الفصل السابع

كانت سهيله تمشط لفريده شعرها فى حنان ثم ما لبثت أن تركت الفرشاة من يدها قائلة: بسم الله ما شاء الله ، ، طالعة حلوة قوي يا ديدا فى الفستان اللى بابا جابهولك قمر قمر يعني .
ابتسمت فريده بسعاده ثم قبلت سهيله علي خديها و تحدثت قائله : انتى كمان حلوة قوي يا ميس سهيله .
ضمتها سهيله بحنان و هي تنظر الى فادي الذى كان يسترق النظر اليهم و هي تعلم أنه يود الانضمام لحضنهم ثم ابتمست قائله له : تعالى يا فادي انا اللي هربطلك البيبيون بتاعتك دي .
نظر لها فادي ثم تحدث بعناد قائلا : شكرا يا ميس سهيله انا اللي هربطها لنفسي .
نظرت سهيله الى محاولاته الفاشلة لعقد ربطة العنق الخاصة به ليزفر بيأس و يتركها ، ، اقتربت منه بهدوء ثم أمسكت ربطة عنقه حاول فادي فى البداية المقاومة الا أنه فى النهاية استسلم و تركها تعقدها له لتربت على وجنته قائلة: انت بجد وسيم أوى يا فادي و كأنك نسخة صغيرة من باباك فارس .
نظر اليها فادي بنظرة أدمت قلبها ، ، و ترقرقت عينيها بالدموع هى نظرة بها مزيج من الشوق الى الحنان الى جانب لمحة من السعادة لتشبيهها اياه بأبيه ، ، و خوف من التعلق بأمل وجود أحد دائم بحياته يهتم به غير والده ، ، ليفوز الخوف و يبتعد بحدة عن مرمى يدها قائلا: أنا هنزل تحت و لم ينتظر رد سهيله اطلاقا .
و ابتعد مغادرا الغرفه تتبعه عينا كلا من سهيله و فريده ليفاجأ الجميع بوجود فارس على باب الغرفة ، ، و قد يبدو انه واقفا منذ برهة تتأمل عيناه أطفاله بحزن و ألم ، ، دخل الغرفة و وقف أمام طفليه ليركع كعادته على ركبتيه متجاهلا بذلته غالية الثمن و أناقته التى تخطف الأبصار و متذكرا فقط أنه أب لتوأمين يتيمين ، ، ليفتح ذراعيه لهما دون كلمة لينطلق الطفلين الى محيط ذراعيه ليضمهما بحنان ، ، تجتاح ملامحه مشاعر عديدة ، ، نزلت دموع سهيله فى صمت و هي تنظر اليهم ، ، لتلتقى عينيها بعينى فارس فى تلك اللحظة بنظرة طويلة ، ، أرسل فيها اليها شكره على اعتنائها بطفليه و منحهما الحنان الذى حرما منه من والدتهما الراحله ، ، و أرسلت هى اليه وعدها بأنهما سيظلان تحت رعايتها و اهتمامها حتى يخبرها بأنه لم يعد بحاجة اليها ، ، أحست بغصة فى حلقها و هى تتذكر أن هذا اليوم سيأتى آجلا ام عاجلا ، ، ربما سيكون هذا اليوم هو يوم زواجه بأخرى لتعترف أنها تشعر بالحزن بالغيرة و بالعشق نعم لقد أحبت هذا الرجل هذا الأب أحبت هذا الفارس بجنون ، ، نهض فارس و هو يربت على رأس ولديه قائلا بحنان: طيب يا حبايب قلب با با انزلو انتو على تحت و خليكم جنب تيتا .
أسرع الطفلان بالركض خارج الغرفه لينظر فارس باتجاه سهيله يتأملها بنظرة متفحصة ، ، كان جمالها اليوم ينير عتمة الليل ، ، حيث كانت ترتدي فستانا ذو حمالات عريضة يكشف ذراعيها الجميلتين ، ، نصفه العلوى باللون السكرى الذى أبرز لون بشرتها الخمرى ذو ياقة سباعية بينما النصف الأسفل باللون الأسود يصل الى الركبتنين و يظلل خصره بعض الفراشات سكرية اللون و التي منحته رقة و جمالا ، ، تضع حول عنقها عقدا بسيطا هو مزيج من اللونين كانت بسيطة و أنيقة و رائعه الجمال ابتسم فارس بسعاده و رضا و قال : انا مستنيكى تحت متتأخريش .
أومأت سهيله برأسها ليغادر بهدوء لتأخذ سهيله نفسا طويلا ، ، فقد كانت تحبس أنفاسها وهى تراه يتأملها على هذا النحو لتقول بهمس:
لسة ناوى تعمل فيا ايه يا فارس أنا قلبى خلاص هيقف بس من نظراتك أنا لازم أبعد عنك انت بقيت خطر على قلبى ، ، بس يا تري هقدر أبعد عن كتاكيتي ؟ والسؤال الأهم ياترى هقدر أبعد عنك؟ ليجيبها قلبها بألف لاا.
-  -

كان فهد يقف مع زوجته ريناد وصديقه ايهاب عندما وقع بصره على حور ليتجمد جسده كله من الصدمة ، ، كانت حور اليوم رائعة الجمال تتهادى فى فستان كحلى اللون عارى الزراعين يضيق عند الخصر لينزل بتنورة واسعة حتى ركبتيها من الأمام ليطول قليلا من الخلف ليبرز ساقيها الجميلتين .
يتهادى شعرها الأسود حول وجهها فى نعومة و رقة وعند اقترابها لاحظ فهد اختفاء نظارتها لتظهر عينيها الجميلتين ذات الرموش الكثيفة ، ، صفر ايهاب عند وصولها بخفة ليجز فهد على أسنانه غيظا بينما تأملتها ريناد بضيق وغيرة ألقت حور التحية برقة ليردوا التحية اليها ويقول ايهاب باعجاب: ايه يا حور الجمال ده ؟
ابتسمت حور بخجل بينما قبض فهد على يده حتى لا يلكم صديقه ايهاب فى وجهه ، ، فلا يحق لأحد ان يقول كلمة اطراء لحور سواه تعجب من شعوره القوى بالغيرة ، ، وهو الذى لم يشعر بتلك المشاعر من قبل ولا حتى مع زوجته ريناد أيعقل أن تكون حور هى حبه الاول والاخير وان ريناد كانت مجرد افتتان فقط .
أفاق من أفكاره على صوت ريناد تقول فى سخرية: بس تصدقى يا حورالفستان اللى انتى لابساه مبين كل ديفوهاتك بتهيألى لو كنتى غيرتى التصميم كنتى بقيتى أحلى من كدا .
نظر ايهاب اليها باستنكار بينما نظر فهد على الفور الى عينى حور التى ترقرقت بالدموع ليتألم لألمها ويشتعل الغيظ فى قلبه ويسحب زوجته من ذراعها قائلا بغضب: عن اذنكم بس ثواني .
ثم ابتعد يجرها خلفه لتتوقف بعصبية قائلة: فيه ايه يا فهد بتشدنى كدة ليه ؟
اقترب منها فهد قائلا بحدة: ممكن افهم اللى قولتيه من شوية ده كان ايه ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة:
حصل ايه يعنى ؟ قلت اللى انا شايفاه ولا انت كنت عايزنى أجاملها مثلا ؟
جز فهد على أسنانه قائلا فى حدة: ريناد حور دى خط أحمر و اللى يقرب منها يبقى قرب من عيلة الشاذلي كلها انتى فاهمة ولا لأ ؟
قالت ريناد بغضب: وانا يعنى كنت عملت ايه ؟ مكبر الموضوع ليه يا فهد ، ، على فكرة مراتك دى تبقى أنا مش حور يا أستاذ ولا شكلك نسيت .
تراجع فهد خطوة الى الوراء قائلا فى صدمة:
انتى بتقولى ايه ؟
قالت بغضب: بقول زعلك ده كله المفروض يكون على مراتك حبيبتك مش واحدة علاقتك بيها انها يا دوب بنت خالك.
قال فهد ببرود: حور مش بنت خالى وبس وانتى عارفة ده كويس ، ، حور اختى اللى ربيتها على ايدى .
قالت ريناد بسخرية: أختك طيب يا فهد عدينى بقى عشان أروح أجيبلى عصير أهدى بيه أعصابى لأنى بجد بدأت اتخنق فى المكان ده .
وابتعدت تاركة اياه يغلى من الغضب نظر مجددا باتجاه حور و ايهاب ليلاحظ حزن حور وايهاب يحدثها بكلمات تبدوا مواسية ، ، لها ليفاجأ بريان يحملها من الخلف ويدور بها قائلا:حور مش معقولة ايه الجمال ده كله ؟
اقترب فهد منهم وعروقه تنتفض من الغيرة خاصة وهو يسمع ضحكات حور وهى تقول:
نزلنى يا ريان وبطل جنان الناس بتبصلنا انت امتى ها تعقل بس ؟
أنزلها ريان قائلا: مستحيل هعقل وحشتيني بجد الواحد معرفش انه غاب فعلا غير لما شفتك وشفت ولاد فارس .
ابتسمت قائلة فى ود : حمد الله على سلامتك وحشتنا خفة دمك أخبارك ايه ؟
ابتسم بمزاح قائلا: أحسن منك على فكرة يعنى يااختى انا لا شايف دبلة فى ايدك دى ولا ايدك دي ، ، افضلى كدة اتأمرى على خلق الله على رأى عمتى لما هتعنسى بالمناسبة عمتى فين ؟
أخفت حور حزنها وهى تقول: المفروض ان هى سبقتنى على هنا بس انا زيى زيك معرفش راحت فين وفونها كمان مقفول.
أومأ ريان براسه ليلتفت موجها حديثه لايهاب قائلا: اذيك ياايهاب معلش مخدتش بالى ، ، بس البت دى كانت واحشانى اوى.
قال ايهاب: حمد الله على سلامتك يا ريان انت كمان وحشتنا.
قال ريان بمرح: إلا قولى انت كمان مرتبطش زي بنت عمتى دى؟
وصل اليهم فهد فى تلك اللحظة ليستمع الى كلمات ايهاب التى أشعلت قلبه من الغيرة وهو يقول: والله يا ريان بقالى فترة بحاول أقنع بنت عمتك ترتبط بيا ، ، بس هى مش راضية ومش عاطيانى أى أمل خالص .
كاد ريان أن يتحدث لولا ان رن هاتف ايهاب فى نفس اللحظة ليستأذن فى الرد عليه ويبتعد قليلا ليقول فهد فى حدة: يعنى اول مرة نسمع عن الموضوع ده يا حور يا تري مخبية عننا ليه ؟
نظرت اليه نظرة تحمل عتابا وألما ونظر اليها نظرة تحمل شوقا وغضبا وغيرة ، ، لينقل ريان بصره بينهم و يدرك أن أخويه قد أصابهم العشق الملعون ، ، يعيش كل منهما قصة حب يخفيها داخل قلبه ، ، ليدرك أنه ابتعد عنهم كثيرا يطارد أحلامه و يدرك أيضا أن عائلته هى أهم من تلك الأحلام أفاق على صوت حور يقول بهدوء: قريب جدا هتسمع خبر حلو يا فهد اوعدك.
ظهر الغضب فى تلك العينين العسليتين وكاد أن يجرحها بالكلمات كما لاحظ ريان فى عينيه ليسرع قائلا بمرح موجها حديثه لحور: ممكن قمر حفلتنا ترقص معايا شوية.
نظرت حور الى ريان لتدرك انها لابد وان تبتعد عن فهد فى تلك اللحظة ، ، لتومئ برأسها ايجابا أمسك ريان يدها وتوجه بها الى حلبة الرقص تتبعهم عيون عسلية تنطق بالغضب و الغيرةة و العشق الملعون هذا .
-  -
كان فارس يسترق النظرات إلى سهيله و هي تضحك مع ولديه ، ، ابتسم وهو يرى تلك الغمازتين تظهران مع ضحكاتها وتختفيان عندما تركز مع كلمات الصغيرين ، ، أفاق من شروده على صوت والدته الهامس وهي تقول: دي جوهرة محتاجة اللى يحافظ عليها ويحميها.
التفت الى والدته قائلا فى حيرة: بتقولى حاجة يا ماما ؟
هزت مريم رأسها غيظا وهى تقول: لأ يا قلب ماما مش بقول حاجة خالص.
لتنظر الى فهد بعدها ثم تحدثت بابتسامه : أخوك جايب آخره من حور.
نظر فارس باتجاه فهد ليراه ينظر الى حور و ريان بغضب وغيرة ليبتسم بدوره قائلا: لسه يا ماما بيبتدى يكتشف مشاعره .
تنهدت مريم قائلة: مشاعره دى هتخرب بيته يا فارس يا ابني .
قال فارس بهدوء : وهو فين بيته ده يا ماما ؟
هزت مريم رأسها قائلة:
معاك حق يا ابني انا ياما حذرته وعارضت جوازه من اللى اسمها ريناد ، ، و قلتله طمعانة فيك و متستهلكش ، ، خصوصا وانا حاسة بمشاعر حور ناحيته ومشاعره ناحيتها واللى كان مفسرها هو غلط بس هو نشف راسه غلطتى بقى ، ، انى منبهتهوش للمشاعر دى و رضيت انه يعمل اللى فى دماغه.
قال فارس : كل شئ قسمة ونصيب يا ماما وصدقينى لو حور هي قسمته مفيش حاجة فى الدنيا هتمنع ارتباطهم وساعتها صدقينى هيرتاح جدا .
التفتت اليه مريم قائلة: وانا امتى هشوفك مرتاح يا فارس انت كمان .
عقد فارس حاجبيه قائلا: انا مرتاح يا ماما ليه بس بتقولى كدة ؟
قالت مريم بحنان: عشان انا امك واكتر واحدة بتحس بيك يا فارس ، ، انا حاسة بوحدتك و وجعك واللى انت بتخبيهم فى شغلك ، ، مش هقولك حب تانى يا فارس لأن جوازك من المرحومة نوران كان جواز مفيهوش حب و لا مشاعر ، ، بس هقولك افتح قلبك و حب لأول مرة يا حبيبي ، ، انت قفلت قلبك على ولادك وشغلك انت محتاج حب يحسسك بالسعادة ، ، حب يشيلك من وحدتك وشغلك اللى دفنت نفسك فيهم ، ، و ولادك كمان محتاجين أم تاخد بالها منهم وتديهم الحنان اللى اتحرموا منه يا ابني .
قال فارس بهدوء: ما هي سهيله واخده بالها منهم يا ماما ليه بقى لازم اتجوز؟
ابتسمت مريم بحنان قائلة: سهيله مش هتقعد كتير يا فارس ، ، بنت بالحلاوة و الصفات دى أكيد هتتجوز ومش بعيد حد من الموجودين فى الحفلة يسأل عليها ويطلبها دلوقتى واحنا بنتكلم كدا يا فارس .
اشتعلت النيران بقلب فارس ليقول بعصبية وغيرة: خلاص يا ماما ياريت الكلام يقف فى الموضوع ده لحد كدا أنا رايح لبابا بعد اذنك بقا يا ماما .
ليبتعد وعينا مريم تتابعه قائلة برجاء: ريح قلب ولادى يارب انت الي عالم بحالهم .
-  -
كان ريان و حور يرقصان ليميل ريان على أذن حور ويهمس ببعض الكلمات لتضحك هى برقة ، ، ليشتد فهد ةعلى يده بقوة كى لا يتهور و يذهب لينتزعها من بين يد أخيه انتزاعا أمام الجميع .
قال ريان ضاحكا: على فكرة انتى مشكلة كبيرة يا بنتي ، ، انتي عارفه لو مكنتيش مشغولة و قلبك مع حد غيرى كنت حبيتك علي طول أعمل ايه فى اخواتى بس ، ، اللي عجبونى فى الحفلة هما أخدوهم منى .
قالت حور بتوتر: و أنا مالى و مال اخواتك بس ؟ و كمان مين قالك ان قلبى مشغول أو بيحب يا فالح ؟
نظر ريان الى عينيها مباشرة وهو يقول:على بابا ريان برضو يا حور ؟ ده على وشك يبان يا نداغ اللبان ههه .
نظرت اليه حور باستنكار قائلة:على ايه يا اخويا ؟ اللي يسمعك ميقولش انك لسة جاى النهارده من امريكا يا ابني بلطجي و الله .
ضحك ريان قائلا: لا احنا جامدين اوى على فكرة هههه .
ضحكت حور لتجد ريان يتوقف فجأة عن الرقص ويقف متجمدا ، ، وهو ينظر باتجاه البوابة التفتت حور لتجد تغريد وهى تدلف الى الحديقة ، ، تتهادى كالأميرات وعيون الكثيرين عليها ولكن عينيها هى قد تعلقت بذلك الواقف متسمرا يطالعها بنظرة اعجاب خلبت قلبها و عقلها وأوقفت أنفاسها داخل حلقها ، ، علمت تغريد فى تلك اللحظة من تسارع دقات قلبها و تلك الاحاسيس التى اجتاحتها انها مازالت مصابة بالعشق الملعون أشاحت بنظرها عنه بصعوبة وهى تتجه الى والدته التى ابتسمت لها بحب وضمتها بحنان تتابعهم عينا ريان لتميل حوو على أذنه قائلة بهمس: تغريد بنت طنط حمديه الداده .
التفت اليها بدهشة لتومئ هى برأسها باابتسامة ليعود بنظراته الى تلك الفاتنة و يمر به شريط ذكرياتهم معا ، ، ليقسم فى تلك اللحظة أن تكون تغريد له هو فقط ولا أحد غيره .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي