الفصل السابع

ممرضة دمرت حياتى
الحلقة السابعة

.....................

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

تلون وجهه حكيم وكتم غضبه عند سماعه كلمات والدته التي تطلب منه ألا يفكر في زوجة سوى التي تحمل شهادة عالية مثله .
فكيف يقنعها إذا أنه لا يريد من الدنيا سوى حنين
وأن الشهادات لا تجلب السعادة بل من يجلبها قلب يميل إليه ويفهمه.

حكيم ...وبعدين يا أمي تعبتيني معاكي، شهادات إيه بس وبتاع ، الشهادات بتتعلق على الحيطة لكن اللي بيفضل ويعيش هو الروح الإنسان ومفيش غير حنين هي اللي ملكت روحي وهي الوحيدة اللي هتقدر تسعدني
ثم رفع بصره للسماء داعيا بقوله ...يارب مفيش غيرك قادر يألف بين قلب أمي وحنين وترضى اتجوزها ومغضبهاش يارب .

..........

ولجت حنين مع حلا إلى غرفتها بعد تناول الطعام للراحة بعد عناء يوم طويل من العمل ثم الخلود إلى النوم استعدادا ليوم آخر من العمل الشاق .
حنين بروح مرحة أمسكت ببطنها قائلة ...آه يا بطني مش قادرة هتنفجر خلاص .

حلا بضحك ...أعملك إيه ؟
ما أنتِ قعدتي تكلي زي المسروعة اللي عمرها ما شافت لحمة قبل كده وكأنك طالعة من مجاعة .
وفكرتيني بصاحب فيديوهات الأكل اللي بيقول فيها... البلاعة ازلط ازلط ازلط ..

حنين بضحك ...يخربيته الراجل ده ، كل ما أشوفه مهما أكون لسه واكلة وشبعانة ، أحس إني جعانة وعايز أكل تاني .
بس صراحة ربنا يبرلكك يا بت حلا على العشوة الجامدة دي .
وأنتِ بتقولي فيها ، فعلا الواحد كان قرب ينسى شكل اللحمة أصلا حاجة لوز لوز صراحة .

حلا ...ألف هنا يا ست حنين ، عدي الجمايل بس .
ومستنية يوم القبض بتاعك ، يكش تدخلي علينا مش بكيلو لحمة بس ، لا بالجاموسة ذات نفسها .

حنين بضحك ...ليه فكراني دكتورة بجد وبقبض بالدولار .
ده أنا يدوب حتة ممرضة لا طلعت ولا جيت ، وخالتك مش عجباها تجوز ابنها للممرضة عيزاله دكتورة ولا مهندسة ، شوفي يا أختي !
واسمها خالتي وعارفة الظروف اللي خلتني أدخل تمريض ، عشان أبويا وقع وتعب ومكنش ينفع أدخل ثانوي عام بمصاريف ، رغم أني الحمد لله دماغي متعمرة وكنت ديما البريمو على الفصل ، يعني لو كنت فعلا دخلت ثانوي عام كان زماني فعلا دكتورة دلوقتي .
بس أقول إيه النصيب .

حلا....أديكي قولتي يا أختي النصيب .
يعني فعلا لو ربنا كتبلك سيادة الباشمهندس كريم ، مش هتقدر خالتك تقف قصادكوا لا هي ولا عشرة زيها .
بس أنتِ قولي يارب.
حنين ...ياارب .
بس إيه أنتِ هتخديني دوكة ولا إيه ؟
يلا احكيلي حكايتك يا بت يا حلا يا أحلى من العسل أنتِ.

حلا بضحك ...كل الشعر ده عشان الفلوس اللي عايزاها !

حنين ...لا يا قلب أختك .
إحنا صحيح ناقر ونقير ، بس أنتِ أغلى وحدة عندي في الدنيا، بحس إننا روح واحدة ،وبنفهم بعض حتى من نظرة العين .

حلا ..بس بقا هعيط وأنا مبسوطة .

حنين بضحك ...حبيبتي يا حلولة، يلا احكيلي بقا .

حلا ...بصي هحكيلك بس توعديني ، أولا السر في بير.

حنين مؤكده ...آه طبعا في بير ملهوش قرار .

حلا ...تمام دي أول حاجة .
تاني حاجة ، مش عايزة مواعظ وإن مينفعش وازاي وإني عبيطة وهضيع عمري وأستاهل حد من سني والكلام ده .

فاتسعت عيني حنين قائلة ...لا الموضوع شكله كبير وفيه واحد ،راجل يعني وحب وكده بس فيه عيب
صح يا أختي ؟

حلا بضحك ... آه طبعا راجل ، أمال هحب قطة .
وأنتم هتقولوا عيب بس أنا بالنسبالي مش عيب أبداً .
بالعكس ياريت هو اللي يقبل عيبي.

حنين ...يا أختي النبي حرسك وصاينك ، عيب إيه بس وبتاع إيه .
ده أنتِ اللي غنولك سكر محلي عليه كريمة .

حلا بضحك ...أيوه مين يشهد للعروسة .
بس أنا فين بس وهو فين ؟
هو حاجة كبيرة أوي ، وأنا يدوبك حتة شغالة عنده .

فقفزت حنين من مكانها واتسعت حدقتيها قائلة بصوت حاد ...شغالة عنده ، أنتِ قصدك مين يا بت أنتِ؟
لاااااا مش معقول اللي جه في دماغى ده !!

حلا وقد افترشت بنظرها الأرض ...أيوه هو .

حنين بإندهاش ...لا أنتِ شكلك اتجننتي بجد .
بتحبي واحد قد أبوكي ، لااااا أنتِ مش طبيعية بجد .

حلا ...مش قولتلك ،هتلوموني.
ويمكن بنظرتكم ، عندكم حق .
بس لو تبصوا بعيوني كنتم حسيتم بيه .
أنا عمري ما بصتله أنه راجل كبير ، لا أبداً .
أنا شايفاه فارس أحلامي وكل أمنيتي من الدنيا دي .

فوضعت حنين يدها على ذقنها قائلة ...وإيه تاني يا أختي .
اشجيني اشجيني .

حلا ...بتتريقي ، ماشي اتريقي .
بس صدقيني الحب ده ملهوش دعوة بسن ولا شكل .
ده حاجة كده من ربنا ، زي سهم كده فجأة بيرشق في القلب .

حنين ..مش عارفه يا حلا .
بصي أنا مقدرة مشاعرك بس أقولك يا حبيبتي.
ده مش حب حقيقي للأسف ، ومتزعليش مني.

حلا ...ازاي ، لا طبعا حب .

حنين ...لا يا قلب أختك .
أنتِ بس مياله ليه ، عشان هو يعني راجل حنين حبتين وبيهتم بيكي شوية .
يعني أنتِ بتعزيه زي ابوكِ كده ، لكن حب لأ مظنش .

حلا .....لا أبويا إيه !
طيب مش أنتِ بتحبى الواد حكيم ابن خالتك ؟

حنين ...آه طبعا ، ده الحب الحب، الشوق الشوق .

حلا بضحك ...يا عينى عليكِ ، يخربيت الحب وسنينه .
طيب بصي ،اوصفيلي كده احساسك لما بتشوفيه .
وأنا هطبقه على نفسي وهشوف نفس احساسي لما بشوف غنيم ولا لا.
عشان أقدر أعرف فعلا أنا بحبه الحب العادي بتاع أي راجل وست ولا مجرد حب أبوي.

تنهدت حنين بحرارة قائلة ..تمام ، اسمعي يا ست أنت لما بشوف حكيم ، بحس زي ما بيكون روحي بتتسحب مني ، وقلبي بيدق جامد ، ومش بكون على بعضي أبداً .
وبحس زي ما يكون طايرة في السما ، وفرحانة أوي والساعات معاه ،زي ما تكون لحظة ومش بشبع من الكلام معاه ولولا أن حرام أطول النظر ليه طول ما هو لسه مش حلالي ،مكنتش نزلت عيني ما عنيه .
فلمعت عيني حلا قائلة ....هو ده فعلا اللي بحسه لما بشوف غنيم .
صدقتيني بقا ،أنه حب حقيقي مش وهم ولا حب أبوي .

نظرت لها حنين باندهاش ...ازاي ده بس ؟

حلا ...أنا نفسي مش عارفة .

حنين ...بس غلط أوي ، فرق السن بينكم كبير أوي .
ويمكن يعني هو لسه آه بصحته ، بس فضله تكة صغيره وحاله كله هيتغير يا بنتي .
وساعتها هتكوني مجرد ممرضة ليه ،وهتندمي وهتحسي أن شبابك ضاع بسببه والحب هيتحول لكره .

حلا بنفى.....لاااا لاااا ، يستحيل أني أكرهه.
وعارفة السن والمرض ، وكمان مش شرط عشان كبير في السن يمرض ، ما هو فيه شباب كتير صغيرة وتعبانة أكتر من الكبير كمان .
وأنا بحب الروح مش الجسم ، وحتى لو تعب هكون جمبه لغاية آخر لحظة صدقيني .
وشبابي، مش هيكون ليه أي معنى من غيره .

حنين ....للدرجاتي !

حلا ...أيوه وأكتر .

حنين ...مش عارفه أقولك إيه صراحة ؟
وأكيد طبعا هو فرحان موت بيكي عشان لسه شباب وعملك البحر طحينة وواكل عقلك .

حلا بسخرية ...تصدقيني لو قولتلك ، إنه ميعرفش حاجة
عن إحساسي ليه ، وأنه بيعاملني زي بنته وكل شوية يقولي
يا بنتي .

فضحكت حنين قائلة ...مهو ده الصح يا حلا .
ويمكن عشان ربنا يهديكي وتحولي تطلعي الفكرة دي من دماغك خالص .

حلا ...مقدرش والله .
ده أنا نفسي أصرخ وأقوله بحبك ، بس بقف قدامه بتلجج ومبقدرش أقوله نص كلمة .

حنين ....لا وكتاب الله المجيد ، أنتِ هتجنيني يا بت .

حلا بضحك ...هو كده الحب جنان .

.............

أما غنيم فقد عاد لبيته ولكن صورة حلا لم تغادر مخيلته .
وحاول مرارا وتكرارا أن ينزعها من تفكيره ويستغفر الله ولكنه لم يستطع .

تنهد غنيم قائلا ....وبعدين معاكي يا حلا ، اطلعي من دماغي ، أنا مش قدك .
أنتِ فين وأنا فين بس ؟
لااااا أنا نسيت الحجات دي من زمان أوي ، لا يمكن .
لا صعب ، أنا قد أبوها أصلا وأكيد هي بتعزني زي أبوها وأنا اللي بيتهيألي .
أيوه أكيد يتهيألي .
بس يعني نظرة عنيها كانت صعبة أوي .
عينيها كانت بتقول كلام كتير ،نفسي أفهمه .
ولا رقتها ولا كسوفها .
لا كده خلاص ، أنا قربت أتجنن بجد .
والوحدة هتكمل عليا أكتر .
أنا هدخل اتوضا وأصلي ركعتين لله وأقرأ في كتابه كده شوية ، أرتاح .
ألا بذكر الله تطمئن القلوب .

...............

ولج خالد قرب الفجر إلى بيته ، يتخبط من كثرة الشرب بعد سهره في الملهى الليلي ومصاحبة فتيات الليل .
وكان في انتظاره زوجته نادين التي شعرت بنغصة في قلبها لرؤيته على تلك الحالة المزرية .
فوقفت أمامه قائلة بانفعال حاد ...والله مش مكسوف من نفسك وأنت داخل كده قرب الفجر تتطوح وسكران .
اِفرض عيل من عيالك شافك يقول إيه ؟
يا دكتور يا قدوة .

خالد باستياء ...بقولك إيه أنا جي مبسوط شويتين ، فمش عايز نكد أبوس إيدك .
مش كل ما تشوفيني تسمعيني الكلمتين دول .
ثم دفعها من أمامه قائلا بتثاؤب ... ..ويلا وسعي من قدامي، عايز أدخل أرمي نفسي على السرير .
جعان نوووووووم .

حركت رأسها نادين باستياء قائلة ...مفيش فايدة فيك يا خالد .
أنا تعبت بجد ومش قادرة استمر معاه على الشكل ده .
ولازم أنفذ اللي نويت عليه .
أنا اديتله فرص كتير وهو برده مصمم على الحياة البذيئة دي، ومش مراعيني ولا مراعي أولاده للأسف .
فكده خلاص انتهت الحياة بينا .
يا خسارة الحب والعمر اللي راحوا .

ثم اغرورقت عيناها بالبكاء وانتظرت حتى ذهب في النوم وجمعت أغراضها وأغراض أطفالها حقيبة، ثم طلبت سيارة لتقلها إلى بيت والدها بعد أن أيقظت أطفالها وألبستهم .

ريان ...هنروح فين يا ماما ؟

نادين...عند جدو يا حبيبي .

ريان...وبابا جي معانا ؟

نادين ...لا بابا مش فاضي ، وراه شغل كتير .

ريان ...هو على طول بابا كده ،مشغول ، نفسي يقعد معانا شوية ويكلمنا ويلعب معانا .
ده حتى مش بشوفه بالكام يوم .

نادين ...وبعدين معاك قولت مشغول .

ريان ...طيب هو موجود دلوقتي ولا لسه مجاش في الشغل .

نادين ...موجود بس نايم .

ريان ...طيب ممكن أدخل أبوسه حتى وهو نايم قبل ما نمشى عند جدو ،عشان هو وحشني أوي .

فنزلت دمعة على وجنة نادين مرددة ... لا حول ولا قوة إلا بالله ، ربنا يسامحك يا خالد .
فسمحت له نادين بذلك واتبعته أخته الصغيرة رنا .
ثم خرجت بهما إلى بيت والدها دكتور مصطفى .
استقبلهم مصطفى بحفاوة .

ريان ...جدووو حبيبي .

مصطفى ...حبيب جدو .

ثم نظر للحقيبة وعيني ابنته الدامعة فشعر بغصة في قلبه قائلا ...طيب يا حبيبة قلب بابا .
أنا مش هسألك ،هو إيه حصل وليه ؟
لأني عارف بنتي صبورة بمعنى الكلمة ومادام وصل الأمر للدرجاتي ، يبقا أنتِ خلاص جبتي آخرك .

وعشان كده ، البيت ده مش هتخرجي منه تاني إلا لو أنتِ عايزه كده .
بس اسمعي مني الكلمة دي ، طول ما أنا عايش ، يستحيل حد يمسك بكلمة أو يكون سبب في دموعك الغالية دي .
وحسابي معاه بعدين .
هو أصلا في الأصل مكنش جدير بيكي ، بس أقول إيه.
قدر الله وماشاء فعل .
فأجهشت نادين بالبكاء فاحتضنها والدها بحب قائلا ...ابكي يا بنتي في صدر أبوكي ، لغاية مترتاحي .
بس أول ما تدخلي أوضتك ، وتقفلي الباب ، عايزك تقفلي وراه أي حاجة تضايقك .
ومتفكريش غير أنك في بيت أبوكي وبس ، يعني الحب والحسن وأنك معززة مكرمة .
فأومأت نادين برأسها ، أي نعم .

مصطفى ...يلا أدخلي ريحي أنتِ دلوقتي وبعدين هنتكلم .
بس سبيلي العسولين دول ، ريان ورنا .
نلعب مع بعض شوية .
ففرح الاطفال وولجت نادين إلى غرفتها وأخذت تبكي على فراشها حتى غلبها النوم .

..........

روان بتفكير وهي على فراش النوم ...وبعدين معاك يا خالد .
معنى أنه عايز يخدني شقته ، يعني فاكرنى صيد عادي زي أي بنت عرفها .
ومش بيحبنى صح زي ما بيقول .
فإزاى أخليه يحبني حقيقي، وازاي أخليه يتجوزني ؟
دي فرصة العمر ويستحيل أضيعها من إيدي .
ولازم أفكر كويس أعمل إيه ؟
ما هو مش حنين أحسن مني، هي تجوز مهندس.
يبقى لازم أكون أنا أحسن منها وأتجوز دكتور .
بس ابن المبقعة ده يهدى ، ويتعلم الأدب شوية .
لغاية ما أجيبه يطلبني من أبويا .
يااااه إمتى اليوم ده يجي ؟
ده كل بنات الحتة هيحسدوني عليه ؟
وهمشي كده في الحارة نفخة ريشي ومحدش هيقدر يكلمني كلمة بعد كده .
بس يحصل ..؟ وإزاي .
لسه مش عارفه ؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي