهم أمال علي ذلك المال الذي سيأخذونه منها لا يمكني تحطيم أمالهم هكذا .
نيراز : إذن لا تشترك أنت ؟
شمس الدين : لا يمكنني أن أترك أحد يحصل علي أمنية من زوجتي الملكة , لن يطلبها أحدا أخر منك , فلتجهزي نفسك سأفوز وسأطلب حينها لا يمكنك الرفض .
نيراز بإبتسامة خجلة : حسنا , فليوفقك الله سأتمني فوزك بالتأكيد وأدعو الله بأن يكون بجانبك دائما .
شمس الدين : لدي طلب أخر لا أعلم إذا كنتي ستوافقين عليه أما لا ؟
نيراز بمشاغبة : لقد كثرت طلباتك كثيرا يا جلالة الملك , ولكن أخبرني وسأفكر بالأمر .
شمس الدين : أنتي لن تستطعين مرافقتي غدا ولكن أريد أن يرافقني شئ منك .
نيراز : لم أفهم ؟
شمس الدين : أقصد أعطيني حصانك ليكون رفيقي غدا سأشعر وكأنك معي .
نيراز باسمة : هذا فقط , بالطبع سأوصيه عليك أنت تعجبه منذ بداية الأمر .
شمس الدين ضاحكا : الحمد لله لم يتصرف بغرور وعناد معي كصاحبته .
نيراز ضاربه بيدها علي ذراعه فتألم شمس الدين : أعتذر .... أسفة .. ثم ضحكت ولكن أتدري أنت تستحقها بالتأكيد .
ظل الأثنان يضحكان معا ويتسامران هكذا , من بعيد كانت تقف الملكة فردوس تنظر عليهم والحقد والكره يملئ قلبها تجاههم : أضحكوا الأن وغدا لن يضحك أحدا غيري في هذا القصر , ستسوي بالأرض غدا يا شمس الدين وأنتي يا نيراز لأنتهي من شمس الدين أولا ومن بعدها سيكون دورك سأجعل حال تلك الجواري أفضل من حالك , لن يكون سواي ملكة بهذا القصر .
في الليل كان شمس الدين نائما بجانب نيراز كعادتهم في الأيام الماضية بينما نيراز لم تستطع النوم فما كان منها إلا أن أعتدلت في جلسته وأخذت تلمس بيدها علي وجه شمس الدين حتي أنحنت لتقبله من رأسه , كأنها أدمنت قربها منه .
نيراز بصوت هامس : فلتبقي سالما دائما وأبدا , ماذا فعلت بي لقد جر قلبي إليك جرا , لم أكن لأري أحدا في حياتي ولم يملأ عيني أحد , أتيت أنت وبدلت حالي , لطالما أحببت الخروج وعدم البقاء في مكان واحد والأن لا أريد سوي أن أبقي بجانبك كأنك قطعة مني , كأنك إبني الذي أخاف عليه , لا تمضي إلي أي مكان وتتركني أنا أحبك , فلتستمع لما أقول , أنا أعشقك يا شمس الدين يا ابن سعد الدين .
تفاجأت لما فتح عينه لها ووجدته جذبها إليه أكثر : وأنا أيضا أعشقك يا نيراز يا إبنت عزيز .
توترت ودق قلبها بعنف : ألم تكن نائما ؟ كيف .... كأن لسانها قد عقد عن التفوه بكلمة أخري .
شمس الدين : ألم أخبرك من قبل بأن نومي خفيف , ولأخبرك سرا , ما أن شممت عطرك حتي وجدت قلبي يوقظني وبعد ما سمعته أنا أشكره كثيرا , ذلك أجمل ما سمعت أذناي طيلة حياتي يا ملكتي .
نيراز بتردد وخجل : هيا دعني ...
شمس الدين : هل تقبلين بي يا نيرازيا إبنت عزيز أن أكون زوجك مدي الحياة ؟
نيراز محاولة التهرب باعدة ناظريه عن وجهه : ماذا تقول نحن زوجان بالفعل ؟؟
شمس الدين وقد رفع رأسها كي تنظر إليه مباشرة : تفهمين ما أقصده يا ملكتي , لقد طلبتها من قبل ورفضتي الأمر وها أنا الأن أطلبها ثانية والقرار لك لم أجبرك أبدا علي شئ ولن أجبرك الأن أيضا ....مهما كان قرارك أنا راضي به وبكي وأريد أن ترضي بي أنتي أيضا ؟؟
صمتت نيراز وأخفضت نظرها عنه , فأرتبك شمس الدين من هذا وما كان منه إلا أن تركها وأبتعد ليقم من جانبها لم يتحدث بشئ يريد أن يهرب معتقدا رفضها له من جديد وأنه تسرع في طلبه ...
لما رأته يغادر جرت خلفه وأحتضنته من ظهره : إلي اين تذهب زوجي الحبيب أتتركني وحدي ...
تبدل حال قلبه من الخوف وشعر بالسكينة والفرح فأستدار لها واضعا وجهها بين راحتيه : أعدك أمام الله أن يدوم حبك في قلبي وأن أكون شريكا لكي إلي ان أموت وأفني ولن يكون لدي دعوة سوي أن ألقاكي بعد موتي .
نيراز وقد أنهمرت دموعها من فرط ما شعرت بصدق حديثه : أعدك أمام الله أن تكون ملك قلبي وعقلي وروحي إلي أن أموت وأفني وأن أكون شريكتك ومأمنك من هذا العالم الموحش ولتكن دعوة طيلة عمري أن يكون رحيلي قبل رحيلك .
بكي شمس الدين هو الأخر ثم وضع جبهته علي جبتها ثم بضحك ممزوج بدموعه: نحن بائسان مثل بعضا البعض نتحدث عن الموت في مثل ذلك الوقت , لن أسمح بأن يسرق ذاك البؤس فرحتنا ببعض ... ثم أخذ يقبل وجنتها أما هي فتركت نفسها له فحملها بين ذراعيه متناسيا جرحه , يكفي أنها بين يديها , لا يشعر إلا بها وبحبها يغمرقلبه ويعصف به...
ليلة هانئة جمعتهم معا أعلن كلا منهما إمتلاكه للأخر .
أستيقظت نيراز أولا وفي خجل ارادت أن تقوم من جانبه , ولكنها وجدته ممسكا بنهاية شعرها الطويل كأنه يقيدها بجانبه لا يريد ذهابها إلي أي مكان .
أقتربت منه وحاولت تخليص خصلاتها من قبضته ولكنها لم تستطع فما كان منها إلا أن داعبت وجهه بلطف من أجل أن يستفيق ويتركها ..
شمس الدين متصنعا النوم : ما الأمر ؟؟
نيراز بهدوء مراعاة له ولنومه فلم تكن تريد إزعاجه : أريد أن أقوم أترك شعري يا مولاي .
شمس الدين : وقد فتح عينيه : ألم تتعلمي الدرس أبدا ؟
نيراز بتعجب : أي درس ؟ ماذا تقصد ؟
جذبها بسرعة من يدها فنامت بجانبه ومال عليها: أنا لست سوي زوجك لا تناديني ولا تطلبي مني أي شئ إلا وأنت تناديني بزوجي تلك تسعدني أكثر من أي كلمة أخري فقط قولي لي زوجي ولتأخذي ما تشائين يا ملكتي .
نيراز: ولكنك تنادين دائما بملكتك ؟
شمس الدين : لأنك ملكة قلبي تملكين كل ما بي , منذ أول مرة رأيتك علمت أنك ملكتي المنشودة رغبت بأن تأتي معي ولكنك تركتيني أكثر من مرة ولقد واعدت نفسي يوم زواجنا بأنك ملكتي وشرفي ومولاتي وزوجتي , أناديكي بما أنادي ولكن أنتي تناديني فقط زوجي أريد سماعها في كل لحظة كي يطمئن قلبي بها وبأنك معي .
نيراز : ولكن بين الوزراء ؟؟
سارع شمس الدين : لا يهمني أي أحد , في اليوم الذي تتخلين فيه عن مناداتي بها سأعلم أنك لا ترغبين بي , ميثاق زواجنا أعلي وأغلي عندي من أي شئ لا تحرميني منه .
نيراز : حسنا ما تقول زوجي الحبيب الغالي , أفضل ما قد حصل لي في تلك الحياة .
شمس الدين مقتربا أكثر : أنا أقول فلننس أمر تلك المسابقة ولنطيل من بقائنا معا ..
نيراز وقد وضعت يدها حول عنقه وجذبته أكثر إليها : لا تذهب , أبقي بجانبي زوجي .
الحب يقلب الموازين يغير منك يقلب حياتك وأحوالك , تكون كالذي يغرق تريد أن تنجو ولكن كلما عافرت كي تخرج يسحبك أكثر فيه , لعل غرق البحر لا يكون مأكدا قد تجد من ينجدك ويخرجك منه ويصحبك إلي الشاطئ , لكن غرق الحب لا أحد يمكنه... ماذا سيفعل ...المحب أما أن يغرقه حبه في ملذات الحياة ويذقه فرحة لم لا مثيل لها أو أن يغرقه في حزن عميق دفين لا يشفي منه ولو مضي مائة عام .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي