الفصل الالخامس

شردت مها بعيدا بخيالها حين بدأ اهتمامها بهذا العالم الخفي، حين كانت مذيعة مبتداة تهوى الأمور الغامضة وتعشق سماعها، لكنها لم ترد اى من هذه الامور أن تتعدى الحدود فكانت تكتفي بقراءة الرسائل التى ترسل لها على صفحة برنامجها أو تنشرها بنفسها كمنشور على الصفحة حين تردها الرسالة على الرسائل الداخلية
فجأة شعرت بأن هناك حركة حولها، رفعت راسها ونظرت حولها لترى خيبات غير واضحة لا تعلم انى ظل لأحدهم ام شخص ما يحوم حولها
فجأة توقف أحد الظلال أمامها ينظر لها لترى فراغا مكان الفم كأنها ابتسامة ساخرة
اقترب هذا الظل حتى بات على مقربة منها لكنها لا تعلم ما الذي تنظر اليه؟ فهى ترى ما خلفه من خلال جسده، ضباب متجسد أمامها لا تعلم ما هو لكنها لم تعد تتعجب من شيء
فجأة سمعت صوت كهمس برأسها

اذا انت البشرية التى جاء بها الملك لهنا؟
نظرت إليه مضيفة عيناها
انت بتتكلم؟
همس اخر تسلل برأسها
نعم، احسبتنى ابكم؟
لا، بس اول مرة اشوف حاجة كدا
ربما لم ترى لكنك سمعت عنا من قبل أليس كذلك؟
تذكرت مها تلك الرسالة التى وصلت لها في إحدى المرات من فتاه تقص عليها قصة قريبة لها كانت تعاني من وجود كيانات حولها وقد كانت تلك الخيالات احداهن


كل مأنا بصدد سرده قد حدث بالفعل، مع وجود بعض الإثارة وعنصر التشويق التي سوف أضعها لكم حتي تكتمل الصوره  ، سأترك لكم مخيلتكم تعبث قليلا .
لم تكن البدايه لهذا الموضوع سهله ، فتلك هي مرتي الاولي التي سأتطرق الي فتح باب جديد علي من أبواب الجن وأحداث حقيقية قد مر بها أحدكم ، كل شئ حقيقي.

حديثي دائما  معها علي الهاتف ، كلما ذهبت اليها أجدها نائمة ، وعندما تأتي لزيارتنا لم أكن بالبيت ، إنه النصيب لم يحن بعد للقائها ، هاهو اليوم ذهبت اليها وجلست أمامها نتسامر في كل شئ الي أن حانت لحظه البوح بما يعتريه صدرها من هم مثقل
ونظرا لضيق الوقت معها إكتفت بإخباري الاحداث المخيفه وتركت لي البدايات ، لانها لاتعرف كيف بدأت أو متي.
، وقبل أن تبدا قالت لي.. متقوليش إسمي يامي عشان المشاكل
غمزت لها وقلت.. إنتي خايفه ولا إيه.
تنهدت بقوه وإبتسمت إبتسامه رقيقه مثلها.. لا بس عشان مينفعش لو إتعرف الموضوع دا بالذات ، وطبعا في حاجات مش هحكيها.
نظرت لها وهززت رأسي وقلت.. عارفه ليه ومش هقول غير اللي هتحكيه بس.
رفعت عينها للاعلي وقالت لي.. جاهزه تسمعي.
تمددت أمامها علي الفراش وتدثرت جيدا وأجابتها."جاهزه طبعا.
ابتلعت ريقها في توجس قائلة... البدايه مش فاكرها ، لكن اللي حصل هو تعب جالي في ضهري خلاني متحركش من علي السرير ، ولو قمت أبقي محنية ، ولو بقيت كويسه دقيقه ، اترمي علي الارض وأصرخ جامد من التعب ، اتصلو بالاسعاف في اليوم ده وخادوني علي المستشفي ، اشعة وعملت ، تحاليل وحللت وفي الاخر مفيش حاجة خالص.
هززت رأسي متعجبة وسألتها.. أمال إيه سبب التعب دا.
ضحكت ضحكة خفيفة وأغمضت عينها ثم مالبت أن فتحتهم واستطردت حديثها قائلة...
تعرفي في الوقت دا كنت لسه مخطوبة جديد ، ملحقتش أتهني من مستشفي لمستشفي ، ومن عيادة لعيادة ، اللي يقول التهاب فقرات ، واللي يقول تمزق ، واللي يقول مفيش غضروف في الفقرات ، وسفر مت مصر لاسكندرية ومفيش فايده.
للحق لاول مره أشعر بالخوف ، عيناها تشئ بالكثير ، أشعر بأن روحي تنتزع مني ، كأنها تسحبها تاره أشعر بقربها ، وتاره أخري أجدها بعيده عني ، ناهيك عن ثقل جفوني ، مع صوتها القريب من أذني ، بعد قليل أجده بعيد عني...
أكتب اليكم البداية فقط قبل أن أكمل حديثي...
يتبع.. إنها بدايه الدردشة التي لم تكتمل
نظراتها تحمل من الرعب مايجعلك ترتجف ، وكاد جسدي يرتجف بقوة ، و قلبي يخرج من بين الضلوع.
أومأت براسي لها حتي تستكمل حديثها ، ثم تكلمت وقلت ... كملي يااااااا
أشاحت بوجهها عني قليلا وتحدثت بحزن قائلة.. في الوقت دا المفروض اكون مبسوطه وفرحانة زي البنات ، لكنها أسوا فتره مرة علي.
عادت لتتطلع الي بعيناها التي تشئ ب الكثير من الآلام والأوجاع التي لا تنتهي.
استطردت حديثها... فترة خطوبتي كانت خمس شهور ، شهرين منهم في المستشفيات والدكاتره ، والثلاثة خطيبي سافر السعودية ، وأمي إتكفلت بالباقي.
في تلك الاثناء شعرت بتثاقل في جفناي ، ناهيك عن التثاءب الذي لاينتهي  ، أضع يدي علي فمي حتي لاتلاحظ ، ثم إعتدلت في جلستي ونزعت الغطاء حتي لا أغفوا.
عاصفة قويه من النعاس تغتالني ، تمنيت كوب من الشاي أ فنجان من القهوة حتي أواصل ، لكنها لاحظت وقال لي مازحة... نامي يامي محدش هنا هنبرتع براحتنا..
وضحكت بقوة.
تطلعت اليها وضحكت أيضا وقلت لها.. كملي ياختي كملي دي باين عليها ليلة.
أجابتني وهي تنظر الي التلفاز... فعلا ليلة.
تنهدت بقوة وأردفت قائلة...مرت الشهور ورا بعضها وأمي جهزتني والدنيا إتظبطت شوية ، والوجع خف الحمد لله ، وخطيبي نزل وإتجوزنا ولما روحنا بقا كان الدلع كله..
نظرت لها مندهشة إثر ماقالت ورمشت عدة مرات.
هنا ضحكت بشدة حتي سعلت وأشارت بسبابتها وأضافت.. متخليش دماغك تروح لبعيد ، الدلع اللي شفتة من نوع تاني.
إعتدلت علي الجانب الاخر للفراش وسالتها.. نوع تاني إزاي هما أنواع ياختي ، ولو كده إديني الكاتلوج أختار.
ضحكت أنا وهي حتي بكينا.
كفكفت دمعها وهنا إعتلت ملامحها الجدية وأجابتني..
دخلنا الشقة طبعا أنا وهو ، ودخلت غيرت وهو كمان غير ولسه هقوم أجيب الاكل ، سمعنا صوت المواعين بتخبط في بعضها ، زي مايكون حد ماسك المعالق وبيخبط علي الاطباق والحلل ، والاكتر من كدة صوت النمليات بيتفتح ويتقفل.
شعرت بتوقف شعر رأسي إثر ماقالتة ، والاسوا أنه خيل لي بشخص يتطلع علينا خلف الستارة ، أراه بجانب عيني لم أتكلم بل رسمت إبتسامة بلهاء علي شفتي ، وهي أمامي تنظر لي وضعت يدها أسفل ذقنها تتفحصني أو تشاهد ردة فعلي.
ثم أضافت... إيه خوفتي صح.. أنا بقا مخفتش وقمت أنا وجوزي نبص علي اللي بيحصل.
بترت حديثها وقلت لها... ياقلبك ياشيخة.
تنهدت بحزن ورفعت إحدي حاجبيها وأصدرت ضحكة حزينة...تفتكري هنعمل إية ، قمنا وبصينا جوا المطبخ وتنحت لما شوفنا بقا حاجات مش حاجة.
إنتابتي قشعريرة ، إنتفضت علي إثرها ، لم أستطع البوح لها بما يعتريني ، في الجانب من ينظر لي وهي أمامي ملامحها تبدلت ، حقا شعرت بالخوف.
سالتها بصوت منخفض... شوفتي إية ؟
أجابتني متحدية وقالت.. تفتكري كده شوفنا إية!
تعجبت من سؤالها ، هنا بترت أفكاري وقالت... بما إنك بقا بتحبي الرعب هقولك.
ياستي شفنا خيالات سمرة طويلة جدا كأنها واصلة للسقف ، بتتحرك ولما وقفا وتنحنا إختفت زي الدخان ، أو زي ماتقولي إنك مولعة حريقة وإنطفت وطلع منها دخان كتير جدا.
إعتدلت في جلستي أتطلع إليها بدهشة وخوف ، وصدمة قوية ، أعلم أن ماتخبرني به ، قد حدث مع بعض الاشخاص ، واذا حكي لي عن هذا من قبل أشخاص أخرين لم أكن لاأصدقهم ، أما من تجلس أمامي وتحكي أعرفها حق المعرفة ، بل.....لا داعي لذلك.
أغمضت عينها وعادت تفتحهم كي تستذكر كل شئ حدث لها وقلت...لو تعبتي كفاية.
هزت رأسها دليل علي نفيها وقالت... بصي لقينا المطبخ مكركب بمعني الكلمة ، المواعين مرمية وخرجة من النمليات  وبهدلة فيه مش طبيعية.
كل دا وأنا واقفة انا وجوزي نبص لبعض مرة للمطبخ ومرة ليه ، جوزي وقتها كان بيسبح وبيقرا قران ، هنا بقا بقيت خايفة حسيت وقتها إني في دنيا تانية وعالم تاني خالص وجوزي فضل شوية يفوقفني.
هززت رأسي متسائلة..يعني إية مش فاهمة.
رفعت إحدي حاجبيها متعجبة وأجابت..  يعني وقعت من طولي ياناصحة.
حقا إن ما أخبرتني به صعب أن يصدق ، ثم أكملت قائلة... مش عاوزة أقولك بعدها حصل إيه ، مصايب ورا بعضها.
فجاة رأيتها تحرك رأسها في الجانب وتؤمي عدة إيماءات وتغمض عينها ثواني  ثم تستدير تتطع لي وقالت ...ها أكمل
لقد سقط لساني أسفل حلقي وإكتفيت بهز رأسي فقط.
للحديث بقية......❤❤❤
نظرت لها وكنت أشعر أنني في عالم أخر ، شيء ٌ ما يجرفني مثل الفضيان القوي داخل عالمها.
_______
وهنا أجبتها...
" أيوة كملي...
تنهدت وقالت بحزن.
". في الوقت دا لما وقعت من طولي حسيت إني في عالم تاني خالص ، وسط ناس غريبة ، بيتحركوا وهما ساكتين ، ملامحمهم كانت مطموسة مش عارفة أحددها ، من جنب سامعة صوت للمواعين ، ومن جنب تاني سامعة همس بسيط قوي ، والاغرب إني حاسة إني مرفوعة في الهوا ، وحاسة بكل حاجة حوالين مني، سامعة صوتهم وهما بيكلموني ، وحاسة إن حد بيهزني.
____
تجمدت الدماء في عروقي ، وتذكرت حينها موقف مشابه قد أخبرني به والدي رحمة الله عليه.
حكى لي أن أسفل الشارع المقابل لمدرسة.... يحوي سرداب كبير مليئ بالتماثيل والآثار الفرعونية ، وإنها لملك عظيم ، للأسف لم يستطيع أي شخص أن يفتحها أو يهبط إلي أولي درجاتها لشدة الرصد فيها  ، ومن يحاول يصاب بالأذى الشديد ، وتنتابه هلاوس سمعية وبصرية وربما يصاب بالأكثر من الهلاوس ، ويظل هكذا إلي أن يموت ،
ولهذا السرداب مدخلين واحد منهم لدي صديقي......كذا و الآخر في مكان بعيد.
معظم المقابر الفرعونية بجانب النيل ، أو بالقرب منها المياه.
وإذا تم العثور علي مقبرة خارج هذا النطاق ، تجد أسفلها مياه لانها مصدر الحياة لدي الملوك الفراعنة ومفتاح الحياة لديهم .
أي أن هذا المنزل في منتصف بداية السرداب ، وصديقي هذا يخبرنا أنه يري صناديق مليئة بالذهب أمام عينيه ، وإذا إقترب منها إختفت من أمامه في الحال ، لم يكن هذا حاله وحده ، إنما أيضا زوجته وأولاده ، يشاهدون تلك الصناديق ، وبعض الأحيان يرون تماثيلا كبيرة مستندة علي جدار المنزل ، وفي بعض الأيام عندما ينام وتأتي زوجته كي توقظه  لا يستجيب لها ويظل نائم لايشعر بشئ حوله ، ويفيق بعد ساعات ، يقول إنه يجد نفسه في عالم أخر ، وعندما سألته  قال لنا العجب. حكى أنه نزل ذات مرة داخل السرداب الكبير يتجول داخله وبجانبه امرأة جميلة ، بل فائقة الوصف ، تشير له علي كل شئ وتخبره عن تفاصيله وظل يمشي داخل السرداب الذي لا يعلم بدايته من النهاية.
تطلعت إلي صديقتي الصامتة ، وسألتها..
". طب وبعدين ، لما دا كله حصل فوقتي بعد أد إيه؟
______
حركت رأسها في محاولة منها كي تتذكر وتطلعت إليّ بعينيها السوداء ، شعرت أنها كلما تحدثت إزدادت حدقتها إتساعا ، وعندما تتوقف تعود كما كانت ، مثل عيون القطط ليلا ، حقا لم أود أن أطيل البقاء.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي