الفصل الخامس

أزمنة الحب المتصاعدة ١٥
لمريم عبدالرحمن
****
في ظل الطرقات بعض العواطف تجتاح علينا بالحب ونحن ليس لنا به طاقه، او خصوصاً بعد ان يتركنا اناسًا احبتنا نبحث عن نصف اخر يحبنا كي نكمل فراغنا بأي شكل، بعدها يكون الاختيار الصواب او الخاطئ وهذا ما يقرره طريقك الغريب الذي لا يوحي اليك ابدًا بالخير، نعلم كم نحن بحاجه لبعضنا البعض، كالخريف نحنُ نتساقط عن الاشجار في مواسم محدده، مواسم الانهيار، يكون كل ما حولنا ما هو الا بعوامل تساعدنا عالسقوط رغم تشبثنا بجذور شجرتنا، و اينما نسقط نذرع بذورنا من جديد ولتكن اقوى.
***
بعد ان انتهى الكلام مع سُكينه خرجوا من المكان لتنظر لها سكينه بمرح:
-تعالي باتي عنا، هاد بيته لعيلتك.
-لا لا انا هبات في بيت تاني.
-شو! بيت مين؟
-بيت… مهاب عز الدين.
كشرت سكينه عن انيابها لتؤردف بغيظ:
-ما لقيتي غير بيت هدول المجانين يا ليلى شو عم بتعملي بعقلك، دول قتللين قتله من كثرة جنانهم، ما ظل من العيله سوا مهاب و شقيقته وفاء.
صُدمت لتوها، فهي رأت افراد الاسرة اجمعها مجتمعين بل شعرت بأنفاسهم وضحكاتهم وحيويتهم:
-ازاي يا سُكينه دول اول ناس زرتهم والعيله كانت كبيرة اوي مش بس وفاء و مهاب اخوها.
-با الله عم بقولك بيت مجانين وكمان شوفتي فيه ارواح؟ مهاب مجنون قتل اخواته وأمه سوري يعني طالع لعيلتها لامك بينتحروا وبيقتلوا.
صمتت قليلًا بضيق، ايمكن ان تكون والدتها جنّت بالوراثه وانتحرت! او شعرت ربما بأنها ستقتل زوجها او ابنتها فقتلت نفسها! يمكن ان تكون تلك اجابه مفيده، والاجابه التي كانت تكثر خوفًا وهي موافقتها بالمبيت في قصر عطوة، لطالما دلفته مره أخرى وشعرت بهدوءه من اثر ظلامه، لتبتسم الى سُكينه بمكر وهي تقول:
-الناس بتخاف منكم عشان انتوا بتخافوا من نفسكم.
ذهبت وهي تفتح الستائر بأجمعها في البيت لينزل ماجد بغضب وهو يقول:
-بتعملي ايه يا مجنونة انتي؟
نظرت له بغرور وهي منتصبة الحاجبين:
-انا مش مجنونة، انا ضيفه.
اردفت سُكينه ضاحكه:
-مو ضيفه يا ليلى انتي من اهل البيت.
-والله خايفه في الاخر اكون بكلم نفسي وانتوا كمان مقتولين.
ضحكت سُكينه مره أخرى وهي تقول:
-شوف شوف يا ماجد، راحت لبيت مهاب عز الدين وقابلته مع اخته، والمصيبه شافت عيلته كلها.
ابتسم ابتسامة طفيفه مجبور زهو يلتفت بوجهه، ليتشدق بهدوء:
-عالله تتجنن هي كمان معاهم.
اقتربت ليلى وهي تجلس على المقعد لتستفهم بسؤال ما:
-ليه انت بتتكلم مصري واختك لبناني.
-عشان انا من ام وهي من ام تانيه، انا اتولدت في مصر وهي وراغب اتولدوا هنا، انا اتعودت على اللهجه المصريه وهماهنا اتعودوا على اللهجه اللبنانيه، بس فالاول والاخر بنعتبر كلنا نفسنا مصريين.
بعد ان جلبت مشروب الليمون مره اخرى ابتسمت لها ليلى وهي تستعجب وتحدث ذاتها، كيف هي رأت منزل مهاب حيوي من الخارج و من الداخل وتوقعت سكنه، اما عن ذلك المنزل المظلم رأت فيه كرم وحب من نوع اخر، في بعض الاحيان يجعل الله لنا الظلمات لإنه يثق في قدرتنا بأن نبعث النور به من جديد، ابتسمت وهي تأخذ الليمون من يدها مستعجبه:
-ملاحظه حبكم اوي لليمون.
اجابها ماجد بحنقه:
-بيهدي الاعصاب بدل حرقة الدم اللي قاعدة في وشي على طول دي.
ضحكت سُكينه وهي تقول:
-انا اختك يا ماجد من حقي اغلبك.
-المهم.. انا طلبت اكل من برا المدينه وهيجيلنا.
قالها بهدوء وهو ينفث سيجارته بهدوء، ثم اكمل بغضب:
-والستاير تتقفل.
تقدمت ليلى بالحديث مبتسمه:
-ارجوك يا ماجد سيبها مفتوحه، دخل للبيت هوا نقي ونور ربنا والخير و البركه، بلاش اليأس اللي عايش فيه ده!
نهض من مقعده وهو يرمقها بغضب شديد كمثل نبراته الذي قالها :
-وانتي مالك باليأس! وا انتي ايه عرفك عن اليأس واللي عشناه وانتي في بؤك معلقه دهب؟ متدخليش في اللي ملكيش فيه انتي فاهمه؟
صعد الادراج وهي سُكينه تتأفف من غضبه ثم قالت:
-ليلى انا بتأسف ليكي كتير، اتعودي على ماجد بالشكل هاد، هو فعلا فاتله كتير بسبب موضوع القلادة.
تنهدت بهدوء وهي تؤردف:
-لا عادي، كده كده مش هقعد كتير.
ابتسمت سُسكينه بضيق وهي تتأفف:
-بدي اقول ارجع معك على لبنان نفسها، بس ما بقدر اسيبه لماجد، رغم عنفويته معي الا انه اخي وبحبه كتير وما بقدر اسيبه، وهو مصمم انه يعيش ببيت عيلتنا.
ثم اكملت بضيق:
-بعرف انك هون لسبب وبتمشي، بس على ما بتقدري، اي وقت بيكون هالبيت مفتوح الك.
ابتسمت ليلى وهي تجاوبها بحب:
-كفايه كرمك معايا يا سُكينه.
****
في صباح اليوم التالي، خرجت ليلى في صباحها قبل ان يصحو احد واخذت من سيارتها بعض الملابس التي كانت تضعها كلن ببالها انها ستُبيت ان امكن في سيارتها، حين هي تغلق سيارتها رأت من على بُعد مترات قليله مهاب الذي ينظر لها بخبث لم تراه من قبل، حاولت ان تستجمع قواها رغم شعورها بالخوف وهو يقترب ناحيتها بهدوء قائلا:
-كنا مستنينك بليل كلنا عالعشا.
-بس انا مقولتش اني جايه ابات عندكم انت عرضت عليا عرض مراكبيه زي ما بيقولوا.
اجابها اجابه مقتضضبه وليست في محلها:
-انا شايف ان انتي مخدتيش بنصيحتي وتحذيري ليكي.
-انا معرفكش عشان اخد بنصيحتك، ماما علمتني ماخدش بنصايح الغريب.
-وقالتلك تباتي عند اهل ملهمش ثقه؟
قالها وهو يستهزأ منها حتى اكمل:
-عموما انا مليش دعوة، وبردو بيتي مفتوح ليكي في اي وقت بدل السحره والدجالين دول.
لم تجيبه بل اكتفت بالنظر بعيدًا لتوحي له بالذهاب، وقد هم بالفعل ودلفت هي لقصر عطوة تتمتم بكلمات غير مفهومه ولكن بالتأكيد هي مسيئه، هل تجلس مع سحره ومشعوذين ام مع ارواح وقتله متسلسلين!!! قابلت في حديقة المنزل ماجد الذي ينظر لها بحنقه قد اعتاد ان ينظر لها بتلك الطريقه منذ ان دلفت من المنزل، لماذا ججميع الرجال يكرهونها؟ فلو كانت معها القلادة الان لعشقها الجميع! ابتسمت فقط من الجل السخريه التي جاءت ببالها ولكن هو ابتسم لها على ابتسامتها ليعتقد بأن تلك الابتسامه هي له، ثم اقترب لها قائلا:
-البجح مهاب جاي لحد بيتنا، والله لو كان قتلك كنت اشفقت عليه.
-اشمعنا؟
قالتها بتعجب من حديثه حتى اردف هو بسخريه:
-كان هيشوغ روحك على طول في البيت وانا اساسا مش طايق وجودك يوم.
صرخت في وجهه قائله:
-تصدق انت والله واحد معندكش دم.
وقبل ان تدخل وتتركه مسك معصمها قائلا بضحك:
-اي مبتعرفيش تهزري؟
هدأت من روعتها ليكمل هو:
-تمام، تعالي نحاول نتكلم سوا في الجنينه وكده كده سكينه هتصحى وتعمل الفطار.
-هنتكلم في ايه!
-حاجه هتهمك اوي يا ليلى بس يارب تفيدك.
تقدموا سويًا الى الحديقه وجلسوا بعد ان نفث سيجارته مره اخرى وتتنهد هي من كثرة الدخان الذي اعماها وايضًل كتم انفاسها، ثم قال بجديه:
-انا عارف قانون ديموزيد مع مين، بس اوعديني اننا هنساعد بعض وبلاش تهور وهناخدها منه بهدوء.
يتبع….
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي