الفصل الثامن
ازمنة الحب المتصاعدة ١٨
لمريم عبدالرحمن
****
دخلت عرين الاسد بقدميها، سُم حاد قد استنشقته من بعد ان دخلت منزله لم تكن هي الوحيده التي اتخذت ذلك المنزل دخولهم في مصيدة، ستمسك بهم بضده حتى يصرخون من الندم على ما فعلوه في انفسهم، اعتادوا المشي في دربٍ هالك، اما عن ماجد فهو ينظر للمستقبل بنظره مشرقه من شدة توهجها اعينهم مغلقه، ليقطع تفكيرهم الصارم تجاه القادم عندما ضحك محمد مستهزءًا :
-الله! ده انت بتعرف تزورنا اهو يا ماجد اومال مبتجيش ليه! وفين اختك صحيح.
-والله يا عمي جاي نتكلم سوا ولو قبلت طبعا اجي انا وسكينه نقعد عندك هنا على ما ندبر بيت وشغل.
ابتسم مرحبًا:
-طبعا طبعا، بيتي لو متفتحش لأهلي وناسي يتفتح لمين، ده حتى واسع وكبير.
ثم اكمل بتساؤل:
-بس اي جاب بنت عابد هنا! اصل لموأخذه يعني هي مش من الاهل اوي.
تنحنح ماجد بثقه بعد انا اجابه:
-ما ده بقا الموضوع اللي جايلك عشانه انا وهي.
-خير!
-بص يا عم محمد، احنا هندور على ديموزيد، انا عارف ان كول عمرك نفسك تنهيها وتنهي سحرها ب أي شكل، تحنا نشترك وندور عليها سوا وندفنها.
رمقه بضيق ثم اردف:
-يابني انا قعيد.
-لا هتساعدنا كتير وكمان حسن.
نظر للارض بخجل وشعر ماجد بأن هذا ما سيحدث تمامًا لينتقل الى الفكرة التاليه بمجرد ان يجيبه، انه ماكر وهو ليس اقل منه مكرًا هم نفس العائلة وذات المكر بهم، قال محمد بعد ان نظر له بضيق:
-مش عاوز ادخل في الحوارات دي تاني وخصوصا ابني.
رفع ماجد إحدى حاجبيه بمكرٍ وهو يتحدث من داخله "اه يا راجل يا صايع!! " استفاق على اجابة حسن التي انتشلت الجميع من التفكير:
-بابا دي فرصتنا نصلح كلنا الغلط اللي عملناه.
قد قالها بصدق يدل على عدم معرفته بحقيقة والده وهذا ما ادركه ماجد بعد ان رأى ترحيبه بالفعل فلو معه ام يكن بذلك الترحاب او الاقتناع سريعًا، كما إنه صديق وابن عم له منذ زمن ولم يكن مثل والده قط، ولن يصلح في أي وقت مثله وهذه هي الورقه الرابحه لماجد تجاه محمد حاليًا، ليتكتك على رغبته قائلا:
-عم محمد حسن ابنك عنده حق، بإيدنا نصلح اللي مصلحهوش غيرنا… صح يا ليلى؟
قال جملته الاخيره بإستفهام لتنطق ليلى بنبرة جائشه قد عادت اليها بالثقه في غضون ثواني:
-عم محمد.
قالتها استعطافاً وهي تكمل:
-انت عارف ماما زينب الله يرحمها كانت بتحبك قد ايه وحكتلي كل خطوة مشيتوها سوا في الرحله دي، وقد ايه حبيتوا بعض، قد ايه هي حبيتك وعديتوا مع بعض حاجات كتير رغم الفراق اللي عدا عليكن بالوجع... طب تعرف ان هي دايما من ورا بابا كانت تكلمني عنك وكأنك فارس احلامها، والاحلام عمرها ما تتنسي ولا شغفها يروح.
لاحظ ماجد توتر يديه وثقب نظراته التي اهتزت وزاغت لإحدى اركان المكان وتنهيداته التي تستمر من شفتيه اثر تذكر شئٍ ما، رغم انه بلل شفتيه الا ان عنيه اضاءت.. يعرف ماجد منذ زمن ان عشقه لزينب هو اكيد وهذا ما جعله اعذب طوال سنينه يتحسر على تركها ويراقبها عبر حسن ابنه، هذا ما اخبره به حسن في مرة قد اختلستهم النبيذ على البوح في بار ما بمدينتهم، لم ينسى لإنه لم يُسكر معه من الاساس بل استهدف ان يجعل حسن فقط من يُسكر ليعرف أية معلومات.
تلألأ في حديثه بتوتر قائلا:
-تمام تمام… هعمل كده عشان خاطرها الله يرحمها.
ابتسموا اثنتيهم لتقترب وتكمل خطتهم ووضعت من امامه صورة له ولوالدتها منذ زمن قد امسكتها في صندوقها القديم العجيب، لتؤردف بنبرة عاطفيه لتجتاحه:
-انا بجد بحب علاقتكم سوا، اعمل ده عشانها يا عمو محمد دي طول عمرها كانت بتحبك.
غمزت الى ماجد ليتجهوا نحو الباب بهدوء ويتجه من خلفهم حسن ليتركوا محمد في ذكرياته من الممكن ان تكون العاطفه تجتاحه في كل حين، رغم قسوته، انانيته، صراخه الداخلي المؤلم الذي يعلن عن تركها له، لم يريد يومًا ان تتركه تلك الابتسامه، ولم يريد ان يكون وحيدًا ويعرف بناءها لأسره، لم يريد ان يظهر امامها كي لا يجرحها بعد ان بنٰت اسرة كانت من احلامه، سقطت دمعته الاولى وهو مازل ينظر للصورة هامسًا بنبرة منكسرة:
-زينب… ياريت ترجع الايام ديه، وانا والله ما كنت هخذلك، انا مكنتش هسيبك.
ثم اكمل وهو يضم الصورة الى قلبه:
-عارف ان حاجات كتير بتتغير واوعدك اني مش هخذلك حتى وانتي تحت التراب، هفضل مخلص ليكي.
من يسمع حديثه هذا يقول انه يتمنى ان يتلاقى بتلك القلادة الملعونه ليدفنها وينهيها، من يستمع له سيعتقد ان افكاره ما هي الا جنون يمتاز بالخرافات، لإن الجميع يشك به حتى ابنه،تقدم حسن من باب المنزل وهو مبتسم لهم:
-اول مره اشوف بابا يلين كده.
اردفت ليلى:
-كويس ان في حاجه بتخليه يلين.
نكزها ماجد بخفه في كتفيها ليصدروا ضحكات ثم قال حسن:
-صدقني، احنا هنساعد بكل اللي نقدر عليه.
اربت ماجد على كتفي حسن بحب لتداول هي من بينهم بنظرات عابرة، قد رأت نظراتهم فيهما الخير لبعضهما لا يريد الاخر الاذيه للغير ولكن هي تعلم أن أحدهم مجبر على الكذب وحتمًا ليس له اي اضرار وستحافظ هي على ذلك، مع أن هي لا تعلم كيف ستحافظ على نفسها اولًا ولكن لا يهم، تقدم حسن بسؤاله:
-مش قولت هتقعد هنا ماشي ليه؟
تنهد وهو ينظر لتلك العيون الذي ترمقهم بنعاس ليبتسم قائلاً:
-ميصحش اسيبها في وقت زي ده لوحده.
سخر حسن قائلا:
-متهزرش، انت لسه عايش في جو الارياف ده؟
-دي عادات وتقاليد يا حسن زفت، عيب ميصحش هوصلها علطول واجي.
هز كتفيه بلا مبالاة ليتركه في راحته وتوجهوا الى منزلها بالفعل وعند باب منزلها امسك معصمها قبل الدخول لتضم حاجبيها تعجبًا من مسكته:
-في ايه؟
-انتي عارفه كويس خطتنا الجايه، اياكي تتهوري من ورايا.
هزت رأسها بايجابيه وهي تسحب معصمها من كفه لتنزر اه بعتاب مبالغ:
-ازاي تشك اني ممكن العب من وراك انا وش الكلام ده؟
-والله انا شايفك انك وش الكلام ده فعلًا لإني مش بآمن بمعتقدات الستات.
وضعت يدها في خصرها ورفعت احدى حاجبيها بتجيبه بنبرة خاضبه:
-مين ده اللي مش بيآمن بالستات يا عنيا؟ ولا انا من مصر ياض ميغركش شوية اللبس والميكب اللي حطاهم دول، عُقدتك مع الستات دي مش عليا، شوف مين عنلتلك عقده مخلياك قافل على نفسك حيطان وابواب الخير.
تركته وهي في قمة غضبها ودلفت ودبت الباب في وجهه في بضع ثوانٍ ليستوعب هو ذلك اللسان الاعوج الذي كان يتحدث من امامه، اتقنت فن بلدها في التعبير عن غضب ما ولكنها لم تزورها يومًا، تأثرت بحضارتها وريفها قبل حضرها وتوسعت ابتسامتها بعد ان اغلقت الباب ورأته من امام الباب يبتسم على ما حدث، ذهبت الى فراشها وارتمت عليه وهي تشرد بابتسامه تطل على شفتيها، ابتسامه بلهاء وهي تغمض عينيها ….
يتبع…
لمريم عبدالرحمن
****
دخلت عرين الاسد بقدميها، سُم حاد قد استنشقته من بعد ان دخلت منزله لم تكن هي الوحيده التي اتخذت ذلك المنزل دخولهم في مصيدة، ستمسك بهم بضده حتى يصرخون من الندم على ما فعلوه في انفسهم، اعتادوا المشي في دربٍ هالك، اما عن ماجد فهو ينظر للمستقبل بنظره مشرقه من شدة توهجها اعينهم مغلقه، ليقطع تفكيرهم الصارم تجاه القادم عندما ضحك محمد مستهزءًا :
-الله! ده انت بتعرف تزورنا اهو يا ماجد اومال مبتجيش ليه! وفين اختك صحيح.
-والله يا عمي جاي نتكلم سوا ولو قبلت طبعا اجي انا وسكينه نقعد عندك هنا على ما ندبر بيت وشغل.
ابتسم مرحبًا:
-طبعا طبعا، بيتي لو متفتحش لأهلي وناسي يتفتح لمين، ده حتى واسع وكبير.
ثم اكمل بتساؤل:
-بس اي جاب بنت عابد هنا! اصل لموأخذه يعني هي مش من الاهل اوي.
تنحنح ماجد بثقه بعد انا اجابه:
-ما ده بقا الموضوع اللي جايلك عشانه انا وهي.
-خير!
-بص يا عم محمد، احنا هندور على ديموزيد، انا عارف ان كول عمرك نفسك تنهيها وتنهي سحرها ب أي شكل، تحنا نشترك وندور عليها سوا وندفنها.
رمقه بضيق ثم اردف:
-يابني انا قعيد.
-لا هتساعدنا كتير وكمان حسن.
نظر للارض بخجل وشعر ماجد بأن هذا ما سيحدث تمامًا لينتقل الى الفكرة التاليه بمجرد ان يجيبه، انه ماكر وهو ليس اقل منه مكرًا هم نفس العائلة وذات المكر بهم، قال محمد بعد ان نظر له بضيق:
-مش عاوز ادخل في الحوارات دي تاني وخصوصا ابني.
رفع ماجد إحدى حاجبيه بمكرٍ وهو يتحدث من داخله "اه يا راجل يا صايع!! " استفاق على اجابة حسن التي انتشلت الجميع من التفكير:
-بابا دي فرصتنا نصلح كلنا الغلط اللي عملناه.
قد قالها بصدق يدل على عدم معرفته بحقيقة والده وهذا ما ادركه ماجد بعد ان رأى ترحيبه بالفعل فلو معه ام يكن بذلك الترحاب او الاقتناع سريعًا، كما إنه صديق وابن عم له منذ زمن ولم يكن مثل والده قط، ولن يصلح في أي وقت مثله وهذه هي الورقه الرابحه لماجد تجاه محمد حاليًا، ليتكتك على رغبته قائلا:
-عم محمد حسن ابنك عنده حق، بإيدنا نصلح اللي مصلحهوش غيرنا… صح يا ليلى؟
قال جملته الاخيره بإستفهام لتنطق ليلى بنبرة جائشه قد عادت اليها بالثقه في غضون ثواني:
-عم محمد.
قالتها استعطافاً وهي تكمل:
-انت عارف ماما زينب الله يرحمها كانت بتحبك قد ايه وحكتلي كل خطوة مشيتوها سوا في الرحله دي، وقد ايه حبيتوا بعض، قد ايه هي حبيتك وعديتوا مع بعض حاجات كتير رغم الفراق اللي عدا عليكن بالوجع... طب تعرف ان هي دايما من ورا بابا كانت تكلمني عنك وكأنك فارس احلامها، والاحلام عمرها ما تتنسي ولا شغفها يروح.
لاحظ ماجد توتر يديه وثقب نظراته التي اهتزت وزاغت لإحدى اركان المكان وتنهيداته التي تستمر من شفتيه اثر تذكر شئٍ ما، رغم انه بلل شفتيه الا ان عنيه اضاءت.. يعرف ماجد منذ زمن ان عشقه لزينب هو اكيد وهذا ما جعله اعذب طوال سنينه يتحسر على تركها ويراقبها عبر حسن ابنه، هذا ما اخبره به حسن في مرة قد اختلستهم النبيذ على البوح في بار ما بمدينتهم، لم ينسى لإنه لم يُسكر معه من الاساس بل استهدف ان يجعل حسن فقط من يُسكر ليعرف أية معلومات.
تلألأ في حديثه بتوتر قائلا:
-تمام تمام… هعمل كده عشان خاطرها الله يرحمها.
ابتسموا اثنتيهم لتقترب وتكمل خطتهم ووضعت من امامه صورة له ولوالدتها منذ زمن قد امسكتها في صندوقها القديم العجيب، لتؤردف بنبرة عاطفيه لتجتاحه:
-انا بجد بحب علاقتكم سوا، اعمل ده عشانها يا عمو محمد دي طول عمرها كانت بتحبك.
غمزت الى ماجد ليتجهوا نحو الباب بهدوء ويتجه من خلفهم حسن ليتركوا محمد في ذكرياته من الممكن ان تكون العاطفه تجتاحه في كل حين، رغم قسوته، انانيته، صراخه الداخلي المؤلم الذي يعلن عن تركها له، لم يريد يومًا ان تتركه تلك الابتسامه، ولم يريد ان يكون وحيدًا ويعرف بناءها لأسره، لم يريد ان يظهر امامها كي لا يجرحها بعد ان بنٰت اسرة كانت من احلامه، سقطت دمعته الاولى وهو مازل ينظر للصورة هامسًا بنبرة منكسرة:
-زينب… ياريت ترجع الايام ديه، وانا والله ما كنت هخذلك، انا مكنتش هسيبك.
ثم اكمل وهو يضم الصورة الى قلبه:
-عارف ان حاجات كتير بتتغير واوعدك اني مش هخذلك حتى وانتي تحت التراب، هفضل مخلص ليكي.
من يسمع حديثه هذا يقول انه يتمنى ان يتلاقى بتلك القلادة الملعونه ليدفنها وينهيها، من يستمع له سيعتقد ان افكاره ما هي الا جنون يمتاز بالخرافات، لإن الجميع يشك به حتى ابنه،تقدم حسن من باب المنزل وهو مبتسم لهم:
-اول مره اشوف بابا يلين كده.
اردفت ليلى:
-كويس ان في حاجه بتخليه يلين.
نكزها ماجد بخفه في كتفيها ليصدروا ضحكات ثم قال حسن:
-صدقني، احنا هنساعد بكل اللي نقدر عليه.
اربت ماجد على كتفي حسن بحب لتداول هي من بينهم بنظرات عابرة، قد رأت نظراتهم فيهما الخير لبعضهما لا يريد الاخر الاذيه للغير ولكن هي تعلم أن أحدهم مجبر على الكذب وحتمًا ليس له اي اضرار وستحافظ هي على ذلك، مع أن هي لا تعلم كيف ستحافظ على نفسها اولًا ولكن لا يهم، تقدم حسن بسؤاله:
-مش قولت هتقعد هنا ماشي ليه؟
تنهد وهو ينظر لتلك العيون الذي ترمقهم بنعاس ليبتسم قائلاً:
-ميصحش اسيبها في وقت زي ده لوحده.
سخر حسن قائلا:
-متهزرش، انت لسه عايش في جو الارياف ده؟
-دي عادات وتقاليد يا حسن زفت، عيب ميصحش هوصلها علطول واجي.
هز كتفيه بلا مبالاة ليتركه في راحته وتوجهوا الى منزلها بالفعل وعند باب منزلها امسك معصمها قبل الدخول لتضم حاجبيها تعجبًا من مسكته:
-في ايه؟
-انتي عارفه كويس خطتنا الجايه، اياكي تتهوري من ورايا.
هزت رأسها بايجابيه وهي تسحب معصمها من كفه لتنزر اه بعتاب مبالغ:
-ازاي تشك اني ممكن العب من وراك انا وش الكلام ده؟
-والله انا شايفك انك وش الكلام ده فعلًا لإني مش بآمن بمعتقدات الستات.
وضعت يدها في خصرها ورفعت احدى حاجبيها بتجيبه بنبرة خاضبه:
-مين ده اللي مش بيآمن بالستات يا عنيا؟ ولا انا من مصر ياض ميغركش شوية اللبس والميكب اللي حطاهم دول، عُقدتك مع الستات دي مش عليا، شوف مين عنلتلك عقده مخلياك قافل على نفسك حيطان وابواب الخير.
تركته وهي في قمة غضبها ودلفت ودبت الباب في وجهه في بضع ثوانٍ ليستوعب هو ذلك اللسان الاعوج الذي كان يتحدث من امامه، اتقنت فن بلدها في التعبير عن غضب ما ولكنها لم تزورها يومًا، تأثرت بحضارتها وريفها قبل حضرها وتوسعت ابتسامتها بعد ان اغلقت الباب ورأته من امام الباب يبتسم على ما حدث، ذهبت الى فراشها وارتمت عليه وهي تشرد بابتسامه تطل على شفتيها، ابتسامه بلهاء وهي تغمض عينيها ….
يتبع…