الفصل العاشر

و في غرفه فريده و فادي اولاد فارس .
دلف فارس الى غرفه أطفاله ليجد فريده صغيرته و هي نائمة كالملائكة ، ، قبلها من وجنتيها الحمراء بحنان ، ، ثم دثرها بالغطاء جيدا ، ، و بعدها التفت الى فادي الذى كان يعطيه ظهره و يبدو نائما لولا هزة جسده الضعيفة ، ، و التي أنبأت فارس أن فادي ما زال مستيقظا ، ، اقترب و جلس الى جواره ليديره اليه و هو يفاجئ بدموعه على وجهه تلك الدموع التى اوجعت قلب فارس ليقول بقلق: مالك يا فادي ؟ انت في حاجه واجعاك طيب يا حبيبي ؟
اعتدل فادي جالسا و هو يهز رأسه نفيا قائلا بحزن: انا الحمد الله بخير يا بابا ، ، متقلقش عليا.
نظر له فارس ثم تحدث قائلا فى حيرة: اومال انت بتعيط ليه يا قلب بابا من جوا ؟
نظر له فادي بحزن ثم تحدث قائلا : علشان يا بابا انا خايف جدا علي ميس سهيله ، ، هي يا بابا ها تكون بخير و كويسه صح ؟
نظر له فارس بحب ثم تحدث بحنان قائلا: ان شاء الله يا حبيب قلب بابا ها تكون بخير ، ، هو بس في شرخ في ايدها ، ، و اما تاخد العلاج بانتظام ها تبقي بخير و كويسه .
نظر له فادي بسعاده ثم تحدث بلهفة قائلا: بجد يا بابا ؟ يعني هي مش ها تموت و تسيبنا و تروح عند ربنا زي ماما ؟
نظر فارس الى طفله بهدوء يخالف مشاعره الحزينة ، ، على خوف ابنه من فقدان حنان الام مجددا ، ، ففادي قد يظهر عنيدا قويا و لكن فارس هو وحده يدرك أنه الأكثر حساسية بين التوأمين ، ، و ان عناده و قوته ما هما الا غلافا يحمى به نفسه من الاذي تماما مثله في كل شئ لينظر له بحنان ثم تحدث قائلا : يا حبيبي الله يرحم ماما ، ، مش عاوزك تقلق يا فادي مس سهيله ان شاء الله ها تكون كويسه و هي بخير ، ، و هي مش هاتسبنا خالص ، ، الا اذا ثم قطع كلماته و صمت مره اخري ففارس شعر بغصه قويه في قلبه ، ، من افكاره التي تجتاحه الان فهو لم يستطع و لن يتحمل ان تكون لرجل اخر .
نظر له فادي ثم تحدث و هو في حيره قائلا بتساؤل : إلا اذا اي يا بابا انت حضرتك و قفت كلامك ليه ؟
نظر له فارس ثم تحدث بصعوبة قائلا : الا ذا كانت اتجوزت يا حبيبي ، ، وقتها بس هي ها تسيبنا خالص و تروح مع الشخص الي هي ها تتجوزه فهمت يا فادي .
نظر له فادي بحزن و قد بدأت دموعه تترقرق بعينيه مجددا ليتحدث قائلا : بس يا بابا انا مش عاوزها تبعد عننا يا بابا ، ، مش ها قدر علي بعادها عننا ، ، علشان خاطري يا بابا مش تخليها تبعد ، ، لو بتحبني يا بابا ارجوك مش تخليها تبعد خالص .
نظر اليه فارس ثم تحدث في حنان قائلا : انت قد كدا بتحبها يا روح بابا ؟
نظر له فادي ثم تحدث بسعاده قائلا: انا بحبها قوي يا بابا ، ، انا كنت بشوف اصحابي كلهم بيتكلموا عم مامتهم ، ، بس انا يا بابا مكنتش بقدر افهم كلامهم خالص ، ، و انا لما كنت بشوف أمهاتهم معاهم كنت بتمني يا بابا يكون ليا ماما انا و فريده تبقي معانا بالشكل دا ، ، احنا يا بابا كتير حوالينا بيحبونا بس انا عمري ما حسيت باللي أصحابي بيتكلمو عنه ، ، غير لما شوفت مس سهيله ، ، انا بجد لاقيت معاها كل حاجه حلوه ، ، و معني ان يكون ليا ام تحبني و تخاف عليا و تهتم بيا و اكلي و كل حاجه تخصني بتهتم بيها ، ، انا يمكن زعلان جدا من نفسي يا بابا ان انا مش قولت ليها ان انا بحبها قوي ، ، و كنت ديما ابين ليها ان اي حاجه هي بتعملها مش تهمني خالص ، ، بس انا اول اما اشوفها ها قولها انا بحبها قد كل حاجه حلوه في الدنيا دي ، ، انا مش ها خليها تزعل خالص .
احس فارس في تلك اللحظه ان قلبه يتمزق من شده الالم علي ولديه ، ، هو لأول مره يشعر بأنهما يفتقدان أم بحياتهما ، ، و لأول مره يدرك كم كبرا صغيريه ، ، و لأول مره أيضا يدرك مدي تعلق توأمه بسهيله ، ، ليدرك خطر اليوم الذي ستغادره فيهم سهيله علي مشاعر صغاره ، ، بل علي مشاعره قبل صغيريه ، ، لتصدمه كلمات طفله الذي نزلت كالصاعقه عليه و هو يتحدث قائلا : هو انت ليه يا بابا مش تتجوز انت مس سهيله ، ، و هي تبقا ماما ليا انا و فريده ذي صحابي كدا و هي كدا مش تبعد عننا خالص صح ؟
لم يدرى فارس بماذا يجيب علي طفله ، ، و هو لا يدرى لماذا و رغم معرفته بمشاعره تجاه سهيله ، ، الا انه لم يفكر بالزواج منها مطلقا ، ، و ربما يخشى أن يظلم فتاة مثلها مع زوج و طفلين لذا تحدث بهدوء مفتعل قائلا: دا الموضوع مش سهل يا فادي ذي ما انت فاكر يا حبيبي ، ، انت نام دلوقتي و سيب بابا يفكر و يحلها بطريقته هو .
أومأ فادي برأسه ثم تحدث قائلا: حاضر يا بابا تصبح على خير.
ابتسم فارس له بحب ثم تحدث قائلا بحنان: و انت من اهل الخير يا حبيب قلب بابا .
تمدد فادي ليدثره فارس بحنان مقبلا اياه قبل أن يغادر الغرفه مغلقا الباب خلفه و متجها الى غرفه سهيله التي اصابه العشق الملعون و وقع به .
-  -
و على الجانب الاخر في غرفه سهيله .
أفاقت الست مريم على صوت ولدها فارس الذي تحدث بحنان قائلا: قومي انتي يا ماما ارتاحي شويه في غرفتك ، ، و انا ها فضل معاها لحد اما هي تفوق .
نظرت الست مريم الى سهيله النائمة بعمق فى براءة ، ، ثم نظرت الى عيون ابنها التى تحمل مشاعر كثيرة لتستسلم قائلة: طيب يا فارس انا هاروح أرتاح شويه ، ، بس ساعتين كدا و تصحيني علشان انت كمان محتاح تنام و ترتاح يا حبيبي .
أومأ فارس براسه قائلا: حاضر يا ماما تصبحي على خير يا قلبي .
ربتت الست مريم على وجنته قائلة: و انت من اهل الخير يا حبيبي .
ثم غادرت الست مريم الغرفة مغلقة الباب خلفها ، ، ليقترب فارس من فراش سهيله و يجلس على الكرسى بجوارها ، ، حاول أن لا ينظر اليها و لكنه و جد عيونه رغما عنه تذهب اليها تستقر فوق وجهها الجميل ، ، تأملها بشغف ثم تذكر ابتسامتها و عيونها اللامعتين و غمازتيها ، ، ابتسم بحنان لتختفى ابتسامته و هو يتذكر كلمات صغيره تساءل هو فى صمت ، ، هل آن الأوان ليتزوج من جديد ، ، هل يجازف بقلبه تلك المرة و يبدأ حياة جديدة ، ، و هل يستسلم العشق الملعون الذي أصابه ؟ كان فى زيجته الأولى راضيا بنصيبه و بحياته الهادئة لا يريد عشقا فقد سمع من أقرانه عن عذاب العشق ليخبره عقله أن السلامة فى الابتعاد عنه ، ، و لكنه الآن امام خيارين كليهما مر ، ، اما أن يبتعد عن العشق و يعيش حياة مملة رتيبة و لكن هادئة او يستسلم لعشقه فيجلب له مزيجا من السعادة و الشقاء ، ، أفاق من أفكاره على صوت سهيله الهامس باسمه ، ، ليقترب منها و هو يظن انها أفاقت ليدرك انها مازالت نائمة و أنها تنطق باسمه فى نومها ليعقد حاجبيه و هو يرى وجهها الأحمر بشده ، ، ليلمس جبهتها بقلق و هو يشعر بحرارتها المرتفعة و يدرك أنها تهذى من السخونية ، ، نهض يحضر بعض المياه و قطعة قماش و جلس بجوارها يسوى لها بعض الكمادات ، ، فتحت عينيها لتراه أمامها ابتسمت بحب ثم أغمضت عيناها مرة أخرى ليبتسم هو بحنان ، ، أحس فارس بحرارتها تعود طبيعية ، ، ليبعد المياه و القماشة و هو يتلمس جبهتها ليتأكد ، ، زفر بارتياح و ظل يتأملها قليلا و لم يدرى بنفسه و هو يغمض عيونه من الارهاق لينام بجوارها و يذهب فى سبات عميق .
-   -
و على الجانب الاخر في كليه الطب عند تغريد السيد .
تفاجأت تغريد بريان و هو يقف امامها فى الجامعة لتقول بدهشة: ريان هو انت ايه اللي جابك هنا ؟
تاملها ريان بشوق صامت أربكها لتقول بتلعثم: طيب انا ماشيه .
لتسرع من امامه و لكنه أوقفها يمسك بذراعها لتنتزع تغريد ذراعها منه بحدة قائلة: هو انت اتجننت يا ريان ، ، انت ازاي تمسكني كدا ؟
صمت ريان مجددا لتزفر تغريد قائلة: اووف بقا انت ها تفضل ساكت كدا كتير يا ريان ؟
نظر لها ريان بشغف ثم تحدث قائلا بحب: غصب عني يا تغريدتي انتي وحشتيني قوي .
نظرت له تغريد بتوتر ثم تحدثت بارتباك قائله : انت عاوز مني اي يا ريان ؟
نظر لها ريان مجددا بشغف و عشق ثم تحدث قائلا: انا عاوزك انتي يا تغريدتي .
ثم اقترب منها ريان لتبتعد تغريد علي الفور ثم قالت : انت متقربش مني كدا يا ريان ، ، هو انت مجنون بجد انت مش طبيعي .
نظر ريان ثم رفع حاجبه الايمن و قال بحزم: مش جديد عليا الكلام دا علي فكره ، ، و بعدين انا الوحيد اللي من حقه يقرب منك و بس مش حد غيري ، ، حتي انتي مش ها تقدري تمنعيني يا تغريدتي .
تلفتت تغريد حولها بقلق قائلة: طيب أبوس ايدك يا عم ريان بطل ام جنانك دا و امشي حالا بقا مينفعش كده خالص انا هنا في الجامعه و مش ينفع حد يشوفنا مع بعض .
نظر اليها ريان بثبات قائلا: ماشي يا تغريدتي بس علي شرط ؟
نظرت اليه تغريد بتساؤل ليتحدث ريان قائلا: انتي ها تقابليني بعد اما تخلصي كل محاضراتك في الكافيه اللي بجوار الجامعه ها ؟
نظرت تغريد له ثم قالت بارتباك: طيب بقا لو انا مجتش ؟
ابتسم ريان قائلا: عادي خالص هتلاقيني في البيت عندكو ، ، و بشرب القهوه بتاعتي مع طنط حمديه سهله خالص علي فكره .
نظرت له تغريد بغيظ ثم قالت بيأس: خلاص يا ريان انا هاجي بس امسي انت دلوقتي .
كاد ان ريان يتحدث ليقاطعه صوت عاصم يقول: رياان مش معقول يا راجل ، ،. انت رجعت امتا من السفر ؟
التفت اليه ريان ثم قال له: بقالي يومين و الله يا عاصم و حشتني و الله يا صاحبي .
نظر له عاصم ثم قال: مش باين كدا يا ريان دا لولا فارس اخوك مكنتش .
ليقطع عاصم كلامه و هو ينظر لتغريد بدهشة قائلا: تغريد !
و في اللحظه تلك نظر ريان بغيرة الى عاصم و هو يلاحظ نطقه اسمها دون ايه ألقاب قالت تغريد بارتباك : اذيك يا دكتور عصام .
ليرتاح ريان قليلا و هو يرى ان تغريد لم ترفع الألقاب مثل عاصم ليقول ريان : هو انتو تعرفو بعض و لا اي يا عاصم ؟
رد عليه عاصم قائلا : انا بدرس لتغريد ماده العلوم الصحيه .
ثم تردد عصام للحظة قائلا: طيب و انتو تعرفو بعض منين يا ريان ؟
شعر ريان بغيرة عاصم ليدرك مشاعره تجاهها ليقترب من تغريد و هو يضع يده على كتفها قائلا: تغريد تبقا خطيبتي يا عصام ، ، هي لسه مش رسمي بس قريب ان شاء الله ها تكون رسمي .
غامت عينا عاصم بالحزن ليقول : تمام الف مليون مبروك و ربنا يتمم على خير ، ، عن اذنكم بقا عندي محاضره .
ليغادر عاصم في تلك اللحظه فتبتعد تغريد عن ريان ثم قالت بحدة: ريان انت ازاي تحط ايدك عليا بالشكل دا ، ، و ازاي تقول ان انا خطيبتك قدام دكتور عاصم ؟
و لكن قاطعها ريان قائلا فى برود : عاصم بقا مش دكتور؟ و هو يهمك في اي عاصم يا تغريد ؟
قالت تغريد بحزن: يهمني يا ريان او انا مجرحش انسان محترم ذيه ، ، انسام لسه متقدملي من يومين ، ، و انا رفضته متحججه بدراستي يا ريان و فجاءه يطلع ليا خطيب دلوقتي ، ، طيب انا مش قولت ليه ها ليه ؟
ارتاح ريان لرفضها عاصم رغم أنه شاب تتمناه الكثيرات ليترجم سؤاله الحائر الى كلمات قائلا: طيب انتي ليه رفضتيه يا تغريد باشا ؟
قالت تغريد باندفاع: علشان بحب .
و بعدها صمتت و هى تدرك انها كادت تعترف بحبه ليقول ريان بأمل: علشان بتحبي مين يا تغريد ، ، مش علشان بتحبيني صح ؟
زفرت تغريد قائلة: خلاص يا ريان لو سمحت امشي دلوقتي و انا ها خلص محاضراتي و احصلك يا ريان .
امسك ريان يدها قائلا بحنان: انا هامشي بس ها ستناكي و متتأخريش عليا يا تغريدتي .
تأملت تغريد نظراته التى جعلتها تقول دون وعى:مش هتأخر عليك يا ريان .
ثم ترك ريان يدها و ملس على خدها بحنان قائلا: طيب يا تغريدتي خلي بالك من نفسك اهم حاجه ، ، و ياريت لو متحضريش محاضره عاصم بس .
ثم تركها ريان مغادرا لتتنهد قائلة بهمس: انت مجنون جدا يا ريان بس بحبك اعمل اي بس ، ، ياريت تفكري شويه بعقلك و تشوفي حبك ده موديكي علي فين يا تغريد ، ، انتومش نفس الطبقه يا تغريد في فرق كبير ما بينكو.
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي