الفصل الثالث

وفى صباح اليوم التالي ، ذهب الأستاذ طارق إلى مدرسته ، والتقى بصديقه خالد : صباح الخير ياخالد .. صباح الخير يا استاذ طارق ، تعالى افطر معايا تعالى .. ثم جلس الأستاذ طارق واخذ يتحدث مع صديقه ، وانت عامل ايه مع المدام مافطرتكش قبل ماتخرج ليه بقى ، جايب فطارك وجاى بيه هنا ع المدرسة .. هههههه أصلها سادة نفسى فى البيت ، قولت اجى افطر هنا ، المهم سيبك منى ، انت ال حالك صعبان على ، قاعد لواحدك تاكل وتشرب لواحدك ، حتى عيالك مش عايشين معاك .. يعنى عاوزنى أعمل ايه ، العمر عدى وانا اتعودت ع كدة ، وإذا كان ع العيال بيجوا يشوفونى ويتطمنوا على ، وانا ماكانش ينفعل اخدهم عندى يعيشوا معايا ، وأمهم هى ال تصرف عليهم ، ومهما كان مش هيعرفوا يعيشوا فى المستوى ال هما عايشين فيه دلوقتى ، هما اتعودوا ع الرفاهية ، وانت عارف انا يدوب بكفى نفسى بالعافية .. لا ياراجل ماتقولش كدة ، ده انا لقيتلك حتة عروسة ، إنما ايه جمال وشياكة وحلاوة وأدب واخلاق ايه ، لا تقولى مراتى ولا طليقتك .. هههههه وهو لسة فى ستات بالمواصفات دى كلها ، دول بيتهيألى انقرضوا .. لا ماتقولش كدة ، انا اول ماشوفتها حسيتها لايقة عليك ، نفس الاخلاق والادب والاحترام والذوق ، ولسة متعينة جديد هنا فى المدرسة .. ياه بالسرعة دى عرفت عنها كل حاجة .. اه ماهى ليها بنت معانا هنا فى المدرسة وانا اختلطت بيها كذا مرة وعرفتها من كدة ، وسألت البنت على كل حاجة ، وهى ال قالتلى .. ثم قاطعتهم الكلام دخول الأستاذة عزيزة ، والقت عليهم الصباح : صباح الخير  .. أهلا ازاى حضرتك يااستاذة عزيزة صباح الخير ، احب اعرفك بالاستاذة عزيزة مدرسة علم النفس هنا في المدرسة ، وبنتها شروق طالبة مجتهدة ومعانا هنا في المدرسة .. اهلا وسهلا بيكى تشرفنا .. متشكرة جدا .. وده الاستاذ طارق ، راجل قمة في الذوق والاحترام ومدرس اللغة العربية هنا .. اهلا وسهلا بحضرتك تشرفنا ، طيب بعد اذنكوا انا عندى حصة دلوقتى ولازم امشى .. اتفضلى ..
هااا ايه رأيك يااستاذ طارق ؟ رأى فى ايه بالظبط ؟!! ها فى الأستاذة عزيزة ماهى دى العروسة ال كنت بكلمك عنها من ساعتها .. انت عارف رأى فى الموضوع ده كويس  ، وبلاش نفتح الموضوع ده تانى .. يعنى انتى عشان فشلت في تجربة خلاص تقفل الباب ، وتعمل اضراب عن الجواز ؟!!!
تجربة !! دى مش تجربة ، دى ضيعت احلى سنين عمرى .. لا يااستاذة طارق ، ده انت لسة شباب ..
أما بالنسبة لايهاب ، فقد ذهب إلى منزل وفاء لكى يخبرها عن رد فعل امه ، زمن تخيله انها وافقت على الزواج لانها تريد سعادته ، فطرق الباب عليها ، وفتحت له وفاء : ايهاب ! ازيك يا ايهاب .. ياصباح الفل على احلى فوفة .. ثم صاحت والدتها مين ياوفاء .. انا ياطنط ايهاب .. اتفضل ياابنى واقف ع الباب ليه تعالى ادخل .. انت كنت جاى عشان عندى خبر حلو هيفركوا اوى ، ومش صابر على انى اجى اخر النهار أقوله .. خير يابنى فرحنا بالجديد .. وفى تلك اللحظة خرج اخو وفاء من غرفته للاستعداد إلى الذهاب إلى عمله .. ازيك ياايهاب ، انا مبسوط انى شوفتك .. وانا مبسوط انى قابلتك .. كنت عاوز اقولكوا انى والدتى اخيرا وافقت ع الجواز ، وان شاء الله فى أقرب وقت هنيجى ونتقدملها قريب .. بجد ياابنى ده احلى خير سمعته ، كان الود ودى ازغرت واملى الدنيا زعاريت .. انت متأكد ياايهاب من الكلام ال بتقوليه ده ، ووالدتك فعلا موافقة وهتيجى معاك وتتقدموا لاختى .. أيوة ماتقلقش انا قعدت معاها انهاردة الصبح ، وقالتلى أن يهمنى سعادتك وانك تكون مبسوط  ، وانا قولتلها انى هبقى مبسوط وانا مع وفاء .. عال ربنا يقدم ال فيه الخير ..
ثم ذهبت نعمة الله الى مكان عملها فى المعرض ، فسألت على ابنها ايهااب ، فلم تجده ، وعندما أتى من عند وفاء قال لها بحسن نية : صباح الخير ، حمدالله على السلامه ياأمى .. فقالت له فى غضب وصياح :
كنت فين لحد دلوقتى ، كنت عند ال ماتتسمى ال إسمها وفاء .. ايه ياأمى الى حصل بس ، انا مش قايلك انى رايح لوفاء عشان اعرفها أن حضرتك موافقة ع الجوازة ، وأننا فى اقرب وقت هنروح نتقدم لها ونخطبها ؟!!
انا قولت اخطبها ، ماحصلش انت ازاى تتصرف من دماغك كدة ، انا مش موافقة ع الجوازة دى من اساسه ، ومين قالك انى هحط ايدى فى ايد الناس دى .. جرى ايه ياأمى ، مش حضرتك انهاردة الصبح قولتيلى انك يهمك سعادتى وانى ابقى مبسوط ، وانا قولتلك انى سعادتى هى مع وفاء ، ايه ال حصل وغير الكلام بقى عاوز افهم ؟! انا ماقولتش انى موافقة ع الجوازة دى ، ماطلعتش من بؤى خالص انت مابتفهمش .. بقى هى كدة يعنى ياأمى ، يعنى عاوزة تصغرينى قدام الناس وتحرجينى بعد مااتفقت معاهم على كلمة ، وتطلعينى عيل معاهم كمان ، وقولتلهم انا وامى هنجيلكوا فى أقرب وقت .. والله دى مش مسؤليتى ، انا ماقولتلكش تروح وتاخد معاهم معاد  ،  انت ال اتسرعت من دماغك ماحدش قالك تروح وتقولهم كدة .. احنا مش اتفقنا ع الكلام ده الصبح ، ايه ياأمى انتى بتلعبى بيا ولا ايه ، اسمعى بقى ياامى ، انا بقالى سنين صابر الذل والتحكمات والاهانة ، وطول عمرى تحت رجليكى ، مابقولش غير حاضر ونعم وال تؤمرى بيه ، لكن انك تلعبى بمشاعرى لا ، هو ده ال عمرى ماهسمح بيه ابدا ، ومش هتنازل ابدا عن أى حقوقى من انهاردة .. يعنى ايه الكلام ده ، عاوز تقول ايه يعنى !
عاوز اقولك انى طول السنين ال فاتت دى ، وأنا مش عاوز ازعلك منى ، ومش عاوز أفرح ولا أخد اى خطوة غير برضاكى ، وانا معايا فلوس واقدر اتجوز فى السر ومن غير علمك ، لكن انا كان يهمنى رضاكى على ، وانا اديت للناس كلمة بناءا على موافقتك وكلامك ليا ، وطالما انتى رجعتى فى كلامك ، انا بقى مش هرجع فى كلامى معاهم ، وهكون على قد كلمتى معاهم ، عن اذنك ياأمى ..
وبعد ذلك ذهبت نعمة الله الى منزل وفاء ، وطرقت الباب بقوة : فاانفزعت وفاء بهذا الطرق ، وقالت خير مين ال بيخبط الباب بالطريقة دى كدة !!
ثم فتحت الباب فوجدت نعمة الله أمامها : ام ايهاب ، اتفضلى .. فقالت لها نعمة الله ، بقولك ايه يابت انتى مش عاوزاكى تقربى من ابنى ولا تلفى عليه ، وابعدى عنه .. فخرجت امها على صوتها العالى : خير ياستى نعمة الله فى ايه بتزعقى ليه كدة ؟!
بقولكوا ايه انتوا تبعدوا عن ابنى والا هروح فيكوا فى داهية ، مش ناقصة بلاوى ع الصبح ، بنتك تلف ع الواد وعاوزة تخطفه منى ، لا مش هسمح بكدة ابدا ، لو على جستى انتوا فاهمين !
لا ياستى نعمة الله بنتى مابتلفش على ابنك ولا حاجة ، هو ال بيجرى وراها وبيحبها ، وبنتى متربية ومالهاش فى الشغل بتاع البنات ده .. أيوة أيوة اعمليهم على انتى وبنتك وصدرولى دور الضحية ، انا قولت كل ال عندى ، وابعدوا عن ابنى البكر وإلا مش هتشوفوا منى غير وش تانى خالص ، فاهمين .. ثم خرجت ورزعت الباب خلفها واخذت وفاء تبكى على ماحدث ، وقالت لامها : انا خلاص ياماما مش عاوزة اتجوز ايهاب ..
أما بالنسبة لإيهاب فقد خرج ولم يعد ، وجلست نعمة الله فى غرفتها ومعها الدادة عزيزة تهدأ فيها قائلة : انا من رأى تهدى شوية على ابنك ، هتضيعيه من ايدك واستهدى بالله كدة وفكرى فى ابنك وفى مصلحته ، انا عارفاكى عندية من يومك وعنادك ده هيضيع ولادك منك فكرى فى ابنك وفى سعادته ، عشان مايعملش حاجة من ورا ضهرك .. يعنى عاوزانى اقبل بالناس دى بعد ماروحت بيتهم هزقتهم ومرمطت بكرامتهم الأرض .. عشان خاطر ابنك حتى مش احسن ماكان عمل حاجة غلط من وراكى انتى بكدة مش هتحافظى عليه ومش بعيد يروح يعمل حاجة من وراكى وهيعمل ال هو عاوزه طالما انتى مش راضية تريحيه .. تصدقى ياعزيزة انا قلقانة عليه اوى ، من ساعة مامشى الصبح وشكله كان باين عليه الزعل وشكله كان متغير حتى وهو بيتكلم معايا انا خايفة يكون عمل حاجة فى نفسه ، ولحد دلوقتى لسة مارجعش ، هاتى التليفون يادادة .. ليه هتكلمى ام وفاء تعتزليها ؟ لا طبعا ام ال ماتتسمى ليه يعنى ، انا هكلم طارق يمكن يكون ايهاب راحله عاوزة اتطمن عليه ..
ولكن الباب قد أغلق ، فقالت الدادة عزيزة : ده اكيد سى ايهاب ده ال رجع .. ياريت يادادة روحى اتأكدى كدة بسرعة .. فخرجت الدادة عزيزة ، فوجدته ايهاب وقالت له : حمدالله على السلامه يا ابنى ، الحمد لله انك بخير ، دى امك كانت هتتجنن عليك من كتر ماهى كانت قلقانة عليك .. معلش يادادة ، ثم دخل الى. غرفته وهو على غير العادة وغير طبيعته والحزن يبدو عليه .. فخرجت لها نعمة الله وقالت لها : هو ده إيهاب ال رجع يادادة .. أيوة ياستى وباين عليه حزين اوى ياعينى عليه .. طيب انا هدخله بنفسى .. ثم دخلت عليه فوجدته يضع يده على رأسه ، وهو فى قمة الحزن بداخله فقالت له بهدوء وعلى غير عادتها معاه : ايه يابنى كنت فين ده كله ، قلقتنى عليك والشغل كان فوق دماغى ، وانت سايبنى لواحدى .. معلش ياأمى ، ماكنتش قادر اشتغل انهاردة .. ولا يهمك ياحبيبى ، انت بعمل ده كله عشان مين ، مش عشانك انت وأخواتك .. فصمت ايهاب ولم يرد عليها فقالت له : ايه مابتردش على ليه ، هو انا بضحك عليك يعنى .. لا ياأمى بس انا مش شايف كدة خالص ، ومعاماتك معايا غير كدة ، مااعرفش ليه مش عاوزة تجوزينى .. مين قال كدة ، انا هجوزك واحدة بنت ناس ومن مستواك ونسب يشرفك ، مش البت البايرة دى .. بس انا مش عاوز حد غير وفاء ، وهى مش بايرة ولا حاجة ، دى بترفض العرسان عشانى ، وانا السبب فى كدة ، ماانا كان ممكن اتجوزها بدون رضاكى ، واخدها ونعيش مع بابا ، أو حتى ااجرلها لو اوضة وصالة ، وهى قابلة على اى وضع انت هكون فيه معاها ، لكن انت كان يهمنى رضاكى وموافقتك .. ثم سكتت نعمة الله قليلا ، عندما لاتستطيع أن ترد عليه ، فقالت له : خلاص انا موافقة .. وهو لم يصدقها هذه المرة وقال لها. : يعنى انتى مش هتعملى زى انهاردة الصبح وترجعى تانى فى كلامك .. شوف وحدد المعاد المناسب وانا معاك فيه ، ثم اخذت نفسها وخرجت من غرفته وهى مغصوبة على أمرها ..
أما بالنسبة لعزيزة وابنتها ، فقد دخلت على ابنتها الغرفة ووجدتها تذاكر : ايه ياحببتى بتذاكرى ايه .. بذاكر اللغة العربية ، انا بجد بقيت بحب الاستاذ طارق ده اوى ، عشان هو ال حببنى فى اللغة العربية ، وباين عليه مدرس عبقرى ومن كتر اعجابى بيه حببنى فى مادته ، ومابقتش حابة اذاكر حاجة غير العربى .. أيوة ياحببتى بس ده مايمنعش انك تهتمى ببقيت المواد بردوا وتذاكرى كويس جدا عشان تحققى إلى نفسك فيه ..
المهم عاوزاكى بكرة اول ماتخلصى مدرسة تروحى على طول ، عشان تيتة جاية بكرة من بدرى وانا عندى اجتماع ومش عايزة أتأخر عليها اكتر من كدة ، كفاية انى مشحططاها معايا من يوم وفاة ابوكى الله يرحمه ، وهى عمالة تيجى هنا وتقعد هنا .. أيوة ستو بتخاف علينا عشان من غير راجل ، انت من بكرة هخلص مدرسة وأرجع بسرعة ع البيت عشان الحقها ..
وفى اليوم التالى ، ذهب ايهاب إلى والده الاستاذ طارق ، واخذ يفضفض له بعد ان هدأ قليلا ، وقال له والده. : أيوة ياابنى يعنى ماكنتش تيجى على هنا ، احسن ماكنت تلف فى الشوارع طول اليوم كدة لواحدك ، كنت جيتلى وفضفضت وكنت هديت فى ساعتها ولقينا حل احسن ماكنت بعيد عنى وانت حزين كنت شيلت عنك شوية .. معلش يابابا انا اسف ، انت عارف كدة كويس ، وانا بصراحة كنت محرج جدا وكنت خايف تظن انى مابلجأش ليك بس غير عشان المشاكل ال عندى ، زى ماحضرتك كنت بتقول .. أيوة يابنى بس ده موضوع ماينفعش يسكت عليه ابدا ، وكان لازم أتدخل ونشوف فيه حل بدل ماانت محتاس فيه لواحدك كدة ، وحتى لو لو صحيح الطبيعى أن لو ابنى واقع فى مشكلة ، مين هيقف جنبه ويحلهاله ويفهمه غير أبوه .. انا اسف يابابا حضرتك عندك حق فى كل كلمة .. طيب دلوقتى انت وصلت مع والدتك لحد فين وناوية على ايه .. أيوة يابابا انت قبل مااجى لحضرتك كانت موافقة على الخطوبة ، اتفقت معايا انى أحدد معاد ونروح نتقدم فيه ، وانا طبعا ماينفعش اروح أخطب وانت مش معانا ، عشان كدة جيت لحضرتك بعد مااتفقت معاها ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي