الفصل الأخير

ممرضة دمرت حياتي

الحلقة الأخيرة

............................

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

قالت الطبيبة محدثة حكيم بإنذار...الحمد لله الجنين لسه فيه نبض .
ولكن هي محتاجة راحة ، متقومش من السرير خالص .
وإلا تتعرض لإجهاض لا سمح الله .

حكيم ...تمام بإذن الله يادكتورة هتستريح .

وبينما هما يتحدثان هكذا حتى ولج إليهما
وجه ليس بالغريب على حنين !
وجه تعرفه جيدا !
نعم إنها هي من كانت صديقة الدرب لسنوات، إنها روان .
التي كانت من أفضل صديقات حنين ولكن انقطعت صلتها بها منذ زمن بعيد ولا تعلم عنها أي شيء .
تلاقت أعين روان وحنين ولكن شتان بين النظرتين .
فـ حنين طيبة القلب ، كانت نظرة حانية مفرحة للقاء من جديد .

أما روان ...فكانت تنظر لحنين نظرة قاسية مفعمة بالعيد والحقد الدفين المخفي وراء ابتسامة صفراء .
حتى لا ينكشف أمرها .

حنين ...معقول روان ، عاش من شافك يا بنتي .

روان ...حنون القمر ، والله وحشتيني .
هاتي بوسة يا بت .
وقبلتها روان قبلة غيظ .

لتنظر إلى الطبيبة تارة وإلى حكيم تارة .
فرددت....إيه خير يا جماعة طمنوني .

الطبيبة....أنتم شكلكم أصحاب ، طيب وصي صاحبتك تستريح عشان البيبي يثبت .

روان بصدمة....حنين حاااااامل؟

حكيم ....آه إحنا اتجوزنا من حوالي تلت أسابيع كده .

روان ....والله ألف ألف مبروك .
ربنا يتمه على خير يا حبيبتي .

حنين...الله يبارك في عمرك.

ثم رددت ...وأنتِ عاملة إيه يا روان ؟
اتجوزتي !

حنين بإنكسار ...آه اتجوزت بس ملحقتش أفرح ، طب ساكت مات .

حنين بحزن ...لا حول ولا قوة إلا بالله
ربنا يعوضك خير يا حبيبتي .

روان ...يارب .
وأنتِ شدي حيلك كده وريحي، عشان الحمل يكمل على خير .

حنين ...بس المشكلة حماتي تعبانة ومش بتقوم من السرير عشان الجبس .
ومينفعش أسيبها ، لازم أقوم باحتياجتها وطلبتها.

حكيم ...ملكيش دعوة أنتِ ، أنا من النهاردة هاخد إجازة
من الشغل .
وهقعد بيكي وبـ ماما ، متشليش هم .
وأنتِ عليكي تستريحي بس .
فدبت الغيرة في قلب روان ، من نظرات حكيم المحبة وصدق اهتمامه بها .
غير الحمل أيضا ، فكم تمنت روان بحياة مستقرة من زوج وبيت وأولاد .
ولكن لم يعرفها أحد إلا وطمع في جسدها فقط ، ولم ينظر أحد لروحها.
ففكرت سريعا كيف تدخل بينهما لتفرق شملهما بأسلوب الحية
التي تضع السم في العسل .
فباغتتهما بقولها ...وأنا روحت فين يا حنين ؟
ده إحنا عشرة عمر يا بنتي .
والله محدش هيخدمك ويخدم أم حكيم إلا أنا ، لغاية متشدي حيلك وتقدري توقفي على رجلك كده .

حنين بحرج ...ربنا يخليكي يا رورو .
عارفة قدها وقدود يا بنتي .
بس يعني شغلك ومش عايزة أتعبك .

روان ...لا متقوليش كده ، تعبك راحة يا حبيبتي.
وأنا أصلا كنت في إجازة وجيت عشان أمدها شوية
ففاضية متقلقيش .
يلا يلا قومي بينا نروح عندكم ، وإحنا إخوات يا قلبي .
وأنتِ يا باشمهندس حكيم ، شوف شغلك.
ولا تقلق على حد فيهم ، في عينيه الاتنين يا هندسة .

فابتسم حكيم ، لأنه بالفعل كان سيصعب عليه خدمة والدته وزوجته في آن واحد وهو لم يتعود على الخدمة من قبل .
لأنَّ أمه دللته كثيرا .

..........

وبالفعل عادت روان معهما للمنزل .
ثم استأذن حكيم للذهاب لعمله وتركهما بعد أن اطمئن على والدته .

ولجت روان إلى كريمة في بادئ الأمر ،واصطنعت الخجل والرقة في الأسلوب ، لكي تكسب قلبها سريعا .

روان ....ألف سلامة عليكي يا ماما الحاجة .
معلش فترة وتعدي ، وإن شاء الله تقومي بألف سلامة.
وتجري على رجلك دي زي الرهوان .

أعجبت كريمة بـ روان وكلامها المعسول فقالت... ماشاء الله عليكي يا بنتي ، زي القمر ولا كلامك يدخل القلب على طول .
تصوري أنا حبيتك أوي .

روان بمكر ...وأنا كمان خالص يا ماما الحاجة ويشهد ربنا .
وعايزاكي تعتبريني زي بنتك بالظبط .
ومتتكسفيش مني ، وأنا طول ما أنا موجودة هنا ، هريحك على الآخر وأعملك كل اللي أنتِ عايزاه .

كريمة بابتسامة ...إن شاء الله يخليكي يا عسل أنتِ .
هي دي البنات ولا بلاش .
أنا مش عارفة كانت عينيك فين يا حكيم ،لما تسيب العسل ده وتبص على المسهوكة حنين .
يلا النصيب بقا .

روان ...طيب بعد إذنك هسيب حضرتك ، أجهز الأكل اللي اشتراه البشمهندس حكيم وإحنا جايين .
الفراخ وشوربة الخضار عشان تتغذوا بيها .

كريمة ...بس أنا مش بحب المسلوق يا بنتى .

روان ... المسلوق مفيد بس .

كريمة ...عارفة بس مش بعرف أبلعه والله .
أقولك تعرفي تحشي الفرخة رز أحسن ،واعملي الخضار يخني كده .
هيبقى تمام التمام .
فضحكت روان بخبث قائلة...بس كده عيوني يا ماما الحاجة .
أنا على فكرة طباخة أسطة ،وهيعجبك أزي طبيخي.

كريمة ...والله أنتِ، كلك على بعضك كده عجباني.
حاجة لوز صح .
وعندما استأذنتها روان لتذهب إلى المطبخ .

حدثت نفسها ..يخربيت حلاوتك يا روان ، البت بتلعب لعب ،وكمان شاطرة أوي وخفيفة ،مش التقيلة حنين .
يسلام لو يحصل اللي في بالي وقعدتها معانا الشوية دول
يخلوا حكيم ، يميل ليها .
وتزغلل عنيه ، ده يبقى يوم المنى .
ولجت روان للمطبخ لتحضر طعام الغذاء ، والغيظ يملؤها من الحياة الهادئة التي تعيش بها حنين .

روان محدثة نفسها ...اشمعنا هي عندها راجل يحبها وبيت وطفل جي في السكة .
وأنا معنديش حاجة خالص .
طول عمرها محظوظة البت حنين دي.
وانا للأسف الدنيا جت عليا بزيادة .
بس خلاص كفاية عليها أوي كده ، وحكيم لازم يكون ليا .
وعشان كده مش لازم الحمل ده يكمل ، عشان ميكنش ليها صلة بيها بعد كده ،ويكون ليا أنا وحدي .
حتى أمه العقربة دي، هخليه يرميها في أي دار مسنين.
عشان أعيش معاه على راحتي، ومتزهقنيش في عيشتي.
بس إزاي أسقطها كده طبيعي من غير ما حد يحس .
آه هو اليانسون وعصير الأناناس كمان حكاية بيفتح الرحم بسرعة وهي أصلا بتنزف يعني فل هيخلص بسرعة .
لما أقوم أعملها حتى قبل ما أعمل الأكل .
وبالفعل أحضرت العصير وبينما هي تتقدم من غرفة حنين لتقدم لها العصير .
سمعتها تتحدث في الهاتف قائلة ...وبعدين معاك ،أنا مش فهمتك أكتر من مرة أني ست مجوزة وبحب جوزي .

طلعت ...سامحيني يا حنين ، أنا فعلا عارف ده ، بس غصب عني ، أنتِ مش بتروحي عن بالي أبداً .

حنين ...مسمحلكش يا دكتور طلعت .
واتفضل بقا مع ألف سلامة ،وياريت تنسى رقمي ده .
ثم أغلقت الخط .

لتبتسم روان بمكر ....يلا وأدي كرت جامد ، نفركش بيه الجوازة بسرعة .
وعايز نلعب بيه ، على تقيل .

ثم ولجت إليها مع ابتسامتها التي تشبه الحية مرددة ...أنا قولت أعملك كوباية عصير جامدة كده ،تبلىطي ريقك عقبال ما أخلص الغدا يا قلبي أنا .

إلتقطت حنين العصير قائلة بإمتنان ...والله مش عارفة أشكرك إزاي على كل اللي عملتيه معايا .
غير إني أدعيلك ،ربنا يديكي على قد نيتك .

فامتعضت روان بتلك الدعوة محدثة نفسها ....يا لهوتي ملقتش غير الدعوة دي.
المهم خليها تشرب ونشوف مين يفوز المرة دي .
فشربت حنين ، ثم قالت لها ...تسلم إيدك الحلوة.
أنا فعلا كنت محتجاها أوي ، جت في الوقت المناسب .
وأنا فعلا بحب عصير الأناناس جدا .
بس بشربه وأنام .
فضحكت روان ....ليه مخدر .
بس ماشي ريحي شوية لغاية ما أجهز الغدا .

حنين... تسلميلي يا أحلى رورو.
ثم أطفأت روان الضوء وخرجت .
لتسرع للمطبخ لتحضر الغذاء قبل مجيء حكيم .
وبالفعل أتمت الأكل على أفضل ما يجب ، ثم ولجت المرحاض تغتسل وارتدت أفضل ما لديها من ملابس تظهر مفاتنها وأسدلت شعرها على ظهرها ، ووضعت مساحيق بنسبة بسيطة زيادتها جمالا .
كمظهر خارجي ولكن من داخلها ، قبيحة مسودة كالليل المظلم .
ثم ولجت إلى كريمة .
وعندما رأتها بتلك الحالة ، لمعت عينيها إعجابا بها قائلة ...بسم الله ماشاء الله ، عليكي يا ست البنات .
وفعلا شكله جوزك من جمالك مستحملش ومات .

ضحكت روان قائلة ...والله أنتِ بتجامليني .
لو أنا حلوة صح ،مكنتش قعدت من غير جواز بعد المرحوم لدلوقتي.
بس والله مخبيش عليكي .
نفس أوي أعيش في ظل راجل يحميني وأعيش خدامته العمر كله ،هو وأهله كمان .

كريمة ...والله أصيلة يا بت يا روان .
يسلام لو كنت شوفتك بس بدري شوية .
بس أقول إيه النصيب .

روان ...آه النصيب ، أن بنت شريفة زي حالاتي ، عمرها ما كلمت راجل كده ولا كده يكون ده حالها.
أما اللي بتكلم طوب الأرض ، قعدة ومتستتة وجوزها كمان بيموت فيها .

كريمة بتعجب ...ازاي ده ، تلاقيه مش راجل عشان يسيب مراته كده .

روان ...لا متقوليش على الباشمهندس كده ،ده مفيش زيه .

فجحظت عيني كريمة مرددة باندهاش ...أنتِ قصدك على مين ؟
معقول تكوني قصدك حنين !!

روان ....أستغفر الله العظيم ، ربنا يستر على ولايانا.
لا مقدرش أتكلم حتى لو سمعت بودني .
أنا مش خرابة بيوت أبداً .
بس صعبان عليا العيل اللي جاي في السكة ، وعايزة تموته ، عشان تخلص من الجوازة دي، وتجوز اللي عينيها عليه .
فضربت كريمة على صدرها ...تخلص من العيل كمان هي حصلت !!
إزاي ده ؟

روان ...لسه طالبة مني عصير أناناس ، ولما قولتها لا ده وحش على الحمل خصوصا أنك بتنزفي .
قلتلي ملكيش فيه ، روحي اعمليه عشان خاطري أصلي بحبه أوي .
ومش عارفه قصدها العصير ولا الراجل اللي كانت بتكلمه
في التليفون من شوية .

كريمة ...هي حصلت ، بنت كذ ،وبنت كذا .
كان يوم ما طلعتهوش شمس ، لما فكر حكيم يجوزها .
لازم يرمي عليها اليمين النهاردة.
وإلا أنا لا أمه ولا أعرفه .

روان ...لا حرام يا ماما الحاجة ، خراب البيوت مش بالساهل كده .

كريمة ...أسكتي أنتِ طيبة وعلى نياتك .
ثم سمعت كريمة صوت مفتاح الباب ، فقالت ،أهو جه سبع البرمبة اللي نايم على ودانه .

ولج حكيم إلى والدته وقبل يدها قائلا ...عاملة إيه يا ست الكل .
ثم تنحنح بخجل لرؤيته روان بهذه الملابس وكاشفة الشعر قائلا...أنا آسف ،والله معرفش أن حضرتك مش لابسة الطرحة .
أنا طالع على العموم ، أطمن على حنين .
وأنتِ خدي راحتك .

كريمة ...تتطمن على مين يا ضنايا .
تتطمن على اللي عايزة تنزل ابنك عشان يخلالها الجو ،مع حبيبها ، اللي أنت تنزل من هنا ،وهي هاتك حب ودلع في التليفون معاه .
نظر حكيم إلى والدته بصدمة غير مصدق ما تقوله فقال والدماء تجري في عروقه...أنتِ بتقولي إيه يا ماما ؟
لا أكيد بتهزري ، لأني عارف مراتي كويس .
ويستحيل تعمل كده .
كريمة ...أنا ههزر برده في المواضيع دي.
روح بص على تليفونها وشوف كانت بتكلم مين ؟
وكانت بتشرب إيه من شوية ، مع أنه خطر على الحمل .
كتمت روان ضحكتها وأظهرت الحزن .
أما حكيم فأسرع إلى حنين ، ليجدها نائمة ، ولكنها شعرت به ، ففتحت عينيها وابتسمت قائلة....حكيم .
حمد لله على السلامة، وحشتني.
ولكنه لم يجبها ونظر نحو العصير بجانبها ، ثم أمسك بهاتفها والغضب يملؤه .
لينظر إلى آخر مكالمتها .
ليجد اسم طلعت ،فثار كالوحش الهائج قائلا ...كنتي بتكلمى طلعت يا حنين ؟
بتستغفليني، ما هو كان قدامك ،متجوزتهوش ليه ؟
ولا حلي في عينيكي دلوقتي !
بتخونيني بعد الحب ده كله !!
يا خسارة حبي ليكي يا حنين .
حركت حنين رأسها بصدمة غير مستوعبة ما يقوله حكيم ، أو غير مصدقة أذنيها .
فرددت وهي تحاول الاعتدال من نومتها...أنت بتقول إيه يا حكيم ؟
طلعت إيه اللي أنا بحبه ، أمال أنا اتجوزتك وسبته ليه؟

حكيم ... آه ما أنتِ تلاقيكي حنيتي ليه ، عشان تخلصي من القعدة مع أمي .
بس مكنتش متصور أنك بالدناءة دي .
فقامت حنين بانهيار من ذلك الاتهام القاسي لها ،ولكنها شعرت بالآلام تجتاح بطنها ، فأمسكت بها متأوهة ...آاااه.
ثم سيل من الدماء تسرب منها .

ليفزع حكيم قائلا ...كمان فعلا حصل اللي كنتي عايزاه .
نزلتي الولد ، عشان تخلصي مني ، للدرجاتي كرهاني .
أنا ازاي اتخدعت فيكي للدرجاتي .
بس خلاص ، روحي في ستين داهية .
أنتِ طالق يا حنين .
يلا مش عايزة أشوف وشك تاني .

فصرخت حنين ....لاااااااا حرام .
وفي تلك اللحظة ولجت إليهما روان قائلة ...ليه كده بس يا حنين ، أنتِ عمرك ما كنتِي كده .
وحنين تنظر إليها بأنكسار وألم.

ثم قالت روان لحكيم ...بس كنت صبرت ، شوية يا حكيم مش كده .
على الأقل لما نطمن على حالتها .
ثم حدثت حنين ...تعالي يا حبيبتي، ألبسك ونروح المستشفى ، عشان النزيف ده وحش عليكي.
فابعدت حنين يدها قائلة ...ابعدي عني .
أنتِ اللي عملتي فيه كده .
حسبي الله ونعم الوكيل
روان ...أنتِ هترمي بلاكي عليا ولا إيه .

حنين ...مش هقول غير ربنا ما بيسيبش .
وبكرة هيجي اليوم اللي تدوقي فيه من نفس الكاس .
ثم التقطت هاتفها لتتصل بأختها لتنقذها .
فاتت حلا على الفور ، وغادرت معها حلا إلى أقرب مستشفى .

ليخبرها الطبيب أنها فقدت جنينها بالفعل ، فيصيبها ذلك نوبة هلع وصراخ .
ليحقنها بمهدىء لتنام على الفور .

.................

روان مصطنعة الحزن...أنا آسفة والله على اللي حصل .
وأظن دلوقتي مليش مكان .
فمعلش اسمحولي أمشي .

كريمة ...تمشي فين يا روان ، لا أنا محتاجاكي يا حبيبتي .

روان ... بس يعني هقعد بصفتي إيه ؟
أنا كنت جاية عشان صاحبة حنين .
لكن دلوقتي ...

قاطعت كريمة كلام روان قائلة ...دلوقتي أنتِ مرات ابني الغالية
فاتسعت عيني حكيم قائلا باندهاش ...إيه ؟؟

كريمة....أيوه ، هتكتب عليها الليلة .

حكيم ...ازاي ده ، أنتِ بتقولي إيه يا ماما ؟
أنا مش ناقص ،كفايا اللي حصل .

كريمة ...بقولك هتكتب عليها وإلا أنت ولا ابني ولا أعرفك .
أنت حكمت دماغك مرة وشوفت النتيجة .
اسمع بقا كلام أمك المرة دي تكسب .

حكيم ....بس يعني..!

كريمة ...مفيش بس .
هتنام الليلة على سرير اللي ما تسمى .
واحمد ربنا ، أنه كشفها على حقيقتها بدري بدري .

حكيم بغصة مريرة ....أنا مش قادر أصدق يا أمي .
ثم بدأ في البكاء بنحيب ...دي كانت الحب كله .
فما كان من روان إلا أن اقتربت منه وربتت على كتفه بحنان قائلة ...متعملش في نفسك كده .
دموعك دي غالية عليا أوي .

فنظر لها حكيم قائلا ..بجد !

روان بدلال ...أيوا .

حكيم ..يعني موافقة على كلام أمي؟

روان ...وأنا أطول ناس زيكم .
ده أنا هعيش خدامة ليك وليها .

حرك حكيم رأسه بأسى قائلا ... .تمام .

.............

وبينما قضت حنين ليلة حزينة ،مملوءة بالقهر والظلم وكان سلاحها الوحيد هو الدعاء وأن ينصرها على من ظلمها ويظهر الحق.

كان حكيم يقضى ليلته مع روان ، ولكنه كان يتخيلها حنين ولا يصدق أن تلك التي بين يديه ليست حب عمره بل هي صديقتها .
وعندما انتهى منها ، ونظر إليها فتذكر أنها ليست حنين ولكن روان .
فابتعد سريعا عنها ،وقام يؤنب نفسه ،كيف فعل هذا ؟
كيف في ليلة واحدة أن يستبدل حي العمر بتلك التي كانت أقرب الناس إليها .

روان ...إيه يا روحى ، قومت ليه ، متخليك جمبي شوية .

حكيم بحرج ...هروح أشوف ماما، ممكن تكون محتاجة حاجة ..
فتأففت روان قائلة ...أمك دلوقتي وأنت عريس !
ثم اقتربت منه ومسحت على ظهره بحنو مرددة بدلال ...تعال بس هي أكيد نايمة دلوقتي .

ثم حدثت نفسها ...يارب تنام ما تقوم المركوبة دي .

حكيم ..طيب هبص عليها حتى، لو نايمة خلاص وأرجع.

فأمسكت روان يده قائلة...بعدين بعدين .
ساعة الحظ متتعوضش .
فوجد نفسه معها مرة أخرى وكأنها سحرته .

أما كريمة فقد كانت تشعر بالعطش الشديد بعد فراغ كوب الماء الذي بجانبها .
ثم أخذت تنادي على حكيم ولكنه لم يسمع .

كريمة ...إيه الحكاية ، ده أنا بس لما كنت بقول حكيم ، كنت بلاقي حنين قبليه بتقول نعم يا خالتي .
ودلوقتي ناديت كذا مرة ومش سامعني .
إيه للدرجاتي غرقان في العسل ومش سامعني .
بس أنا اللي غلطانة ، أنا مصدقت تطفش حنين ، أروح مجوازه ،كان قعد جمبي أحسن.
وبعدين أنا عطشانة ،وكمان عايزة المبولة مش قادرة .
ثم أخذت تنادي ولم تجد استجابة .
فشعرت بالمياه تتسرب منها .
فبكت بمرارة قائلة ...يا لهوي، معقول أكون ..!!
هي دي أخرتها يا حكيم .
ثم بكت بمرارة ..وظلت هكذا طول الليل .
حتى جاء الصباح .
فخرج حكيم من غرفته وترك روان نائمة .
ليلج إلى غرفة والدته، ليجدها على تلك الحالة المزرية.

ففجع قائلا ...ماما ، إيه اللي حصلك ؟

فنظرت له كريمة بعين اللوم قائلة ...كده يا حكيم ، تنسى أمك لغاية ...ثم بكت بكاء مرير .

حكيم بندم....آسف آسف يا أمي .
طيب ليه مناديتيش عليه .

كريمة....ناديت كتير .
بس أنت ولا هنا .
إيه خلاص نسيتني ، ولحقت مراتك الجديدة تقسيك عليا .

تنهد حكيم بمرارة ...مراتي الجديدة .
مش دي شورتك برده .

كريمة ...آه شورتي ، بس أنت مالك ، مجتش ليه تطل على أمك ؟

حكيم ...فكرتك نايمة ، معلش سامحيني.
وهروح أصحي روان ،تيجي تساعدك ،وتتنظف المكان .

فذهب إليها ليوقظها ، فقالت ...إيه سبنى شوية يا حبيبي
لسه عايزة أنام .

حكيم ...قومي يا روان .
ربنا يسامحك قولتلك أمبارح أروح أطمن على ماما .
قولتيلي سبها نايمة.
وأتاريها كانت عطشانة وعايز الحمام .
ودلوقتي محتاجة تحميها وتغيري الفرشة .

روان بتأفف....إيه أنا أغير الأرف ده ، يستحيل .
روح أنت ، اعملها اللي تحبه .
أنا مليش فيه ، أنا كفاية أعملها الأكل وبس .

اندهش حكيم من أسلوبها قائلا ...إيه؟ ارف؟ .
مش هو ده كلامك امبارح ، أنك هتخدميها بعينيكي.

روان ...هو كلام الليل معروف مدهون بزبدة .

وأنا كتر خيري هأكلها ،مش أكتر من كده .
ويلا بقا روحلها وسبني أنام .

ليتركها حكيم ويتجه نحو والدته ، فقام على تنظيفها بنفسه وتغيير الفراش .
وإعداد الإفطار لها واطعامها .
قبل أن يغادر لعمله ثم أوصى روان عليها قبل أن ينصرف .

وعندما غادر حكيم صاحت كريمة منادية على روان...يا بنتي ياريت تعمليلي كوباية لمون، إلا حاسة ضغطي واطي شوية ودايخة.

روان بسخرية ...يمكن هتموتي، ثم ضحكت .

كريمة بغضب ...بتقولي إيه يا بت أنتِ.
ما توقفي عوج وتتكلمي عدل كده .

لتثور روان في وجهها...إيه يا ولية أنتِ ، إيه بت دي؟
ما تلمي لسانك ألا اقطعهولك .

كريمة بخوف منها ....أنتِ حصلك إيه يا روان ؟
امبارح كنتي عاملة زي الملاك ،والنهاردة حاسه أني شايفة شيطان قدامي .
لا أنتِ يستحيل تكملي مع ابني ،دي كانت حنين برقبتك على كده .

روان بتحدى ...ليه وأنتِ فكراني حنين الطيبة ، عشان أسكتلك ، لا اصحي ، ده أنا روان والأجر على الله .
وبقولك إيه ؟
لو عايزة تعيشي معانا أنا وابنك ، يبقا تحطي لسانك اللي عايز قطعه ده في بوقك .
إلا وجلال الله ، أخليه يرميكي في دار مسنين .
ونخلص من قرفك .

فشهقت كريمة عند سماعها هذا قائلة ...أنا خلفت وتعبت وربيت وشقيت لغاية ما بقا راجل وباشمهندس قد الدنيا .
يرميني في دار مسنين .
لا ابني ما يعملش كده أبداً .
أنا لما يجي هخليه يطلقك ويرميكي في الشارع .

فضيقت روان عينيها ،وحركت رأسها قائلة ...يبقا لسه متعرفيش روان .
أنا اللي بيضايقني بخلص منه للأبد .
من غير ما حد يحس ولا يدري ، وشكل الدور عليكي .
يا ولية .
ثم أسدلت السكين وأخذته ووضعته على رقبتها ..لتخيفها
قائلة ....بصي لو نطقتي بأس حاجة قدام حكيم .
لكون مخلصة عليكم أنتم الاتنين ، زي ما خلصت من كل واحد آذاني قبل كده .

وفي هذا الوقت كان حكيم قد عاد مرة أخرى للبيت ، بعد أن تذكر أنه نسي أوراقا هامة خاصة بالشغل في البيت فعاد ليأخذها .
ليتطرق لأذنه حديث روان .
روان ...خلصت أول حاجة من مرات أبويا اللي كانت بتذلني
في الطلعة والخارجة وبعدين دكتور أمجد ، اللي بعت ليه نفسي بالفلوس .
وبعدين سبب دماري كله ،دكتور خالد .
أما المحروسة حنين ، اللي طول عمرها محظوظة وشايفة نفسها، خلصت منها وقولت أنها بتحب غير جوزها ، مع أنها كانت عمالة تهزق فيه وتقوله ما تتصلش تاني ، أنا بحب جوزي .
وشربتها عصير الأناناس بايدى عشان تسقط العيل .
وجه الدور عليكي يا ولية أنتِ .
بتفكريني بمرات أبويا ، في نفس كلامها وحركاتها .
فها هتلمي الدور وتحطي لسانك جوا بوقك .
ولا نخلص كده بدري بدري .

......

وجدت روان من يقف ورائها وينزع منها السكين من يدها قائلا بهدر .....آه يا مجرمة ، يا قتالة القتلة .
عايزة تموتي أمي كمان ، وخونتي ثقة صاحبتك من كتر الغل والحقد اللي في قلبك ليها .
وأنا غلطان اللي شكيت في مراتي ، من غير متأكد بالدليل .
وهي العفيفة الطاهرة .
اللي مهما أمي عملت فيها ، عمرها متكلمت .

كريمة ببكاء ....آه والله .
أنا اللي ظلمتها بنت الأصول .

روان بصراخ وحكيم ممسك بيدها بقوة ....سبني أنا معملتش حاجة .
هما اللي قتلوني ألف مرة ، قبل ما أقتلهم .
هما اللي عملوا في نفسهم كده .
مش أنا .
أنا بكرهكم كلكم ، وهموتكم كلكم .
ولكن استطاع حكيم التمكن منها .
واتصل بالشرطة ، لتأتي سريعا وقامت بالقبض عليها .
ثم رمى عليها يمين الطلاق وجلس يبكي لما فعله بحبيبة قلبه حنين.

كريمة ...قاعد ليه يا ابني ، روح رجع مراتك .
وبوس على ايديها الاتنين عشان ترضى .
وقولها خالتك بتطلب أنك تسامحيها .
ومن النهاردة ، هتكون أم ليكي بعد أمك .
ومش هزعلها أبداً .
وبالفعل ذهب حكيم إلى حنين منكسرا مذلولا وخجلا .
ولكنها من فرط حبها عندما وجدت الدموع تلمع في عينيه .
وهو يرجوها أن تسامحه .
سامحته على الفور .
فقلبها طيب حقا ، لا يعرف الهجر أو الخصام .
لا يعرف سوى التسامح .
........
لتعود الحياة لمجاريها مرة أخرى بين حنين وحكيم .
ولكن تلك المرة بسعادة مفرطة .
وأصبحت كريمة أمًّا ثانية حقا لـ لحنين .
فعاشوا في سلام ووئام .
.....
أتمنى أن تكون الرواية أعجبتكم جمهور كوكب الكريم .
أترككم في حفظ الله وأمنه .
.........
أم فاطمة ❤️ شيماء سعيد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي