الفصل التاسع

بعد مرور ساعات من ثرثره مع منال الا منتهيه
توجهت لغرفتها بعدما استاذنت منها لشعورها
بالتعب
تسطحت علي سريرها تناظر السقف بشرود
تتسائل وكأن كلامهم عن الجراح افتح لها
الكثير من التساؤلات مثل

كيف كانت ستكون حياتها لو لم تفارقها امها
كيف كانت ستكون حياتها لو لم يمت اباها
كيف كانت ستكون حياتها لو لم ترحل جدتها
كيف كانت ستكون حياتها لو لم تقابل يوسف
كيف كانت ستكون حياتها لو ضلوا اصدقاء فقط
كيف كانت ستكون حياتها لو لم يكن لديها مشكله
في الانجاب
كيف كانت ستكون حياتتا لو عاملتها حماتها
كبنتها!


ظلت واقعه في اسالتها التي كانت اجابتها انه
نصيب او قدر او سوء اختيار
وكانها وقعت في نفس خطا اباها
فقد اخطا اباها في اختيار زوجته لينما هي اخطات
في اختيار زوجها

وقد كتب عليه وعليها تقبله
فهي فقط الان عليها الرضا والانحاء لعقبات لم تكن السبب
هي فيها يوما فكيف كانت في الصغر ستمنع امها من الرحيل

امها التي افاقتها من شرودها الان باعثه رسالت
تتسائل فيها علي اسم المشفي فاعطته لها بلا
اهتمام
ثم عادت للتساؤل كيف كانت ستوقف الموت من
اخذ اباها
او جدتها كيف كانت ستوبخ قلبها او تعاقبه بعدما
اعجب بيوسف مثلا


هي فقط تحتاج للبوح ان تخرج ما في صدرها
وترميه في اقرب اذن قد تستمع لها
فلا يهم كم الامر محرج الان الذي يهم ان ترتاح

ولكن من سيفعل مِن مَن حولها ؟
من سيسمها!
هل منال التي تعرفت عليها من يومين فقط
الثرثاره التي ستقاطعها الف مره في حديثها مدخله
احاديث اخري ام فتحيه شديده الانشغال مع تسع
مريضات مثلها
وهي عشرتهم

ظلت تفكر كثيراً مغمضه عيناها بحزن
قبل ان يأتي في بالها الطبيب خالد
الذي هو من اقترح عليها ان تبوح له متي ما تريد
متحججا انه سيفيد في علاجها
ولكن بالرغم من ذلك هو ايضا شديد الانشغال وهي لا تحب ان تكون ثقيله علي احد فشعورها الدائم ان
لا رغبه فيها
من احد ذلك الشعور الذي تسبب فيه زوجها المفارق لها

فكيف سيكون تفكيرها ان هناك احد يرغب فيها
بعد ترك امها لها وهجران زوجها
كيف سيكون تفكيرها ان هناك احد يرغب فيها
بعد كره حماتها لها بلا مرر
كيف سبكون تفكيرها ان هناك احد يرغب فيها
وهي بتلك الوحده الشديده التي تجعلها تتحدث مع
نفسها منذ ساعات

اخرجها تنهيداتها من اسالتها للمره الثانيه
ثم قامت من سريرها رغبا منها في التسكع في
ممرات المشفي او حتي في حديقتها

لعل الخنقه التي في صدرها تذهب كما ذهب هو
او لعل الدموع تجف وتبرد وشهقاتها التي تود ان
تحولها لصراخ

ولكن عليها ان تصمت وترضخ

فقط لو كانت الحياه شخصا لمسكته وبخته او
صرخت فيه
او حتي تمسكه تضربه لتعلمه كم العقبات تلك
مؤلمنه وتساله لما هي خصيصا كتب عليها الفراق
كل احبائها


انظروا ان كنتم تنتظروها ان تكف عن التفكير به
وتصمت وتنساه فهي لن تفعل وكيف تقدر يا رفاق
كيف تنسي خمس سنوات من حياتها في بضع
شهور

كيف! فلقد كانوا ثلاث سنوات صداقه في الجامعه
وسنه ونصف زواج اما النصف المتبقي فكانوا ست
اشهر

وكل شهر ثلاثون يوما
ثلاثون يوما كانوا يتكلمون فيهم ظهرا او عصرا
لقد شهدت الساعات كلها علي حديثهم
كما شهدت الاماكن بالضبط

تحمد ربها انها انتقلت من المحافظه
فرغم انهم لم يكونوا يخرجون اثناء زواجهم الا ان
قبل الطواج اي اثناء خطوبتهم
لقد شهدت الاماكن كلها علي حبهم وثرثرتهم
ضحكهم الكثير
لذا هي مستغربه كيف هانت عليه؟
كيف لم يفكر مرتين فيما فعله
كيف صدق امه وبسهوله كيف لم يحبها
كيف لم يتعلق بها كيف لم يحاوطها وياخذها
في حضنه كما كانت متوقعه ان يفعل

والله هي تنتظر للان ان يكون هذا كابوس
تنتظر ان يكون هكا مقلب
تنتظر ان ياتي فتعاتبه تنتظره ولا تعلم ما اخر
هذا الانتظار المبهم ولا تعلم ما اخره هذا التفكير
وهذه الذكريات الكثيره


وااه من الذكريات التي تخنق وتقتل
ااه منها عندما تعلق في الذهن وتردد في الاذن
ثم عادت لتساؤلها لما الذكريات لا ترحل مع صاحبها الذي هاجر لما تضل ولما يتشبت بها العقل
محتضنا اياها
رغم ان صديقه القلب يصرخ الما منها

او لما لم تكن الذكريات مرضا لها حبوب لعلاجها
لما يهتموا بكل انواع العلاج ويتركون الاشد الما

فقط يهتموا بالجراثيم التي ممكن ان تتعب الفرد
منا او حتي تقتله مره ويتركون الذكريات الذي تجعلنا نتمني الموت الف مره ولا نطوله

فقط لو يفهموا ان لو نصف العالم يعانون من
امراض مختلفه فان كل بشر في هذا العالم اجتمعوا
علي الم مرض الذكريات
تلك الذكريات التي تجعل البعض ينتحر ليتخلص منها
والبعض الاخر يحتجزون في مشفى الامراض النفسيه
من شده تفكيرهم بها

ولكن الاطباء فقط يصموا اذانهم علي الحقيقه
ويعموا اعينهم صامتين كما يصمتوا عن الكثير

تتمشي وتتمشي وتتمشي في الممرات بلا هدف
او بلا طريق ياخذها لبر الامان
الامان التي كلما تجده تفقده فجاه وعلي غير توقع
بلا تمهيد وبلا اي ادني استعداد

قلبها بتحطم في كل مره تضع فيها املها في
شخص
وروحها تموت في كل مره يفارقها شخص

فقط الجميع يديرون لها ظهرهم ولا يعاودون النظر
لها ابدا
تاركينها وحيده ضعيفه هشه وصامته ساكنه
في مكانها
تفكر كالان في حياتها البائسه

جلست في ممر ما وحدها تشاهد الكثير من المرضي في كل مكان ان يحاوطك نوع واحد من الاشخاص
هو امر لا يحتمله اي شخص

لذا قررت رمي كل ما تفكر به وتذهب له
لعله يستمع ويفهم ويعالج لعلها يعيي ان الذكريات
مرص ما عليه علاجه


سارت مره اخري حتي وجدت مكتب الاطباء التي كان يجلس فيه دائما وبصوت منخفض خجول نادته
= دكتور خالد

رفع عيناه لها وهو يناظرها قبل ان يتحرك من مكانه ذاهبا لها
وقف امامها ثم تامل حمرتها علي خذها
قبل ان يسمعها تردف = ممكن نتكلم شويه

صمت وتابع تامله لدقائق مما جعلها تردف وهي
تتهرب من امامه
= واضح ان حضرتك مش فاضي اسفه

ولكنه اوقفها بصوته الحنون = فاضي يا سما

تنهدت مبتسمه له باتساع فاذا يريد سماعها مما هي
تريد ان تفيض بما لديها
= اسفه لو بشغلك

نفي براسه سريعا ثم ناظرها بحنان
= لا انا فاضي متقلقيش وكمان
مش انا قولتلك احكي في اي وقت ده جزء من العلاج


امائت له بابتسامه وما كادت ستردف شئ حتي
قاطعتها تلك المرت ممرضه ما تردف للطبيب
= دكتور خالد المريضه رقم سته جتلها زياره وهي
مش متواجده في غرفتها

نظرت لها سما بتفاجأ وهي تفتح عيناها مردفه
= زياره!! مين اللي هيزورني ده محدش يعرف اني هنا


فهمت الممرضه انها هي ثم لوت فمها فما الذي
يجعل مريضه تحادث طبيبها خارج غرفتها

ثم نظر لها خالد محدثا اياها
= لو قلقانه ممكن اجي معاكي


امائت له وعيناها تفيض بالشكر بينما هو لا يعلم لما قلق عندما ظن انه ممكن يكون زوجها السابق؟
ممكن لانها شديده الحزن
وممكن لانها كثيره البكاء فكم كان يمر ليلا علي
الغرف
وسمع شهقاتها وبكائها والذي بالتاكيد علي زوجها ذلك الخائن عديم الاصل الذي تركها لمجرد مرض اتي لها
مرض لم تختاره هي ولكن فرض عليها
اعاد النظر لوجهها القلق الخائف

لما فتاه بذلك الهدوء تختار شخص كمثل زوجها
لما فتاه بذلك التدين تختار رجلا لا يعرف عن الموده
والرحمه شئ
لما فتاه ما تكون بذلك الحزن؟
كانوا قد وصلوا لغرفتها حمحم هو قبل ان يفتح
الباب
ظلت كثيرا تناظر تلك السيده حتي فاجئتها تقول
= مش عارفه امك ولا اي يا سما


بربشت بتفاجأ ومن الصدمه لم تتحدث نظرت امها
لذلك الذي يقف بجانبها محمحمه لا تعلم من هذا ولكنها خجلت فأي ابنه لا تعرف امها لذا اقتربت
منها تاخذها في حضنها
تربت عليها رغم انها كانت تريد فعل ذلك من
الاساس
الا انها فعلت خصيصا لتراضي عيونه المتسائله
لذا حمحم هو منسحبا من الغرفه
مردفا = هسيبك انا يا سما ونتكلم بعدين

جلست هي وامها امام بعض
قبل ان تردف هي لها = انتي هنا يا ماما

امائت لها امها بابتسامه
= اه يا سما انا موجوده معاكي اهو
قوليلي انتي اخبارك؟

امائت لها سما بابتسامه هادئه
= كويسه بس

قاطعتها هي تتسائل بفضول = بس اي؟
_ لو معاكي فلوس ممكن تسبيهالي انا بعت كل
دهبي والعلاج اغلا بكتير منا تتصوري عشان دي
اقامه

هكذا اردفت سما بحرج ولكن امها ردت عليها
= اه طبعا يا حبيبتي هسيبلك انا جوزي غني اوي يا
بت ومريشني انتي مش شايفه الماركات اللي لبساها


سخرت منها داخلها ولكنها فقط صمتت قبل ان
ياتي في بالعا سؤالا تريد ان تسأله منذ زمن
= هو انتي وبابا انفصلتوا لي؟

هكذا فاجأتها بسؤالها لذا توجهت بنظرها بعدما
كانت تخرج لها بعض الطعام

ثم اردفت = انا وباباكي كنا زي النار والمايه
مينفعش نبقي مع بعض يا النار تغطي على المايه
با المايه تقتل النار

_ ليه كل ده
هكذا قاطعتها سما
ثم اكملت بحرج فهي ليست معاتاده علي امها كثيرا

_ انا عارفه ان الكلام ده عدي عليه سنين بس انا
مكنتش بقعد اتكلم معاكي ابدا مكنتش طايقه
أتكلم مع واحده سابتني ومشت


قاطعتها هي الاخري ثم اردفت تلك السيده
المسميه امها
= انا سيبتك مع ابوكي يا سما اللي عملك ولا احسن
ملكه
انا مسبيتكيش في الشارع انا وباباكي كنا بنطفي
بعض هو بيتوتي وانا بحب الخروج هو هادي وانا
زي ما انتي شيفاني حتى صوتي عالي هو بيحب
القهوه المظبوطه اللي عمرى ما عرفت اظبطها وانا العصير الساقع
كل حاجه مختلفه وياريتنا عرفنا نحتوي بعض
احنا كنا علي اتفه الأسباب بنتخانق فاهمه يا سما؟


امائت لها سما بحزن علي سيرة اباها حقا عاملها
كالملوك وأكثر دللها واحبها وهدهدها
احبها كما لم يحب احد من قبل بينما عشقته هي
اباها وحبيبها الاول الذي لم تري خير بعده

بتقولي اتجوزتي صح!

تسائلت سما لتجيب هي = اه لما تخفي وتبقي
كويسه هخليكم تتعرفوا علي بعض او لو تقدري
تخرجي من المستشفي وفي اي
كافيه هنا نتقابل


تجاهلت سما حديثها مردفه = ده اللي خلاني مفكرش اجيلك ابدا يا ماما ورجعت بيت تيتا

حمحمت امها " ساره " = المهم انك مرتاحه هنا او
هناك


هكذا مرات ساعات الثرثره بينها وبين امها تلك
البعيده التي لا تعلم سما لما تشعر انها تريد الاقتراب منها ممكن لانها الان صارت وحيده فتحتاج لاي احد

فممكن ان تكون كلمه الام كلمه رائعه وعظيمه
صادقه وحتي معبره كلمه تعبر عن مشاعر بداخل
الكثيرر وتهز سفون الاحساس في قلوبهم وتهيج
بحار المحبه في كيانهم

ولكنها فقط لا تشعر بأي مشاعر رغم تمنيها ان
تشعر

ففراق الام يترك شوقا وجفاءا لا تطفئه السنين
وذكريات لا وجود لها لا يغلفها انشغال الحياه
غصه قلب لا تموت حتي نموت
فاذا ظن الجميع انها استسلمت لواقعها
واعتادت ان تعيش بلا ام فقسما بالله هي منذ
الصغر تجن متسائله اين امي؟


ستظنوها تمزح لو عرفتهم ان هذه الساعات اطول
ساعات
قد جلستها مع امها طوال حياتها

فاقد الشئ لا يعطيه
لا تظنها ستفعل ذلك في حياتها رغم انها عانت من جفاء الام
او فراق الام هي لن تفارق ابدا أبنائها
التي لا تعلم هل سيرزقها الله بهم ام لا؟

ثم تذكرت خالد او تقول الطبيب خالد
كانت ستكلمه لولا فقط مناداه تلك المريضه عليها
والان الوقت تاخر وستنغمس في افكارها مره اخري

اما في بيت اخر دافئ صغير

جلست اخت الطبيب خالد " تالا "
بجانب اخيها تثرثر معه تحتضنه بينما تبحث معه عن
الفيلم الذي سيسهرون عليه الليله
رعب كما كل يوم بينما امهم تحضر العشاء
اردف هو لتالا = ما تقومي يا بت تساعدي ماما والله لو اني تعبان لسعدتها انا

ناظرتها بسخط وهي تردف بمزاح بعدما ضربت كتفه
= يا سلاام تعباان

_ بصي البت بصي البت بتتريق غلي اخوها ازاي
هكذا اردف لتصرخ امها في الداخل
= بس يا تالا عيبب

عبست في وجههم وكادت ان تقوم
ولكنها اردفت في اللحظه الاخيره = طب والفيلم

_ اوعدك هدور علي فيلم جامد فامبير ودم بصي
هبهرك

قالها بحماس لتقهقه هي ثم قبات خذه قبل ان
تجري علي المطبخ
تساعد امها تامل عائلته اللطيفه التي تسعي امه ام
تزيدهم فردا تكون زوجته ثم تنهد وهو يبحث عن
الافلام
قبل ان يسمع صرتخ تالا من الداخل له
= اعملل فشااررر

قهقه عليها ثم اردف
= ايوهه ظبطينا وعصاايرر بقاا

ثم تذكر مريضته " سما "
التي منذ ايام اردفت وبكل تذكر انها تريد اكل الفشار
والان

هي تحب اكل الكثير من الاشياء في لحظه واحده
فقط لو يسمح لها لذهبت لكل الاشياء الغير
صحيه والتمهتها سريعا

نظر امامة كل تلك الافلام الكثيره الرعب
ثم تسائل ما نوع الافلم الذي تحبهايا تري

فاق من اسالته علي صوت امه واخته بصنيه
الطعام فتسائلت تارا
= اي اخترت فلم حلو


يريد ان يشاكسها لذا اردف
=كسلت

ولم يكن يكمل كلامه ختي قفزت فوقه في دوره
مصارعه قررت بدئها الان

صرخت امها
= بت يا تاراا عيب

_ متدفعييش عنه
هكذا اردفت وهي تشد شعره قبل ان يقوم هو حاملا اياها لتصرخ بخوف فلا تريد ان تضرب

لذا قهقه هو بشر
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي