الفصل الثاني (2).

في مكتب الدكتور رؤوف كان قاسم يجلس علي مكتبه يدرس أوراق إحدي القضايا المهمه و أثناء شروده في التفكير و ربط الخيوط ببعضها قاطعه صوت إحدي زملاءه يخبره بحضور الأستاذ رؤوف و أنه يطلب منه الذهاب الي مكتبه .

كريم بعمليه : أستاذ قاسم الدكتور رؤوف وصل من فترة و عايزك في مكتبه .

أومأ قاسم الي زميله وهو يبتسم بهدوء ثم أغلق الملف الذي كان يتفحصه بين يديه ثم ذهب الي مكتب الدكتور حمدي و طرق الباب ثم دلف الي غرفة المكتب بعد الاستإذان .
ثم نظر إلي الدكتور رؤوف بنظرة متفحصه : حضرتك طلباتي يا دكتور في حاجه و لا ايه .

نهض الدكتور رؤوف من مكتبه و دار الي أن وصل أمامه ثم أشار إليه بالجلوس و جلس في الكرسي المقابل له و تنحنح قائلاً :
نتيجة النيابه طلعت يا قاسم .

خفق قلب قاسم و هو ينظر إليه بانتباه لما هو قادم و لكن كانت هيئته لا تبشر بالخير : و ايه هي النتيجه .

رؤوف بحزن : للاسف مفيش نصيب .
هوي قاسم الي أقرب مقعد و عيناه زائغه بغير هدي و قال بتيه : و ايه سبب الرفض .

وضع رؤوف يده علي كتفه و هو يشعر بالشفقه و الاسي لأجله : انا يا بني كل الي وصلني أن في حد  كبير موصي انك ما تتقبلش .
قاسم بذهول و استغراب : طب ليه و من ده الي ممكن يستفيد باذية بالطريقه دي و بعدين حتي لو ده صحيح ده سبب يعطيهم الحق أنهم يرفضوني حتي لو كنت مناسب .
رؤوف بشفقه علي تلميذه الحبيب الذي يعتبره بمثابة ابن له : قوم يا بني و انسي كل حاجه و ابدا حياتك و شوف مستقبلك و شوف انت بين ايدك ايه و متخليش حلم ضاع يخسرك باقي احلامك متنساش انك بفضل الله أخدت الدبلومه الأولي و قريب هتاخد التانيه و بعدين ماجيستير و بعديها الدكتوراة و انت محامي ممتاز والحمد ايه قدرت في فترة قصيرة انك تخلي اسمك يلمع في مجال المحاماه و ان شاء الله هيكون ليك مستقبل باهر في مجال المحاماه .

قاسم بحزن شديد : ممكن بعد إذن حضرتك اخد باقي اليوم أجازة .
رؤوف بتفهم :ايوه طبعاً بس حاول متخليش حاجه ضاعت خلاص تضيع الباقي من بين ايديك .
قاسم ببهوت : بعد إذنك .

رؤوف بحزن و شفقه : اتفضل .

خرج قاسم من غرفة المكتب و ما أن أغلق الباب حتي تنهد رؤف بحزن و شفقه علي هذا الشاب النبيل و علي صدمته و ناثرة برفضه من النيابه فهو كانت عنده القدرة علي الحصول عليها بالطرق المنويه و الواسطه و غيرها فهو من عائلة كبيرة و معروفه و لكنه لم يرغب في ذلك و لكنه كان يريد الحصول عليها بمجهود الخاص بدون نسب الفضل الي اي أحد بتحقيق حلمه و لكنه لا يعرف أن أي شئ في هذا البلد لا يسير سوي بالواسطة و الطرق الملتوية الذي رفضها و لكن أصعب شئ في هذه المساله أنه تم رفضه من النيابه بسبب والده ؟! نعم والده . . فهو قد حرص علي عدم قبول ابنه في النيابه فهو يعلم جيداً برغبته في تولي ابنه مسؤوليه شركات وأعمال العاليه و لكنه لا يعلم أنه بفعلته هذه قد حطم ابنه بشده فهو حرص علي عدم ذكر اسم والدة  حتي لا يحزنه و يحطم قلبه أكثر من ذلك
تنهد رؤوف مره أخري ثم اتجه الي كرسي مكتبه و قام بفتح إحدي الملفات التي أمامه و أخذ يقراها بتركيز شديد .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .  . . . . . . . .   .

في منزل قاسم
دلف قاسم الي منزله و هو في حالة صدمه و حزن شديدين و اتجه مباشرة الي غرفته و هو لايريد أمامه حتي أنه لم ينتبه الي والدته التي كانت تجلس في بهو المنزل و قامت بالنداء عليه و سؤاله عن سبب عودته من عمله في هذا الوقت فألقت مازال مبكراً جداً علي عودته . . . .  .

فاطمه بخضه و خوف : قاسم ! ايه يا حبيبي الي رجعك بدري كده .

قاسم بشرود و هو يتجه الي غرفته : . . . . . .
فاطمه و هي انهض من مكانها و تلحق بإبنها : قاسم يا قاسم هو في ايه ماله .
نهضت من مكانها بسرعه و لحقت بابنها و هي تشعر بالخوف عليه .
فاطمه بحتة و هي تقتحم غرفة ابنها بدون إستاذان فوجدته مستلقية علي فراشه في الظلام و هو يضع يده علي عينيه يغطيها بها فذهبت إليه مسرعه و قامت بوضع يدها علي قدمه .
فاطمه بتسائل و خوف : مالك يا قلبي فيك ايه انت تعبان يا حبيبي .
قاسم علي نفس و ضعه و لم يتفوه بحرف واحد . . . . . . . . . . . . . . .  . . . .   .
فاطمه بحيره  : مالك بس يا حبيبي ريح قلبي ايه الي رجعك بدري .
قاسم بصوت جامد فاقد للحياه : نتيجة النيابه طلعت النهارده و اترفضت .
فاطمه بحزن و بكاء : يا قلب امك ما تزعلش يا حبيبي لعله خير اكيد ربنا اختار الي فيه الخير و السعاده ليك قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا يا حبيبي مالكش نصيب فيها .

قاسم بنفس الجمود و هو ما زال مستلقي علي ظهره و مغطي عينيه : ده كان حلمي بس خلاص راح و ايه السبب اني كنت عايز اعتمد علي نفسي و أحدها عن جدارة من غير واسطه و لا رشوة و لا استخدام اسم  العيله .

فاطمه ببكاء : ما تعملي في نفسك كده يا حبيبي انت لو كنت طلبت من باباك المساعده اكيد كان ساعدك أو وصي عليك .

قاسم و قد فقد رغبته في الحديث :  معلش يا ماما بعد إذنك سيبيني لوحدي  عايز انام شويه .

فاطمه و قلبها يتمزق علي وحيدها و فلذة كبدها : حاضر يا حبيبي بس بالله عليك ما تعملي في نفسك كده و ادعي ربنا أنه ينورك و يهديك للخير و الي فيه مصلحتك .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . .
في منزل رؤوف
كانت لين تجلس علي مكتبها و تدرس بتركيز و لكن قاطعها صوت طرقات علي باب الغرفه فاذنت للطارق بالدخول فما كانت سوي الحنونه دادا صفاء .
لين بابتسامه ساحرة : دادا صفاء اتفضلي .
فدلفت الحداده صفاء الي الغرفه و هي تحمل بيدها صنيه طعام صغيره بها كوباً من الحليب و بعض الشطائر .
صفاء بحنان و هي تمسح علي رأسها : ايه يا حبيبتي عامله ايه في المذاكرة .
لين بإجهاد : الحمد لله يا دادا قربت اخلص مذاكرة الماده دي .
صفاء بحنان : طب يا حبيبتي سيبي الي في ايدك دلوقتي و اشربي كوبايه اللبن دي و كلي السندوتش ده عشان تقدري تركزي .

لين بابتسامه : حاضر يا دادا انا فعلاً جعلته جداً بس تخلص الجزء ده الاول .

صفاء بصراحه : ليبيين الأول اشربي اللبن الاول و بعدين كملي براحتك .
لين بمشاكسه : حاضر يا فندم علم و ينفذ .
صفاء و لين : هههههههههههه .
تناولت لين الشطائر و قامت بشرب كوب الحليب ثم عادت لاستكمال مذاكرتها و انصرفت صفاء حتي تعطي لها المساحه اللازمه لكي تركز علي دراستها .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في إحدى المطاعم الشهيرة كان يجلس قاسم معه هند علي إحدي الطاولات لتناول عشاء رومانسي علي ضوء الشموع المعطرة و صوت الموسيقي الهادئه أي جو مثالي الرومانسيه و تبادل المشاعر و لكن هذا الجو الجميل لا ينقصه سوى قاسم فالبرغم أنه موجود معها إلا أنه شارد و حزين فالجميع يظن أنه ما زال يشعر بالحزن من عدم قبوله في النيابة و لكن لايعلم أحد أنه و إن كان عدم تحقيق حلمه قد أحزنه بشدة الا أن معرفة سبب رفضه قد حطمة كلياً .

فلاش باك . . . . . . . . . . . .

قاسم : أرجوك يا دكتور رؤوف انت حضرتك قاتلي أن فيه حد موصي عليا ان ما اتقبلش مين هو .

رؤوف بحيرة :ايه يا بني عايز تتعب نفسك مهما كان و مين كان مفيش حاجه هتتغير استغل الي معاك بدل ما يضيع هو كمان .

قاسم برجاء : لو سمحت يا دكتور رؤوف لو ليل معزة عندك لو بتعتبرني ابنك زي ما بتقول أرجوك ريحني .

رؤوف و هو يتنهد بقلة حيله : و مين قالك انك هترتاح بعد ما تعرف دا بالعكس هتتعب أكتر .

قاسم برجاء : أرجوك يا دكتور انا الخيرة و الشك هيموتوني مين من مصلحته أنه يعمل كده .
رؤوف بتردد : انت مصمم يا بني .

قاسم برجاء : أرجوك يا دكتور .

رؤوف بحزن : الي وصي انك ماتتقبلش في النيابه يا بني هو والدك سالم الشريف .

جلس قاسم علي الكرسي خلفه بصدمه ممزوجة بالذهول و الاستغراب و التساؤل يدور في ذهنه ألف سؤال و سؤال أهمها لماذا ؟ لماذا حطمه بهذه الطريقة القاسيه كيف لاب أن يسعي في جلب كل ما هو سئ لابنه أي نوع من الآباء هذا المدعو أبيه .

رؤوف بشفقه علي تلميذه الحبيب : ما تزعلش يا قاسم أكيد فيه سوء تفاهم في الموضوع اكيد لو جربت تسأل والدك هيكون عنده إجابة مقنعه انا متأكد من ده صدقني يا بني مفيش أي مهما كان قاسي بيتمني الضرر لأولاده بالعكس يا بني الأب هو الإنسان الوحيد الي يتمني انك تكون في أفضل حال أفضل من نفسه حتي اهدي يا بني و ما تتسرعش متخليش غضبك و فضولك هما الي يتحكموا فيك .

قاسم بجمود و هو يتجه نحو الباب : بعد إذنك .

عودة للحاضر . . . . . . . . . . .

فاق قاسم من شروده علي صوت هند فنظر إليه سريعاً و لكن كان الضيق و الانزعاج يظهران بوضوح علي ملامحها فمن الواضح أنها لاحظت شروده و أنها كانت تحدثه و هو غير منتبه لها .

هند و الانزعاج يظهر جلياً على وجهها : قاسم . . . . . . .

قاسم و قد عاد من شروده : هاه معلش يا حبيبتي بتقولي حاجه .

هند بضيق و انزعاج : لا أبداً ما بقولش حاجه لو سمحت يا قاسم يلا نروح .
قاسم : معلش يا حبيبتي انا حاسس ان انا تعبان شويه .
هند بتفهم و لكنها ما زالت منزعجه : و لا يهمك يا حبيبي بس انا فعلاً حاسه اني تعبانه .

قاسم بتفهم : طيب ماشي يلا بينا .

هند و هي تنهض من مقعدها : يلا بينا .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في صباح اليوم التالي . . . .

استيقظت لين علي صوت طرقات داده صفاء علي باب غرفتها لكي توقظها كي لا تتأخر علي اختبارها و بالفعل نهضت مسرعه من فراشها  و تجهزت بسرعه و حماس تستعد لأخر يوم لها في الامتحانات . انتهت و ذهبت الي أيبها الذي كان ينتظرها علي  طاولة الطعام .

لين و هي تقبل وجنته : صباح الخير يا أحسن بابا في الدنيا .

رؤوف بحب و حنان  : صباح النور يا حبيبة بابا  جاهزة لأخر يوم امتحانات .

لين بتوتر : أنا خايفه أوي و الله يابابا ادعيلي  .

صفاء بحنان : ما تخافيش أن شاء الله ربنا هيوفقك يا حبيبتي .

رؤوف بحنان : إفطري بسرعه يا حبيبتي  عشان اخلي عم محمد يوصلك قبل ما أروح الشغل .

لين بقلق: قوله يا بابا يجهز علي ما اتصل علي رشا  انا خلصت خلاص.

رؤوف بعتاب : افطري كويس يا بنتي لسه بدري مستعجله علي ايه .

لين بسرعه : مش  قادرة يا بابا خلاص شبعت الحمد لله .
و بعد قليل حضرت رشا إلي المنزل و أوصلهما السائق الي المدرسه لأداء الاختبار .
و بعد الانتهاء من أداء الاختبار
لين و هي تتنهد براحه : الحمد لله أخيراً خلصنا و هنتنقل من فترة الخوف من الامتحان لمرحلة القلق من النتيجة .
رشا بقلة اهتمام : بس المهم اننا نستمتع باليوم ده بعد الفتره المرعبه الي فاتت دي .
لين بفرح : تصدقي عندك حق يلا بينا .
و ذهبت رشا و لين الي إحدي المطاعم الشهيرة و تناولوا الطعام و قرروا الانطلاق للتنزه فذهبوا الي الملاهي و التسوق و أكل المثلجات واستمتعوا بكل ثانيه من هذا اليوم ثم عادو الي المنزل منهكين بشده و بعد فترة كبيرة عادت رشا الي منزلها و ذهبت لين للنوم فهي و أخيراً بعد فترة كبيرة سوف تنعم بنوم هادئ و عميق بعد فترة كبيرة من الإجهاد و التوتر الذي تسببت به الاختبارات .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي