الفصل الثالث
الفصل الثالث
**************
واعتقدت أن حياتها توقفت نالت لقب اعتبره الكثيرون مهانة ولا يدركون أنه حق أعطاه لها الله حتى إن لم يكن طلاقا رسميا بعد رفضه إتمام إجراءت الطلاق وتمسكه بعودتها مرة أخرى
لم تستطع تحمل رؤية زوجها مع أخرى لم تستطع أن تتخيله مع غيرها تأخذ مكانها بقلبه تستولى على عقله وتفكيره تكن هى الراحة والسكينة
لم تتحمل
لن تستطيع
واخيرا قررت ونفذت لأول مرة فى حياتها دون رأيه ومشيرته
قطعت عروس الماريونيت خيوط قيدها من أصابع محركها
تعبت من الطاعة العمياء فضلت أن تكون وحيدة مبتعدة على أن تكون مجرد زوجة يقسم الليالى بينهاوبين ضرتها التى
لم تكن تتخيل أن يأتى الغدرمنها……….صديقة العمر
صديقتها وبئر أسرارها التى استعملتهم جيداللايقاع بحبيبها وابن عمها عمر
رمت الشباك واقتنصت الفرصة الحاسمة لتصيده وتستحوذ عليه جيدا وتصنتعت بجدارة صورة العاشقة المضحية لأجل حبيبها ورضيت بالزواج المخفى عن أعين زوجته حتى يمهد لها
ولكن لم يكن يعى أنه أشعل بيده بركان ثورتها
قطع بيده كل أوصال الحب والعشق التى تربطهم سويا
الصامتة الكتومة المتحاملة على ذاتها صرخت
بكت
دٌمرت بيده
ثارت طالبت بحريتها وهو رافض
هو يحبها حقا .........ولكنه يحب الأخرى أيضا فهناك رجل يعتبر قلبه كالشرع محلل له حب الكثيرات ولا خطأ
هو يستعمل حقه وعليها أن ترضى
والشرع يحلل اثنتان ......ثلاثة .......أربعة
وكله بما يرضى الله !!!!
حق .......والحق مكفول لكل رجل لايجد مبرر لزواجه من أخرى ..........وأخرى
فيتمسك وقتها بالشرع ليرضى ذاته وغرائزه
حتى إن كان لايصلى وصلاته فرض
هو نسى حق الله ويطالب بحقه فى شرع الله
يستعمل حقه وعليها أن ترضى حتى أن كانت ابنةعمه طفلة
تربت على حبه وهواه
تعلقت به وكان فارس أحلامها
لكن الفارس ترك أميرته وسعى بحصانه وراء ذيل فستان جارية وتركها وحدها لوجعها
(والوجع مؤلم والغدر قاتل محترف سهامه مسمومة ولن يأتى إلا من أقرب ما لديك (
............................
لحد امتى يافريدة
والسؤال واضح واﻹجابة مبهمة سؤال ألقته عليهاصديقتها نهى
التى استطاعت أخيرا إخراجها من البيت بعد معاناة ليجلسا سويا فى إحدى المقاهى بعيدا عن البيت وعن .........سمر
_ممكن تردى عليا هتفضلى لحد امتى قافلة على نفسك كده
الدنيا مش واقفة على حد يافريدة بلاش تفضلى ساكتة ومستسلمة كده فوقى لنفسك ولبنتك بلاش ضعف
رفعت راسها وتنهيدة حارة خرجت من بين ثنايا قلبهامتألمة
_أنا مش ضعيفة يانهى أنا موجوعة.
_عشان إيه تزعلى ليه على واحد ميستهلش ده خاين وبصراحة بقى أنتى السبب
صاحت بها مستنكرة:أنا السبب ازاى بقى هو قلتله روح اتجوز صاحبتى سيبنى أنا وبنتك ومع السلامة
هزت نهى رأسها باستنكار :مقصدش طبعا أقصد انك اديتله الثقة الكاملة وفى نفس الوقت ركزتى اهتمامك على البيت والبنت ولبسه وشغله وكل حاجةتخصه
ونسيتى نفسك
سيبتى شغلك نسيتى كل حاجة كنتى بتحبيهاعشانه وفى الأخر
سابك وراح لواحدة غدارة زى دى دخلت بيتك وعرفت أسرارك حطت عينها عليه والبيه ماصدق قال يغير ويجدد وايه المانع مدام الهانم مديله الأمان ومستحيل تشك فيه
مسحت وجهها بضعف وعيناها زائغة بعيدا وسكنت للحظات ثم عادت ناظرة لنهى:عندك حق بس أنا كنت بدور على سعادته وراحته كان نفسى بيتنا يبقى جنته بس انا فعلا نسيت نفسى وشغلى اللى كنت بحبه عشان أكون معاه
تنهدت نهى بأسى على حال صديقتها كم يحزنها كثيرا ان ترى الوردة اليانعة الجميلة فقدت روعتها وعطرها العبق
لتصبح ذابلة على غصن ضعيف هش سيسقط فى اول مواجهة له مع الرياح
عادت محاولة رسم ابتسامة مشاكسة لتخفى ما يعتمل بصدرها
فريدة سيبك من كل ده المهم هتغدينى ولا اروح بيتنا جعانة
ابتسمت بتهكم :لا هغديكى متخافيش
تراجعت نهى للخلف :طب كويس عشان عاوزة اقولك على حاجة بس لما نتغدى
قطبت حاجبيها متسائلة:حاجة ايه ؟
ضحكت نهى قائلة:لما نأكل هبقى اقولك
.....................
توقفت سيارة جاسم امام منزل مريم التف لهمس التي تجلس بجواره وعيناها تراقب المبنى الذى وقفوا امامه التفت إليه متسائلة:انت جايبنى هنا ليه؟
خلع نظارته الشمسية واعتدل في مواجهتها :همس انا عارف انك مريتى بظروف مش سهلة ابدا الفترة اللى فاتت .......بس للأسف لحد دلوقتى مفيش حد سأل عليكى وانا مش هينفع اسيبك في اى مكان من غير مااطمن عليكى
_يعنى ايه ........احنا رايحين فين ؟
ابتسم بهدوء ليبثها الطمائنينة:احنا هنطلع لمريم هتقعدى عندها كام يوم بس لحد لما نشوف هنعمل ايه
فركت كفيها بتوترونظرت للبيت بقلق وجاسم بجوارها يراقب تعابيروجهها نظرة عيناها التائهة حركة كفيهايدلان على خوفها مما هي ذاهبة إليه رفع صوته بحزم وكأنه قرا مايدور بخلدها:همس متخافيش لو مش عارف انك هتبقى بأمان هنا مستحيل كنت هجيبك ومريم طيبة اوى هتحبيها صدقينى والوضع ده مؤقتا مش على طول
تنهدت بقوة ولكنها ليست قوة موقفها ولكن قوة حيرتها وخوفها من القادم هو محق لا يعقل ان يتركها وحدها دون مأوى وهى لاتعرف حتى من هى ولكنها تخشى ان يطول الأمر وتتطردها مريم كما حدث بالمشفى ولكنها الان مجبرة لاطاعته حتى وان كان الامر مؤقتا كما يقول
.................
وقف امام شقة مريم ينتظر وهى خلفه مرتبكة تقبض على حقيبتها بقوة نظر إليها نظرة أخيرة متفهما مايدور بعقلها
فٌتح باب الشقة ليجد والدة مريم(دولت) تقف أمامه مبتسمة برسمية:أهلا ياجاسم
بادلها الابتسامة :اهلا بيكى ازى حضرتك ياطنط
_الحمدلله كويسة
نظرت خلفه لترى همس خافضة راسهاولكنهاافسحت له الطريق مرحبة: اتفضل
دخل وهمس خلفه وعينا دولت تتفحصها بدقة :مش تعرفنى ياجاسم
التف لهمس وتراجع ليقف بجوارها :دى همس
وصمت لم يستطع أن يكمل لن يكفى مجرد اسمها ليخبرها صفتها
وصوت مريم هو المنقذ الأن :جاسم اتاخرت ليه ؟
التف إليها بارتياح:ازيك يامريم
_انا تمام الحمدلله
لمحت همس فاقتربت منها مرحبة:همس ازيك عاملة ايه
ابتسمت بهدوء وهى تلاحظ نظرات دولت المتحفظة:الحمدلله كويسة
التفت مريم لدولت :دى همس اللى كلمتك عنها ياماما
امسكت بكف همس وحملت حقيبتها قائلة:انا هدخل همس الاوضة عشان تستريح عن اذنكم
ودون كلمة واحدة انصرفت رغم نظرات دولت النارية المحذرة لكنها لم تبالى وجاسم يراقب دولت ونظرتها لمريم ليتاكد حدسه ان ثمة خلاف حدث بينهم بسبب همس وعليه ان يشرح لدولت ماحدث عسى ان تكون رحيمة بها وتقبل وجودها المؤقت ببيتها
واقف ليه جاسم اتفضل اقعد
ودولت امراة اعتادت ان تلقى الأوامر فقط والكل يطيع وهو يعلم ان الامر لن يمر مرور الكرام جلست بكبرياء وأشارت له بصمت ليجلس امامها لتنادى خادمتها وتتطلب منها اعداد القهوة لكليهما
جاسم ممكن افهم منك ايه اللى بيحصل ؟
مين البنت دى وايه علاقتك بيها وجبتها هنا ليه ولو سمحت من غير لف ودوران
هو دائما يرفض نبرة صوتها الآمرة الصارمة وكثيراما يحدث بينهم خلاف وتحتد عليه حتى يكون مطيعا لها ولكن الأمر يختلف مع جاسم هو يعلم مدى صرامتها وقسوتها الظاهرية التى ترى أنها ساعدتها في تربية أبناءها عصام ومريم بعد انفصالها عن زوجها الذى تركها منذ سنوات ولم تكن مريم قد بلغت العامين حينها ومن وقتها ولا يعلم أحداعنه شيئا وانكبت هى على تربية ولديها دون زواج وكرست وقتها وحياتها لهم ورغم ذلك بنيت بينها وبينهم جدار قاسى معتقدة انها تؤهلهم لمواجهة الحياة الصعبة وأصناف البشر لم يتعبها كثيرا الأمر مع عصام ولكن مريم كانت دائما على العكس تماما كلاهما على النقيض من الأخرى
قطع طوق الصمت بينهم دخول الخادمة تحمل إليهم القهوة وضعتها أمامهم وذهبت رفعت دولت إحدهم لجاسم قائلة:مردتش عليا
عاد بجسده للخلف يرتشف قهوته بهدوء : أظن ان مريم قالت لحضرتك على كل حاجة
_أنا بسالك أنت ياجاسم مين البنت دى ووجودها هنا لازمته إيه ممكن أعرف ولا ده مش من حقى أنى ارفض أو أقبل وجودها في بيتى ولا لا وليه ماخدتهاش البيت عندكم
_أنا هجاوب على حضرتك وياريت تسمعينى للاخر
مين البنت دى معرفش ......كل اللى اعرفه انى لقيتها مرمية على الطريق خدتها ودتها المستشفى
هي مين ؟
معرفش
جت منين ؟
برضه معرفش وطبعا ليكى الحق انك تقبلى او ترفضى وجودها
ليه مخدتهاش البيت عندى بصراحة متكلمتش مع حد في البيت ووجودها هنا بشكل مؤقت بصراحة مفيش مكان اقدر آآمن عليها فيها غير هنا
ارتشفت قهوتها بهدوء وهى تستمع لحديثه وعيناها ترمقانه ببرود تحاول سبر اغواره هي تعلم ان جاسم كانت لديه علاقات نسائية كثيرة ومتعددة ولكن هذا قبل توليه مكتب والده وانشغاله بالعمل
حتى خطبته لابنتها هى تثق تمام الثقة أنه اختارها بعقله لا بقلبه وهى ترى ان بذلك زواجهم سيدوم فالقلب بنظرها دائما هو المتهم الأساسى فى فشل علاقتها بزوجها وهى لاتريد لمريم ان تمر بتجربتها
ولكن مستحيل ان يأتى جاسم بإحدى صديقات الماضى لبيت خطيبته لتقيم معهم
وضعت قدح القهوة على المنضدة الرخامية كوجهها البارد الخالى من المشاعر وضعت قدما فوق الأخرى قائلة:يعنى انت متعرفش البنت دى قبل كده .......انت عمرك ليك علاقات كتير ممكن تكون واحدة منهم
ضحك جاسم مقهقها وهو يضع قدحه هو الآخرموجهاحديثه إليها:حضرتك لو كنتى فهمتى كلام مريم كويس كنتى هتعرفى اننا لقيناها سوا يعنى لاعمرى شفتها قبل كده ولا اعرف هى مين وانا مش غبى عشان اجيب واحدة معرفة قديمة بيت خطيبتى وأهلها ولا ايه
هى بالفعل غبية كيف نسيت ان مريم اخبرتها بقصتها وأوضحت لها كل ماحدث
أظن كده أنا وضحت لحضرتك كل حاجة
قاطع صوت عقلها صوت جاسم وهو يعتدل مغادرا:أنا مضطر امشى دلوقتى وان شاء الله هدبر حكاية همس ومش هطول هنا ........بعد اذنك ممكن تندهى مريم
نظرت له طويلا نظرة يأس من فشلها في السيطرة على مجريات بيتها ليجعلها مرغمة استضافة فتاة غريبة عنها التفت مغادرة تنادى مريم التي اتته بعد لحظات :ايه جاسم واقف ليه
تنهد بارهاق:أنا همشى رايح المكتب .....مريم لو حاسة ان وجود همس هنا ممكن يسبب مشاكل أنا ممكن أخدها ونخرج حالا
ابتسمت بهدوء:متخافش وجود همس معايا كويس اوى انا ديما لوحدى زى ماانت شايف برجع من الشغل وافضل لوحدى اكلم الحيطان يمكن وجود همس معايا يسلينى شوية
شعوره نحوها مختلف لم يكن شعور رجل لامراة سيتزوج بها بعد فترة حتى أن لم يكن يحبها نعم هو اختارها بعقله
قلبه لم يعد لديه القدرة على الحب من جديد بعد قصة حب تحولت لماضى يحزن دوما عندما يتذكره وعندما قرر ان يلغى دور قلبه فى اختيار من ستكون شريكة حياته كان لصوت العقل الغلبة ووافق والدته على اختيارها لمريم ابنة صديقتها
شعوره نحوها كاحساسه بفريدة وياسمين شقيقاته لم يشعر ابدا بانها مختلفة عنهم وهذا يقلقه هى ليست باخته هي بعد فترة ستكون زوجته فلما يشعر نحوها بتلك المشاعر
حتى شعوره بالشفقة عليها من والدتها وسلطتها وتعنتها لم يكن لانها حبيبته ولكن لكونها فتاة تعانى ضغط عصبى مرهق داخل أروقة بيتها
جاسم انت هتعمل ايه مع همس ؟
رفع عيناه نحوها رافعا كتفيه بقلة حيلة:مش عارف يامريم بجد مش عارف
_خلاص سيبها هنا كام يوم كده لحد مايحصل حاجة جديدة
_والدتك شكلها مضايقة
رفعت شفتيها بالامبالة:عادى بكرة تتعود
ضم عيناه بقلق:في ايه يامريم مالك بتتكلمى عن والدتك كده ليه في حاجة حصلت ؟
ابتسمت بحزن وهى تربت على ذراعه:متشغلش بالك مفيش حاجة حصلت
تنهد بيأس وهو يعلم أنها لن تبوح إلا عندما تريد فقط أخرج محفظته الجلدية من جيبه واخرج منها بعض المال واعطاه لمريم:مريم همس أكيد محتاجة هدوم وحاجات تانية أنا مش هعرفها زيك خديها واخرجى وشوفى هى محتاجة ايه
_أنا معايا ياجاسم متقلقش
هز راسه رافضا:لا كفاية أنى ورطتك فى موضوعها اعملى اللى بقولك عليه
.........................
والقلب مذبوح
فراق روحها جزء منها اختفى ولاتعلم أين ذهبت أيام وأسابيع وهى بملكوت آخر تراهم جميعا حولها يشفقون عليها وهى لاترغب بشفقتهم عليها ولا حزنهم هى لاتريد إلا همس
صغيرتها الجميلة رغم خلافهم الدائم بسبب عملها وأفكارها الجريئة التى أقسمت لها يوما أنها ستلقى حتفها يوما بسبب تهورها وكأنها كانت تقرأ المستقبل كانت تصرخ بها وتخاصمها أياماًعلها تعود عن ماتفعله علها تترك عملها وتتفرغ للحياة الأسرية التى كانت تحلم بها لابنتها
لكن همس مثل أبيها وجدها تماما عنيدة أبية لا تتراجع ولا يردعها رادع طالما هى على حق وها هى الآن تدفع ثمن عنادها لا تعلم ماحدث لها ومايحدث لها الآن كل ماتعرفه أنها ليست معها ليست بجوارها لتضمها إلى صدرها وهى تحكى لها تفاصيل يومها كعادتها رغم ان الحكايا بينهم تؤدى دائما لشجار إلا أنها لن تتخلف عن عادتها أبدا
بلسم سمعانى
نظرت لزوجها ليتأكد أنها أفاقت من غيبوبتها الأخيرة ولكن دموعها ألمته كل ماحدث يؤلمه ولكن ماباليد حيلة إن استطاع أن يزيل دموعها فلن يستطيع أن يزيل حزن قلبها على غياب همس
انحنى نحوها يمسح على رأسها بحنو:حمدلله على السلامة ياحبيبتى
ردها كان سؤالا لا يعرف له إجابة:لقيت همس يايوسف
اخفض رأسه بألم وهو لايعرف كيف يجيب تساؤلها الوحيد رفع رأسه إليها مجددا:لسه يابلسم ........بس إن شاء الله هترجع ان شاء الله هترجع
بكت بحرقة وهى تتشبث بكفه التى أمسكت بكفهاليجلس بجوارها مهدئا:كفاية يابلسم الله يخليكى أنا محتاجك جنبى تقوينى مش أنتى اللى تزودى تعبى أنا عارف أن كل اللى بنمر بيه ده مش سهل
مش سهل أبدا أغمض عينى وأنا مش عارف بنتى فين
ايه اللى جرالها ..........راحت فين
أنا موجوع زيك بس عاوزك جنبى يابلسم متعودتش أشيل لوحدى ديما كنتى جنبى جاية دلوقتى وتتخلى عنى وتضعفى
عشان خاطرى يابلسم قومى متسبنيش لوحدى
أنا مش عارف أعمل حاجة من غيرك
مش عارف اصلب طولى وانتى مش جنبى
مش انتى اللى بتستقوى بيا...........أنا اللى من غيرك ضعيف
تشبثت بيده أكثر :أنا عاوزة همس يايوسف عاوزة بنتى
ربت على كفها بهدوء واثقا:هترجع باذن الله انا واثق أنها هترجع
......................
دخل لمكتبه بخطوات سريعة يتلقى التحية من موظفي مكتبه حتى وصل لغرفة السكرتارية التى تؤدى إلى غرفة مكتبه ألقى نظره على مكتب مديرة مكتبه (حورية)فلم يجدها
التفت إلى السكرتيرة الأخرى التى تشاركها الغرفة:فين حورية ياوفاء
قامت من مكانها بصعوبة :راحت للأستاذ ياسين عشان تجيب منه ملف القضية لحضرتك
ابتسم لها وهو يشير لبطنها المتكورة :إيه قربتى تولدى ولا إيه
ابتسمت بخجل:لا لسه يافندم
_ربنا معاكى قبل ولادتك بفترة عرفينى عشان تأخدى إجازة وتستريحى شوية
توترت قائلة:مش لازم انا هفضل اشتغل لحد مااحس انى هولد
أجابها بصوت حازم :وفاء اللى قلته يتسمع ومرتبك هيوصلك لحد ماتشدى حيلك وترجعى المكتب تانى مفهوم
ابتسم له بامتنان:ربنا يخليك ياأستاذ جاسم كتر خيرك
اعتدل متجها لمكتبه:لما الست هانم حورية توصل خليها تيجى على طول
أنا هنا
التف ناحية الصوت ليجدها خلفه
حورية أو الأستاذة حورية مديرة مكتب أحمد القاضى سابقا وجاسم حاليا
امرأة في أواخر العقد الثالث من عمرها صارمة قوية واثقة بنفسها وبقدرتها على إدارة المكتب رغم أنف جاسم ورغم مشاغبتهم المستمرة إلا أنها بالنسبة له بمثابة شقيقته الكبرى حتى أن أغلب أسراره معها هى
_تعالى عاوزك
اتجه نحو مكتبه وهى خلفه جلس على كرسيه باسترخاء وأغلقت هى الباب وجلست امامه متسائلة :كنت فين ؟
أجابها وهو مغمض العينان :كنت عند مريم
_وهو ده وقته ياعم الحبيب مش وراك شغل ومكتب وقضايا
اعتدل قائلابجدية:الحكاية مش كده ياحورية
تنهد بضيق:أنا شكلى ورطت مريم مع والدتها
سألته باهتمام :في ايه ياجاسم قلقتنى
كانت على علم مسبق بقصة همس وما الذى فعله معها منذ ان وجدها واخبرها الان انه ذهب بها لبيت مريم لتقيم معهم الفترة المقبلة
:جاسم انا عارفة ان البنت صعبانة عليك بس انت هتفضل شايل مسئوليتها لحد امتى افرض مفتكرتش حاجة او محدش سأل عليها هتفضل معاك كده
مسح وجهه بارهاق :والله أنا شكلى ورطت نفسى فى مصيبة مع البنت دى انا ايه بس اللى خلانى ارجع الليلة دى أقول ايه نصيبى وقدرها
عاتبته قائلة:يعنى هو ذنبها مش كفاية انك بتقول انها متبهدلة ضرب
أوما برأسه:فعلا انتى لو شوفتيها ساعة مالاقيتها مكنتش مصدق ان دى ممكن تعيش بعد اللى شافته والحيوان اللى حاول يعتدى عليها مسبهاش غير لما حس انها ماتت
_منه لله
تراجع في كرسيه قائلا:ياخوفى بقى من دولت هانم اروح الاقيها قتلت البنت دى
ضحكت بعبث لتستفزه كعادتها دوما
وحماتك دولت هانم السلحمار وافقت متكلمتش معترضتش حتى ..........
كاد أن يكمل حديثه ولكن اوقفته كلمتها قطب جبينه متسائلا:أنتى قلتى إيه ؟
إيه ......بقولك حماتك دولت هانم السلحمار مش معترضة على وجود البنت دى
قام من كرسيه متجها نحوها متجهما:أنا نفسى أفهم أنتى لسانك ده هيفضل طويل لحد أمتى مينفعش يتقص منه حتة
وقفت أمامه متذمرة:ياشيخ اتلهى أنت مش فالح غيرفى الكلام
وبس
رفع يده نحوها بغيظ ود لو ضربها ولكنه وقتها لن يسلم منها ومن لسانها السليط أشار لها ناحيةالباب:اطلعى بره ياحورية .........أنا مش فايقالك
وقفت أمامه غاضبة:أنت بتتطردنى ياجاسم هي حصلت
رفع كتفيه بلامبالة :عادى ماأنا كل يوم بطردك مش جديد عليكى يعنى
_أقول إيه بقى أنا برضه اللى لسانى طويل ياابن القاضى
ضرب كفيه ببعضهما بغيظ:أنا نفسى أفهم أبويافضل مستحملك
ازاى السنين دى كلها
رفعت ذقنها بغرور وهى تتجه نحو الباب:عشان تعرف بس قيمتى ده أنا فى المكتب ده من أيام ماكنت أنت بتقف تعاكس البنات بتوع ثانوى ولاناسى
اتجه نحوها سريعابسخط:امشى ياحورية بدل ودينى ليكون آخر يوم ليكى هنا فى المكتب
ضحكت بغرور:متقدرش طبعا هو المكتب ده يقدريمشى يوم من غيرى مستحيل بس على العموم أنافعلا مش فاضية اقف أتكلم
معاك عن اذنك وراياشغل كتير
تركته يضرب كفيه ببعضهما:حسبى الله ونعم الوكيل فيكى ياحورية دى بتذلنى وكأن أنا اللى شغال عندها
عاد لمكتبه ليجلس على كرسيه باسترخاء ولكنه اعتدل ضاحكا :يخرب بيتك ياحورية .........دولت هانم السلحمار
بس عندك حق ماهى شبه العسكرى الأخضر اهاا اياخوفى منك يادولت هانم السلحمار
......…….......
خرجت حورية ليقابلها( ياسين )
ياسين عامر ابن خال جاسم ومحامى بالمكتب فى أواخر العقد الثانى من عمره تولى وظيفته بعد تخرجه مباشرة من كلية الحقوق نال من علم احمد القاضى الكثير والكثير حتى أصبح تلميذه النجيب وعندما ترك العمل لجاسم كان له خير معين وكلمته مسموعة كجاسم تماما خصوصا في حالة غيابه
نظرت إليه متسائلة بفظاظة:نعم ؟
اقترب منها مبتسما بعبث:نعم الله عليكى ياأبلة
صرخت به غاضبة:يااااااسين
ضحك أكثر لاغاظتها:نعمين ياأبلة
اتجهت نحو مكتبها ليسرع هو ناحية باب غرفة جاسم متشبثا بمقبض الباب وهو يراها تخرج سكين صغير من درج المكتب صاح بها :أقسم بالله ألبسك قضية ياحورية ده سلاح أبيض ياأبلة
اتجهت نحوه وعلامات الشر تكتسح وجهها :أنا مش قلتلك تبطل أبلة دى
كتم ضحكته بصعوبة وهو يحاول الإمساك بالسكين من يدها:طب بذمتك رايحة جاية في المكتب تزعقى في ده وتبهدلى فى ده كأننا في مدرسة أقولك إيه يعنى .......ياحضرة الناظر
رفعت السكين مجددا نحوه وصاحت به :أنت تدخل لابن عمتك من سكات تقول الكلمتين وتخرج مش فاضين احنا للهزار بتاع حضرتك
نظر للسكين بقلق:حاضر حاضر بس نزلى البتاعة دى .......السلاح يطول عاوزة الناس تقول علينا إيه مذبحة في مكتب أحمد القاضى عيب ياحورية عيب مش كده واحدة في سنك تعمل كده
صرخت به أكثر:سن مين دى ياأبو سن
ياااااااسين شوف أنت رايح فين بدل ماتبقى جريمة بجد يلا انصرف
ابتعد عنها يعدل من هندامه:إيه انصرف دى شيفانى عفريت أودامك طب ده أنا حتى واد جامد وكده يعنى
وجد من يجذب ذراعه بقوة ارتعش خائفاواتسعت عيناه بقلق وهو يلتف ببطء ليجد جاسم خلفه صرخ فيه غاضبا:هو في إيه عفريت بره وعفريت جوه أنتوا متفقين عليا بقى
كز جاسم على أسنانه بغيظ بهمس :عفريت إيه ياابن طنط اعتماد
ضربه ياسين على كتفه بمزاح:ماعفريت إلا بنى آدم ياجاسم ياأخويا
استطرد قائلا:ثم أنت بتجيب سيرة أمى ليه أدك هى
_آسفين ياأستاذ ياسين ........خير في إيه
صاحت به حورية :جاسم خد ابن خالك جوه بدل مااقتله وخليه يبطل حكاية أبلة دى مفهوم
رفع جاسم كفه برسمية:آسفين ياأستاذة حورية
دفع ياسين داخل المكتب وهو يكمل :متخافيش هعمله الأدب من أول وجديد بعد اذن حضرتك
أغلق الباب وهو يدفع ياسين للداخل :مش هتبطل تناكف فيها
عدل ياسين من هندامه ضاحكا:ياعم بهزر معاها
اتجه جاسم لمكتبه ليجلس ياسين أمامه متسائلا:أخبار الشغل إيه
أجابه وهو يضع ملف قضية على المكتب ويجلس امامه :كله تمام خلصت مذكرة قضية أحمد الشناوى وكله تمام
راجع جاسم الأوراق أمامه بنظرة سريعة:طيب تمام اوى كده قدرنا نجمع كل خيوط القضية في أيديناوالحكم في صالحنا باذن الله
ابتسم له بثقة:طبعا ياابنى أنا اى حد برضه ده ياسين على سن ورمح
رفع راسه إليه مبتسما بمرح ماشى ياعم ياسين
التف إليه ياسين بجدية :عاوز اقولك على حاجة مهمة
اصغ إليه باهتمام:خير في إيه
_أنت مش ملاحظ القضايا اللى بدأت تيجى المكتب وبعدين أصحابها يسحبوها تانى
عاد جاسم للخلف قائلا:طبعا ملاحظ حاجة زى دى مش هتعدى من تحت ايدى الحكاية دى وراها جاسوس في المكتب بيأخد العملاء ويوديهم لمكتب تانى وأكيد له نسبة شغال سمسار يعنى بس بقى مين هو الجاسوس ده
أردف ياسين قائلا:قصدك جاسوسة
اعتدل جاسم بغتة :جاسوسة ………..أنت عرفت حاجة
_لحد دلوقتى شاكك مش متأكد
-انجز ياياسين تقصد مين ؟
-سهير
قطب حاجبيه محاولا تذكر الأسم:سهير مين ؟
-سهير محفوظ ياجاسم أيه مش عارفاها
-مش دى البت اللى كانت شغالة فى مكتب سامى خيرالله
أوما برأسه مجيبا:أيوه هى
-وانت عرفت إزاى ؟
-القضية الأخيرة كانت عندها والعميل سحب القضية حسيت ان الحكاية مش مظبوطة فضلت ادور لحد مااتاكدت ان القضايا اللى اتسحبت قبل كده كانوا معاها .........ومن كام يوم شفتها واقفة مع صاحب قضية مصنع الأسمنت وبعدها بيومين الراجل جه سحب القضية
عاد جاسم بجسده للخلف مفكرا:كل دى مش أدلة
-ازاى ياجاسم دى واضحة زى الشمس
-مش معنى أن القضايا اللى كانت معاها أصحابها سحوبها يبقى هي خليتهم يعملوا كده وحتى لو عملت كده فعلا مستحيل يقولوا عنها حاجة الحكاية هتبقى باتفاق ان اسمها ميظهرش خالص
وبرضه مش معنى أنك شفتها مع واحد من العملاء يبقى ده دليل إدانة عادى واحد له قضية عندها وبيسالها على القضية
-وهو أنت هتصدق الكلام ده ؟
-لا طبعا مش هصدق بس هو ده الكلام اللى هتقوله
-طب إيه رايك أخلى حد يمشى وراها
ضحك جاسم قائلا:هشغلك مخبر ياياسين إيه رايك
امتعض وجه ياسين :أحنا هنهزر ولا إيه اومال هنتاكد ازاى ؟
اعتدل جاسم فى جلسته قائلا:شوف ياسيدى أحنا فعلا هنخلى حد يمشى وراها بس مش دلوقتى
-اومال امتى ؟
-اكيد فى قضية تانية هتتسحب منها وعشان كده عاوزك تبعدها عن اى قضية كبيرة ولها وزنها يعنى قضية جنحة ماشى قضية خفيفة وهتلاقيها جت وطلبت منك أن الشغل ده مش نافع معاها وانت تستنى شوية وتحط تحت ايديها قضية كبيرة اه هتاخد العميل وتروح بيه لحد تانى ساعتها المكتب كله لازم يعرف ان فى جاسوس فى المكتب وانى بدور عليه وهعرفه
-طيب ماهى كده هتهرب
ضحك ليستفزه أكثر:إيه أنا قلت حاجة تضحك؟
-ياياسين تهرب تروح فين أولا مفيش دليل انها خلت العميل يسيب المكتب ويمشى بس هي هتتلخبط هترتبك وتعمل اى رد فعل متهور وغبى ساعتها حضرتك طبعا ليك الناس بتوعك نعرف راحت وجت منين وهى بنفسها هتوقع لوحدها
هز ياسين رأسه باعجاب :تعجبنى دماغك ياابن عمتى ........هو صحيح عمتى طابخة ايه النهاردة
زم جاسم شفتيه غيظا:حلال فيك اللى بتعمله حورية امشى يلا على مكتبك بقى ورايا شغل كتير
..........................
..........................
بناية عالية ضخمة شرفات زجاجية مطولة تعكس نور الشمس الدافئ الذى نادرا مانشعر بحرارته فى أيام شهر مارس الباردة
تقف أمامها فريدة بصحبة نهى صديقتها تنظر لها بحنين لسنوات مضت عندما كانت تعمل بها في احدى مكاتب الديكور المعروفة التي يمتلكها عمهارائف تتذكر عندما تركته وتركت كل حلم سعت لتصل إليه تتذكر كل فرحة عندما تنهى مشروع تسلمته وشعوره بالفخر بها ثقته برؤيتها الفنية وقوفها وسط العمال بثقة وقدرة على السيطرة على عملها رغم صغر سنها ولكنها ثقة اكتسبتها من عملها معه قبل تخرجها
تذكرت كماكانت حمقاء لتترك كل هذا من أجله من أجل سعادته
ولكنه سعى لاهثا خلف أخرى لتجد نفسها وحيدة مكسورة ولاعزاء للحب هو ليس له مكان الآن فى حياتها ترى حبها سبب لانكسارها هو من جعلها أسيرة لقيوده ونسيت أن الأخذ مقابل العطاء لاتعلو كفة فوق كفة لن يكون ميزان عادل ستفشل رمانة الميزان فى المساواة بينهم ولهذا يجب أن تتوافق الكفتين ولكنها فشلت فى ذلك .........تعودت فقط على العطاء ناسية ........
أو متجاهلة حقها فى الأخذ وهو تعود هى تعطى .......هو يأخذ ولا يعطى
وهى الوحيدة الملامة ........حتى لو كانت ضحية لحب كاذب
لامست نهى ذراعها بعدما تحدثت لها بالكثير وفريدة شاردة فى ذكرياتها ولم تنتبه لثرثرة رفيقتها شعرت بيدها تلامس ذراعها :إيه يافريدة سرحانة فى إيه
تنهدت وعادت تنظر للبناية مرة أخرى :بفتكر زمان يانهى معقول السنين عدت كده بسرعة
_أيام بتجرى من عمرنا يافريدة ..........قطر ماشى مش بيقف فى محطة يستنى حد
ضحكت عابثة وأكملت:شكل الفرامل بايظة
ابتسمت فريدة ابتسامة جانبية وكانها فقدت القدرة على مبادلة صديقتها ضحكها وعبثها هزت رأسها تنفض عن عقلها ذكريات ماضية والتفت إليها متساءلة:احنا جايين هنا ليه
-طب نطلع الأول وبعدين اقولك
حذرتها قائلة:نهى .......فى إيه اتكلمى على طول
تباطئت ذراعها ترغمها على مواصلة الطريق لاعلى درجات السلم الرخامى متجهة نحو مدخل البناية:هنطلع فوق وافهمك كل حاجة ياديدة ......يلا بقى
تحفظ كل شبر فى المكان درجات السلم الرخامى .....موظفى الأمن
الحركة الدئوبة داخله..... اتجاه الطرقات المؤدية إلى مكاتب الموظفين
كل شيء كما كان .....كأن الزمن توقف هنا ولا يريد المواصلة
ظلت تتابع بعيناها كل شيء حتى اتجهت مع نهى لمكتب الدكتور رائف القاضي عمها و مالك الشركة وأستاذها الجامعى وقفت خلفها وهى تستاذن للدخول حتى سمعت صوته يأذن لها واصلت نهى طريقها وفريدة خلفها وجدت نفسها فى غرفة رائف فجأة سخرت من شرودها الذى وصل بها إلى هنا ولاهى تدرى
خرجت من سحابة الذكريات لأرض الواقع على صوت رائف يرحب بها بود :أهلا أهلا يافريدة
صافحته باحترام:أهلا بيك ياعمو ازى حضرتك ؟
-بخير الحمدلله إيه الشركة موحشتكيش الفترة دى كلها ولا إيه؟
ابتسمت وعيناها تجوب الغرفة :كل حاجة وحشتنى .....كل حاجة زى ماهى كأنى لسه سيباها امبارح
أشار لها ولنهى بالجلوس ولكن نهى اعتذرت متعللة بعملها تاركة له المجال ليفاتحها فى الأمر الذى اتفقا عليه سويا
جلس قبالتها قائلا:ازيك يافريدة طمنينى عليكى
أؤمات برأسها مجيبة:الحمدلله كويسة
-مش باين
رفعت عيناها إليه والتوت شفتيها بابتسامة ساخرة:ليه ياعمو ماأنا كويسة اودامك أهوو
_قصدك القشرة اللى بره هى اللى واضحة أنها كويسة..... بس أنا متاكد أنها قشرة هشة مع أول وقعة هتتكسر وتتفتت
أخفضت عيناها ألما وقهرا ثم عادت ورفعت كفها لتمسح وجهها بقوة:إيه اللى هيكسرنى أكتر من كده
أحزنه حالها ضعفها وهشاشتها بعد أول اختبار حقيقى تواجهه فى الحياة كان دائما يظنها قوية لن يؤثر بها طلاقها يعلم أنه أقسى ماتمر به إمراة خصوصا أن كانت تحب زوجها كحبها لعمر ولكن أن أرادت أن تواصل حياتها عليها أن تكون أقوى حتى أن اهتزت مع الرياح تظل كشجرة قوية تتمايل أغصانها مع الرياح ولكن تظل الشجرة قوية ثابتة متمسكة بجذروها
ولكن من رأها الآن زهرة هشة ضعيفة لن تواجه الرياح ولن تتحمل زخات المطر فوق أوراقها وهذا مالايريده
عمر خلص إجراءت الطلاق ولا لسه
نظرت نحوه فجأة كأنها نسيت أنه تركها فعلا وكأن رائف ذكرها بأمر تحتسبه خيال ......كابوس
دارت عيناها فى الغرفة تخفى دموعها عنه تكتم شهقة ألم يصدح بها صدرها عادت تنظر إليها وهى تحاول رسم ابتسامة على وجهها ولكنها فشلت كما فشلت فى كتمان دموع اغرورقت بها عيناها
لسه ......رافض يكمل إجراءت الطلاق ......مش عاوز يطلقنى
_طيب مش ده معناه أنه لسه شاريكى وبيحبك يافريدة
قامت من مكانها غاضبة وصوتها يصيح بألم :بيحبنى ......مين ده اللى بيحبنى عمر مش بيحب غير نفسه وبس صعبان عليه أنه يترفض أنه ميبقاش مرغوب فيه فى حياتى وحياة بنته ......لكن حب لا......عمر ميعرفش حب .......عمر بياخد وبس ميعرفش يدى
وللأسف أنا اللى عملت فيه كده
وسألها ليجعلها تتحدث تخرج من قوقعتها المغلقة يحثها على الحديث علها تستريح ويهدأ نزيف قلبها :ازاى يافريدة ....محدش حب عمر قدك
أومات برأسها مجيبة:صح وعشان كده فضلت أدى ....وأدى ومطلبش المقابل أو بمعنى أصح اتنازلت عنه فى سبيل أنه يبقى مبسوط ونسيت نفسى نسيت أفرح ....نسيت احس انى عايشة وهو ....
وهنا صمتت أغلقت عيناها بألم بقهر ولوم لذاتها ولقلبها الذى خذلها معه ليظل نابضا باسمه وله مع كل مافعله
فتحت عيناها مرة أخرى ومسحت وجهها وعادت ترسم على وجهها ابتسامة باهتة وهى تجلس أمامه متسائلة:خير بقى يادكتور حضرتك كنت عاوزنى ليه ؟
يعلم أنها تهرب من ذكرى ....من حب يسرى فى شريانها سريان الدم فى العروق .....ولكنها الآن بحاجة لا لنسيانه ولكن تجاهله .....حتى وإن كان تجاهل مؤقتا
_عاوزك ترجعى شغلك يافريدة
أجابته بسؤال مندهش:ارجع ازاى
_ايه هو اللى ازاى .....ترجعى شغلك وسط زميلاك .....وسط العمال وسط كل حاجة حبيتها وكنتى بتبقى مبسوطة بيها
ياديدة الدنيا مش واقفة على حد ......عمر اعتبريه محطة عديتى عليها حصلك فيها مشاكل ....اتالمتى بس القطر هيكمل طريقه لحد مايقف في محطته الأخيرة وياتكملى طريقك وتعافرى .......ياتنزلى وتستنى فى محطة عمر والقطارات كلها رايحة جاية عليكى وانتى هتفضلى واقفة كده محلك سر
وأنا بقى راجل محبش اتعامل مع حد ضعيف اللى يتعامل معايا يكون قوى كل لما يقع يقف تانى ويكمل هيجراله كتير وهو عارف ......بس برضه عارف انه هيوصل .......ها يابنت اخويا ناوية تجمدى كده وتقفى على رجليكى ولا ناوية تقعدى جنب أمك تقشرى بصل
وهنا خرجت ضحكتها عفوية من القلب حتى عيناها ضحكت كأنها كانت بحاجته لتبتسم لتضحك من قلبها كالماضى المنصرم ......ولكنه على حق دائما هو على حق .......يكفيها ألم وتخاذل فى حق ذاتها .....وحق جودى
رفعت رأسها إليه بثقة:موافقة ياعمو ......ابتدى الشغل من امتى
قام متجها لمكتبه:تروحى دلوقتى تبلغى ابوكى ووالدتك وبكره الساعة تسعة الصبح تكونى على مكتبك .......تسعة وخمسة معنديش شغل لحضرتك .......وتنسى تماما أنى عمك اتفقنا
ابتسمت بامتنان:حاضر ياعمو
صاح بها يرسم على وجهه غضب كاذب:نعم يااختى عمو إيه احنا فى الشغل ......اسمى الباشمهندس رائف او الدكتور رائف اوعى تنسى أنا لا عمك ولا أعرفك
.......................
مكالمة تفصيلية لابنها الأكبر تخبره بما فعلته مريم ووجود همس ببيتهم وهو يستشيط غضبا من جاسم وفرض سطوته على بيته فى غيابه
العلاقة بينهم لم تكن مريحة لكليهما منذ البداية عصام يتبع نهج دولت فى صرامتها مع مريم يبدو أمامها وأمام الجميع الشقيق الحنون الخائف دائما عليها ولهذا يغلق عليها دائما نوافذها للحياة
رفض أن تكمل رسالة الماچستير وحجته خوفه عليها من مجتمع فقد أخلاقه ورجولته ونخوته و ....و....و....إلى آخر مافقده المجتمع القاسى وهو الخائف القلق على صغيرته التي لا تعرف من حطام الدنيا غيره وغير دولت يكفى دراستها الجامعية يكفيها انها تعمل
حتى عندما أحبت وعشقت وقف أمامها رفض زواجها ممن أحبت قتل بينهم كل أمل لاتمام زواجهم ورحل الحبيب وهى فقدت الأمل فوافقت على أول من يدق الباب علها تخرج من عالمها المحزن الكئيب وكان نصيبها جاسم الذى ارتبطت والدته بوالدتها بعلاقة صداقة وكل منهما أرادت أن تتوطد العلاقة أكثر بزواج الأبناء
وبقيت هى فى غرفتها ........عالمها التى تحيا به وحدها بعيدا عنهم وأمرها لايهمه........يكفى أنها بالبيت لا علاقات لا أصدقاء فقط عملها وبيتها سعيدة أم لا أمور استثانية بالنسبة إليه وقريبا سترحل لبيت زوجها وتنتهى مسئوليتها بالنسبة إليه لكن مافعلته بمشاركة جاسم !
كان تحديا سافرا له ولكينونته
كسرت قوانينه ...........تصرفت دون علمه حمقاء هى كعهده بها دائما
سمحت لفتاة غريبة مجهولة بالبقاء فى بيته ولكنه لن يرضى سيعود ويخرجها ولن يهمه أمرها أيا كانت هو لن يسمح لأحد أن يلغى سلطته خصوصا جاسم هو لا يكرهه ......ولا يحبه
هو مجرد رجل جاء ليتزوج بشقيقته محامى معروف سمعة لابأس بها ولكنه لن يرضى أن يجبره على فعل أمر يرفضه
..........................
منذ أتت لمنزل مريم وهى تحاول جاهدة استجماع بقايا ذاتها تشعر بغربة .......شتات .....حيرة
خوف من القادم ومن الحاضر الذى تعيشه لاتنكر مدى جمال روح مريم وصفاء روحها ولكنها دائما ماتشعر بها حزينة مكسورة
علاقتها بدولت علاقة متوترة .....شائكة لاتعلم مابينهم ولاتريد ولكن حزن مريم يحزنها هى لاتعرف أحد غيرها وغير جاسم الذى وكعادته اختفى منذ آت بها إلى هنا
خرجت مع مريم للتسوق كما طلب منها جاسم واشترت لها الكثير مما تحتاجه كانت بحاجة للتنفس بعيدا عن أعين دولت المتسلطة كشخصيتها تماما كانت فرصة لكليهما للتحدث بعيدا عن البيت ودولت
جولة تعدت الأربع ساعات فى شراء ماتحتاجه انتهت بمطعم لتناول البيتزا التى اقترحتها مريم بطفولية مرحة وكأن تناول البيتزا بالنسبة لها رغبة لذيذة لا تحصل عليها دائما
وعينا همس تدور فى الجالسين حولها تنظر فى الوجوه علها تعرف أحدهم أو يعرفها
انتبهت على صوت مريم تناديها :همس بتفكرى في إيه
ابتسمت بحبور:ولا حاجة .......أنا فعلا مش قادرة أفكر فى حاجة
تفهمت مريم مابها كأنها تتحدث عنها أحيانا عندما تنظر إليها تتمنى أن تكون مثلها فاقدة للذاكرة فاقدة لكل شئ ولكن هل وقتها ستكون سعيدة لاتعلم ؟
مريم
رفعت عيناها إليها منتبهة:أيوه ياهمس
والسؤال على شفتيها يخشى البوح وعقلها مصمم عليه والقلب يخشى حزن مريم ولكن دائما عقلها يسيطر :مريم هو أنتى مش مضايقة من وجودى معاكى .........يعنى خصوصا أن جاسم هو اللى جبنى عندك
ضاقت عينا مريم بتساؤل :ليه بتقولى كده
اخفضت همس رأسها خجلا تتذكر ليلة أمس
كعادتها منذ أتت لتعيش مع مريم وهى دائما فى غرفتها التى تشارك مريم فيها تخشى كثيرا مقابلة دولت تعرف أنها ترفض وجودها لاتلومها فهى تدافع عن حريتها وخصوصيتها فى بيتها
وهمس بالنسبة لها مجرد دخيلة لم تحدثها بكلمة تسئ إليها ولكن يكفى أنها ترفض الجلوس معها فى مكان واحد واتخذت همس قرارها وانفصلت عنها وظلت في غرفتها ليلا ونهارا
ولكن صوت نقاشها العالى مع مريم في تلك الليلة لفت انتباهها خصوصا أن غرفتها ملاصقة لغرفة دولت
أنتى مجنونة البنت دى وجودها هنا خطر عليكى لازم تتصرفى خليها تمشى تروح في أي مكان بس لازم تمشى أنتى فاهمة
_لامش فاهمة ياماما همس ظروفها صعبة وانتى عارفة أنها فاقدة الذاكرة مش فاكرة حاجة ولاتعرف حد ازاى عاوزانى اسيبها تمشى من هنا تروح فين يعنى
_دى مش مشكلتى دى مشكلة الأستاذ جاسم يتصرف هو زى ماجابها هنا ياخدها يوديها في أي مكان
ثم استطردت قائلة:ثم أنتى ازاى مش خايفة منها على جاسم مش خايفة تخطفه منك
ضحكت مريم بسخرية:إيه ياماما جو الأفلام القديم ده ......تخطفه إيه هو عيل صغير
_صاحت بها غاضبة:لا مش عيل صغير ده راجل والبنت حلوة وأى واحد يشوفها هتعجبه ده أناخايفة على عصام أخوكى منها
اتسعت عيناها بدهشة:تخافى على عصام منها .......خافى عليها هى من عصام أنتى ناسية إبنك وعمايله مع البنات
صرخت دولت غاضبة:اخرسى خالص أوعى تتكلمى عن أخوكى الكبير كده أنتى فاهمة
كتمت مريم غيظها واكملت بعند:ماشى ياماما هخرس وهسكت زى ماأنا على طول ساكتة بس همس مش هتخرج من هنا وانسى بقى حكاية أنها تخطف جاسم منى أنا واثقة فيه جدا متقلقيش
مسحت همس دموعها وهى تستمع لدولت وإساءتها لها ولكن ماباليد حيلة حتى جاءت إليها الفرصة لتدافع عن نفسها أمام مريم عندما أخبرتها أنهم سيخرجون في الغد لشراء ملابس أوصاها جاسم بشراءها لها
عادت من ذكرى ليلة أمس على صوت مريم :في إيه ياهمس مالك عاوزة تقولى إيه
:بصراحة سمعت مامتك وهى بتزعق معاكى امبارح بسببى
تفهمت مريم ماتريد قوله فابتسمت لها بهدوء:تقصدى أنها خايفة أنك تخطفى جاسم منى ؟
عضت همس شفتيها بارتباك :أيوه سمعتها بتقولك كده
ثم اندفعت مدافعة:بس والله يامريم أنا بحبك وبخاف عليكى ومستحيل أعمل كده أنا عارفة أن مامتك مش بتحبنى ومش طيقانى ........بس غصب عنى والله ......... ياريتنى أعرف أنا مين ولا فين أهلى وأنا اروحلهم على طول ومش هخليها تزعلك بسببى أبدا
ربتت مريم على كفها والابتسامة المشرقة تزين ثغرها :ومين قال أنى خايفة منك ياهمس .........وسيبك من حكاية أنك تخطفى جاسم منى
ماما طول عمرها كده بتشك في أحد غريب عنها شايفة أننا فى غابة ومفيش حد بقى بيحب التانى من غير مصلحة
أكملت ضاحكة : أما جاسم بقى عشان كان له علاقات كتير بس الكلام ده من زمان أوى وللأسف عرفت أنه ساب كل دول عشان واحدة بس وعارفة أنه لسه بيحبها لحد دلوقتى
والبلاهة هي الوصف الدقيق لوجه همس بعد جملتها الأخيرة ومريم فهمت مايدور بعقلها تنهدت حزن وهى تعود بجسدها للوراء
والحيرة تغزو عقلها وهى تكمل :بصراحة أنا مش عارفة أنا بحكيلك ليه .......أحنا يدوب نعرف بعض من فترة صغيرة حتى الكام يوم اللى قعدتى معايا فيهم كان صعب أنى أثق فى أحد بالسرعة دى ........بس أنا مرتحالك حاسة أنك قريبة منى كأنك أختى اللى اتحرمت أنها تكون ليا .......صحبتى .......مش عارفة بجد مش عارفة بس حسيت أنى عاوزة احكيلك واشكيلك وأنا مش قادرة اشكى ولا أحكى لأمى
لاتعرف همس لما أرادت الآن أن تحتضنها بقوة أن تخفف عنها مريم فتاة صافية القلب والروح نقية كقطرات الندى فى بداية كل صباح
ولكنها ضعيفة مستكينة لأمرها ولا تفكر فى التغيير كأن الوضع يعجبها وهذا شبه مستحيل
مريم تريد الثورة على أمها .....على أخيها ولكنها تكتم ثورتها بقلبها وهى متأكدة أن المعركة بينهم لن تكون بصفها أبدا
أكملت مريم وعقل همس مازال يبحث عن إجابة لحيرتها بأمر مريم
أنا وافقت على خطوبة جاسم بصراحة عند في عصام أخويا هو كان رافض جاسم يعنى بيقول أنه مغرور ومتكبر مع أنى مشفتش حاجة من دى خالص جاسم راجل أى بنت تتمناه وأنا حاسة أنى هبقى مرتاحة معاه
سألتها همس بمرح: بتحبيه بقى
تنهدت بضعف:أنا مش عارفة احساسى من ناحيته اسمه إيه بالظبط برتاح جدا معاه وببقى مبسوطة وحاسة أنى مع راجل يحمينى
حتى لما عرفت حكاية حبه للبنت دى فضلت متمسكة بيه واهو موضوع وانتهى مش هنكر أنى كنت غيرانة فى الأول بس بعد كده الموضوع عادى ما دام مش هيأثر على حياتنا خلاص
سألتها باستغراب :وإيه حكاية حبيبته دى
أصل جاسم كان بيحب واحدة زميلته كانت قصةحبهم بيحكوا
ويتحاكوا عنها بس والدها رفض جوازهم وجوزها لواحد شريكه وخصوصا أن كان في مشاكل بين أبوها وبين أونكل أحمد والد جاسم
وهى رفضت تضحى ......رفضت تقف مع جاسم واتجوزت وسابته
سألتها همس بحيرة من معرفتها تفاصيل قصة حبه لأخرى:وانتى عرفتى ازاى ؟
ابتسمت مريم قائلة:هو اللى حكالى
أما الحب بقى يجى بالعشرة زى مابيقولوا وادينى عايشة
بكره اتجوز واخلف واطلع عقدى عليهم زى ماأمى وعصام بيعملوا فيا .........كل واحد فيهم عنده نقص بيعوضه بتحكمات فيا كأنى حيطة مايلة
كزت همس على أسنانها بغضب و هزت رأسهامعترضة على حديث مريم حتى كادت أن تصرخ بهاولكنها تنفست ببطء
وحاولت أن تهدأ قليلا ولكن صوتها خرج ثائرا بقوة:أنتى ليه
ضعيفة كده يامريم
ليه ساكتة على كل ده
رفعت كتفيها بلامبالة:عادى وأنا يعنى ممكن أعمل إيه اهى حياة أخرها موت
واللى بينهم إيه ؟
والسؤال بسيط ولكنه صادم .....
ولكن إجابته نجهلها دائما أونعلمها لافارق
سألتها مريم بحيرة :يعنى إيه اللى بينهم ؟
أكملت همس بانفعال:يعنى من يوم ما اتولدنا لحدمانموت احنا
بنعمل إيه أحنا متخلقناش عشان نموت وخلاص أكيد وجودنا له ضرورة أكيد أحنا جايين الدنيا نعمل حاجة ........مش جايين عبث يامريم
أنتى ضعيفة أودام والدتك وأخوكى وده خلاهم يسيطروا عليكى كل يوم أكتر من اللى قبله........علاقتك بجاسم لازم تكون مبنية على حب وتفاهم وإلا تبقى أخرها إيه جواز وعيال معقدين
اتسعت عينا مريم بدهشة فسألتها بحيرة:أنتى عرفتى الكلام ده منين ؟
هزت رأسها بحيرة:معرفش ......انا قرأت عندك كذاكتاب
ومقتنعة بكلامهم أوى وحسيت أنى عاوزةأقولهالك مش
عاوزاكى تكون ضعيفة متسبيش عمرك يجرى منك وأنتى واقفة تتفرجى عليه فوقى يامريم..........دورى على نفسك
بلاش.........بلاش توصلى أنك تبقى زيى فاقدة كل حاجة ناسية كل ذكرى كل يوم عدى عليا وأنا معرفش إيه اللى حصلى فيه ........طيب أنا وغصب عنى.......لكن أنتى لا فوقى يامريم عشان ميجيش عليكى يوم وتشوفى دولت تانية فى المراية.........متزعليش
منى أنا مقصدش أهين والدتك........بس حرام تبقى صورة
منها بجد حرام
***********
**************
واعتقدت أن حياتها توقفت نالت لقب اعتبره الكثيرون مهانة ولا يدركون أنه حق أعطاه لها الله حتى إن لم يكن طلاقا رسميا بعد رفضه إتمام إجراءت الطلاق وتمسكه بعودتها مرة أخرى
لم تستطع تحمل رؤية زوجها مع أخرى لم تستطع أن تتخيله مع غيرها تأخذ مكانها بقلبه تستولى على عقله وتفكيره تكن هى الراحة والسكينة
لم تتحمل
لن تستطيع
واخيرا قررت ونفذت لأول مرة فى حياتها دون رأيه ومشيرته
قطعت عروس الماريونيت خيوط قيدها من أصابع محركها
تعبت من الطاعة العمياء فضلت أن تكون وحيدة مبتعدة على أن تكون مجرد زوجة يقسم الليالى بينهاوبين ضرتها التى
لم تكن تتخيل أن يأتى الغدرمنها……….صديقة العمر
صديقتها وبئر أسرارها التى استعملتهم جيداللايقاع بحبيبها وابن عمها عمر
رمت الشباك واقتنصت الفرصة الحاسمة لتصيده وتستحوذ عليه جيدا وتصنتعت بجدارة صورة العاشقة المضحية لأجل حبيبها ورضيت بالزواج المخفى عن أعين زوجته حتى يمهد لها
ولكن لم يكن يعى أنه أشعل بيده بركان ثورتها
قطع بيده كل أوصال الحب والعشق التى تربطهم سويا
الصامتة الكتومة المتحاملة على ذاتها صرخت
بكت
دٌمرت بيده
ثارت طالبت بحريتها وهو رافض
هو يحبها حقا .........ولكنه يحب الأخرى أيضا فهناك رجل يعتبر قلبه كالشرع محلل له حب الكثيرات ولا خطأ
هو يستعمل حقه وعليها أن ترضى
والشرع يحلل اثنتان ......ثلاثة .......أربعة
وكله بما يرضى الله !!!!
حق .......والحق مكفول لكل رجل لايجد مبرر لزواجه من أخرى ..........وأخرى
فيتمسك وقتها بالشرع ليرضى ذاته وغرائزه
حتى إن كان لايصلى وصلاته فرض
هو نسى حق الله ويطالب بحقه فى شرع الله
يستعمل حقه وعليها أن ترضى حتى أن كانت ابنةعمه طفلة
تربت على حبه وهواه
تعلقت به وكان فارس أحلامها
لكن الفارس ترك أميرته وسعى بحصانه وراء ذيل فستان جارية وتركها وحدها لوجعها
(والوجع مؤلم والغدر قاتل محترف سهامه مسمومة ولن يأتى إلا من أقرب ما لديك (
............................
لحد امتى يافريدة
والسؤال واضح واﻹجابة مبهمة سؤال ألقته عليهاصديقتها نهى
التى استطاعت أخيرا إخراجها من البيت بعد معاناة ليجلسا سويا فى إحدى المقاهى بعيدا عن البيت وعن .........سمر
_ممكن تردى عليا هتفضلى لحد امتى قافلة على نفسك كده
الدنيا مش واقفة على حد يافريدة بلاش تفضلى ساكتة ومستسلمة كده فوقى لنفسك ولبنتك بلاش ضعف
رفعت راسها وتنهيدة حارة خرجت من بين ثنايا قلبهامتألمة
_أنا مش ضعيفة يانهى أنا موجوعة.
_عشان إيه تزعلى ليه على واحد ميستهلش ده خاين وبصراحة بقى أنتى السبب
صاحت بها مستنكرة:أنا السبب ازاى بقى هو قلتله روح اتجوز صاحبتى سيبنى أنا وبنتك ومع السلامة
هزت نهى رأسها باستنكار :مقصدش طبعا أقصد انك اديتله الثقة الكاملة وفى نفس الوقت ركزتى اهتمامك على البيت والبنت ولبسه وشغله وكل حاجةتخصه
ونسيتى نفسك
سيبتى شغلك نسيتى كل حاجة كنتى بتحبيهاعشانه وفى الأخر
سابك وراح لواحدة غدارة زى دى دخلت بيتك وعرفت أسرارك حطت عينها عليه والبيه ماصدق قال يغير ويجدد وايه المانع مدام الهانم مديله الأمان ومستحيل تشك فيه
مسحت وجهها بضعف وعيناها زائغة بعيدا وسكنت للحظات ثم عادت ناظرة لنهى:عندك حق بس أنا كنت بدور على سعادته وراحته كان نفسى بيتنا يبقى جنته بس انا فعلا نسيت نفسى وشغلى اللى كنت بحبه عشان أكون معاه
تنهدت نهى بأسى على حال صديقتها كم يحزنها كثيرا ان ترى الوردة اليانعة الجميلة فقدت روعتها وعطرها العبق
لتصبح ذابلة على غصن ضعيف هش سيسقط فى اول مواجهة له مع الرياح
عادت محاولة رسم ابتسامة مشاكسة لتخفى ما يعتمل بصدرها
فريدة سيبك من كل ده المهم هتغدينى ولا اروح بيتنا جعانة
ابتسمت بتهكم :لا هغديكى متخافيش
تراجعت نهى للخلف :طب كويس عشان عاوزة اقولك على حاجة بس لما نتغدى
قطبت حاجبيها متسائلة:حاجة ايه ؟
ضحكت نهى قائلة:لما نأكل هبقى اقولك
.....................
توقفت سيارة جاسم امام منزل مريم التف لهمس التي تجلس بجواره وعيناها تراقب المبنى الذى وقفوا امامه التفت إليه متسائلة:انت جايبنى هنا ليه؟
خلع نظارته الشمسية واعتدل في مواجهتها :همس انا عارف انك مريتى بظروف مش سهلة ابدا الفترة اللى فاتت .......بس للأسف لحد دلوقتى مفيش حد سأل عليكى وانا مش هينفع اسيبك في اى مكان من غير مااطمن عليكى
_يعنى ايه ........احنا رايحين فين ؟
ابتسم بهدوء ليبثها الطمائنينة:احنا هنطلع لمريم هتقعدى عندها كام يوم بس لحد لما نشوف هنعمل ايه
فركت كفيها بتوترونظرت للبيت بقلق وجاسم بجوارها يراقب تعابيروجهها نظرة عيناها التائهة حركة كفيهايدلان على خوفها مما هي ذاهبة إليه رفع صوته بحزم وكأنه قرا مايدور بخلدها:همس متخافيش لو مش عارف انك هتبقى بأمان هنا مستحيل كنت هجيبك ومريم طيبة اوى هتحبيها صدقينى والوضع ده مؤقتا مش على طول
تنهدت بقوة ولكنها ليست قوة موقفها ولكن قوة حيرتها وخوفها من القادم هو محق لا يعقل ان يتركها وحدها دون مأوى وهى لاتعرف حتى من هى ولكنها تخشى ان يطول الأمر وتتطردها مريم كما حدث بالمشفى ولكنها الان مجبرة لاطاعته حتى وان كان الامر مؤقتا كما يقول
.................
وقف امام شقة مريم ينتظر وهى خلفه مرتبكة تقبض على حقيبتها بقوة نظر إليها نظرة أخيرة متفهما مايدور بعقلها
فٌتح باب الشقة ليجد والدة مريم(دولت) تقف أمامه مبتسمة برسمية:أهلا ياجاسم
بادلها الابتسامة :اهلا بيكى ازى حضرتك ياطنط
_الحمدلله كويسة
نظرت خلفه لترى همس خافضة راسهاولكنهاافسحت له الطريق مرحبة: اتفضل
دخل وهمس خلفه وعينا دولت تتفحصها بدقة :مش تعرفنى ياجاسم
التف لهمس وتراجع ليقف بجوارها :دى همس
وصمت لم يستطع أن يكمل لن يكفى مجرد اسمها ليخبرها صفتها
وصوت مريم هو المنقذ الأن :جاسم اتاخرت ليه ؟
التف إليها بارتياح:ازيك يامريم
_انا تمام الحمدلله
لمحت همس فاقتربت منها مرحبة:همس ازيك عاملة ايه
ابتسمت بهدوء وهى تلاحظ نظرات دولت المتحفظة:الحمدلله كويسة
التفت مريم لدولت :دى همس اللى كلمتك عنها ياماما
امسكت بكف همس وحملت حقيبتها قائلة:انا هدخل همس الاوضة عشان تستريح عن اذنكم
ودون كلمة واحدة انصرفت رغم نظرات دولت النارية المحذرة لكنها لم تبالى وجاسم يراقب دولت ونظرتها لمريم ليتاكد حدسه ان ثمة خلاف حدث بينهم بسبب همس وعليه ان يشرح لدولت ماحدث عسى ان تكون رحيمة بها وتقبل وجودها المؤقت ببيتها
واقف ليه جاسم اتفضل اقعد
ودولت امراة اعتادت ان تلقى الأوامر فقط والكل يطيع وهو يعلم ان الامر لن يمر مرور الكرام جلست بكبرياء وأشارت له بصمت ليجلس امامها لتنادى خادمتها وتتطلب منها اعداد القهوة لكليهما
جاسم ممكن افهم منك ايه اللى بيحصل ؟
مين البنت دى وايه علاقتك بيها وجبتها هنا ليه ولو سمحت من غير لف ودوران
هو دائما يرفض نبرة صوتها الآمرة الصارمة وكثيراما يحدث بينهم خلاف وتحتد عليه حتى يكون مطيعا لها ولكن الأمر يختلف مع جاسم هو يعلم مدى صرامتها وقسوتها الظاهرية التى ترى أنها ساعدتها في تربية أبناءها عصام ومريم بعد انفصالها عن زوجها الذى تركها منذ سنوات ولم تكن مريم قد بلغت العامين حينها ومن وقتها ولا يعلم أحداعنه شيئا وانكبت هى على تربية ولديها دون زواج وكرست وقتها وحياتها لهم ورغم ذلك بنيت بينها وبينهم جدار قاسى معتقدة انها تؤهلهم لمواجهة الحياة الصعبة وأصناف البشر لم يتعبها كثيرا الأمر مع عصام ولكن مريم كانت دائما على العكس تماما كلاهما على النقيض من الأخرى
قطع طوق الصمت بينهم دخول الخادمة تحمل إليهم القهوة وضعتها أمامهم وذهبت رفعت دولت إحدهم لجاسم قائلة:مردتش عليا
عاد بجسده للخلف يرتشف قهوته بهدوء : أظن ان مريم قالت لحضرتك على كل حاجة
_أنا بسالك أنت ياجاسم مين البنت دى ووجودها هنا لازمته إيه ممكن أعرف ولا ده مش من حقى أنى ارفض أو أقبل وجودها في بيتى ولا لا وليه ماخدتهاش البيت عندكم
_أنا هجاوب على حضرتك وياريت تسمعينى للاخر
مين البنت دى معرفش ......كل اللى اعرفه انى لقيتها مرمية على الطريق خدتها ودتها المستشفى
هي مين ؟
معرفش
جت منين ؟
برضه معرفش وطبعا ليكى الحق انك تقبلى او ترفضى وجودها
ليه مخدتهاش البيت عندى بصراحة متكلمتش مع حد في البيت ووجودها هنا بشكل مؤقت بصراحة مفيش مكان اقدر آآمن عليها فيها غير هنا
ارتشفت قهوتها بهدوء وهى تستمع لحديثه وعيناها ترمقانه ببرود تحاول سبر اغواره هي تعلم ان جاسم كانت لديه علاقات نسائية كثيرة ومتعددة ولكن هذا قبل توليه مكتب والده وانشغاله بالعمل
حتى خطبته لابنتها هى تثق تمام الثقة أنه اختارها بعقله لا بقلبه وهى ترى ان بذلك زواجهم سيدوم فالقلب بنظرها دائما هو المتهم الأساسى فى فشل علاقتها بزوجها وهى لاتريد لمريم ان تمر بتجربتها
ولكن مستحيل ان يأتى جاسم بإحدى صديقات الماضى لبيت خطيبته لتقيم معهم
وضعت قدح القهوة على المنضدة الرخامية كوجهها البارد الخالى من المشاعر وضعت قدما فوق الأخرى قائلة:يعنى انت متعرفش البنت دى قبل كده .......انت عمرك ليك علاقات كتير ممكن تكون واحدة منهم
ضحك جاسم مقهقها وهو يضع قدحه هو الآخرموجهاحديثه إليها:حضرتك لو كنتى فهمتى كلام مريم كويس كنتى هتعرفى اننا لقيناها سوا يعنى لاعمرى شفتها قبل كده ولا اعرف هى مين وانا مش غبى عشان اجيب واحدة معرفة قديمة بيت خطيبتى وأهلها ولا ايه
هى بالفعل غبية كيف نسيت ان مريم اخبرتها بقصتها وأوضحت لها كل ماحدث
أظن كده أنا وضحت لحضرتك كل حاجة
قاطع صوت عقلها صوت جاسم وهو يعتدل مغادرا:أنا مضطر امشى دلوقتى وان شاء الله هدبر حكاية همس ومش هطول هنا ........بعد اذنك ممكن تندهى مريم
نظرت له طويلا نظرة يأس من فشلها في السيطرة على مجريات بيتها ليجعلها مرغمة استضافة فتاة غريبة عنها التفت مغادرة تنادى مريم التي اتته بعد لحظات :ايه جاسم واقف ليه
تنهد بارهاق:أنا همشى رايح المكتب .....مريم لو حاسة ان وجود همس هنا ممكن يسبب مشاكل أنا ممكن أخدها ونخرج حالا
ابتسمت بهدوء:متخافش وجود همس معايا كويس اوى انا ديما لوحدى زى ماانت شايف برجع من الشغل وافضل لوحدى اكلم الحيطان يمكن وجود همس معايا يسلينى شوية
شعوره نحوها مختلف لم يكن شعور رجل لامراة سيتزوج بها بعد فترة حتى أن لم يكن يحبها نعم هو اختارها بعقله
قلبه لم يعد لديه القدرة على الحب من جديد بعد قصة حب تحولت لماضى يحزن دوما عندما يتذكره وعندما قرر ان يلغى دور قلبه فى اختيار من ستكون شريكة حياته كان لصوت العقل الغلبة ووافق والدته على اختيارها لمريم ابنة صديقتها
شعوره نحوها كاحساسه بفريدة وياسمين شقيقاته لم يشعر ابدا بانها مختلفة عنهم وهذا يقلقه هى ليست باخته هي بعد فترة ستكون زوجته فلما يشعر نحوها بتلك المشاعر
حتى شعوره بالشفقة عليها من والدتها وسلطتها وتعنتها لم يكن لانها حبيبته ولكن لكونها فتاة تعانى ضغط عصبى مرهق داخل أروقة بيتها
جاسم انت هتعمل ايه مع همس ؟
رفع عيناه نحوها رافعا كتفيه بقلة حيلة:مش عارف يامريم بجد مش عارف
_خلاص سيبها هنا كام يوم كده لحد مايحصل حاجة جديدة
_والدتك شكلها مضايقة
رفعت شفتيها بالامبالة:عادى بكرة تتعود
ضم عيناه بقلق:في ايه يامريم مالك بتتكلمى عن والدتك كده ليه في حاجة حصلت ؟
ابتسمت بحزن وهى تربت على ذراعه:متشغلش بالك مفيش حاجة حصلت
تنهد بيأس وهو يعلم أنها لن تبوح إلا عندما تريد فقط أخرج محفظته الجلدية من جيبه واخرج منها بعض المال واعطاه لمريم:مريم همس أكيد محتاجة هدوم وحاجات تانية أنا مش هعرفها زيك خديها واخرجى وشوفى هى محتاجة ايه
_أنا معايا ياجاسم متقلقش
هز راسه رافضا:لا كفاية أنى ورطتك فى موضوعها اعملى اللى بقولك عليه
.........................
والقلب مذبوح
فراق روحها جزء منها اختفى ولاتعلم أين ذهبت أيام وأسابيع وهى بملكوت آخر تراهم جميعا حولها يشفقون عليها وهى لاترغب بشفقتهم عليها ولا حزنهم هى لاتريد إلا همس
صغيرتها الجميلة رغم خلافهم الدائم بسبب عملها وأفكارها الجريئة التى أقسمت لها يوما أنها ستلقى حتفها يوما بسبب تهورها وكأنها كانت تقرأ المستقبل كانت تصرخ بها وتخاصمها أياماًعلها تعود عن ماتفعله علها تترك عملها وتتفرغ للحياة الأسرية التى كانت تحلم بها لابنتها
لكن همس مثل أبيها وجدها تماما عنيدة أبية لا تتراجع ولا يردعها رادع طالما هى على حق وها هى الآن تدفع ثمن عنادها لا تعلم ماحدث لها ومايحدث لها الآن كل ماتعرفه أنها ليست معها ليست بجوارها لتضمها إلى صدرها وهى تحكى لها تفاصيل يومها كعادتها رغم ان الحكايا بينهم تؤدى دائما لشجار إلا أنها لن تتخلف عن عادتها أبدا
بلسم سمعانى
نظرت لزوجها ليتأكد أنها أفاقت من غيبوبتها الأخيرة ولكن دموعها ألمته كل ماحدث يؤلمه ولكن ماباليد حيلة إن استطاع أن يزيل دموعها فلن يستطيع أن يزيل حزن قلبها على غياب همس
انحنى نحوها يمسح على رأسها بحنو:حمدلله على السلامة ياحبيبتى
ردها كان سؤالا لا يعرف له إجابة:لقيت همس يايوسف
اخفض رأسه بألم وهو لايعرف كيف يجيب تساؤلها الوحيد رفع رأسه إليها مجددا:لسه يابلسم ........بس إن شاء الله هترجع ان شاء الله هترجع
بكت بحرقة وهى تتشبث بكفه التى أمسكت بكفهاليجلس بجوارها مهدئا:كفاية يابلسم الله يخليكى أنا محتاجك جنبى تقوينى مش أنتى اللى تزودى تعبى أنا عارف أن كل اللى بنمر بيه ده مش سهل
مش سهل أبدا أغمض عينى وأنا مش عارف بنتى فين
ايه اللى جرالها ..........راحت فين
أنا موجوع زيك بس عاوزك جنبى يابلسم متعودتش أشيل لوحدى ديما كنتى جنبى جاية دلوقتى وتتخلى عنى وتضعفى
عشان خاطرى يابلسم قومى متسبنيش لوحدى
أنا مش عارف أعمل حاجة من غيرك
مش عارف اصلب طولى وانتى مش جنبى
مش انتى اللى بتستقوى بيا...........أنا اللى من غيرك ضعيف
تشبثت بيده أكثر :أنا عاوزة همس يايوسف عاوزة بنتى
ربت على كفها بهدوء واثقا:هترجع باذن الله انا واثق أنها هترجع
......................
دخل لمكتبه بخطوات سريعة يتلقى التحية من موظفي مكتبه حتى وصل لغرفة السكرتارية التى تؤدى إلى غرفة مكتبه ألقى نظره على مكتب مديرة مكتبه (حورية)فلم يجدها
التفت إلى السكرتيرة الأخرى التى تشاركها الغرفة:فين حورية ياوفاء
قامت من مكانها بصعوبة :راحت للأستاذ ياسين عشان تجيب منه ملف القضية لحضرتك
ابتسم لها وهو يشير لبطنها المتكورة :إيه قربتى تولدى ولا إيه
ابتسمت بخجل:لا لسه يافندم
_ربنا معاكى قبل ولادتك بفترة عرفينى عشان تأخدى إجازة وتستريحى شوية
توترت قائلة:مش لازم انا هفضل اشتغل لحد مااحس انى هولد
أجابها بصوت حازم :وفاء اللى قلته يتسمع ومرتبك هيوصلك لحد ماتشدى حيلك وترجعى المكتب تانى مفهوم
ابتسم له بامتنان:ربنا يخليك ياأستاذ جاسم كتر خيرك
اعتدل متجها لمكتبه:لما الست هانم حورية توصل خليها تيجى على طول
أنا هنا
التف ناحية الصوت ليجدها خلفه
حورية أو الأستاذة حورية مديرة مكتب أحمد القاضى سابقا وجاسم حاليا
امرأة في أواخر العقد الثالث من عمرها صارمة قوية واثقة بنفسها وبقدرتها على إدارة المكتب رغم أنف جاسم ورغم مشاغبتهم المستمرة إلا أنها بالنسبة له بمثابة شقيقته الكبرى حتى أن أغلب أسراره معها هى
_تعالى عاوزك
اتجه نحو مكتبه وهى خلفه جلس على كرسيه باسترخاء وأغلقت هى الباب وجلست امامه متسائلة :كنت فين ؟
أجابها وهو مغمض العينان :كنت عند مريم
_وهو ده وقته ياعم الحبيب مش وراك شغل ومكتب وقضايا
اعتدل قائلابجدية:الحكاية مش كده ياحورية
تنهد بضيق:أنا شكلى ورطت مريم مع والدتها
سألته باهتمام :في ايه ياجاسم قلقتنى
كانت على علم مسبق بقصة همس وما الذى فعله معها منذ ان وجدها واخبرها الان انه ذهب بها لبيت مريم لتقيم معهم الفترة المقبلة
:جاسم انا عارفة ان البنت صعبانة عليك بس انت هتفضل شايل مسئوليتها لحد امتى افرض مفتكرتش حاجة او محدش سأل عليها هتفضل معاك كده
مسح وجهه بارهاق :والله أنا شكلى ورطت نفسى فى مصيبة مع البنت دى انا ايه بس اللى خلانى ارجع الليلة دى أقول ايه نصيبى وقدرها
عاتبته قائلة:يعنى هو ذنبها مش كفاية انك بتقول انها متبهدلة ضرب
أوما برأسه:فعلا انتى لو شوفتيها ساعة مالاقيتها مكنتش مصدق ان دى ممكن تعيش بعد اللى شافته والحيوان اللى حاول يعتدى عليها مسبهاش غير لما حس انها ماتت
_منه لله
تراجع في كرسيه قائلا:ياخوفى بقى من دولت هانم اروح الاقيها قتلت البنت دى
ضحكت بعبث لتستفزه كعادتها دوما
وحماتك دولت هانم السلحمار وافقت متكلمتش معترضتش حتى ..........
كاد أن يكمل حديثه ولكن اوقفته كلمتها قطب جبينه متسائلا:أنتى قلتى إيه ؟
إيه ......بقولك حماتك دولت هانم السلحمار مش معترضة على وجود البنت دى
قام من كرسيه متجها نحوها متجهما:أنا نفسى أفهم أنتى لسانك ده هيفضل طويل لحد أمتى مينفعش يتقص منه حتة
وقفت أمامه متذمرة:ياشيخ اتلهى أنت مش فالح غيرفى الكلام
وبس
رفع يده نحوها بغيظ ود لو ضربها ولكنه وقتها لن يسلم منها ومن لسانها السليط أشار لها ناحيةالباب:اطلعى بره ياحورية .........أنا مش فايقالك
وقفت أمامه غاضبة:أنت بتتطردنى ياجاسم هي حصلت
رفع كتفيه بلامبالة :عادى ماأنا كل يوم بطردك مش جديد عليكى يعنى
_أقول إيه بقى أنا برضه اللى لسانى طويل ياابن القاضى
ضرب كفيه ببعضهما بغيظ:أنا نفسى أفهم أبويافضل مستحملك
ازاى السنين دى كلها
رفعت ذقنها بغرور وهى تتجه نحو الباب:عشان تعرف بس قيمتى ده أنا فى المكتب ده من أيام ماكنت أنت بتقف تعاكس البنات بتوع ثانوى ولاناسى
اتجه نحوها سريعابسخط:امشى ياحورية بدل ودينى ليكون آخر يوم ليكى هنا فى المكتب
ضحكت بغرور:متقدرش طبعا هو المكتب ده يقدريمشى يوم من غيرى مستحيل بس على العموم أنافعلا مش فاضية اقف أتكلم
معاك عن اذنك وراياشغل كتير
تركته يضرب كفيه ببعضهما:حسبى الله ونعم الوكيل فيكى ياحورية دى بتذلنى وكأن أنا اللى شغال عندها
عاد لمكتبه ليجلس على كرسيه باسترخاء ولكنه اعتدل ضاحكا :يخرب بيتك ياحورية .........دولت هانم السلحمار
بس عندك حق ماهى شبه العسكرى الأخضر اهاا اياخوفى منك يادولت هانم السلحمار
......…….......
خرجت حورية ليقابلها( ياسين )
ياسين عامر ابن خال جاسم ومحامى بالمكتب فى أواخر العقد الثانى من عمره تولى وظيفته بعد تخرجه مباشرة من كلية الحقوق نال من علم احمد القاضى الكثير والكثير حتى أصبح تلميذه النجيب وعندما ترك العمل لجاسم كان له خير معين وكلمته مسموعة كجاسم تماما خصوصا في حالة غيابه
نظرت إليه متسائلة بفظاظة:نعم ؟
اقترب منها مبتسما بعبث:نعم الله عليكى ياأبلة
صرخت به غاضبة:يااااااسين
ضحك أكثر لاغاظتها:نعمين ياأبلة
اتجهت نحو مكتبها ليسرع هو ناحية باب غرفة جاسم متشبثا بمقبض الباب وهو يراها تخرج سكين صغير من درج المكتب صاح بها :أقسم بالله ألبسك قضية ياحورية ده سلاح أبيض ياأبلة
اتجهت نحوه وعلامات الشر تكتسح وجهها :أنا مش قلتلك تبطل أبلة دى
كتم ضحكته بصعوبة وهو يحاول الإمساك بالسكين من يدها:طب بذمتك رايحة جاية في المكتب تزعقى في ده وتبهدلى فى ده كأننا في مدرسة أقولك إيه يعنى .......ياحضرة الناظر
رفعت السكين مجددا نحوه وصاحت به :أنت تدخل لابن عمتك من سكات تقول الكلمتين وتخرج مش فاضين احنا للهزار بتاع حضرتك
نظر للسكين بقلق:حاضر حاضر بس نزلى البتاعة دى .......السلاح يطول عاوزة الناس تقول علينا إيه مذبحة في مكتب أحمد القاضى عيب ياحورية عيب مش كده واحدة في سنك تعمل كده
صرخت به أكثر:سن مين دى ياأبو سن
ياااااااسين شوف أنت رايح فين بدل ماتبقى جريمة بجد يلا انصرف
ابتعد عنها يعدل من هندامه:إيه انصرف دى شيفانى عفريت أودامك طب ده أنا حتى واد جامد وكده يعنى
وجد من يجذب ذراعه بقوة ارتعش خائفاواتسعت عيناه بقلق وهو يلتف ببطء ليجد جاسم خلفه صرخ فيه غاضبا:هو في إيه عفريت بره وعفريت جوه أنتوا متفقين عليا بقى
كز جاسم على أسنانه بغيظ بهمس :عفريت إيه ياابن طنط اعتماد
ضربه ياسين على كتفه بمزاح:ماعفريت إلا بنى آدم ياجاسم ياأخويا
استطرد قائلا:ثم أنت بتجيب سيرة أمى ليه أدك هى
_آسفين ياأستاذ ياسين ........خير في إيه
صاحت به حورية :جاسم خد ابن خالك جوه بدل مااقتله وخليه يبطل حكاية أبلة دى مفهوم
رفع جاسم كفه برسمية:آسفين ياأستاذة حورية
دفع ياسين داخل المكتب وهو يكمل :متخافيش هعمله الأدب من أول وجديد بعد اذن حضرتك
أغلق الباب وهو يدفع ياسين للداخل :مش هتبطل تناكف فيها
عدل ياسين من هندامه ضاحكا:ياعم بهزر معاها
اتجه جاسم لمكتبه ليجلس ياسين أمامه متسائلا:أخبار الشغل إيه
أجابه وهو يضع ملف قضية على المكتب ويجلس امامه :كله تمام خلصت مذكرة قضية أحمد الشناوى وكله تمام
راجع جاسم الأوراق أمامه بنظرة سريعة:طيب تمام اوى كده قدرنا نجمع كل خيوط القضية في أيديناوالحكم في صالحنا باذن الله
ابتسم له بثقة:طبعا ياابنى أنا اى حد برضه ده ياسين على سن ورمح
رفع راسه إليه مبتسما بمرح ماشى ياعم ياسين
التف إليه ياسين بجدية :عاوز اقولك على حاجة مهمة
اصغ إليه باهتمام:خير في إيه
_أنت مش ملاحظ القضايا اللى بدأت تيجى المكتب وبعدين أصحابها يسحبوها تانى
عاد جاسم للخلف قائلا:طبعا ملاحظ حاجة زى دى مش هتعدى من تحت ايدى الحكاية دى وراها جاسوس في المكتب بيأخد العملاء ويوديهم لمكتب تانى وأكيد له نسبة شغال سمسار يعنى بس بقى مين هو الجاسوس ده
أردف ياسين قائلا:قصدك جاسوسة
اعتدل جاسم بغتة :جاسوسة ………..أنت عرفت حاجة
_لحد دلوقتى شاكك مش متأكد
-انجز ياياسين تقصد مين ؟
-سهير
قطب حاجبيه محاولا تذكر الأسم:سهير مين ؟
-سهير محفوظ ياجاسم أيه مش عارفاها
-مش دى البت اللى كانت شغالة فى مكتب سامى خيرالله
أوما برأسه مجيبا:أيوه هى
-وانت عرفت إزاى ؟
-القضية الأخيرة كانت عندها والعميل سحب القضية حسيت ان الحكاية مش مظبوطة فضلت ادور لحد مااتاكدت ان القضايا اللى اتسحبت قبل كده كانوا معاها .........ومن كام يوم شفتها واقفة مع صاحب قضية مصنع الأسمنت وبعدها بيومين الراجل جه سحب القضية
عاد جاسم بجسده للخلف مفكرا:كل دى مش أدلة
-ازاى ياجاسم دى واضحة زى الشمس
-مش معنى أن القضايا اللى كانت معاها أصحابها سحوبها يبقى هي خليتهم يعملوا كده وحتى لو عملت كده فعلا مستحيل يقولوا عنها حاجة الحكاية هتبقى باتفاق ان اسمها ميظهرش خالص
وبرضه مش معنى أنك شفتها مع واحد من العملاء يبقى ده دليل إدانة عادى واحد له قضية عندها وبيسالها على القضية
-وهو أنت هتصدق الكلام ده ؟
-لا طبعا مش هصدق بس هو ده الكلام اللى هتقوله
-طب إيه رايك أخلى حد يمشى وراها
ضحك جاسم قائلا:هشغلك مخبر ياياسين إيه رايك
امتعض وجه ياسين :أحنا هنهزر ولا إيه اومال هنتاكد ازاى ؟
اعتدل جاسم فى جلسته قائلا:شوف ياسيدى أحنا فعلا هنخلى حد يمشى وراها بس مش دلوقتى
-اومال امتى ؟
-اكيد فى قضية تانية هتتسحب منها وعشان كده عاوزك تبعدها عن اى قضية كبيرة ولها وزنها يعنى قضية جنحة ماشى قضية خفيفة وهتلاقيها جت وطلبت منك أن الشغل ده مش نافع معاها وانت تستنى شوية وتحط تحت ايديها قضية كبيرة اه هتاخد العميل وتروح بيه لحد تانى ساعتها المكتب كله لازم يعرف ان فى جاسوس فى المكتب وانى بدور عليه وهعرفه
-طيب ماهى كده هتهرب
ضحك ليستفزه أكثر:إيه أنا قلت حاجة تضحك؟
-ياياسين تهرب تروح فين أولا مفيش دليل انها خلت العميل يسيب المكتب ويمشى بس هي هتتلخبط هترتبك وتعمل اى رد فعل متهور وغبى ساعتها حضرتك طبعا ليك الناس بتوعك نعرف راحت وجت منين وهى بنفسها هتوقع لوحدها
هز ياسين رأسه باعجاب :تعجبنى دماغك ياابن عمتى ........هو صحيح عمتى طابخة ايه النهاردة
زم جاسم شفتيه غيظا:حلال فيك اللى بتعمله حورية امشى يلا على مكتبك بقى ورايا شغل كتير
..........................
..........................
بناية عالية ضخمة شرفات زجاجية مطولة تعكس نور الشمس الدافئ الذى نادرا مانشعر بحرارته فى أيام شهر مارس الباردة
تقف أمامها فريدة بصحبة نهى صديقتها تنظر لها بحنين لسنوات مضت عندما كانت تعمل بها في احدى مكاتب الديكور المعروفة التي يمتلكها عمهارائف تتذكر عندما تركته وتركت كل حلم سعت لتصل إليه تتذكر كل فرحة عندما تنهى مشروع تسلمته وشعوره بالفخر بها ثقته برؤيتها الفنية وقوفها وسط العمال بثقة وقدرة على السيطرة على عملها رغم صغر سنها ولكنها ثقة اكتسبتها من عملها معه قبل تخرجها
تذكرت كماكانت حمقاء لتترك كل هذا من أجله من أجل سعادته
ولكنه سعى لاهثا خلف أخرى لتجد نفسها وحيدة مكسورة ولاعزاء للحب هو ليس له مكان الآن فى حياتها ترى حبها سبب لانكسارها هو من جعلها أسيرة لقيوده ونسيت أن الأخذ مقابل العطاء لاتعلو كفة فوق كفة لن يكون ميزان عادل ستفشل رمانة الميزان فى المساواة بينهم ولهذا يجب أن تتوافق الكفتين ولكنها فشلت فى ذلك .........تعودت فقط على العطاء ناسية ........
أو متجاهلة حقها فى الأخذ وهو تعود هى تعطى .......هو يأخذ ولا يعطى
وهى الوحيدة الملامة ........حتى لو كانت ضحية لحب كاذب
لامست نهى ذراعها بعدما تحدثت لها بالكثير وفريدة شاردة فى ذكرياتها ولم تنتبه لثرثرة رفيقتها شعرت بيدها تلامس ذراعها :إيه يافريدة سرحانة فى إيه
تنهدت وعادت تنظر للبناية مرة أخرى :بفتكر زمان يانهى معقول السنين عدت كده بسرعة
_أيام بتجرى من عمرنا يافريدة ..........قطر ماشى مش بيقف فى محطة يستنى حد
ضحكت عابثة وأكملت:شكل الفرامل بايظة
ابتسمت فريدة ابتسامة جانبية وكانها فقدت القدرة على مبادلة صديقتها ضحكها وعبثها هزت رأسها تنفض عن عقلها ذكريات ماضية والتفت إليها متساءلة:احنا جايين هنا ليه
-طب نطلع الأول وبعدين اقولك
حذرتها قائلة:نهى .......فى إيه اتكلمى على طول
تباطئت ذراعها ترغمها على مواصلة الطريق لاعلى درجات السلم الرخامى متجهة نحو مدخل البناية:هنطلع فوق وافهمك كل حاجة ياديدة ......يلا بقى
تحفظ كل شبر فى المكان درجات السلم الرخامى .....موظفى الأمن
الحركة الدئوبة داخله..... اتجاه الطرقات المؤدية إلى مكاتب الموظفين
كل شيء كما كان .....كأن الزمن توقف هنا ولا يريد المواصلة
ظلت تتابع بعيناها كل شيء حتى اتجهت مع نهى لمكتب الدكتور رائف القاضي عمها و مالك الشركة وأستاذها الجامعى وقفت خلفها وهى تستاذن للدخول حتى سمعت صوته يأذن لها واصلت نهى طريقها وفريدة خلفها وجدت نفسها فى غرفة رائف فجأة سخرت من شرودها الذى وصل بها إلى هنا ولاهى تدرى
خرجت من سحابة الذكريات لأرض الواقع على صوت رائف يرحب بها بود :أهلا أهلا يافريدة
صافحته باحترام:أهلا بيك ياعمو ازى حضرتك ؟
-بخير الحمدلله إيه الشركة موحشتكيش الفترة دى كلها ولا إيه؟
ابتسمت وعيناها تجوب الغرفة :كل حاجة وحشتنى .....كل حاجة زى ماهى كأنى لسه سيباها امبارح
أشار لها ولنهى بالجلوس ولكن نهى اعتذرت متعللة بعملها تاركة له المجال ليفاتحها فى الأمر الذى اتفقا عليه سويا
جلس قبالتها قائلا:ازيك يافريدة طمنينى عليكى
أؤمات برأسها مجيبة:الحمدلله كويسة
-مش باين
رفعت عيناها إليه والتوت شفتيها بابتسامة ساخرة:ليه ياعمو ماأنا كويسة اودامك أهوو
_قصدك القشرة اللى بره هى اللى واضحة أنها كويسة..... بس أنا متاكد أنها قشرة هشة مع أول وقعة هتتكسر وتتفتت
أخفضت عيناها ألما وقهرا ثم عادت ورفعت كفها لتمسح وجهها بقوة:إيه اللى هيكسرنى أكتر من كده
أحزنه حالها ضعفها وهشاشتها بعد أول اختبار حقيقى تواجهه فى الحياة كان دائما يظنها قوية لن يؤثر بها طلاقها يعلم أنه أقسى ماتمر به إمراة خصوصا أن كانت تحب زوجها كحبها لعمر ولكن أن أرادت أن تواصل حياتها عليها أن تكون أقوى حتى أن اهتزت مع الرياح تظل كشجرة قوية تتمايل أغصانها مع الرياح ولكن تظل الشجرة قوية ثابتة متمسكة بجذروها
ولكن من رأها الآن زهرة هشة ضعيفة لن تواجه الرياح ولن تتحمل زخات المطر فوق أوراقها وهذا مالايريده
عمر خلص إجراءت الطلاق ولا لسه
نظرت نحوه فجأة كأنها نسيت أنه تركها فعلا وكأن رائف ذكرها بأمر تحتسبه خيال ......كابوس
دارت عيناها فى الغرفة تخفى دموعها عنه تكتم شهقة ألم يصدح بها صدرها عادت تنظر إليها وهى تحاول رسم ابتسامة على وجهها ولكنها فشلت كما فشلت فى كتمان دموع اغرورقت بها عيناها
لسه ......رافض يكمل إجراءت الطلاق ......مش عاوز يطلقنى
_طيب مش ده معناه أنه لسه شاريكى وبيحبك يافريدة
قامت من مكانها غاضبة وصوتها يصيح بألم :بيحبنى ......مين ده اللى بيحبنى عمر مش بيحب غير نفسه وبس صعبان عليه أنه يترفض أنه ميبقاش مرغوب فيه فى حياتى وحياة بنته ......لكن حب لا......عمر ميعرفش حب .......عمر بياخد وبس ميعرفش يدى
وللأسف أنا اللى عملت فيه كده
وسألها ليجعلها تتحدث تخرج من قوقعتها المغلقة يحثها على الحديث علها تستريح ويهدأ نزيف قلبها :ازاى يافريدة ....محدش حب عمر قدك
أومات برأسها مجيبة:صح وعشان كده فضلت أدى ....وأدى ومطلبش المقابل أو بمعنى أصح اتنازلت عنه فى سبيل أنه يبقى مبسوط ونسيت نفسى نسيت أفرح ....نسيت احس انى عايشة وهو ....
وهنا صمتت أغلقت عيناها بألم بقهر ولوم لذاتها ولقلبها الذى خذلها معه ليظل نابضا باسمه وله مع كل مافعله
فتحت عيناها مرة أخرى ومسحت وجهها وعادت ترسم على وجهها ابتسامة باهتة وهى تجلس أمامه متسائلة:خير بقى يادكتور حضرتك كنت عاوزنى ليه ؟
يعلم أنها تهرب من ذكرى ....من حب يسرى فى شريانها سريان الدم فى العروق .....ولكنها الآن بحاجة لا لنسيانه ولكن تجاهله .....حتى وإن كان تجاهل مؤقتا
_عاوزك ترجعى شغلك يافريدة
أجابته بسؤال مندهش:ارجع ازاى
_ايه هو اللى ازاى .....ترجعى شغلك وسط زميلاك .....وسط العمال وسط كل حاجة حبيتها وكنتى بتبقى مبسوطة بيها
ياديدة الدنيا مش واقفة على حد ......عمر اعتبريه محطة عديتى عليها حصلك فيها مشاكل ....اتالمتى بس القطر هيكمل طريقه لحد مايقف في محطته الأخيرة وياتكملى طريقك وتعافرى .......ياتنزلى وتستنى فى محطة عمر والقطارات كلها رايحة جاية عليكى وانتى هتفضلى واقفة كده محلك سر
وأنا بقى راجل محبش اتعامل مع حد ضعيف اللى يتعامل معايا يكون قوى كل لما يقع يقف تانى ويكمل هيجراله كتير وهو عارف ......بس برضه عارف انه هيوصل .......ها يابنت اخويا ناوية تجمدى كده وتقفى على رجليكى ولا ناوية تقعدى جنب أمك تقشرى بصل
وهنا خرجت ضحكتها عفوية من القلب حتى عيناها ضحكت كأنها كانت بحاجته لتبتسم لتضحك من قلبها كالماضى المنصرم ......ولكنه على حق دائما هو على حق .......يكفيها ألم وتخاذل فى حق ذاتها .....وحق جودى
رفعت رأسها إليه بثقة:موافقة ياعمو ......ابتدى الشغل من امتى
قام متجها لمكتبه:تروحى دلوقتى تبلغى ابوكى ووالدتك وبكره الساعة تسعة الصبح تكونى على مكتبك .......تسعة وخمسة معنديش شغل لحضرتك .......وتنسى تماما أنى عمك اتفقنا
ابتسمت بامتنان:حاضر ياعمو
صاح بها يرسم على وجهه غضب كاذب:نعم يااختى عمو إيه احنا فى الشغل ......اسمى الباشمهندس رائف او الدكتور رائف اوعى تنسى أنا لا عمك ولا أعرفك
.......................
مكالمة تفصيلية لابنها الأكبر تخبره بما فعلته مريم ووجود همس ببيتهم وهو يستشيط غضبا من جاسم وفرض سطوته على بيته فى غيابه
العلاقة بينهم لم تكن مريحة لكليهما منذ البداية عصام يتبع نهج دولت فى صرامتها مع مريم يبدو أمامها وأمام الجميع الشقيق الحنون الخائف دائما عليها ولهذا يغلق عليها دائما نوافذها للحياة
رفض أن تكمل رسالة الماچستير وحجته خوفه عليها من مجتمع فقد أخلاقه ورجولته ونخوته و ....و....و....إلى آخر مافقده المجتمع القاسى وهو الخائف القلق على صغيرته التي لا تعرف من حطام الدنيا غيره وغير دولت يكفى دراستها الجامعية يكفيها انها تعمل
حتى عندما أحبت وعشقت وقف أمامها رفض زواجها ممن أحبت قتل بينهم كل أمل لاتمام زواجهم ورحل الحبيب وهى فقدت الأمل فوافقت على أول من يدق الباب علها تخرج من عالمها المحزن الكئيب وكان نصيبها جاسم الذى ارتبطت والدته بوالدتها بعلاقة صداقة وكل منهما أرادت أن تتوطد العلاقة أكثر بزواج الأبناء
وبقيت هى فى غرفتها ........عالمها التى تحيا به وحدها بعيدا عنهم وأمرها لايهمه........يكفى أنها بالبيت لا علاقات لا أصدقاء فقط عملها وبيتها سعيدة أم لا أمور استثانية بالنسبة إليه وقريبا سترحل لبيت زوجها وتنتهى مسئوليتها بالنسبة إليه لكن مافعلته بمشاركة جاسم !
كان تحديا سافرا له ولكينونته
كسرت قوانينه ...........تصرفت دون علمه حمقاء هى كعهده بها دائما
سمحت لفتاة غريبة مجهولة بالبقاء فى بيته ولكنه لن يرضى سيعود ويخرجها ولن يهمه أمرها أيا كانت هو لن يسمح لأحد أن يلغى سلطته خصوصا جاسم هو لا يكرهه ......ولا يحبه
هو مجرد رجل جاء ليتزوج بشقيقته محامى معروف سمعة لابأس بها ولكنه لن يرضى أن يجبره على فعل أمر يرفضه
..........................
منذ أتت لمنزل مريم وهى تحاول جاهدة استجماع بقايا ذاتها تشعر بغربة .......شتات .....حيرة
خوف من القادم ومن الحاضر الذى تعيشه لاتنكر مدى جمال روح مريم وصفاء روحها ولكنها دائما ماتشعر بها حزينة مكسورة
علاقتها بدولت علاقة متوترة .....شائكة لاتعلم مابينهم ولاتريد ولكن حزن مريم يحزنها هى لاتعرف أحد غيرها وغير جاسم الذى وكعادته اختفى منذ آت بها إلى هنا
خرجت مع مريم للتسوق كما طلب منها جاسم واشترت لها الكثير مما تحتاجه كانت بحاجة للتنفس بعيدا عن أعين دولت المتسلطة كشخصيتها تماما كانت فرصة لكليهما للتحدث بعيدا عن البيت ودولت
جولة تعدت الأربع ساعات فى شراء ماتحتاجه انتهت بمطعم لتناول البيتزا التى اقترحتها مريم بطفولية مرحة وكأن تناول البيتزا بالنسبة لها رغبة لذيذة لا تحصل عليها دائما
وعينا همس تدور فى الجالسين حولها تنظر فى الوجوه علها تعرف أحدهم أو يعرفها
انتبهت على صوت مريم تناديها :همس بتفكرى في إيه
ابتسمت بحبور:ولا حاجة .......أنا فعلا مش قادرة أفكر فى حاجة
تفهمت مريم مابها كأنها تتحدث عنها أحيانا عندما تنظر إليها تتمنى أن تكون مثلها فاقدة للذاكرة فاقدة لكل شئ ولكن هل وقتها ستكون سعيدة لاتعلم ؟
مريم
رفعت عيناها إليها منتبهة:أيوه ياهمس
والسؤال على شفتيها يخشى البوح وعقلها مصمم عليه والقلب يخشى حزن مريم ولكن دائما عقلها يسيطر :مريم هو أنتى مش مضايقة من وجودى معاكى .........يعنى خصوصا أن جاسم هو اللى جبنى عندك
ضاقت عينا مريم بتساؤل :ليه بتقولى كده
اخفضت همس رأسها خجلا تتذكر ليلة أمس
كعادتها منذ أتت لتعيش مع مريم وهى دائما فى غرفتها التى تشارك مريم فيها تخشى كثيرا مقابلة دولت تعرف أنها ترفض وجودها لاتلومها فهى تدافع عن حريتها وخصوصيتها فى بيتها
وهمس بالنسبة لها مجرد دخيلة لم تحدثها بكلمة تسئ إليها ولكن يكفى أنها ترفض الجلوس معها فى مكان واحد واتخذت همس قرارها وانفصلت عنها وظلت في غرفتها ليلا ونهارا
ولكن صوت نقاشها العالى مع مريم في تلك الليلة لفت انتباهها خصوصا أن غرفتها ملاصقة لغرفة دولت
أنتى مجنونة البنت دى وجودها هنا خطر عليكى لازم تتصرفى خليها تمشى تروح في أي مكان بس لازم تمشى أنتى فاهمة
_لامش فاهمة ياماما همس ظروفها صعبة وانتى عارفة أنها فاقدة الذاكرة مش فاكرة حاجة ولاتعرف حد ازاى عاوزانى اسيبها تمشى من هنا تروح فين يعنى
_دى مش مشكلتى دى مشكلة الأستاذ جاسم يتصرف هو زى ماجابها هنا ياخدها يوديها في أي مكان
ثم استطردت قائلة:ثم أنتى ازاى مش خايفة منها على جاسم مش خايفة تخطفه منك
ضحكت مريم بسخرية:إيه ياماما جو الأفلام القديم ده ......تخطفه إيه هو عيل صغير
_صاحت بها غاضبة:لا مش عيل صغير ده راجل والبنت حلوة وأى واحد يشوفها هتعجبه ده أناخايفة على عصام أخوكى منها
اتسعت عيناها بدهشة:تخافى على عصام منها .......خافى عليها هى من عصام أنتى ناسية إبنك وعمايله مع البنات
صرخت دولت غاضبة:اخرسى خالص أوعى تتكلمى عن أخوكى الكبير كده أنتى فاهمة
كتمت مريم غيظها واكملت بعند:ماشى ياماما هخرس وهسكت زى ماأنا على طول ساكتة بس همس مش هتخرج من هنا وانسى بقى حكاية أنها تخطف جاسم منى أنا واثقة فيه جدا متقلقيش
مسحت همس دموعها وهى تستمع لدولت وإساءتها لها ولكن ماباليد حيلة حتى جاءت إليها الفرصة لتدافع عن نفسها أمام مريم عندما أخبرتها أنهم سيخرجون في الغد لشراء ملابس أوصاها جاسم بشراءها لها
عادت من ذكرى ليلة أمس على صوت مريم :في إيه ياهمس مالك عاوزة تقولى إيه
:بصراحة سمعت مامتك وهى بتزعق معاكى امبارح بسببى
تفهمت مريم ماتريد قوله فابتسمت لها بهدوء:تقصدى أنها خايفة أنك تخطفى جاسم منى ؟
عضت همس شفتيها بارتباك :أيوه سمعتها بتقولك كده
ثم اندفعت مدافعة:بس والله يامريم أنا بحبك وبخاف عليكى ومستحيل أعمل كده أنا عارفة أن مامتك مش بتحبنى ومش طيقانى ........بس غصب عنى والله ......... ياريتنى أعرف أنا مين ولا فين أهلى وأنا اروحلهم على طول ومش هخليها تزعلك بسببى أبدا
ربتت مريم على كفها والابتسامة المشرقة تزين ثغرها :ومين قال أنى خايفة منك ياهمس .........وسيبك من حكاية أنك تخطفى جاسم منى
ماما طول عمرها كده بتشك في أحد غريب عنها شايفة أننا فى غابة ومفيش حد بقى بيحب التانى من غير مصلحة
أكملت ضاحكة : أما جاسم بقى عشان كان له علاقات كتير بس الكلام ده من زمان أوى وللأسف عرفت أنه ساب كل دول عشان واحدة بس وعارفة أنه لسه بيحبها لحد دلوقتى
والبلاهة هي الوصف الدقيق لوجه همس بعد جملتها الأخيرة ومريم فهمت مايدور بعقلها تنهدت حزن وهى تعود بجسدها للوراء
والحيرة تغزو عقلها وهى تكمل :بصراحة أنا مش عارفة أنا بحكيلك ليه .......أحنا يدوب نعرف بعض من فترة صغيرة حتى الكام يوم اللى قعدتى معايا فيهم كان صعب أنى أثق فى أحد بالسرعة دى ........بس أنا مرتحالك حاسة أنك قريبة منى كأنك أختى اللى اتحرمت أنها تكون ليا .......صحبتى .......مش عارفة بجد مش عارفة بس حسيت أنى عاوزة احكيلك واشكيلك وأنا مش قادرة اشكى ولا أحكى لأمى
لاتعرف همس لما أرادت الآن أن تحتضنها بقوة أن تخفف عنها مريم فتاة صافية القلب والروح نقية كقطرات الندى فى بداية كل صباح
ولكنها ضعيفة مستكينة لأمرها ولا تفكر فى التغيير كأن الوضع يعجبها وهذا شبه مستحيل
مريم تريد الثورة على أمها .....على أخيها ولكنها تكتم ثورتها بقلبها وهى متأكدة أن المعركة بينهم لن تكون بصفها أبدا
أكملت مريم وعقل همس مازال يبحث عن إجابة لحيرتها بأمر مريم
أنا وافقت على خطوبة جاسم بصراحة عند في عصام أخويا هو كان رافض جاسم يعنى بيقول أنه مغرور ومتكبر مع أنى مشفتش حاجة من دى خالص جاسم راجل أى بنت تتمناه وأنا حاسة أنى هبقى مرتاحة معاه
سألتها همس بمرح: بتحبيه بقى
تنهدت بضعف:أنا مش عارفة احساسى من ناحيته اسمه إيه بالظبط برتاح جدا معاه وببقى مبسوطة وحاسة أنى مع راجل يحمينى
حتى لما عرفت حكاية حبه للبنت دى فضلت متمسكة بيه واهو موضوع وانتهى مش هنكر أنى كنت غيرانة فى الأول بس بعد كده الموضوع عادى ما دام مش هيأثر على حياتنا خلاص
سألتها باستغراب :وإيه حكاية حبيبته دى
أصل جاسم كان بيحب واحدة زميلته كانت قصةحبهم بيحكوا
ويتحاكوا عنها بس والدها رفض جوازهم وجوزها لواحد شريكه وخصوصا أن كان في مشاكل بين أبوها وبين أونكل أحمد والد جاسم
وهى رفضت تضحى ......رفضت تقف مع جاسم واتجوزت وسابته
سألتها همس بحيرة من معرفتها تفاصيل قصة حبه لأخرى:وانتى عرفتى ازاى ؟
ابتسمت مريم قائلة:هو اللى حكالى
أما الحب بقى يجى بالعشرة زى مابيقولوا وادينى عايشة
بكره اتجوز واخلف واطلع عقدى عليهم زى ماأمى وعصام بيعملوا فيا .........كل واحد فيهم عنده نقص بيعوضه بتحكمات فيا كأنى حيطة مايلة
كزت همس على أسنانها بغضب و هزت رأسهامعترضة على حديث مريم حتى كادت أن تصرخ بهاولكنها تنفست ببطء
وحاولت أن تهدأ قليلا ولكن صوتها خرج ثائرا بقوة:أنتى ليه
ضعيفة كده يامريم
ليه ساكتة على كل ده
رفعت كتفيها بلامبالة:عادى وأنا يعنى ممكن أعمل إيه اهى حياة أخرها موت
واللى بينهم إيه ؟
والسؤال بسيط ولكنه صادم .....
ولكن إجابته نجهلها دائما أونعلمها لافارق
سألتها مريم بحيرة :يعنى إيه اللى بينهم ؟
أكملت همس بانفعال:يعنى من يوم ما اتولدنا لحدمانموت احنا
بنعمل إيه أحنا متخلقناش عشان نموت وخلاص أكيد وجودنا له ضرورة أكيد أحنا جايين الدنيا نعمل حاجة ........مش جايين عبث يامريم
أنتى ضعيفة أودام والدتك وأخوكى وده خلاهم يسيطروا عليكى كل يوم أكتر من اللى قبله........علاقتك بجاسم لازم تكون مبنية على حب وتفاهم وإلا تبقى أخرها إيه جواز وعيال معقدين
اتسعت عينا مريم بدهشة فسألتها بحيرة:أنتى عرفتى الكلام ده منين ؟
هزت رأسها بحيرة:معرفش ......انا قرأت عندك كذاكتاب
ومقتنعة بكلامهم أوى وحسيت أنى عاوزةأقولهالك مش
عاوزاكى تكون ضعيفة متسبيش عمرك يجرى منك وأنتى واقفة تتفرجى عليه فوقى يامريم..........دورى على نفسك
بلاش.........بلاش توصلى أنك تبقى زيى فاقدة كل حاجة ناسية كل ذكرى كل يوم عدى عليا وأنا معرفش إيه اللى حصلى فيه ........طيب أنا وغصب عنى.......لكن أنتى لا فوقى يامريم عشان ميجيش عليكى يوم وتشوفى دولت تانية فى المراية.........متزعليش
منى أنا مقصدش أهين والدتك........بس حرام تبقى صورة
منها بجد حرام
***********