الفصل الثاني
دلف فارس إلى حجرة طفليه بهدوء تتبعه سهيله ، ، ابتسمت سهيله وهى ترى طفلين رائعين الجمال يسرعان الى فارس ليحتضناه فى سعادة ، ، نزل فارس على ركبتيه وضمهما بحنان ، ، تأملتهم سهيله باعجاب ملاحظة العلاقة الجميلة بين الأب وأطفاله ، ، انهما بالفعل توأمين رائعين يتشاركن بعض الملامح المتشابهة كلون الشعر الأشقر والوجه المستدير والبشرة الناعمة ، ، إلا أنهما يختلفان فى لون البشرة ولون العينين ، ، فالفتاة عيونها زرقاء و بيضاء البشرة ، ، بينما يحمل الفتى بشرة أبيه القمحية ولون عيون أبيه أيضا ذات اللون البنى القاتم ، ، توقف الطفلان عن احتضان أبيهما وهما ينظران إلى سهيله ، ، نظرت اليها الفتاة بفضول بينما نظر اليها الفتى بنظرة باردة تكاد تكون عدائية مما أصابها بالدهشة ، ، التفت فارس الى سهيله وهو يرى اهتمام طفليه اأ ليقول بهدوء شديد:
فادي ، ، فريده تعالوا سلموا على مس سهيله ، ، هتكون معاكم من انهاردة مكان مس ليلى .
ثم اقتربت منهم سهيله و وقفت أمامهم لتجلس على ركبتيها بدورها وهى تمد يدها لمصافحة فريده قائلا: أهلا أهلا بالحلوين ، ، انتي اسمك فريده صح ؟
اومأت فريده برأسها وهى تصافح سهيله بيدها الصغيرة ، ، لتقول بابتسامة لطيفه : انتى حلوة اوى يامس سهيله ، ، أحلى بكتير من مس ليلى الكئيبه دي يا بابي .
- -
ابتسمت سهيله وهى تمد يدها تملس على شعر فريده بحب بحنان قائله : انتى الأحلى يا ديدا يا قمر.
ثم التفتت الى فادي وهى تمد يدها إليه قائلة بحنان : مش هتسلم علية يا استاذ فادي ؟
رد عليها فادي قائلا ببرود دون أن يصافحها:
متعودتش أسلم على حد غريب .
قال فارس فى صرامة : فادي عيب كدا !
أشارت له سهيله بالهدوء وهى تقول:
سيبه براحته يا مسترفارس ، ، وهو معاه حق ، ، مينفعش فعلا نسلم على حد غريب عننا خالص .
ثم التفتت الى فادي قائلة بوعد : بس قريب جدا مش هكون غريبة عنك يا فادي .
لم يعيرها فادي أى اهتمام فى حين قال فارس موجها حديثه الى سهيله : دلوقتى هوريكى غرفتك عشان ترتاحى شوية وبعد العصر هتبتدى مع الاولاد اول دروسهم ، ، لكن لو مش حابة تبتدى انهاردة ممكن نأجل لبكرة يا ميس سهيله .
قالت سهيله فى هدوء : لأ ، ، ياريت نبدأ علي طول لو سمحت يا فارس بيه .
قال فارس فى راحة : تمام يا ميس سهيله .
ثم وجه فارس حديثه الى اولاده قائلا : تقدروا تلعبوا فى الحديقه لغاية لما الدادة تنادي عليكم عشان تتغدوا ، ، و تبتدوا مع مس سهيله اول دروسكم انهاردة ان شاء الله .
اومأ الأطفال برؤسهم وهم يتجهون إلى الخارج تبتسم فريده الى سهيله التى بادلتها ابتسامتها بينما نظر لها فادي بنظرة باردة ، ، لتبتسم سهيله اثر خروجهما ليقطع ابتسامتها صوت فارس وهو يقول معتذرا : أنا آسف لو فادي ضايق حضرتك يا ميس سهيله ، ، بس هو مش معترض ابدا على شخصك ، ، هو معترض على وجود حد ياخد باله منه هو وأخته ، ، هو شايف انه كبر و يقدر ياخد باله من نفسه ومن أخته كمان لوحده من غير مساعده اي شخص .
ابتسمت سهيله لتظهر غمازتيها مرة أخرى ويزداد جمالها ليحاول فارس بصعوبة أن يركز على كلماتها وهى تقول : أنا فاهمة ده كويس وهحاول اتعامل معاه بطريقتى متقلقش يا فارس بيه ، ، بس انا اكيد هحتاج لتعاون حضرتك معايا علشان اعرف اخليه يوافق علي وجودي .
- -
أومأ فارس برأسه قائلا : أكيد انا مع حضرتك يلا بينا هوصلك على غرفتك ترتاحي شويه .
أومأت سهيله برأسها ليخرج فارس من الحجرة تتبعه سهيله في هدوء ، ، لتبدأ بعد قليل مهمتها الجديدة والتى تشعر بصعوبتها منذ الآن .
- -
قالت تغريد و هي مستمره بالالحاح علي والدتها : يا ماما علشان خاطرى تعالى ارتاحى شوية وسيبينى أكمل انا بدل حضرتك ، ، انتى شكلك مرهق و مش قادره تشتغلي .
ابتسمت حمديه بتعب قائلة : أنا الحمد لله على كل حال يا حبيبتي ، ، متقلقيش خليكى انتى فى مذاكرتك اهم حاجه ، ، وابعدى خالص عن شغل المطبخ دا و اي شغل في البيت ، ،. اهم حاجه مزاكرتك يا قلب ماما .
ثم اقتربت منها قائلة فى حنان و حب : أنا مربتكيش وتعبت فيكى يا تغريد ، ، علشان فى الآخر تشتغلى بدالى فى المطبخ ، ، انتى لازم تكونى دكتورة قد الدنيا وترفعى راس أبوكى الله يرحمه ، ، انتي فاهمة ولا لأ ؟
قبلت تغريد يدها قائلة ودموعها تترقرق فى عينيها : ربنا يخليكى لية يا اجمل و احن ماما في الكون و الدنيا دي كلها ، ، ومايحرمنيش منك ابدا و يطول بعمرك ويبارك في صحتك .
ابتسمت حمديه بحب وفخر علي تربيتها قائلة : و يخليكي ليا يا احلي و اجمل بنوتة فى الدنيا .
ثم عادت لعملها وهى تقول : يلا بقى يا حبيبتي روحي جامعتك ، ، عشان متتأخريش على محاضراتك .
ابتسمت تغريد وكادت تخرج إلا أنها توقفت قائلة بتردد : إلا قوليلى يا ماما ، ، و انا جاية هنا سمعت عمو ماهر بيقول لاحمد على طلبات كتيرة ، ، هو فيه حفلة النهاردة و لا اي ؟
ابتسمت حمديه وتركت الطبق من يدها وهى تلتفت الى تغريد قائلة بسعادة : اها والله ، ، حفلة جامدة يا تغريد يا بنتي بس م وعازمين ش النهارده ، ، بعد يومين تلاتة كدة ، ، الباشا الصغير هيرجع من بلاد برة ومعاه الشهادة الكبيرة والفرحة مش سايعة محمد بيه ومريم هانم ، ، أكبر ناس فى البلد يا تغريد انتي يا بنتي روحتى فين كدا ؟
كانت تغريد قد شردت بعد سماعها خبر رجوع ريان لتفيق على صوت نداء والدتها لها لتقول بارتباك : أيوة يا ماما ، ، معاكى يا حبيبتي .
قالت حمديه : سرحتى فى ايه يا قلبي ؟
ابتسمت تغريد ابتسامة مفتعلة وهى تقول : فى المحاضرات اللى هتفوتنى بسبب رغيك يا ماما .
قالت حمديه باستنكار: رغيى أنا يا ست تغريد ؟
قبلتها تغريد علي وجنتها بحب وهى تبتسم قائلة:
ولا تزعلى نفسك يا ست الكل ، ، أنا اللى رغاية وستين رغاية كمان ، ، سلام بقى عشان ألحق المحاضرة والدكتور ميطردنيش .
ثم أسرعت بالمغادرة تتبعها عينا حمديه وهى تقول : ربنا يوفقك يا حبيبتي وأشوفك أحسن دكتورة فى الدنيا دي .
- -
اتفضلى يا ست
قال فهد جملته إلى حور التى دلفت الى حجرة المكتب ، ، بعد ان هاتفها فهد وهو غاضب للغاية يطلب منها الحضور على الفور ، ، قالت بهدوءها الذى اعتاده منها وأحبه بشده : خير في اي بس يا فهد ؟ انت علي طول كدا عصبى ؟
زفر فهد بقوة قائلا : ما هو من عمايلها يا حور دي هتجننى ، ، الهانم لسة مكلمانى عايزانى أروح آخدها من البيوتي سنتر، ، وهى عارفة ان انا عندى اجتماع مهم ، ، و مش ها ينفع أسيبه خالص ، ، وعم سيد الشوفير آخد أجازة النهارده عشان تعبان ، ، أقولها تطلب اوبرتقولى مبركبش مع حد غريب ، ، يعنى أسيب أنا الاجتماع وأبوظ الصفقة عشان الهانم خايفة تركب اوبر فى عز الظهر كدا يعني يرضي ربنا دا ؟
قالت حور بعد ان أخذت نفسا عميقا : خد بالك انك انت بقيت عصبى فى كل حاجة تخص طلبات ريناد ، ، وده هيأثر على علاقتكم مع بعض يا فهد ، ، لازم تطول بالك شوية الموضوع بسيط جدا ، ، ولو على حد ياخد ريناد من البيوتي سنتر ، ، ويروحها فأنا مستعدة أروحلها بنفسى ، ، أنا تقريبا وجودى مش ضرورى فى الاجتماع ، ، كل الورق جاهز وانت كنت معايا خطوة بخطوة ، ، بس يا باشا اهي اتحلت أهو ، ، وملهاش لازمة العصبية دى كلها .
نظر اليها نظرة مطولة أربكتها وجعلتها تعدل من وضع نظارتها بتوتر ليقول هو باعجاب: مش عارف يا حور ، ، انتي ازاى بكلمتين منك بتضيعى كل زعلى و عصبيتي، ، بجد انتى الأخت اللى ربنا حرمنى منها بس عوضنى عنها بيكى انتي يا حوري .
أحست حور بالمرارة فى حلقها وبقلبها يتحطم إلى أشلاء ، ، ولكنها تمالكت نفسها وهى تبتسم ابتسامة لم تصل إلى عينيها قائلة : ماشى يا اخويا ، ، ها اتحرك انا بقى عشان متأخرش على ريناد.
ابتسم فاستدارت لتغادر ولكنها توقفت لتستدير عائدة إليه وهى تقترب منه وسط حيرته لتتوقف أمامه تماما ، ، و هي تمد يدها لتعقد له ربطة عنقه فى هدوء يخالف ثورة قلبها التى أعلنتها دقاته بسبب قربها الشديد منه والذى لم يحدث منذ زمن بعيد ، ، أحست بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها مما زاد من توترها ونبضها الذى ظهر فى أنفاسها المتسارعة ، ، لم ترفع وجهها إليه وهى تقول بهمس :
طول عمرك مبتعرفش تربطها ، ، كدة أحسن كتير من الاول .
ثم ابتعدت مغادرة الحجرة بسرعة دون أن تنظر اليه ، ، تخشى أن تمنح نظرة واحدة الى عينيه فتجد نفسها تسرع و تلقى بروحها بين ذراعيه بينما وقف فهد متسمرا وهو يتابعها بعينيه ، ، يتعجب من تسارع دقات قلبه فى قربها وذلك الشعور الغريب الذى سيطر عليه ، ، عندما تسلل اليه عبيرها وهى تعقد له ربطة عنقه ، ، لأول مرة يجتاحه ذلك الشعور ، ، حتى أنه تمالك نفسه بالكاد و قبض على يده بقوة حتى لا يمسك تلك الخصلات السوداء كالليل والتى تساقطت على وجهها ليرجعها خلف أذنها ، ، أغمض عينيه بقوة وأخذ نفسا عميقا يحاول أن يهدئ به دقات قلبه التى تسارعت لمجرد تخيله لنفسه وهو يفعل ذلك ، ، فتح عينيه وهو ينظر الى ربطة عنقه يتخيل كفيها الصغيرين وهما يعقدانها ، ، فلمس الربطة بحنان ، ، لينفض أفكاره بقوة وهو يقول بحزم : لأ يا فهد فوق كدا ، ، انت بتفكر فى ايه بس دى حورأختك الصغيرة ، ، انت شكلك اتجننت ومشاكلك مع ريناد وبعدك عنها أثروا على عقلك وتفكيرك شكلك كدا .
جلس على المكتب ينظر الى صورة تجمعه مع ريناد ليتذكر كيف انبهر بجمالها وفتنتها ليجد نفسه غارقا فى حبها ، ، ليتزوجها فى فترة قصيرة جدا ، ، اكتشف فى بداية زواجهما كم هى فتاة أنانية ومستهترة ، ، ظن بعد فترة أنها ستحمل وتنجب له طفلا يغيرها ولو قليلا ، ، ولكن حتى انجاب طفلا له أصرت على حرمانه منه بحجة انها ما زالت صغيرة على تحمل تلك المسئولية ، ، وجد نفسه يعقد مقارنة غريبة بينها وبين حور ، ، لتفوز حور دون أدنى ايه مجهود نهض زافرا فى قوة وهو يقول : مالك بس النهارده يا فهد باشا ، ، دا انت اتجننت فعلا و محتاج حد يرجعلك عقلك ، ، مفيش غير فارس اخويا هو اللى ممكن يعقلك ، ، ايوا كدا هو مفيش غيره .
- -
قدم فارس والدته الى سهيله قائلا: دى تبقى ماما مريوم يا ميس سهيله .
ثم التفت الى مريم والدته مقدما سهيله اليها قائلا :
ميس سهيله يا ماما ، ، اللى مدام عايدة رشحتها لينا واللى انا كلمتك عنها قبل كدا .
نظرت اليها مريم والدته فى دهشة ثم ما لبثت ان ابتسمت قائلة : قربى يا حبيبتي ، ، تعالى اقعدى جمبي هنا .
اقتربت سهيله بخجل من تلك الجميلة والأنيقة و التي عرفت لتوها ان التوأمين قد ورثوا منها جمالها لتجلس بجوارها ، ، استطردت مريم قائلة : صغيرة أوى ع المهنة اللى اخترتيها لنفسك دى يا حبيبتي .
تبادل كل من فارس و سهيله النظرات ، ، لتنظر اليه سهيله بتحدى ، ، نقلت مريم نظراتها بين الاثنين لتبتسم خفية فى حين ابتسمت سهيله لتظهر غمازتيها الرائعتين وهى تنظر الى مريم قائلة : انا مش صغيرة ولا حاجة يا مدام مريم انا عندى 22 سنه ، ، و بصراحة حسيت انى هلاقى نفسى فى شغلى ده ، ، و دا يمكن لأنى يتيمة و حسيت بطعم الحرمان من أهلى فحبيت أعوض الأطفال عن الحنان اللى اتحرموا منه لما فقدوا مامتهم ، ، اللى بحسه لما بلاقيهم مبسوطين بيسعدنى أكتر من أى حاجة فى الدنيا .
ابتسمت مريم ابتسامة رضا و سعاده وهى تقول:
كلامك بيطمنى يا سهيله ، ، ربنا يسعدك أد ما بتسعديهم واكتر ودايما الابتسامة الحلوة دى أشوفها على وشك يا قمرايه انتى .
ابتسمت سهيله قائلة: كلك ذوق يا مدام مريم تسلمي .
قالت مريم بابتسامة : فارس قالى انك بتحبى الرسم ، ،. دا صحيح يا سهيله ولا اي ؟
نظرت سهيله الى فارس بنظرة سريعة لتجد عيونه عليها مما أربكها وهى تقول: بحبه أوى يا مدام مريم .
ثم ابتسمت وهى تلاحظ تلك النظرات بين ابنها الاكبر وتلك الفتاة الجميلة لتقول بهدوء:
انا كمان بحب الرسم اوى يا بنتي ، ، ممكن فى وقت فراغك نقعد نرسم مع بعض ، ، ايه رأيك يا حبيبتي ؟
ابتسمت سهيله قائلة فى سعادة : ده شئ يشرفنى طبعا يا روحي .
ابتسمت مريم قائلة : تمام يا سوسو ، ، انا هطلع أرتاح فى غرفتي دلوقتى وأشوفكم على الغدا بعد اذنكم بقا .
غادرت مريم تتبعها أربعة أعين ليقول فارس بهدوء : الولاد هتلاقيهم فى قاعة الدرس ،، تعالى أوريهالك لأنى مضطر اني اسيبك ، ، عندى مشوار مهم .
أومأت برأسها وتبعته وقد اطمأنت قليلا لوجود مريم والدته ، ، تلك السيدة الرائعة والتى تذكرها بالسيدة منال ، ، لديها نفس النظرة الحانية والطريقة السلسة فى التعامل مع الآخرين ، ، لقد أحبتها على الفور فكرت سهيله ، ، ربما لم تكن فكرة سيئة على الاطلاق مجيئها الى ذلك المكان أو هكذا تتمنى .
#يتبع
فاطمه محمد
فادي ، ، فريده تعالوا سلموا على مس سهيله ، ، هتكون معاكم من انهاردة مكان مس ليلى .
ثم اقتربت منهم سهيله و وقفت أمامهم لتجلس على ركبتيها بدورها وهى تمد يدها لمصافحة فريده قائلا: أهلا أهلا بالحلوين ، ، انتي اسمك فريده صح ؟
اومأت فريده برأسها وهى تصافح سهيله بيدها الصغيرة ، ، لتقول بابتسامة لطيفه : انتى حلوة اوى يامس سهيله ، ، أحلى بكتير من مس ليلى الكئيبه دي يا بابي .
- -
ابتسمت سهيله وهى تمد يدها تملس على شعر فريده بحب بحنان قائله : انتى الأحلى يا ديدا يا قمر.
ثم التفتت الى فادي وهى تمد يدها إليه قائلة بحنان : مش هتسلم علية يا استاذ فادي ؟
رد عليها فادي قائلا ببرود دون أن يصافحها:
متعودتش أسلم على حد غريب .
قال فارس فى صرامة : فادي عيب كدا !
أشارت له سهيله بالهدوء وهى تقول:
سيبه براحته يا مسترفارس ، ، وهو معاه حق ، ، مينفعش فعلا نسلم على حد غريب عننا خالص .
ثم التفتت الى فادي قائلة بوعد : بس قريب جدا مش هكون غريبة عنك يا فادي .
لم يعيرها فادي أى اهتمام فى حين قال فارس موجها حديثه الى سهيله : دلوقتى هوريكى غرفتك عشان ترتاحى شوية وبعد العصر هتبتدى مع الاولاد اول دروسهم ، ، لكن لو مش حابة تبتدى انهاردة ممكن نأجل لبكرة يا ميس سهيله .
قالت سهيله فى هدوء : لأ ، ، ياريت نبدأ علي طول لو سمحت يا فارس بيه .
قال فارس فى راحة : تمام يا ميس سهيله .
ثم وجه فارس حديثه الى اولاده قائلا : تقدروا تلعبوا فى الحديقه لغاية لما الدادة تنادي عليكم عشان تتغدوا ، ، و تبتدوا مع مس سهيله اول دروسكم انهاردة ان شاء الله .
اومأ الأطفال برؤسهم وهم يتجهون إلى الخارج تبتسم فريده الى سهيله التى بادلتها ابتسامتها بينما نظر لها فادي بنظرة باردة ، ، لتبتسم سهيله اثر خروجهما ليقطع ابتسامتها صوت فارس وهو يقول معتذرا : أنا آسف لو فادي ضايق حضرتك يا ميس سهيله ، ، بس هو مش معترض ابدا على شخصك ، ، هو معترض على وجود حد ياخد باله منه هو وأخته ، ، هو شايف انه كبر و يقدر ياخد باله من نفسه ومن أخته كمان لوحده من غير مساعده اي شخص .
ابتسمت سهيله لتظهر غمازتيها مرة أخرى ويزداد جمالها ليحاول فارس بصعوبة أن يركز على كلماتها وهى تقول : أنا فاهمة ده كويس وهحاول اتعامل معاه بطريقتى متقلقش يا فارس بيه ، ، بس انا اكيد هحتاج لتعاون حضرتك معايا علشان اعرف اخليه يوافق علي وجودي .
- -
أومأ فارس برأسه قائلا : أكيد انا مع حضرتك يلا بينا هوصلك على غرفتك ترتاحي شويه .
أومأت سهيله برأسها ليخرج فارس من الحجرة تتبعه سهيله في هدوء ، ، لتبدأ بعد قليل مهمتها الجديدة والتى تشعر بصعوبتها منذ الآن .
- -
قالت تغريد و هي مستمره بالالحاح علي والدتها : يا ماما علشان خاطرى تعالى ارتاحى شوية وسيبينى أكمل انا بدل حضرتك ، ، انتى شكلك مرهق و مش قادره تشتغلي .
ابتسمت حمديه بتعب قائلة : أنا الحمد لله على كل حال يا حبيبتي ، ، متقلقيش خليكى انتى فى مذاكرتك اهم حاجه ، ، وابعدى خالص عن شغل المطبخ دا و اي شغل في البيت ، ،. اهم حاجه مزاكرتك يا قلب ماما .
ثم اقتربت منها قائلة فى حنان و حب : أنا مربتكيش وتعبت فيكى يا تغريد ، ، علشان فى الآخر تشتغلى بدالى فى المطبخ ، ، انتى لازم تكونى دكتورة قد الدنيا وترفعى راس أبوكى الله يرحمه ، ، انتي فاهمة ولا لأ ؟
قبلت تغريد يدها قائلة ودموعها تترقرق فى عينيها : ربنا يخليكى لية يا اجمل و احن ماما في الكون و الدنيا دي كلها ، ، ومايحرمنيش منك ابدا و يطول بعمرك ويبارك في صحتك .
ابتسمت حمديه بحب وفخر علي تربيتها قائلة : و يخليكي ليا يا احلي و اجمل بنوتة فى الدنيا .
ثم عادت لعملها وهى تقول : يلا بقى يا حبيبتي روحي جامعتك ، ، عشان متتأخريش على محاضراتك .
ابتسمت تغريد وكادت تخرج إلا أنها توقفت قائلة بتردد : إلا قوليلى يا ماما ، ، و انا جاية هنا سمعت عمو ماهر بيقول لاحمد على طلبات كتيرة ، ، هو فيه حفلة النهاردة و لا اي ؟
ابتسمت حمديه وتركت الطبق من يدها وهى تلتفت الى تغريد قائلة بسعادة : اها والله ، ، حفلة جامدة يا تغريد يا بنتي بس م وعازمين ش النهارده ، ، بعد يومين تلاتة كدة ، ، الباشا الصغير هيرجع من بلاد برة ومعاه الشهادة الكبيرة والفرحة مش سايعة محمد بيه ومريم هانم ، ، أكبر ناس فى البلد يا تغريد انتي يا بنتي روحتى فين كدا ؟
كانت تغريد قد شردت بعد سماعها خبر رجوع ريان لتفيق على صوت نداء والدتها لها لتقول بارتباك : أيوة يا ماما ، ، معاكى يا حبيبتي .
قالت حمديه : سرحتى فى ايه يا قلبي ؟
ابتسمت تغريد ابتسامة مفتعلة وهى تقول : فى المحاضرات اللى هتفوتنى بسبب رغيك يا ماما .
قالت حمديه باستنكار: رغيى أنا يا ست تغريد ؟
قبلتها تغريد علي وجنتها بحب وهى تبتسم قائلة:
ولا تزعلى نفسك يا ست الكل ، ، أنا اللى رغاية وستين رغاية كمان ، ، سلام بقى عشان ألحق المحاضرة والدكتور ميطردنيش .
ثم أسرعت بالمغادرة تتبعها عينا حمديه وهى تقول : ربنا يوفقك يا حبيبتي وأشوفك أحسن دكتورة فى الدنيا دي .
- -
اتفضلى يا ست
قال فهد جملته إلى حور التى دلفت الى حجرة المكتب ، ، بعد ان هاتفها فهد وهو غاضب للغاية يطلب منها الحضور على الفور ، ، قالت بهدوءها الذى اعتاده منها وأحبه بشده : خير في اي بس يا فهد ؟ انت علي طول كدا عصبى ؟
زفر فهد بقوة قائلا : ما هو من عمايلها يا حور دي هتجننى ، ، الهانم لسة مكلمانى عايزانى أروح آخدها من البيوتي سنتر، ، وهى عارفة ان انا عندى اجتماع مهم ، ، و مش ها ينفع أسيبه خالص ، ، وعم سيد الشوفير آخد أجازة النهارده عشان تعبان ، ، أقولها تطلب اوبرتقولى مبركبش مع حد غريب ، ، يعنى أسيب أنا الاجتماع وأبوظ الصفقة عشان الهانم خايفة تركب اوبر فى عز الظهر كدا يعني يرضي ربنا دا ؟
قالت حور بعد ان أخذت نفسا عميقا : خد بالك انك انت بقيت عصبى فى كل حاجة تخص طلبات ريناد ، ، وده هيأثر على علاقتكم مع بعض يا فهد ، ، لازم تطول بالك شوية الموضوع بسيط جدا ، ، ولو على حد ياخد ريناد من البيوتي سنتر ، ، ويروحها فأنا مستعدة أروحلها بنفسى ، ، أنا تقريبا وجودى مش ضرورى فى الاجتماع ، ، كل الورق جاهز وانت كنت معايا خطوة بخطوة ، ، بس يا باشا اهي اتحلت أهو ، ، وملهاش لازمة العصبية دى كلها .
نظر اليها نظرة مطولة أربكتها وجعلتها تعدل من وضع نظارتها بتوتر ليقول هو باعجاب: مش عارف يا حور ، ، انتي ازاى بكلمتين منك بتضيعى كل زعلى و عصبيتي، ، بجد انتى الأخت اللى ربنا حرمنى منها بس عوضنى عنها بيكى انتي يا حوري .
أحست حور بالمرارة فى حلقها وبقلبها يتحطم إلى أشلاء ، ، ولكنها تمالكت نفسها وهى تبتسم ابتسامة لم تصل إلى عينيها قائلة : ماشى يا اخويا ، ، ها اتحرك انا بقى عشان متأخرش على ريناد.
ابتسم فاستدارت لتغادر ولكنها توقفت لتستدير عائدة إليه وهى تقترب منه وسط حيرته لتتوقف أمامه تماما ، ، و هي تمد يدها لتعقد له ربطة عنقه فى هدوء يخالف ثورة قلبها التى أعلنتها دقاته بسبب قربها الشديد منه والذى لم يحدث منذ زمن بعيد ، ، أحست بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها مما زاد من توترها ونبضها الذى ظهر فى أنفاسها المتسارعة ، ، لم ترفع وجهها إليه وهى تقول بهمس :
طول عمرك مبتعرفش تربطها ، ، كدة أحسن كتير من الاول .
ثم ابتعدت مغادرة الحجرة بسرعة دون أن تنظر اليه ، ، تخشى أن تمنح نظرة واحدة الى عينيه فتجد نفسها تسرع و تلقى بروحها بين ذراعيه بينما وقف فهد متسمرا وهو يتابعها بعينيه ، ، يتعجب من تسارع دقات قلبه فى قربها وذلك الشعور الغريب الذى سيطر عليه ، ، عندما تسلل اليه عبيرها وهى تعقد له ربطة عنقه ، ، لأول مرة يجتاحه ذلك الشعور ، ، حتى أنه تمالك نفسه بالكاد و قبض على يده بقوة حتى لا يمسك تلك الخصلات السوداء كالليل والتى تساقطت على وجهها ليرجعها خلف أذنها ، ، أغمض عينيه بقوة وأخذ نفسا عميقا يحاول أن يهدئ به دقات قلبه التى تسارعت لمجرد تخيله لنفسه وهو يفعل ذلك ، ، فتح عينيه وهو ينظر الى ربطة عنقه يتخيل كفيها الصغيرين وهما يعقدانها ، ، فلمس الربطة بحنان ، ، لينفض أفكاره بقوة وهو يقول بحزم : لأ يا فهد فوق كدا ، ، انت بتفكر فى ايه بس دى حورأختك الصغيرة ، ، انت شكلك اتجننت ومشاكلك مع ريناد وبعدك عنها أثروا على عقلك وتفكيرك شكلك كدا .
جلس على المكتب ينظر الى صورة تجمعه مع ريناد ليتذكر كيف انبهر بجمالها وفتنتها ليجد نفسه غارقا فى حبها ، ، ليتزوجها فى فترة قصيرة جدا ، ، اكتشف فى بداية زواجهما كم هى فتاة أنانية ومستهترة ، ، ظن بعد فترة أنها ستحمل وتنجب له طفلا يغيرها ولو قليلا ، ، ولكن حتى انجاب طفلا له أصرت على حرمانه منه بحجة انها ما زالت صغيرة على تحمل تلك المسئولية ، ، وجد نفسه يعقد مقارنة غريبة بينها وبين حور ، ، لتفوز حور دون أدنى ايه مجهود نهض زافرا فى قوة وهو يقول : مالك بس النهارده يا فهد باشا ، ، دا انت اتجننت فعلا و محتاج حد يرجعلك عقلك ، ، مفيش غير فارس اخويا هو اللى ممكن يعقلك ، ، ايوا كدا هو مفيش غيره .
- -
قدم فارس والدته الى سهيله قائلا: دى تبقى ماما مريوم يا ميس سهيله .
ثم التفت الى مريم والدته مقدما سهيله اليها قائلا :
ميس سهيله يا ماما ، ، اللى مدام عايدة رشحتها لينا واللى انا كلمتك عنها قبل كدا .
نظرت اليها مريم والدته فى دهشة ثم ما لبثت ان ابتسمت قائلة : قربى يا حبيبتي ، ، تعالى اقعدى جمبي هنا .
اقتربت سهيله بخجل من تلك الجميلة والأنيقة و التي عرفت لتوها ان التوأمين قد ورثوا منها جمالها لتجلس بجوارها ، ، استطردت مريم قائلة : صغيرة أوى ع المهنة اللى اخترتيها لنفسك دى يا حبيبتي .
تبادل كل من فارس و سهيله النظرات ، ، لتنظر اليه سهيله بتحدى ، ، نقلت مريم نظراتها بين الاثنين لتبتسم خفية فى حين ابتسمت سهيله لتظهر غمازتيها الرائعتين وهى تنظر الى مريم قائلة : انا مش صغيرة ولا حاجة يا مدام مريم انا عندى 22 سنه ، ، و بصراحة حسيت انى هلاقى نفسى فى شغلى ده ، ، و دا يمكن لأنى يتيمة و حسيت بطعم الحرمان من أهلى فحبيت أعوض الأطفال عن الحنان اللى اتحرموا منه لما فقدوا مامتهم ، ، اللى بحسه لما بلاقيهم مبسوطين بيسعدنى أكتر من أى حاجة فى الدنيا .
ابتسمت مريم ابتسامة رضا و سعاده وهى تقول:
كلامك بيطمنى يا سهيله ، ، ربنا يسعدك أد ما بتسعديهم واكتر ودايما الابتسامة الحلوة دى أشوفها على وشك يا قمرايه انتى .
ابتسمت سهيله قائلة: كلك ذوق يا مدام مريم تسلمي .
قالت مريم بابتسامة : فارس قالى انك بتحبى الرسم ، ،. دا صحيح يا سهيله ولا اي ؟
نظرت سهيله الى فارس بنظرة سريعة لتجد عيونه عليها مما أربكها وهى تقول: بحبه أوى يا مدام مريم .
ثم ابتسمت وهى تلاحظ تلك النظرات بين ابنها الاكبر وتلك الفتاة الجميلة لتقول بهدوء:
انا كمان بحب الرسم اوى يا بنتي ، ، ممكن فى وقت فراغك نقعد نرسم مع بعض ، ، ايه رأيك يا حبيبتي ؟
ابتسمت سهيله قائلة فى سعادة : ده شئ يشرفنى طبعا يا روحي .
ابتسمت مريم قائلة : تمام يا سوسو ، ، انا هطلع أرتاح فى غرفتي دلوقتى وأشوفكم على الغدا بعد اذنكم بقا .
غادرت مريم تتبعها أربعة أعين ليقول فارس بهدوء : الولاد هتلاقيهم فى قاعة الدرس ،، تعالى أوريهالك لأنى مضطر اني اسيبك ، ، عندى مشوار مهم .
أومأت برأسها وتبعته وقد اطمأنت قليلا لوجود مريم والدته ، ، تلك السيدة الرائعة والتى تذكرها بالسيدة منال ، ، لديها نفس النظرة الحانية والطريقة السلسة فى التعامل مع الآخرين ، ، لقد أحبتها على الفور فكرت سهيله ، ، ربما لم تكن فكرة سيئة على الاطلاق مجيئها الى ذلك المكان أو هكذا تتمنى .
#يتبع
فاطمه محمد