الفصل الثالث والثلاثون

كان الجميع يقف في ساحة القصر ينتظر, الفرسان والجنود المشاركين في السباق والوزراء وتجار المملكة وعلية قومها , كانت الملكة فردوس تجلس في منصة أقيمت خصيصا للملكات وكان نور الدين يقف متأهبا للسباق , الكل ينتظر ولكن شمس الدين لم يأتي حتي تلك اللحظة رغم تأخر الوقت عما كان مقررا من قبل ...
كانت نيراز تساعده في إرتداء ثيابه ومن ثم بدلت هي ملابسها وأتت له كي يخرجا برفقة بعضهما البعض .
نيراز : هيا أنا جاهزة ..
نظر لها شمس الدين من الأعلي إلي الأسفل ولاحظت نيراز نظراته الثاقبة التي تتفحصها .
أقترب منها : هل ستخرجين بهذا وسط الجنود ؟
نيراز وهي تنظر إلي نفسها : ما به ؟؟ إنه جميل ؟
شمس الدين : أعلم أنه جميل وهذا ما يزعجني , ذهب إلي خزانته الخاصة وأحضر شالا خارجيا طويلا خاصا به يرتديه فوق ثيابه , وعلقه علي كتفيها كي يغطي حسن ملابسها عليها
نيراز : ماذا تفعل , لا يليق لونها علي لون فستاني ؟
شمس الدين : أنا لا أري هذا ,إنه رائع من وجهة نظري , سأخبر الخياط الملكي بأن يعد مثلهم لكي ملكتي .
نيراز : لا يمكنني أن أرتديه وكانت ستخلعه من عليها , الجميع يعلم أنه ملكك أنت .
شمس الدين : هذا ما أرديه أن يعلموه فأنت به ملكي , كي لا يتجرا أحدا وينظر إليكي حتي , لتكن تلك رسالتي لهم , أو يمكننا أن نبقي هنا ولا أخرج , أمامك الخياران سأفعل ما ترغبين به ملكتي ؟
نيراز بإبتسامة : أنت تتحجج بي كي لا تذهب , أراك تهرب زوجي العزيز .
شمس الدين وقد أقترب أكثر واضعا يده حول خصرها : وماذا في ذلك أهرب من أي شئ كي أبقي برفقتك , ثم مال عليها ليقبلها .
فأبعدته بلين : لقد تأخرنا ماذا سيقولون عنا ,
شمس الدين : لا أريد تركك , أريد أن أبقي بجانبك .
نيراز بلطف وحنان : عد إلي سالما وستجدني أنتظرك ,لا تتأخر عليا .
شمس الدين : وسأطلب أمنيتي وتحقيقها دون أي إعتراض ؟
نيراز : أنا ملكك كلي ماذا تريد بعد ؟
شمس الدين : سأخبرك عندما أعود , أجلسي مكانك ولا تنظري لأحد مباشرة, فقط إنظري إلي وحدي .
قبلها من رأسها أما هي فأزاحت ملابسه قليلا عن عنقه ووضعت قبلة حانية عليها , ثم نظرت له بعيون لامعة ... لقد وصيت سهم عليك سيهتم بك كما يهتم بي ,لا تطل أنهي الأمر وعد لأحضاني التي تنتظرك متلهفة .
أمسك بيدها وخرجا من جناحهما معا إلي أن وصلا معا للساحة فأنحني الجميع لتحية الملك والملكة ...
هنا ترك يدها كي تجلس بجانب الملكة فردوس في المنصة ولكنه فوجئ بها تشد علي يده : أنتظرك زوجي أنتظرك حبيبي .
إبتسم لها ومضت هي وهو ما زالت عيونه تتابعها إلي أن وصلت وجلست بمكانها
دقت الطبول وكل فارس من المشاركين أمتطي جواده إلي أن فتحت الأبواب وأعلن بدأ السباق , فأسرع الجميع بأحصنتهم مجتازين بوابات القصر الضخمة .
كان السباق عبارة عن رايات وأعلام ملونة وضعت علي بعد من بعضها , وكان يجب علي المتسابقين الدوران حول الغابة الحدودية في طريق إمتد علي حدود مملكة السهم , وكل من يسرع يلتقط رايات أكثر ومن يكون له العدد الأكبر في جمع الرايات يفز وهكذا ...
لم يخيب سهم أمال نيراز بها فسرعان ما أنطلق بشمس الدين , رغم مهارة الفرسان المشاركين ولكن بالطبع لم يكن أحد منهم بمهارة شمس الدين ولم يكن لد أحدهم حصانا وفيا أصيلا كسهم ...
نور الدين كان مثل بقية الفرسان معهم يسبق كل واحدا منهم تارة الأخر ومن ثم يتراجع ويتقدم أخر وهكذا .
بمرور الوقت أبتعد شمس الدين عنهم حتي كادوا لا يرونه , فهو كان أدراهم بالغابة وأيضا سهم فلقد كان يعرف طريقه فو يحفظه لأن نيراز كثيرا ما كانت تجول حول الغابة وداخلها .
كل ذلك ساهم في تفوق شمس الدين ,
ولكن لم يدري بأن هناك عيون تترصده , عيون تأبي أن يعود سالما لحبيبته , كان ذلك الرامي الذي أحضره الوزير فهد يتواري عن الأنظار ينتظر وصول الملك ومروره من أمامه , مجهزا عدة سيوف جميعها غمرت أولا في سم قاتل , شد قوسه الذي يحمل أكثر من ثلاثة سهام دفعة واحدة , إستعدادا للملك شمس الدين ,علي صوت صهيل خيل شمس الدين سهم والذي كان يشعر بوجود خطب ما , لم يفهم شمس الدين علي سهم ولم يمهله الرامي أن يفكر حتي فسرعان ما أطلق قوسه فأنطلقت السهام مخترقة صدر شمس الدين الذي سقط من علي فرسه سهم , وقف الرامي مبتسما لإحرازه الهدف الذي أتي من أجله , وسرعان ما حاول الفرار , كان علي الأرض لم يسعه جسده وخانته قواه بأن يستطع الوقوف من جديد ناظرا للارض التي ألتصق بها ولقد رأي نيراز تأتي إليه من بعيد كان يريد مناداتها ولكن حتي صوته لم يستطع عليه أمر ..
كان سهم يدب الأرض بأقدامه بجانب شمس الدين يحسه علي الوقوف والنهوض من جديد ولكن لا شئ فبقي بجانبه إلي أنا علت أصوات خيول تأتي وكان أولئك فرسان شمس الدين لمحه نور الدين من بعيد فصاح فيهم كي يسرعوا وبالفعل توجه الجميع للملك هبط نور الدين من علي حصانه وأخذ يرفع أخيه ببطئ من علي الأرض , تكاتف الفرسان وحملوا شمس الدين واضعين إياه علي حصان نور الدين الذي ركب من خلفه ممسكا بأخيه متوجهين للقصر كي يلحقوا وينقذوا ملكهم المصاب .
أسرع سهم من قبلهم كي يخبر صاحبته نيراز بما أصاب حبيبها ...
كانت نيراز تجلس وكأن شئ ما اصاب قلبها قلق وخوف يدبان بها , حاولت أن تطمئن نفسها بأن ما تشعر به ليس بحق , تكذب إحساسها وتدعو الله أن تخطئ فيما شعرت ....
الجميع كان يترقب وصول أي أحد فما وجدوا إلا حصانا يصهل بصوتا عالي قادما إليهم , لما رأته نيراز من بعيد تيقنت أن هناك خطب ما أصاب شمس الدين فهبت واقفة وجرت أمام الجميع لتقابل حصانها , الذي وقف لها ولكن لم يكف عن صهيله ...
رأت نيراز الدم علي عنق حصانها فما تستطع تملك نفسها وصعدت علي ظهره سريعا , لم تستمع لمناداة الوزراء أو منعهم لها من الخروج , أنطلقت سريعا علي حصانه تجتاز الواقفين ومن ثم بوابات القصر ذاهبة من أجل حبيبها التي تعلم بأن هناك مكروه قد أصابه .
كانت الملكة فردوس تنظر بسعادة بالغة تعلم الأن بأن خطتها قد نجحت وبأن ما أرداته قد تحقق.
مضت بسرعة الريح كانت قد إبتعدت عن القصر لما رأت فرسان شمس الدين عائدين بحثت عينها عنه وسريعا ما وجده قلبها , علي حصان يسنده نور الدين مغروسا بصدره ثلاثة سهام كأنهم في صدرها هي لا صدره .
نور الدين : هيا جلالة الملكة يجب أن نعود سريعا بالملك .
نيراز : توقف لا تمضي به هكذا , لا يمكن للحاشية أن يروا الملك هكذا , ثم خلعت الشال الذي أعطاها إياه من قبل وببطئ حاولت نزع أحد السهام توجع شمس الدين بضعف لما خلعت السهم الأول فتلمست وجهه بيدها وقام فارس أخر بسحب السهمين الأخرين ربطت الاشل علي عنقه , ورافقت نور الدين في خطاه بالملك لم تسرع عنهم فحصانه أسرع ولم تتأخر ...
وصل الجميع للقصروكان الكل يقف مترقبا لما يحدث ,حمل الفرسان شمس الدين وأدخلوه إلي جناحه , سرعان ما حضر الأطباء الملكيين , وقف الوزراء ومن جانبهم نور الدين والملكة فردوس وبالبطبع نيراز التي تجمدت مكانها تري الجميع ولكن لا تقوي علي قول كلمة واحدة , يداها غارقتان بدمه تقف حاملة شاله تضمه لصدرها .
الوزير سليمان : أخبرني يا طبيب ,
الطبيب : السهام التي أصابت الملك كانت قريبة من قلبه ولكن لم يخترق أحدهم قلبه ولكنها كانت مسممة والأن سمها يسري في جسد الملك .
الوزير سليمان : وماذا تنتظر حضر الدواء بسرعة ومضاد السم ,
الطبيب وقد ظهر الأسي : لن يتحمل الملك هو في ساعته الأخيرة يحتضر .
صدم من صدم وفرح من فرح فالكل نيته معلومة وجلية علي وجهه لا تحتاج لشرح , أما نيراز قطعت هذا الصمت : أفعل ما يتوجب فعله لن يخذلنا الله , أطلب ما شئت, ثم تقدمت لجانب شمس الدين وجلست بجانبه واضعة يدها علي رأسه تمسح برفق عرق جبينه.
بدأ الأطباء في مدواة الملك الجريح , عقموا جروحه وحضروا مضادا للسم أطعموه للملك قطرة بقطرة كي يبتلعه , إلي أن حل الليل وهم يحضرون ما ينقص علاجه ونيراز لم تحيد بعينها عنه ولو للحظة .
كانت الملكة فردوس قد خرجت منذ زمن فلم تحتمل البقاء هكذا , أما نور الدين ظل بجانب أخيه وبقي أيضا الوزير سليمان وخرج بقية الوزراء ومنهم فهد كي يرتاح الملك ولا يسمع صخب من حوله .
سرعان ما طلبت الملكة فردوس الوزير فهد لرؤيتها وحضر مرتبكا متوترا من طلبها إياها .
الملكة فردوس : ما الذي يقلقك الأن , تحرك بحريتك شمس الدين ليس موجودا .
لوزير فهد : من المبكر هذا فالملك ما زال علي قيد الحياة وإلي أ، يفارقها يجب أن نتوخي الحذر لا نعلم ما الممكن أن يحدث يجب أن نكون حريصين .
الملكة فردوس ضاحكة بصوت عالي : وهل تعتقد بأني سأسمح لشمس الدين بأن يقوم من نومته مجددا لن يغادر من سريره إلا علي مدفنه وليحمد الله أنني سأجعله يحصل علي دفنة ملوك .
الوزير فهد : لا تتصرفي أي تصرف الأن ولا تخاطري بذلك فالفرسان والوزراء موالين للملك حتي وأن كان في فراشه ولكنهم يحمون عرشه من أجله .
الملكة فردوس : سيموت اليوم أو غدا ولن يجدوا أمامهم سوي نور الدين , إذا كان ولائهم اليوم لشمس الدين فغدا لن يكون وسأحرص علي ذلك ويجب أن تبدأ أنت أيضا في جذب قادة الجيش إليك وتمنيهم بالأماني كي يكون الجيش في يدنا .
الوزير فهد : حسنا , سأفعل .
غادر الوزير فهد من جناح الملكة فردوس بينما هي بقيت واقفة, نظرت لمرآتها : أنا هي الملكة فردوس ملكة مملكة السهم , والحاكمة فيها وصاحبة قرارها ومدبرة مستقبلها , غدا سيركع الجميع لتحيتي أنا , أنتهي وقتك يا شمس الدين وحان وقتي من اليوم .
في جناح الملك شمس الدين , ما زال الأطباء بجانبه ساهرين ..
الوزير سليمان محدثا الملكة نيراز : جلالة الملكة , لقد تأخر الوقت إذهبي لترتاحي وسنبقي بجانب الملك ,
نظرت إليه نيراز بجانب عينها : لا تشغل بالك بي أنا بخير , ما حال الملك الأن أيها الطبيب ؟؟
الطبيب : لقد بدأ الدواء يعطي مفعوله يا جلالة الملكة ولكن جرحه ما زال ينزف بين الحين والأخر ونعمل علي ذلك .
نيراز : لو أردت شئ أطلبه في الحال لا تأخر شئ من سبيله مساعدة الملك في التعافي .
الطبيب : بالطبع سأفعل يا جلالة الملكة ولكني الأن لا أحتاج لشئ .
طيلة الليل بقيت نيراز تجلس بجانب زوجها شمس الدين غادر نور الدين ما أن شعر بالتعب ومن بعده الوزير سليمان الذي ذهب لطمأنة البقية علي حالة الملك , وقفت سعدية خلف ملكتها متأثرة بالحالة التي تبدو فيها ملكتها .
سعدية : مولاتي , هل أحضر لكي بعض الطعام أنتي لم تتناولي شئ منذ الصباح ؟
نيراز بإستسلام : وكذلك الملك , لن أكل إلا عندما يأكل هو .
سعدية وقد أمسكت دموعها : ولكن يا مولاتي لا نعلم متي سيستفيق الملك , كلي شئ ما كي تستطيعين الإعتناء به .
نيراز : لا تكثري من حديثك لقد قلتها لكي لن أكل إلا معه , أنا أنتظره هنا .
أتي الصباح وأتي من أتي ليطمئن علي الملك ولم تبرح نيراز مكانها أبدا ولم تهتم بمن دخل أو من خرج , هي فقط تجلس شاخصة البصر لشمس الدين كلما عرق جبينه مدت يدها لتمسحه لا تفعل غير ذلك ولا تتحدث إلا لتسأل الأطباء عن حاله وكيف أصبح , بين الحين والأخر تميل عليه لتقبل جبينه وتتلمس وجهه وتمسح علي عنقه
مرت أربعة أيام وكان جرحه قد بدأ في الإلتئام ولكنه لم يفتح عينه ولم يحرك إصبعه حتي
خلال الأربعة أيام لم تأتي الملكة فردوس إلي جناجه قط منذ أن غادرت أول مرة .. بينما نور الدين كان دائم الذهاب لجناح أخيه .
ذهب إليها نور الدين كي يعاتبها علي عدم ذهابها إلي أخيه وإبنها فوجدها تجلس موضوع أمامها أفخر أنواع الطعام والعديد من الأصناف الفخمة ...
نور الدين : ما الذي تفعلينه أمي ؟
الملكة فردوس : تعال إلي هنا حبيبي , كل معي بالتأكيد أنت جائع
نور الدين : كيف لكي أن تجلسي هكذا وإبنك بين الحياة والموت , ألا تشعرين بما يجري في القصر , أنتي حتي لم تذهبي لزيارته مرة واحدة بعد أن غادرتي يومها , أصعب هذا كثير .
الملكة فردوس وقد أمرت الجواري بالخروج : أنا أفهم كل ما يجري يا نور الدين ولذلك أجلس هنا أتابع ما يحدث وأخطط لأدير الأمور ولكنك أنت الذي لا تفهم شئ ولا تدري بما يحدث , هبت واقفة ومشت في إتجاهه وضعت يدها علي كتفه ,لقد طرق الحظ بابك بني العرش يناديك كي تجلس عليه وتكون أنت الملك .
نفض نور الدين يدها : ما الذي تتحدثين عنه أخي شمس الدين هو الملك ...
الملكة فردوس : الملك الذي تتحدث عنه ينام في فراش الموت , غدا أو بعد غد سيموت.
صرخ فيها نور الدين : ما الذي تقولينه ؟؟ كيف تستطيعين قول هذا عن إبنك ؟
الملكة فردوس وقد هزته من ذراعه : لأنني لم أنجب سواك ولم تحمل أحشائي سوي ولد واحد وهو أنت يا نور الدين وأرغب بأن أراك علي ذاك العرش .
نور الدين وقد نفض يدها مبتعدا :ما الذي تقولينه ؟؟ أنتي تكذبين ؟؟
الملكة فردوس وقد أعادت الإمساك به : أنا لا أكذب أبدا هذه هي الحقيقة , شمس الدين لم أحمله في بطني لم يكن إبني ولم أعتبره أبدا هكذا , هو يحمل إسم سعد الدين عدوي ولكنه ليس إبني .
نور الدين : كيف هذا ؟؟؟
الملكة فردوس : لقد تزوجني سعد الدين وكان الأمير الأكبر في العائلة فكان ولي للعهد أراد أبيه أن يحكم قبضته علي المملكة وأراد سعد الدين أن أن يزيد من فرصته في الحكم فرأي أن ذلك سيتحقق بسهولة لو تزوجنا تعلم بالطبع إنني إبنة عمه ووريثة أبي الوحيدة وبزواجه مني ضمن العرش , لقد كنت أكرهه وكرهته أكثر لما أخذني عنوة دائما ما كان يقول أنه يحبني ولكني لم أحبه أبدا , وكان يقضي كل ليلة برفقة جارية , لم أشكو من هذا ولكني فرحت وظننت أن ذلك يبعه عني ولكنه كان أقسي من الحجر تعمد إهانتي وإذلالي أمام الجميع كان يعلم بأني أحب أخيه الأمير حسين وكان هو الأخر يحبني , علمت بحمل أحد الجواري منه فأتفقت معها وأغدقت عليها بالمال وأعلنت بأني حامل من سعد الدين لعله يرحمني ويتركني وقد كان غادر بعد ذلك في ليحارب قطاعين الطرق وغاب عام كامل وما أن أتي حتي وجدني أقف حاملة شمس الدين يبلغ شهور علي يدي .
نور الدين : هل خدعتي الملك طيلة كل هذه السنوات وخدعتي الجميع ؟؟وأين أم شمس الدين ؟؟
الملكة فردوس :لا تحزن عليه هكذا ,فسعد الدين كان ذكي جدا و لم يطل الأمر أكثر من شهرين حتي علم بكل شئ وأعترفت له الجارية تفاجأت لما تقبلها سعد الدين وأراد أن يعفو عنها أيضا بل كان سيجعلها الملكة ويعلن كونها أم شمس الدين الحقيقية ويضيع كل ما فعلته, فأرسلت أحدهم وقتلها دون إثارة أي شكوك , ولم يجد سعد الدين مفرا من كتمان الأمر وترك الأمور كما يعلمها الناس ,أنا لم أستطع تقبل شمس الدين أبدا , دائما ما قربه سعد الدين منه وكان يخشي عليه من أي شئ ومني بالتحديد .
نور الدين : حتي ولو كان كل ذلك لا يهمني , فما زال شمس الدين أخي وأنا أحبه حتي وأن كنتي أمه ؟؟
الملكة فردوس بإستهزاء : ولو علمت بإنه قاتل أبيك هل ستظل تحبه ؟؟
نور الدين : شمس الدين لم يقتل أبي سعد الدين لقد كان طفلا في التاسعة عندما مات أبي ؟؟
الملكة فردوس : أنا لم أقل أنه قتل سعد الدين ولكنه قتل أبيك حسين ؟؟
سقط نور الدين جاسيا علي ركبتيه من هول الصدمة ألا يكفيه ما قد سمع من قبل ,
الملكة فردوس : أنت ثمرة حبي أنا والأمير حسين أنت إبنه وإبني ...
نور الدين بصوت متقطع : وما الذي يجعلك متأكدة , قد أكون إبن سعد الدين ؟؟
الملكة فردوس وقد جلست بجانبه : لم يقترب مني سعد الدين منذ اليوم الذي قتلت فيه جاريته الحبيبة ولكنه تعمد إذلالي بأبشع الطرق ومعاقبتي بسبب وبدون سبب , أستمر عذابي أكثر من تسع سنوات حينها عاد حسين إلي المملكة وما أن عاد حتي عاد حبنا ينمو ويزهر من جديد , لما تأكد خبر حملي بك ....
نور الدين : قتلتم الملك سعد الدين وتولي أبي حسين الوصاية علي شمس الدين , حتي أستعاد شمس الدين زمام الحكم بعدها بخمس سنوات ...وهرب أبي حسين
الملكة فردوس : لم أنسي أبيك يوما كانت الجوابات مستمرة بيننا وقد حاولت مساندته ومساعدته للعودة من جديد للحكم وبالفعل كنا سننجح ولكن شمس الدين كان يخدع الجميع وحينها قتله بدم بارد قتل أبيك وطردني بك إلي الشمال سبع سنوات ونحن هناك أهتم بك وأرعاك من أجل اليوم الذي تشتد فيه وتعود كي تنتقم كأبيك الراحل وتأخذ العرش , أنت أحق به بني .
نور الدين : كيف يمكنك أن تفعلي كل هذا , ألم تشفقي علي شمس الدين ولو للحظة ؟
الملكة فردوس بغضب : وهل أشفق أبيه علي من قبل وهل هو رحمني أو رحمك وأنت تقف بجانبي طفلا صغيرا طردني وطردك وهو يظن بأنني أمك وبأنك أخيه , هل رحم أبيك وهو يقطع رأسه بدم بارد وينكل به , أجبني يا نور الدين ؟؟
صمت نور الدين فلم يجد لديه ما يقول بعد كل تلك الأشياء التي صدمته فلقد كانت كثيرة عليه فليس بمقدوره تحمل مثل تلك المفاجأت دفعة واحدة .
في جناح شمس الدين ما زال نائما علي سريره وما زالت نيراز بجانبه لم تذق الطعام منذ أن نام هكذا ولقد ذبلت كثيرا وشحب وجهها فأنطفت ولكن لم ينطفي حبه في قلبها وأملها با،ه سيكون بخير .
نيراز بصوت واهن : ما حاله يا طبيب؟؟
الطبيب : لا شئ يبدو غريبا سوي أنه لم يسفيق لا نعلم ما سبب ذلك فالسم ينجلي من جسده وجروحه تطيب بمعدل جيد , ثم تجرأ ورفع نظره لينظر إليها : إسمحي لي يا جلالة الملكة , يجب أن ترتاحي قليلا ولتأكلي بعض الطعام هذا خطرا عليكي , يجب أن تهتمي بنفسك .
نيراز : أتركونا وحدنا أريد أن أبقي معه بمفردي ؟؟
ما كان من الجميع إلا أن يغادر حتي سعدية ...لم يبقي سواها والملك ..
أعتدلت ونامت بجانبه واضعة يدها علي الجانب الأيمن من صدره تشتم ملابسه : ما الأمر يا شمس الدين هل أنت غاضب مني ولذلك لم تستيقظ ... ألم تشتاق إلي زوجي لقد أشتقت إليك كثيرا .. تعلم أنا أرتدي نفس الثياب منذ أربعة أيام لم أكل أريد أن أكل برفقتك , ثم قامت وأخذت تنظر مباشرة لوجهه : شمس الدين حبيبي أفتقدك لقد وعدتني بألا تغيب ولكنك سريعا ما خلفت بوعدك معي أنا لا أقبل هذا يا زوجي ليكن بعلمك سأوبخك بشدة حينما تستفيق ..ولكن فقط أنظر إلي وأريني عيونك من جديد فلقد ذبلت عيوني , أن لم تعد سأرفاقك في نومتك تلك وليكن ما يكن ما زال لدي العديد من زجاجات السم أن شربت أحدهم فلن يلحق بي أحد المرة الماضية أنت من أنقذتني اليوم تنام هكذا في هدوء أنا لا أريد هذا ولم أعتد عليه منك أنت حبي الوحيد أتتركني بتلك السرعة , ثم مالت عليه وقبلته من فمه قبلة حياة لها وله .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي