الفصل السادس
ازمنة الحب المتصاعدة ١٦
لمريم عبدالرحمن
***
الطريق الذي ليس له نهاية فهو حتمًا الطريق الخاطئ، وليس ما يجب علينا ان نسير فيه، هذا هو ما تشعر به الان، ليضيق الزمن عليها وكأن شعرها يحترق شيبًا وتريد ان تعود لصباها ولكنها محتجزه في حقبة لا تعلم عنها شيئًا، تحاول ان تجمّع المعلومات عن حدائقها المنيرة ولكنها لا تلتقِ سوى ببعض الجراد، هل الان الضوء ظاهر ولا تعلم مصدره او اتجاهه!! يا ليتها من املٍ مُخيب، يأتيك الضوء والامل والحب وتهتز خوفً بأن يكون مصدره هو مخاوفك، كم مره اتاك مصدر السعادة من مخاوفك! تلك المره التي انبهرت أن المستحيل قد حدث هو مخاوفك الذي نجحت، ولا تتسائل كيف للمستحيل ان ينجح سوى ان تمضي قدمًا للسعي وراء مخاوفك، اذا كنت تريد النجاح.. اسعى وراء مخاوفك.
جلست و هي تتأفف على هدوءه وثباته مع كل نفس ينفثه من سيجارته، كم اودت لو انها هي تلك السيجارة الذي تحترق ليكون لها ارحم من ذلك البرود الذي تتظاهر به، لتحدق به قائله بغضب:
-ماجد!! جايبني اتفرج عليك ولا ايه؟ ولا بتزلني عشان تقولي مين معاه ديموزيد!
ضحك و هو يطفئ سيجارته في ارضية الحديقه ولم يمنعها غضبها من الحديث قائلة:
-انت اللي مبوظ الجنينه بإهمالك.
-انتي بتتعاملي على انه بيتك بجد ولا ايه؟
قالها ببرود لكن اجابتها كانت اشد قسوة:
-لا انا بتعامل على اساس ان اللي قدامي بني ادم.
يا لها من اجابه جعلته يفقد بروده ليثور من جديد كما فعل البارحه :
-بت لسانك ميطولش.
-وانت مترفعش صوتك عليا وتعاملني بإحترام.
قالتها وهي توجه سبابتها في وجهه بغرورها الذي يجتاحه في نبراتها ونظرتها الثاقبه، جعلته يعرف أن من أمامه طفح بها الكيل لتكون ضعيفه حتى ولو كان الموت مصيرها الاكيد والمحسوم في امر تطلب ضعفها.. توجهت واعتدلت في جلستها وهي مازالت ترمقه تلك النظرة الحاده و الغريبة ليتنهد قائلًا:
-السلسله مع محمد عطوة.
هلعت وهي تنهض من مجلسها ليصيبها الجنون وفجأه وتتهمه بالكذب:
-لا مستحيل انت بتنيمني وخلاص، ده كان بيحب ماما واستحاله يرضى لينا الاذى، ثم انه اول واحد روحتله.
ضحكاته اثارت جنونها اكثر، حملت في طياتها تلك الضحكه نظره تسخر منها وهو يميل برأسه نحوها قائلًا بما يحمل من سخريه:
-ياااه يا ليلى، مش كل من قال إنه حَب يبقى مُخلص.
ثم اكمل بجديه:
-الفكره كلها هو ان البني ادم المستفز ده، بيلعب بينا كلنا حتى بعيلته، هو بس عاوز سلطه.
-بس ده راجل قعيد، وكبير في السن هيدور على السلطه ازاي! مفيش منطق بيقول كده.
قالتها بضيق حتى هو قد قال بضيق مع نبرتها:
-يا ليلى هو عاوز السلسله دي عاشان يعيش فترة اكبر ويقدر يمشي من تاني، لانها كانت سبب في انه قعيد وكمان ممكن يعمل بيها اعمال شيطانيه مش هتتخيليها في حياتك، ده ممكن يرجع بيها لشبابه.
وضعت كفها على رأسها وكأن العالم هو من اصاب بالجنون و ليس هي، شعرت بالدوار كمثل الذي يحاوطه اسلحه لا يعلم ايهما يصدّ اولًا، فلولا الصبر لكانت هي الان تشيط شيبًا بحق وحقيقي، ليشعر هو بما يحدث بداخلها وأنها على وشك السقوط ليمسك بمعصمها ثم خُسرها بعد ان فقدت توازنها تمامًا.
لم تُفيق الا عندما سُكينه اطعمتها بعض الماء المُسكّر لتنظر لهم بحاجبيها المنضمين على بعضهم، وتذكرت ما قد حدث تمامًا لتعتدل عن فراشها وتنهض جالسه عليه وتارة نقع عينها على ماجد الذي ينظر لها بغموض وتارة تقع عينها على سكينه التي تنظر لها بشفقه على حالها وهلعها، واخيرا نطقت حروفها برعشه اثر تعبها قائله:
-انا بنسحب.
-شو قصدك بالانسحاب؟
قالتها سُكينه بترقب لتعيد ليلى النظر لها قائله:
-بنسحب يا سكينه من اللي انا فيه، انا غلطت اني مشيت ورا حاجه مش قدها، حرفيًا تعبت من كتير الحاجات الخياليه والمستحيله اللي بتحصل حواليا.
امتلأت عيونها بالدموع لتكمل حديثها بكسره:
-انا كنت عارفه اني مش هعرف اكمل في طريق فارغ زي ده.
لم يجيبها ماجد استقر على نظراته حتى قالت لها سُكينه:
-تمام انتي بس ريحي شوي وبعملك اكل ما بتشوفي متله بحياتك.
امسكت معصمها قبل ان تنهض لتقول لها:
-لا انا همشي.
غضبت سُكينه قليلا لتؤردف :
-يا الله ما ينفع هلأ انتي صايره تعبانه، ممكن تمشي لبكره الصبح.
-صدقيني انا هيريحني اني امشي.
***
بعد بضع دقائق كانت تلملم اغراضها في سيارتها ليقترب منها ماجد مبتسماً:
-لو عوزتيني انا موجود، صدقيني ميغركيش تعاملي الغربب معاكي.
ابتسمت بثقل يدل على شغفها الذي قطع وصاله و اظلمت دنياه عن اخر امل تبقى له، هزت رأسها بإيجابية حتى اخذت بطريقها وهو يرمقها بابتسامه طفيفه ليودعها بها، لم يستطيع شرح المتبقي لها من حديث، يريد شخص واحد لا يرى تلك العائلة بشكل سئ، وبعد ان دلف غرفته اخيرًا ارتمى بين احضان فراشه وهو يلهو بتفكيره الى اين طريق تلك الوسيمه، هل الرياح ستحدد دربها ام هي تعلم اين ستصيب؟ حتى وأن علمت كيف ستصيب فالضعيف طيف له ان يصيب السهام؟ أنه لشئ مُخذي و مُخيف بمعرفة وجهتك ولا تعرف كيف ستصيب بضعفك!
وصلت هي امام منزلها ودلفت اليه لتجد والدها مبتسم لها بحب واخذها بين احضانه لوقتٍ طويل ولم يفتح فمه بكلمةٍ قط مما اثار فضولها من صمته، عادة والدها هو ان لا يكف عن تساؤلاته لها وكأنه ببند تحقيق، لتعتدل وتنظر له بابتسامه ضيقه:
-مسألتنيش ليه؟
-اسألك على ايه؟
-على اللي عملته.
قالتها وهي تُحرك كتفيها بتعجب ليتنهد وهو يهرب بنظراته بعيدًا كي يقول اجابته:
-مش حابب اضغط عليكي، المهم عندي انك قدامي كويسه.
ضحكت قليلا لتجيبه بشغف:
-بابا !!! انت كويس ولا ايه ده انت عمرك ما طنت متساهل كده.
ثم اكملت بابتسامه:
-عمومًا هحكيلك كل حاجه حصلت معايا.
ابتسم عنوةً واخمد ناره من الداخل لأن هذا هو ما اراده تمامًا، يُشعرها بالراحه التامه ليأخذ من فمها الموضوع و اصله، لتبدأ بالسرد عليه كل ما حدث من خرافات داخله واقع، وكأن ما حدث ليس بواقع ابدًا، هو خرافات ممزوجه بواقعٍ طفيف، ثم اكملت بضيق قد امتزج بخوف:
-انا اسفه اني انسحبت، بس بجد انا مش قادرة اعيش برا الواقع، احيانا البني ادم مبيقدرش يكمل.
اربت على كتفيها بإهتمام وهو يحاول ان يكون في حنان والدتها ولو أنه يعرف إن لم يكن في حنان مثل حنان زينب زوجته عليهما هما الاثنين، لكن يجب ان يداوي بعضهما البعض، ليجيبها باهتمام:
-وانا مش هلومك، انتي عارفه اني اكتر واحد مبسوط على انسحابك عشان مش ناقص خسارة يا ليلى.
ارتعشت بعد ان أخذت من الوقت لتجيبه بعينين باكيتين:
-انا حتى بقيت بخاف من نفسي.
-ضروري تخافي من نفسك بعد كل اللي مريتي بيه، بس الشطارة في انك تعدي المرحلة دي، وانا معاكي وهساعدك.
يتبع…
لمريم عبدالرحمن
***
الطريق الذي ليس له نهاية فهو حتمًا الطريق الخاطئ، وليس ما يجب علينا ان نسير فيه، هذا هو ما تشعر به الان، ليضيق الزمن عليها وكأن شعرها يحترق شيبًا وتريد ان تعود لصباها ولكنها محتجزه في حقبة لا تعلم عنها شيئًا، تحاول ان تجمّع المعلومات عن حدائقها المنيرة ولكنها لا تلتقِ سوى ببعض الجراد، هل الان الضوء ظاهر ولا تعلم مصدره او اتجاهه!! يا ليتها من املٍ مُخيب، يأتيك الضوء والامل والحب وتهتز خوفً بأن يكون مصدره هو مخاوفك، كم مره اتاك مصدر السعادة من مخاوفك! تلك المره التي انبهرت أن المستحيل قد حدث هو مخاوفك الذي نجحت، ولا تتسائل كيف للمستحيل ان ينجح سوى ان تمضي قدمًا للسعي وراء مخاوفك، اذا كنت تريد النجاح.. اسعى وراء مخاوفك.
جلست و هي تتأفف على هدوءه وثباته مع كل نفس ينفثه من سيجارته، كم اودت لو انها هي تلك السيجارة الذي تحترق ليكون لها ارحم من ذلك البرود الذي تتظاهر به، لتحدق به قائله بغضب:
-ماجد!! جايبني اتفرج عليك ولا ايه؟ ولا بتزلني عشان تقولي مين معاه ديموزيد!
ضحك و هو يطفئ سيجارته في ارضية الحديقه ولم يمنعها غضبها من الحديث قائلة:
-انت اللي مبوظ الجنينه بإهمالك.
-انتي بتتعاملي على انه بيتك بجد ولا ايه؟
قالها ببرود لكن اجابتها كانت اشد قسوة:
-لا انا بتعامل على اساس ان اللي قدامي بني ادم.
يا لها من اجابه جعلته يفقد بروده ليثور من جديد كما فعل البارحه :
-بت لسانك ميطولش.
-وانت مترفعش صوتك عليا وتعاملني بإحترام.
قالتها وهي توجه سبابتها في وجهه بغرورها الذي يجتاحه في نبراتها ونظرتها الثاقبه، جعلته يعرف أن من أمامه طفح بها الكيل لتكون ضعيفه حتى ولو كان الموت مصيرها الاكيد والمحسوم في امر تطلب ضعفها.. توجهت واعتدلت في جلستها وهي مازالت ترمقه تلك النظرة الحاده و الغريبة ليتنهد قائلًا:
-السلسله مع محمد عطوة.
هلعت وهي تنهض من مجلسها ليصيبها الجنون وفجأه وتتهمه بالكذب:
-لا مستحيل انت بتنيمني وخلاص، ده كان بيحب ماما واستحاله يرضى لينا الاذى، ثم انه اول واحد روحتله.
ضحكاته اثارت جنونها اكثر، حملت في طياتها تلك الضحكه نظره تسخر منها وهو يميل برأسه نحوها قائلًا بما يحمل من سخريه:
-ياااه يا ليلى، مش كل من قال إنه حَب يبقى مُخلص.
ثم اكمل بجديه:
-الفكره كلها هو ان البني ادم المستفز ده، بيلعب بينا كلنا حتى بعيلته، هو بس عاوز سلطه.
-بس ده راجل قعيد، وكبير في السن هيدور على السلطه ازاي! مفيش منطق بيقول كده.
قالتها بضيق حتى هو قد قال بضيق مع نبرتها:
-يا ليلى هو عاوز السلسله دي عاشان يعيش فترة اكبر ويقدر يمشي من تاني، لانها كانت سبب في انه قعيد وكمان ممكن يعمل بيها اعمال شيطانيه مش هتتخيليها في حياتك، ده ممكن يرجع بيها لشبابه.
وضعت كفها على رأسها وكأن العالم هو من اصاب بالجنون و ليس هي، شعرت بالدوار كمثل الذي يحاوطه اسلحه لا يعلم ايهما يصدّ اولًا، فلولا الصبر لكانت هي الان تشيط شيبًا بحق وحقيقي، ليشعر هو بما يحدث بداخلها وأنها على وشك السقوط ليمسك بمعصمها ثم خُسرها بعد ان فقدت توازنها تمامًا.
لم تُفيق الا عندما سُكينه اطعمتها بعض الماء المُسكّر لتنظر لهم بحاجبيها المنضمين على بعضهم، وتذكرت ما قد حدث تمامًا لتعتدل عن فراشها وتنهض جالسه عليه وتارة نقع عينها على ماجد الذي ينظر لها بغموض وتارة تقع عينها على سكينه التي تنظر لها بشفقه على حالها وهلعها، واخيرا نطقت حروفها برعشه اثر تعبها قائله:
-انا بنسحب.
-شو قصدك بالانسحاب؟
قالتها سُكينه بترقب لتعيد ليلى النظر لها قائله:
-بنسحب يا سكينه من اللي انا فيه، انا غلطت اني مشيت ورا حاجه مش قدها، حرفيًا تعبت من كتير الحاجات الخياليه والمستحيله اللي بتحصل حواليا.
امتلأت عيونها بالدموع لتكمل حديثها بكسره:
-انا كنت عارفه اني مش هعرف اكمل في طريق فارغ زي ده.
لم يجيبها ماجد استقر على نظراته حتى قالت لها سُكينه:
-تمام انتي بس ريحي شوي وبعملك اكل ما بتشوفي متله بحياتك.
امسكت معصمها قبل ان تنهض لتقول لها:
-لا انا همشي.
غضبت سُكينه قليلا لتؤردف :
-يا الله ما ينفع هلأ انتي صايره تعبانه، ممكن تمشي لبكره الصبح.
-صدقيني انا هيريحني اني امشي.
***
بعد بضع دقائق كانت تلملم اغراضها في سيارتها ليقترب منها ماجد مبتسماً:
-لو عوزتيني انا موجود، صدقيني ميغركيش تعاملي الغربب معاكي.
ابتسمت بثقل يدل على شغفها الذي قطع وصاله و اظلمت دنياه عن اخر امل تبقى له، هزت رأسها بإيجابية حتى اخذت بطريقها وهو يرمقها بابتسامه طفيفه ليودعها بها، لم يستطيع شرح المتبقي لها من حديث، يريد شخص واحد لا يرى تلك العائلة بشكل سئ، وبعد ان دلف غرفته اخيرًا ارتمى بين احضان فراشه وهو يلهو بتفكيره الى اين طريق تلك الوسيمه، هل الرياح ستحدد دربها ام هي تعلم اين ستصيب؟ حتى وأن علمت كيف ستصيب فالضعيف طيف له ان يصيب السهام؟ أنه لشئ مُخذي و مُخيف بمعرفة وجهتك ولا تعرف كيف ستصيب بضعفك!
وصلت هي امام منزلها ودلفت اليه لتجد والدها مبتسم لها بحب واخذها بين احضانه لوقتٍ طويل ولم يفتح فمه بكلمةٍ قط مما اثار فضولها من صمته، عادة والدها هو ان لا يكف عن تساؤلاته لها وكأنه ببند تحقيق، لتعتدل وتنظر له بابتسامه ضيقه:
-مسألتنيش ليه؟
-اسألك على ايه؟
-على اللي عملته.
قالتها وهي تُحرك كتفيها بتعجب ليتنهد وهو يهرب بنظراته بعيدًا كي يقول اجابته:
-مش حابب اضغط عليكي، المهم عندي انك قدامي كويسه.
ضحكت قليلا لتجيبه بشغف:
-بابا !!! انت كويس ولا ايه ده انت عمرك ما طنت متساهل كده.
ثم اكملت بابتسامه:
-عمومًا هحكيلك كل حاجه حصلت معايا.
ابتسم عنوةً واخمد ناره من الداخل لأن هذا هو ما اراده تمامًا، يُشعرها بالراحه التامه ليأخذ من فمها الموضوع و اصله، لتبدأ بالسرد عليه كل ما حدث من خرافات داخله واقع، وكأن ما حدث ليس بواقع ابدًا، هو خرافات ممزوجه بواقعٍ طفيف، ثم اكملت بضيق قد امتزج بخوف:
-انا اسفه اني انسحبت، بس بجد انا مش قادرة اعيش برا الواقع، احيانا البني ادم مبيقدرش يكمل.
اربت على كتفيها بإهتمام وهو يحاول ان يكون في حنان والدتها ولو أنه يعرف إن لم يكن في حنان مثل حنان زينب زوجته عليهما هما الاثنين، لكن يجب ان يداوي بعضهما البعض، ليجيبها باهتمام:
-وانا مش هلومك، انتي عارفه اني اكتر واحد مبسوط على انسحابك عشان مش ناقص خسارة يا ليلى.
ارتعشت بعد ان أخذت من الوقت لتجيبه بعينين باكيتين:
-انا حتى بقيت بخاف من نفسي.
-ضروري تخافي من نفسك بعد كل اللي مريتي بيه، بس الشطارة في انك تعدي المرحلة دي، وانا معاكي وهساعدك.
يتبع…