أزمنة الحب المتصاعدة٢

mariemabdo`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-15ضع على الرف
  • 22K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

ازمنة الحب المتصاعدة ١١
لمريم عبدالرحمن
***
في ظل تلك الحقبات التي امتلكتها الآدميين والتي طحتُ بك الى هنا ايها القارئ فقد تشعر بالملل وربما التوتر بين الاشخاص واختلافاتها واجيالها، وهنا اطمئن لك بإني قد استقريت على زمن معين اطرح به ما جئتُ به من رسالة لنخوض سويًا تلك المعركه الصغيرة.. اعلم كم انت جاهل لديموزيد لكن اعد لك بإنها اخر رحلة ولكنها الاطول، والامتع، والاهم هي بنهاية مغلقه تامه لتستمتع انت بالحياة ويستمتعون هم بالواقع دونًا عن السنوات التي اهلكتهم معها، نرى الواقع بأزهارٍ تطوف من حولنا لتذوب بعد ان تسقط الامطار مع غضب البرق، تهدأ النفوس لكن الدنيا تفيض.
*****
في صباح يومٍ جديد تخرج من نافذتها لتستقبل النهار على إنه مُظلم، قد أُظلم من بعد وفاة والدتها، اصبحت عيناها مكحلتان بالهالات من اسفلها وشعرها على الوسادة متساقط من قلة الفيتامينات لعدم شعورها بالجوع عادةً، لتستقبل نبرتها المرتعشتان بعد ان اجابت على هاتفها:
-الو!
-ليلى انتي منيحه؟
-اه يا ريمو يا حبيبتي كويسه، بتكلميني عشان حاجه مهمه؟
-لا بتطمن عليكي، جيتي عبالي من شوي، وحبيت اقولك ان كل شي صار منيح بالشركه والعمال خلصوا ترميم وصارت احلى من اللاول.
ابتسمت بخفه لتخفي بها تجاعيد وجهها الحزينة ، ثم قالت بهدوء:
-كويس، وانا هاجي مع بابا من بكره الشركه وهنبدأ شغل.
-مستنياكي.
اغلقت الهاتف ثم عاودت بإرتداء تنورة سوداء كجميع ملابسها، واخفت هالاتها وتجاعيدها المكتئبه بأدوات التجميل خاصتها، لم ترتدي الكعب كعادتها بل اكتفت بحذاء بسيط، وقبل ان تفتح باب المنزل توقفت ب نداء من والدها لتنظر له بإبتسامه خفيفه وهي تقول بنبرة مشرقه:
-بابا صباح الخير!
-صباح النور، رايحه فين.
-الشركه، ريمو قالتلي ان هي اترممت.
هز رأسه ايجابًا بعد انا اقترب لها قائلا:
-عارف وحاسس انتي حاسه ب ايه يا ليلى، وعارف كويس انك مكسورة من غير ام.
نظرت الى الارض بإحراج وحزن وقبل ان تجيبه اكمل هو:
-بس انتي عارفه اني معاكي يا ليلى انا عيلتك، ومامتك هتفضل معانا طول الوقت.
-عارفه.
مسس على خديها بحب لينظر لها نظرة اخيرة قائلا:
-روحي للشغل وانا من بكرة هبدأ اروح تاني ونشتغل ونلملم حياتنا.
-عارف ان ماما مش هتحب وجود فشلنا و زعلنا، مع ان هي لو كانت فعلا هاممها احنا مكنتش انتحرت.
نصب حاجبيه ليلتمس في نبرته الغضب:
-مكنتش متوقع منك تلومي امك يا ليلى.
-وملومهاش ايه؟
قالتها وهي تستدير للباب لكنه امسك بمعصمها غاضبا:
-ليلى، انا كمان مكنتش متوقع زينب تعمل كده، زينب كان طول عمرها لحد قبل وفاتها بأيام مقتنعه ان احنا عيله ولازم نفضل سوا.
نظرت له بعيونها الدامعتين وبنبرتها المنكسره اجابته:
-اومال ليه عملت كده! ليه غضبت ربنا وزعلتنا منها وسابتنا؟
-انا كمان مش لاقي تفسير، بس اللي اعرفه ان زينب..عمرها ما كانت تعمل كده.
****
تركت المنزل بعد تلك الجمله وقد اقنعها حديث والدها تماما عن ما مر من ايام، دخلت العمل حتى اُدهشت من ما رأت، شركة حديثه تماما عن خاصتهم، ابتسمت بتلقائيه حتى انها شعرت بالسعادة لاول مره منذ ايام عديدة، قابلت من امامها العمال و هم يهنئون برجوع العمل ورجوعها ولم يذكروا اية تعزيه عن والدتها يكفي الواجب الذي فعلوه، تتذكر كل وجهٍ منهم وهم بجانبها ويملؤون عزاء والدتها، الان هم فقط يهنئون لا يذكرون حزن مضى، مجرد ان جلست على مكتبها تتالت الاعمال والاتصالات والشركات ام تتخلى عنهم ابدًا بل اتصلوا بها يهنئون، حتى دلفت اليها صديقتها بإبتسامه:
-ليلى عابد، نورتي مكانك يا احلى بنت بهالدنيا.
ضحكت ليلى لتجيبها بشغف:
-مش مصدقه اللي بيحصل، ده الشغل كتر، انا افتكرت ان احنا مش هنشتغل زي الاول، دول بقوا جنبنا واتشهرنا اكتر.
-عشان تعرفي، ان الدنيا ما بتخذلنا، بس خلي عندك ولو ذرة امل بالحياة.
-عندك حق، انا هكمل بحياتي اكيد ماما هتزعل اما تشوفني بالحال ده.
-ابله زينب ما كانت بتقبل ابدًا برؤيتك هيك.
-عارفه عارفه، عشان كده مش هخذلها هي كمان.
قطعت حدبثهم تلك الرنه من هاتفها الخاص من رقم غريب، ليبتسموا اثنتيهم ثم قالت صديقتها:
-اكيد عمل جديد او تهنئه، جيبي حالا.
-الو!
بعد ان اجابت بدقيقتان فرعت عيناها بصدمه ثم اغلقت الهاتف بصدمه، لتقول صديقتها:
-ليلى! شو فيه؟
-عم جابر حارس الترب لقى قبر ماما مفتوح.
***
جلست امام الترب تبكي بحرقه ووالدها يُربت على كتفيها بحسرة لينظر لهم جابر صاحب الترب بضيق ثم قال:
-انا اسف استاذ عابد، ما بعرف امتا حصل، ولا شو عم بيصير، بتأسف.
-انا عارف ان انت حارس الترب، وعارف في نفس الوقت ده مش بإيدك.
لتقترب هي وتدخل القبر وهي تبكي، لم تستمع لمناداة والدها:
-ليلى انتي رايحه فين.
صُدمت بعد أن ادركت اختفاء القلاده من فوق والدتها بعد ان نزل والدها من خلفها وادرك ذلك الخطأ ايضا ونظرت له بضيق:
-جبنا لأمي المشاكل بسبب سلسله ملهاش اي لازمه، اللي فتح المقبرة فتحها عشان ياخد السلسله يا بابا.
هز رأسه بضيق وهو يحتضنها بقوة ليهمس بضيق:
-خلاص، بعدت عننا سيبيها.
-لااا يا بابا مش هسيبها.
قالتها بصراخ وهي تبكي لتبتعد عنه قائله:
-دي كانت بتاعة ماما وامنتني عليها وانا هلاقيها يعني هلاقيها، وعارفه كويس مين اخدها.
خرجت بغضب ليذهب من خلفها ويمسكها معصمها قائلا:
-انتي اتجننتي يا ليلى، ما قولنا خلاص سيبيها تبعد عننا، بلاش النُبل ده في سبيل طيبتك.
هزت رأسها بعند لتقول:
-مش ههدا، مبقاش عندي اي حاجه ابقالها.
امسك بخديها وهو يبتسم ليقول:
-وانا معنديش غيرك ارجوكي يا ليلى.
هربت ب بؤبؤتيها بعيدًا عنه حرجًا من حدبثه ليكمل هو قائلا:
-ولا مش بتعتبريني حاجه مهمه في حياتك يا ليلى!!!
-بابا انا… اما اسفه بس بجد انا منهارة، مين يجرؤ يفتح مقبرة ماما عشان ياخد سلسله.
ثم اكملت بضيق:
-بابا، سيبني اجرب تجربه بسيطه، متأكده انها هتنجح و اوعدك لو منجحتش هنسحب.
-روحي لمحمد عطوة.
ترك معصمها لتذهب رويدًا و يظل هو مع حارس المقابر ليجدد المقفل ويشدده كي لا يحدث اية اختراقات اخرى، ويجلس من امام مقبرتها مدمع العينين مؤردفا بهمس:
-اسف يا زينب.
******
ابتسم بعد ان رأها هي من امام باب المنزل ليبتسم قائلا بحماس:
-ليلى!!! مكنتش متوقع زيارتك.
نظرت له بنظرة باردة لتبتسم ببرود:
-حسن مش جايه لسواد عيونك….عاوزة اتكلم مع ابوك.
دلفت وهي تلقي على المنزل نظرات بسيطه وليست مبذله، لتستقبل ذلك الرجل القعيد التي يبتسم لها وهو يقول:
-شبه زينب اوي… كل ما اشوفك افتكرها.
-عم محمد، حد فتح قبر ماما و خد السلسله.
صُدم من ما قالتله توًا لتدمع عيناه وينظر لحسن غاضبًا ليتوتر ثم يقول:
-بابا اياك تفكر فيا كده والله مش انا، صدقني.
-حد من ولاد اعمامك يعرف االمموضوع ده؟
صمت بضيق ليجيبه:
-اه قولت لماجد.

يتبع…
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي