الفصل الخامس

الفصل الخامس ..

______________________

ولكن ما جعلها تندهش حقًا أن إيف وجدت الطاولة الخاصة بهما محجوزة بإسمه ، وكأنها كان يثق بموافقتها على مصاحبته ، اغتاظت بشدة لهذا التفكير ..
لتسأله وهو يزيح لها المقعد كي تجلس عليه :
_قل لي سيد كارتر هل كنت ستصمم على ان اكون جزء من الاتفاق لولا شكك في تقديم استقالتي ؟!
استند الى الخلف وقد ظهر بريق الرضى والانتصار في تحركاته جميعها ليصدمها بقوله :

_ان هذا يمهلني ثلاثة اشهر اقضيها معك ماكنت لاحظى بها باي طريقة اخرى غير ذلك .. واتفاقنا
هذا يجعلك مضطرة الى ان تبقي المدة القانونية المطلوبة ..
فدانيل على ما اعتقد قد شرح لك عواقب ترك العمل دون رسائل توصية ..
كما ان تركك العمل سيؤثر في الاتفاق برمته ..
اعلم انه لولا معرفتك هذه لتركت العمل دون هوادة
.. اليس كذلك ؟
رددت بدهشة :
_انت ذكي سيد كارتر .
ضيق عينيه قائلًا :
_لماذا احس بان عبارتك هذه اهانة ؟
رفعت كتفيها بإهمال قائلة :
_لانك رجل ماكر سيد كارتر !
ضحك بنعومة :
_وانت امراة ساحرة يا إيف ...
وارجوكِ ناديني باسمي الاول تيوان ، فقد قلت لك انني احب ان يدعوني موظفي الكبار به .
رفعت حاجبها قائلة :
_اتقصد بقولك اولئك المساكين الذين اكدت لهم عدم اقبالك على تغيير كبير في المجلة .
شعر ببعض الغضب من شكها به ، ليقول لها :
-  وهل تشكين في كلامي ؟
نظرت اليه مفكرة !
-  ابدا ..... لكنني اعرف ان هذا الطفيف
الذي ستجريه سيكون الصورة التي تريد ان تكون عليه المجلة .

ارتفع حاجباه اعجابا وكانه لم يتوقع منها هذا الذكاء ....
فتنهدت مضيفة :
_لقد نشات في عالم الاعمال سيد تيوان ..
والدي بنى هذه الامبراطورية في طفولتي وبما ان والدتي ماتت منذ زمن فقد اعتاد على بحث شؤون عمله مع دانيل و ويتسون ومعي .

قال ضاحكًا :

_اكان يقدم لكم اخبار البورصة على الفطور
؟ هه ؟
اجابته بثبات :
_اجل .
فردد بحزن :
_طفولتك تشبه طفولتي .
رفعت كتفيها وهي تضع كفها تحت ذقنها قائلة :
_اشك في هذا كنا اغنياء لكننا لم نكن اثرياء .
بعد وصول الطعام قال لها :
_فلنتمتع بالطعام فلا احب النقاش اثناء الاكل
.
قالت له بثبات :
-  وأنا لا أقد على مناقشتك ما دمت موظفة لديك .

وضع كفه فوق كفها فوق الطاولة وهو يقول :
_امهليني على الاقل وقتا حتى اكون لطيفا معكِ ..
فانا لا اعامل النساء بقسوة كما اعاملك .
افلتت يدها من يده بطريقة مقصودة وهي تقول :
_فلنأكل اولا .

تنهد بنفاذ صبر والتقط اوراق الطعام فعلمت عندها على الاقل انهما سياكلان بهدوء .
سالته وهما يحتسان القهوة :
_ما رايك بسوزان بديلة لي ؟
فكر تيوان قليلا ثم أجاب :
-  لا .
كبحت ردها الحاد بجهد ..
فحين استلمت المجلة منذ سنة منحها دانيل الصلاحية العامة بالتصرف كما تشاء ..
وكانت لاتخطئ في
قراراتها ..
لذلك شعرت بالاهانة من رفض تيوان كارتر اقتراحها ، لتسأله باستغراب :

-  ولم لا ؟
اجابها بثقة :
_اريد روحا جديدة للمجلة لا موظفا من الموظفين الموالين لك ولمشاريعك .
تعالى الغضب على ملامح وجهها لتقول له :
_الا تعترف انني اعطيت المجلة مشاريعا جديدة
؟
رفع حاجبيه وهو يرى غضبها :
_يسرني ان ارى شيئا يشعل اهتمامك .
زفرت بضيق قائلة :
_ان لي اهتمامات كثيرة سيد كارتر !
اقترب بوجهه منها قائلًا :
_ولكنها لا تشملني ؟
بضحكة مستهزئة اجابت :
_بالطبع لاتشملك ! تعود الان الى سوزان .
فرد ردًا قاطعًا :
_قلت لا .
سألته بضيق :
_وهذا اخر ما يقال في الموضوع ؟
اجاب بعملية :
_اجل !
قالت له بنفاذ صبر :
_حسن جدا..... سانشر اعلانا اطلب فيه
بديلا .
فسألها باهتمام :
_لقد قررت أنتِ نهائيًا ترك العمل يا إيف .
فوقفت بحدة :
_ولن اندم لحظة ! ليتك تعذرني .. فساعة الغداء انتهت .

نهض ايضا ثم وضع النقود مغطيا الفاتورة وهو يقول بحزن :
_لم اعتقد انك ستلاحظين مضي الوقت .
ووضع يده بثبات على مرفقها وهما يغادران المطعم لترد هي :
_لقد لاحظت لكنه وقتك انت .
ابتسم قائلًا :
_في هذه الحالة اود ان نقضي فترة بعد الظهر في فندقي لنناقش الاعمال بالطبع .
اعتذرت منه بحدة :
_يؤسفني ذلك سيد كارتر فلدي اعمال كثيرة تنتظرني في المكتب .
فسخر منها :
_الى وقت اخر اذن ؟
حركت رأسها وهي تقول :
_اشك في هذا .
ابتسم فبدا لها فجاة اصغر سنا :
_ وانا كذلك .....
ثم أضاف :
ليتك تعيدين النظر في مسالة ترك العمل يا إيف فقد تصبح المجلة بعد تغيير طفيف ،
يؤازره اخلاصك اكبر مجلة نسائية في البلاد .
قالت له بإصرار :
_اشك في ان يعجبني ماستغيره سيد كارتر .
سألها باهتمام :
_حتى ولو كان التغيير لخير المجلة ؟
اجابته بإقرار :
_هذا ماتراه من وجهة نظرك ؟ متى بت تفهم امور النشر سيد كارتر ؟
ذم شفتيه وهو يجيبها :
_منذ اشتريت المجلة وجعلتها من صميم عملي
.
اوقف سيارة مارة وفتح لها الباب حتى تدخل ثم لم يلبث ان مال من النافذة قائلا :
_سااراك فيما بعد يا إيف .

واعطى السائق عنوان المجلة ليرجعها الى هناك .
حدقت دون وعي الى الزحام الشديد حولها ..
فكر في التهديد الواضح الذي ظهر في كلماته
الاخيرة .
حالما وصلت دخلت سوزان الى مكتبها قائلة :
_ماهذه الصدمة ! لم اكن اعلم ان المجلة معروضة للبيع .
القت إيف بحقيبتها اعلى المكتب وهي تقول لها بحزن بالغ :
_ولا أنا حتى يوم امس .
اندهشت سوزان قائلة :
_الم يخبرك دانيل ؟
اجابتها إيف بنبرة حزن :
_لا .
تأففت ايف لتُكمل :
_حسنا ..... لدى السيد كارتر الدعم المالي الذي تحتاجه المجلة .

_هزت سوزان كتفيها :
_اعلم ان الامر صعب عليك ..
فدانيل في مقام اخوكِ ، لكن الرئيس بالنسبة لي هو المالك الفعلي
..
فانت تعرفين الصعوبة التي تعانيها حتى تجدي عملا .
صدقت سوزان فهم جميعا محظوظين بحصولهم على وظائف راقية ..
ووظيفتها هي نفسها ..
فرصة قد لاتتاح لها كل يوم بل تشك إيف ..
في ان تجد وظيفة مماثلة حتى وان اعطيت رسائل التوصية .

تبا لقد بدات تفكر في هذا منذ الان !
كانت قد جاهدت لتملا اوقات فراغها كلها ،
وذلك بالعمل نهارا حتى الا تنهار ..
وبالمشاركة في الحفلات مساء حتى تبعد عنها اي تفكير سيئ .
وها هي تشك ان تصبح دون وظيفة بعد ثلاثة اشهر فقط .....
لكنها عازمة أن تجد عملا اخر مهما كلفها الامر .


_____________________________

حين وصلت الى منزل مارك وكاثرين جنكيز ..
للمشاركة بحفلة العشاء ،
كانت قد سيطرت على اضطرابها تماما ....
فالزوجان المتوسطا العمر من اصدقاء والدها ،
وهما يحتفلان بعيد زواجهما الخامس والعشرين
...
كانت تعرف معظم الضيوف تقريبا ، حينما شاهدت ويتسون ودانيل الى جانبهم .
حاولت التوجه اليهما لكن صوتا مالوفا استوقفها :
_ اذاهبة الى مكان ما ؟

حافظت على هدوء وجهها قبل ان تلتفت ببطء الى تيوان كارتر ..
يا الهي ... انه يرتدي بذلة خطيرة الليلة !
فهو في غاية الاناقة في سترته المخملية السوداء المنسجمة بدقة مع
كتفيه وفي قميصه الابيض الذي يظهر بشرته اكثر من المعتاد .
تنحنحت بهدوء قائلة :
_مساء الخير سيد كارتر .
أومأ برأسه مرددًا :
_مرحبا إيف .
ضمت كفيها ببعضها البعض قائلة :
_ها نحن نلتقي من جديد ،
وهل مارك وكاثرين من اصدقائك ؟
اجابها وهو يرفع زواية فمع بصدق :
_لا لم اقابلهما قط قبل هذا المساء .
فشهقت :
_وهل تطفلت على حفلتهما للتو ؟
التوى فمه بسخرية :
_جئت برفقة دانيل و ويتسون ..

نظرت بغضب الى اختها الغافلة :
_كان يجب ان اعرف هذا ..!
حسنا اعذرني …
امسك بذراعها يمنعها من الذهاب :
_لا ...... اسمعي مازلت احاول ان اكون لطيفا من وقت الغداء ولكنك اغضبتني وتغضبينني الان ..
ماالذي قد افعله بك هنا يا إيف ؟

اصطبغ وجهها احمرارا جراء معاتبته ، فلاحظت أنها بالغت قليلًا ..
ففي المكان مالايقل عن اربعين شخصا فكيف لاي انسان ان يقوم بعمل وقح .؟
ورغم ذلك أجابته :
_انا لست كبقية النساء !
اجابها وهو يقربها منه بشكل خطير :
_انا اوافقك على هذا ولعله السبب في رغبتي فيك ..
ارجو ان تفهمي أنه كلامي الصريح هو من اسلافي الايطاليين .....
لذلك أقولها لكِ مرارًا اريدك بشكل يائس يا إيف .
رفعت جسدها قليلًا لتواجه عيناه القاتمة وهي تقول له :
_هذا ماقلته لي سابقا ..
فان ماتتحدث عنه هو الرغبة التي لا اثر فيها للحب .
هبطت عيناه على شفتاه برغبه وهو يقول لها :
_ ستكون معاملتي لك نوعا من الحب .

_آه إيف .. لقد وجدتِ تيوان ...

تقدمت منهما كاثرين جنكنز مبتسمة وهي امراة في اواخر الأربعين :
_انساني انشغالي بالضيوف ان اقول لك ان السيد كارتر وصل مع دانيل .. وانت يا تيوان مخطئ اذا اعتبرت نفسك متطفلا ...
ثم اردفت وهي تضع يدها على كتف إيف :
-  اتعرف يا عزيزي اننا جميعا قلقون عليها ، فقد افتقدنا ايضا دايمن ..
لكن ايف شابة جميلة لذا يجب الا تحرم نفسها من صحبة رجل محظوظ .

ودت ايف بمقدار ماتحب كاثرين التي تعتبرها عمة لها لو تخنقها في تلك اللحظة .
اما هذا الرجل المحظوظ فسيرى شيئا من اداب المعاملة حالما ينفردان ...
كيف يجرؤ على التلميح الى انها ستكون رفيقته .؟
قاطعها من افكارها المغتاظة وهو يقول لصديقتها :
_انا اعتبر نفسي محظوظا فعلا سيدة جنكنز وكنت كذلك قلقا على إيف لكنها الان برفقتي اليس كذلك حبيبتي ؟

فتحت إيف فمها لترد بشراسة لكن كاثرين سارعت الى القول :
_اه ..... لقد وصلت عائلة جان انه رب عم مارك ساحدثكما لاحقا .
واتجهت ناحية زوجها لتحيي القادمين الجد ..

فاستدارت إيف الى تيوان بحدة وهي تقول :
_ماذا قلت لها حين وصلت ؟
اجابها بابتسامة :
_قلت انك ستتاخرين في العمل وانك ستقابليني هنا حالما ينتهي عملك .
كادت أن تصرخ به وهي تسأله :
_ايها ..... وماذا عن دانيل ؟ هل ادعيت
امامه ايضًا ؟!
هز كتفيه :
_ولم لا ؟ قلت له الشيء نفسه حين كلمته هاتفيا .
دفعته في صدره بقوة وهي تردد :
_ايها المنافق المتعجرف .. يا الهي !
كيف لااستطيع التصدي !
لك أنت تُمثل صفاقة الشيطان .
هز راسه وقال متسليا :
_بعض الناس يريد ان نكون على علاقة فكاثرين مثلا لن تصدق رفضك صحبتي ولو شرحت لها ذلك ،
فهي امراة رومانسية الروح ظن انك بهذه العلاقة قد استعدت حياتك السابقة بعد وفاة زوجك ،
فلا تفسدي عليها امسيتها .
رددت وهي تصك اسنانها بغضب :
_وماذا عن امسيتي ؟
ابتسم وهو يجيبها :
_افسدت وانتهى الامر... اسمعي ساتصرف
افضل تصرف الليلة اتفقنا ؟
كادت أن تصرخ به وهي تقول :
_هذا لايكفي ! فانا .....

شهق تيوان عندما شاهد دانيل يتقدم نحوهما قائلا :
_احسني التصرف ...
وادخري اهاناتك حتى نصبح وحيدين فلا داعي الى تصرفات الاولاد !
اعتبري تصرفك تمرينا على وضعنا الجديد موظفة ورب عمل .
احمرت عينيها بغيظ وهي تقول له :
_لااريد اي نوع من العلاقات معك .

لكنه تجاهلها مبتسما لدانيل وزوجته .
ثم قال لهما :
_على فكرة يا دانيا لقد قدمتني إيف الى بعض موظفي المجلة .
بدت الحيرة على دانيل وهو يتساءل :
_وهل فعلت هذا ؟
اجابه بإقرار :
_اجل اقدمت على ذلك بسرعة ونحن خارجان
للغداء معا .
ازدادت حيرته فما اظهرته من كراهية لاينسجم مع دعوة للغداء !
او مع السهر بصحبته !
لف ذراعه حول خصر إيف وشدها إليه يقول :
_وكيف لي ان اقاومها وهي تدعوني للخروج معها باقناع ؟
لم يعد باستطاعة دانيل كبح ذهوله وهو يردد :
_ إيف دعتك للغداء ؟
قبل ان تتمكن إيف من الدفاع عن نفسها اعلنت كاثرين جنكنز بدء العشاء .
فوجدت نفسها تجلس الى المائدة قرب تيوان كارتر ،
فكانت ابتسامة الانتصار كافية لجعلها تتجاهله طوال فترة العشاء ..
لكن هذه المحاولة مع هذا الرجل كضرب الراس بحائط .
بعد العشاء قالت له :
_احسبني سانصرف الان .
قال لها وهو يتحرك من مكانه :
_اظنها فكرة رائعة فلنعتذر .
امسكت ذراعه بغضب قائلة :
-  لن تغادر معي !
رفع زاوية فمه وهو يحاول اخفاء ابتسامته :
_اليس غريبا ان تغادري دوني ؟
احنت رأسها جانبها وهي تقول له :
_آه ...... إن كان لدي عذر مقنع .
نزع يدها من اعلى ذراعيه قائلًا :
_حسنا سنغادر معا .
ثم اردف :
_هل لي ن اكلم دانيل قبل ان تذهب ؟
فرددت :
_ولم لا ..؟ فانت تفعل كل مايحلو لك !
ضحك بنعومة :
_انا سعيد لانك فهمت هذا .

ردت بقساوة :
_تقريبا كل ما يحلو لك !
ازدادت ضحكته :
_فلنر دانيل .

بدا دانيل مسرورا من نفسه حين انضما الى
مجموعته ولم تحتج ايف لمعرفة السبب ،
فهو يعتقد انها قررت القبول بتيوان كارتر في النهاية .
ارادت ان تخبر زوج اختها بانها تريد ترك كارتر امام باب منزل ال جنكنز ،
وبانها لن تقع في فخ مماثل مرة اخرى ،
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي