الفصل الرابع

꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
بعد ايام في المستشفى .
كان حسين يأتي كل يوم ليزور زهرة في المستشفى ، عندما ينتهي من عمله يذهب الى المستشفى و يظل مع زهرة الي ان يأتي الليل و يشعر بالنوم ، ظل كل يوم يفعل هذا ، و ما زالت تلك الاسئلة تدور في ذهنه ، هذا غير ان الأمور معقدة للغاية معه ، لقد رفع قضية علي السائق الذي صدم سيارة زهرة ، لكن يبدو ان الحظ لم يكن نصيبه ، فقد كان السائق يعمل في اكبر و اشهر شركة في الدولة ، و يبدو أن الشركة تساعده و عينت له محامي مهار للغاية ، لأنه في كل جلسة تتأجل للمرة القادمة ، و يبدو انهم حتي لن يأخذوا تعويض علي ما حدث ، لكن ما هو تعويض الأطفال ؟ ، هل هو مال ؟ ، بالطبع ليس المال ، لان الطفل الواحد يصبح مثل قلبك ، فكيف بثلاثة أطفال ؟ ، انهم يكونوا مثل القلب و العقل و الروح ، انهم كل شيء في الحياة ، هل التعويض يكون قصور او ذهب حتي ؟ ، ايضا هذا لا يكفي ، اذا ماذا يكون التعويض ؟ ، هل يكون روح شخص اخر ؟ ، حتي و لو هذا حدث ، فهذا لن يرجع الأطفال الي الحياة مرة اخري ، يبدو انه لا يوجد شيء يعوض الأطفال في هذه الحياة ! .
مر علي غيبوبة زهرة اكثر من اسبوع ، حتي انه كان اكثر من شهر واحد ، لقد مره علي غيبوبة زهرة شهر و اسبوعين و يومين و خمس ساعات ، لقد كان زوجها حسين يعد الساعات التي كانت زهرة في غيبوبة بها ، لقد حاول بعض أصدقائه في العمل ان يجعلوه ينسي قليلا و ان يفرح حتي و لو ثانية ، لكنه كان دائما حزين ، و لا يفارق وجه حسين التعب و الحزن ابدا ، لقد كان يحاول ان يصمد من اجل زوجته زهرة بكل قوة لديه ، لقد فقد كنزه الثمين في خلال عدة ساعات فقط ليس الا .
لقد سرقت الحياة منه كل ما كان يتمنى .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
و في احدى الايام في المستشفى .
عندما كان حسين جالس على الكرسي و يقرأ القرآن بصوت عالي قليلا ، لكن الصوت لا يتعدى غرفة زهرة .
هنا توقف حسين عن قراءة القرآن لثواني و هو ينظر الى زهرة قليلا ، تأملها و هي نائمة ، و لقد رجع وجهها الي طبيعته ، و لقد بدء جسدها يتعافى قليلا ، هنا فاجأ لاحظ حسين تحرك أحدي اصابع يد زهرة ، هنا اقفل القرآن سريعاً ، و اتجه نحو زهرة و فرك عينه جيدا كي يتأكد ان ما رآه صحيح ! ، لان حسين كان يشعر بالنوم الشديد ، هنا فتحت زهرة عيناها قليلا و لقد كان اول شيء تراه امام وجهها هو زوجها حسين ، فـ قالت له بصوت منخفض للغاية : " اين اطفالي ؟ ، كيف حالهم ؟ . "
هنا ابتسم حسين عندما رآها تفتح عيناها ، لكن عندما سألته هذا السؤال ، توقفت الدماء بعروقه ، و لم يكن يعرف ماذا يقول لها ؟ ، الي ان سائلة زهرة مره اخرى و هي تقول : " حسين ، اين الأطفال ؟ ، اين هم الان ؟ ؟ ."
هنا وجد حسين اول حجه تأتي علي باله ، فقال لها : " لا تتكلمي ، لا تتعبي نفسك من الأساس ، سوف اذهب و انادي الطبيب سريعاً . "
بعد ان انهي حسين كلامه اتجه نحو الخارج سريعا و هو ينادي علي الطبيب او الممرضة علي الأقل ، و من حسن حظه وجد طبيب زهرة يتمشى في أحدي الممرات الجانبية ، فذهب له حسين مسرعا و هو يقول له : " لقد استيقظت زهرة . "
هنا عندما سمع الطبيب تلك الجملة اتجه نحو غرفة زهرة سريعا ، لقد كانت زهرة حالتها معروفة في المستشفى ، اولا بسبب الحادث الذي انتشر في كل قنوات التلفزيون ، و ثانيا أن أطفالها الثلاثة ماتوا في هذه المستشفى مره واحدة ، و عرف جميع الاطباء ما حدث لها ، لقد اصبحت زهرة و أطفالها الثلاثة مشهورين بالنسبة للمستشفى بشكل كبير ، لان الممرضات بعض منهم بكي علي حالة زهرة و أطفالها ، و البعض الاخر كان يتمني لها الشفاء العاجل ، اما الأطباء فكانوا حزينون للغاية بسبب انهم لم يستطيعوا أن ينقذوا طفل واحد حتي .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
عندما دخل الطبيب الي غرفة زهرة و وجدها مستيقظة وضع مصباح صغير في عيناها ، و لقد وجد بؤبؤ عيناها يصغر ، فعرف انها بالفعل تستجيب له ، هنا همست زهرة للطبيب و هي تقول له بهمس مسموع قليلا : " ارجوك قل لي اين اطفالي ؟ ؟ ، و ما الذي حدث لهم ؟ ؟ . "
هنا نظر لها الطبيب بـ حزن قليلا ، لم يكن يعرف ماذا يقول لها ، فنظر الي حسين ثم قال له : " من فضلك اخرج للخارج . " هنا نظر له حسين ان لا يقول لها اي شيء ، فأشار له الطبيب ان لا يقلق ، لأنه لن يستطيع أن يقول لها هذا الخبر قبل ان تتحسن صحتها ، لأنه اذا قال هذا الخبر لها الان ، لا يعرف كيف سوف تكون ردة فعلها ، لكنها بالتأكيد سوف تؤثر على صحتها بشكل كبير ، لان هذا الخبر ليس بشيء هين لها .
هنا قالت الممرضة و هي تكلم حسين قائله له : " لو سمحت اخرج الان ، يجب ان نفعل لها بعض الفحوصات . "
هنا هز حسين راسه بـ إيجابية ، و خرج من الغرفة سريعا ، و اقفل الباب خلفه .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
عندما خرج حسين من رفة زهرة بدء يحمد ربه ان زوجته الحبيبة استيقظت اخيرا ، لكن بم تمر لحظات حتي اتت له نوبة بكاء شديدة ، الي الان لم يجهز ماذا يقول لها عن الأطفال ، لا يعرف اساسا كيف سوف ينطق تلك الجملة من الأساس ، لان عقله و قلبه و كل خلية به ترفض أن يصدق ما حدث له ، هذا الامر اشبه بـ كابوس مخيف للغاية ، لكن لا يستطيع أن يستيقظ منه .
مسح حسين دموعه سريعا ، عندما وجد الطبيب يخرج من غرفة زهرة ، ثم اتجه نحوه مسرعاً ، و هو يقول له : " كيف حال زهرة الان ؟ . "
هنا نظر له الطبيب و هو يقول له : " حالتها الان جيدة و مستقلة ، لكن لا يجب عليها أن تعرف ما حدث للأطفال ، لان هذا بالتأكيد سوي يؤثر علي حالتها كثيرا ، و ممكن يؤدي ان نفقدها ، لذلك لا يجب أن تقول لها اي شيء حدث في ذلك الحادث . "
هنا رد حسين عليه قائلا : " حسنا اساسا لم اكن اعرف كيف اقول لها ، لكن بالنهاية يجب ان تعرف ما حدث ، فكيف سوف اقول لها ؟ . "
هنا قال له الطبيب : " لا اعرف حقا كيف سوف تقول لها هذا الخبر ، لكنني برأيي أن تمهد لها الموضوع قليلا ، لكن ليس الان بالطبع . "
هنا وضع حسين يديه علي راسه و هو يدعوا الله ان يمر هذا الامر علي خير ، هنا قال له الطبيب مره اخرى : " يمكنني أن أعطيك رقم صديق لي ، انه طبيب نفسي و بالتأكيد سوف يساعدك ، و سوف يخبرك كيف تقول لها عن امر الحادث ، لذلك برأيي ان تستشيره اولا . "
هنا هز حسين راسه بـ ايجابية و هو يقول له : " حسنا ، انا موافق ، متي سوف اخذ زهرة اليه ؟ . "
فرد عليه الطبيب قائلا له : " يمكنني أن احدد لكم موعد عنده ، لكن يجب اولا ان نتأكد ان السيدة زهرة لن يحصل لها اي تدهور صحي عندما تستمع الي ذلك الخبر ، سوف ارسل لك رقمه ايضا ، اذا احتجت ان تستشيره في شيء عن الحالة النفسية الخاصة بـ السيدة زهرة ايضا ، حسنا . "
هنا قال حسين له : " شكرا لك جزيلا علي ما فعلته . "
هنا قال الطبيب له : " العفو ، هذا من واجبي . "
ثم تركه الطبيب و ذهب إلي مكتبه لكي يستريح قليلا .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
دخل حسين غرفة زوجته زهرة بـ المستشفى ، ليجدها نائمة بعد ان اعطتها الممرضة بعض الأدوية ،
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
مرت بضع ايام بعد استيقاظ زهرة من غيبوبتها ، و كلما تسأل عن أطفالها الثلاثة ، يرد عليها حسين قائلا : " أنهم في المنزل ، لا تقلقي لقد أحضرت لهم مربية تعتني بهم . "

و من كثرة أسئلة زهرة علي أطفالها قرر حسين أن يذهب إلى الطبيب النفسي اخيرا ، و أن يتكلم معه في حالة زهرة .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
في عيادة الطبيب النفسي .
لقد كان حسين يقول له كل شيء عن زهرة ، و عن اسالتها المتكررة عن أطفالها الثلاثة .
هنا رد عليه الطبيب اخيرا قائلا له : " تجربة وفاة طفل أحد أكثر التجارب التي قد يواجها أي من الوالدين تدميرًا ، و مع أن لا شيء يمكن أن يخفف هذا الألم أو يملأ مكان الطفل في قلبك و قلب زهرة ، لكن قد يساعدك الاعتراف بحزنك ، في تخفيف ألمك .
إن وفاة الطفل أمر صادم فقد تعاني زهرة من الشعور بـ الغضب أو الذنب ، او من المحتمل أن تبدر إلى ذهنها أسئلة معذبة ، لا يمكن الإجابة عليها بـ سهولة ، و كل هذه المشاعر أمر عادي ، و يرجع الأمر إليها في كيفية مواجهة هذه المشاعر التي تنتابها ، و تذكر دائما يا سيد حسين ان كل شخص يتكيّف مع حزنه بطرق مختلفة .
لأن أكثر ما سوف يحزن زهرة ؛ هو أن الموت أخذ أطفالها الثلاثة مره واحدة ، قد يترك آلاماً لا يطاق في قلبها ، و لكن عليها أن تتذكر أن الموت يفاجئ بـ الفعل ، و هو أمر من الله سبحانه و تعالى .
هذا غير ان الموت اتي عن طريق حادث سير، فـ سوف تبدا زهرة : ترى هل توفي اطفالي لـ اني لم اغير مسار السيارة اسرع ، ام هل توفي ابني لـ يكون ذلك بـ مثابة عقاب لي بسبب معصية ارتكبتها في حياتي ؟ ، إن الأسئلة تكثر بـ شكل خاص ، عندما تكون الوفاة ناجمة عن حادث سير، أو إلى ما هنالك ، و في هذه الحالة تلوم زهرة نفسها ، و تقول : " إنه لو لم تخرج هي و أطفالها هذا اليوم لما وقع الحادث . "
هذه الأسئلة تبرز نتيجة الشعور بـ الحزن الشديد ، و لكن يجب علينا أن نعلم أن الموت اختار هذا أو ذاك .
من الطبيعي أن يمر جميع من يفقدون أحد أبنائهم بـ المراحل التالية : حالة الصدمة ، و هي الحالة التي يأخذ فيها الدماغ حالة الدفاع عن نفسه و يفرز مواد كيماوية ؛ تجعل من الصعب أن يصدق حالة الموت التي حدثت .
تغيب حالة الواقع تماماً لـ بعض الوقت ، أي أن زهرة التي فجعت بوفاة أبنائها الثلاثة ؛ تحاول الهروب من حالة الواقع .
حالة الاكتئاب و الحزن ، و عدم الرغبة في العيش بعد الضحية .
حالة التمرد ، و هي حالة تشعر بها من هي ضعيفة الإيمان بـ الله و فـ قدرته ، لكن هذه الحالة لا تدوم طويلاً ، عندما يبدأ الواقع بـ السيطرة على الموقف .
مواقف تمنحها القوة .
بعد حدوث الوفاة ، لا يمكن التفكير في عودة المتوفى للحياة من جديد ، و انطلاقاً من ذلك ؛ فـ إن علي زهرة أن تتخذ المواقف التالية : تقبل واقعة الوفاة ؛ طالما أنه ليس في يديها شيء يمنع حدوث ذلك الحادث .
لا تجعلها تشعر بـ انها المسؤولة عما حدث ، و لا تلقي اللوم على زهرة .
عززي من إيمانك بـ الله ؛ لأنه هو الذي يعتني به في الآخرة .
عززي إيمانك و تمسك بـ الحياة ؛ التي هي بيد الله.
كلما جاءتها الرغبة في البكاء ؛ أجعلها تبكي لـ ان ذلك يخفف من الآلام و الأحزان .
أجعلها تسعي يومياً وراء السبل التي تمنحها القوة ، لـ مواجهة حقيقة وفاة أولادها .
هنا نظر له حسين قائلا له : " عذراً لم افهم ما تقوله ، انا اريد أن اعرف كيف اقول لها تلك الجملة ﴿ لقد توفوا أطفالنا في ذلك الحادث . ﴾ بدون أن يحصل لها أي شيء ؟ ، لأن حالتها الصحية أيضا ليست مثل السابق . "
هنا نظر له الطبيب النفسي ثم قال له بعد ثوان من التفكير : " برأي ، أن لا تقول لها تلك الجملة مره واحدة ، اي مهد لها الكلام ، و اذا حصل أي شيء خارج سيطرتك ، حاول الاتصال بي ، حسنا ؟ . "
هنا وقف حسين ، و عندما رآها الطبيب النفسي وقف ، وقف هو الآخر فمد حسين يده للطبيب ، و هو يقول له : " شكرا لك . "

سلم عليه الطبيب و هو يقول بابتسامة : " العفو ، حاول الانتباه علي الحالة النفسية لزهرة ، لأنها التي سوف تجعلها تتحسن اسرع أو العكس . "
هز حسين رأسه بابتسامة أيضا ، ثم خرج من غرفة متجهاً الي المستشفى كي يأخذ زهرة و يذهب الي المنزل أخيرا .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
في المستشفى .
عندما دخل حسين الي غرفة غرفه زهرة ، وجدها تقفل الحقيبة الخاصة بها ، فـ قال حسين لها : " هل انت مستعدة لـ الذهاب الي المنزل ؟ ؟ . "
ردت زهرة عليه بابتسامة صغيرة قائلة له : " بـ الطبع ، حتي أنني مشتاقة لأولادي كثيراً ، متحمسة لكي اري رد فعلهم عندما يروني عندما نعود . "
هنا نظر حسين لها بحزن ، ثم قال لها : " سوف اذهب و انهي إجراءات المستشفى كي نذهب . "
ردت زهرة عليه قائله : " حسنا . "
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
في المساء .
عندما دخل حسين و زهرة الي المنزل ، وضع حسين الحقيبة بجانب الباب ، نظرت زهرة له و هي تقول : " اين الأولاد ؟ ؟ . "
هنا نظر حسين لها قائلا و هو يمسك يدها : " أنهم نائمين الان ، لكنني أريدك في موضوع مهم للغاية . "
ثم أخذ بيد زهرة و ذهبوا كي يجلسوا علي الأريكة ، كان الصمت سيد المكان لمدة طويلة ، لـ درجة أن زهرة سائلته قائله : " ماذا يوجد يا حسين ؟ ، و ما هو الأمر المهم ؟ . "
هنا نظر حسين في عيناها و هو يحاول أن يتكلم ، لم يستطيع الكلام ابدا ، الي أن نظر إلي غرفة أولاده المقفلة ، فـ استجمع قوته ثم قال لها : " الفقدان هو أشد أنواع الألم و أصعبها و خصوصاً إذا كان الفقيد هو عزيز على القلب ، ابن أو ابنة أو أب أو أم أو زوج اي كان ، و في النهاية كل نفس ذائقة الموت ، رحل احبائنا عن هذه الدنيا و لم يعد لهم وجود ، كل ما تبقى هو بعض الذكريات و الحنين له . "
توقف حسين عن الكلام قليلا ، فنظرت له زهرة نظرة لها معني ، و هي تقول له : " الي ماذا تلمح يا حسين ؟ ؟ . " ثم نظرت إلي غرفة اولادها و هي تقول له مره اخري مع تغير نبرة صوتها : " اين الأولاد يا حسين ، لماذا لا أسمع لهم صوت ؟ ؟ . "
كانت سوف تقف زهرة و تذهب إليهم ، لكن أمسك حسين يدها قبل أن تقف ، و جعلها تجلس بجانبه مره اخري و هو يقول لها : " زهرتي ، الموت هو كأس على كل إنسان في هذه الدنيا أن يشربه ، و الموت يوجع الأحياء ، فـ عند موت أحد أقاربنا ، أو من نحب من أصدقائنا نذوق مرارة الفقد الحقيقية ، فلا شيء سوف يجمعنا بعدها ، و نبقى على ذكراهم نجتر ألم وحزن بعدهم عنا ، مفاهيم الموت لدى الناس تختلف ، فـ هناك من يشعر بـ الموت حين يفقد إنساناً عزيزاً ، و يخيل إليه أن الحياة قد انتهت ، و أنّ ذلك العزيز حين رحل أغلق أبواب الحياة خلفه ، و أنّ دوره في الحياة بعده قد انتهى ، و هناك من يشعر بـ الموت حين يحاصره الفشل من كل الجهات ، و يكبله إحساسه بـ الإحباط عن التقدم ، فـ يخيل إليه أنّ صلاحيّته في الحياة قد انتهت، و أنه لم يعد فوق الأرض ما يستحق البقاء من أجله . " عندما كان حسين يقول تلك الكلمات لـ زهرة ، كان قلب زهرة يخاف من أن ما يقوله حسين حقيقي ، لم تستطيع زهرة أن تبقي أمام حسين أكثر من هذا ، فـ تركت يده سريعا ، و اتجهت نحو غرفة أولادها ، كان حسين خلفها ينادي عليها ، لكنها كانت تتجاهله .
و ما أن فتحتها وجدتها مرتبة كما لو أن هناك أحد ينظفها كل يوم ، اتجهت نحو فراش حياة اولا ، و من ثم أزالت الغطاء من عليها ، و لم تجد حياة أمامها ، فـ جنت زهرة ، و بدأت تزيل الأغطية من السرائر الخاصة بـ أولادها ، و عندما لم تجدهم خرجت من غرفتهم و بدأت تنادي عليهم في المنزل بـ اكلمه ، كانت تفتح كل ابواب المنزل ، و هي تنادي عليهم مثل المجنونة ، كل هذا أمام عين حسين الذي لم يستطيع أن يفعل له شيء سوي أنه كان يبكي علي حالتها تلك .
رجعت زهرة الي غرفة اولادها كي تتفقدها مره اخري .
ثم وقعت زهرة علي الأرض فاجأ ، و لقد بدأت في البكاء بشكل كبير ، اقترب منها حسين و كان يحاول أن يضمها له ، لكنها كانت تبعده عنها و هي تبكي بـ شكل هستيري ، لكنه حاول مره اخرى و كانت رد فعل زهرة هي ذاتها ، لكنه حاول مراراً و تكراراً ، و لقد كانت زهرة تبعده عنها مراراً و تكراراً مره اخري .
الي أن قالت زهرة فاجأ : " لم أكن أعلم ، أن حزني عليهم ، سوف يعيش عمرًا أطول من عمرهم ، هذا ظلم ! ! ، لـ ماذا جميعهم ؟ ؟ ، لـ ماذا ؟ ! . "
كان من يري شكل زهرة في هذه اللحظة يشفق عليها ، و يحزن من أجلها ، أخذها حسين في حضنه و كان يحاول أن يواسيها بـ قدر المستطاع ، الي أنه لم يستطيع النجاح في هذا .
ظلت زهرة تبكي لـ مدة ساعات بدون توقف ، و لقد كان يبكي حسين الي جانبها أيضا ، كان يحاول أن لا يبكي أمامها ، لكنهم لم يكن يستطيع مهما حصل .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
مرت ايام و زهرة كانت تنام في غرفة أطفالها ، حتي انها قد أمسكت الملابس المفضلة لـ كل طفل من أولادها ، و كانت تأخذهم في أحضانها طوال الوقت ، حتي تظل روائحهم بجانبها طوال الوقت ، الشيء الوحيد الذي كان سبباً في بقاء زهرة و كان سبب لـ صبرها هو إيمانها بـ ربها و ما يكتبه لها من قدر لها ، كان تلقى دعماً من زوجها الذي كان يعطيها ما يفتقده ، حيث كان يتظاهر أمامها بـ التماسك ، و لكنه هو من كان يحتاج لـ لمن يدعمه و يسانده ، مهما رآه الجميع و حاولوا تهدئته و لكنهم لا يعلمون مدى بركان من الحزن كان بـ قلبه ، كان يحاول حسين التماسك من اجل زوجته و احياناً كان يفشل في هذا ، كان وقتها يدخل غرفته و يمسك بـ أحد الوسائد و يضع رأسه فيها و يصرخ بصوت عالي لا يسمعه أحد ، ثم يستغفر ربه و يصلي لً ربه و يقول : " سامحني يا الله ، إني عاجز عن نسيان أبنائي ، عاجز عن منع نفسي من الحزن ، ان حزني على فقدان ابنائي ينهش بداخلي ، لقد تمزق قلبي من شدة حزنه ، الهمني الصبر يا الله كي اصبر و اتحمل فقدان ابنائي ، و لا حول لي و لا قوة إلا بك يا الله . " جلس حسين وحده في غرفته بواسي نفسه و يحدثها و يمسك بيده بعض من ملابس أبنائه و يقول .
حسين : " كم افتقدكم يا فلذة كبدي يا نور عيني ، إذا كنت قد أوجعتكم بـ دموعي و لكني افتقدكم كثيراً يا أبنائي الغوالى ، ليت الأيام الجميلة التي قضيناها معاً تعود لأشبع منكم و أشبعكم من حنان يا فقيدي الغاليين ، و لكن قضاء الله و قدره فوق كل شيء ، و الحمد لله على كل حال . "
تابع حسين حديثه مع نفسه و قال
: " الفقدان هو أشد أنواع الألم و أصعبها و لكن فقدان أبنائي هو فقداني لـ روحي ، غابت الشمس وذبلت و غاب عني كل ما في الوجود ، يا فلذة كبدي لم يعد لـ الحياة لون و لا طعم و لا شكل من بعدكم يا أغلى ما املك ، لقد أصبحت الثواني و الدقائق ثقيلة ، و قلبي اكتوى بـ نار الفقدان ، لم أعد أشعر بـ شيء ، كل شيء كان ثقيل هرمت كثيراً بعد فقدانكم يا أبنائي ، و كم أشعر بـ الوحدة من بعدكم ، لقد كنتم الونيس ، و الأنيس ، كنتم قمراً منيراً في حياتي ، افتقدكم كثيراً يا أبنائي ، إنطفأ قلبي بـ رحيلكم يا ملائكتي ، فقدانك كان من أعظم المصائب التي مررت بها ، و لكني أحتسبكم عند الله شهداء ، و جمعني الله بكم في جنات النعيم ، رحمك الله يا بني . “
فقدان الابن هو شيء لا يمكن وصفه ، و لكن دعواتي بأن يلهمني الله صبراً طويلاً على فراقه ، و يجمعني بكم في الفردوس الأعلى ، اعتذر إذا كنت قد أوجعتك بدموعي ، و لكني افتقدك كثيراً يا ابني الغالي ، ليت الأيام الجميلة التي قضيناها معاً تعود لأشبع منكم وأشبعكم من حناني يا ملائكتي . "
الى ان لاحظت غيابه والدته السيدة أصلهان ، حيث ذهبت الى غرفته بعد ان اطمئنت على زهرة و اعطتها الادوية و نامت في غرفة ابنائها ، ذهبت السيدة اصلهان الى غرفة نوم ابنها حسين ، و طرقت الباب لـ يجيب لها حسين و لكن بـ صوتٍ يملؤه الحزن و البكاء ، فـ تفتح الباب و تدخل السيدة أصلهان لـ تجد ابنها حسين في شدة بكائه و هو ممسك بـ احد ملابس أبنائه ، و عيناه تكاد يملؤها الدم من كثرة البكاء ، فـ تقترب منه والدته السيدة أصلهان و تحتضنه و تقول .
السيدة أصلهان : " مهلك يا حسين ، هدأ من روحك ، انت دائماً يا ابني مؤمن بـ الله ، هذا قضاء الله و قدره ، لا تنسى ان الله يعوض الصابرين ، اجعل ايمانك قوي يا بني و سوف يعوضك الله و يساندك في حياتك . "
حسين و هو يبكي بـ حرقة شديدة .
حسين : " كيف يا امي لي ان أنسي أطفالي ، قلبي ممزق من بعدهم يا أمي .. "
يبكي حسين بـ شدة و يضع وجهه بين كفيه و هو يبكي ، حتى تحتضنه امه السيدة أصلهان ، و تقول له .
السيدة أصلهان : " أعلم يا حبيبي ما تشعر به ، اعلم مدى حرقة قلبك ، و لكن المؤمن دائماً مصاب و مبتلي ، انت تعلم ان اقرب الناس الى الله عز وجل هم المبتلين و اخيرهم الأنبياء ثم من بعدهم الصابرين ، كن من الصابرين يا بني ، و سوف يعوضك الله بـ كل جميل تستحقه يا إبني ، انا أيضا ً بـ قلبي وجع يمزقه ، اشعر و كأن روحي قد دُفنت معهم ، ما علينا إلا أن نحمد الله سبحانه و تعالى و نتحلى بـ الصبر ، اتركك الأن و أذهب لكي اطمئن على زهرة ، فقد تركتها ترتاح قليلاً في غرفة أبنائها ، دقائق و سوف اكون قد اجهزت لكم طعام الغداء . "
حسين : " طعام !! و من له نفس ان يأكل يا أمي . "
السيدة أصلهان : " الحمدلله يا ابني ، سوف تأكل و نساعد زهرة على تخطي هذه المرحلة ، كلنا يجب علينا تخطي هذه المرحلة و ان نتحلى بـ الصبر . "
تترك السيدة اصلهان ابنها حسين و تذهب لكي تطمئن على زهرة ، تدخل السيدة أصلهان الغرفة لـ تفاجأ بـ أن زهرة جالسة على سجادة الصلاة بعد ان أنهت صلاتها و بـ يدها مصحف و تقرأ فيه و هي تبكي بهدوء ، تقترب منها السيدة أصلهان و تجلس بجانبها و تحتضنها و تقول لها .
السيدة أصلهان : " أحسنتي الفعل يا زهرة ، أعرفك منذ صغرك يا حبيبتي انكي دائماً شديدة الإيمان بالله سبحانه و تعالى ، اقتربي اكثر منه و سوف يطيب قلبك و ترتاحين و يلهمك الله الصبر ، و العوض دائماً جميل بعد الصبر يا حبيبتي ، هيا تعالي معي لكي تأكلي . "
تنظر اليها زهرة و تهز رأسها بـ رفضها لـ الطعام ، فـ تقول لها السيدة اصلهان .
السيدة أصلهان : " لا .. سوف تأكلين و تبدئين يوماً جديداً تتحلين فيه بالصبر و الإيمان . "
ثم تسند السيدة اصلهان زهرة و تساعدها على الوقوف ، و يخرجان من الغرفة و تجلس زهرة على طاولة الطعام ، ثم تذهب السيدة اصلهان لكي تأتي بالكعام من المطبخ ، و تضعه على طاولة الطعام و تذهب لكي تنادي على ابنها حسين ليجتمعوا جميعهم على الطعام ، ثم يرن جرس الباب و تنهض السيدة أصلهان لكي تفتح الباب ، لـ تجد ابنتها زينب و طفلتها أوزار ، تدخل زينب و تسلم على امها و تحتضنها ثم تتجه الى حسين و زهرة لكي تطمئن عليهم ، و تجلس معهم ..
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
بعد مرور ساعة كانت هناك حالة من الهدوء و الصمت داخل البيت يجلس حسين و زهرة والسيدة أصلهان يقرءون القرآن الكريم و زينب تقوم بـ إعداد ترتيب البيت و معها إحدى العاملات في النظافة ، حيث حاولت زينب تغير و تدوير الأثاث لكي تضيف بعض التغيير حتى تساعد في تغيير الحالة النفسية لـ زهرة و زوجها حسين لـ يدق جرس الباب و تذهب زينب لـ تفتح الباب ..
تجد زينب رجل غريب يقف أمامها يبدوا على هيئته انه يشغل وظيفة مرموقة ، حيث يرتدي بدلة سوداء اللون مع رابطة عنق ، فـ تسأله زينب .
زينب : " من تكون ؟ و ماذا تريد ؟ . "
لـ يجيبها الرجل و يقول .
الرجل : " انا السيد سليمان رسلان ، محامي و أريد مقابلة السيد حسين ، هل استطيع مقابلته ؟ . "
لـ يسمعه حسين في الداخل و ينهض من مكانه و يتجه نحو الباب و ينظر الى الرجل و يقول له حسين .
حسين : " أنا حسين ، تفضل بـ الدخول . "
يدخل الرجل الى غرفة استقبال الضيوف ، و يشير اليه حسين بـ الجلوس ، يجلس السيد سليمان رسلان و يبدأ بـ الحديث و يقول .
السيد سليمان رسلان : " اعرفك بـ نفسي يا أستاذ حسين ، انا المحامي سليمان رسلان ، و قبل البدأ في سبب زيارتي هذه أود أن اقدم لك تعازي و حزني على فقدانك لـ أبنائك الثلاثة ، و لهذا انا حصرت اليوم . "
حسين : " انا اول مرة ارى حضرتك و لم يسبق لنا التعرف ، ممكن اعرف سبب الزيارة هذه . "
السيد سليمان رسلان : " سوف اوضح لك كل شيء استاذ حسين ، بدايةً كنت اعكل محامي لدى شركة ( روود ماچيك ) للنقل البري . "
لـ ينتبه حسين الى اسم الشركة ، و ينظر له غاضباً و هو يقف من مكانه و بدأ وجهه في الإحمرار و يقول له بـ غضب .
حسين : " أهذه الشركة صاحبة سيارة النقل التي دهست سيارة زوجتي و تسببت في وفاة أبنائي ، بالتأكيد جئت لكي تقدم لي تعويض ، و لكني ارفض اي تعويض و اقول لك ( تفضل اخرج من بيتي ) . "
ينهض السيد سليمان رسلان من مكانه و يحاول تهدئة حسين ، بينما سمعت زهرة و حماتها السيدة أصلهان و زينب صوت حسين بالداخل ليدخل ا اليهم لـ معرفة سبب هذا الصوت ، ينظر اليهم السيد سليمان و يقول له .
سليمان رسلان : " أهدأ يا استاذ حسين ، ليس هذا سبب مجيئي الى هنا ، لقد جئت لكي أقف معك و اساندك . "
لـ يتحدث حسين مستنكراً كلمة السيد سليمان و يقول له .
حسين : " تساندي في أي شيء !! في وفاة أبنائي !! و هل مساندتك هذه سوف تعيد اليّ أبنائي فلذة كبدي ، لقد أسلبتم مني روحي و حياتي ، لقد دمرت شركرتك حياتي ، فـ هل سوف تعيد الي حياتي ؟ . "
السيدة اصلهان غاضبة من السيد سليمان و لكنها ترى غضب و حزن ابنها حسين و زوجته زهرة فـ تحاول تهديئة الامر و تقول .
السيدة أصلهان : " إهدؤا جميعكم و تحلوا بـ الهدوء قليلاً ، من فضلك يا سيد سليمان ممكن لي ان تفسر كلامك اكثر ، كيف لك ان تساند رجل فقد ابنائه ؟ الذي خسرناه لا يمكن لأي شيء تعويضه . "
السيد سليمان رسلان : " معكم حق في كل شيء ،و انا هنا لكي اساعدكم في ان تأخذوا حقكم . "
تقاطعه زهرة و تقول : " حقي ان يرجع أبنائي الثلاثة الى حضني ، و هذا مستحيل ، فـ عن اي حق تتحدث . "
السيد سليمان رسلان : " حقكم أن أرفع لكم قضية ضد شركة ( روود ماچيك) للنقل البري و التي كانت السبب في الحادث ، حيث انها لا تجري اختبارات على سائقي الناقلات لديها ، و تقوم بـ تعيينهم بـ شكل به الكثير من الواسطة و المسوبية دون مراعاة ما سوف يحدث من هذا ، و الإهمال الكبير داخل ادارة الشركة ، هذا التعويض سوف نطلب فيه مبلغ كبير جداً . "
حسين مستنكراً لـ حديث السيد سليمان رسلان ، فـ يقول له .
حسين : " و هل المبلغ الذي سوف نطلبه هو ثمن ابنائنا الثلاثة ؟ !! "
لـ ينظر إليه السيد سليمان رسلان و يقول .
السيد سليمان رسلان : " أعرف جيداً و الجميع يعلم ان لا كنوز الدنيا تغني عن حرمانك من أحد أبنائك ، فما بال احد ان يفقد اب أبنائه الثلاثة ، اعلم مدى حزنكم جميعاً ، و لكن الذي حدث قد حدث ، و لا بد ان نفكر الأن فيما هو أتي ، انتم فقدتم ابنائكم الثلاثة و قد كانت شركة روود ماچيك للنقل البري هي السبب في ذلك لذلك سوف نرفع قضية نطلب فيها تعويض عن الحادث ، و أن تستفيدوا انتم من هذه الأموال ، سوف اطلب منهم مبلغ كبير جداً لن تتخيلوا ، لو كافحتم عمركم كله لن تأتوا بمثل هذا المبلغ ، فكروا جيداً . "
المبدا كان مرفوض بـ شكل كبير لدى حسين و زوجته زهرة ، و لاحظت هذا السيدة أصلهان ، فـ ارادت ان تنهي الأمر سريعاً ، و لكنها واجهت السيد سليمان رسلان بـ سؤال .
السيدة أصلهان : " عفواً يا سيد سليمان ، لقد تحدثت و قلت انك تعمل لدى شركة روود ماچيك كيف تعمل لديها و تريد أن ترفع قضية ضدها ، أهذا يُعقل !! إما انا تكون تريد استغلال حزن إبني حسين على فقدانه لـ ابنائه و تريد تصفية حساب بينك و بين الشركة . "
ينظر لها السيد سليمان رسلان و يقول لها .
السيد سليمان رسلان : " لقد كنت أعمل مسبقاً في الشركة و لكني الأن لا اعمل بها ، و قد تركت العمل بها لـ عدة أسباب منهم سوء ادارتها و حجم الإهمال داخل الشركة كبير ، لذلك تركت العمل بها ، و انا حالياً لدي مكتب محاماه خاص بي أترأس فيه مجموعة من المحامين ، و عندما قرأت عن الحادث قررت ان اتبنى هذه القضية . "
زهرة : " أي قضية نحن لم نرفعها حتى الأن ، و لم تكن في نيتنا ان نفعل هذا . "
يقاطعها السيد سليمان رسلان و يقول لها . "
السيد سليمان رسلان : " ليس دائماً التفكير بـ شكل مثالي هو الافضل في كل شيء يا سيدة زهرة ، و لكن هناك أمور نفضل التفكير لها بالعقل افضل من العاطفة ، لا اريد ان تعطوني رأيكم الأن ، سوف اعطي لكم الوقت الكافي لـ التفكير في الامر و اعاود الإتصال بكم لاحقاً ، و اقدم لكم تعازي للمرة الثانية . "
السيدة أصلهان : " مع السلامة يا أستاذ سليمان رسلان . " السيد سليمان رسلان : " مع السلامة ، أراكم قريباً . "
يتجه السيد سليمان رسلان المحامي الى الباب و خلفه حسين يفتح له الباب ، ثم يقف المحامي سليمان رسلان و يتحدث الى حسين و يقول له .
السيد سليمان المحامي : " استاذ حسين ، اعلم جيداً مدى حزنك ، و لكن انت ما زلت شاباً و امامك العمر ، و سوف يعوضك الله خيراً و جزاءً على صبرك هذا ، سوف يرزقك الله بـ ابناء انت تحتاج حالياً للمال ، الم تكون هذه الشركة في حزنك هذا ، فـ سوف ندفعها ثمن إهمالها و أخطائها . أرجوك فكر جيدا يا أستاذ حسين ، اتركك الأن و سوف أعاود الاتصال بك . "
يصافح حسين سليمان رسلان المحامي فيخرج و يغلق حسين الباب ، ثم يذهب لـ الجلوس مع اسرته زوجته زهرة و والدته السيدة أصلهان و اخته زينب ، حالة من الصمت الكبير بين الأسرة ، يفكر كل واحد منهم في هذا الأمر ، الى ان يرن جرس الباب لـ يكسر ذلك الصمت ،فـ تذهب زينب لكي تفتح الباب ، فتحت زينب الباب لـ تجد أمامها زوجها كينان ، يدخل كينان زوج زينب ، لـ يجد الجميع جالس لا يتكلم .
كينان زوج زينب ، هو صديق لـ حسين و يعمل معه في الشركة أيضاً ، تحبه السيدة أصلهان ، و هو يحظى بحب و إحترام عائلة زوجته زينب ، يجلس كينان معهم فتجري عليه ابنته أوزار و يحتضنها و تجلس بـ جواره ، و يكسر كينان هذا الصمت بـ سؤاله عن حالهم ، لـ تجيب زوجته زينب و تقول له : " نحن مؤمنون يا كينان ، و نعلم أن هذا قدر الله ، اتمنى ان ترجع زهرة الى حياتها في العمل و تكسر الإجازة ، سوف يساعدها هذا كثيراً في تخطي هذه المرحلة . "
زهرة : " انا افكر في هذا أيضاً ، لا اريد ان احلس في البيت كثيراً اريد أن اخرج . "
كينان : " هذا تفكير جيد يا زهرة . "
زينب : " و هناك شيء أخر يا كينان نود ان تعرفه . "
كينان : " أي شيء ؟ . "
زينب : " لقد اتي الى هنا منذ قليل . "
لـ تقاطعها والدتها السيدة أصلهان و تقول : " انا من سوف يتحدث يا زينب ، كينان انت تعلم جيداً كم انا احبك مثل ابني و احترم رأيك ، لذلك نود ان نأخذ رايك في موضوع مهم . "
كينان : " تفضلي يا امي أصليهان . "
السيدة اصليهان : " لقد اتي الي هنا اليوم شخص اسمه سليمان رسلان يدعي انه محامي الشركة صاحبة السيارة التي كانت السبب في حادث أحفادي . "
كينان : " و لماذا أتي الى هنا ؟ . "
السيدة اصليهان : " أتي لكي يعرض علينا ان يتولى هو رفع قضيتنا ضد الشركة و يطلب من شركة روود ماچيك للنقل البري تعويض كبير عن الحادث ، ما رأيك يا كينان في هذا ؟ . "
كينان ينظر الى حسين ، ثم يتحدث .
كينان : " الأمر هنا و القرار يرجع الى صاحبه زهرة و حسين ، و لكن انا أرى ان على الشركة أن تدفع تعويض كبير تأديباً لها و عقاباً انها تعين سائقي نقل كبير مخمورين و لا تقوم بـ اي اجراء طبي و لا اي رقابة حتى تأمن الطريق منهم ، يجب ان يدفع كل مخطئا ً ثمن خطئه ، و لكن القرار الاول و الاخير لـ حسين و زهرة ، ما رأيكم في هذا ؟ . "
زهرة تجلس صامتة لا تتحدث لا تملك سوى الدموع على خديها لا يجفان ، لـ يتحدث زوجها حسين و يقول لهم .
حسين : " عقلي لا يستوعب فكرة ان اجزم بأي رقم مالي يعوضني عن أبنائي ، لساني لا يستطيع تقييم مدى حزني الشديد ، حزني اكبر من اي شيء يقدر حزني على ابنائي اكبر من روحي ، لـ ذلك انا أي مال يعرض عليّ . "
كينان : " اعلم جيداً مدى حزنكم ، و لكن الحزن لا يعيد ما فُقدناه ، لكن المال سوف يساعدك كثيراً في حياتك يا حسين ، فكر جيداً . "
زهرة : " انا لا اريد شيء يعوضني عن أبنائي لقد استعوضت ربي فيهم ، ربي يصبرني على فقدانهم و كفى ذلك عندي لا اريد شيء . "
لـ تتحدث السيدة أصلهان و هي تساند راي زهرة و تقول .
السيدة اصلهان : " كما تحبي يا ابنتي و انا مع رأيك و احترمه و أؤيده ، لا تضغطون عليها مرة اخرى ، حقاً لن تعوض كنوز الدنيا ما فقدناه من عزيز لدينا . "
لـ ينظر اليهم حسين و يقول : " انا أيضاً أؤيد رأي زوجتي زهرة ، ارفض اي اموال تعرض علي ، لقد كان هذا قدرنا و قدرهم ان يذهبوا الى ربهم في هذا العمر الصغير ، لقد اختارهم الله سبحانه و تعالى لكي يذهبوا اليه و هم ملائكة ، هذا هو قدرنا و نحن مؤمنون به ، و راضين بما يكتبه الله سبحانه و تعالى ، و الحمد لله دائماً . "
كينان : " كما تحبون هذا رايكم و هذه حياتكم ، و لن يجرؤء احد ان يضغط عليك يا حسين انت و زوجتك زهرة ، و سوف يعوضك الله خيراً يا صديقي . "
السيدة أصلهان : " طالما استعوضتم الله في ابنائكم سوف يعوضكم الله يا احبائي ، هيا من يريد ان يشرب معي شاي . "
كينان : " سوف أخذ حسين و نجلس سوياً في حديقة البيت بـ الخارج ، و من الأفضل ان تأتي معنا زهرة هذا سوف يكون مفيد لكي يا زهرة . "
السيدة اصلهان تحاول هي و ابنتها زينب و زوج ابنتها كينان ان يساعدوا حسين و زوجته زهرة الخروج من أزمتهم و حزنهم الكبير ، و تقترح عليهم ان يخرجوا جميعهم لـ الجلوس بـ الخارج في حديقة المنزل حيث الهواء الجميل بـ الخارج ، بـ الفعل وافقت زهرة و حسين بعد إلحاح والدته و شقيقته و اخته زينب .
لـ يخرج الجميع و يجلسون جلسة عائلية هادئة .
꧁୭̥❥ ❦✿❀★✯☆•°• ✾ •°•☆❀✿❦ ❥୭̥꧂
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي