العشق الملعون

Bataa`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-19ضع على الرف
  • 64K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

في صباح يوم جديد ملئ بالتفاؤل .
نظرت سهيله إلى محيطها بتوتر غمرها وملك عليها جوارحها ،، هى تعلم أنها ليست المرة الأولى لها و التي تعمل بها كمربية خاصة للأطفال ولكنها لا تدرى لماذا تشعر بالتوتر وكأنها المرة الأولى تماما ،، رجعت بأفكارها قليلا الى الوراء ،، تتذكر تصميمها على العمل مع الأطفال اليتامى فقط ،، رغم حالتها المادية الصعبة فهم يذكرونها بنفسها ،، فقد توفى والديها سويا بحادث وأصبحة بليلة واحدة يتيمة الابوين ولم يكن لديها عائلة سوى خالتها التى لم تستطع ان تأخذها الى بيتها ،، فعائلة خالتها كبيرة تحتوى على سبع أطفال والذى أوضح زوج خالتها ان شقتهم الصغيرة لن تحتمل أكثر منهم ، لذا اضطرت خالتها أن تضعها فى ملجأ ،، تكتفى بزيارتها الأسبوعية لها لتصبح زيارة شهرية ،، ثم فى النهاية سنوية تدرك سهيله أنها فى قرارة نفسها لا تلومها على ذلك ولكن هذا لا يمنع من وجود غصة فى قلبها لشعورها بالوحدة وأن لا أحد يهتم بها ،، سوى منال مديرة الملجأ الذى احتوتها منذ صغرها ومنحتها اهتماما ملحوظا لتتوفى هى الأخرى منذ عامين تاركة اياها للوحدة مجددا لتقرر سهيله ان تعمل كمربية للأطفال اليتامى لتحقق نجاحا ملحوظا مع أول أطفال عملت معهم حتى قررت الجدة عايدة السفر لبلدها وعائلتها لتأخذهم معها ،، لتصبح سهيله بلا عمل مجددا ،، لولا ذلك الهاتف من الجدة عايدة تخبرها عن حاجة عائلة محمد الشاذلي لمربية أطفال ترعى طفلين توأمين لابنهم الأكبر،، وأنها رشحتها لهم قبل أن تسافر ،، وافقت سهيله بعد تردد ولكن لابد وان توافق فهى بحاجة شديده للعمل فليس لديها الكثير من المال ، ، تذكرت توترها الشديد وهى تدلف الى المزرعة اليوم وترى مدى روعتها ، ، وها هى الآن تنتظر مقابلة والد الطفلين بعد ان أخبرت الخادمة برغبتها فى مقابلته ، ، توقفت بنظرها عند لوحة تتوسط الردهة ، ، اقتربت منها تتأملها بإعجاب أفاقت منه على صوت نحنحة رجولية فالتفتت بسرعة الى مصدر الصوت لتقابلها عينان بنيتان لرجل يبدو فى اواخر العشرينات من عمره ، ، يرمقها بنظرة متسائلة ، ، عاقدا حاجبيه وهو يتأمل ملامحها المصدومة قائلا: حضرتك كنتى عايزة تقابلينى ؟
نظرت إليه قائلة بدهشة:انت فارس محمد
الشاذلي ؟
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يجيبها قائلا بهدوء:
أيوة أنا ، ، ممكن أعرف ليه حضرتك مستغربة؟
ردت بسرعة ودون تفكير: أصل حضوتك صغير جدا ، ، عشان يبقى عندك توأم عنده 6 سنين .
-  -
وما ان قالت عبارتها حتى وضعت يدها على فمها بصدمة من تفوهها لتلك العبارة الحمقاء والتى حطمت قناع فارس البارد لتظهر ملامح الدهشة على وجه الوسيمه و الجميله .
قالت سهيله بخفوت : أنا بعتذر والله ، ، انا مش قصدي حاجه ، ، عادة مش متهورة كدة بس يمكن المفاجأة كانت كبيرة شوية علية .
نفض فارس دهشته جانبا وهو يعقد حاجبيه قائلا: تمام ؟ انتي حضرتك تبقي مين يا انسه وسبب زيارتك إيه ؟
تنحنحت لتزيل ارتباكها وهى تبتسم وتتقدم منه مادة يدها إليه وهى تقول: سهيله المحمدي ، ، عايدة قالتلى انها كلمتك عنى .
تاه فارس فى تلك الابتسامة والتى أظهرت غمازتيها الرائعتين وزادتا من جمالها ، ، لينفض أفكاره وهو يمد يده ليصافحها فى شرود مرددا اسمها : سهيله المحمدي .
ما ان تلامست الأيدى فى تلك المصافحة حتى ارتعشت الكفوف وتلاقت العيون بنظرة طويلة سارعت من دقات قلبيهما لتنتقل عبر كفيهما ويشعر بها كلا منهما لتبعد كارمن يدها بسرعة شاعرة بالحيرة ، ، بينما شعر هو بالفقد ، ، ربما هو دفئ يديها الناعمتين لا يدرى ، ، تنحنح ليزيل ذلك الشعور الذى سيطر عليه قائلا فى حيرة:
احمم ، ، اها مدام عايدة كلمتنى فعلا عن مربية احفادها .
ثم صمت للحظة يستوعب الحقيقة ليقول بدهشة :
انتى تبقى المربية الجديدة ؟
أومأت برأسها فى صمت تتعجب من دهشته ، ، ليستطرد هو بحدة قائلا: بس ازاى مدام عايدة ترشحك ؟ انتي صغيرة جدا على انك تراعى طفلين فى السن ده ، ، انتى عندك كام سنة اكيد 18 صح ؟
-  -
نظرت له في صدمه ثم قالت فى استنكار: انا مش صغيرة على فكرة ، ، أنا عندى ٢٢ سنة يعنى اللى من عمري المفروض تبقى متجوزة ومخلفة وبتربى أطفالها كمان .
قال بفضول لم يستطع اخفاؤه: طب ليه ؟
نظرت اليه سهيله بحيرة قائلة: ليه إيه مش فاهمه حضرتك وضح ؟
قال فارس بهدوء و هو يدقق النظر بها : ليه ما اتجوزتيش لغاية دلوقتى ؟
ظهرت لمحة من الألم بعينيها ، ، أخفتها بسرعة ولكن ليس قبل ان يراها فارس ، ، لتحيره أكثر بينما كانت سهيله لاتدرى ماذا تقول له ، ، أتخبره أن من عاش وتربى فى ملجأ من الصعب أن يجد من يرضى به وبخلفيته الضعيفة ، ، أم ماذا تخبره أنها أحبت بالفعل زميلا لها بالجامعة وعندما عرف أنها تربت فى ملجأ وتعيش به ، ، ابتعد عنها على الفور وخطب فتاة أخرى ، ، اكتفت بأن هزت كتفيها قائلة بلا مبالاة مصطنعة : النصيب بقا .
أومأ فارس برأسه قائلا: الصراحة صغر سنك وجما.. و لكن قطع عبارته وقد كاد ان يخبرها عن جمالها الآسر ليستطرد قائلا:
احم ، ، يعنى مش عارف هينفع تكملى معانا ولا لأ ، ، احنا كنا مفكرينك أكبر من كدة في الأربعينات مثلا او خمسينات كدا .
قالت سهيله بكبرياء : لو حضراتكم شايفين ان سنى هيبقى عائق أدام تأديتى لمهمتى فيبقى وجودى ملوش لزوم فعلا ، ، عن اذنك .
كادت ان تتخطاه عندما أمسك بذراعها قائلا:
استنى بس يا انسه سهيله .
عاد التيار الكهربى يضربهم بشدة لدى ملامسته اياها ليبعد يده بتوتر قائلا: أنا بعتذر لو جرحتك من غير قصد ، ، بس انا فعلا مقصدش اللى فهمتيه خالص .
نظرت اليه فى حيرة من مشاعرها التى تتولد داخلها كلما لامست يده يدها قائلة: امال حضرتك تقصد ايه ؟
لم يدرى فارس بما يخبرها ، ، أيقول لها أنهم فى بلد ريفية وهو يخشى عدم قبول الناس لوجود شابة فى سنها وجمالها فى بيته أم يخبرها أنه يخشاها هى ، ، يخشى تلك الذبذبات التى تتطاير من حولهما كلما اقتربا من بعضهما ، ، وهو الذى لم يخشى أى شئ بحياته قط ، ، تساءل فى حيرة لماذا هى ! هل بعده عن النساء طوال تلك السنوات الست هو ما يجعله سريع التأثر بها هكذا ؟ نفى هذا الاحتمال وهو يدرك استحالته فحوله فى عمله العديد من النساء الذين يتهافتن عليه وهو لا يعيرهم أدنى اهتمام ، ، اذا لماذا هى بالذات لماذا ؟
ابتلع ريقه ، ، وهو يحسم رأيه قائلا: بصى احنا هنجرب ، ، يمكن كل اللى فى دماغى مخاوف ملهاش لازمة ، ، وبصراحة الاولاد محتاجين مربية فى أسرع وقت ، ، ومفيش حد اعرفه غيرك حاليا ايه رأيك لو نجرب ؟
-  -
رغم احساسها بالاهانة لقبوله بها لأنه ليس لديه حلا اخر، ، الا انها أومأت برأسها بهدوء فهى أيضا بحاجة الى ذلك العمل وليس أمامها حلا آخر سوى أن تجرب العمل لديه ، ، افاقت على صوته يقول بهدوء: تمام تعالى ورايا عشان أعرفك على التوينز .
تبعته وهى متوترة ولكنه ما لبث أن توقف فجأة سائلا اياها وهو يقول بفضول: عجبتك اللوحة ؟
كادت أن تصطدم به ولكنها تمالكت نفسها قبل أن تفعل قائلة بحيرة: لوحة ايه ؟
قال فارس و هو يتأمل ملامحها البريئة:
اللى انتى كنتى واقفة تتفرجى عليها من شوية.
ابتسمت سهيله وعيناها تلتمعان لتأسره بتلك النظرة وهى تقول بحماس أعجبه : أكيد دى لوحة عند النافذة لسلفادور دالى اللى كان راسم فيها أخته آنا ماريا ، ، واللى عجبت الفنان الكبير بيكاسو أول ما شافها فى العرض ، ، لحقيقة أعصابى بترتاح جدا لما بشوفها .
ثم صمتت وهى ترى نظرة غامضة داخل عينى فارس لتقول بخجل: بتكلم كتير صح ؟
-  -
ابتسم لأول مرة منذ أن رأته لتتوه فى تلك الابتسامة التى أبرزت وسامته وجعلته أكثر جاذبية ليقاطع شرودها قائلا: بالعكس انا مبسوط جدا انى أشوف حد فى عمرك دا ، ، عنده الاهتمام ده بالفن ، ، ده أكيد حاجة كويسة وفى صالحك جدا .
ابتسمت بخجل قائلة: الحقيقة أنا بحب الرسم جدا وساعات برسم كدة على أدى ، ، بس اللى رسم اللوحة دى فنان ، ، تحسها نسخة طبق الاصل من اللوحة الأصلية جدا .
هز فارس رأسه قائلا بابتسامة: شكرا يا انسه سهيله .
نظرت اليه سهيله بصدمة قائلة: انت اللى رسمتها ؟

ابتسم فارس وهو يومئ براسه قائلا: ساعات برسم كدة على أدى .
أدركت سهيله انه يردد جملتها ليتورد خدها خجلا مما زاد من جمالها ، ، ليتأملها فارس في صمتة قطعته هى قائلة بارتباك : احم طيب اي احنا مش هنشوف التوينز ولا اي ؟
قال فارس وهو يفيق من شروده قائلا: التوينز ، ، اه صح اتفضلى معايا.
تقدمها لتتبعه هى شاعرة بالتوتر، ، فذلك الفارس يجذبها اليه وبقوة .
-  -
نروح عند فهد وزوجته ريناد .
قالت ريناد بدلال: عشان خاطرى يا فهد ، ، لازم نروح حفلة النهارده .
نظر إليها من خلال المرآه التى يقف امامها ، ، يحاول أن يعقد ربطة عنقه دون جدوى فزفر تاركا اياها وهو يقول : مش هينفع يا ريناد ، ، قلتلك ميت مرة مش هينفع ، ، أنا عندى شغل كتير متأخر ومش هينفع أسيبه وآجى بدرى عشان حضرتك عايزة تحضرى حفلة .
ثم التفت اليها قائلا:
وبعدين احنا مش كنا انبارح فى حفلة فيها تقريبا نفس الناس ،، ايه اللى يخلينا نروح انهاردة كمان ؟

قالت ريناد بملل: أووف عليك يا فهودي بقى ،، انت بجد فصيل جدا .
اقترب منها قائلا بحدة وهو يشير اليها باصبعه محذرا: قلتلك مليون مرة مش بحب الاسم ده فياريت متناديليش بيه ،، وبعدين أنا ممنعتكيش تروحى الحفلة اتفضلى روحى ياستى وانبسطى بس أنا مش هروح فاهمة ولا ؟
حاولت ان تمتص غضبه فاقتربت منه قائلة بدلال: خلاص ياحبيبى فاهمة اهدى بس شوية ولا يهمك ياسيدى هروح لوحدى .
ثم ملست على وجنته قائلة : بس انا محتاجة الجريدت كارد بتاعك ياحبيبى .
عقد حاجبيه قائلا:اشمعنا ؟
ابتسمت وهى تقبله على شفتيه قبلة خفيفة لتبتعد عنه قائلة: عايزة اشترى فستان لحفلة انهاردة يابيبى.
أغمض فهد عينيه بيأس ثم فتحهما ليقول بهدوء يخالف ثورته الداخلية: هو انتى مش لسة جايبة فستان جديد الأسبوع اللى فات يا ريناد؟
مطت شفتيها قائلة:
لبسته امبارح يا فهد ،، ولا عايزنى ألبسه انهاردة كمان لأ طبعا ،، مستحيل
قال فهد بملل وهو يخرج بطاقته من محفظته ويمنحها اياها قائلا:
خلاص ياريناد اتفضلى البطاقة أهى بس اعملى حسابك دى آخر مرة هتشترى فساتين السنة دى ،، انتى دولابك مليان فساتين ابقى اختارى منهم اللى يناسب حفلاتك اللى مبتخلصش دي ابدا .
أومأت براسها وهى تأخذ البطاقة من يده و تقبله فى وجنته بسرعة لتدخل الى الحمام وتستعد للخروج فهز رأسه يأسا وهو يخرج من الحجرة متجها الى عمله
-   -
تنهد فهد قائلا: بس ياستى ،، هو ده كل اللى حصل .
عدلت حور من وضع نظارتها قائلة بهدوء:
يعنى هو ده بس اللى معصبك ومخليك مش طايق نفسك بالشكل ده؟
قال فهد بحدة:
يعنى انتى مش شايفة انها حاجة تعصب؟
ابتسمت حور قائلة: لأ مش شايفاها حاجة تعصب ،، ايه يعنى مراتك وعايزة تحضر حفلة معاك ؟ عادى جدا وحقها ،، نفسها تتباهى بيك ياسيدى قصاد صاحباتها ،، وايه يعنى عايزة تشترى فستان جديد ؟ تعيش ياابن خالى وتجيبلها اللى نفسها فيه كله .
ابتسم قائلا: أنا بالشكل ده هيتخرب بيتى سيادتك.
أخذت حور نفسا عميقا تحاول أن تمحى به أثر ابتسامته على قلبها وكادت ان تتحدث لولا ،، سماعهم لطرقات على الباب ليأمر فهد الطارق بالدخول ،، ليدخل الساعى بصينية وضعها على مكتب فهد وخرج بهدوء نظر فهد الى الصينية لتتسع ابتسامته قائلا: انتى اللى طلبتى الفطار ده صح ؟
ابتسمت حور قائلة: أكيد زى عوايدك نزلت من غير فطار ،، فطلبتلك ساندوتشات البيض بالبسطرمة اللى انت بتحبهم والكابتشينو كمان .
وقف ليدور حول المكتب ويجلس أمامها قائلا:
شفتى انتى عارفة عنى كل حاجة ازاى ،، تيجى ريناد بقى وتتعلم منك .
أحست حور بوجع فى قلبها ولكنها تمالكت نفسها وهى تنهض قائلة: انا همشى بقى اروح مكتبي .
امسكها فهد من يدها قائلا بابتسامة: مش عارف من غيرك كنت هعمل ايه يا حور ؟
ابتسمت بمرارة لم يلحظها قائلة : كنت هتعيش ياابن خالى ،، عن اذنك
تمسك بيدها وهو لايدرى كم النيران التى تسرى بجسدها من لمسته ليقول برجاء: استنى افطرى معايا
ابتعدت خطوة ليترك يدها قائلة بتوتر: انا فطرت قبلك يا فهد .
مط فهد شفتيه بطفولة محببة اليها قائلا:
مبحبش آكل لوحدى وانتى عارفة كدا ، ، عشان خاطرى افطرى معايا
ابتسمت وقد رق قلبها له لتتنهد وهى تجلس قائلة:
حاضر ياسيدى ، ، أوامرك دا انا هافطر مرة تانية علشان خاطرك .
ابتسم فهد قائلا: ربنا يخليكى للغلابة يا بنت عمتى يا قمرايه انتي .
ابتسمت دون أن تنطق بلسانها ولكن قلبها قال فى عشق: ويخليك ليا يا ابن خالو يا حبيبي .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي