٢٣

كنت خائبة ، مشاعري تحطمت أكثر من ذي قبل ، أشعر بأن قلبي مربوط بحبال و أربعين رجلاً على كل جانب يشدون الحبل ليعتصر قلبي أكثر .

سؤال ظل يتردد في عقلي يسبب لي الصداع و الخوف في نفس الوقت ، هل أنا سيئة ليحدث معي كل هذا؟ هل أنا أستحق كل ما يحدث لي من أشياء سيئة؟ أردت إقناع نفسي بأنني لست سيئة و لكن الكثير من الأدلة كانت تشير للعكس

لقد تنمرت على لوك و جرحته ، لم أكن ابنة صالحه لأمي و لا أخت جيدة ، كنت أتجنب كلاهما و مازلت أفعل ، أحاول التفكير و قول بأن اللوم لا يقع علي بشكل كامل و لكنني أتحمل نصف المسؤولية لما حدث و يحدث في حياتي فأنا لست طفلة بعد الآن ؛ حيث أخطأ أنا في شيء و تتحمل أمي عواقبه

سوف أتحمل عواقب كل اختياراتي و حتي اختيارات غيري و أصلح كل شيء ، لن يكون هذا سهلًا ، و ربما يتملكني الخوف و أتوقف في مرحلة ما و لكنني سأخبر بيري بأن تعيدني للطريق الصحيح ، بأن مهما حدث لا تتركني أعود لأدمر حياتي مرة أخرى

"ستكونين بخير؟"سألتني بيري تخرجني من شرودي لأومأ ، لست مستعدة لرؤيته بالداخل ، لست مستعدة لما سوف أفعله ، من الأساس لا أعلم ماذا سأفعل  ، وجود نايت كان جميل للغاية و مازال و لكن هو لا يشعر بالمثل و إلا ما كان ليخونني من البداية ، مجددًا أنا أتحمل نصف المسؤولية عن هذا ، فأنا ربما لم أقابل توقعاته عني

"حين أرسل لكِ بأن لا تأتي أرجوكِ بيري أن لا تأتي"أخبرتها برجاء لتقلب عينيها "أنا جادة بيري" أضفت لترفع يديها عن عجلة القيادة بأستسلام "حسنًا حسنًا لن آتي ، يا إلهي" عانقتها بقوة و دخلت لمنزلي بينما هي دخلت لخاصتها

بمجرد دخولي رأيت نايت يجلس على الأريكة بأرتياح ، شعرت بغصه تتجمع في حلقي بمجرد رؤيته فلقد كان جميل كعادته ، رؤيته جعلتني أريد البكاء

رفع نايت نظره عن الهاتف لينظر لي و تمتلئ ملامحه بالاستغراب "أين كنتِ؟"سألني بقلق لأخذ أنفاس عميقة كما لو كنت سأغطس في المحيط الهادئ و ابتلع شعور المرارة التي في حلقي

"أريد أن أتحدث معك في شيء مهم" عقد حاجبيه بعدم فهم و لكنه أومأ على كل حال ، سرت بخطوات صغيرة للمطبخ لأشرب قبل قول أي شيء فلقد جف فمي من التوتر ، شاهدت نايت يدخل للمطبخ و يجلس على كرسي على الطاولة

"هل... هل أنت سعيد معي نايت؟"ألقيت بأول ما جاء في عقلي الفارغ و الممتلئ بالافكار في نفس الوقت ، أنني فقط مشوشة وحزينة للغاية لا أعلم ماذا أقول حتي.

أخذ نايت لحظات ليستوعب سؤالي "لماذا تسألين هذا السؤال الآن ميا؟ هل لهذا علاقة بما حدث بينكِ و بين ديلان؟"قال بهدوء يجعلني أريد الصراخ بوجهه لماذا هو هادئ؟ جميل؟ رؤيته الآن تجعلني أريد نسيان كل هذا و تقبيله و لكنني لا استطيع!

"لا نايت سؤالي له علاقة برؤيتك لفتاة أخرى من خلف ظهري" اتسعت عينيه و شحب وجهه ، حاول التحدث و لكنه يعود ليغلق فمه لذلك أنا تحدثت مرة أخرى صوتي ضعيف و حزين "لا تحاول التبرير أو تكذيب الأمر" تنفس بعدم راحة و مرر يديه داخل شعره يعيده للخلف "كيف علمتي بالأمر؟"سألني بهدوء يعض شفاتيه بعدها

"لقد علمت منذ يومين كانت ترسل لك الكثير من الرسائل و أنا رأيت واحدة منهم تخبرك فيها أنها اشتاقت لك"شرحت بصوت مختنق ، اكبح دموعي بصعوبة "أنا آسف"تمتم بهدوء لأحرك رأسي للجانبين بينما اعض على شفتي بقوة اكبح رغبتي في البكاء "منذ متي تراها؟"سألت متجاهلة اعتذاره

"عشرون يومًا"قال بصوت منخفض أظن بأنه يشعر بالخجل من نفسه "انظري ميا أنا لم أفعل أي شيء معها فقط نتحدث..."قاطعته لأقول أكثر شيء كنت خائفة منه ، قبل النطق بشيء تنفسي ضاق و الدموع بدأت تتجمع في عيني

"هل تحبها؟"سألت أضغط بيدي على الكاونتر  الذي يفصل بيننا و أسناني عادت لتعض على شفتي ، كل ثانية استغرقها ليجيب جعلت خوفي يزيد ، قلبي يخفق بقوة ، و من دموعي تزيد و تدفع ببعض القطرات للنزول

إبتسمت بمرارة و ألم بينما دموعي مازلت تنزل بصمت عندما رأيت الايمائة الصغيرة "لماذا مازلت معي؟"صوتي خرج أضعف و أكثر اهتزازاً من ما كنت أخطط له

"كـ..كنت أريد فعل هذا (الإنفصال) بطريقة أفضل ، بطريقة ألطف"قال بنفس هدوئه لأومأ "أنا آسف ميا ، أعلم بأن ذلك قد فطر قلبكِ و لكنني بطريقة ما أحببتها ، كنت سوف أخبركِ و لكن ليس بتلك الطريقة"أكمل بنفس النبرة ، حاول لمس يدي و لكنني سحبتها ، مسحت دموعي و استنشقت الهواء قبل أن أخبره بما لدي"أخرج نايت ليس من المفترض أن تظل هنا بعد الآن"نظر لي بصدمه و لكنه أومأ و وقف من مكانه

لم أستطيع رؤيته يغادر لذا أستدرت و أعطيته ظهري ، أقشعر جسدي بالكامل و اضطرب قلبي بسبب إحساسي بوقوفه خلفي "أنتِ فتاة رائعة ميا لا تقسي على نفسك"همس في أذني و طبع قبله على جانب جبيني ، لأغلق عيني بقوة و أشد على الحوض أحاول التماسك لكى لا ألتفت و اعانقه

حين سمعت الباب يغلق تركت العنان لنفسي لأبكي بحرية على حبي الأول الذي ذهب الآن

لم تستطيع قدمي حملي بعد الآن لذلك أنا جلست على أرض المطبخ أبكي ، بالرغم من وجودي وحدي لم أستطيع ترك شهقاتي ترتفع ، لا أحب سماعها ، فهي تذكرني بأنني ضعيفة و أنا لا أحب أن أكون ضعيفة ، لا أحب أن أُكسر ، شعور الهزيمة هو جحيم بالنسبة لي ، إن هذا غريب ربما و لكنني لا أحب ذلك

ضممت قدمي لصدري أشد عليها و أبكي ، عقلي لا ينفك يتذكر كل الأوقات السيئة التي مررت بها ، كل كلمة كنت أتذكرها و أتذكر شعوري وقتها ، ظللت ألوم نفسي كالعادة و أندم على أشياء كثيرة ، حتي بأنني أندم على يوم ولادتي

هدأت قليلًا و نظرت حولي بعيوني الدمعة ، بدى منزلي موحش و مظلم ، يُدخل الكآبة لقلبي المكسور و الكئيب بالفعل

أدركت بأنني- و للمرة المليون- وحدي في هذا العالم ، صحيح لدي عائلة ، و أصدقاء و لكنني سوف أظل وحدي ، في أوقات مثل هذه لا يوجد لدي إلا أنا ، لا أحد قد يزيل إحساس الوحدة من داخلي ، منذ رحلت ميلي و أنا وحيدة و سوف أظل أشعر بهذا حتي ألتقي بها مرة أخرى

حتي أنني فقدت الأمل في رؤيتها مرة أخرى فأنا سيئة جدًا و مقري الأخير سوف يكون الجحيم ، حيث سوف أكمل رحلة العذاب وحدي ، و بتلك الفكرة أنا عدت أبكي بحرقه ، أريد رؤية أختي مرة أخرى ، أريد أمي أن تصبح احن و ألطف ، أريد من أخي أن يكون أفضل و أن يكون سنداً لي فأنا لا أمتلك غيره الآن

شعرت بأنني حقيرة لنسيان الفتيات و بالأخص بيري و لكنني دفعت شعوري بعيدًا لأنني لن أسحب بيري لمشاكلي مرة أخرى ، لقد كنت أنانية كفاية و سحبتها معي في كل الدراما المقرفه خاصتي و يكفي لهذا الحد ، فهي لديها حياتها الخاصة ، بمشاكلها الخاصة التي لا تشاركها معي

للتو استوعبت بأن بيري لم تشارك أيًا من مشاكلها معي حتي كدت أظن بأنها لا تملك مشاكل! هي تحتفظ بمشاكلها لنفسها و تتدخل لتحل خاصتي بينما أنا أذهب لألقي بكل مشاكلي على من حولي ،

و ألقي اللوم عليهم أيضًا حين يتركونني في منتصف الطريق و يذهبون ، لقد اقتنعت بأنني شخص لا يمكن تحمله ، صعب التعايش معه ، لقد اقتنعت بأنني شخص غير محبوب و تلك كانت الحقيقة ، أنا حتي لا أحب نفسي!

أردت التفكير بأنني بشر و البشر يخطئون و لكنني لم أتمكن من التمسك بتلك الفكرة فأنا حقًا أسوأ شخص قد أراه ، و مرة أخرى عدت لألوم نفسي ، عدت اكرهها مما يعني بأن كل ما فعلته طوال الشهور الماضية قد ذهب و أنا عدت من حيث بدأت

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي