الفصل الحادي الثلاثون

الفصل الحادي و الثلاثون :


عندما يأتيك العوض على هيئة إنسان يجعلك تشعر و كأنك لم تعش في الحياة من قبل ، تريد أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظات ، و تمضي الايام بطيئا حتى تستمتع بكل لحظة تمر عليك ، لن تتكرر هذه الأوقات كثيراً ، بكن عندما تأتي لا بد أن نتمسك بها و نعيشها كما يجب أن تكون .
كان فارس يحاول إسعاد فرح و يمتعها بهذه الأيام ، كان يأخذها إلى كل الأماكن السياحية الموجودة بشرم الشيخ ، كانت تتمنى أن تركب اليخت و تفعل مثل تايتنك مع حبيبها ، حجز فارس اليخت وذهبوا في يوم جميل ، ربما كانوا أحسن من تايتنك و حبيبته .
و في اليوم التالي ركبوا " البيدچ باجي " في رحلة سفاري و شربوا الشاي على الفحم و قاعدة بدوية و الخروف معلق للشوي على الفحم ، كام كل يوم مميز عن الآخر و به أشياء مختلفة و جميلة .
و قد شاهدوا عرض الدولفين و ذهبوا إلى السوق القديم و خليج نعمة و أخذها إلى النافورة الراقصة و كانت منبهرة بها و بجمال هذا المكان ، حاول على قدر الإمكان أن لا يترك كمان حتى يأخذها إليه لتكون هذه الرحلة معهم طوال العمر يتذكرونها دائماً ، كان يعشقها و يستطيع أن يفعل اي شيء من أجلها ، كما كانت هي الاخرى تحاول أن تجعله سعيد و ترى ابتسامته تملأ وجهه طوال الوقت .
في يوم اتصل به حسين يخبره بأن عمه جاء إليه الشركة حتي يسأل عليه ، لكنه لم يعترف له بالحقيقة كما طلب منهم فارس إذا سأل عنه أي شخص لا يخبره بمكانه ، و اخبر حسين عم فارس أنه لا يعلم عنه شيء من يوم الفرح لأنه عريس و لا يريد ازعاجه في فترة إجازته .
انزعج عادل و رحل عن الشركة و هو ينفخ لأنه لم يعلم بمكانه لكنه حالت في ذاكرته خطة جديدة و سوف ينفذها على الفور قبل عودتهم ، ذهب لزوجته و أخبرها أنهم لا بد من أن يسافروا اليوم في عمل ضروري و يريدها معه كانت ترفض لكنه أصر ، و استعجبت لماذا يترك رانيا بمفردها و لن تذهب معهم ولا تبقى هى معها ، أخبرها أنه يريدها معه و سوف تذهب رانيا إلى منزل عمها إلى حين عودتهم أو عندما يبعث اليها لتسافر إليهم ، استسلمت زوجته للأمر لكنها تشعر بأن هناك شيء جديد يخططان له معا ، لكن ما باليد حيلة .
انتهت رحلتهم سريعاً ، هكذا الأيام السعيدة لم تبقى طويلا ، ثم عادوا إلى أرض الوطن عادوا إلى منزلهم ليتفاجأ فارس و فرح بوجود رانيا في المنزل و ليس هذا فقط ما أثار اندهاشهم بل عندما علموا أنها سوف تقيم معهم إلى حين عودة أهلها ، تعجب لماذا لم يأخذها عمه معهم ، مرّة يحدث هذا منذ كبروا ...
سلموا عليهم جميعاً و تناولوا الغداء ثم صعدوا إلى غرفتهم حتى يستريحوا من السفر ، لكن كانت رانيا ترمق فرح بنظراتها ثم تتحول و تتحدث بكلمات غير التي تشعر بها اتجاهها ... و كأنها لا تريدهم أن يذهبوا غرفتهم و يظلوا جالسين معها طوال الوقت ، كانت الغيرة تتملك منها لا تستطيع أن ترى فارس مع زوجته ما زالت تعتقد أنه لها ، رغم أنه لن يراها و لم يفكر بها يوما ما ..
جاءت عمة فرح في المساء حتى تراها و وجلس معهم بعد أن استيقظت فرح و كان معها حسين فتحت لهم ليان الباب و استقبلتهم في الصالون ثم جاءت السيدة عبير تستقبلهم هي الأخرى ، و طلبت من ليان أن تذهب إلى فرح تنبئها بوجود عمتها تحت ، أسرعت رانيا حتى تذهب هي إليهم قبل ليان لكنها رأتها .
ليان : أين أنت ذاهبة يا رانيا .
رانيا : سأذهب إلى فرح أخبرها حتى تبقي أنت مع الضيوف.
ليان : لا ، ليس هناك داعي ارتاحي أنت ، سوف أخبرهم أنا لا يصح أن تذهبي إليهم وهم نائمون ماذا إذ فتح لك فارس و هو بملابس النوم .
رانيا و قد رمقتها غيظا كانت تريد أن تذهب هي لترى كيف يعامل فارس زوجته ثم تركتها و ذهبت .
ذهبت إلى المطبخ تحضر العصائر و بينهم كوب مختلف عن الباقي و ينقص كوب عصير إنها لم تعمل حساب فرح ضمن الموجودين .
و عندما نزل فارس و معه فرح يمسك يدها إلى أن دخلوا عليهم وهي تشاهدهم من الداخل ، قامت بحمل العصير و بدأت بفارس قبل الجميع و قالت له : عصير المانجو هذا ليك يا فارس لأن الفراولة تعمل عندك حساسية ثم ابتسمت بمكر ، و مرت على الجميع و تركت فرح لم تحضر لها كوب عصير ، قامت ليان و أحضرت لفرح كوب عصير مانجو ثم اردفت : أحضرت لك مانجو لأنني أعلم أنك تحبين أن تكوني مثل فارس في كل شيء و فارس لا يحب أن يشرب شيء بمفرده من غيرك ..
استشاطت رانيا غضبا من أثر كلمات ليان عليها ، كانت تريد هي أن تحرج فرح بعدم وجود عصير لها لأنها لم تحسبها من ضمن الموجودين ، لكن ليان سرعان ما أعادت لها احراجها و أحضرت لها العصير .
ذهب حسين إلى الشرفة هو و ليان حتى يبقوا بمفردهم بعض الوقت بعيدا عنهم وعن هذه رانيا التي لا يستلطفها حسين منذ صغرهم عندما كانت تأتي إليهم أيضاً و يلعبون مع بعضهم ، تذكرها حسين و ظل يحكي إلى ليان عن عدم حبه لها
حسين : كانت دائماً تحب أن تسيطر هي على اللعب و كل شيء يكون لها هي فقط ، كانت كلما اندمجنا في اللعب جاءت هي و خربت كل شيء إلى أن جاءت في يوم تريد أن تلعب معنا اتفقنا جميعاً أن لا أحد يقبل أن تلعب معنا وأتذكر أيضاً أنها لم تستسلم و ظلت تحاول أن تخرب علينا اللعب و هي لم تلعب ، لذلك لن اتقبلها منذ صغرنا أشعر بأنها تريد أن تتدخل في كل شيء .
ليان : بالفعل ، مازالت هكذا إلى الآن ، تريد أن تتدخل في كل شيء لا علاقة لها به ، لا أعلم كيف هي كذلك ؟؟
حسين : خذي حذرك منها و انتهى الأمر . إلى متى ستبقى معكم ؟
ليان: لا أعلم يبدو أنها ستبقى كثيراً لأن عمي و زوجته سافروا و تركوها لنا لا اعلم لماذا !؟! لن اتقبلها أنا الأخرى و أشعر بأنها وجودها ثقيل على قلبي .
حسين : حاولي أن تتقبليها لأنها ستبقى معكم فترة من الوقت حتى لا تشعرين بملل ، عامليها بالمثل .
ليان : سأفعل هذا .
ثم دخل حسين حتى يأخذ والدته و يرحلوا لتنتهي السهرة و يذهب كل منهم إلى غرفته حتى تستريح ليان من رانيا .
في اليوم التالي استيقظ الجميع على مائدة الإفطار و فرح يظهر عليها أنها عروسة ترتدي قميص بروب حرير كامت ليان ووالدتها سعداء بها لطلتها البهية بينما رانيا كانت تريد أن تضربها و تبعدها عن فارس حتى تجلس هي بجواره ، انتبهت السيدة عبير لنظرات رانيا إلى فرح وأنها يبدو عليا الغيرة منها ، بعد انتهاء الطعام طلبت من فارس أن يأخذ زوجته و يذهب بها إلى غرفتهم ، ثم تدخلت رانيا بلهفة : لماذا يا طنط ما يفضلوا قاعدين معانا شوية .
السيدة عبير : اليوم لسه في أوله خليهم في غرفتهم ما زال الوقت مبكراً ، يجلسوا معنا مرة أخرى .
ثم سكتت رانيا ليس هذا ما تريده إنها تريد أن يكون فارس أمام عينيها طوال الوقت ، لأنها عندما تعلم أنهم غي غرفتهم و هي لا تستطيع أن تبطل تفكير بهم ، لا تريدهم أن يبقوا بمفردهم قط .
ثم أحضرت الشاي و أعطت كوبا إلى السيدة عبير و معها كوبان آخران سألتها لمن الشاي هذا ؟؟
رانيا : لقد أحضرت الشاي لفارس و زوجته لأنه يحب أن يرتشي الشاي في الصباح .
السيدة عبير : اتركيهم و شأنهم إذا كان يريد الشاي كان طلب من ليان أن تحضره له .
رانيا : كما تريدين يا زوجة عمي ، كنت أفكر أنه مثل زمان لا بد من الشاي كل صباح .
السيدة عبير ويبدو أنها قد تفهمت أنها ما زالت تحبه و كلام الماضي عالق في ذهنها أنها سوف تتزوج من فارس ما زال يلازمها ثم اردفت: لا يا رانيا يا بنتي فارس زمان ده خلاص اتغير لقد كبر و تغيرت حياته تماما أصبح يحب أشياء و ينفر من أخرى ، ليس كما تتذكرين و أنتم صغار لقد تغير كل شيء تماماً ..
رانيا : يبدو أن كلامك هذا صحيح ، لكني كنت أعتقد أنه كما هو لن يتغير مئة و ثمانين درجة هكذا .
السيدة عبير: لا تشغلي نفسك يا بنيتي إذا أراد شيئاً سوف يطلبه من ليان أخته.
رانيا : و أنا كمان أخته يا طنط .
السيدة عبير : أكيد يا حبيبتي لكننا لا نريد أن نتعبك معنا .
جلست فرح على الفراش وفتحت المكيف بينما فارس ذهب حتى يأخذ حمام بارد و فتحت فرح شاشة التلفزيون تبحث عن شيء تشاهده مع فارس ، خرج فارس و ذهب إليها يجلس بجوارها و وضع يده خلفها لتكون في حضنه ثم وضعت رأسها على قلبه و ظلوا يشاهدون الفيلم الرومانسي لعبد الحليم حافظ و زبيدة ثروت فيلم يوم من عمري ، ثم قبلها من جبينها و ظل يملس على شعرها و ضمها إليه بشدة لن يصدق أنها صارت بجواره و بين أحضانه هكذا .
اتصل عادل برانيا ابنته حتى يطمئن على الوضع معها في منزل عمها
رانيا : فارس طلع يحبها جدا يا أبي لا أعلم ماذا أفعل ، لن يتركها لحظة واحدة و الجميع هنا يشجعه على هذا .
عادل : افعلي كل ما خططنا له و لا تيأسي ، فارس لن يكون إلا لك ، لكن عليك أن تنفذي كل شيء بحكمة أعلم أنك ذكية مثل والدك .
رانيا : حاضر يا أبي سوف أصبر و أتصرف بحكمة لكن وجوده بجوارها طوال اليوم يجعلني لا تستطيع التفكير سوى في الانتقام منها .
عادل : و هذا كل ما نريده لكن بصبر كما أخبرتك من قبل ، لا تتسرعي و كل شيء سوف يحدث كما نريد .
اغلقت رانيا الخط و قد شعرت أن مكالمة والدها هذه طمأنتها قليلا و أنها لا بدّ أن تنتقم منها لكن أفضل خطة هي التي فكر بها والدها .
بعد يومين ذهبت فرح إلى عملها و فارس أيضا لانتهاء مدة اجازتهما و كانت ليان أيضاً في عملها و السيدة عبير تجلس في الأسفل ، بينما رانيا قد ذهبت إلى غرفة فارس تشاهدها و ترى كل شيء بها ظلت تفتش في أغراضهم ، كان لديها حب استطلاع لتعرف كل شيء عن فرح و فارس و كادت أن تفتح خزانة ملابس فرح ثم سمعت صوت فارس خرجت من الغرفة مسرعة بعد أن أعادت كل شيء كما كان عليه و ذهبت إلى غرفتها قبل أن يراها و عندما صعد إلى غرفته حتى يبدل ملابسه دخلت عليه وكان قد خلع قميصه وظهره لها قامت باحتضانه من الخلف و عندما التفت ولم يجدها فرح بل كانت رانيا انزعج بشدة و قام بطردها من غرفته بصوت مرتفع و هو متعصب ، وهي تقول له : لقد اشتقت إليك جدا يا فارس ، نسيت حبي ليك بهذه السرعة و تزوجت فرح .
فارس : قلت لك اخرجي من غرفتي الآن ، ما هذا الذي فعلتيه يا رانيا لقد جُنِنت ، ألا تعلمين أنني رجل متزوج .
رانيا : عارفة يا فارس لكن كنت طول عمري بحلم بيك ، فاكر عندما كان الجميع يقول فارس لرانيا و رانيا لفارس ، من وقتها و أنا لن أتخيل أن أتزوج رجل غيرك .
فارس : هيا اخرجي لن يصح أن تبقي معي في نفس الغرفة هيا .
ثم أخرجها و أغلق الباب ووضع يده على رأسه و يخرج زفيرا لا يستوعب الذي فعلته رانيا معه .
عادت فرح إلى غرفتها وجدت فارس مستلقي على الفراش ينتظرها حتى يتناول معها الغداء لكنها لاحظت عليه شيء غريب حاولت أن تعرف ما به لكنه كان يحاول أن يتحدث في اي شيء آخر و كلما وجدته شارد أو ايس منتبه معها قلقت علبه أكثر و حاولت أن تجعله يتحدث معها ، إذا كان هناك شيء يزعجه منها أو يوحد شيء في الشركة يشغله إلى هذا الحد ، لكنه أخبرها أنه مرهق فقط و يحتاج أن يأخذ قسطاً من الراحة يبدو أنه قد أخذ على قلة العمل ، و طلب منها أن تحضر الطعام في الغرفة لأنه لا يستطيع أن يذهب إلى غرفة الطعام ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي