الفصل العاشر (10) .

بعد مرور شهر كانت قد جرت خلاله أحداث كثيرة و أهم هذه الأحداث هو بدء العام الدراسي الجديد و التحاق لين بكلية الحقوق و تحسن حالة داده صفاء و خروجها من المشفي و عودة لين بصحبتها الي المنزل .

في منزل رؤوف الكاشف كانت لين تجلس في غرفتها تستذكر بعض محاضرتها حتي سمعت صوت المنبه الخاص بالهاتف الذي ينبهها الي أنه قد حان موعد تناول داده صفاء للدواء الذي وصفه لها الطبيب حتي تتحسن تماماً . . . فقامت بإغلاق دفتر محاضرتها و ذهبت الي غرفة داده صفاء فلم تجدها بغرفتها فهزت رأسها ييأس فهذه هي داده صفاء لن تتغير . . . فهي من المؤكد أنها موجودة في المطبخ تلقي التعليمات علي الخادمه الجديده التي أحضرها إليها قاسم حتي تهتم بشئون المنزل و بداده صفاء حتي تتفرغ لين الي جامعتها و محاصرتها و بالفعل ما أن وصلت إلي المطبخ حتي وجدت داده صفاء تتحدث الي الخادمه و تعلها بنظام المنزل و ما الذي أحبه و ما أكرهه و أن المنزل لابد أن يكون نظيفاً و منظماً لأن والدي يحب النظام و النظافه و يجب أن يكون كل شي علي أفضل حال استعداداً لعودته في أي وقت يا الله كم تتمني أن يعود الي حياتها مره أخري و ينيرها من جديد تنهدت بحزن و قامت بالذهاب إليها .

لين بعتاب فهي ما زالت لم تتحسن بالكامل : ليه كده يا داده مش الدكتور قالك ما تتحركيش كتير الفترة دي ايه بقا الي قومك من سريرك اتفضلي يلا علي أوضتك عشان تأكلي و تاخدي الدوا لان ده معاده .

داده صفاء بارهاق و هي تسير ببطء : أعمل ايه يا بنتي منا زهقت من القعده و النوم انت عارفه أن انا مش واخده علي كده .

لين و هي تقبل يدها بحب : معلش يا داده استحملي لحد ما تخفي انا ما صدقت انك قومتيلي بالسلامه ده انا كنت هموت من غيرك انت و بابا .

داده صفاء بحب : يا حبيبتي يا بنتي ربنا يرجعهولك بالسلامه يا حبيبتي .

لين بتمني و رجاء : يا رب يا داده يا رب يلا يا ست الكل عشان تاخدي العلاج علي ما أسماء تجيب الأكل .

داده صفاء و هي تحمد ربنا علي هذه الهديه : حاضر يا بنتي ربنا يكرمك .

قامت لين بإعطاء الدواء ل صفاء . و جلست بجوارها حتي تناولت طعامها ثم ساعدتها بأخذ باقي الدواء و جلست بجوارها حتي خلدت للنوم . . . . . ثم عادت الي غرفتها مره أخري و قامت بالتقاط دفترها و ما أن فتحته حتي وقعت عيناها علي اسمه التي خطته بيدها فهي لا تعلم كيف و متي و اين سيطر علي تفكيرها و أصبح يشغل بالها طوال الوقت فهي لم تعرفه سوي منذ مده قصيرة و في ظروف صعبه للغايه و لكنها لا تعلم كيف دق قلبها العذري أولي دقاته لهذا الفارس النبيل التي يقف بجوارها و يساندها بكل حب و إخلاص أغمضت عينيها و هي تتذكر ملامحه و ضحكته و كلماته الحكيمة و الهادئة التي يواجهها لها دائما كي يبث الطمأنينة في نفسها يجعلها توقد الأمل بداخلها مره أخري فهي علي يقين تام أن كل شي له نهاية و من المؤكد أن لألمها و حزنها نهايه قريبه ثم قامت بإغلاق دفترها . . . . . و ذهبت لتتوضا كي تقوم بالصلاه و الدعاء لأبيها بالشفاء .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في منزل هند . . . . . .
كانت هند تجلس في الحديقه و هي تسمع الموسيقي. تتصفح إحدي المجلات الخاصة بالموضة و كأنه شئ لم يكن . . . مما جعل والدتها تستشيط غضباً فهذه الغبية قد ضيعت من يدها فرصه ذهبية لن تعوضها مهما فعلت فهي كانت سوف تصبح زوجة ابن سالم الشريف المعروف بنفوذه و قوته و ثرائه الفاحش . . . . . . و لكنها لابد أن تجعلها تفيق و تعلم ما الذي ضيعته من بين يديها فذهبت إليها و قامت بالوقوف أمامها و هي تنظر لها بغضب . . . مما جعل هند تقلب عينيها بملل ثم اعتدلت في جلستها و قامت بإزالة الهاند فري من أذنها و هي تنظر لها بضجر و ملل واضحين بشده في عينيها .

هند و هي تقلب عينيها بملل : خير في حاجه و لا إيه .

نادية بغيظ و غضب من برودها : انت ايه يا بنتي مش بتحسي انت مش عارفه انت نيلتي ايه انت ازاي قاعدة كده و عايشه حياتك كان مفيش حاجه حصلت .
هند ببرود زاد من غضب ناديه : و هو كان ايه الي حصل يعني .

نادية و هي علي وشك الانفجار بوجهها : انت مش عارفه ايه الي حصل . . . . . انت مش حاسة انت عملتي ايه .

هند بصوت مرتفع غاضب : ايه يعني الي حصل و ليه انت متفاجئة أصلاً انت عارفه اني مش بحب قاسم و لا هو الشخص الي بحلم اني اقضي باقي حياتي معاه . . . . . . انتم الي اقنعتوني أن قاسم هو جني المصباح الي هيكون السبب أني أعيش الحياة الي انا بحلم بيها و لكن الحقيقه اني لو اتجوزت قاسم كنت هتدمر لانه رافض عائلته و اي حاجه تخصهم و أنا بكده مش هكون كسبت حاجه بل بالعكس هكون حطيت نفسي في دور أنا مش هقدر أعيشه أنا عارفه نفسي . . . . . و أنا لو مش هعيش في مستوي أفضل من الي انا عايشه فيه يبقي مالوش لازمه الارتباط ده .

ناديه و هي تضحك بسخرية : مستوي ايه يا حبيبتي . . . . . . هه . . . اللي انت متعرفوش أن الشركه بتاعتنا بقا من تسع شهور كانت بتخسر خسائر كبيرة لدرجة اننا كنا علي وشك اعلان إفلاسها لولا أن سالم الشريف ساعد باباكي عشان يقف علي رجله تاني و الحمد لله باباكي بيحاول بكل طاقته أنه يرجعها زي الاول و أحسن و ده طبعاً محتاج أن الكل بتخلي عن شويه من العز الي كنا متعودين عليه . . . . . . يعني سواء اتجوزتي أو لأ المستوي الي انت عايشه فيه هيقل لانك لازم تحافظي شوية لأن وضعنا مبقاش زي الاول .

هند بذهول منا تسمعه : انت بتهزري صح . . . ردي عليا انت بتهزري أكيد .

ناديه بجديه و حزن : لأ يا هند أنا لا بهزر و لا بضحك عليكي أنا بس حبيت أعرفك الوضع . . . و أعرفك أن قاسم مهما كان متشدد دلوقتي بس في الاخر كل الشركات و الفلوس دي هتبقي بتاعته في الاخر .

هند و هي ما زالت غير مصدقة : طب انت ليه مش قولتي ليا الكلام ده طول المدة دي .

ناديه بحزن و تأثر : باباكي مكانش عايزك تعرفي عشان ماتحسيش بحاجه و لا تزعلي و لا تحسي انك ضعيفة قدام قاسم . . . انت عارفه باباكي بيحبك اد ايه و و بيخاف عليكي ازاي .
ثم أردفت بصدق و تبرير : أنا مش بقولك الكلام ده عشان ازعلك أنا بس عايزاكي تعرفي أن مصلحتك مع قاسم فكري بعقلك و انت تعرفي أن قاسم هو فعلاً مفتاحك للعيش برفاهيه اكتر من هنا . . . . . و بعدين بعد الجواز كل حاجه بتختلف . . . . . يعني مثلاً انت بعد الجواز تقدري تأثري عليه و تخليه يرجع لحضن أبوه و ساعتها بس هتكون طاقة القدر اتفتحت لك . . . . من جهه قاسم هيبقي في أيده كل حاجه تخص العيله . . . و من جهه تانيه سالم مهران هيفضل حاسس انك انت الي ليكي الفضل أن ابنه يرجع لحضنه . . . . و طبعاً هيكون ليكي مكانه كبيرة عنده و تخيلي بأن لما سالم الشريف يهتم بيكي بنفسه .

ظلت هند صامته تستمع الي كلام امها بشرود بالرغم من أنها لا تحب أخذ النصيحه منها إلا أنها و للاسف محقه في كل كلامها . . . . . و أيضاً وجهة نظرها تبدو منطقيه .

عندما لاحظت ناهد شرود هند حتي ابتسمت بانتصار و قالت لها : أنا عايزاكي بردو يا حبيبتي تفكري براحتك و متستعجليش . . . . . . ده مستقبلك بردوا و انت لازم تاخدي قرارك بتمعن و تركيز أنا هسيبك دلوقتي عشان تبقي براحتك .
و تركتها لحيرتها و أفكارها و مشاعرها المبعثرة التي تحاول الإلمام به حتي تستطيع العثور علي طريقه لإصلاح ما أفسدته بغباءها .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بعد مرور أربعة أيام كان قاسم يجلس في غرفته يجلس أمام حاسوبه يراجع بعض التفاصيل الخاصه بعمله فاليوم عطله و هو قرر عدم الخروج من المنزل اليوم و لكن قاطع تركيزه صوت هاتفه الذي تعالا صوته في أرجاء الغرفة و ما أن رأي اسم المتصل حتي التقطه و أجاب بسرعه فلم تكن سوي لين .

قاسم بخصه و لهفه : ايه يا لين انت كويسه في حاجه داده صفاء جرالها حاجه .

لين بفرحه و سعادة : لا ما تقلقيش أنا حبيت لفرحك و اقولك أن المستشفي اتصلت بيا و بلغتني أن بابا فاق و أنا دلوقتي رايحه علي المستشفي .

قاسم و هو لا يصدق ما يسمعه و لكنه تمالك نفسه و قال بفرحه عارمه : ياالله أخيراً أنا مش مصدق مسافة السكه و هكون عندك الف حمد لله علي سلامته .

لين و هو تبكي بسعاده : الله يبارك فيك مع السلامه .

كانت لين تجلس في سيارة الأجرة و هو تبكي تارة و تبتسم تاره مما جعل السائق يستغرب لأمرها حتي وصلت إلي المشفي فأسرعت الي الداخل حتي لم تهتم لنداء السائق الذي أراد أن يعيد إليها المتبقي من النقود التي أعطتها له و عندما دخلت الي الرواق حتي لمحت الطبيب يسير في اتجاه غرفته فقامت بالاسراع إليه و عندما اقتربت منه قامت بالنداء عليه .

لين و هي تحاول التقاط أنفاسها : يا دكتور . . . . . يا دكتور .

الطبيب باستغراب و هو يلتفت الي الخلف ليري من الذي يناديه و لكنه ابتسم عندما وجدها لين : أهلاً يا لين انت عاملة ايه حمد لله علي سلامة والدك .

لين و قد اتسعت ابتسامتها : الله يسلمك يا دكتور هو . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لم تكمل جملتها بسبب صوت قاسم الذي قاطعها فنظرت إليه باستغراب فهي لا تصدق أنه وصل بهذا السرعه .

قاسم بسعاده و لهفه : اوي حضرتك يا دكتور ها ايه اخبار دكتور رؤوف .

الطبيب بعمليه : الحمد لله هو فاق من ساعتين تقريباً و بعد شويه هنعمله الفحوصات اللازمه عشان نطمن عليه .

لين بلهفه و شوق فقد اشتاقت كثيراً لصوت والدها و نظرته الدافئه : معلش يا دكتور هو أنا أقدر أشوفه دلوقتي .

التفت الطبيب إلي لين التي كانت تنظر إليه بفضول فقال لها بابتسامه : أيوة طبعاً اتفضلي .

و ما أن هم قاسم باللحاق بها حتي قام الطبيب بالنداء عليه .

قاسم باستغراب و هو يسير باتجاه الطبيب : خير يا دكتور في حاجه و لا ايه .
الطبيب و هو يهز رأسه بأسف : الدكتور رؤوف فاق الحمد لله من الغيبوبه بس حالته لسه زي ما هي هو أول ما جه كان في إصابات خطيره كانت محتاجه لتدخل جراحي بس عشان الغيبوبه و كمان السن و خطرة الخاله مقدرناش نعمل كده بس دلوقتي احنا بنتمني أن جسمه يقدر يقاوم و لو أن ده صعب لان الدكتور رؤوف مريض قلب أنا قلت لازم اصارحك بحالته و علي فكرة هو عارف الكلام الي انا بقوله لك دلوقتي .

قاسم بصدمه و هو يتهاوي علي الكرسي خلفه : ايه الي انت بتقوله ده يا دكتور و بعدين انت ازاي تقوله حاجه زي دي انت اكيد عارف ان كلامك ده هيكون ليه تأثير كبير علي حالته النفسيه .

الطبيب : أنا أسف يا أستاذ قاسم بس غصب عني و الله دي أول حاجه عملها اول اما فاق بعد ما سأل عن بنته و الست الي كانت معاهم و بعدين سألني عن حالته و تحت إصراره اضطربت اني أقوله و بعدها طلب اننا نتصل ب بنته و بعدين نتصل بيك بس الانسه لين قالت أن هي هتبلغك و ربنا يعمل الي فيه الخير بعد إذنك .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي