الفصل الثاني
الفصل الثاني
مدينة الجمال
عامر بملامح هادئه : متقلقيش ، انا كنت عايز اتكلم معاكي مش بخصوص حاجه بعيده أو غريبه عنك ، كنت عايز أتكلم معاكي بخصوص يوسف .
اصاله بدهشه : يوسف؟!
عامر : اه يوسف ، مالك إتخضيتي كده ليه؟!
اصاله بتوتر : لا لا مش فيه حاجه ، لكن مستغربه بس .
عامر بهدوء : أنت بتحبيه يا اصاله ؟!
ذاك السؤال الذي وقع على قلبها كـ رصاصه أصابت قلب مُنهك من الحياه فـ قضت عليه مباشرًه ، لم تتخيل أبدًا مثل هذا السؤال ، وممن ؟؟
ا تنهدت ثم أبتسمت بحزن :
انت إللي بتسأل السؤال دا يا عمي ؟!
المفروض إنك أنت أكتر حد في العالم عارف اجابه السؤال ، أنت تعرف اجابه السؤال دا أكتر من يوسف نفسه .
عامر : يا حبيبتي أفهميني ، انا عشان عارف اجابه السؤال بالتحديد فـ بسؤله يا اصاله ، انت بتحبي يوسف ؟!
تنهدت اصاله وبهدوء بدءت تختفي الابتسامه التي كانت تزين وجهها ليحل محلها تساقط دموع دون ارده ، حاولت تماسك نفسها ثم تحدثت : بحب يوسف ؟!
هو حقيقي السؤال عمري ما كنت متوقعه إن حد في يوم سألني عنه .
عشان كده يمكن اكون نسيت إجابه السؤال ؟!
هو والله لو فيه حاجه أكبر من كلمه الحب تقدر تبين المشاعر كنت عملتها عشانه يا عمي ، يوسف بالنسبه ليا مش صديق أو صاحب أو شخص موجد في حياتي وخلاص ؟!
يوسف بالنسبه ليا روح فوق روحي ، عمرك شوفت جسد عايش من غير روح؟!
يوسف هو روحي وعمري كله ، يوسف هو بحري إللي ملوش نهايه ولا عمره هبخلى من الميه ، عمرك شوفت سمك عايش بره الميه؟؟
أهو أنا يوسف بالنسبه ليا الميه والهوى وكل حاجه في حياتي ، هو أنا مش عارفه أقول إيه ، أنا متفاجئه بالسؤال حقيقي ، لكن أنا بحب يوسف ؟!
أنت اكتر شخص عارف أنا بحب يوسف قد إيه ، وانت أكتر حد شاف أنا عملت ايه عشانه حتى لو مش مقتنعه بـ الشي إللي بيعمله ، لكن حبي هو اللي مخليني مكمله معاه .
سؤال غريب لو عشت عمري كله عمري ما هتوقعه من حضرتك بالذات .
أقترب عامر ثم جلس بجوار اصاله محاولًا تهدئتها فـ تحدث ببتسامه هادئه : أهدي يا حبيبتي ، أنا مش بقول كده عشان ازعلك أو ابكيكي ، أنا عارف كل حاجه ، وشايف كل حاجه بس مش عارف اقول إيه ؟!
تنهدت اصاله ثم تحدثت : فاهمه يا عمي ، فاهمه ومش زعلانه من كلامك .
عامر : اسمعيني يا اصاله ، عشان أقول ليكي كل شئ .
يوسف مش عاش زيه زي باقي الاطفال أو باقي الناس ، هو يمكن عاش حياه أصعب ووضع اصعب بكتير من أي حد فـ سبب اثر كبير في نفسيته .
والدته اتوفت وهو لسه صغير أووي ، كبر ومش كان فيه حد حوليه غيري ، وانا كنت طول اليوم في شغلي وهو لوحده في البيت ، ديمًا بعيد بحكم شغلي وظروفي .
هو كان وحيد لاغلب الوقت ، عاش من صغره لوحده لا ليه صاحب يسأل عليه ، ولا قريب يزوره ، ولا حتى ونيس يسعده .
هو عاش حياه صعبه منعزل عن كل الناس يا أصاله .
هو والله انا مش عارف أقول إيه ، لكن انا حاولت أن مش اقصر في حقه بأي شكل لكن كان بحصل غصب عني بسبب شغلي ، أنا لوااء شرطه فـ غصب عني كنت بغيب لوقت كبير في الشغل وهو وحيد .
أنا مش عارف ليه بقول ليكي كده او إيه الدافع لكل دا من الأساس ، بس أنا مش حابب لا أنت ولا يوسف تسببوا بعض .
أبني عاش اكتر من عشرين سنه لوحده ، كان رافض اي تخالط مع الناس سواء في مدرسته أو في جامعته او في حياته العاديه من الأساس ، كان صديقه الوحيد الكتاب ، عاش طول عمره يقرء ، ويقرء حاجات غريبه من إللي انت شوفتيها .
في اليوم إللي جى وقال ليا أنه عرفك وأُعجب بيكي وبقيتوا صحاب وبدئتوا تحبوا بعض حسيت وقتها انه ممكن يتغير ويطلع من الحاله إللي هو فيها ، حاله العزله والاكتئاب والانطواء اللي كان فيها .
لم كل شويه يكلمني عنك ، اصاله عملت اصاله قالت ، حسيت إنك قدرتي تحتويه ، قدرتي تفهميه، ونفس الأمر إللي حصل لم عرف زين .
يمكن هو في حياته كلها ميعرفش حد غيركم ، انتم تلاته في حياته كلها ، أنت وزين وليلي صديقتكم
لكن في كل مره تتخانقوا أو تزعلوا مع بعض ويرجع لغرفته بحالته إللي تتعب القلب دي برجع تاز اقول أنك لسه مش قادره تفهميه أو تحتويه بالشكل الكامل .
مسحت اصاله ادمعها ومن ثم شرعت في الحديث إلا أن عامر أوقفها : سبيني أكمل للآخر وبعدين هسمعك .
اصاله : اسفه ، اتفضل .
عامر : بصي يا اصاله أنا اعتبرتك بنتي زيك زي يوسف تمام ، والله وحده بس يعلم مكانتك جوايا ، وانا خايف أنه ييجي اليوم إللي تبعدي انت ويوسف عن بعض ، وبتمنى من ربنا مش ييجي اليوم دا ، لاني عارف كويس ابني و عارف انه مش هيتحمل يرجع لوحده وعزلته تاني ، حاولي تحتوي يوسف اكتر من كده يا اصاله ، يوسف جواه طفل .
طفل بيفرح من أقل كلمه وأقل تصرف زي ما بيزعل وتنزل دموعه من أقل كلمه وأقل تصرف ، حاولي تستوعبي الحقيقه دي .
هو عاش طول عمره وحيد مش هييجي بين يوم وليله ويتغير بالشكل إللي أنت عايزاه أو متخيلاه ، أنا الوحيد إللي أقدر أحس بتغيره دا .
ببساطه لأني أنا إللي عارف ابني ، وهو من يوم ما عرفك أنت وزين من سنتين وهو فعلًا بدء يتغير للاحسن ، مش هقدر اقول ليكي غير احتوي يوسف ، حاولي تتعاملي معاه بالشكل إللي هو عليه مش بالشكل إللي انت عايزاه يكون عليه .
انك تحب حد تحبه لازم تحبيه زي ما هو ، بتصرفاته بطباعه بحزنه بنطوائه بكل لحظاته الحزينه قبل السعيده ، أنك تحب حد تحبيه لكونه هو مش لااي عوامل تانيه .
صدقيني إن قدرتي تحتويه هيعوضك عن كل حاجه في حياتك وانا عارف انا بقول إيه .
مش عارف ليه قولت كل دا حقيقي ، يمكن عشان شايف أن الموضوع بنكم الفتره الاخيره بقى مشاكل باستمرار ، التعب والمشاكل إللي بقت موجوده بينكم أكتر من ايام الفرح ؟!
أنا مش حابب علاقتكم تكون كده ، فهمتيني يا اصاله ؟
تنهدت اصاله ثم تحدثت ببتسامه زينت ثغرها : فهمتك يا عمي ، وإن شاء الله مش هيحصل إلا كل اللي حضرتك تتمناه .
أبتسم إليها عامر ثم ضمها إلى صدره بهدوء متحدثًا : وانا واثق من كده يا ست البنات ، يلا بقى قومي للبيه إللي جايه أصلًا عشانه ، وتقولي اصل جايه ليكم انتم الاتنين يا بكاشه .
اعتدلت اصاله ثم تحدث ببتسامه : ديمًا كسفني كده على طول ، حاضر هتعوز حاجه ؟!
عامر : سلامتك يا حبيبتي ، أتفضلي .
تحركت اصاله بهدوء خارجه من غرفه المكتب الخاصه بـ عامر متجهه إلى غرفه يوسف ، فور أن وصلت إلى الباب وجدته مغلق إلا جزء قليل منه ، تنهدت بقوه محاوله تجميع قواها وترتيب حديثها ، استعدت للدخول طرقت على الباب بهدوء لكن لا إجابه ، مره في الثانيه في الثالثه ، أخيرًا أتاها الرد من الداخل .
يوسف بصوته الباكي : خلاص يا بابا مش عايز حد دلوقت عشان خاطري سبني لوحدي .
فور أن سمعت اصاله ذاك الصوت الباكي إنتفض قلبها من موضعه ، تاهت الأحرف والكلمات التي أعدتها ورتبتها منذ لحظات ، كل شئ إختلف ، جُل الكلمات تبخرت تقريبًا ، لم يتحمل قلبها أكثر من ذالك فـ دلفت إلى الداخل بهدوء.
وجدت يوسف على حالته تلك في موضعه ، برأسه المتواجده بين ركبتيه . أقتربت منه بهدوء ثم جلست إلى جواره مستنده بظهرها إلى نفس المقعد الذي يستند بظهره إليه واضعه إحدى يديها على كتفه محاوله ضمه إلى صدرها ، تحديدًا جه القلب .
آمال يوسف إليها بستسلام تام ، حاله من الصمت الذي ساد المكان ، من كان يرى منذ لحظات الحاله التي كانت عليها تلك التي جلست في صمت تام كان يظن أنه سيحدث إنفجار لبركان ، من كان يرىها منذ لحظات لا يتخيل ما هي عليه الآن .
أخيرًا قررت أن تُنهي ذاك الصمت فـ تحدثت ببتسامه : قمر بيعيط ؟!
أنا أول مره اشوف قمر بيعيط؟!
إيه يا عم الجمال دا ؟! حتى وأنت بتعيط حلو ، لا لا أنا كده محتاجه اخدك في مكان بعيد عن كل الناس دي عشان مش في حد يفكر يبص ليك حتى .
بفكر نبني بيت في جزيره معزوله عن العالم دا كله مش فيها إلا أنا وأنت بس أي رأيك هااا؟
خرج صوت ضحكات محبوسه من يوسف فـ إبتسمت على. إثرها اصاله مكمله :
أيه يا سي يوسف أنا قولت حاجه تضحك ؟!
دا مش كده وبس ، أو أن احبسك هنا في غرفتك ومش تخرج خالص ، وأنا اجيب ليك كل حاجه أنت عايزها لحد عندك ، إيه رأيك في الفكرتين ، أيهما اقرب للتنفيذ يعني .
وبعدين إيه يا عم دا أنت بتضحك ولا بتعيط ولا إيه حكايتك ما ترسى على مرسى !!
ما هو أصل أنا في الأساس لو حد بصلك أو فكر يقرب منك أصلًا يعني هقتله وكده يعني ، فًـ على إيه كل دا ،وليه المشاكل ، بقول أحبسك افضل .
زادت صوت ضحكات يوسف على حديث تلك المجنونه ، فأكملت : خلاص يا سيدي عرفنا إن ضحكتك حلوه ، خلاص عرفنا ، أتعدل بقى ولا انت عجبك الوضع دا ؟!
يوسف بهدوء : صراحه هو عاجبني الوضع كده فـ عادي يعني ممكن أفضل كده سنتين .
اصاله بمكر : طب ايه طيب ، مش عارفه ارد طيب !!
يوسف بنفس هدوءه : تعرفي أن دي أول مره أقرب منك كده؟؟
اول مره تضميني، هو اه مش حضن كامل لكن مش عارف ، أنا مش عارف اقول ايه بس أنا مش جربت حضن الام بس هو اكيد دافي وفيه حنيه وامان زي كده صح؟!
تنهدت اصاله ثم أجابت بحزن : اكيد ، أكيد يا يوسف بيكون فيه امان وحنيه وطيبه ، بس إيه هو مش اتفقنا اني اكون صحبك وأمك وأختك وحببتك ولا إيه هترجع في كلامك ؟!
يوسف : مش قاصدي أن أرجع في كلامي ، لكن أنا عمري ما جربت حضن امي ، صمت للحظات ثم أكمل بضحكه حزينه : أنا أصلًا افتكر أن مش شوفت امي من الأساس ، أعتقد أنها لو موجوده كان حالي اتغير ؟؟
كنت بقيت افضل ؟!
لو كانت موجوده مش كنت هبقى كئيب أو منطوي أو حزين زي ما كل شويه تقولوا ليا ، انت ولا بابا ولا زين ؟!
عارفه يا اصاله ، أنا يمكن بكايا على أمي هو إللي بدء يسحب نظري مش قراءه الكتب زي ما بتقولو .
اكيد لو موجوده معايا حجات كتير كانت اتغيرت صح ؟! .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يتبع...
~
مدينة الجمال
عامر بملامح هادئه : متقلقيش ، انا كنت عايز اتكلم معاكي مش بخصوص حاجه بعيده أو غريبه عنك ، كنت عايز أتكلم معاكي بخصوص يوسف .
اصاله بدهشه : يوسف؟!
عامر : اه يوسف ، مالك إتخضيتي كده ليه؟!
اصاله بتوتر : لا لا مش فيه حاجه ، لكن مستغربه بس .
عامر بهدوء : أنت بتحبيه يا اصاله ؟!
ذاك السؤال الذي وقع على قلبها كـ رصاصه أصابت قلب مُنهك من الحياه فـ قضت عليه مباشرًه ، لم تتخيل أبدًا مثل هذا السؤال ، وممن ؟؟
ا تنهدت ثم أبتسمت بحزن :
انت إللي بتسأل السؤال دا يا عمي ؟!
المفروض إنك أنت أكتر حد في العالم عارف اجابه السؤال ، أنت تعرف اجابه السؤال دا أكتر من يوسف نفسه .
عامر : يا حبيبتي أفهميني ، انا عشان عارف اجابه السؤال بالتحديد فـ بسؤله يا اصاله ، انت بتحبي يوسف ؟!
تنهدت اصاله وبهدوء بدءت تختفي الابتسامه التي كانت تزين وجهها ليحل محلها تساقط دموع دون ارده ، حاولت تماسك نفسها ثم تحدثت : بحب يوسف ؟!
هو حقيقي السؤال عمري ما كنت متوقعه إن حد في يوم سألني عنه .
عشان كده يمكن اكون نسيت إجابه السؤال ؟!
هو والله لو فيه حاجه أكبر من كلمه الحب تقدر تبين المشاعر كنت عملتها عشانه يا عمي ، يوسف بالنسبه ليا مش صديق أو صاحب أو شخص موجد في حياتي وخلاص ؟!
يوسف بالنسبه ليا روح فوق روحي ، عمرك شوفت جسد عايش من غير روح؟!
يوسف هو روحي وعمري كله ، يوسف هو بحري إللي ملوش نهايه ولا عمره هبخلى من الميه ، عمرك شوفت سمك عايش بره الميه؟؟
أهو أنا يوسف بالنسبه ليا الميه والهوى وكل حاجه في حياتي ، هو أنا مش عارفه أقول إيه ، أنا متفاجئه بالسؤال حقيقي ، لكن أنا بحب يوسف ؟!
أنت اكتر شخص عارف أنا بحب يوسف قد إيه ، وانت أكتر حد شاف أنا عملت ايه عشانه حتى لو مش مقتنعه بـ الشي إللي بيعمله ، لكن حبي هو اللي مخليني مكمله معاه .
سؤال غريب لو عشت عمري كله عمري ما هتوقعه من حضرتك بالذات .
أقترب عامر ثم جلس بجوار اصاله محاولًا تهدئتها فـ تحدث ببتسامه هادئه : أهدي يا حبيبتي ، أنا مش بقول كده عشان ازعلك أو ابكيكي ، أنا عارف كل حاجه ، وشايف كل حاجه بس مش عارف اقول إيه ؟!
تنهدت اصاله ثم تحدثت : فاهمه يا عمي ، فاهمه ومش زعلانه من كلامك .
عامر : اسمعيني يا اصاله ، عشان أقول ليكي كل شئ .
يوسف مش عاش زيه زي باقي الاطفال أو باقي الناس ، هو يمكن عاش حياه أصعب ووضع اصعب بكتير من أي حد فـ سبب اثر كبير في نفسيته .
والدته اتوفت وهو لسه صغير أووي ، كبر ومش كان فيه حد حوليه غيري ، وانا كنت طول اليوم في شغلي وهو لوحده في البيت ، ديمًا بعيد بحكم شغلي وظروفي .
هو كان وحيد لاغلب الوقت ، عاش من صغره لوحده لا ليه صاحب يسأل عليه ، ولا قريب يزوره ، ولا حتى ونيس يسعده .
هو عاش حياه صعبه منعزل عن كل الناس يا أصاله .
هو والله انا مش عارف أقول إيه ، لكن انا حاولت أن مش اقصر في حقه بأي شكل لكن كان بحصل غصب عني بسبب شغلي ، أنا لوااء شرطه فـ غصب عني كنت بغيب لوقت كبير في الشغل وهو وحيد .
أنا مش عارف ليه بقول ليكي كده او إيه الدافع لكل دا من الأساس ، بس أنا مش حابب لا أنت ولا يوسف تسببوا بعض .
أبني عاش اكتر من عشرين سنه لوحده ، كان رافض اي تخالط مع الناس سواء في مدرسته أو في جامعته او في حياته العاديه من الأساس ، كان صديقه الوحيد الكتاب ، عاش طول عمره يقرء ، ويقرء حاجات غريبه من إللي انت شوفتيها .
في اليوم إللي جى وقال ليا أنه عرفك وأُعجب بيكي وبقيتوا صحاب وبدئتوا تحبوا بعض حسيت وقتها انه ممكن يتغير ويطلع من الحاله إللي هو فيها ، حاله العزله والاكتئاب والانطواء اللي كان فيها .
لم كل شويه يكلمني عنك ، اصاله عملت اصاله قالت ، حسيت إنك قدرتي تحتويه ، قدرتي تفهميه، ونفس الأمر إللي حصل لم عرف زين .
يمكن هو في حياته كلها ميعرفش حد غيركم ، انتم تلاته في حياته كلها ، أنت وزين وليلي صديقتكم
لكن في كل مره تتخانقوا أو تزعلوا مع بعض ويرجع لغرفته بحالته إللي تتعب القلب دي برجع تاز اقول أنك لسه مش قادره تفهميه أو تحتويه بالشكل الكامل .
مسحت اصاله ادمعها ومن ثم شرعت في الحديث إلا أن عامر أوقفها : سبيني أكمل للآخر وبعدين هسمعك .
اصاله : اسفه ، اتفضل .
عامر : بصي يا اصاله أنا اعتبرتك بنتي زيك زي يوسف تمام ، والله وحده بس يعلم مكانتك جوايا ، وانا خايف أنه ييجي اليوم إللي تبعدي انت ويوسف عن بعض ، وبتمنى من ربنا مش ييجي اليوم دا ، لاني عارف كويس ابني و عارف انه مش هيتحمل يرجع لوحده وعزلته تاني ، حاولي تحتوي يوسف اكتر من كده يا اصاله ، يوسف جواه طفل .
طفل بيفرح من أقل كلمه وأقل تصرف زي ما بيزعل وتنزل دموعه من أقل كلمه وأقل تصرف ، حاولي تستوعبي الحقيقه دي .
هو عاش طول عمره وحيد مش هييجي بين يوم وليله ويتغير بالشكل إللي أنت عايزاه أو متخيلاه ، أنا الوحيد إللي أقدر أحس بتغيره دا .
ببساطه لأني أنا إللي عارف ابني ، وهو من يوم ما عرفك أنت وزين من سنتين وهو فعلًا بدء يتغير للاحسن ، مش هقدر اقول ليكي غير احتوي يوسف ، حاولي تتعاملي معاه بالشكل إللي هو عليه مش بالشكل إللي انت عايزاه يكون عليه .
انك تحب حد تحبه لازم تحبيه زي ما هو ، بتصرفاته بطباعه بحزنه بنطوائه بكل لحظاته الحزينه قبل السعيده ، أنك تحب حد تحبيه لكونه هو مش لااي عوامل تانيه .
صدقيني إن قدرتي تحتويه هيعوضك عن كل حاجه في حياتك وانا عارف انا بقول إيه .
مش عارف ليه قولت كل دا حقيقي ، يمكن عشان شايف أن الموضوع بنكم الفتره الاخيره بقى مشاكل باستمرار ، التعب والمشاكل إللي بقت موجوده بينكم أكتر من ايام الفرح ؟!
أنا مش حابب علاقتكم تكون كده ، فهمتيني يا اصاله ؟
تنهدت اصاله ثم تحدثت ببتسامه زينت ثغرها : فهمتك يا عمي ، وإن شاء الله مش هيحصل إلا كل اللي حضرتك تتمناه .
أبتسم إليها عامر ثم ضمها إلى صدره بهدوء متحدثًا : وانا واثق من كده يا ست البنات ، يلا بقى قومي للبيه إللي جايه أصلًا عشانه ، وتقولي اصل جايه ليكم انتم الاتنين يا بكاشه .
اعتدلت اصاله ثم تحدث ببتسامه : ديمًا كسفني كده على طول ، حاضر هتعوز حاجه ؟!
عامر : سلامتك يا حبيبتي ، أتفضلي .
تحركت اصاله بهدوء خارجه من غرفه المكتب الخاصه بـ عامر متجهه إلى غرفه يوسف ، فور أن وصلت إلى الباب وجدته مغلق إلا جزء قليل منه ، تنهدت بقوه محاوله تجميع قواها وترتيب حديثها ، استعدت للدخول طرقت على الباب بهدوء لكن لا إجابه ، مره في الثانيه في الثالثه ، أخيرًا أتاها الرد من الداخل .
يوسف بصوته الباكي : خلاص يا بابا مش عايز حد دلوقت عشان خاطري سبني لوحدي .
فور أن سمعت اصاله ذاك الصوت الباكي إنتفض قلبها من موضعه ، تاهت الأحرف والكلمات التي أعدتها ورتبتها منذ لحظات ، كل شئ إختلف ، جُل الكلمات تبخرت تقريبًا ، لم يتحمل قلبها أكثر من ذالك فـ دلفت إلى الداخل بهدوء.
وجدت يوسف على حالته تلك في موضعه ، برأسه المتواجده بين ركبتيه . أقتربت منه بهدوء ثم جلست إلى جواره مستنده بظهرها إلى نفس المقعد الذي يستند بظهره إليه واضعه إحدى يديها على كتفه محاوله ضمه إلى صدرها ، تحديدًا جه القلب .
آمال يوسف إليها بستسلام تام ، حاله من الصمت الذي ساد المكان ، من كان يرى منذ لحظات الحاله التي كانت عليها تلك التي جلست في صمت تام كان يظن أنه سيحدث إنفجار لبركان ، من كان يرىها منذ لحظات لا يتخيل ما هي عليه الآن .
أخيرًا قررت أن تُنهي ذاك الصمت فـ تحدثت ببتسامه : قمر بيعيط ؟!
أنا أول مره اشوف قمر بيعيط؟!
إيه يا عم الجمال دا ؟! حتى وأنت بتعيط حلو ، لا لا أنا كده محتاجه اخدك في مكان بعيد عن كل الناس دي عشان مش في حد يفكر يبص ليك حتى .
بفكر نبني بيت في جزيره معزوله عن العالم دا كله مش فيها إلا أنا وأنت بس أي رأيك هااا؟
خرج صوت ضحكات محبوسه من يوسف فـ إبتسمت على. إثرها اصاله مكمله :
أيه يا سي يوسف أنا قولت حاجه تضحك ؟!
دا مش كده وبس ، أو أن احبسك هنا في غرفتك ومش تخرج خالص ، وأنا اجيب ليك كل حاجه أنت عايزها لحد عندك ، إيه رأيك في الفكرتين ، أيهما اقرب للتنفيذ يعني .
وبعدين إيه يا عم دا أنت بتضحك ولا بتعيط ولا إيه حكايتك ما ترسى على مرسى !!
ما هو أصل أنا في الأساس لو حد بصلك أو فكر يقرب منك أصلًا يعني هقتله وكده يعني ، فًـ على إيه كل دا ،وليه المشاكل ، بقول أحبسك افضل .
زادت صوت ضحكات يوسف على حديث تلك المجنونه ، فأكملت : خلاص يا سيدي عرفنا إن ضحكتك حلوه ، خلاص عرفنا ، أتعدل بقى ولا انت عجبك الوضع دا ؟!
يوسف بهدوء : صراحه هو عاجبني الوضع كده فـ عادي يعني ممكن أفضل كده سنتين .
اصاله بمكر : طب ايه طيب ، مش عارفه ارد طيب !!
يوسف بنفس هدوءه : تعرفي أن دي أول مره أقرب منك كده؟؟
اول مره تضميني، هو اه مش حضن كامل لكن مش عارف ، أنا مش عارف اقول ايه بس أنا مش جربت حضن الام بس هو اكيد دافي وفيه حنيه وامان زي كده صح؟!
تنهدت اصاله ثم أجابت بحزن : اكيد ، أكيد يا يوسف بيكون فيه امان وحنيه وطيبه ، بس إيه هو مش اتفقنا اني اكون صحبك وأمك وأختك وحببتك ولا إيه هترجع في كلامك ؟!
يوسف : مش قاصدي أن أرجع في كلامي ، لكن أنا عمري ما جربت حضن امي ، صمت للحظات ثم أكمل بضحكه حزينه : أنا أصلًا افتكر أن مش شوفت امي من الأساس ، أعتقد أنها لو موجوده كان حالي اتغير ؟؟
كنت بقيت افضل ؟!
لو كانت موجوده مش كنت هبقى كئيب أو منطوي أو حزين زي ما كل شويه تقولوا ليا ، انت ولا بابا ولا زين ؟!
عارفه يا اصاله ، أنا يمكن بكايا على أمي هو إللي بدء يسحب نظري مش قراءه الكتب زي ما بتقولو .
اكيد لو موجوده معايا حجات كتير كانت اتغيرت صح ؟! .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يتبع...
~